جزيرة صقليـــــــــــــــــــــــــــــة
26-03-2017, 09:29 PM
" جزيرة صقلية
"من نام كثيرا عاش قليلا"...الغريب في الأمر أنه يعلق ذلك الشعار في صدر الحجرة منذ كان يختلف إلى المدارس ...
بعض مخلفات الذباب و البعوض كانت تضفي الوحشة و النفور و التقزز على هذا الشعار الخالد...
إلى أسفل الجدار قليلا بطاقة مثبتة بإحكام و موشحه بقلب أحمر كبير . يوشك أن يخفق و ينبض.. مكتوب على البطاقة بقلم حبر باهت "حبيبي سليم في عيد ميلادك السعيد أرسل إليك ثلاثين قبلة مضمخة بالدفء و الحب و الياسمين وشيء من عطر "ريف دور" الباريسي..الوفية أبدا سعاد"...
تسلل شعاع الشمس إلى أحشاء الحجرة الرطيبة.ليوقع في صمت انبلاج يوم جديد... رائحة المطر الذي سقط فجرا لا تزال تلامس الجدران الباهتة و الأثاث الضئيل و فراش السرير المرقع من كل جانب ...
كوكوكوكو. تمزق الهدوء أخيرا بصيحات قوية لديكه الجيران.
تململ سليم في فراشه الوثير.أحس أنه في مسيس الحاجة إلى النوم لسنوات ضوئية طويلة.
– سليم ألم تستيقظ بعد و تطلق ذلك السرير المتعفن- صاحت في وجهه الخادمة و قد انكشف فمها القبيح عن طقم أسنان جديد ينقص منه ناب.
إنها امرأة سليطة اللسان .لطمها زوجها ذات يوم حينما وضعت أمامه طبقا من حساء بارد لا مساغ له... و النتيجة سقوط عشرة أسنان كاملة.
همس سليم بصوت متهدج يوشك أن يزعزع رئتيه:
- هذا السرير هو مملكتي و هدوئي و قوتي و موضع أسراري. أتسمعين يا لعينة ؟؟؟-
بحركات روتينية و متوازنة شرعت الخادمة في ترتيب الحجرة و مسح زجاج النافذة دون أن تحفل بسليم الذي لا زال يتمطى تحت غطاءه الدافئ...
كان يتأثر بشهر كانون الثاني. بأمطاره و رعوده و عواصفه و صقيعه. ..
كان يخشى مخالب البرد كلما فتحت الخادمة هذه النافذة على حين غفلة.
و تلكأ في مغادرة الفراش المفعم بالدفء...آثر البقاء فيه إلى أن تقوم الساعة.
انه يبغض الخروج إلى العالم. و إلى الحياة و البشر المقرفين .
يوم أمس يمثل له ذكرى سيئة...
لقد ذهب إلى "مكتب الوظائف" نقب عن اسمه بين قوائم المقبولين لكنه لم يظفر بشيء قط .
اعتصر اليأس أضلاعه الناحلة. عام كامل و هو يلاحق سرابا -أو خيط دخان كما يقول نزار قباني-
ليس في جيبه ثمن جريدة أو علبة سجائر...
في العيد المنصرم زجره والده قائلا :
-راتبي لا يتيح لي أن أمنحك المزيد من النقود. إخوتك الصغار في حاجة إلى المصاريف و الرعاية-
-ناولني قميصك البرتقالي . هو في حاجة إلى التنظيف و المكواة- زمجرت الخادمة و هي تقطع حبل أفكاره...
و غادرت الخادمة الحجرة و هي تهذي بكلام غير مفهوم.
في المساء كانت النجوم تزدحم في كبد السماء...بعض الأضواء الخافتة تتلألأ بعيدا على صفحة الماء.
المدينة الصغيرة سوف تخلد للنوم بعد يوم حافل من الصخب و الجنون و العرق و الأدخنة.. النسيم البارد توقف على غير العادة. فوق رمال الشاطئ الرطيب استقر مركب خشبي مهتريء ...
على سطحه تجمع العشرات من الشباب. كانت سحناتهم غير واضحة في هذا الظلام...الجميع كانوا يتحدثون بصوت خفيض. كأنهم نفر من الثوار الذين يخشون أن تنجلي أسرارهم أمام الحكومة.
قبالة المركب وقف شبح مديد القامة و ناحل الجسد...يحتمل فوق كتفه كيسا كبيرا. هش صاحب المركب للقاءه قائلا :
- تأخرت نصف ساعة يا سليم. ناولني النقود-
صعد سليم المركب و هو يودع الشاطئ بنظراته التائهة و قال مخاطبا صاحب المركب:
- جزيرة صقلية لو سمحت-
"من نام كثيرا عاش قليلا"...الغريب في الأمر أنه يعلق ذلك الشعار في صدر الحجرة منذ كان يختلف إلى المدارس ...
بعض مخلفات الذباب و البعوض كانت تضفي الوحشة و النفور و التقزز على هذا الشعار الخالد...
إلى أسفل الجدار قليلا بطاقة مثبتة بإحكام و موشحه بقلب أحمر كبير . يوشك أن يخفق و ينبض.. مكتوب على البطاقة بقلم حبر باهت "حبيبي سليم في عيد ميلادك السعيد أرسل إليك ثلاثين قبلة مضمخة بالدفء و الحب و الياسمين وشيء من عطر "ريف دور" الباريسي..الوفية أبدا سعاد"...
تسلل شعاع الشمس إلى أحشاء الحجرة الرطيبة.ليوقع في صمت انبلاج يوم جديد... رائحة المطر الذي سقط فجرا لا تزال تلامس الجدران الباهتة و الأثاث الضئيل و فراش السرير المرقع من كل جانب ...
كوكوكوكو. تمزق الهدوء أخيرا بصيحات قوية لديكه الجيران.
تململ سليم في فراشه الوثير.أحس أنه في مسيس الحاجة إلى النوم لسنوات ضوئية طويلة.
– سليم ألم تستيقظ بعد و تطلق ذلك السرير المتعفن- صاحت في وجهه الخادمة و قد انكشف فمها القبيح عن طقم أسنان جديد ينقص منه ناب.
إنها امرأة سليطة اللسان .لطمها زوجها ذات يوم حينما وضعت أمامه طبقا من حساء بارد لا مساغ له... و النتيجة سقوط عشرة أسنان كاملة.
همس سليم بصوت متهدج يوشك أن يزعزع رئتيه:
- هذا السرير هو مملكتي و هدوئي و قوتي و موضع أسراري. أتسمعين يا لعينة ؟؟؟-
بحركات روتينية و متوازنة شرعت الخادمة في ترتيب الحجرة و مسح زجاج النافذة دون أن تحفل بسليم الذي لا زال يتمطى تحت غطاءه الدافئ...
كان يتأثر بشهر كانون الثاني. بأمطاره و رعوده و عواصفه و صقيعه. ..
كان يخشى مخالب البرد كلما فتحت الخادمة هذه النافذة على حين غفلة.
و تلكأ في مغادرة الفراش المفعم بالدفء...آثر البقاء فيه إلى أن تقوم الساعة.
انه يبغض الخروج إلى العالم. و إلى الحياة و البشر المقرفين .
يوم أمس يمثل له ذكرى سيئة...
لقد ذهب إلى "مكتب الوظائف" نقب عن اسمه بين قوائم المقبولين لكنه لم يظفر بشيء قط .
اعتصر اليأس أضلاعه الناحلة. عام كامل و هو يلاحق سرابا -أو خيط دخان كما يقول نزار قباني-
ليس في جيبه ثمن جريدة أو علبة سجائر...
في العيد المنصرم زجره والده قائلا :
-راتبي لا يتيح لي أن أمنحك المزيد من النقود. إخوتك الصغار في حاجة إلى المصاريف و الرعاية-
-ناولني قميصك البرتقالي . هو في حاجة إلى التنظيف و المكواة- زمجرت الخادمة و هي تقطع حبل أفكاره...
و غادرت الخادمة الحجرة و هي تهذي بكلام غير مفهوم.
في المساء كانت النجوم تزدحم في كبد السماء...بعض الأضواء الخافتة تتلألأ بعيدا على صفحة الماء.
المدينة الصغيرة سوف تخلد للنوم بعد يوم حافل من الصخب و الجنون و العرق و الأدخنة.. النسيم البارد توقف على غير العادة. فوق رمال الشاطئ الرطيب استقر مركب خشبي مهتريء ...
على سطحه تجمع العشرات من الشباب. كانت سحناتهم غير واضحة في هذا الظلام...الجميع كانوا يتحدثون بصوت خفيض. كأنهم نفر من الثوار الذين يخشون أن تنجلي أسرارهم أمام الحكومة.
قبالة المركب وقف شبح مديد القامة و ناحل الجسد...يحتمل فوق كتفه كيسا كبيرا. هش صاحب المركب للقاءه قائلا :
- تأخرت نصف ساعة يا سليم. ناولني النقود-
صعد سليم المركب و هو يودع الشاطئ بنظراته التائهة و قال مخاطبا صاحب المركب:
- جزيرة صقلية لو سمحت-
من مواضيعي
0 حوريــــــــة
0 على سفح الجبل
0 قنـــــــــــــــــــــــاص الميتــــرو
0 محاولة أخيـــــرة
0 لعــــــــــــــــــــبة الدومينو
0 سي بهلـــــول
0 على سفح الجبل
0 قنـــــــــــــــــــــــاص الميتــــرو
0 محاولة أخيـــــرة
0 لعــــــــــــــــــــبة الدومينو
0 سي بهلـــــول
التعديل الأخير تم بواسطة أبو المجد مصطفى ; 27-03-2017 الساعة 05:53 PM