فوضى الإفتاء تخلط الحلال والحرام على الجزائريين!
05-03-2015, 09:05 PM

صراع المؤسسات الدينية في الجزائر، وغياب مفتي الإجماع، تسبب في فوضى الإفتاء التي أخلطت الحلال والحرام على الجزائريين، الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة فتاوى متناقضة، على غرار سكنات عدل، التي أجازتها وزارة الشؤون الدينية، وحرمها علماء ينتمون إلى المجلس العلمي، وهو ما حدث أيضا مع قروض أونساج، التي أباحها المجلس الإسلامي الأعلى وحرمها أعضاء من نفس المجلس، وهو ما تكرر مرارا مع العديد من الفتاوى التي اختلف فيها كل من جمعية العلماء ووزارة الشؤون الديني،ة والمجلس الإسلامي الأعلى، ما دفع المواطنين إلى الإستفتاء من القنوات الدينية، حيث يسألون عن الميراث من السعودية والطلاق من مصر...!

200 قناة دينية تغسل عقول الجزائريين .. وداعش تهدد الشباب من الفضائيات

فشل "مفتي الجمهورية" يحول الجزائر إلى بلد المليون مفت

فشل مشروع مفتي الجمهورية الذي أعلن عنه الرئيس سنة 2006، وتأجيل مشروع مفت في كل ولاية، الذي اقترحته الوزارة سنة 2008، وبعثته سنة 2015، ساهم في تضارب الفتاوى بين المؤسسات الدينية في الجزائر، حيث تختصر كل مؤسسة شرعية الإفتاء لعلمائها، ما ساهم حسب المختصين في استشراء فوضى الإفتاء، وتفشي ظاهرة الفتاوى المستوردة، وظهور "موضة" المفتين الجدد، الذين خرجوا للمواطنين من خلال القنوات الخاصة بفتاوى شاذة التي صنعت الجدل في الشارع.

بعدما أجازت وزارة الشؤون الدينية سكنات عدل، ورفعت الشبهة عنها من خلال الاجتماع الأخير للمجلس العلمي، تفاجأ المواطنون بفتاوى أخرى تحرم سكنات عدل، وذلك في وثيقة تبرأت من فتوى وزارة الشؤون الدينية، ووصفتها بالفتوى الموجهة، والغريب في الأمر أن صاحب الفتوى المناقضة لفتوى الوزارة، هو نائب رئيس المجلس العلمي، علي عية، الذي خاطب الشعب الجزائري قائلا "أنا وعدد معتبر من العلماء، نتبرأ من الصيغة الحالية لسكنات عدل، باعتبارها تحمل قروضا ربوية.." . وهذا ما صنع جدلا وانقساما في الشارع، وأخلط الأوراق بين المواطنين بسبب تناقض الفتوى..

هذه ليست المرة الأولى التي تختلف فيها المؤسسات الدينية في الجزائر حول الفتاوى التي تهم الرأي العام، والمشكل أن الانقسام في الرأي، يبدأ من أعضاء مجالس الإفتاء، وهذا ما حدث مع في المجلس الإسلامي الأعلى، حيث أجاز رئيس مجلس الإفتاء، الشيخ محمد الشريف قاهر، قروض الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب "أونساج"، قائلا: "لو تقفينا آثار الربا لحرمنا على أنفسنا الأكل والملبس ورواتبنا.. إننا نبارك خطوة الحكومة بنزع الفوائد الروبية، ونبارك قرارها، ونقول للشباب إن القروض حلال ولا غبار عليها .."

هذه الفتوى قابلها استهجان من العلماء والمشايخ، في مقدمتهم عضو مجلس الإفتاء التابع للمجلس الإسلامي الأعلى، مأمون القاسمي، الذي أكد إقدام الحكومة على التكفل بدفع فوائد أونساج يبقيها "صيغة ربوية محرمة"، وهو ما ذهب إليه أيضا العديد من المفتين، على غرار الشيخ فركوس.. ما جعل المواطنين يقابلون التناقض في الفتوى باستهجان كبير، وهذا ما تسبب في زعزعة مصداقية الفتوى الصادرة عن المؤسسات الدينية في الجزائر، ودفعت المواطنين إلى الاعتماد على الفتاوى الإلكترونية والتلفزيونية.



نائب رئيس المجلس العلمي .. الشيخ علي عية:

هذه قصتي مع تحريم سكنات عدل .. وفتوى الوزارة باطلة

كشف نائب رئيس المجلس العلمي بوزارة الشؤون الدينية، وإمام المسجد الكبير، علي عية، أنه عارض فتوى المجلس العلمي الأخير،ة رفقة الكثير من العلماء، بخصوص جواز سكنات عدل، باعتبارها فتوى موجهة لصالح جهة معينة، تم الإعداد لها سلفا، دون استشارة العلماء وأعضاء المجلس.

وبيّن المتحدث أن وكالة "عدل" تفرض على المتأخرين في الدفع ولو بيوم واحد، غرامات إضافية، وصفها المتحدث بالربوية، وهذا ما يجعلها صيغة محرمة، مؤكدا أنه اقترح على الوزارة ضرورة تعديل هذا الإجراء، لتتوافق السكنات مع الشريعة الإسلامية، غير أن الوزارة لم تأخذ رأي العلماء بعين الاعتبار، وأعدت الفتوى بما يناسبها، بالرغم من تضمنها مخالفات شرعية خطيرة.

وقال علي عية إنه لا يمكن حمل الجزائريين على التقيد بمفت واحد في عصر الفضائيات والمواقع الإلكترونية، وتعدد المذاهب. وما ساهم في فوضى الإفتاء في الجزائر -حسب المتحدث- هو غياب مرجعيات دينية يلجأ إليها الناس عند الاستفتاء، مقابل اعتماد القنوات الدينية على مفتين لا يملكون من العلم والفقه ما يؤهلهم للفتوى، وهذا ما ساهم في تفشي العديد من الفتاوى الشاذة التيتجيز القروض الربوية.



رئيس المجلس الوطني للأئمة .. جمال غول:

لا يوجد تخصص في الجامعات الجزائرية لإعداد "المفتي"

أكد رئيس المجلس الوطني للأئمة، جمال غول، أن الجزائر تشهد فوضى غير مسبوقة في مجال الإفتاء، حيث تحولت إلى بلد المليون مفت، ناهيك عن انتشار ظاهرة الفتاوى المستوردة من الخارج، حيث يسأل الجزائريون عن الميراث في السعودية، والطلاق في مصر، في ظل غياب مرجعيات وطنية للإفتاء.

واستغرب المتحدث أسباب تأجيل مشروع مفتي الجمهورية منذ سنة 2006، ومفت في كل ولاية منذ سنة 2008، ما جعل الجزائريين يستوردون فتاويهم من قنوات دينية ومذهبية، شوهت على المواطنين دينهم ومعتقداتهم.

وكشف المتحدث عن عدم وجود تخصصات دينية في الجامعة الجزائرية لتكوين الإمام المفتي، حيث تخصص الجامعات الإسلامية في مختلف الدول تخصصات خاصة للأئمة الذين يشرفون على الفتوى، حيث يدرسون مقررات تفصل في كل الجوانب المتعلقة بالفتوى، متسائلا عن المقاييس التي ستعتمدها وزارة الشؤون الدينية في تنصيب المشرفين على الفتوى في الولايات.

وقال جمال غول إن المساجد الجزائرية تشهد فوضى في الإفتاء، حيث يفتي كل إمام حسب معتقداته ومذهبه، وهذا ما يجعل المواطنين ضحايا فتاوى مذهبية، ما يتطلب من الوزارة الإسراع في استحداث هيئة وطنية للإفتاء، تكون مرجعية لجميع الجزائريين.

وقال إنه لا يجوز حمل الجزائريين على مذهب واحد، وهو المذهب المالكي، حيث تخالف الوزارة هذا المذهب في العديد من المسائل، على غرار زكاة الفطر التي توجبها الوزارة نقدا، ويوجبها الإمام مالك قوتا.



أكد أنه سيترأس المجلس العلمي للوزارة

محمد عيسى يستحوذ على مشروع مفتي الجمهورية

أكد وزير الشؤرون الدينية، محمد عيسى، أن مفتي الجمهورية سينبثق من المجلس العلمي للوزارة، وسيكلف برئاسة هيئة الإفتاء، محددا شروطه، بتوفر الرجاحة الفقهية والصحة العقلية والنفسية والجسدية، وأن يحظى بالقبول وسط المجتمع، والتزكية من أهل العلم، وأن يبلغ سنه 40 سنة فما فوق.

وأعلن المجلس العلمي لوزارة الشؤون الدينية في آخر اجتماع له، عن تعويض اسمه بـ"هيئة الإفتاء"، كهيئة وطنية شرعية للإفتاء في الجزائر، يسند إليها مهمة الفتوى في القضايا الحساسة التي تهم الأمة، وحدد مقرها بجامع الجزائر، يكون هدفها مواجهة فوضى الإفتاء وتوحيد الفتوى وحماية المرجعية الدينية الوطنية، مع تمثيل الجزائر في المجامع الفقهية العالمية، وتتكون الهئية من المجالس العلمية والأئمة المفتين في الولايات والأساتذة الجامعيين ذوي الاختصاص، شريطة أن تتوفر في الأعضاء النزاهة والصدق والوسطية والاعتدال والتقيد بالمرجعية الوطنية.



الشيخ محمد شريف قاهر مفتي المجلس الإسلامي الأعلى

الجزائريون لا يثقون في علمائهم والفتاوى المستوردة دمرت الجزائر

أكد محمد شريف قاهر رئيس مجلس الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى، أن فوضى الإفتاء التي تشهدها الجزائر، منذ سنوات، سببها استقالة الدولة من مهمتها في بناء مرجعية وطنية للإفتاء، وإنشاء هيئة وطنية للإفتاء، متأسفا عن عدم تجسيد مشروع مفتي الجمهورية بعد سنوات من إعلانه.

وأضاف الشيخ قاهر أن الجزائريين لا يثقون في علمائهم، حيث يسارعون الى استفتاء مشايخ "مجهولين" من بلدان أجنبية، ما ساهم في تفشي ظاهرة الفتاوى المستوردة التي خربت عقول المواطنين، بتفشي الفتوى الجهادية والتكفيرية، وإباحة دماء الجزائريين، مؤكدا أن المفتي يجب أن يكون على علم تام بظروف ومعتقدات وأعراف المستفتي، وهذا ما يجعل الفتاوى الصادرة من القنوات الأجنبية باطلة.

وقال المتحدث إن الإعلام الجزائري فشل في الترويج للعلماء الحقيقيين، واكتفى بالتشهير لمفتين أساؤوا للدين وللفتوى، مؤكدا أن الجزائر تحتوي على علماء موسوعيين كبار، يملكون من العلم والفقه ما يضاهي مستوى الكثير من العلماء في البلدان العربية والإسلامية.

وقال مفتي المجلس الإسلامي الأعلى، إن الإفتاء في الجزائر يجب أن يراعي اختلاف مذاهب الناس، حيث تحتوي الجزائر حاليا على ثلاثة مذاهب، وهي المالكية والحنفية والإباضية، وهذا ما يتطلب على الدولة مراعاة اختلاف المذاهب في الفتاوى الرسمية.



انتقد أداء المجلس العلمي.. الدكتور قسوم:

فوضى الإفتاء سببها صراع المؤسسات الدينية

انتقد الدكتور عبد الرزاق قسوم رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، تهميش علماء الجمعية من الفتاوى المصيرية للأمة، مستغربا عدم استدعاء أعضاء عن الجمعية في المجلس العلمي في الفتاوى الأخيرة.

وأضاف أن جمعية العلماء الجزائريين، كانت المرجع الوحيد للفتوى منذ تأسيسها، إبان الفترة الاستعمارية، وتخرج منها علماء كبار، مستغربا إقصاءها من الفتوى الرسمية، ما تسبب - حسب قسوم- في انتشار فوضى الإفتاء في الجزائر، بسبب ضعف الثقافة الدينية والاجتماعية للكثير من المفتين الذين يخرجون للناس من خلال القنوات الفضائية.

وأردف المتحدث قائلا إن فوضى المؤسسات الدينية في الجزائر، على غرار المجلس الإسلامي الأعلى، ووزارة الشؤون الدينية، وجمعية العلماء، تسببت في تصادم الفتاوى، وضعف أداء المرجعيات الدينية.

وأضاف قسوم أن انقسام الهيئة الدينية في الجزائر إلى نقابات للأئمة، ساهم في ابتعادها عن دورها الحقيقي، في توعية المواطنين وتنويرهم بالتعاليم الدينية الصحيحة.