فقهاء على دين فراعنتهم
23-05-2015, 11:35 AM
حسين لقرع
تؤكد الوقائع التاريخية أن من أكبر المصائب التي* ابتلي* بها المسلمون منذ انتهاء عهد الخلافة الراشدة إلى الآن،* هو كثرة علماء البلاط الذين تخلوا عن رسالتهم القائمة على إظهار الحق للناس وعدم كتمانه،* ومحاربة الظلم والجور دون خوف إلا من الله،* وقول كلمة حق في* وجه سلطان جائر،* وراحوا بدل ذلك* يتمسّحون على أعتاب السلاطين ويزينون لهم استبدادَهم برقاب الناس،* ويبرّرون الملك العضوض،* ويضلّلون المسلمين ويتفننون في* تزيين الخنوع لهم*.
لماء البلاط كثروا في* أيامنا هذه ووضعوا أنفسهم في* خدمة أنظمةٍ* استبدادية فاسدة حازت* "الريادة العالمية*" في* إذلال شعوبها وحرمانها من حقوقها المشروعة في* الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والعيش الكريم*.. ومع ذلك تجد* "علماء*" و"فقهاء*" باعوا دينهم وضمائرهم* يُصدرون لها فتاوى على المقاس وتحت الطلب،* ويسوّغون ظلمها وبغيها،* ويحثونها على المزيد من القمع والتنكيل*. والدكتور علي* جمعة،* مفتي* مصر السابق،* واحدٌ* من هذا الصّنف من العلماء؛ فقد سخّر علمه وفقهه لخدمة مبارك الذي* أذل المصريين طيلة* 30* سنة ووالى العدوّ* الصهيوني* وشارك في* جريمة حصار* غزة والتآمر على مقاومتها الشريفة،* وقد وقف جمعة بقوة ضد ثورة* 25* يناير* 2011،* ثم انكفأ على نفسه خائباً* محسوراً* بعد نجاحها،* ولكن ما إن قام السيسي* بانقلاب* 3* جويلية* 2013،* حتى عاد جمعة إلى عادته القديمة،* وقام بدور تحريضي* خطير ضد المتظاهرين المسالمين،* ودعا الجيشَ* والأمن إلى إطلاق الرصاص الحي* عليهم دون رحمة،* وقال قولته المشهورة في* أكتوبر* 2013* "اضرب في* المليان*".
بعدها سالت دماءٌ* غزيرة،* وقتل مئاتُ* المتظاهرين الرافضين للانقلاب،* وزُجّ* بعشرات الآلاف منهم في* السجون ظلما وعدوانا وصدرت أحكام إعدام جماعية ضد* 1661* منهم إلى حدّ* الساعة،* آخرهم الرئيس الشرعي* محمد مرسي،* والقائمة لا تزال مفتوحة،* وإلى الآن لا* يزال النظام الانقلابي* يمارس قمعا واضطهادا سافرين ضد المتظاهرين ما أثار منظماتٍ* دولية عديدة*.. لكن المفارقة أن كل هذا القمع الدموي* لم* يُثر جمعة ليراجع نفسه قبل أن* يلقى ربه وهو الذي* يتحمل جزءاً* من المسؤولية عن الدماء التي* تراق ظلماً* وبغياً؛ فهاهو* يظهر في* إحدى الفضائيات منذ أيام ويصرّح بأن المرحوم حسن البنا هو الذي* "يتحمّل المسؤولية عن كل الدماء التي* سالت لأنه لم* يقبل بحل جماعة الإخوان المسلمين؟*" وكأن جمعة* يريد إخلاء الساحة تماماً* للجبابرة وكذا العلمانيين المفسدين الداعين إلى خلع الحجاب وحرق كتب التراث والقيام بـ"ثورة دينية*" تؤدي* إلى إنشاء* "فقه جديد*" متأمْرك متصهْين*...
مثل هؤلاء* "الفقهاء*" رضوا بأن* يركنوا إلى الذين ظلموا،* ويكتموا الحق عن الناس ويضلّلوهم،* ويزينوا الباطلَ* للحكام المستبدين،* ويبرروا جرائمهم بتحميل المسؤولية للضحايا،* حتى* يمكنهم قتل المزيد منهم دون إحساسٍ* بالذنب*.
عجباً* لعلماء وفقهاء أداروا ظهورهم للحق ولنهج العز بن عبد السلام وكل عالم حرّ* شريف صدع بالحق دون أن* يخشى في* الله لومة لائم،* واختاروا أن* يكونوا أعواناً* للجبابرة والظلمة على الباطل وهم في* أرذل العمر*.