هام: الأسرة في القرآن والسنة
09-05-2017, 10:00 AM
هام:الأسرة في القرآن والسنة
الزواج:
أولًا:نظر الإسلام للأسرة على أنها: أساسُ المجتمع، وهي: اللَّبِنة الأولى والخليَّة الأولى، وليس الفرد هو: أساس المجتمع، قال الله سبحانه: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾.
ثانيًا:أكَّد الإسلام على وحدة البناء الاجتماعي، والأسرة هي: محور هذا البِناء، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
ثالثًا:الأسرة هي: المحضن الطبيعي للإيمان؛ فمنها قامت دولة الإسلام، فأول مَن آمن من النساء: خديجة؛ فهي أول أسرة في الإسلام، وأول محضن لهذه الدعوة.
رابعًا:أوضح الإسلام أن الإيمان لا يتجسَّد إلا على أرضٍ يعرف أهلُها كيف يتكاثرون، ولا يتعارضون مع الفطرة البشرية، لا بالزنا ولا بالشذوذ الجنسي، قال تعالى:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
خامسًا:الزوجية سُنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهي: عامة مطَّردة لا يشذُّ عنها عالَم الإنسان، أو عالم الحيوان، أو عالم النبات، ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾.
سادسًا:الزوجية هي: الأسلوب الذي اختاره الله للتوالد والتكاثر واستمرار الحياة، بعد أن أعدَّ كِلَا الزوجينِ، وهيَّأهما بحيث يقوم كل منهما بدور إيجابي في تحقيق هذه الغاية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
سابعًا:لم يشَأ الله سبحانه أن يجعلَ الإنسان كغيره من العوالِم، فيَدَع غرائزه تنطلق دون وعي، ويترك اتصال الذكر بالأنثى فوضى لا ضابط له، بل وضع النظام الملائم لسيادته، والذي من شأنه: أن يحفظ شرفه ويصون كرامته، فجعل اتِّصال الرجل بالمرأة كريمًا مبنيًّا على رضاهما، وعلى إيجابٍ وقَبول كمَظهرينِ لهذا الرضا، وعلى إشهادٍ، على أن كلًّا منهما قد أصبح للآخر.
ثامنًا:بذلك أشبع الغريزة بالطريق السليم، وحفِظ النسل عن الضياع، وصان المرأة عن أن تكون كلأً مباحًا لكل راتع.
تاسعًا:وضع الإسلام نواةَ الأسرة التي تحوطها غريزةُ الأمومة، وترعاها عاطفة الأبوَّة، فتنبت نباتًا حسنًا، وتثمر ثمارها اليانعة، وهذا النظام هو: النظام الذي ارتضاه الله، وأبقى عليه الإسلامُ، وهدم كل ما عداه.
عاشرًا:رغَّب الإسلام في الزواج، وجعله من سنن الأنبياء والمرسلين، ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾، وفي حديث الترمذي عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ مِن سنن المرسلين: الحنَّاء، والتعطُّر، والسواك، والنكاح)).
وجعله سبيلًا للغنى يمدُّ طالبَه بالقوة التي تجعله قادرًا على التغلب على أسباب الفقر؛ ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، وفي حديث الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثةٌ حقٌّ على الله عونُهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتِب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف))؛ حديث حسن.
وروى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِها الزوجة الصالحة))، فالزوجة الصالحة: فيضٌ من السعادة يغمر البيت، ويملؤه سرورًا وبهجة وإشراقًا؛ فعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرًا من زوجة صالحة: إنْ أمرها أطاعَتْه، وإن نظر إليها سرَّته، وإن أقسم عليها أبرَّته، وإن غاب عنها نصحَتْه في نفسها وماله))؛ ابن ماجه.
وعن سعد بن أبي وقَّاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِن سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة؛ مِن سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقاوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء))؛ أحمد بسند صحيح، والبزار، والحاكم.
حادي عشر:الزواج عبادة يستكمل الإنسان بها نصف دينه، ويلقى بها ربَّه على أحسن حال من الطُّهر والنقاء؛ فعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن رزقه الله امرأةً صالحة، فقد أعانه على شطر دينِه، فليتَّقِ الله في الشطر الباقي))؛ رواه الطبراني والحاكم.
قال ابن مسعود: "لو لم يبقَ مِن أجَلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها، ولي طَوْلُ النكاح فيهن، لتزوجت مخافةَ الفتنة".
والإمام أحمد تزوَّج في اليوم التالي لوفاة أمِّ ولده عبد الله، وقال: "أنا أكره أن أبيت عَزَبًا"، وما ذاك إلا لأنه يرى أن النكاح سُنة ماضية، وخُلُق من أخلاق الأنبياء.
ثاني عشر:النهيُ عنالتبتُّلللقادر على الزواج؛ فعن ابن عباس أن رجلًا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العزوبة، فقال: ألا أختصي؟، فقال: ((ليس منا من خصي أو اختصى))؛ الطبراني.
وقال سعد بن أبي وقاص: ردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتُّل، ولو أذِن له لاختَصَينا؛ البخاري.
قال الطبري: "التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون: تحريمُ النساء والطِّيب، وكل ما يتلذَّذ به، فلهذا أُنزِل في حقه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾".
ثالث عشر:الإعراض عن الزواج لا يمنع منه إلا عجزٌ أو فجور؛ كما قال عمر رضي الله عنه، وإنالرهبانية ليست من الإسلام في شيء، والإعراض عن الزواج يُفوِّت على الإنسان كثيرًا من المنافع والمزايا.
وكثير من الأسر خرَجَت عن سماحة الإسلام، وعقَّدوا الزواج، فخَلَقوا أزمةً تعرَّض بسببها الرجال والنساء لآلامِ العزوبة وتباريحها، والاستجابة إلى العَلاقات الطائشة، والصلات الخليعة.
فالتغالي في المهور، وكثرة النفقات، وتبذُّل المرأة، وخروجها بهذه الصورة المثيرة - ألقى الريبةَ والشك في سلوكها، وجعل الرجل حذرًا في اختيار شريكة حياته، بل إن بعض الناس أضرَبَ عن الزواج؛ إذ لم يجد المرأة التي تصلح في نظرِه للقيام بأعباء الحياة الزوجية!!؟.
ولا بد من العودة إلى تعاليم الإسلام فيما يتصل بتربية المرأة، وتنشئتها على الفضيلة والعفاف والاحتشام، وترك التغالي في المهر وتكاليف الزواج.
رابع عشر:أكَّد الإسلام على أن للأسرة حقوقًا وواجبات لجميع أفرادها، حقوقًا للزوج على زوجته، وللزوجة على زوجها، والأبناء على الآباء، والآباء على الأبناء، قال تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ ، وقال عز وجل: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾.
خامس عشر:العَلاقات الزوجية في الإسلام قائمة على الاحترام المتبادَل، وعلى السرية، والصون منألسنة العابثين، قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾.
سادس عشر:أكد الإسلام على حقوق الأبناء من الرعاية والعناية من قبلِ الزواج إلى ما بعد الزواج إلى الولادة، إلى أن يخرج هذا الوليد إلى المجتمع، إلى أن يكتفي بنفسه عبر الأسس الآتية:
أاختيار الزوجة الصالحة.
بالاقتداء بالسنة النبوية في آداب الجِماع.
تالاقتداء بالسنة النبوية عند الولادة من التسمية، والآذان، والعقيقة.
ثاختيار المربِّية الصالحة.
جالتسوية بين الأبناء في العطية، وحديث النعمان بن بشير يوضح ذلك.
حالتربية الصالحة تبدأ بتعلم القرآن، والتفرقة في المضاجع، وأمرهم بالصلاة...، إلخ.
خالصحبة الصالحة في المدرسة والشارع والحي، عن طريق المراقبة.
سابع عشر:أحاط الإسلام الأسرةَ بسياجٍ من الأخلاق، ووضع العقوباتِ المناسبة لمن تُسوِّل له نفسه المساس بهذه الأخلاق الإسلامية؛ فحرَّم الاختلاط ونهَى عن أسبابه، وحرم الزنا، والقذف، واللواط والسحاق، وجميع الأسباب المؤدِّية لذلك، والنصوص القرآنية واضحة في تشديد العقوبة للمحافظة على بناء الأسرة.
توصيات:
1-تقديم الإعلام الصالح ونَبْذ الفاسد منه.
2-الابتعاد عن بيوت الفساد.
3-مجانبة النوادي الليلية.
4-إحياء العادات الاجتماعية التي تحث على الشرف والفضيلة والدفاع عن العِرض.
5-توضيح مثالب المؤتمرات النسائية التي تغضُّ من مكانة الأسرة.
6-نشر الوعي الشرعي في تقليل المهور، وجمع التبرعات من أهل الخير؛ للمساعدة في القضاء على العزوبة والعنوسة.
7-الحث على الزواج المبكِّر.
8-نشر الوعي في عدم الإكثار مِن البهرجة الزائفة والنفقات التي لا داعي لها.
9-معالجة مشاكل الأسرة.
10-تربية الأبناء على منهج الأنبياء.
يتبع إن شاء الله.
أ. د. السيد عبد الحليم محمد حسين
الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:
تتكوَّن الأسرةُ في الإسلام من الزوج والزوجة والأبناء، بخلاف الدعوات التخريبية الهدَّامة التي تجعل الأسرة القانونية من الجنس المتماثل: رجلًا ورجلًا، وامرأة وامرأة؛ فهي أسرة تتكون من المساحقات ومن اللوطيين.الزواج:
أولًا:نظر الإسلام للأسرة على أنها: أساسُ المجتمع، وهي: اللَّبِنة الأولى والخليَّة الأولى، وليس الفرد هو: أساس المجتمع، قال الله سبحانه: ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾.
ثانيًا:أكَّد الإسلام على وحدة البناء الاجتماعي، والأسرة هي: محور هذا البِناء، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.
ثالثًا:الأسرة هي: المحضن الطبيعي للإيمان؛ فمنها قامت دولة الإسلام، فأول مَن آمن من النساء: خديجة؛ فهي أول أسرة في الإسلام، وأول محضن لهذه الدعوة.
رابعًا:أوضح الإسلام أن الإيمان لا يتجسَّد إلا على أرضٍ يعرف أهلُها كيف يتكاثرون، ولا يتعارضون مع الفطرة البشرية، لا بالزنا ولا بالشذوذ الجنسي، قال تعالى:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾، وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾.
خامسًا:الزوجية سُنة من سنن الله في الخلق والتكوين، وهي: عامة مطَّردة لا يشذُّ عنها عالَم الإنسان، أو عالم الحيوان، أو عالم النبات، ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾، ﴿سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾.
سادسًا:الزوجية هي: الأسلوب الذي اختاره الله للتوالد والتكاثر واستمرار الحياة، بعد أن أعدَّ كِلَا الزوجينِ، وهيَّأهما بحيث يقوم كل منهما بدور إيجابي في تحقيق هذه الغاية: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾.
سابعًا:لم يشَأ الله سبحانه أن يجعلَ الإنسان كغيره من العوالِم، فيَدَع غرائزه تنطلق دون وعي، ويترك اتصال الذكر بالأنثى فوضى لا ضابط له، بل وضع النظام الملائم لسيادته، والذي من شأنه: أن يحفظ شرفه ويصون كرامته، فجعل اتِّصال الرجل بالمرأة كريمًا مبنيًّا على رضاهما، وعلى إيجابٍ وقَبول كمَظهرينِ لهذا الرضا، وعلى إشهادٍ، على أن كلًّا منهما قد أصبح للآخر.
ثامنًا:بذلك أشبع الغريزة بالطريق السليم، وحفِظ النسل عن الضياع، وصان المرأة عن أن تكون كلأً مباحًا لكل راتع.
تاسعًا:وضع الإسلام نواةَ الأسرة التي تحوطها غريزةُ الأمومة، وترعاها عاطفة الأبوَّة، فتنبت نباتًا حسنًا، وتثمر ثمارها اليانعة، وهذا النظام هو: النظام الذي ارتضاه الله، وأبقى عليه الإسلامُ، وهدم كل ما عداه.
عاشرًا:رغَّب الإسلام في الزواج، وجعله من سنن الأنبياء والمرسلين، ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً﴾، وفي حديث الترمذي عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أربعٌ مِن سنن المرسلين: الحنَّاء، والتعطُّر، والسواك، والنكاح)).
وجعله سبيلًا للغنى يمدُّ طالبَه بالقوة التي تجعله قادرًا على التغلب على أسباب الفقر؛ ﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾، وفي حديث الترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاثةٌ حقٌّ على الله عونُهم: المجاهد في سبيل الله، والمكاتِب الذي يريد الأداء، والناكح الذي يريد العفاف))؛ حديث حسن.
وروى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِها الزوجة الصالحة))، فالزوجة الصالحة: فيضٌ من السعادة يغمر البيت، ويملؤه سرورًا وبهجة وإشراقًا؛ فعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرًا من زوجة صالحة: إنْ أمرها أطاعَتْه، وإن نظر إليها سرَّته، وإن أقسم عليها أبرَّته، وإن غاب عنها نصحَتْه في نفسها وماله))؛ ابن ماجه.
وعن سعد بن أبي وقَّاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مِن سعادة ابن آدم ثلاثة، ومن شقاوة ابن آدم ثلاثة؛ مِن سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة، والمسكن الصالح، والمركب الصالح، ومن شقاوة ابن آدم: المرأة السوء، والمسكن السوء، والمركب السوء))؛ أحمد بسند صحيح، والبزار، والحاكم.
حادي عشر:الزواج عبادة يستكمل الإنسان بها نصف دينه، ويلقى بها ربَّه على أحسن حال من الطُّهر والنقاء؛ فعن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن رزقه الله امرأةً صالحة، فقد أعانه على شطر دينِه، فليتَّقِ الله في الشطر الباقي))؛ رواه الطبراني والحاكم.
قال ابن مسعود: "لو لم يبقَ مِن أجَلي إلا عشرة أيام، وأعلم أني أموت في آخرها، ولي طَوْلُ النكاح فيهن، لتزوجت مخافةَ الفتنة".
والإمام أحمد تزوَّج في اليوم التالي لوفاة أمِّ ولده عبد الله، وقال: "أنا أكره أن أبيت عَزَبًا"، وما ذاك إلا لأنه يرى أن النكاح سُنة ماضية، وخُلُق من أخلاق الأنبياء.
ثاني عشر:النهيُ عنالتبتُّلللقادر على الزواج؛ فعن ابن عباس أن رجلًا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العزوبة، فقال: ألا أختصي؟، فقال: ((ليس منا من خصي أو اختصى))؛ الطبراني.
وقال سعد بن أبي وقاص: ردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التبتُّل، ولو أذِن له لاختَصَينا؛ البخاري.
قال الطبري: "التبتل الذي أراده عثمان بن مظعون: تحريمُ النساء والطِّيب، وكل ما يتلذَّذ به، فلهذا أُنزِل في حقه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾".
ثالث عشر:الإعراض عن الزواج لا يمنع منه إلا عجزٌ أو فجور؛ كما قال عمر رضي الله عنه، وإنالرهبانية ليست من الإسلام في شيء، والإعراض عن الزواج يُفوِّت على الإنسان كثيرًا من المنافع والمزايا.
وكثير من الأسر خرَجَت عن سماحة الإسلام، وعقَّدوا الزواج، فخَلَقوا أزمةً تعرَّض بسببها الرجال والنساء لآلامِ العزوبة وتباريحها، والاستجابة إلى العَلاقات الطائشة، والصلات الخليعة.
فالتغالي في المهور، وكثرة النفقات، وتبذُّل المرأة، وخروجها بهذه الصورة المثيرة - ألقى الريبةَ والشك في سلوكها، وجعل الرجل حذرًا في اختيار شريكة حياته، بل إن بعض الناس أضرَبَ عن الزواج؛ إذ لم يجد المرأة التي تصلح في نظرِه للقيام بأعباء الحياة الزوجية!!؟.
ولا بد من العودة إلى تعاليم الإسلام فيما يتصل بتربية المرأة، وتنشئتها على الفضيلة والعفاف والاحتشام، وترك التغالي في المهر وتكاليف الزواج.
رابع عشر:أكَّد الإسلام على أن للأسرة حقوقًا وواجبات لجميع أفرادها، حقوقًا للزوج على زوجته، وللزوجة على زوجها، والأبناء على الآباء، والآباء على الأبناء، قال تعالى: ﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا﴾ ، وقال عز وجل: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا﴾.
خامس عشر:العَلاقات الزوجية في الإسلام قائمة على الاحترام المتبادَل، وعلى السرية، والصون منألسنة العابثين، قال تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا﴾.
سادس عشر:أكد الإسلام على حقوق الأبناء من الرعاية والعناية من قبلِ الزواج إلى ما بعد الزواج إلى الولادة، إلى أن يخرج هذا الوليد إلى المجتمع، إلى أن يكتفي بنفسه عبر الأسس الآتية:
أاختيار الزوجة الصالحة.
بالاقتداء بالسنة النبوية في آداب الجِماع.
تالاقتداء بالسنة النبوية عند الولادة من التسمية، والآذان، والعقيقة.
ثاختيار المربِّية الصالحة.
جالتسوية بين الأبناء في العطية، وحديث النعمان بن بشير يوضح ذلك.
حالتربية الصالحة تبدأ بتعلم القرآن، والتفرقة في المضاجع، وأمرهم بالصلاة...، إلخ.
خالصحبة الصالحة في المدرسة والشارع والحي، عن طريق المراقبة.
سابع عشر:أحاط الإسلام الأسرةَ بسياجٍ من الأخلاق، ووضع العقوباتِ المناسبة لمن تُسوِّل له نفسه المساس بهذه الأخلاق الإسلامية؛ فحرَّم الاختلاط ونهَى عن أسبابه، وحرم الزنا، والقذف، واللواط والسحاق، وجميع الأسباب المؤدِّية لذلك، والنصوص القرآنية واضحة في تشديد العقوبة للمحافظة على بناء الأسرة.
توصيات:
1-تقديم الإعلام الصالح ونَبْذ الفاسد منه.
2-الابتعاد عن بيوت الفساد.
3-مجانبة النوادي الليلية.
4-إحياء العادات الاجتماعية التي تحث على الشرف والفضيلة والدفاع عن العِرض.
5-توضيح مثالب المؤتمرات النسائية التي تغضُّ من مكانة الأسرة.
6-نشر الوعي الشرعي في تقليل المهور، وجمع التبرعات من أهل الخير؛ للمساعدة في القضاء على العزوبة والعنوسة.
7-الحث على الزواج المبكِّر.
8-نشر الوعي في عدم الإكثار مِن البهرجة الزائفة والنفقات التي لا داعي لها.
9-معالجة مشاكل الأسرة.
10-تربية الأبناء على منهج الأنبياء.
يتبع إن شاء الله.