خلفيات تراجع الوالي عن قرار توقيف رئيس بلدية غرداية
17-09-2018, 05:59 AM






تراجع والي ولاية غرداية عز الدين مشري عن قرار توقيف رئيس بلدية عاصمة الولاية تحفظيا لمدة أسبوعين، والذي أثار جدلا كبيرا في الشارع المحلي، إذ عبر المواطنون بتضامنهم الشعبي الواسع مع رئيس البلدية عمر فخار، والذي زاول مهامه بصفة عادية، وترأس جلسة رسمية نهاية الأسبوع الفارط.
جاء قرار توقيف رئيس بلدية غرداية تحفظيا من طرف والي الولاية على خلفية وقوفه على مظاهر شوّهت المنظر العام للبلدية مثل تراكم القمامات في الكثير من الأحياء السكنية، وعدم تهيئة عدد من المدارس الابتدائية، ما أعاق الدخول المدرسي.
وأوضح ذات المسؤول خلال نزوله ضيفا على برنامج “فوروم الإذاعة” لإذاعة غرداية المحلية أنه لم يطرد رئيس البلدية من الاجتماع الرسمي، بل خرج بشكل محترم من القاعة، منزعجا مما قدم له من ملاحظات، كما أكد الوالي للرأي العام أنه لا مجال للتعاطف مع من تخلى عن مهامه، ومن حقه فرض العقاب على المسؤولين المحليين، قائلا: “إن رئيس البلدية له قبعتان؛ واحدة يمثل بها الشعب، والثانية يمثل بها الإدارة المحلية”، ولكنه بالمقابل، وبعد جلسة مع مجلس أعيان غرداية سحب الوالي قراره، لما أثاره من جدل في الأوساط العامة.
وعن قراءة قرار الوالي المتعلق بتوقيف رئيس البلدية تحفظيا لأسبوعين من الناحية القانونية، أوضح الأستاذ الجامعي بقسم العلوم السياسية لجامعة غرداية الدكتور جيدور حاج بشير لـ “الشروق” أنّ قانون البلدية لا يبيح للوالي توقيف المنتخب، إلا في حالات عددها على سبيل الحصر، وليست يده مطلقة لممارسة فعل التوقيف بشكل لا يضبطه التشريع، قائلا “نحن نتكلم على سبيل التحديد في مسألة التوقيف”. يضيف الدكتور جيدور فالوالي مرتبط فقط بمسألة المتابعة القضائية أو الغياب غير المبرر، حتى يلجأ لتفعيل إجراءات التوقيف أو العزل.
أما بخصوص عدم تطبيق رئيس البلدية لما يوكل إليه، فإن الوالي يتوقف حده عند الإعذار، فلا توجد أي إشارة من المشرّع في المادتين 100 و101 لكلمة التوقيف، ولا حتى “التوقيف التحفظي”!!، فمن أين للوالي أن يمارس فعل التوقيف؟، علما أن المواد 100 و101 و102 تقع تحت عنوان واضح وهو (حلول الوالي)، أي ما يمكنه أن يمارسه مكان رئيس البلدية، ولا يوجد فيه إشارة إلى التوقيف أو العزل، لكن إذا اتخذ الوالي قرارا بالتوقيت، فإنه حتما لن يكون خاضعا لأحكام المواد المشار إليها، بل هو قرار إداري يمكن لرئيس البلدية الاعتراض عليه قضائيا أو إداريا، ذلك أن الوالي لا يملك سلطة التوقيف قانونا إلا بالرجوع إلى المادة 43 من قانون البلدية، والتي تشير إلى ثلاث حالات تحديدا، يمكنه أن يوقف المنتخب للمساس بالمال العام، أو القيام بالجرائم المتعلقة بالآداب والشرف، أو المتابعة القضائية.
ومن جهته، أكد نائب رئيس بلدية سابق الشيخ بالحاج نصر الدين على أن مثل هذه التصرفات والإجراءات التي أقدم عليها الوالي، إن ثبتت قانونيا، ستعود بأثر سلبي على المواطن، حتى وإن تم تدارك الوضع، فمسألة الثقة والانسجام عملة نادرة، مشيرا إلى وضعية بلدية غرداية، أنه من المفيد جدا أن نجد الاحتكام للمجتمع المدني والحركة الجمعوية، راجيا أن يسري على مختلف القطاعات. فأحياء بلدية غرداية عرفت انقطاعات في المياه خلال هذا الصيف، وتذبذبا في التزوّد بالكهرباء في عزّ الحر، ولم نسمع فيها بأي إجراء فعلي يحد من تكرارها، ويعود على المواطن بالفائدة، بتلقيه الخدمة المطلوبة.
فمسؤولية المجلس الشعبي البلدي، من خلال رئيسه، تكاد تمس جميع القطاعات والمجالات، لكن بالمقابل، سلطة المجلس جد محدودة، بالمقارنة مع الاعتمادات المالية الممنوحة للبلديات، وآلية سير الصفقات العمومية. وتبقى علاقة المجلس الشعبي البلدي، مع مختلف الإدارات والشركاء في الميدان، بحاجة إلى كثير من الاحترافية لتسيير الشأن العام.
ويتساءل الكثير من المواطنين عن مدى تحسن علاقة والي الولاية برئيس بلدية غرداية، بعد التراجع عن هذا القرار، الذي لم يدم 24 ساعة، أم أن الطرفين سيظلان في تجاذبات، خاصة وأن الوالي كشف للرأي العام تفاصيل الموضوع عبر الإذاعة المحلية، دون الاستماع للطرف الآخر، ما يشكل عائقا في السير الحسن للبلدية.