معربون يتقربون للفرانكوفيلية بمعاداة العربية
24-08-2015, 01:31 PM
الدارجة" واللغة الرسمية: الأدهى والأمر!
أبو بكر خالد سعدالله : الشروق أوت 2015
لقد اتخذ موضوع التدريس بالدارجة أبعادا لم تكن منتظرة من هذا الطرف أو ذاك، وجاءت تصريحات الوزير الأول الأخيرة لتمسك العصا من الوسط في انتظار تهدئة الأوضاع وميول الكفة في هذا الجدل الذي تمنّينا ألا يطول لينشغل القوم بمايحتاج فعلا إلى نقاش.
من تلك المواضيع التي كان من المفروض أن تطرح بقوة، موضوعي شدّ الانتباه في الداخل والخارج: لماذا يلجأ الرسميون خلال أدائهم لمهامهم الرسمية في داخل البلاد وخارجها إلى الحديث بلغة أخرى غير اللغة الرسمية؟ هل المواطن الجزائري محكوم عليه أن يتقن لغةأجنبية ليفهم الخطاب الذي يوجهه إليه المسؤول الكبير والصغير في البلادويتواصل معه؟
ألايشعر المسؤول عندنا بالإحراج حينما يكشف عن جهله باللغة الرسمية أمام الملأ في الداخل والخارج؟ كيف يقبل تحمل مسؤولية وهو عاجز عن توضيح أمرها وسيرورتها لمخاطبيه الجزائريين على الأقل؟ كيف يعيّنه من يعيّنه في ذلك المنصب وهو يدرك عجزه وعدم مقدرته على التواصل مع المواطنين؟ هل نتصور مسؤولا ألمانيا لا يستطيع مخاطبة الألمان بالألمانية؟ بل هل نتصورإسرائيليا أو إيرانيا أو تركيا أو رومانيا أو فرنسيا أو صينيا... يخاطب جمهور بلده بلغة أخرى غير لغة البلد؟ أبدا!
لا يحدث هذا إلا عندنا لأن إتقان اللغة التي يلم بها معظم أفرادالشعب (وهي اللغة العربية لكونها لغة التدريس منذ نصف قرن، ولكون الشعب الجزائري مكون من الشباب) ليس من شروط تولّي المسؤوليات عندأصحاب الحل والربط، ولو كان هذا الإتقان شرطا أساسيا في تولّي المناصب ما وجدنا من ينادي بتدريس الدارجة في المدارس... وماتولّى مثلا مهام وزارة التربية شخص لا يتقن لغة التدريس مهما كانت وطنيته ونزاهته وإخلاصه وولاؤه والتزامه، ونظرا لهذا التسيّب فنحن نجد هذه الأيام الإعلام المعرب يندّد عموما بفكرة التدريس بالدارجة متخذا أشكالا مختلفة، وبالموازاة مع ذلك نجد الإعلام المفرنس برمته يصب في اتجاه تدعيم الفكرة والتنديد بـ"المحافظين-البعثيين-الإسلامويين"... هكذا كتلة واحدة دون تمييز... وأحيانا يضيفون إليها "الأصوليين-الإرهابيين"!
ولعل الأديب والأستاذ أمين الزاوي -رغم عمق ثقافته وتمكنه الكبير من اللغتين- كان أوضح هؤلاء عندما كتب في صحيفة ليبرتي (الناطقة بالفرنسية) يوم 6 أوت مقالا بعنوان "لغة حية أو لغة الحياة؟"،تناول الكاتب في هذا المقال دور الدارجة في تعميق الثقافة وإثراءاللغة الرسمية، وجاء على لسانه على الخصوص: "على الرغم من أن العربية لغة جاءت قبل الإسلام فإن هذا الدين استولى عليها، لقد صادر الدين الإسلامي اللغة العربية"!
ونقرأ في مكان آخر من نفس المقال: "اللغة العربية الفصحى كانت منذ الاستقلال لغة مقدسة في المساجد والمدارس، بين "الديني" و"الوطني"أما اللغة الفرنسية فكانت دائما لغة الانفتاح ولغة القرار."
ثم يقترح في نفس النص:"لكي تتحرر اللغة العربية من الذاكرة الدينية فلا بد لها من أن ترتمي في أحضان الدارجة" (كذا)، ثميضيف: "لقد صارت اللغة العربية الفصحى مُتْعَبَة بشكل متزايد من جراءالمد الديني السياسي والتقليد (المحافظة)."
نجد في هذا المقال التحليلي القصير لوضع الدارج والفصيح الإشارة إلى الدين والإسلام عديد المرات، رغم أن عدد كلماته تناهز 600كلمة،وهكذا يرى الأستاذ الزاوي ومن حذا حذوه أن"الدين الإسلامي" هوالمشكلة في القضية اللغوية المطروحة وأن"الدارجة" هي التي ستحلهاأو ستؤدي دورا أساسيا في حلها!
وبالموازاة مع ذلك هناك من لا يربط هذا الربط الغريب بين المعتقد (الدين أو غيره) واللغة، نشير على سبيل المثال إلى مقال طويل بعنوان"العلوم العصبية في الاكتساب والتعلم المدرسي للغة: قضية نفسية معرفية وليست قضية اجتماعية" طالعتنا به يوم 22 أوت الخبيرة في اللسانيات وعلم النفس، الأستاذة نصيرة زلال في صحيفة "يومية وهران" (الناطقة بالفرنسية)، وذلك في سياق الجدل القائم حول الدارجوالفصيح.
تساءلت الأستاذة زلال: "لماذا أطفال الألمان... الذين يتكلمون لغات جهوية شديدة الاختلاف -10 لغات على الأقل-... لا يشعرون بأي نوع من الصدمات العصبية عندما يتعلمون في المدرسة اللغةالألمانية المعيارية التي يوحّدها ويثريها السويسريون والألمانوالنمساويون بصفة منتظمة؟"، وتضيف الأستاذة قائلة: "إن التحجج بإحداثصدمة عصبية لدى الطفل إثر الاحتكاك البسيط بالجديد في المدرسة، (أوتذكيرنا - وهذا أدهى- بأنه علينا الاعتزاز بـ "قيم أسلافنا التي تحملها لهجاتنا" والدفاع عنها بقوة) ليست حجة علمية، ذلك أنهذا الخطاب المزدوج يفتقد إلى إثبات تدعمه دراسة مقارنة... ما دامالأمر يتعلق "بالبيداغوجيا المدرسية" فحتى نكون علميين يجب الاعتماد على مفهوم المشاهدة والملاحظة كيلا نقع في خطاب بعيد عن الموضوعية."
نلاحظ أن مقال الأستاذة زلال يقع في أزيد من 6000 كلمة (أي ما يعادل 10 مرات طول مقال الأستاذ الزاوي) ورغم ذلك لم تردفيه أبدا كلمة "الدين" أو"الإسلام"! والغريب أن يلاحظ الأستاذالزاوي أيضا:"في الوقت الذي تموقعت فيه الدارجة في الفن والإبداع... تموقعت اللغة العربية الفصحى في المساجد وخطب الجمعة والصلاة على الأموات وفي الخطب الرسمية الكاذبة".
وجه الغرابة الذي نريد هنا الإشارة إليه -إضافة إلى ما يحمّله الكاتب للدين بخصوص استحواذه على اللغة العربية- أن نسمع بأن اللغةالعربية الفصحى تموقعت في الخطاب الرسمي! نحن نفهم من "الخطاب الرسمي" أنه الخطاب الذي يدلي به المسؤولون الرسميون (سيما كبارهم)، فمن الذي يتكلم اللغة الرسمية في البلاد من الرسميين،يا ترى؟ لعلهم يتكلمونها خفية في بيوتهم؟ فإذا استثنينا النزر القليل من هؤلاء وجدناهم لا يحسنون اللغة الرسمية، ولا حتى الدارجة أحيانا،وتلك هي الكارثة الكبرى المسكوت عنها من كل الأطراف.
التعليق :
- قبل الشروع في التعليق ، نلفت الانتباه أن الزاوي أمين يؤكد بعدائه المعروف للاسلام ، أن محاربة اللغة العربية لها علاقة بالحرب على الاسلام . فالزاوي أمين المعرب، ينقلب على العربية التي ما وصل إلى ما وصل إليه من المكانة و المنصب و العلم اليوم ،إلا بالعربية .. و هذا يذكرني بالمثل الشعبي الجزائري الأغواطي : (المَرْقة جيفة و العظَم حلال) ، أي يأكل اللحم ، و لا يأكل المرقة ، متهما لها بالجيفة .
أما بخصوص أمين الزاوي ، فلغته الأم و الأصلية ، التي درس بها من الابتدائي إلى الجامعة ،فهي اللغة العربية . و قد كان يجهل اللغة الفرنسية تماما ، و هو طالب في الجامعة ، ( كلية الآداب بالسانية / وهران) ، و لم يتعلم الفرنسية إلا بعد تخرجه من الجامعة ، و لم يكن يسجل في فوج اللغة الفرنسية و لا الانجليزية كلغات حية مدرجة في البرنامج ، بل كان في فوج اللغة الاسبانية ، باعتبارها اللغة الحية التي درسها في المتوسط و الثانوي ، و هو حتى اليوم لا يمتلك ناصية الفرنسية ، و لا عمق له فيها .. درس الأدب الفرنسي باللغة العربية في مادة الآداب الأجنبية .
و عن عدائه للاسلام ، فهو نابع من توجهه الشيوعي ، رغم أنه ابن بيئة عربية عروبية و إسلامية قرآنية ، و لكنه خرج عن المألوف من باب خالف تعرف ،و لطموحات رخيصة ، و هو اليوم يتنكر للغة التي بها تعلم و يأكل الخبز .. و لاحظنا توسع عدائه لكل ما هو عربي اسلامي ، مجاراة للفرنكوشيوعيين .. حتى أنه وصل إلى التهجم على رموز الثقافة الجزائرية كالشيخ المغيلي ، و تزامن ذلك بمطالبة إسرائيل بمحاكمته ، لأن المغيلي رحمه الله، حرر تمنطيط بأدرار من اليهود و من سيطرتهم على المسلمين و أجلاهم عنها ، لتعود المدينة إلى أهلها المسلمين ، و يقول أهل المنطقة لولا أن الله بعث إليهم الشيخ المغيلي ، ليستأصل شأفة اليهود من أدرار ، لكانت كل أدرار اليوم يهودية.. و لكن الذي غاب عن الزاوي أمين أنه بالنسبة للتيار الفرنكوفوشي ، يبقى دائما ذلك المعرب الذي لن يقبل في ثقافتهم إلا كحصان رهان داخل مضمار محدد ، لا يسمح له بالخروج منه .
و ركوبه اليوم موجة تدريس العامية ما هو إلا حركة من حركاته المعهودة فيه ، مجاراة للتيار المستحوذ عليه ، و لم نعرف عنه أنه كتب بالدارجة ، التي يرافع عنها اليوم ، حتى أنه كان لا يهتم بمادة الأدب الشعبي المقررة رسميا في البرنامج ، و هو طالب في الجامعة ...
الأمر الآخر الذي ، لم يغب عن الزاوي أمين ،بل هو يريد تغييبه عن نفسه ، أن اللغة العربية فعلا هي لغة القرآن، و منها كان القرآن عربيا ، كما هي التوراة عبرية ، و الانجيل آرامي . و لن يمكن للعربية أن تكون في يوم من الأيام منفصلة عن الاسلام .
بلادي و إن جارتْ علي عزيزة ٌ** و قومي و إن ضنوا علي كِرامُ
من مواضيعي
0 من وصايا رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي ذر الغفاري رضي الله عنه
0 حول احتفالات رأس (أو رقص) السنة
0 لجنة جمع القرآن في العهد العثماني
0 حتى تصير العربية لغة مصانع الصلب في الحجار ومعامل تكرير الغاز في سكيكدة وآرزيو
0 يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة
0 نكسة المدرسة الفرنسية
0 حول احتفالات رأس (أو رقص) السنة
0 لجنة جمع القرآن في العهد العثماني
0 حتى تصير العربية لغة مصانع الصلب في الحجار ومعامل تكرير الغاز في سكيكدة وآرزيو
0 يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة
0 نكسة المدرسة الفرنسية
التعديل الأخير تم بواسطة بلحاج بن الشريف ; 24-08-2015 الساعة 01:58 PM