تيــــــــس بني هلال
04-06-2017, 11:57 AM
تيس بني هلال

شاربه العظيم يمكن أن يحمل صقرا كاملا...يرتدي عباءة قطنية شتاء و صيفا و لا يحفل بتقلبات الطقس.
عريض المنكبين و جسد مفتول العضلات و ذو ملامح توحي بشخصية قوية و رجولة نادرتين في هذه الأيام العجاف...
حباه القدر بيدين ضخمتين و خشنتين يمكنهما أن تثقبان صخر الغرانيت.
فقد قدمه في معارك الهند الصينية. استبدلوا قدمه بواحدة من البلاستيك...
حين يجلس في المقهى وسط الطبقات الكادحة من فلاحين و أساتذة و موظفين لا يتبرم من تكرار هذه الكلمات :
- في تلك المعارك يا رفاق سحقت خمسة من المارينز بهذا المسدس –
و أمام ذهول الحاضرين يخرج من جوف عباءته مسدسا اعتلاه الصدأ من الصنف "بيريطا عيار 9 ملم"
كان حاذقا في التحدث عن نفسه و تلميع مناقبه أمام الناس...يستطيع أن يتكلم ساعة كاملة دون أن يتجرأ أحد على مقاطعته.
عند سعيد الحلاق حين يجلس لحلاقة ذقنه كان يردد على مسامع الزبائن:
- جذوري تعود إلى بني هلال القادمين من جزيرة العرب –
في لهجته نبرة ترفع و تعالي تحاكي انتفاخ الديكة..
لا يتورع عن إبداء عشقه بعبد الناصر و فيدال كاسترو و صدام حسين وغيرها من القامات الشامخة في سوق السياسة...
أقسم ذات يوم حين كان في المقهى كالعادة :
- و رب السماء سوف أسمي أول مولود عندي باسم المناضل " أبو جهاد" -
في حياته الطويلة جدا طلق سبعة نساء...و لدوافع تافهة جدا.
المرأة السابعة طلقها لأنها قدمت له قدحا باردا من القهوة ذات صباح.
و تزوج مرة أخرى أرملة من الأرياف...
و شاءت الأقدار أن تستمر تلك الزيجة و تثمر ثلاث صبايا كأنهن الأقمار .
لكن أخبارا تتهافت من هنا و هناك تروي أن الكهل على علاقة مشبوهة بزوجة جزار الحي...
في هذا الصباح كان على موعد جديد مع سكان الحي...قص شاربه قليلا و لبس عباءته و ثبت فوق رأسه طربوشا مستورد من تركيا و انطلق نحو المقهى.
هناك كان الجميع ينتظره على أحر من الجمر...
مشاكل صعبة ألمت بالحي. القمامة في كل زقاق.. و المصابيح مهشمة و اللصوص يتجولون ليل نهار و و و...
تناول سعيد الحلاق الكلمة قائلا:
- لابد من مقابلة سيادة الوالي لوضعه في الصورة –
و تدخل رشيد الأستاذ الجامعي بنبرة حازمة قائلا:
- سوف نذهب جميعنا للتحدث مع الوالي و لن نقبل بتخلف أي أحد عن هذا الموعد –
و تناوب الحاضرون على مناقشة هذه القضية من كل الجوانب.
و قرروا أخيرا أن يتقدمهم " بطلنا المقدام " للحوار مع سيادة الوالي...
هش الوالي للقاء هؤلاء النفر..وجلسوا على أرائك وثيرة ثم جيء بأكواب من الشاي الفاخر.
أوقد الوالي سيجارا عملاقا و راح ينصت باهتمام لشكاة هذا الوفد.
تحدث الحلاق طويلا..و تحدث الأستاذ الجامعي و جاء بمرافعة رائعة و كأنه في محكمة جنايات.
و أخيرا تدخل صاحبنا بلهجة وادعة و متوددة و قال و هو يداعب شاربه الفظيع و يقترب من الوالي:
- حضرة الوالي كل شيء على ما يرام في حينا الجميل.
الأزقة نظيفة و الأنوار متوفرة و الأمن مستتب.
أما هذا الوفد فإنهم جماعة من المشاغبين و المشوشين و المتسلقين.. همهم الوحيد هو تقويض الاستقرار و زرع البلبلة -:
13: