فوبيا التحليل العسكري والامني والمصطلحات – مناقشة واقعية لظاهرةالمحلل العسكري الهجين
08-05-2018, 10:57 AM



*ماجد القيسي
للأسف ان تكون بعض العقول غير قادرة على التفكير والتحليل والمناقشة وتتبنى كل مصطلح يستخدمه الآخرون دون مناقشة بهذه المقدمة للدكتور مهند العزاوي ابتدأ حديثي حول ظاهرة ( فوبيا التحليل و المصطلحات) .
المعروف ان العلم العسكري وفن الحرب لا يتقنه الا من سبر اغواره وتعددت خبراته بين الاكاديمية والميدانية ، العلم العسكري شأنه شأن العلوم الاخرى انه العلم الوحيد الذي يمزج جميع العلوم الاخرى من فيزياء وكيمياء ورياضيات وعلوم انسانية ، استخدام المدفع واطلاق الصاروخ يعتمد على حسابات فيزيائية ورياضية ، وسونار SCAN كان اختراع عسكري ، ويعود استخدام أساليب بحوث العمليات إلى الحربالعالمية الثانية عندما لجأ الأمريكيون والإنجليز إلى الأساليب الكمية في حل المشاكل التي واجهتهم انذاك وقد تم ذلك عن طريق تكوين فريق من العلماءالمتخصصين في الرياضيات، والهندسة، والسلوكيات…الخ، بحيث يقوم الفريق بدراسة المشكلة واقتراح الحلول.
والاستراتيجية مصطلح قديم كان تداوله مقتصرا على الحرب وكيفية توزيع القوات واستخدامها للوصول الى الاهداف السياسية وهو مرادف لمصطلح السَوق المستخدم في الجيش العراقي فن العمليات هو تنظير الماني وسوفياتي وهو يغطي تحركات التشكيلات الكبرى وادارة العمليات والتعبية ( التكتيك ) وهو ترجمة حرفية لكلمة ( tactics ) فن استخدام القوات عند الاشتباكات شاع في الاونة الاخير استخدام مصطلحات من قبل البعض والذين لايمتون بصلة الى العلم العسكري وممن يسمون انفسهم خبراء عسكريون وامنيون وباحثون وأكثرها مقتبسة من الكُتاب والاعلاميين الغربيين لاعتقادهم بأن هؤلاء وحدهم قادرين على التنظير بل وصل الامر بهم يخلطون بين مستويات الحرب ( الاستراتيجي ، العملياتي والتكتيكي) .
وبعض مقدمي الاخبار والبرامج في الفضائيات يقفون عاجزين لمناقشتهم ويرددون مايقوله هولاء من مصطلحات مثال على ذلك لا الحصر ( سمكة الصحراء للدلالة على حركة عناصر داعش ، تكتيك الرمال المتحركة ، الخلايا النائمة ، الجيل الرابع من الحروب كناية على الحرب المعاصرة ، الخ ) جذباً للانتباه وليس أكثر من ذلك . انها فوبيا مصطلحات رومانسية يستخدمها اغلب المحللين لانهم مصابين بمرض ( عقدة الخواجة ) وكأن لا يوجد في العالم العربي من منظريين .
فنون الحرب
لاضير عندما نذكر او ندرس تجارب جيوش العالم ونستشهد بنظريات لقادة مثل (صن تسو وكلاوزفيتز ونابليون وماو تسي تونغ وبسمارك) وغيرهم لسبب منطقي رئيسي لان جميعهم كانوا مقاتليين ولديهم فهم للحرب ان فن الحرب كُتب بدماء جنود وليس بأقلام ضباط مكاتب ، انه نتاج حروب وتجارب فاشلة وناجحة ليس من باب المبالغة عندما اقول ان الضابط العراقي يمتلك خبرة لا يملكها نظرائهم عند باقي الجيوش الاخرى تمخضت من خلال جميع انواع الحروب ( التقليدية بمختلف اشكالها وحرب العصابات والحرب على الارهاب الحالية ) وحارب ضد جيوش عظمى واقليمية ولكن لم يحضَ الضابط العراقي باهتمام من قبل جميع الانظمة التي حكمت العراق كي يدون تجربته ويضيف نظريات لفن الحرب رغم ان بعض من تجارب الجيش العراقي تُدرس في بعض الاكاديميات العسكرية العالمية بل ان قسم كبير من كتاب ( دليل مكافحة التمرد ) للجنرال بترايوس هي تجارب ميدانية عراقية غيرت العقيدة العسكرية للجيش الامريكي في الحرب اللامتناظرة بعد ان كان يتبنى عقيدة الحرب الباردة وطورها الجيش الامريكي ليعتمدها في الحرب على الارهاب وساعده التقدم التكنولوجي والاسلحة المتطورة.
الحرب المعاصرة
الجيش العراقي الذي لازال يقاتل التنظيمات الارهابية هو الجيش الوحيد في المنطقة الذي يدرك ويفهم طبيعة الحرب المعاصرة ( الحرب على الارهاب ) يفهم اساليب ونمط هذه الحرب بالرغم من التسليح المحدود وافتقاره للتكنولوجيا المتقدمة بحيث ان خبرة جنوده وضباطه الميدانية تتفوق على اقرانهم من جيوش المنطقة وشتان بين من خاض حروب وكتب تجاربه باللون الاحمر وبين من ينقل ثقافة عسكرية من بطون الكتب وهو في مكتبه . الصنف الاول : مُنظر حتى وان لم يدونها والثاني ناقل لثقافة لم يخض تجربتها، ان توصيف البعض لأنفسهم بالخبير ألامني والعسكري تثير ألاستغراب حيث إن لايمكن ان نطلق هذه التوصيفات إلا على من درس العلوم العسكرية ولها مستويات تعبوية وعملياتية وستراتيجية وتكون ناقصة بل ولن تكتمل دراسته بدون تطبيق عملي ميداني لأن العلم العسكري من العلوم التطبيقية وان الميدان ومسارح وساحات العمليات هي مَن تمنحهم هذا التوصيف.
والخبير الامني يشترط به دراسة العلوم الأمنية وهي تخصصات متعددة ولديه تجربة عملية واسعة وطويلة في مجال ألأستخبارات . وألاكثر إستغراباً إنهم لم لايملكون في تاريخهم خدمة في مؤسسات عسكرية وأمنية يتحدثون عن السوق العام للجيش وفن العمليات والتعبية والخطط والقيادة العسكرية وادارة القوات وانفتاحها . وما يزيد الطين بلّة انتشار واسع للقنوات والفضائيات والتي تقدمهم على أساس خبراء وإستراتيجين وباحثيين عسكريين وأمنيين من دون معرفة سيرتهم الذاتية في مجال التخصص العسكري والامني ولهذا يتداول البعض مصطلحات ومفاهيم بعيدة عن العلم العسكري خلال مناقشتهم سير العمليات العسكرية في مسرح ما، بل ويقدمون نصائح وخطط للقادة وكيفية استخدام القوات العسكرية.
ان التخصص العسكري وألامني بالنسبة للاشخاص العسكريين وألامنيين جاء نتيجة دراسة ودورات في مؤسسات عسكرية وأمنية وكليات وجامعات تمنح شهادات متدرجة ومتسلسلة تبدأ من البكالوريوس والماجستير الى الدكتوراه وبعض من هذه التدرجات لا يمكن التقديم عليها ألا من خلال شروط وموصفات وقوانين لا يمكن ان تتوفر لدى الجميع وتكاد شروطها الاصعب من بين جميع العلوم الاخرى لانها تتعلق بقيادة جيوش ومعارك وحروب يتوقف مصير دولة او أمة عليها لأن الحرب او القوة هي ظل السياسة على الارض وهي بالنهاية مَن تحقق اهداف السياسة والاهداف الاستراتيجية.
*اللواء الركن ماجد القيسي
مستشار المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات
المصدر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات