"هآرتس" تنفي "الرواية المصرية": حرب 67: "الهجان" أسهم في انتصار إسرائيل!
05-03-2017, 10:09 PM



كامل الشيرازي

صحافي بموقع الشروق أونلاين



قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، الأحد، إنّ المصري "رأفت الهجان" الذي اخترق المخابرات الإسرائيلية قبل ستة عقود، كان في الواقع "عميلا مزدوجا نشط بشكل أساسي لصالح الدولة العبرية، وأسهم في تمكين الكيان الصهيوني من الانتصار في حرب 1967
في تقرير كتبه "عوفر أدرات" معلق الشؤون الاستخبارية في الصحيفة المذكورة، نقلت الأخيرة عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إنّ "الهجان" (اسمه الحقيقي رفعت الجمّال) الذي أرسلته المخابرات المصرية إلى إسرائيل منتصف خمسينيات القرن الماضي تحت هوية اليهودي "جاك بيطون"، تمّ الكشف عنه واعتقاله، وتولى ضابط المخابرات الإسرائيلي "مردخاي شارون" التحقيق مع "الهجان" وعرض عليه إطلاق سراحه مقابل أن يعمل لصالح إسرائيل، فوافق المعني.
واستنادا إلى ترجمة موقع "عربي 21"، أفيد أنّ "شارون" كان يطلب من "الجمال" (1 جويلية 1927 – 30 جانفي 1982)، تسويق "معلومات مضللة عن إسرائيل ونواياها للجانب المصري"، وزعمت "هآرتس" أنّ "شارون كان يستمع للحوار الذي كان يتم بين الجمال ومشغليه من المخابرات المصرية".
وجرى التركيز على أنّ "المخابرات الإسرائيلية سعت لإقناع نظيرتها المصرية بصدقية معلومات الجمال"، لذا "أعطت استخبارات الكيان للجمال معلومات حقيقية حول موعد شنّ حرب 1956"، وذكرت: "الجمال أبلغ الجانب المصري بموعد شن الحرب قبل يوم فقط من اندلاعها حتى لا يكون بوسع الجانب المصري القيام باحتياطات تؤثر على مسار الحرب".
وذهب الجانب الإسرائيلي إلى أنّ "تل أبيب" استغلت الثقة التي اكتسبها "الجمال" لدى المخابرات المصرية فـ "زوّدته بمعلومات مضللة بشأن حرب 1967، وأكّد الجاسوس للمصريين أنّ إسرائيل لا تنوي استهداف سلاح الجو المصري، قبل أن تبدأ الحرب بضرب إسرائيل كل المطارات المصرية، ما مكّنها من تحييد حوالي 80 % من قوة سلاح الجو المصري".
وأتى كشف "هآرتس" بعد أسبوعين عن مقتل "مردخاي شارون" (91 عاما) عندما كان يقود دراجة هوائية على شارع 531 بالقرب من مدينة "هرتسليا" شمالي تل أبيب، وأورد الإسرائيليون أنّ "شارون" قام بتصفية العميد "مصطفى حافظ" مدير الاستخبارات العسكرية المصرية في قطاع غزة عام 1956، وأورد "شارون" إنه نجح في تجنيد عميل على علاقة مباشرة بـ "حافظ"، قام بإهدائه ترجمة كتاب "كفاحي" لـ "هتلر" بغلاف متفجر، وانفجر الأخير إثر محاولة "حافظ" فتح الكتاب، علما أنّ الكيان اتهمّ "حافظ" آنذاك بـ "المسؤولية عن تنظيم وإرسال خلايا فدائية لتنفيذ عمليات في العمق الإسرائيلي انطلاقا من قطاع غزة".
"شارون" الملقّب "موتكا"، اشتهر بتجنيد العملاء من الفلسطينيين والعرب، وعرف كيف يزرع هؤلاء في جمع المعلومات عن العالم العربي؛ علاوة على استخدام عملاء مزدوجين في تضليل الدول العربية، وتعامل "شارون" بأسماء عربية مستعارة مثل "مراد" و"أبو رياض"، ونال ثناء السفّاح "أرئيل شارون" وزير الدفاع ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الذي قال عنه "هو أكثر من عرف العرب".

تضارب
لا يزال "الهجان" يثير الجدل للعقد السادس تواليا، فاستنادا إلى المخابرات العامة المصرية، رحل "الهجان" إلى إسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية في إطار خطة منظمة (جوان 1956)، وتمكن من إقامة مصالح تجارية واسعة وناجحة في تل أبيب، وأصبح شخصية بارزة في المجتمع الإسرائيلي.
وحسب الرواية المصرية، فإنّ "الهجان" قام ولسنوات طويلة بالتجسس وإمداد جهاز المخابرات المصري بمعلومات مهمة تحت ستار شركة سياحية داخل إسرائيل، حيث زوّد بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب الخامس جوان 1967، وكان له دور فعال في الإعداد لحرب أكتوبر 1973 بعد أن زوّد مصر بتفاصيل عن خط "برليف".
وظلّ المصريون يشدّدون على أنّ عملية "الهجّان" أحدثت هزة عنيفة لأسطورة تألق جهاز "الموساد" وصعوبة اختراقه، وتم اعتبار الهجان بطلًا قوميًا في مصر عمل داخل إسرائيل بنجاح باهر لمدة 17 سنة، واستطاع أن ينشئ علاقات صداقة مع كثير من قيادات إسرائيل، بينهم "غولدا مائير" رئيسة الوزراء السابقة، و"موشي دايان" وزير الدفاع.
على النقيض، اعتبرت المخابرات الإسرائيلية أنّ المعلومات التي أعلنتها نظيرتها المصرية ما هي إلا "نسج خيال ورواية بالغة التعقيد"، وتابعت: "على المصريين أن يفخروا بنجاحهم في خلق هذه الرواية".
وتحت ضغوط الصحافة الإسرائيلية عام 1988، صرّح "إيسر هاريل" رئيس الموساد الأسبق: "السلطات كانت تشعر باختراق قوي في قمة جهاز الأمن الإسرائيلي ولكننا لم نشك مطلقا في جاك بيتون" (الاسم الإسرائيلي للهجان).
وبعد سنوات، حمل كتاب "الجواسيس" للصحفيين الإسرائيليين "ايتان هابر" و"يوسي ملمن" تأكيدا على صحة التفاصيل التي نشرت في مصر حول شخصية "الهجان"، لكنه جرى التشديد على "تغييب" الجانب الآخر في شخصية "الهجان"، ألا وهو خدمته لإسرائيل، حيث جرى الجزم أنّ "الهجان أو بيتون لم يكن جاسوسا خدم مصر فحسب"، على حد تأكيد الكاتبين.