سفيان فيغولي تحدّث عن تاريخ الجزائر مع فرنسا كما لم يفعل الوزراء
06-02-2016, 09:38 PM

ناصر بن عيسى

وجد اللاعب الجزائري الموهوب سفيان فيغولي، بعد أسابيع من الغياب بسبب إصابة عن الميادين الخضراء، عقب حوار قصير، كشف فيه عن مشاعره، وجد نفسه ما بين الماء والنار، أو ما بين الضفتين غارقا في البحر الأبيض المتوسط، بعد أن لقي هجوما كاسحا غير مسبوق من فرنسا التي حوّلته إلى قضية لم تختلف عن قضية مواطنها بالجنسية، كريم بن زيمة الذي بصق _ حسب تفسير بعض الفرنسيين _ على النشيد الوطني الفرنسي، ليجد ردّ الفرنسيين صداه في الجزائر عندما نطق مزدوجو الجنسية والطامحين في الحصول عليها وغيرهم.
الفرنسيون انتقدوا تصريحات اللاعب الجزائري سفيان المدعم من طرف كريم مطمور وجمال مصباح، الذي ستبقى دموعه وحسرته بعد صافرة نهاية مباراة الدور ثمن النهائي من كأس العالم أمام منتخب ألمانيا في ذاكرة الجزائريين، ويبقى سجوده بعد تسجيله هدف السبق أمام منتخب بلجيكا أيضا في الذاكرة بالنسبة للاعب شارك في سن الرابعة والعشرين في كأس العالم مع المنتخب الجزائري فسجل هدفين وكان صاحب تمريرتين حاسمتين وبالتأكيد أمامه مزيد من الفرص لأجل أن يحقق الكثير من الإنجازات، وقد يحقق ما لم يحققه أي لاعب في تاريخ الجزائر، لأن إبن تيارت سيكون في سن الثانية والثلاثين في مونديال قطر عام 2022.
تألق الجزائريين يمرّ بالضرورة بعيدا عن فرنسا؟

كل اللاعبين الجزائريين المتألقين حاليا في أوروبا، عانوا في الدوري الفرنسي ولولا مغادرتهم إلى بلدان أخرى في أوروبا ما بزغ نجمهم، ومنهم نبيل بن طالب ورياض محرز وسفيان فيغولي وفوزي غلام، الذين غرقوا في أندية مغمورة في فرنسا، وبالتأكيد فإن اللاعب إسلام سليماني لو اختار نادي نانت الذي عرض الانضمام إلى صفوفه، على سبورتينغ لشبونة، لما برز نجمه إطلاقا، وتأتي صرخة سفيان فيغولي في "لاغازيت دي فانيك" لتعبّر بصراحة عما عاناه العديد من اللاعبين الجزائريين في فرنسا الذين يُطلب منهم المستحيل، وأي خطأ ولو شكلي يرميهم إلى الجحيم، كما حدث للنجم فوزي غلام الذي وضعته سانت اتيتيان على مقاعد الاحتياط في نهائي كأس فرنسا الذي كان حلما بالنسبة إليه، وعندما فاز ناديه بالكأس احتفل بالعلم الجزائري، فوجد نفسه مع الفريق الثاني لناديه، ولولا نابولي الذي أنقذه وفاز معه لحد الآن بكأس إيطاليا وكأس إيطاليا الممتازة، ولعب معه مرتين أوروبا ليغ وقد يفوز معه بالدوري الإيطالي، ويشارك معه في رابطة الأبطال الأوروبية، ولعب مع الخضر كأس العالم وأمامه، أيضا بطولتين لكأس العالم محتمل بلوغهما مع الخضر، والجميع يعلم بأن غلام لو بقي في فرنسا ما بلغ هذا المركز، الذي جعل وصوله إلى ريال مدريد ممكنا خلال الميركاتو الصيفي القادم، خاصة إذا انتزع نابولي لقب الدوري الإيطالي ولقب أوروبا ليغ.
ومنذ جيل موسى صايب وعبد الحفيظ تاسفاوت اللذان حصلا على لقب الدوري الفرنسي مع مدرب غير عنصري، هو غيرو الأب الروحي لنادي أوكسير، لم ينعم لاعبو الخضر باللعب في الأندية الفرنسية الكبرى ولم يحصلوا على أي لقب كبير ماعدا كأس فرنسا، ولن يكون لرشيد غزال وعيسى ماندي ورياض بودبوز أي شأن راقي كرويا، ولن يكون لآدم وناس وياسين بن زية لو اختارا الجزائر لو بقوا جميعا في الدوري الفرنسي.
وحتى لاعبي الثمانينات يدركون هذا الأمر، لأن النجم رابح ماجر الذي كان أحد أحسن لاعبي المعمورة، عندما فكر في اللعب في فرنسا فتح له نادي باريس الثاني وكان في الدرجة الثانية الراسينغ أبوابه وبقي صعبا دخوله بيت سان جيرمان، كما لعب صالح عصاد مع ميلوز في الدرجة الثانية وتاج بن ساولة مع لوهافر ومحمود قندوز مع مارتيغ، وبقيت كل الأندية الفرنسية الكبرى مغلقة أبوابها في وجه نجوم الخضر ولم يلعب عصاد سوى بعض الدقائق فقط مع نادي باريس سان جيرمان، ولم يكن حينها الفريق الأول في فرنسا، ويبدو بلوغ مدرب جزائري منصب مدير فني في ناد فرنسي ينشط في الدرجة الأولى، من المستحيلات.
حملة جزائرية ضد اللاعبين المهاجرين


يعرف المنتخب الجزائري الحالي حملة كراهية مكشوفة من بعض اللاعبين القدامى، الذين صاروا يستهزئون من تألق أي لاعب قادم من المدارس الفرنسية ويشككون في وطنيته، ويصرّون على أن نجوم الخضر ما كانوا ليختاروا المنتخب الجزائري، لو وصلتهم إشارة من المنتخب الفرنسي الأول، وبقي في ذهنهم حادثة النجم السابق لموناكو وباريس سان جيرمان علي بن عربية، الذي انتظر فعلا دعوة الديكة ليشارك في مونديال 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، وعندما نفد صبره قبل دعوة المدرب عبد الغاني جداوي، وتقمص في خريف عمره ألوان الخضر، لكن الحقيقة أن اللاعبين الحاليين في غالبيتهم لم يختاروا المنتخب الجزائري، لأن فرنسا لم توجه لهم الدعوة بدليل أنهم انضموا للخضر، في عمر مبكر، ومنهم سفيان فيغولي الذي حمل ألوان الخضر وهو في الواحدة والعشرين من العمر ويتقمص ألوان نادي فالنسيا الإسباني الذي كان ثالث ناد إسباني، في ذلك الوقت.
ويبدو أن تفتح الجزائريين على القنوات الأجنبية، بيّن لهم مدى ما يتعرض له اللاعبون الجزائريون من الخارج ومن الداخل من جحود، حيث يفتخر المصريون ويجبرون كل العرب على الافتخار باللاعب محمد صلاح الذي يلعب مع نادي روما، وباللاعب محمد النني المتواجد على مقاعد الاحتياط مع نادي أرسنال، وهم يفتخرون حتى باللاعب ستيفان الشعراوي الذي انضم في الميركاتو الشتوي لنادي روما وكانوا يسمونه بالفرعون الصغير عندما لعب في صفوف نادي الميلان وهو في العشرين ربيعا، ويتابع المصريون مساره بالرغم من أنه اختار من دون تردد اللعب لمنتخب إيطاليا الذي فرط فيه ومن المحتمل أن لا يتقمص مستقبلا ألوان المنتخب الإيطالي، في الوقت الذي نرى لاعبين جزائريين من جيل الثمانينات يتمنون خسارة أندية أوروبية ينشط فيها اللاعبون الجزائريون، وهناك من يستهزئ من لاعبين اختاروا الجزائر مثل سفير تايدر ومبولحي ومصباح وبن طالب وبلفوضيل وماندي، ويصفونهم باللاعبين المتواضعين فنيا، ولا يستحقون مكانا مع الخضر، ويظلمون إسلام سليماني عندما يعتبرونه الأحسن في الجزائر والوحيد الذي يمثل الكرة الجزائرية في الخارج، بالرغم من أن إسلام يعلم وماجر أيضا يعلم بأن الدوري البرتغالي لا يمكن مقارنته ببقية الدوريات الكبرى، ومنافسته مقتصرة في مباريات سبورتينغ لشبونة وبورتو وبنفيكا فقط، وقد وصل الأمر بلاعب دولي من جيل الثمانينات أن سمى محرز بالمهرج؟
العلم الجزائري لا يغادر الملاعب الأوروبية

إذا كان نجوم الخضر الحاليين الذين لأجلهم يضحي غالبية الجزائريين بلقمة العيش لأجل اقتناء أجهزة بي آن سبورت الغالية جدا، لمشاهدة عروضهم، قد اختاروا الجزائر، لأن منتخب الديكة لم يلتفت إليهم، أو لأسباب مادية، فهل أن حاملي الأعلام الجزائرية في مختلف ملاعب أوروبا في السنوات الأخيرة يريدون أيضا الشهرة؟
هذا ما قاله شاب جزائري يقطن في لندن وهو من مواليد عاصمة الضباب، ويشجع نادي توتنهام الذي قال للشروق اليومي بأنه صار يشجع ليستر من أجل اللاعب محرز، وبالرغم من ان مناصري ليستر لهم طريقة خاصة في التشجيع من دون رايات، حيث يجلسون على مقاعدهم وهم يصفقون بطريقة متميزة ولا يكسر القاعدة سوى شاب جزائري يدعى عادل بولطيف الذي يحمل العلم الجزائري بأشرطة زرقاء لنادي ليستر، وزرع نجوم المنتخب الجزائري من المغتربين، الوطنية في قلوب كل جزائريي أوروبا، بدليل أن المباريات الودية التي لعبها الخضر من عهد زياني إلى عهد محرز في مختلف البلدان الأوروبية، صارت حدثا كبيرا وأحدثت طوارئ في هذه البلدان ومنها إيرلندا وألمانيا وسويسرا التي شهدت مباريات ودية للخضر قبل مونديالي جنوب إفريقيا والبرازيل، حيث عجزت الملاعب عن استقبال الآلاف من المناصرين القادمين من كل بلاد أوروبا ومن فرنسا بالخصوص، ومن سوء الحظ أن المنتخب الجزائري تأهل لمونديالات خارج أوروبا، ولو لٌعب المونديال في هذه السنوات في دول البحر الأبيض المتوسط الأوروبية مثل إسبانيا وإيطاليا، لعجزت الملاعب عن احتضان آلاف المشجعين الجزائريين، وحتى روسيا لن تكون صعبة المنال في حالة تأهل الخضر لمونديال 2018 وقد يصل عدد المناصرين إلى ما فوق الثلاثين ألف متفرج من مهاجرينا في أوروبا الذين أبانوا عن وطنيتهم في الوقت الذي أحدث مناصرو ملعب 5 جويلية في الجزائر العاصمة، في مباراة ودية صدمة تشجيع لم تحدث في أي بلاد لعبت الكرة وضمت منتخبات مثلت بلدانها.
ويمثل حاليا فيغولي ومحرز وبراهيمي وغلام مثالا ليس في الكرة فقط، فهم إضافة إلى أنهم يبعثون الفخر بكل انتصاراتهم، فهم شجعوا عددا كبيرا من الرياضيين المهاجرين لاختيار الألوان الوطنية، والجزائر مرشحة في الألعاب الأولمبية القادمة في البرازيل في الصائفة القادمة، لانتزاع ميدالية أولمبية قد تكون من المعدن النفيس في رياضة المبارزة بالسيف من أيدي وسيف شابة جزائرية، ولدت وتقيم في كندا، واختارت تمثيل الجزائر كما قالت، حتى تفرح الجزائريين كما فعل زياني وعنتر يحيى وفيغولي وبراهيمي.. حسب قولها