نفتخر بأمازيغيتنا ولا نخجل من الحديث بالعربية
13-10-2018, 03:53 PM
نفتخر بأمازيغيتنا ولا نخجل من الحديث بالعربية
حسين لقرع


بعد أيامٍ قليلة من حديث وزير خارجيتنا عبد القادر مساهل في الأمم المتحدة باللغة الفرنسية، فجّر النائب مسعود عمراوي قنبلة من العيار الثقيل، حينما كشف أنَّ أحد كتب الجيل الثاني من “الإصلاحاتالمزعومة، يحتوي أفكارا خطيرة يمكن أن تحوِّل المدرسة الجزائرية إلى بؤرةٍ للصراعات الإيديولوجية واللغوية التي تفكِّك النسيج الاجتماعي للجزائريين، ومع ذلك: لم يُثِر الأمر أيَّ ردّ فعل لدى الطبقة السياسية وشتى فعاليات المجتمع!!؟.
عمراوي قال: إن الكتاب المذكور حمل سؤالين للتلاميذ، وطُلب منهم الإجابة عنهما بـ”نعم” أو “لا” وهما: “أنا أمازيغي وأفتخر” و”حينما أتحدث بالعربية أخجل من زملائي”!!؟.
المتأمل في هذين السؤالين- اللغمين، وصياغتهما التي اتَّصفت بقدر كبير من الخبث والمكر، يدرك تماما أن واضعيهما يريدان إثارة الجدل العقيم حولهما، ومن ثمّ: تأجيج الصراع اللغوي بين الجزائريين، وضرب مكانة اللغة العربية في قلوب التلاميذ من خلال زرع فكرة الخجل من الحديث بها في عقولهم، ما يخدم هيمنة الفرنسية على الألسنة في نهاية المطاف!!؟.
إن طرح السؤالين بهذه الصيغة الجدلية سيخلق حساسياتٍ بين التلاميذ الأمازيغ والعرب في الولايات المختلطة، وبين التلاميذ وأساتذتهم، وسيُفضي ذلك إلى نشوء عداواتٍ وأحقاد، ويُدخِل المدارس في صراعات إيديولوجية ولغوية هي في غنى عنها!!؟.
لذلك نتساءل عن جدوى طرح مثل هذه الأسئلة الخطيرة في المدرسة وتسميم عقول التلاميذ بمثل هذه المواضيع الخِلافية، وتحويلها إلى ساحةٍ للصراعات الإيديولوجية واللغوية بدل أن تكون حاضنة لتقديم العلوم والمعارف للتلاميذ، وتكوين كفاءات في شتى الاختصاصات لتخدم بلدها، وتساهم في تنميته وتطوُّره؟، ولماذا تسكت السلطات عن المسألة برغم خطورتها، ولا تتحرّك حتى لفتح تحقيقٍ لتحديد المسؤولين عن هذه الجريمة التربوية ومعاقبتهم؟، ولماذا تلزم مختلف فعاليات المجتمع صمتا مطبقا وكأنَّ المسألة لا تعنيها!!؟.
لا ريب أن الشعب يفتخر بأصوله الأمازيغية التي تمتدّ إلى آلاف السنين كما تدلّ على ذلك نقوش التيفيناغ في التاسيلي، ولكنه لا يخجل -كأجداده- من الحديث بالعربية التي طالما تعايشت جنبا إلى جنب مع شقيقتها الأمازيغية طيلة 14 قرنا، ولم يذكر التاريخ أبدا أنهما دخلتا في صراع وعداء، وكان ملوك الأمازيغ يتخذون العربية لغةً رسمية لممالكهم طواعية، فلماذا يريد بعض الجزائريين اليوم: إنهاء 14 قرنا من التعايش والتآخي، وزرع البغضاء والعداوات بين المواطنين من خلال الربط المُغرِض بين الافتخار بالأمازيغية والخجل من الحديث بالعربية!!؟.
لقد برزت في مختلف المواقع الإلكترونية منذ سنوات قليلة ظاهرة التعصّب المقيت للأمازيغية والتهجّم السافر على العربية، ونحسب أن “الذباب الإلكتروني” لـ”الماك” هو الذي ينفث سمومه وأحقاده بهذا الشكل الخطير بهدف تحقيق حلمه في تقسيم البلد، مع أنه يمكن ترقيةُ الأمازيغية وتطويرُها من دون أيِّ تهجّمٍ على العربية وخوضِ حربٍ عبثية ضدّها؛ فاللغة العربية لا تمنع ترقية الأمازيغية حتى تهاجَم بهذا الشكل الحاقد، ونعتقد أن المجمع الجزائري للأمازيغية سيتكفّل بهذه المهمّة في إطار علمي بحت بعيدا عن الشعبوية والتعصّب الأعمى.
نصيحة أخيرة للقائمين على المناهج والمقررات الدراسية في وزارة بن غبريط رمعون:" لا تلعبوا بالنار.. الفتنة نائمة، لعن الله من أيقظها ".