بذور الفناء في نقد كتاب جذور البلاء للشيخ شمس الدين3:
20-10-2020, 06:11 PM
مقدمة موجزة حول عقيدة المسلمين قبل ظهور الفرق المنحرفة
لقد عاش المسلمون في عهد الرسول ص أمة واحدة في كنف المنهج النبوي الجامع خاصة على الصعيد العقيدي والفكري والسلوكي ،وكان إذا وقع نزاع أوخلاف بين المسلمين ردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله عصموا بذلك من الفتن والمحن وامتدت هذه الوحدة المنهجية إلى عهد الخليفيتن الأولين ولكن في عصر الخليفة الثالث بعد تظهر بعض النزاعات السياسية والنزعات الفكرية لأسباب كثيرة بعضها خارجي بسبب توسع أقطار الدولة الإسلامية واختلاط العرب بالعجم من ذوي الفلسفات والديانات المختلفة(مسيحية يهودية مجوسية...) وكيد بعض الإمبراطوريات البائدة والديانات المحرفة للدولة الإسلامية(الفرس، اليهود،..) بالإضافة لبعض الأسباب الداخلية كضعف بعض الولاة وانحراف بعض القادة وتحول الولاء الديني عندهم إلى ولاء سياسي وقبلي .
ومايهمنا هنا هو ظهور النزاعات الفلسفية والمدارس الكلامية والعقلية نتيجة ترجمة التراث اليوناني والإغريقي القائم على أساسين هامين هما الوثنية وتقديس العقل.
وهكذا ظهرت المدارس الكلامية في بلاد المسلمين وفرخت الكثير من الفرق كالمعتزلة والجبرية والقدرية والجهمية والكلابية وغيرها وكان لتحالفها مع بعض الأنظمة السياسية دور كبير في الإنتشار والذيوع مع تراجع للمنهج الأصيل ونقصد به منهج أهل السنة والجماعة بسبب موازين القوى السياسية والضغوط الكبيرة المسلطة على رموزها وعلمائها .
وتجدر الإشارة هنا القاسم المشترك الذي يجمع بين ما أصبح يعرف بأهل الكلام -كمقابل لأهل الحديث -هو اعتماد العقل كأساس أو مرجع في فهم الإسلام واستنباط الأحكام الشرعية ،ويذهب الكثير من هؤلاء إلى تسبيق أدلة ألعقل على نصوص الشرع عند حدوث التعارض ،وأما المعتدلين من هؤلاء الفلاسفة كما هو شأن بعض الأشاعرة فهم يسارعون لتأويل النص الشرعي كما في آيات الصفات-للخروج من التعارض الظاهري أو الذهني الذي يتصورونه خاصة إذا ماتعلق الأمر بالذات الإلهية وصفاتها وحساسيتهم الشديدة إزاءها وتخوفهم المبالغ فيه من تشبيهها بالمخلوقات.