الاحتفال ببداية السنة الميلادية
24-12-2010, 09:09 AM
الاحتفال ببداية السنة الميلادية

ممّا أخبر عنه النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، أنّ أقوامًا من أمّته ستُقلِّد أهل الكتاب فيما يفعلونه. فعن أبي سعيدٍ، رضيَ اللهُ عنه، أنَّ النّبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال: ''لَتَتّبِعُن سنَنَ مَن كان قبلَكم شِبرًا بشِبرٍ وذِراعًا بذِراع، حتّى لو سَلَكوا جُحرَ ضَبٍّ لَسَلكتُموهُ. قلنا: يارسولَ الله، اليهودَ والنّصارَى؟ قال: فمَن''، رواه البخاري ومسلم، ورواه الحاكم وصحّحه عن ابن عباس، رضي الله عنهما، وفي آخره: ''وحتّى لو أنّ أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه''.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: ''والمراد بالشبر والذراع وجحر الضب التّمثـيل بشِدّة الموافقة لهم، والمراد الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر، وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، فقد وقع ما أخبر به صلّى الله عليه وسلّم''.
قال العلامة ابن كثـير رحمه الله: ''والمقصود من هذه الأخبار عمّا يقع من الأقوال والأفعال المنهي عنها شرعًا ممّا يُشابه أهل الكتاب، قبلنا أن الله ورسوله ينهيان عن مشابهتهم في أقوالهم وأفعالهم حتّى لو كان قصد المؤمن خيرًا لكنّه تشبّه ففعله في الظاهر فعلهم''.
قال الإمام المناوي رحمه الله: ''وذا من معجزاته فقد اتّبع كثـير من أمّته سنن فارس في شيمهم ومراكبهم وملابسهم وإقامة شعارهم في الحروب وغيرها، وأهل الكتابين في زخرفة المساجد وتعظيم القبور حتّى كاد أن يعبدها العوام، وقبول الرشا وإقامة الحدود على الضعفاء دون الأقوياء وترك العمل يوم الجمعة''.
وهذا التّقليد قد بلغ مبلغًا عظيمًا هذه الأزمنة بسبب التّقدّم التّقني الّذي أحرزه الغرب ممّا فتن كثـيرًا من المسلمين بهم، وساعد في نشر ذلك سهولة نقل هذه الأمور من أقصى الغرب إلى جميع بلاد المسلمين في ثـوان معدودة عبر وسائل الإعلام المتنوعة، المرئية والمسموعة والشبكة العنكبوتية.
فالعالم اليوم أصبح بيتًا واحدًا، وهذه الاحتفالات الّتي تحصل في مدن العالم يراها المسلم لحظة بلحظة، ويتنقّل من مدينة إلى أخرى في لمح البصر والله المستعان. وصدق رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يوم قال: ''ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب، فِتَنًا كقطع الليل المُظلم، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا، يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسِّك يومئذٍ بدينه كالقابض على الجمر، أو قال: على الشوك''، رواه أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ولابُدّ أن نعلَم أنّ الأعياد في الإسلام عبادة من العبادات الّتي نتقرّب بها إلى الله تعالى، وأعياد المسلمين معروفة معلومة ثـلاثـة لا رابع لها: عيد الجمعة وعيد الفطر وعيد الأضحى. فعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم، يقول: ''إنّ يوم الجمعة يومُ عيد، فلا تجعلُوا يومَ عيدكم يومَ صيامكم، إلاَّ أنْ تصومُوا قبلَه أو بعدَه''، رواه أحمد وابن أبي عاصم وابن خزيمة وصحّحه الحاكم. وعن أنَسٍ، رضي الله عنه، قال: ''قَدِمَ رسولُ الله، صلّى الله عليه وسلّم، المَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلعَبُونَ فيهِمَا، فقال: مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ؟ قالُوا: كُنا نَلْعَبُ فِيهِمَا في الْجَاهِليةِ. فقال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّم: إنَّ الله قَدْ أبْدَلَكُم بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا: يَوْمَ الأضْحَى، وَيَوْمَ الْفِطْرِ''، رواه أحمد وأبو داود والحاكم.