حديث الصباج.. الوعي الفردي و الوعي الجماعي
01-09-2018, 05:49 AM


الصراعات التي لا تنتهي حول شيئ ما نريد أن ننتزعه من الآخر حتى لو كان هذا الآخر قريبا منا، أي الذي يعيش داخل الحيز الذي نعيش فيه و نحيا ( الوطن) و يقاسمنا لغتنا و ثقافتنا و حتى رغيفنا، نعم رغيفنا الذي سرقه منّا و مسكننا الذي استلبوه منّا و بطريقة مقننة، لا أتحدث هنا عن أزمة السكن في الجزائر و كيف تنتهك الحقوق باسم القانون، من أجل استلاب حق الآخر و الإستلاء عليه، بل حتى في كسب الرزق و كيف توزع المسؤوليات و كيف تتم الترقيات في العمل على حساب الكفاءات و حتى داخل الأحزاب، و كيف توزع المشاريع و الأموال، و كيف توزع المهام و تمنح فرص الارتقاء و النجاح، و تفضيل شخص عن آخر رغم أنهما متكافئان ، و هذا في كل الميادين، لأن المحسوبية و الجهوية لعبت دورها كما ينبغي أن يكون..
أصبح "الضدّ" اللغة السائدة في بلادي ، لأن الأنا غلبت النحن، و لم يعد أحدنا يفكر بوعي و إنسانية، و إذا بنا نعود إلى زمن الإقطاع، انقسم فيه المجتمع إلى طبقات، أصبح المواطن العادي من الدرجة الثانية، دون الحديث عن المظاهر السلبية التي نراها في شوارعنا و في مؤسساتنا، شباب تائه، ضائع و "دايخ"، لأن المخدرات لعبت بعقله، و أغرقته في بحر الإدمان، و آخرون اختاروا قوارب الموت لعبور الضفة الأخرى، فيما جعل البعض منهم من اللصوصية مهنة و اتسعت هذه المظاهر إلى اختطاف الأطفال و اغتصابهم و قتلهم، و لو تحدثنا عن عمليات التزوير في الصفقات العمومية و تبييض الأموال أو المتاجرة في الأسلحة لملأنا صفحات الجرائد، لأن الإقتصاد الوطني تتحكم فيه رؤوس كبيرة ( بارونات) ، أما الثقافة حدث و لا حرج، فقد اتسمت بالشطيح و الرديح، بعدما أفرغت ( بضم الألف) منظومتنا التربوية من محتواها التربوي، هذا حال المجتمع الجزائري.
إنه المخطط الاستعماري ، يريد أن يقضي على ما تبقى من قيمنا يجردنا من هويتنا و يدوس على ثوابتنا و مقدساتنا، فننسلخ و نصبح بلا وجه و بلا هوية، يدفعنا هذا الواقع المأساوي إلى طرح السؤال من جديد: من نحن؟ و ماذا نريد؟ و إلي أين نحن ماضون؟ ، هنا تغدو فكرة الإنفصال أو الإندماج في كيان وطني واحد ليس جغرافيا و إنما فكرا و ثقافة، يأخذنا هذا المسعى إلى الحديث عن الهوية المصغرة التي تحدث عنها الفلاسفة ، و نتساءل : من نحن؟ و كيف نتجرد من أنانيتنا، و ننتقل من الهوية الشخصية إلى الهوية الجماعية و امتدادها في الزمن، أي "الذّاكرة"، و يمكن أن نطرح السؤال بصيغة أخرى: كيف يتحول الوعي الفردي إلى وعي جماعي، كيف يمكننا أن نحارب الأفكار الفاسدة، حتى نحوّل هذه الذاكرة إلى وعي تاريخي، يربط ماضي الجماعة بحاضرها و من ثمّ التخطيط لمستقبلها، الذي هو في الحقيقة مستقبل الأجيال القادمة و حقها في اكتساب شخصيتها و تقرير مصيرها.
علجية عيش
عندما تنتهي حريتكَ.. تبدأ حريتي أنا..