زهرة ماحي تردّ على أمين الزاوي
21-09-2017, 04:05 PM
زهرة ماحي تردّ على أمين الزاوي
أبو بكر خالد سعد الله
أستاذ جامعي قسم الرياضيات / المدرسة العليا للأساتذة- القبة


لم نكن نعرف أو نسمع باسم الجزائرية:" زهرة ماحي " قبل أن ترسل لنا منذ بضعة أيام زميلة من قسم الرياضيات بجامعة قسنطينة نصا بالفرنسية استخرجته من صفحة فيسبوكية خاصة بالأستاذة ماحي.
يقع النص في أزيد من 1500 كلمة، وجاء تحت عنوان:"ردي على السيد أمين الزاوي".
أردنا معرفة من هي السيدة:" زهرة ماحي "، فأجابتنا الشبكة العنكبوتية بأنها محامية منذ عهد بعيد، مارست هذه المهنة في عاصمتنا، ثم انتقلت إلى باريس في مطلع التسعينيات، وظلت هناك في حقل المحاماة إلى اليوم. واللافت أن المحامية لها عدة كتب صادرة بالفرنسية تصب في الجانب الاجتماعي والثقافي والإنساني، ولها أيضا تأليف بالعربية يساند القضية الفلسطينية.
وردُّ المحامية:" زهرة ماحي " على الأديب أمين الزاوي الصادر يوم 4 سبتمبر يتعلق بما جاء في مقاله بجريدة:"ليبرتي" يوم 31 أوت تحت عنوان "البيرة (الجعّة) أو الكوكا كولا أو بول البعير".
قالت المعقبة:" إنها أصيبت بالهلع عندما قرأت هذا المقال، وتساءلت عن مغزى الرسالة التي أراد الكاتب تبليغها بهذه المقارنة بين الجزائر والسعودية!!؟"، وكان شعور مشابه قد خالجنا عند الاطلاع على ذاك المقال عند صدوره.

"كان عمري 15 سنة...":
راحت المحامية تحلّل المقال جملة جملة، وتعلق على مضامينها، ولذا كان حجم ردها ضعف حجم مقال الزاوي، ولا يسعنا هنا إلا أن نسرد بعض هذه الطروحات كما وردت.
في البداية رأت ماحي أن الزاوي "اغتال" مقاله باختيار هذا العنوان متسائلة: " وهل بول البعير –كمشروب- منتشر إلى هذا الحد في بلادنا أو أن الكاتب يبحث عن صدم القارئ بأي ثمن!!؟"، واستخلصت أن هناك "بذاءات قاتلة" ينبغي تفاديها مشيرة إلى أنها تريد أن تبرهن لصاحب المقال بأن فكرته المطروحة بهذا الشكل غير مقبولة.
وأوردت زهرة ماحي عبارة أمين الزاوي حين قال:
" في عام 1954 كنا بلدا مستعمَرا، لكن كان لدينا كاتب ياسين ومحمد ديب..." مُقَدما في هذه القائمة 8 أدباء جزائريين يكتبون بالفرنسية، وبعد ذلك عقّبت ماحي بالإشارة إلى أننا لم نكن مستعمَرين فحسب، بل كانت نسبة 99% من الشعب الجزائري في تلك الفترة من الأميين، ولم يكن يشعر هؤلاء الأميون أبدا بأن أولئك الأدباء يمثلونهم، إذ كانوا يجهلون حتى وجودهم... والقلة القليلة من الأهالي (الأنديجان) التي كانت محظوظة بمزاولة الدراسة آنذاك كانوا يدرسون فيكتور هيجو وأمثاله من الكتاب الفرنسيين لا غير.
وفي فقرة أخرى، عقّبت زهرة ماحي على الزاوي حين قال:
" في عام 1957 كنا في خضم الحرب التحريرية، وكانت لنا نساء تُجلّ الحرية والجَمال والكتابة..."، وأشار في هذا السياق إلى عدد منهن. فتساءلت ماحي: "وما دخل الجَمال هنا!!؟"، وواصلت تعقيبها بالقول:
" كان عمري 15 سنة عندما حضرت اجتماعا سريا مع المجاهدين، ويمكن أن أؤكد لكم بأن الأمر لم يتعلق في ذلك الاجتماع بعرض أزياء الموضة.
ما كان مطلوب من الرجال والنساء المكافحين من أجل تحرير البلاد هو: الشجاعة والفداء والصبر وروح التضحية، ولم تكن أي مجاهدة منشغلة بجمالها!!؟".
وتتساءل زهرة ماحي عما يريد الزاوي التعبير عنه عندما يكتب أن:
" في عام 1954 كانت للسعوديين رمال ساخنة وجِمال... وأن في عام 1962 كانت لهم الكعبة"!، فأي عيب في كل هذا ومناخ المنطقة يستدعي ذلك، وتضيف المحامية:" ألم تكن الكعبة موجودة هناك حتى قبل ظهور الإسلام!!؟".
وتحكم ماحي على الزاوي بالهذيان عندما يذكر مدنا جزائرية (وهران، عنابة، بجاية...) مؤكدا أنه لم تكن توجد مدن مثلها عام 1965 في العالم العربي الإسلامي من حيث الجَمال والنظافة والثقافة!.
وتضيف الأستاذة ماحي: أنها فقدت بوصلتها في تتبع ما يكتب أمين الزاوي حين يتحدث عن خِيم السعوديين عام 1965، وأشارت بهذا الخصوص إلى أن أحد المنفيين الجزائريين، وهو: عزيز الحداد، الذي فرّ من سجن كاليدونيا الجديدة في أواخر القرن التاسع عشر كان قد حَلّ بمدينة جدّة السعودية وأقام بها آنذاك، ليس في خيمة من الشَعر، بل في منزل كان موجودا منذ قرون!.

"سنترك البحر وراء ظهورنا":
لعله من المفيد أن نشير إلى أن عزيز الحداد (1842-1895) هو: أحد أبناء الشيخ: الحداد (1790-1873)، وكان قاد المقاومة ضد المستعمر في منطقة صدّوق (بجاية) مع أخيه، فنفته فرنسا إلى سجن في كاليدونيا عام 1874، واستطاع الفرار من منفاه عام 1881 ، فاتجه إلى مدينة سيدني (أستراليا)، ومنها إلى مدينة جدة (السعودية) عام 1882 عبر السويس (مصر)، وظل بالسعودية حتى سنة وفاته.
وفي 2009 أعيد دفن الشيخ: الحداد مع ابنيْه في مدينة صدّوق كما أوصى الشيخ: الحداد (الوالد).
واصلت ماحي هذا النوع من التعقيبات محتارةً في سبب اختيار الكاتب للمقارنة بين الجزائر والسعودية!!؟، وقد اتضح مقصد المؤلف، حسب ماحي، حين صرح في النهاية في معرض حديثه عما سيقع عام 2022:
" نحن سنترك البحر وراء ظهورنا، وسنثبّت بصرنا في اتجاه رمال ومشرق هؤلاء الشيوخ، وننسى النظر نحو الشمال"، والمقصود بالشيوخ هنا هم: شيوخ السعودية.
تقول زهرة ماحي: إن هذا التصريح هو: بيت القصيد في مقال أمين الزاوي، ثم تعلن عن عدم اتفاقها البتة معه في موضوع المقارنة وخاصة في قراره بأن إنقاذ بلداننا سيأتي من "الشمال"، وقد عبّرت عن موقفها مخاطبة الزاوي بلهجة حادة:
" في المشرق توجد معالمنا الثقافية والدينية وماضينا المجيد رغم وجود الجَمل والنعل المصنوع من جلد الماعز، أنتم كنستم بنفس اللاشعور والطيش لا شعورنا الجماعي الذي يأوي خالد بن الوليد وصلاح الدين الأيوبي وعمرو بن العاص، وكذلك ابن سينا والغزالي والفارابي والكندي وآلاف الآخرين...".
وفي هذا السياق، ترى زهرة ماحي: أن الغرب لن يكون مصدر إنقاذ بلداننا، ولا يمكن أن نتكل عليه، فالغرب حين يتكلم عن:" المجتمع الدولي" يعني: نفسه لا غير!!؟، وهو يعتبر أن باقي العالم يتكوّن ربما من قطعان أغنام وليس من مجتمعات بشرية!!؟.

فتحية إلى المحامية زهرة ماحي على محاولة الإقناع بالرأي الآخر، وعلى وضوح رؤياها، ولو اختلف معها من ذاع صيتهم نتيجة ما تخطه أقلامهم من غرائب!!؟.