حديث الصباح..المرجعية الدينية و المرجعية الوطنية
27-07-2018, 05:19 AM
يجمع الكثير من المحللين بأن الجزائر تتميز بأنها بلد ” المرجعيات”، و هو مصطلح متشعب ، لاسيما بالنسبة للأحزاب السياسية، التي تجعل من أول نوفمبر مرجعيتها، تضاف إليها الأحزاب الحديثة النشأة ، سواء الموالية للسلطة أو تلك التي تبنت لغة المعارضصة، حيث ترى هي الأخرى أن مرجعيتها تكمن في بيان أول نوفمبر54، أما الأحزاب الإسلامية فهي ترى أن مرجعيتها دينية، لكن و في ظل الأحداث التي عرفتها الجزائر و التي اتسمت بالعشرية السوداء حاولت هذه الأحزاب أن تغير من خطابها الديني و تصف نفسها بالوسطية، عندما مزجت بين الخطاب الديني و الوطني، و تقول أن خطابها و برنامجها مستمد من بيان أول نوفمبر حتى يتسنى لها المشاركة في الحكم و في صنع القرار.
و في ظل ما يشهده العالم من تغيرات في العمق و العولمة التي تشمل المعمورة بقوانينها القاهرة، يعلق البعض أن وجود هذه الأحزاب ( الإسلامية) أصبح عديم الجدوى، لأنها بأفكارها المتطرفة اتسمت بـ: “الانقسامية”، و كانت سببا في ظهور العنف، و جعلها متأخرة عن معركة التنمية في فترة من الفترات الحرجة كانت فيه عاجزة عن توفير وسائل إرساء تماسكها الوطني، لولا مشروع المصالحة الوطنية التي جعل الجزائر تخوض في كنف السلم مشروع إعادة الاعتبار للهوية الوطنية و بناء دولة الحكم الراشد، هذا المشروع على ما يبدو بقي حبرا على ورق، لأنه لا أحد من المسؤولين في الحكومة أو قادة الأحزاب و إطاراتها بادر بتجسيده في الميدان، في ظل الصراعات القائمة داخل هذه الأحزاب، وما أفرزته التعددية من تغيرات، عجزت الأحزاب عن تقديم برنامجا واضحا، و عجزت أيضا عن تكييف خطابها السياسي و مواقفها مع ما تتطلبه المرحلة الراهنة.
و يبدو أن الصراع في الجزائر اليوم قائما على فكرة التأسيس لدولة دينية أم دولة مدنية ، و ربما الوضع زاد تأزما ، بعد انقطاع ملتقيات الفكر الإسلامي و ملتقيات الفكر السياسي في الجزائر، و للمراهنة على الخيار الديمقراطي في الجزائر بات من الضروري أن يلتقي رجال السياسة و رجال الدين و رجال الفكر و الثقافة أيضا على مائدة مستديرة لتدارك الوقت الضائع، و إعادة النظر في التركيبة التاريخية، السياسية و الثقافية للشعب الجزائري، وتغيير السلوكات السياسية و إرساء قواعد العمل السياسي النظيف و دعائمه و تحقيق مشروع المجتمع أسسه القيم الدينية و الوطنية و الثقافية للبلاد.
و في هذا يتجلى دور “المثقف الجزائري” في إرساء هذه القيم النبيلة، ولكن السؤال الذي يمكن طرحه ، هل للجزائريين مرجعية ثقافية؟ فما هو مطروح اليوم في الساحة الثقافية لا يرقى إلى المستوى المطلوب، لأن المرجعية الثقافية تمثل انعكاسا لمجموعة مثقفة أو"نخبة"، فما نشاهده من نشاطات هي شبيهة إلى حد ما بـ: "كرنفال في دشرة"، و إن أحدهم قال ” أعطني مسرحا أعطيك شعبا”، فإنه وجب اليوم القول: ” أعطني فكرا أعطيك رجالا”، لأنه بالفكر وحده تبنى العقول، فنحن مدعوون إلى خلق "بيئة فكرية ثقافية" من الدرجة الأولى، تخرج الجمهور المتعطش إلى الفعل الثقافي من الضبابية الفكرية .
فما نراه من مهازل ثقافية في بعض الأحيان، لا يدعو إلى الشك أن الطبقة المثقفة في الجزائر ما تزال تفتقر إلى مرجعية ثقافية، مما أدى بها إلى الانقسام، و هذا الانقسام خلق ما يسمى بالاحتكار الثقافي، و ليس في دور النشر فقط، و إنما عند الجمعيات الثقافية، و لدى وسائل الإعلام المكتوبة، التي أحدثت القطيعة بين المثقفين، بحيث أصبحت الساحة الثقافية تعيش أزمة مثقف” ذاك المثقف الذي يساهم بشكل فعال في إحداث التغيير، هناك كوكبة متمردة على المثقف، و كلما حاول هذا الأخير النهوض يجد نفسه يسقط في خندق التقليد و التطبيع و التبعية للأخر ( السياسي)، بدليل أن الفعل الثقافي في الجزائر مغيب تماما، و يمكن الوقوف على الوضع الكارثي الذي تعيشه المؤسسات الثقافية في الجزائر، و نوعية النشاطات الثقافية التي تعرضها للجمهور
علجية عيش
التعديل الأخير تم بواسطة علجية عيش ; 27-07-2018 الساعة 06:21 AM