هذا ما قاله المتهمون في "فضيحة القرن" حول الخليفة
03-05-2015, 09:18 PM



كشفت تصريحات سابقة للمتهمين في قضية "بنك الخليفة"، أثناء محاكمة "القرن" التي جرت أطوارها سنة 2007 بمحكمة البليدة، عن شهادات واعترافات من العيار الثقيل، وجهت في مجملها اتهاما صريحا للرئيس المدير العام للمجمع "عبد المؤمن خليفة" الذي كان في حالة فرار ببريطانيا، وكشفت عن طريقة الاحتيال الكبرى وتسيير الوكالات البنكية وأموال الزبائن، التي كانت تخرج عن طريق أوامر شفهية وبـ" الشكارة"، فكيف سيكون رد "الغولدن بوي" على هذه التصريحات لدى مواجهة لهؤلاء المتهمين، مع انطلاق محاكمة اليوم بجنايات البليدة؟




أثارت تصريحات المتهم جمال قليمي، المدير العام لـ "خليفة تي في"، الذي لقب بالذراع الأيمن للخليفة ولم يتعد مستواه الثالثة ثانوي، الكثير من الجدل أثناء "أطوار محاكمة القرن" الأولى، حيث كشف عن تفاصيل البذخ وتبذير الأموال التي كان يقوم بها "عبد المؤمن"، والذي كان يغدق في هداياه وكرمه على المشاهير والفنانين وخاصة في عالم الرياضة، وفي هذا المقام، اعترف آنذاك المتهم، أن الخليفة كان يملك طائرتين خاصتين لتنقلاته الشخصية ووضعهما في خدمة الشخصيات الدولية، حيث استفاد كل من رئيس الفدرالية الدولية لكرة القدم بلاتير وكذا رئيس الفدرالية الإفريقية لكرة القدم عيسى حياتو، من رحلات مجانية على متن الطائرة الخاصة بـ"الغولدن بوي".
وقال بأن الخليفة كان يعطي أوامره وما عليهم سوى التنفيذ، كما يبرز من خلال تصريحاته بأن الكثير من المسؤولين والشخصيات السياسية كانوا يلتمسون خدماته ويطلبون مزايا لأفراد عائلاتهم من قبل الخزينة.
وكشف المتهم قليمي، مدى البذخ والتبذير الذي كان يعيشه "الفتى الذهبي" من خلال السهرات والحفلات التي كان يقيمها في باريس ويحضرها نجوم وفنانون عالميون على غرار كاترين دوناف وباميلا أندرسون وجاك لوند وآخرون، وحتى الشاب مامي والكينغ خالد، والتي كان يغدق فيها الخليفة هداياه ويمنح الفنانين أظرفة فيها مبالغ مالية بالعملة الصعبة.

خليفة تحصل على قرض بدون ضمانات من وكالة سطاوالي
وفجر المتهم إيسير إيدير، مدير وكالة بنك التنمية المحلية بسطاوالي، لدى استجوابه سنة 2007، مفاجأة من العيار الثقيل، حيث كشف أن والدة عبد المؤمن خليفة المقيمة بالمغرب، لم ترهن ممتلكاتها ولم توافق على رهن الفيلا التي استعملها للحضور على رأس مال البنك، وهو ما يؤكد أن عقد الرهن كان مزورا، كما اعترف بأنه منح الخليفة قرضا بمبلغ 80 مليون دينار دون ضمان الرهن، والذي كان أصلا موجها لإنتاج مصنع للأدوية وليس لإنشاء "بنك الخليفة" وأكد في معرض تصريحاته، بأنه عمل كإطار ببنك الخليفة مقابل راتب مغر يقدر بـ50 ألف دينار شهريا، لكنه تخلى عن منصبه واستقال بسبب الفوضى وسوء التسيير وعدم احترام القواعد التنظيمية والإجراءات القانونية بالبنك.

الشكارة.. سيدة التعاملات
وأكد المتهم أكلي يوسف، أمين الصندوق الرئيس لبنك الخليفة، لدى محاكمته الأولى، بأنه كان يسلم للرئيس المدير العام "عبد المؤمن خليفة" أي مبلغ يريده وفي "الشكارة"، وهذا ما كان يحدث يوميا في وكالة الشراڤة، وذهب في اعترافاته السابقة لحد القول بأن الوكالة كانت تستقبل يوميا حوالي 25 مليار سنتيم يتم توزيعها عن طريق أوامر من الخليفة عبر الهاتف.
ووصف المتهم، الخليفة بـ"المعلم"، مؤكدا في إجابته عن أسئلة محكمة الجنايات آنذاك، بأنه كان مجرد موظف أجير ينفذ تعليمات "المعلم" عبد المؤمن خليفة، ليشير إلى أن الثغرة المالية المقدرة بحوالي 3200 مليار سنتيم يتحمل مسؤوليتها الرئيس المدير العام للبنك، ليقولها صراحة للمحكمة "عليكم أن تطلبوا تبريرات الثغرة المالية من الخليفة وليس مني"، وأشار إلى أن الخليفة كان يحضر لوكالة الشراڤة بنفسه ويتسلم مبالغ مالية تتراوح مابين 5 و10 ملايير سنتيم ليأخذها في "الشكارة" ودون أن يوقع أي وثيقة، وأحيانا كان يرسل أشخاصا يعملون لديه يتمتعون بالتزكية الشخصية لتسلم المبالغ المالية.

سيارات فاخرة وفيلات للمسؤولين بمجمع الخليفة
كما اعترف المتهم نقاش حمو، مدير عام مساعد، مكلف بالمحاسبة والميزانية، والذي كان إطارا سابقا بوكالة بنك التنمية المحلية بسطاوالي، بأن عبد المؤمن خليفة، وزع على عدد من المسؤولين في المديرية العامة للبنك وبعض المديريات الجهوية سيارات فاخرة وفيلات، حيث استفاد ذراعه الأيمن جمال قليمي من فيلا فاخرة في "دار الضياف" بالشراڤة وسيارة من نوع "باسات بورا"، كما استفاد آنذاك مسؤول الأمن بالبنك شاشوة عبد الحفيظ، من فيلا في نفس المنطقة وسيارة فاخرة، ونفس الشيء بالنسبة لخال عبد المؤمن، وهي المزايا التي تحصل عليها هؤلاء لتنفيذ أوامر الرئيس المدير العام دون اعتراض أو مناقشة رغم مخالفتها للقوانين والإجراءات المعمول بها.

"تبذير" أموال طائلة على لاعبي كرة القدم
وكشفت الشهادات الأولى، عن وصول أجور لاعبي كرة القدم حد 40 مليون سنتيم، حسبما أكده المتهم توجان مولود، مدير عام مساعد، مكلف بالمحاسبة والميزانية ببنك الخليفة، وهو المبلغ الذي كان يمنحه "عبد المؤمن خليفة" كأجر للاعبين عن طريق عقود السبونسورينغ التي ربطت بنكه بعديد الأندية الجزائرية، وكشف في مجمل تصريحاته بأنه لاحظ بأن الميزانية التي كان يخصصها الخليفة للأندية ضخمة جدا، فيما نفى اطلاعه على ميزانية فريق مارسيليا في حسابات المديرية العامة للبنك، والتي اعتبرتها رئيسة الجلسة آنذاك مجرد طريقة لتحويل الأموال للخارج.

مفتش في مهمة ناقل للأموال
وتبرز من خلال تصريحات المتهم مير أحمد، مفتش عام ببنك الخليفة أثناء مجريات "محاكمة القرن"، بأنه عين للعمل كمفتش ومراقب ومهمته تمثلت في مراقبة عمل البنك والوكالات، غير أنه كان من ضمن القائمة التي زكاها "الغولدن بوي" لخدمة أغراضه وسحب الأموال من الوكالات البنكية، حيث صرح أن الخليفة اتصل به هاتفيا ليطلب منه جلب أمانة له من عند أكلي يوسف بوكالة الشراڤة، وتمثلت الأمانة في مبلغ مالي يقدر بحوالي 500 مليون سنتيم، والذي قال إنه أوصله إلى منزل الخليفة بحيدرة، كما كانت اعترافاته محل استغراب رئيسة الجلسة آنذاك، والتي تساءلت كيف يمكن له أن يقوم بتفتيش ومراقبة عمل الوكالات وفي نفس الوقت يقوم بسحب الأموال بطريقة مشبوهة ويتسبب في الثغرة المالية، غير أن المتهم أشار إلى أنه لم يستطع أن يطلب أي وثيقة أو يستفسر عن الموضوع، لأن المعني هو الآمر الناهي وصاحب البنك، وكشف بأنه وقف على عدة تجاوزات في منح القروض لدى تفتيشه للبنك، حيث وجد قروضا هائلة لم تسو وتجاوزات بالجملة وتسهيلات في منح القروض، مع منحها دون ملفات.

صاحب المهمات الصعبة بالخليفة
وكشف المتهم دلال وهاب، موظف شرطة سابق ورئيس فرقة الأمن والحماية بالخليفة، أن المتهم شاشوة عبد الحفيظ، مدير الأمن بالمجمع، كان يتصل به عن طريق "الطالكي والكي" ليجلب له "الشكارة" من الصندوق المركزي، حيث يتسلم كيسا وظرفا مشمعا من قبل أمين الصندوق الرئيس لوكالة الشراقة أكلي يوسف ليحمله إلى المتهم شاشوة على متن سيارة تابعة للمصلحة، حيث استفسرته القاضي آنذاك عن طبيعة مهمته التي تقتضي حماية الأشخاص والممتلكات لا جلب الأموال في الأكياس ليعتبر أنه كان ينفذ الأوامر، مشيرا إلى أنه كان يعتقد أن ما يقوم به شيء عادي ولم يشك يوما في طبيعة مهمته.
ونفس الشيء بالنسبة إلى المتهم رضا عبد الوهاب الذي كان مكلفا بحراسة بيت الخليفة وعمل عنده بعد تقاعده من الجيش، وساهم في المهمات الخاصة بإخراج الأموال من وكالة الخزينة الرئيسية.

شاشوة عبد الحفيظ: نفذت تعليمات خليفة
اعترف المتهم شاشوة عبد الحفيظ، الذي كان مفتش شرطة سابقا والمدير العام للوقاية والأمن بمجمع الخليفة، بأنه أنشأ مديرية عامة للوقاية والأمن ونقل الأشخاص في الشراقة بمحاذاة المديرية العامة لبنك الخليفة من دون الحصول على رخصة من وزارة الداخلية آنذاك، وكشف في السياق أن "الغولدن بوي" هو الذي طلب منه إنشاء المديرية وعدم انتظار رخصة وزارة الداخلية على أساس أن الأمن الداخلي لا يتطلب ترخيصا، وقال إنه قام بتوظيف الإطارات المتقاعدين الذين سبق أن اشتغلوا في الشرطة ولديهم خبرة في مجال الأمن، حيث وصل عدد الموظفين 900 عون على المستوى الوطني، وقال إن الخليفة بصفته الرئيس المدير العام كان يتصل به ليطلب منه جلب الأموال وبدوره يقوم بإرسال أعوان الأمن عند أكلي يوسف لغرض ذلك، والاتصال يكون عن طريق جهاز "طالكي والكي" الذي يملك الخليفة واحدا منه والمتهم واحدا آخر، حيث كانت عبارة عن محطة إرسال أطلق عليها اسم "محطة الخليفة" وتم ترميزها برموز.
وكشف استجواب المتهم شاشوة عن مشروع فيلم وثائقي عن "إمبراطورية الخليفة" بقيمة 6 ملايير سنتيم، وهو المشروع الذي تباحثه الخليفة مع الممثل "دبارديو" بحضور الوزير ولد عباس، حيث تم دفع تسبيق بقيمة 385 ألف دولار في بنك سانتا مونيكا بلوس أنجلس، على أن يتم دفع باقي المبلغ 771 ألف دولار لاحقا، وهذا حسب الوثيقة التي عثر عليها عند المتهم شاشوة، الذي قال في تفسيره لذلك إن مومن نسيها عنده.

الاستحمام والتدليك في "طالاسو تيرابي" بأموال الدولة
ومن بين التصريحات المثيرة التي كشف عنها المتهم "ع. جمال"، المدير العام لوكالة الخليفة بالحراش، والتي سجلت بها ثغرة مالية تقدر بنحو 44 مليار سنتيم، هو أنه كان يسلم الملايير في أكياس إلى الأشخاص الذين يرسلهم إليه عبد المؤمن خليفة، واعترف أنه كان يوزع بطاقات مركز العلاج بمياه البحر "طالاسو تيرابي" بسيدي فرج بالمجان لفائدة مديرين ومسؤولين بالمؤسسات العمومية، وهي المزايا التي تحصل عليها كبار المسؤولين في 39 مؤسسة عمومية مقابل إيداع أموال الدولة في وكالات الخليفة البنكية، لينهبها هو كما يريد وفي الوقت الذي يشاء.
ومن بين المزايا التي تحصل عليها المسؤولون في المؤسسات العمومية هي الرحلات المجانية على متن "الخليفة للطيران"، وهي التصريحات التي إن دلت على شيء فإنما تدل على أن المسؤولين بددوا أموال الجزائريين مقابل بطاقات "طالاسو" وكذا "رحلات مجانية".

"خليفة بنك" لم تكن تملك فرعا في فرنسا
وكشف المتهم "س. حسين"، مدير وكالة المذابح بحسين داي، أنه لا يوجد أي فرع لبنك الخليفة بباريس، وإنما هو مجرد حساب بنكي لعبد المؤمن خليفة ببنك "سان باولو" كانت تحول أموال الزبائن نحوه، وأكد أن تحويل أكثر من 600 ألف أورو من فرنسا إلى الجزائر كان "صوريا" ولم يتم ذلك فعليا، كما شرح أنه لم يكن بمقدوره معارضة تعليمات الرئيس المدير العام مؤمن، الذي سبق أن وجه مراسلات إلى الوكالة التي يشتغل بها يطالبه بتطبيق الأوامر المتعلقة بتحويل الأموال إلى الخزينة الرئيسية.

عقارات وحسابات بنكية لعميد شرطة
وأظهرت محاكمة المتهم "ع. ف" سنة 2007 رئيس مدرسة الشرطة للإناث بعين البنيان الكثير من الحقائق حول طريقة تبديد المال العام، حيث تحصل هذا الأخير على مزايا وهدايا قيمة تمثلت في عدة شقق وفيلات وكذا حسابات بنكية بالخارج مقابل إيداع أموال تعاضدية الأمن الوطني في بنك الخليفة، كما اتهم باستغلال نفوذه في سلك الشرطة للحصول على عدة مزايا وخدمات، كما راسل الشرطة الفرنسية ووزارة الداخلية للحصول على الإقامة، وكان طرفا في عدة اتفاقيات لتحويل أموال من بنك "سان باولو" إلى الخليفة بالعملة الصعبة.

سحب الأموال من حسابات الزبائن لتودع في حسابات أخرى
ويتجلى من خلال الاعترافات السابقة للمتهم "م. عمر"، مدير وكالة الشراقة أن الأموال كانت تسحب من الحسابات الشخصية للزبائن لتودع في حسابات زبائن آخرين، حيث إن العديد منهم اكتشف الأمر بعد ملاحظتهم لانخفاض أموالهم تارة وارتفاعها تارة أخرى دون إخطارهم، وهو ما جعلهم يودعون 16 شكوى قضائية ضد وكالة الشراقة، كما أكد المتهم "م. الطاهر" أول مدير لوكالة بنك الخليفة بالشراقة أن الثغرة المالية التي خلفتها عمليات تمويل الفرق الرياضية تقدر بنحو 50 مليار سنتيم ، كانت تسحب من أموال الزبائن بالوكالة.
وما يمكن استقاؤه من هذه التصريحات أن المتهمين وضعوا كامل اللوم والحق على الرئيس المدير العام عبد المؤمن خليفة باعتباره الآمر الناهي في المجمع، فهل سيتمسكون بنفس هذه التصريحات في مواجهتهم للغولدن بوي أمام محكمة الجنايات شهر ماي المقبل، أم سيكون هناك حديث آخر مع حضور المتهم الرئيسي.