بنّة الإجتماع على الطاعة.
04-07-2013, 06:24 PM
من نعم الله علينا كشعب مسلم أننا نصوم جميعا شهر رمضان، نحيي سنة السحور جميعا (تقريبا) ونعجّل بالإفطار جميعا ونقوم الليل ( صلاة التروايح) جميعا، ونتلذذ بهذا الإجتماع على الطاعة لدرجة أن نسمّي مظاهره " بنّة رمضان"، وهذه نعمة عظيمة جدّا منّ بها علينا الله عز وجل لعلّك تشعر بها أخي القارئ لو تتصور كيف كانت ستكون أيامنا الرمضانية لو أننا لم نكُن "نجتمع" على صيامها طاعة لله ،أو لا حاجة لك لأن تتصور: فقط إسأل مغتربا مسلمًا يعيش في غير بلاد المسلمين عن شعوره وهو صائمٌ لوحده بين جموع المفطرين فلا عائلة يشاركها السحور والفطور ولا آذان ولا طرقات فارغة قبيل المغرب ، شعور صعب أليس كذلك؟ ما رأيك إذن لو أقول لك بأن إخوانا لنا بين ظهرانينا يعايشون نفس شعور الغربة هذا في عزّ أيام الشهر الفضيل، بل أنت نفسك قد تكون عايشت هذا الشعور في شهر رمضان أيضا على الرغم من أنك تصوم وتقوم مع إخوانك ، والسبب هو أننا لا نجتمع على كلّ العبادات والمعاملات مثلما نجتمع على الصيام والقيام في رمضان ، فالجزائري لا يقبل ولا يتسامح لا مع نفسه ولا مع غيره عندما يتعلّق الأمر بحُرمة شهر رمضان لكن ليس كلّ جزائري يحفظ لسانه عن الكلام البذيئ، وليس كلّ جزائري يستعفف عن معاكسة بنات الناس، وليس كلّ جزائري يحافظ على نظافة الطريق العام ، وليست كل جزائرية تلبس الحجاب ، واليوم الذي تلبس فيه الفتاة حجابها لم يصبح بعد بمثل" بنّة" أوّل يوم صيام، و سلوك المحافظة على نظافة المحيط ليس أمرا إعتياديًا جدّا مثل صيام أيام الشهر الفضيل، و التفوُّه بكلمة بذيئة في الملعب وفي غير الملعب لا نعتبره عيبًا وعارًا مثل عيب وعار " أكل رمضان"، وهذا ما يجعل البهجة بطاعة الله ناقصة في بلدنا طالما لم يشمل الإجتماع الرمضاني وبنّة رمضان طاعات أخرى، فنحن نستبنّ ونذوق حلاوة الإيمان في الإجتماع على الصيام ولكننا لا نذوقها في الإجتماع على عبادات أخرى على الرغم من أننا شعب يقول" اللي ذاق البنّة ما يتهنى"، فكيف نهنأ ولا يزال بيننا غرباء بطاعات لا نشاركهم فيها وكيف نهنأ ولا نزال غرباء بطاعات لا يشاركنا فيها إخواننا؟ لا أعتقد أننا سنهنأ قبل أن نسعى لأن يتحقّق لنا ذلك، سواءً بإصلاحنا لأنفسنا فيما نحن مقصِّرون فيه أو بدعوة إخواننا إلى ما نحن قائمون به، ومع هذا فإننا في خير في كلّ الأحوال، فأمر المؤمن كلّه خير، إن أصابته سرّاء بنّة الإجتماع على الطاعة شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضرّاء الغربة بالأعمال الصالحة صبر فكان خيرا له، ونحن نسأل الله أن يوفقنا للإجتماع على الخير ويرزقنا أجر الغرباء الصابرين.
