تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
منتديات الشروق أونلاين > المنتدى الحضاري > منتدى الدراسات الإسلامية

> عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم

 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
محمد تلمساني
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-07-2009
  • المشاركات : 2,226
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد تلمساني will become famous soon enough
محمد تلمساني
شروقي
عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم
08-08-2012, 11:55 PM

_عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم رضي الله عنهم.


الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وعلى اله وصحبه اما بعد

ما دفعني الى جمع هذا البحث وتقديمه_ لعل الله ينفع به _

ما نراه اليوم من بعض المنافقين والضالين من طعن وقدح وكذب وافتراء على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم باكاذيب و كلمات ما أنزل الله بها من سلطان في حق الصحابة و ما شجر بينهم، متذرِّعين بشُبُهاتٍ يتشبَّثون بها، و رواياتٍ ضعيفةٍ موضوعةٍ مكذوبة واهية أوهى من خيوط العنكبوت، يتلقفونها و يلتقطونها من كتب الأدب و التاريخ و قصص السَّمر و الكتب المَنْحُولة و الضَّعيفة التي تنقل ما هب ودب من مثل كتاب الأغاني والعقد الفريد و البيان و التبيين و الإمامة و السياسةالمنسوب لابن قتيبة و نهج البلاغة

وتاريخ اليعقوبي وكتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي الشيعي المعتزلي

وكتب طه حسين من مثل كتابه (الفتنة الكبرى.. علي وبنوه),

والعقاد في العبقريات، وعبد الوهاب النجار في كتابه "الخلفاء الراشدون"

وغيرها من كتب الكذب والتحريف والضلال التي تجمع ولا تنقح ولا تتثبت بل همها النقل اما لضعف في العلم الشرعي

واما لحقد وغل على الاسلام وعلى الصحابة رضي الله عنهم _ لانهم هم الذين نقلو لنا هذا الدين _

فلا يهم هؤلاء الطاعنين التثبت وانما همهم الطعن والنيل من الصحابة رضي الله عنهم

فيطير الملحدون والمنحرفون بتلك الاكاذيب في الآفاق كشيطان العقبة.

وانا ذاكرون باذن الله من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واثار وكلام السلف ما تطمئن به قلوب المؤمنين ويزداد المؤمن به ثباتا على الحق ويهدي باذن الله طالب الحق الى صراط مستقيم

ويرد كيد المبطلين وكذب المفترين وجهل الجاهلين ويغيظ به قلوب المنافقين

_تعْرِيفُ الصَّحَابِيِّ:
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر (ت:852هـ): [وَأَصَحّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِك أَنَّ الصَّحَابِيّ: مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنَاً بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ.
فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ أَوْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَرْو، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ أَوْ لَمْ يَغْز، ومَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ لَمْ يُجَالِسهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ كَالْعَمَى]([الإصابة في تمييز الصحابة (1/4-دار الكتب العلمية).]).

_تَعْرِيفُ الْعَدْلِ:
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر: [والْمُرَادُ بِالْعَدْلِ: مَنْ لَهُ مَلَكَةٌ تَحْمِلُهُ عَلَى مُلازَمَةِ التَّقوى والْمُرُوءةِ.
والْمُرَادُ بِالتَّقوى: اجْتِنَابُ الأعمالِ السّيئة مِنْ شِركٍ أَوْ فِسقٍ أوْ بِدعةٍ]([نُزْهَة النَّظَر في توضيح نُخْبَة الفِكَر (ص58).]).


_عقيدة اهل السنة والجماعة في الصحابة

ملخص عقيدة أهل السّنّة والجماعة في الصحابة رضي الله عنهم

قال الشيخ عبد المحسن
ومذهب أهل السّنّة والجماعة فيهم وسط بين طرفي الإفراط والتفريط، وسط بين المُفْرطين الغالين الذين يرفعون من يُعَظَّمون منهم إلى ما لا يليق إلَّا بالله أو برسله، وبين المُفرِّطين الجافين الذين ينتقصونهم ويسبونهم؛ فهم وسط بين الغلاة والجفاة؛ يحبون الصحابة جميعاً وينزلونهم منازلهم التي يستحقونها بالعدل والإنصاف، فلا يرفعونهم إلى ما لا يستحقون، ولا يقصرون بهم عما يليق بهم؛ فألسنتهم رطبة بذكرهم بالجميل اللائق بهم، وقلوبهم عامرة بحبهم.

وما صح فيما جرى بينهم من خلاف فهم فيه مجتهدون، إما مصيبون ولهم أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإما مخطئون ولهم أجر الاجتهاد وخطؤهم مغفور، وليسوا معصومين، بل هم بشر يصيبون ويخطئون، ولكن ما أكثر صوابهم بالنسبة لصواب غيرهم، وما أقل خطأهم إذا نسب إلى خطأ غيرهم ولهم من الله المغفرة والرضوان.

وكتب أهل السّنّة مملوءة ببيان هذه العقيدة الصافية النقية في حق هؤلاء الصفوة المختارة من البشر لصحبة خير البشر صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين)

منشور في المجلد الرابع من «كتب ورسائل عبد المحسن بن حمد العباد البدر» حفظه الله

وعدالة الصحابة عند أهل السنة من مسائل العقيدة القطعية ، أو مما هو معلوم من الدين بالضرورة

واعتقاد عدالةِ الصحابة وفضلهم هو مذهبُ أهلِ السنة والجماعة ، وذلك لما أثنى اللهُ تعالى عليهم في كتابه ، ونطقت به السنَّةُ النبويةُ في مدحهم ، وتواتر هذه النصوص في كثير من السياقات مما يدل دلالة واضحة على أن الله تعالى حباهم من الفضائل ، وخصهم من كريم الخصال ، ما نالوا به ذلك الشرف العالي ، وتلك المنزلة الرفيعة عنده ؛ وكما أن الله تعالى يختار لرسالته المحل اللائق بها من قلوب عباده ، فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة ، ويليق لهذه الكرامة ؛ كما قال تعالى : ( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) الأنعام/ 124 .

قال ابن القيم رحمه الله : " فالله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا وميراثا ؛ فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة ، وتعظيم المرسل والقيام بحقه ، والصبر على أوامره والشكر لنعمه ، والتقرب إليه ، ومن لا يصلح لذلك ، وكذلك هو سبحانه أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله والقيام بخلافتهم ، وحمل ما بلغوه عن ربهم " طريق الهجرتين ، ص (171) .

يقول الخطيب البغدادي رحمه الله في "الكفاية" (49) :

" على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطعَ على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى .

ولو ذهبنا نسرد مواقفهم التي نصروا فيها الدين ، وأعمالهم التي استحقوا بها الرفعة والمنزلة العالية ، لما كفتنا المجلدات الطوال ، فقد كانت حياتهم كلها في سبيل الله تعالى ، وأي قرطاس يسع حياة المئات من الصحابة الذين ملؤوا الدنيا بالخير والصلاح .

يقول ابن مسعود رضي الله عنه :
" إن الله نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه ، فابتعثه برسالته ، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد ، فجعلهم وزراء نبيه ، يقاتلون على دينه ، فما رأى المسلمون حسنا فهو عند الله حسن ، وما رأوا سيئا فهو عند الله سيئ " انتهى

رواه أحمد في "المسند" (1/379) وقال المحققون : إسناده حسن .

قال الطحاوي – في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة - :

(ونحب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، ولا نفرط في حب أحد منهم ، ولا نتبرأ من أحد منهم ، ونبغض من يبغضهم ، وبغير الخير يذكرهم ، ولا نذكرهم إلا بخير ، وحبهم دين وإيمان وإحسان ، وبغضهم كفر ونفاق وطغيان .)

وقال ابن أبي زيد القيرواني المالكي في مقدمة رسالته المشهورة وهو يبين عقيدة أهل السنة: «وأن خير القرون الذين رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الصحابة الخلفاء الراشدون المهديون أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم عليّ رضي الله عنهم أجمعين، وأن لا يُذكر أحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلَّا بأحسن ذكر، والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب».

وقال الإمام أحمد بن حنبل في كتاب السنة: «ومن السّنّة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين والكف عن الذي جرى بينهم، فمَن سبّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو واحداً منهم فهو مبتدع رافضي، حبهم سنّة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة».
وقال: «لا يجوز لأحد أن يذكر شيئاً من مساويهم، ولا يطعن على أحد منهم؛ فمن فعل ذلك فقد وجب على السلطان تأديبه وعقوبته، وليس له أن يعفو عنه، بل يعاقبه ثم يستتيبه فإن تاب قبل منه، وإن لم يتب أعاد عليه العقوبة، وخلده في الحبس حتى يتوب ويراجع».

وقال الإمام أبو عثمان الصابوني في كتاب عقيدة السلف وأصحاب الحديث: «ويرون الكف عما شجر بين أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير الألسنة عن ذكر ما يتضمن عيباً لهم أو نقصاً فيهم، ويرون الترحم على جميعهم والموالاة لكافتهم».

_خطورة الطعن في الصحابة رضي الله عنهم

و من أصول أهل السنة و الجماعة سلامة قلوبهم و ألسنتهم لأصحاب رسول الله كما وصفهم الله به في قوله تعالى: (و َالَّذِينَ جَاءُو مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَ لِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَ لا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُو رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيم)
و يقبلون ما جاء به الكتاب و السنة و الإجماع من فضائلهم و مراتبهم.

ولاشك أن من الخذلان الكبير وعدم التوفيق من الله تعالى للعبد أن يجعل من نهجه وسعيه الوقوع في صحابة خير الخلق صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي عنهم أو الخوض فيما وقع بينهم بدلاً من أن يشغل عمره بما ينفعه في أمر دينه ودنياه

وليس هناك أي وجه لأحدٍ أن يسب أو يبغض صحابة النبي صلى الله عليه وسلم ، ففضائلهم كثيرة متعددة ، فهم الذين نصروا الدين ونشروه ، وهم الذين قاتلوا المشركين ، وهم الذين نقلوا القرآن والسنَّة والأحكام ، وقد بذلوا أنفسهم ودماءهم وأموالهم في سبيل الله ، وقد اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلا يسبهم ولا يبغضهم إلا منافق لا يحب الدين ولا يؤمن به

ومما ينبغي التفطن له أنَّ القدح في هؤلاء الصفوة المختارة رضي الله عنهم قدح في الدين؛ لأنه لم يصل إلى من بعدهم إلَّا بواسطتهم، وتقدم في كلام أبي زرعة قوله: «وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسّنّة، والجرح بهم أولى وهم زنادقة» يعني: الذين ينتقصون أحداً من الصحابة.

عن أنس بن مالك t أن رسول الله r قال: «من سَبَّ أصحابي، فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمَعين. لا يَقبَلِ الله مِنهُ صَرْفاً و لا عَدْلا»[الحديث صحيح بشواهده. العدل: الفرائض، و الصرف: التطوع. راجع سلسلة الأحاديث الصحيحة للشيخ محمد ناصر الدين الألباني (5\446) برقم (2340).].

وعن جابر رضي الله عنه قال: قيل لعائشة: إن أناساً يتناولون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حتى أبا بكر وعمر فقالت: «ما تعجبون من هذا؟ انقطع عنهم العمل فأحب الله أن لا ينقطع عنهم الأجر» ذكره ابن الأثير في جامع الأصول.

قال الإمام مالك رحمه الله عن هؤلاء الذين يسبون الصحابة: { إنما هؤلاء اقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في اصحابه، حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحون }. ( رسالة في سب الصحابة، عن الصارم المسلول ص580 ).

قال القاضي رحمه الله: (دخل هارون الرشيد المسجد، فركع ثم أتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أتى مجلس مالك فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال مالك: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، ثم قال لمالك: هل لمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في الفيء حق؟ قال: لا ولا كرامة، قال: من أين قلت ذلك؟ قال: قال الله: ((لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ)) [الفتح:29]، فمن عابهم فهو كافر، ولا حق للكافر في الفيء، واحتج مرة أخرى بقوله تعالى: (( لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ)) [ الحشر:8]، قال: فهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين هاجروا معه وأنصاره، (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)) [الحشر:10]، فما عدا هؤلاء فلا حق لهم فيه). [ترتيب المدارك في أعلام مذهب مالك، ج2 ص: 64].

وقال ابن كثير عند قوله سبحانه وتعالى: ((مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ)) [الفتح:29].

قال: «ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه في رواية عنه بتكفير الروافض الذين يبغضون الصحابة رضي الله عنهم قال: لأنهم يغيظونهم، ومن غاظه الصحابة رضي الله عنهم فهو كافر لهذه الآية، ووافقه طائفة من العلماء رضي الله عنهم على ذلك»( تفسير ابن كثير (4/219))

قال القرطبي: «لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله، فمن نقص واحدًا منهم أو طعن عليه في روايته، فقد ردّ على الله ربّ العالمين وأبطل شرائع المسلمين»( تفسير القرطبي (16/297)).

وقال الإمام أحمد رحمه الله: { إذا رأيت رجلا يذكر أحدا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام }. ( البداية والنهاية 8 / 142، وأنظر المسائل والرسائل المروية عن أحمد في العقيدة الأحمدية للأحمدي 2 / 363، 364 ).

وقال الإمام أحمد رحمه الله : (( لا يجوز لأحد أن يذكر شيئا من مساوئهم ، ولا يطعن على أحد منهم بعيب ولا بنقص ، فمن فعل ذلك وجب على السلطان تأديبه وعقوبته ، ليس له أن يعفو عنه ، بل يعاقبه ويستتيبه ، فإن تاب قبل منه ، وإن ثبت عاد عليه بالعقوبة ، وخلده الحبس ختى يموت أو يرجع )) . ( طبقات الحنابلة 1 /24 ، والصارم المسلول 568 ) .

و قال بشر بن الحارث: «من شتم أصحاب رسول الله r فهو كافرٌ، و إن صام و صلّى و زعم أنه من المسلمين»([الشرح والإبانة للإمام ابن بطة ص (162).]).

و قال الإمام السّرَخْسي (و هو من كبار أئمة الأحناف) في أصوله عن الصحابة: «فمن طعن فيهم فهو ملحد منابذ للإسلام دواؤه السيف إن لم يتب»[2/134).].

و قال إمام الشام الأوزاعي (و هو من كبار التابعين): «من شتم أبا بكر الصديق فقد ارتد عن دينه و أباح دمه»([ الشرح والإبانة ص (161).]).

وقال أبو زرعة الرازي رحمه الله: { فإذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلم انه زنديق، وذلك ان الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسنة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرح بهم اولى وهم زنادقة }. ( الكفاية للخطيب البغدادي 97 ).

وقال الإمام أبو نعيم رحمه الله: { فلا يتتبع هفوات أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وزللهم ويحفظ عليهم ما يكون منهم حال الغضب والموجدة إلا مفتون القلب في دينه }. ( الإمامة لأبي نعيم 344 ).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وذلك أن أول هذه الأمة هم الذين قاموا بالدين تصديقا، وعلما، وعملا، وتبليغا، فالطعن فيهم طعن في الدين، موجب للإعراض عما بعث الله به النبين، وهذا كان مقصود أول من أظهر بدعة التشيع، فإنما كان قصده الصد عن سبيل الله، وإبطال ما جاءت به الرسل عن الله، ولهذا كانوا يظهرون ذلك بحسب ضعف الملة، فظهر في الملاحدة حقيقة هذه البدع المضلة...) [منهاج السنة (1 /18) ].

قال الإمام الذهبي مبيناً حكم الطاعن في الصحابة والساب لهم: "فمن طعن فيهم أو سبهم فقد خرج من الدين ومرق من ملة المسلمين لأن الطعن لا يكون إلا عن اعتقاد مساويهم وإضمار الحقد فيهم وإنكار ما ذكره الله تعالى في كتابه من ثنائه عليهم وما لرسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنائه عليهم وفضائلهم ومناقبهم وحبهم ولأنهم أرضى الوسائل من المأثور والوسائط من المنقول والطعن في الوسائط طعن في الأصل والإزدراء بالناقل ازدراء بالمنقول وهذا ظاهر لمن تدبره وسلم من النفاق ومن الزندقة والألحاد في عقيدته(الكبائر ص/235)

وقال ً القاضي عياض: « من شتم أحداً من أصحاب النبي ? : أبا بكر أو عمر أو عثمان أو علي أو معاوية أو عمرو بن العاص فإن قال : كانوا على ضلال وكفر قتل ، وإن شتمهم بغير هذا من مشاتمة الناس نكل نكالاً شديداً » . « الشفاء في حقوق المصطفى ? » للقاضي عياض (2/267)

وقال أبو محمد بن حزم الظاهري فإنه ذهب إلى أن ساب الصحابة لا بد من تعليمه وتعريفه أولاً بما يجب للصحابة، فإن تمادى بعد ذلك يكون فاسقاً، وأما إذا عاند ما جاء عن الله ورسوله فيهم، فهنا يكون كافراً مشركاً حيث قال: "حكمه ـ أي: ساب الصحابة ـ أن يعلم ويعرف، فإن تمادى فهو فاسق وإن عاند في ذلك الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم فهو كافر مشرك"( الإحكام في أصول الأحكام 1/149)

وقال الشوكاني : " وجانب الصحبة أمر عظيم فمن انتهك أعراض بعضهم فقد وقع في هوة لا ينجوا منها سالما (إرشاد الفحول 70)

_لماذا الطعن في معاوية وبيان كلام السلف في الذب عنه رضي الله عنه


و لعل أول من يطعن به المنافقون هو خال المؤمنين معاوية . و الطاعنون به كثر. و السؤال هنا لم كل الفرق الضالة تصب جام غضبها على خال المؤمنين معاوية ؟
الجواب لأن الطعن في معاوية مفضٍ للطعن في باقي الصحابة. فلا بد من الطعن به لشق الطريق للطعن بالصحابة، و بالتالي للطعن بالدين كله، لأن الصحابة هم القدوة الحسنة لنا و هم الذين نقلو لنا الدين بتعاليمه. فنجد مجرمي هذا الزمان من الشيعة و العلمانيين و المستشرقين و القوميين و الأباضية و الأحباش، كلهم مجمعون على كره هذا الصحابي الجليل. بعضهم يهدف إلى الطعن بباقي الصحابة و بعضهم ليبرر مسلك الحكام المرتدين اليوم. و بعضهم ليطعن بالإسلام و يقول أنه أتى بالطغاة منذ سِنينه الأولى. و هلم جراً.

قال الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله: «معاوية عندنا مِحْنة، فمن رأيناه ينظر إليه شزَراً اتهمناه على القوم»[انظر البداية و النهاية لابن كثير (8/139).]،

يعني الصحابة. وقال الربيع بن نافع الحلبي (241هـ) رحمه الله: «معاوية سترٌ لأصحاب محمد r، فإذا كشف الرجل الستر اجترأ على ما وراءه»[ البداية و النهاية (8/139).].

ومعاوية بن أبي سفيان هو أحد كُتَّاب الوحي بين يديّ النبيّ ، وهو صِهره فهو خال المؤمنين، وأمينه على وحي رب العالمين، وهو أحد الصحابة الطيبين، فكل ما تقدم من فضائل للصحابة فهو داخل معهم فيه ولا ريب، وكلٌّ منهم y له فضائله الخاصة به، وإنما خُصَّ معاويةُ دونهم؛ لأنّه أكثر من تُكُلِّمَ وطُعِنَ فيه من الصحابة، حتى ممن يُحْسَبُونَ على السنة؛ بل وممن يُحْسَبُونَ على علماء السنة، والله المستعان.
ولقد صار العلامة الفارقة بين أهل السنة وأهل البدعة، الستار لأصحاب رسول الله ، فهو كالباب للدار، فمن فتح الباب دخل الدار، ومن تجرَّأَ وتكلم في معاوية فمن السهل عليه التكلم في غيره.

ولقد وردت الكثير من الاحاديث والآثار عن السلف الصالح من علماء الأمة الثقات في مدح الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه نسوق هنا بعضا منها

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في معاوية رضي لله عنه :"اللهم اجعله هاديا مهديا، واهدي به". رواه الترمذي وقال:هذا حديث حسن غريب (3842)،

وقد اعتبر ابن حجر الهيتمي هذا الحديث من غرر فضل معاوية وأظهرها ، ثم قال : ومن جمع الله له بين هاتين المرتبتين كيف يتخيل فيه ما تقوّله المبطلون ووصمه به المعاندون .(تطهير اللسان ص 14).

عن العرباض tقال: سمعت رسول الله r يقول :"اللهم علم معاوية الكتاب والحساب، وقه العذاب".[ابن خزيمة1938، السلسلة الصحيحة 3227]

عن أنس بن مالك : كان رسول الله r يدخل على أم حرام بنت مُلحان؛ فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله r فأطعمته، وجعلت تفلِّي رأسه فنام رسول الله ، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت: فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال:"ناس من أمتي عُرضوا عَليَّ غزاة في سبيل الله، يركبون ثبج هذا البحر، ملوكاً على الأسرة - أو مثل الملوك على الأسرة-" - شك إسحاق - قالت: فقلت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني منهم، فدعا لها رسول الله r، ثم وضع رأسه، ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال:" ناس من أمتي عُرضوا عَليَّ غزاة في سبيل الله". كما قال في الأول. قالت: فقلت: يا رسول الله؛ ادع الله أن يجعلني منهم، قال:"أنت من الأولين". فرَكِبَتْ البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان، فصُرِعَت عن دابتها حين خرجت من البحر؛ فهلكت.[البخاري2789ومسلم 1912]
قال الحافظ ابن حجر :"قال المهلب: في هذا الحديث منقبة لمعاوية؛ لأنّه أول من غزا البحر".[فتح الباري6/145]

ومعاوية كاتب الوحي
عن عبد الله بن عباس ، أن أبا سفيان قال للنبيّ : يا نبي الله ثلاث أَعْطِنِيهِنَّ؟ قال: نعم، قال: عندي أحسن العرب وأجمله؛ أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها؟ قال: نعم، قال: ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك؟ قال: نعم، قال: وتؤمرني حتى أقاتل الكفار، كما كنت أقاتل المسلمين؟ قال: نعم".[مسلم2501]

قال الإمام ابن كثير:"و الصحيح في هذا أن أبا سفيان لما رأى صهر رسول الله r شرفاً أحب أن يزوجه ابنته الأخرى وهي عزة واستعان على ذلك بأختها أم حبيبة كما أخرجا في الصحيحين (البخاري4813ومسلم1449) عن أم حبيبة أنها قالت: يا رسول الله انكح أختي بنت أبي سفيان قال:"أو تحبين ذلك؟" قالت: نعم... الحديث و في صحيح مسلم أنها قالت: يا رسول الله انكح أختي عزة بنت أبي سفيان... الحديث. و على هذا فيصح الحديث الأول و يكون قد وقع الوهم من بعض الرواة في قوله: و عندي أحسن العرب و أجمله أم حبيبة و إنما قال عزة فاشتبه على الراوي أو أنه قال الشيخ يعني ابنته فتوهم السامع أنها أم حبيبة إذ لم يعرف سواها". [الفصول182]

وقال في موضع آخر:"ولكن فيه من المحفوظ تأمير أبي سفيان وتوليته معاويةَ منصب الكتابة بين يديه صلوات الله وسلامه عليه وهذا قدر متفق عليه بين الناس قاطبة".[البداية والنهاية5/372]

وعن عبد الله بن عباس قال: قال رسول الله :"اذهب فادع لي معاوية" - وكان كاتبه - قال: فسعيت فقلت: أجب نبي الله فإنه على حاجة".[المسند1/291]

قال عبد الله بن عمرو :"كان معاوية يكتب لرسول الله ".[سير أعلام النبلاء3/123]

قال عبد الله بن عباس :كنت ألعب مع الغلمان ، فدعاني النبي ، وقال :"ادع لي معاوية" وكان يكتب الوحي".[سير أعلام النبلاء 3/123]

قلت: وقد ذكر جمع من العلماء أن معاوية كان من كتبة الوحي للنبي r منهم: ابن عبد البر في "الاستيعاب"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق"، وابن القيم في "زاد المعاد"، والذهبي في "سير أعلام النبلاء"، وابن الأثير في "أُسْدُ الغابة"، والسيوطي في "تاريخ الخلفاء"، وابن كثير في "الفصول" وفي "البداية والنهاية"، وغيرهم.

وَعَنْ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ:هَلْ لَكَ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مُعَاوِيَةَ؟ فَإِنَّهُ مَا أَوْتَرَ إِلَّا بِوَاحِدَةٍ، قَالَ:أَصَابَ، إِنَّهُ فَقِيهٌ.(رواه البخاري رقم 3765). وعَنْ هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُوْلُ:مَا رَأَيْتُ رَجُلاً كَانَ أَخْلَقَ لِلمُلْكِ مِنْ مُعَاوِيَةَ، كَانَ النَّاسُ يَرِدُوْنَ مِنْهُ عَلَى أَرْجَاءِ وَادٍ رَحْبٍ، لَمْ يَكُنْ بِالضَّيِّقِ، الحَصِرِ، العُصْعُصِ، المُتَغَضِّبِ". رواه عبد الرزاق في المصنف 20985). إسناده صحيح.

لمّا سأل رجلٌ الإمام أحمد بن حنبل: "ما تقول رحمك الله فيمن قال:لا أقول إن معاوية كاتب الوحي، ولا أقول أنه خال المؤمنين، فإنه أخذها بالسَّيف غصْباً؟". قال الإمام أحمد: "هذا قول سوءٍ رديء، يجانبون هؤلاء القوم، و لا يجالسون، و نبيِّن أمرهم للناس". السنة للخلال (2|434). إسناده صحيح.

عن قتادة قال:"لو أصبحتم في مثل عمل معاوية لقال أكثركم هذا المهدي".(أخرجه الخلال في السنة 1/438).

عن الزهري قال: "عمل معاوية بسيرة عمر بن الخطاب سنين لا يخرم منها شيئاً". (أخرجه الخلال في السنة 1/444، وقال المحقق: إسناده صحيح).

عن الأعمش أنه ذكر عنده عمر بن عبد العزيز وعدله فقال:"فكيف لو أدركتم معاوية؟ قالوا: يا أبا محمد يعني في حلمه؟ قال: لا والله، ألا بل في عدله".(أخرجه الخلال في السنة 1/437).

سئل المعافى معاوية أفضل أو عمر بن عبد العزيز؟ فقال:"كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز". (المصدر نفسه 1/435). وعن الجراح الموصلي قال:سمعت رجلاً يسأل المعافى بن عمران فقال:يا أبا مسعود؛ أين عمر بن عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان؟! فرأيته غضب غضباً شديداً وقال:لا يقاس بأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحد، معاوية رضي الله عنه كاتبه وصاحبه وصهره وأمينه على وحيه عز وجل. (أخرجه الآجري في الشريعة 5/2466، واللالكائي في شرح السنة 2785) وسنده صحيح.

وروى مالك عن الزهرى قال سألت سعيد بن المسيب عن أصحاب رسول الله ص فقال لي "اسمع يا زهري من مات محبا لأبى بكر وعمر وعثمان وعلى وشهد للعشرة بالجنة وترحم على معاوية كان حقا على الله أن لا يناقشه الحساب". وقال سعيد بن يعقوب الطالقانى سمعت عبد الله بن المبارك يقول:"تراب في أنف معاوية أفضل من عمر بن عبد العزيز. وقال محمد بن يحيى بن سعيد سئل ابن المبارك عن معاوية فقال ما أقول فى رجل قال رسول الله ص سمع الله لمن حمده فقال خلفه ربنا ولك الحمد فقيل له أيهما أفضل هو أو عمر بن عبد العزيز فقال لتراب في منخري معاوية مع رسول الله ص خير وأفضل من عمر بن عبد العزيز".(البداية والنهاية 8/139). وقال ابن مبارك عن محمد بن مسلم عن إبراهيم بن ميسرة قال ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنسانا قط إلا إنسان شتم معاوية فانه ضربه أسواطا".(البداية والنهاية 8/139)
يقول ابن قدامة المقدسي:"ومعاوية خال المؤمنين، وكاتب وحي الله، وأحد خلفاء المسلمين رضي الله تعالى عنهم".(لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد ص33).

- قال شيخ الإسلام ابن تيمية:"واتفق العلماء على أن معاوية أفضل ملوك هذه الأمة، فإن الأربعة قبله كانوا خلفاء نبوة، وهو أول الملوك، كان ملكه ملكاً ورحمة..وَكَانَ فِي مُلْكِهِ مِنْ الرَّحْمَةِ وَالْحُلْمِ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ خَيْرًا مِنْ مُلْكِ غَيْرِهِ ".(مجموع الفتاوى 4/478)، وقال:"فلم يكن من ملوك المسلمين خير من معاوية، ولا كان الناس في زمان ملك من الملوك خيراً منهم في زمان معاوية".(منهاج السنة 6/232).

- وقال ابن كثير في ترجمة معاوية رضي الله عنه:"وأجمعت الرعايا على بيعته في سنة إحدى وأربعين...فلم يزل مستقلاً بالأمر في هذه المدة إلى هذه السنة التي كانت فيها وفاته، والجهاد في بلاد العدو قائم، وكلمة الله عالية، والغنائم ترد إليه من أطراف الأرض، والمسلمون معه في راحة وعدل، وصفح وعفو". (البداية والنهاية 8/122).

- وقال ابن أبي العز الحنفي:"وأول ملوك المسلمين معاوية وهو خير ملوك المسلمين".(شرح العقيدة الطحاوية ص 722).

- قال الذهبي في ترجمته:"أمير المؤمنين ملك الإسلام".(سير أعلام النبلاء 3/120)، وقال: "ومعاوية من خيار الملوك، الذين غلب عدلهم على ظلمهم".(المصدر نفسه 3/159).

وأورد ابن العربي رأياً طريفاً للمؤرخ العلامة ابن خلدون في اعتبار معاوية من الخلفاء الراشدين فقد قال:إن دولة معاوية وأخباره كان ينبغي أن تلحق بدول الخلفاء الراشدين وأخبارهم، فهو تاليهم في الفضل والعدالة والصحبة.(العواصم من القواصم ص213)، قال محب الدين الخطيب رحمه الله:سألني مرة أحد شباب المسلمين ممن يحسن الظن برأيي في الرجال ما تقول في معاوية؟ فقلت له:ومن أنا حتى أسأل عن عظيم من عظماء هذه الأمة، وصاحب من خيرة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، إنه مصباح من مصابيح الإسلام، لكن هذا المصباح سطع إلى جانب أربع شموس ملأت الدنيا بأنوارها فغلبت أنوارها على نوره. (حاشية محب الدين الخطيب على كتاب العواصم من القواصم ص95).

قال أبو توبة الحلبي قولةً مشهورةً:"إن معاوية بن أبي سفيان سِترٌ لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن كشف السِّترَ اجترأ على ما وراءه). انظر البداية والنهاية (8/139).

وسُئِلَ الإمام النسائي رحمه الله(303) عن معاوية بن أبي سفيان t صاحب رسول الله r ، فقال: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار، قال: فمن أراد معاوية؛ فإنما أراد الصحابة". [تهذيب الكمال1/339-340]

و سُئِلَ الإمام أحمد عن رجُلٍ انتقص معاوية و عمرو بن العاص، أيقال له رافضي؟ فقال: «إنه لم يجترىء عليهما إلا و له خبيئة سوء. ما انتقص أحدٌ أحداً من أصحاب رسول الله إلا له داخلة سوء. قال رسول الله خير الناس قرني»[ السنة للخلال (2\447)، و كذلك رواه ابن عساكر في تاريخه (59/210).].

قال إبراهيم بن ميسرة: «ما رأيت عمر بن عبد العزيز ضرب إنساناً قط، إلا إنساناًَ شتم معاوية فضربه أسواطا»[ رواه اللالكائي في أصول أهل السنة (7/1266).].
و قال أبو بكر المروذي للإمام أحمد بن حنبل: «أيما أفضل، معاوية أو عمر بن عبد العزيز؟». فقال: «معاوية أفضل! لسنا نقيس بأصحاب رسول الله r أحداً. قال النبي r: خير الناس قرني الذي بعثت فيهم»[ السنة للخلال (2\434). إسناده صحيح. و قد روي مثل هذا عن كثير من الأئمة و التابعين كالمعافى و أبي أسامة. السنة للخلال (2\435).].

قيل للحسن : «يا أبا سعيد، إن هاهنا قوماً يشتمون أو يلعنون معاوية و ابن الزبير». فقال: «على أولئك الذين يلعنون، لعنة الله»[رواه ابن عساكر في تاريخه (59/206).].

و جاء رجل إلى الإمام أبي زُرعة الرازي فقال: «يا أبا زرعة، أنا أبغض معاوية». قال: لم؟ قال: «لأنه قاتل علي بن أبي طالب». فقال أبو زرعة: «إن رَبَّ معاوية ربٌّ رحيم. و خَصْمُ معاوية خصمٌ كـريم. فما دخولك أنت بينهما رضي الله عنهم أجمعين؟!»[رواه ابن عساكر في تاريخه (59/141)، و ذكره إبن حجر في فتح الباري (13\ص86).].

و لذلك أمر الإمام أحمد بهَجرِ من ينتقص معاوية حتى لو كان من ذوي الرّحِم. فقد سأل رجل الإمام أحمد: «يا أبا عبد الله، لي خال ذكر أنه ينتقص معاوية، و ربما اختلفا معه». فقال أحمد مبادرا «لا تأكل معه»[ السنة للخلال (2\448). إسناده صحيح.].

_عدم تتبع زلات الصحابة والكف عما شجر بينهم والحذر من الكذب عليهم

ومن عقيدة اهل السنة والجماعة الكف عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم

والتماس الاعذار لهم فهم اولى الناس بالعذر

قال شيخ الإسلام: «و كذلك نؤمن بالإمساك عما شَجَرَ بينهم، و نعلم أن بعض المنقول في ذلك كذب، و هُم كانو مجتهدين، إما مصيبين لهم أجران أو مثابين على عملهم الصالح مغفورٌ لهم خطؤهم. و ما كان لهم من السّيئات، و قد سبق لهم من الله الحسنى، فإن الله يغفر لهم إما بتوبةٍ أو بحسناتٍ ماحية أو مصائب مكفّرة. و ما شجر بينهم من خلاف فقد كانو رضي الله عنهم يطلبون فيه الحق و يدافعون فيه عن الحق، فاختلفت فيه اجتهاداتهم، و لكنهم عند الله عز وجل من العدول المرضي عنهم. و من هنا كان منهج أهل السنة والجماعة هو حفظ اللسان عما شَجَرَ بينهم، فلا نقول عنهم إلا خيراً و نتأوَّل و نحاول أن نجد الأعذار للمخطئ منهم و لا نطعن في نيّاتهم فهي عند الله، و قد أفضو إلى ما قدَّمو، فنترضى عنهم جميعاً و نترحَّم عليهم و نحرص على أن تكون القلوب سليمة تجاههم»[ مجموع الفتاوى (3/406).].

ولا بدَّ أن نعلم أن الصحابة رضي الله عنهم ليسوا بمعصومين ، وهذا هو مذهبُ أهل السنة والجماعة ، وإنما هم بشرٌ يجوزُ عليهم ما يجوز على غيرهم .

قالَ الإمامُ الأَبْيَارِي (ت:616هـ): [وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِعَدَالَتِهِمْ ثُبُوتُ الْعِصْمَةِ لهم وَاسْتِحَالَةُ الْمَعْصِيَةِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ قَبُولُ رِوَايَاتِهِمْ من غَيْرِ تَكَلُّفِ بَحْثٍ عن أَسْبَابِ الْعَدَالَةِ وَطَلَبِ التَّزْكِيَةِ، إلا من يَثْبُتُ عليه ارْتِكَابُ قَادِحٍ، ولم يَثْبُتْ ذلك وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، فَنَحْنُ على اسْتِصْحَابِ ما كَانُوا عليه في زَمَنِ رسول اللَّهِ حتى يَثْبُتَ خِلافُهُ، وَلا الْتِفَاتَ إلَى ما يَذْكُرُهُ أَهْلُ السِّيَرِ؛ فإنه لا يَصِحُّ. وما صَحَّ فَلَهُ تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ](["البحر المحيط" للزركشي (4/300).]).

فأعتقادنا بعدالة الصحابة لا يستلزم العصمة ، فالعدالة استقامة السيرة والدين ، ويرجع حاصلها إلى هيئة راسخة في النفس تحمل على ملازمة التقوى والمروءة جميعا ، حتى تحصل ثقة النفس بصدقه . . . ثم لا خلاف في أنه لا يشترط العصمة من جميع المعاصي .

ومع ذلك يجب الكف عن ذكر معايبهم ومساوئهم مطلقا - كما مر سابقا - ، وإن دعت الضرورة إلى ذكر زلة أو خطأ صحابي ، فلا بد أن يقترن بذلك منزلة هذا الصحابي من توبته أو جهاده وسابقته - فمثلا من الظلم أن نذكر زلة حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه دون ذكر توبته التي لو تابها صاحب مكس لقبل منه . . . وهكذا . ( الإمامة لأبي نعيم 340، ومنهاج السنة 6 / 207 ) .

فالمرء لا يعاب بزلة يسيرة حصلت منه في من فترات حياته وتاب منها ، فالعبرة بكمال النهاية ، لا ينقص البداية ، سيما وإن كانت له حسنات ومناقب ولو لم يزكه أحد ، فكيف إذا زكاه خالقه العليم بذات الصدور .

وما صدر من بعضهم من المعاصي أو الأخطاء ، فهو إلى جانبِ شرفِ الصحبة وفضلِها مُغْتَفَرٌ ومَعْفُوٌّ عن صاحبه ، والحسناتِ يُذْهِبْنَ السيئات ، ومقامُ أَحَدِ الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم لحظة من اللحظات في سبيل هذا الدين لا يعدلها شيء .

يقول شيخ الإسلام رحمه الله : " وأهل السنة تحسن القول فيهم وتترحم عليهم وتستغفر لهم ، لكن لا يعتقدون العصمة من الإقرار على الذنوب وعلى الخطأ في الاجتهاد إلا لرسول الله ، ومن سواه فيجوز عليه الإقرار على الذنب والخطأ ، لكن هم كما قال تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ ) الاحقاف/16 الآية ، وفضائل الأعمال إنما هي بنتائجها وعواقبها لا بصورها " [ مجموع الفتاوي 4/434 ] .

وفال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية:
" وهم(أي: أهل السنة) مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة.ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر. حتى إنه يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم، لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم.وقد ثبت بقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنهم خير القرون» وأن «المد من أحدهم إذا تصدق به؛ كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم» ، ثم إذا كان قد صدر عن أحدهم ذنب؛ فيكون قد تاب منه أو أتى بحسنات تمحوه، أو غفر له بفضل سابقته، أو بشفاعة محمد -صلى الله عليه وسلم- الذين هم أحق الناس بشفاعته. أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه.
فإذا كان هذا في الذنوب المحققة؛ فكيف بالأمور التي كانوا فيها مجتهدين: إن أصابوا؛ فلهم أجران، وإن أخطأوا؛ فلهم أجر واحد، والخطأ مغفور، ثم القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغمور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم، من: الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع، والعمل الصالح، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما من الله به عليهم من الفضائل؛ علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء لا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم هم صفوة الصفوة من قرون هذه الأمة، التي هي خير الأمم وأكرمها على الله."اهــ

وقد قرر ذلك الكتاب والسنة في أكثر من موقف :

فقد تجاوزَ الله سبحانه وتعالى عمن تولى يوم أُحُدٍ من الصحابة ، فقال سبحانه وتعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) آل عمران/155

ولما أذنب بعض الصحابة حين أخبر قريشا بمقدم النبي صلى الله عليه وسلم بالجيش عام الفتح ، وهَمَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقتله ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّهُ قَد شَهِدَ بَدرًا ، وَمَا يُدرِيكَ ؟ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهلِ بَدرٍ فَقَالَ : اعمَلُوا مَا شِئتُم ، فَقَد غَفَرتُ لَكُم ) رواه البخاري ومسلم (2494)

وغير ذلك من المواقف التي وقع فيها بعض الصحابة بالمعصية والذنب ، ثم عفا الله تعالى عنهم ، وغفرها لهم ، مما يدل على أنهم يستحقون الفضل والشرف ، وأنه لا يقدح في ذلك شيء مما وقعوا فيه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد وفاته ، فإن الآيات السابقة في فضلهم وتبشيرهم بالجنة ، أخبار لا ينسخها شيء .

ولقد كان بينهم من المحبة والوئام والألفة قدر كبير وجليل مع ما حدث بين بعضهم من القتال إلا أن المحبة في قلوبهم لبعضهم كالجبال الرواسي ، وهذا من أعجب العجب ، ولكنه يزول حين نعلم أن أولئك هم تلاميذ محمد بن عبدالله ، يأتي أحدهم إلى علي بن أبي طالب فيقول ما تقول فيمن قاتلوك ( يعني معاوية وطلحة والزبير ومن كان معهم من الصحابة ) فيقول : إخواننا بغوا علينا .
ويروي لنا أبو نعيم في الحلية عن أبي صالح قال: " دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية فقال له :صف لي عليا ؟ فقال : أو تعفني يا أمير المؤمنين ؟ قال :لا أعفيك قال :أما إذا ولا بد فإنه كان والله بعيد المدى ، شديد القوى ، يقول فصلا ويحكم عدلا ، يتفجر العلم من جوانبه ، وتنطق الحكمة من نواحيه ، يستوحش الدنيا وزهرتها ، ويستأنس بالليل وظلمته ، كان والله غزير العبرة ، طويل الفكرة ، يقلب كفه ويخاطب نفسه ، يعجبه من اللباس ما قصر ، ومن الطعام ما جشب ، كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه ، ويجيبنا إذا سألناه ، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له ، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم ، يعظم أهل الدين ، ويحب المساكين ، لا يطمع القوي في باطله ، ولا ييأس الضعيف من عدله ، فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه ، وقد أرخى الليل سدوله ، وغارة نجومه ، يميل في محرابه قابضا على لحيته ، يتململ تململ السليم ، ويبكي بكاء الحزين ، فكأني أسمعه الآن وهو يقول : يا ربنا يا ربنا يتضرع إليه ، ثم يقول للدنيا إلي تغررت ؟ إلي تشوفت ؟ هيهات هيهات ، غري غيري ، قد بتتك ثلاثا ، فعمرك قصير ، ومجلسك حقير ، وخطرك يسير ، آه آه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق ، فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء فقال معاوية رضي الله عنه : كذا كان أبو الحسن رحمه الله ، كيف وجدك عليه يا ضرار ؟ قال : وجد من ذبح واحدها في حجرها لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها ثم قام فخرج " .

ولما جاء معاوية رضي الله عنه نعي علي بن أبي طالب ، جلس وهو يقول : (( إنا لله وإنا إليه راجعون ، وجعل يبكي . فقالت امرأته : أنت بالأمس تقاتله ، واليوم تبكيه ؟! . فقال : ويحك ، إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره )) . وفي رواية (( ويحك ، أنك لا تدرين ما فقد الناس من الفضل والفقه والعلم )) . ( البداية والنهاية 8 / 15 - 133 ) .

وبعد هذه المنقولات كلها ، كيف يلامون بأمور كانت متشابهة عليهم ، فاجتهدوا ، فاصاب بعضهم وأخطأ الأخرون ، وجميعهم بين أجر وأجرين ، ثم بعد ذلك ندموا على ما حصل وجرى .

وما حصل بينهم من جنس المصائب التي يكفر الله عز وجل بها ذنوبهم ، ويرفع بها درجاتهم ومنازلهم ، قال صلى الله عليه وسلم : (( لا يزال البلاء بالعبد ، حتى يسير في الأرض وليس عليه خطيئة )) . ( رواه الترمذي 2398 وقال حسن صحيح ، وحسنه ابن حبان والحاكم وسكت عنه الذهبي 1 / 41 ، وحسنه الالباني - المشكاة 1 / 492 من حديث سعد ، وصححه في الصحيحة 144 ، وانظر شواهده 143 145 ، وراجع الفتح 10 / 111 - 112 ) .

وعلى أقل الاحوال ، لو كان ما حصل من بعضهم في ذلك ذنبا محققا ، فإن الله عز وجل يكفره بأسباب كثيرة ، من أعظمها الحسنات الماضية من سوابقهم ومناقبهم وجهادهم ، والمصائب المكفرة ، والاستغفار ، والتوبة التي يبدل بها الله عز وجل السيئات حسنات ، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم . ( للتوسع راجع منهاج السنة6 / 205 فقد ذكر عشر أسباب مكفرة) .

ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نادر ، مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم من إيمان وجهاد وهجرة ونصرة وعلم نافع وعمل صالح . ( أنظر شرح العقيدة الواسطية لخليل هراس 164 -167 ) .

يقول الذهبي رحمه الله : (( فالقوم لهم سوابق وأعمال مكفرة لما وقع بينهم ، وجهاد محاء ، وعبادة ممحصة ، ولسنا ممن يغلو في أحد منهم، ولا ندعي فيهم العصمة )) . ( سير أعلام النبلاء 10 / 93 ، في ترجمة الشافعي ).
هكذا كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فحق لأمة أن تفخر بهم وتباهي سائر الأمم

قال ابن القيم في ميميته الشهيرة

أولئك أصحاب النبي وحزبُه ولولاهم ما كان في الأرض مسلم
ولولاهم كادت تميد بأهلها ولكن رواسيها وأوتادُها هم
ولولاهم كانت ظلاما بأهلها ولكن هم فيها بدور وأنجم

قال صلى الله عليه وسلم : { إذا ذكر اصحابي فامسكوا ، وإذا ذكر النجوك فامسكوا ، وإذا ذكر القدر فامسكوا } . ( أخرجه الطبراني في الكبير 2 / 78 / 2 ، وابو نعيم في الحلية 4 / 108 ، وفي الإمام من حديث ابن مسعود ، وقواه الالباني بطرقه وشواهده - السلسلة الصحيحة1 / 34 ) .

ولذلك فمن منهج أهل السنة والجماعة الإمساك عن ذكر هفوات الصحابة وتتبع زلاتهم وعدم الخوض فيما شجر بينهم .

قال ابو نعيم رحمه الله : { فالإمساك عن ذكر اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر زللهم ، ونشر محاسنهم ومناقبهم ، وصرف أمورهم إلى اجمل الوجوه ، من أمارات المؤمنين المتبعين لهم بإحسان ، الذين مدحهم الله عز وجل بقوله : (( وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ )) [الحشر:10] }.

ويقول أيضاً في تعليقه على الحديث المشار إليه : { لم يأمرهم بالإمساك عن ذكر محاسنهم وفضائلهم ، وإنما امروا بالإمساك عن ذكر أفعالهم وما يفرط منهم في ثورة الغضب وعارض الوجدة } . ( الإمامة 347 ) .

قال ابن أبي زيد القيرواني المالكي : { والإمساك عما شجر بينهم، وأنهم أحق الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، ويظن بهم أحسن المذاهب }. (مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني،).

وقال ابن دقيق العيد: { وما نقل عنهم فيما شجر بينهم واختلفوا فيه، فمنه ما هو باطل وكذب، فلا يلتفت إليه، وما كان صحيحا أولناه تأويلا حسنا، لأن الثناء عليهم من الله سابق، وما ذكر من الكلام اللاحق محتمل للتأويل، والمشكوك والموهوم لا يبطل الملحق المعلوم }. (أصحاب رسول الله ومذاهب الناس فيهم لعبد العزيز العجلان ص360).

و إذا دعت الحاجة إلى ذكر ما شجر بينهم، فلا بدّ من التحقيق و التثبّت في الروايات المذكورة حول الفتن بين الصحابة. قال الله عزّ و جلّ: (يا ايها الذين امنو إن جاءكم فاسق بنبئأ فتبينو أن تصيبو قوما بجهالة فتصبحو على ما فعلتم نادمين )
و هذه الآية تأمر المؤمنين بالتثبت في الأخبار المنقولة إليهم عن طريق الفسّاق، لكيلا يحكمو بموجبها على الناس فيندمو. فوجوب التثبت و التحقيق فيما نقل عن الصحابة، و هم سادة المؤمنين أولى و أحرى، خصوصاً و نحن نعلم أن هذه الروايات دخلها الكذب و التحريف، إمّا من جهة أصل الرواية أو تحريف بالزيادة و النقص يُخرج الرواية مخرج الذّم و الطّعن.

و أكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب، يرويها الكذّابون المعروفون بالكذب، مثل أبي مخنف لوط بن يحيى الشيعي[قال عنه ابن حبان: «رافضي يشتم الصحابة و يروي الموضوعات عن الثقات». لسان الميزان (4/366). قال عنه الـذهبي (3/419): «إخباري تالف لا يوثق به، تركه أبو حاتم و غيره». و مثله قال بن حجر في لسان الميزان (4/492).]،

و مثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي[قال عنه بن عساكر: «رافضي ليس بثقة». ميزان الاعتدال (4/304). و قال عنه بن حبان في كتاب "المجروحين من المحدثين و المتروكين" (3/91): «يروي عن أبيه و معروف مولى سليمان و العراقيين، العجائب و الأخبار التي لا أصول لها. و كان غالياً في التشيع. و أخباره في الأُغلوطات، أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها». ]،

و أمثالهما[منهاج السنة (5/72)، و انظر دراسة نقدية "مرويات أبي مخنف في تاريخ الطبري / عصر الراشدين"، ليحيى اليحيى.].

و كذلك الضعفاء المتروكين كالواقدي المتروك[قـال علي بن المديني (شيخ الإمام البخاري): «الهيثم ابن عدي أوثق عندي من الواقدي، و لا أرضاه في الحديث و لا في الأنساب و لا في شيء!». تهذيب الكمال (26/187).].

من أجل ذلك لا يجوز أن يُدْفَعَ النَّقل المتواتر في محاسن الصحابة و فضائلهم، بنُقولٍ بعضها منقطعٌ و بعضها محرَّف و بعضها يقدح فيما عُلِم. فإنّ اليقين لا يزول بالشك. و نحن تيقنّا ما ثبت في فضائلهم، فلا يقدح في هذا أمور مشكوك فيها، فكيف إذا عُلِمَ بطلانها؟![منهاج السنة (6/305).]

و إذا صحّت الرواية في ميزان الجرح و التعديل، و كان ظاهرها القدح، فليلتمس لها أحسن المخارج و المحاذير.

قال ابن أبي زيد: «و الإمساك عما شجر بينهم، و أنهم أحقّ الناس أن يلتمس لهم أحسن المخارج، و يظنّ بهم أحسن المذاهب»[مقدمة رسالة ابن أبي زيد القيرواني،]

_وما ينقل عن الصحابة من أخبار فيها مثالب لهم على نوعين:
قال ابن تيمية رحمه الله:
"ما ينقل عن الصحابة من المثالب فهو نوعان:
أحدهما:
ما هو كذب، إما كذب كله، وإما محرف قد دخله من الزيادة والنقصان ما يخرجه إلى الذم والطعن. وأكثر المنقول من المطاعن الصريحة هو من هذا الباب يرويها الكذابون المعروفون بالكذب، مثل أبي مخنف لوط بن يحيى ، ومثل هشام بن محمد بن السائب الكلبي وأمثالهما من الكذابين. ولهذا استشهد هذا الرافضي بما صنفه هشام الكلبي في ذلك، وهو من أكذب الناس وهو شيعي يروي عن أبيه وعن أبي مخنف وكلاهما متروك كذاب وقال الإمام أحمد في هذا الكلبي: ما ظننت أن أحدا يحدث عنه إنما هو صاحب سمر وشبه. وقال الدارقطني: هو متروك. وقال ابن عدي: هشام الكلبي الغالب عليه الأسمار ولا أعرف له في المسند شيئا وأبوه أيضا كذاب. وقال زائدة والليث وسليمان التيمي: هو كذاب. وقال يحيى: ليس بشيء ،كذاب، ساقط. وقال ابن حبان: وضوح الكذب فيه أظهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفه.
الثاني:
ما هو صدق وأكثر هذه الأمور لهم فيها معاذير تخرجها عن أن تكون ذنوباً وتجعلها من موارد الاجتهاد التي إن أصاب المجتهد فيها فله أجران وإن أخطأ فله أجر وعامة المنقول الثابت عن الخلفاء الراشدين من هذا الباب وما قدر من هذه الأمور ذنبا محققاً فإن ذلك لا يقدح فيما علم من فضائلهم وسوابقهم وكونهم من أهل الجنة لأن الذنب المحقق يرتفع عقابه في الآخرة بأسباب متعددة منها:
التوبة الماحية...ومنها الحسنات الماحية للذنوب فإن الحسنات يذهبن السيئات وقد قال تعالى: (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم)،ومنها المصائب المكفرة، ومنها دعاء المؤمنين بعضم لبعض وشفاعة نبيهم فما من سبب يسقط به الذم والعقاب عن أحد من الأمة إلا والصحابة أحق بذلك فهم أحق بكل مدح ونفي كل ذم ممن بعدهم من الأمة"([منهاج السنة النبوية(5/81-82-83).]).

قال العلامة ابن خلدون: «فإيّاك أن تعود نفسك أو لسانك التعرض لأحد منهم، و لا يشوِّش قلبك بالريب في شيء مِمّا وقع منهم. و التمِس لهم مذاهب الحق و طرقه ما استطعت، فهم أولى الناس بذلك. و ما اختلفو إلا عن بيّنة، و ما قاتلو أو قتلو إلا في سبيل جهادٍ أو إظهار حق. و اعلم أن اختلاف الصحابة رحمةٌ لمن بعدهم من الأمة ليقتدي كل واحد بمن يختاره منهم و يجعله إمامه و هاديه و دليله. فافهم ذلك و تبيّن حكمة الله في خلقه و أكوانه»
تاريخ ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢١٨

اللهم اجمعنا بهم في أعالي الجنان واغفر لنا ولهم أجمعين امين

-عدالة الصحابة والثناء عليهم في كتاب الله

يقول الله عز وجل: ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً)) [سورة الفتح: 18].

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كنا ألفا وأربعمائة صحيح البخاري: كتاب المغازي -باب عزوة الحديبية- حديث [4154] فتح الباري: 7/507. طبعة الريان.

فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله. وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم

( ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر ؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام . فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام ) . .الصواعق المحرقة: ص 316 .

ومما يؤكد هذا ما ثبت في صحيح مسلم من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد؛ الذين بايعوا تحتها) صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة. . حديث [2496]. صحيح مسلم 4/1943.

قال ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (4/243) :

" فعلم ما في قلوبهم : أي : من الصدق والوفاء والسمع والطاعة " انتهى .

وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات ؛ فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ؛ أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم كانوا أفضل هذه الأمة ؛ أبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا ، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه وإقامة دينه ، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم ، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم ، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم " رواه ابن عبد البر في الجامع ، رقم (1810) .

قال ابن تيمية رحمه الله تعالى: (والرضا من الله صفة قديمة، فلا يرضى إلا عن عبد علم أن يوافيه على موجبات الرضا -ومن رضي الله عنه لم يسخط عليه أبداً- فكل من أخبر الله عنه أنه رضي عنه فإنه من أهل الجنة، وإن كان رضاه عنه بعد إيمانه وعمله الصالح؛ فإنه يذكر ذلك في معرض الثناء عليه والمدح له. فلو علم أنه يتعقب ذلك بما سخط الرب لم يكن من أهل ذلك) الصارم المسلول: 572، 573. طبعة دار الكتب العلمية. تعليق: محمد محيي الدين عبد الحميد.

وقال ابن حزم: (فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزلا السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة) الفصل في الملل والنحل: 4/148.

وقوله تعالى: ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً)) [سورة الفتح: 29].

قال الإمام مالك رحمه الله تعالى: (بلغني أن النصارى كانوا إذا رأوا الصحابة -رضي الله عنهم- الذين فتحوا الشام، يقولون: والله لهؤلاء خير من الحواريين فيما بلغنا. وصدقوا في ذلك؛ فإن هذه الأمة معظمة في الكتب المتقدمة، وأعظهما وأفضلها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد نوه الله تبارك وتعالى بذكرهم في الكتب المنزلة والأخبار المتداولة؛ ولهذا قال سبحانه وتعالى هنا: ((ذلك مثلهم في التوراة)). ثم قال: ((ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه)) أي فراخه. ((فآزره)) أي: شده ((فاستغلظ)) أي: شب وطال. ((فاستوى على سوقه يعجب الزراع)) أي فكذلك أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- آزروه وأيدوه ونصروه، فهو معهم كالشطء مع الزراع ليغيظ بهم الكفار) الاستيعاب لابن عبد البر 1/6 ط. دار الكتاب العربي بحاشية الإصابة، عن ابن القاسم. وتفسير ابن كثير: 4/204 ط. دار المعرفة -بيروت، دون إسناد.

وقال ابن الجوزي: (وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور) زاد المسير: 4/204.

و قوله تعالى :
((للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم)) إلى قوله تعالى: ((والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم)) [سورة الحشر: 8 – 10].

يبين الله عز وجل في هذه الآيات أحوال وصفات المستحقين للفئ، وهم ثلاثة أقسام: القسم الأول: ((للفقراء المهاجرين)). والقسم الثاني: ((والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم)). والقسم الثالث: ((والذين جاءوا من بعدهم)).

وما أحسن ما استنبط الإمام مالك رحمه الله من هذه الآية الكريمة، أن الذي يسب الصحابة ليس له من مال الفئ نصيب؛ لعدم اتصافه بما مدح الله به هؤلاء -القسم الثالث- في قولهم: ((ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان)) الآية تفسير ابن كثير: 4/339.

قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: (الناس على ثلاث منازل، فمضت منزلتان، وبقيت واحدة، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. قال: ثم قرأ: ((للفقراء المهاجرين)) إلى قوله: ((رضوانا)) فهؤلاء المهاجرون. وهذه منزلة قد مضت ((والذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم)) إلى قوله: ((ولو كان بهم خصاصة)). قال: هؤلاء الأنصار. وهذه منزلة قد مضت. ثم قرأ: ((والذين جاءوا من بعدهم)) إلى قوله: ((ربنا إنك رءوف رحيم)) قد مضت هاتان وبقيت هذه المنزلة، فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت. يقول: أن تستغفروا لهم) [الصارم المسلول: 574، والأثر رواه الحاكم 2/3484 وصححه ووافقه الذهبي].

وقالت عائشة رضي الله عنها: (أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- فسبوهم) رواه مسلم في كتاب التفسير-حديث [3022] صحيح مسلم 4/2317.

قال أبو نعيم: (فمن أسوأ حالاً ممن خالف الله ورسوله وآب بالعصيان لهما والمخالفة عليهما. ألا ترى أن الله تعالى أمر نبيه -صلى الله عليه وسلم- بأن يعفو عن أصحابه ويستغفر لهم ويخفض لهم الجناح، قال تعالى: ((ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر)) [سورة آل عمران: 159]. وقال: ((واخفض جناحك لمن تبعك من المؤمنين)) [سورة الشعراء: 215].

فمن سبهم وأبغضهم وحمل ما كان من تأويلهم وحروبهم على غير الجميل الحسن، فهو العادل عن أمر الله تعالى وتأديبه ووصيته فيهم. لا يبسط لسانه فيهم إلا من سوء طويته في النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته والإسلام والمسلمين) الإمامة: ص 375-376. لأبي نعيم تحقيق د. علي فقهي، مكتبة العلوم والحكم بالمدينة ط1 عام 1307 هـ.

وعن مجاهد، عن ابن عباس، قال: (لا تسبوا أصحاب محمد، فإن الله قد أمر بالاستغفار لهم، وقد علم أنهم سيقتتلون) الصارم المسلوم: 574. وانظر منهاج السنة 2/14 والأثر رواه أحمد في الفضائل رقم (187، 1741) وصحح إسناده شيخ الإسلام ابن تيمية، ونسب الحديث لابن بطة منهاج السنة 2/22.

و قوله تعالى : ((والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم)) [سورة التوبة: 100].

والدلالة في هذه الآية ظاهرة. قال ابن تيمية: (فرضي عن السابقين من غير اشتراط إحسان. ولم يرض عن التابعين إلا أن يتبعوهم بإحسان) الصارم المسلول: 572. ومن اتباعهم بإحسان الترضي عنهم والاستغفار لهم.

و قوله تعالى :
((لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتوا وكلا وعد الله الحسنى)) [سورة الحديد: 11].

والحسنى: الجنة. قال ذلك مجاهد وقتادة تفسير ابن جرير: 27/128. دار المعرفة 0بيروت ط الراعبة 1400 هـ.

واستدل ابن حزم من هذه الآية بالقطع بأن الصحابة جميعاً من أهل الجنة لقوله عز وجل: ((وكلا وعد الله الحسنى)) الفصل: 4/148، 149. ط.

و قوله تعالى :
((لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم)) [سورة التوبة: 117].

وقد حضر غزوة تبوك جميع من كان موجوداً من الصحابة، إلا من عذر الله من النساء والعجزة. أما الثلاثة الذين خُلفوا فقد نزلت توبتهم بعد ذلك.

ويقول سبحانه وتعالى:
( فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) الأعراف/157

ويقول سبحانه وتعالى:( لَـكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . أَعَدَّ اللّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة/88-89

_عدالة الصحابة والثناء عليهم من السنة

عن أبي سعيد، قال: كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف شئ، فسبه خالد. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا تسبوا أحداً من أصحابي؛ فإن أحدكم لو أنفق مثل اُحُد ذهباً ما أدرك مُد أحدِهم ولا نصِيفَه)) رواه البخاري: كتاب فضائل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- باب قول النبي لو كنت متخذاً خليلاً- حديث/ 3673. ومسلم: كتاب فضائل الصحابة -باب تحريم سب الصحابة- حديث/ 2541. صحيح مسلم 4/1967م. والنصيف هو النصف. والسياق لمسلم ط. عبد الباق).

قال ابن تيمية في الصارم المسلول: وكذلك قال الإمام أحمد وغيره: كل من صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة أو شهراً أو يوماً أو رآه مؤمناً به، فهو من أصحابه، له من الصحبة بقدر ذلك.

فإن قيل: فلِمَ نَهى خالداً عن أن يسب أصحابه إذا كان من أصحابه أيضاً؟ وقال: (لو أن أحدكم انفق مثل اُحُد ذهباً ما بلغ مُد أحدهم ولا نصيفه)؟ قلنا: لأن عبد الرحمن بن عوف ونظراءه من السابقين الأولين، الذين صحبوه في وقت كان خالد وأمثاله يعادونه فيه، وأنفقوا أموالهم قبل الفتح وقاتلوا، وهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا، وكلا وعد الله الحسنى. فقد انفردوا من الصحبة بما لم يشركهم فيه خالد ونظراؤه، ممن أسلم بعد الفتح الذي هو صلح الحديبية وقاتل. فنهى أن يسب أولئك الذين صحبوه قبله. ومن لم يصحبه قط نسبته إلى من صحبه، كنسبة خالد إلى السابقين، وأبعد (الصارم المسلول: ص576).

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ) رواه البخاري (2652) ومسلم (2533)

وقال -صلى الله عليه وسلم- لعمر: ((وما يدريك، لعل الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)) صحيح البخاري فتح الباري: حديث 3983. وصحيح مسلم: حديث 2494. عبد الباقي.

قيل: الأمر في قوله: اعملوا، للتكريم. وأن المراد أن كل عمل البدري لا يؤاخذ به لهذا الوعد الصادق.

وقيل: المعنى إن أعمالهم السيئة تقع مغفورة، فكأنها لم تقع، معرفة الخصال المكفرة لابن حجر العسقلاني: ص 31 تحقسق جاسم الدوسري -الأولى 1404 هـ.

وقال النووي: قال العلماء: معناه الغفران لهم في الآخرة، وإلا فإن توجب على أحد منهم حد أو غيره أقيم عليه في الدنيا. ونقل القاضي عياض الإجماع على إقامة الحد. وأقامه عمر على بعضهم -قدامة بن مظعون قال: (وضرب النبي -صلى الله عليه وسلم- مسطحاً الحد، وكان بدرياً)، صحيح مسلم بشرح النووي: 16/56، 57.

وقال ابن القيم: والله أعلم، إن هذا الخطاب لقوم قد علم الله سبحانه أنهم لا يفارقون دينهم، بل يموتون على الإسلام، وأنهم قد يقارفون بعض ما يقارفه غيرهم من الذنوب، ولكن لا يتركهم سبحانه مصرين عليها، بل يوفقهم لتوبة نصوح واستغفار وحسنات تمحو أثر ذلك، ويكون تخصيصهم بهذا دون غيرهم؛ لأنه قد تحقق ذلك فيهم، وأنهم مغفور لهم. ولا يمنع ذلك كون المغفرة حصلت بأسباب تقوم بهم، كما لا يقتضي ذلك أن يعطلوا الفرائض وثوقاً بالمغفرة. فلو كانت حصلت بدون الاستمرار على القيام بالأوامر لما احتاجوا بعد ذلك إلى صلاة ولا صيام ولا حج ولا زكاة ولا جهاد وهذا محال، الفوائد لابن القيم: ص 19، المكتبة القيمة، الأولى 1404 هـ.

وعن أبي موسى الأشعري، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (النجوم أمَنةٌ للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى أهل السماء ما يوعدون، وأنا أمَنَةٌ لأصحابي، فإذا ذهبت أنا أتى أصحابي ما يُوعَدُون،وأصحابي أمَنَةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يُوعَدُون) صحيح مسلم: حديث [2531]. والأمنة هي الأمان.

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أكرموا أصحابي؛ فإنهم خياركم) رواه الإمام أحمد، والنسائي، والحاكم بسند صحيح. انظر مشكاة المصابيح: 3/1695. ومسند الإمام أحمد بتحقيق أحمد شاكر: 1/112.

وفي رواية أخرى: (احفظوني في أصحابي) رواه ابن ماجة: 2/64. وأحمد: 1/81. والحاكم: 1/114. وقال: صحيح ووافقه الذهبي وقال البوصيري: إسناد رجاله ثقات -زوائد ابن ماجة 3/53 وانظر بقية كلامه.


وعن واثلة يرفعه: (لا تزالون بخير ما دام فيكم من رآني وصحبني، والله لا تزالون بخير ما دام فيكم من رأي من رآني وصاحبني) رواه ابن أبي شيبة 12/178، وابن أبي عاصم: 2/630. في السنة ومن طريق المصنف، ورواه الطبراني في الكبير 22/85. وعنه أبو النعيم في معرفة الصحابة 1/133، وقد حسنه الحافظ في الفتح 7/5، وقال الهيثم في الجمع 10/20: رواه الطبراني من طرق رجال أحدها رجال الصحيح.

وعن انس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (آية الإيمان حب الأنصار ، وآية النفاق بغض الانصار) البخاري 7 / 113 ، ومسلم 1 / 85.

وعن البراء رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الأنصار : لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ، فمن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله " .

رواه البخاري ( 3572 ) ومسلم ( 75 ) .

فإذا كان الإيمان ينتفي عن رجل يبغض الأنصار ويثبت له النفاق : فكيف بمن يبغض الأنصار والمهاجرين والتابعين لهم بإحسان ويشتمهم ويلعنهم ويكفرهم ، ويُكفِّرُ من يواليهم ويترضى عليهم ، كما تفعل الرافضة ؟ لاشك أنهم أولى بالكفر والنفاق ، وانتفاء الإيمان .

وروى الإمام أحمد في الفضائل وصححه الألباني عن عبد الله بن عمر :"لا تسبوا أصحاب محمد،فلمقام أحدهم ساعةً خير من عمل أحدكم عمرَه " ، وفى رواية: " خير من عبادة أحدكم أربعين سنة " .

وهناك أحاديث أخرى كثيرة ظاهرة الدلالة على فضلهم بالجملة .

اما فضائلهم على التفصيل فكثيرة جداً.

ولم أقصد استيعاب الأحاديث وإنما اخترتُ بعض الأحاديث من الصحيحين

ولو أردتُ الجمع والاستيعاب من الصحيحين وغيرهما ، لطال البحث

وقد جمع الإمام أحمد رحمه الله في كتابه فضائل الصحابة مجلدين ، قريبا من ألفي حديث وأثر . وهو أجمع كتاب في بابه، وقد حققه د . وصي الله بن محمد ، ونشرته جامعة أم القرى عام 1403 هـ.

خلاصة ما سبق

نستنتج من العرض السابق للآيات والأحاديث في مناقب الصحابة ما يلي :

أولاً : إن الله عز وجل زكى ظاهرهم وباطنهم ؛ فمن تزكية ظواهرهم وصفهم بأعظم الأخلاق الحميدة ، ومنها

( أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ ) الفتح : 29

( وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَِ ) الحشر : 8

( وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) الحشر : 9

أما بواطنهم ، فأمر اختص به الله عز وجل ، وهو وحده العليم بذات الصدور . فقد أخبرنا عز وجل بصدق بواطنهم وصلاح نياتهم ، فقال على سبيل المثال :

( فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ) الفتح : 18

( يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ ) الحشر : 9

( يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ) الفتح : 29

( لَقَد تَّابَ الله عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ ) التوبة : 117

فقد تاب عليهم سبحانه وتعالى ؛ لما علم صدق نياتهم وصدق توبتهم . والتوبة عمل قلبي محض كما هو معلوم ... وهكذا .

ثانياً : بسبب توفيق الله عز وجل لهم لأعظم خلال الخير ظاهرًا وباطنًا أخبرنا أنه رضي عنهم وتاب عليهم ، ووعدهم الحسنى .

ثالثاً : وبسبب كل ما سبق أمرنا بالاستغفار لهم ، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإكرامهم ، وحفظ حقوقهم ، ومحبتهم . ونُهينا عن سبهم وبغضهم . بل جعل حبهم من علامات الإيمان ، وبغضهم من علامات النفاق .

رابعاً : ومن الطبيعي بعد ذلك كله أن يكونوا خير القرون ، وأمانًا لهذه الأمة . ومن ثم يكون اقتداء الأمة بهم واجبًـا ، بل هو الطريق الوحيد إلى الجنة : " عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي " . رواه أحمد وأضحاب السنن


_ الإجماع على عدالة الصحابة :

وقد نقل الاجماع كثير من اهل العلم نذكر بعضهم

- قال حافظ المغرب ابن عبد البر المالكي :

( ونحن وإن كان الصحابة رضي الله عنهم قد كفينا البحث عن أحوالهم لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول ) ، المصدر : الاستيعاب في معرفة الأصحاب ( 1 / 9 ) !!

ويقول :
" لا فرق بين أن يسمي التابعُ الصاحبَ الذي حدثه أو لا يسميه في وجوب العمل بحديثه ؛ لأن الصحابة كلهم عدول مرضيون ثقات أثبات ، وهذا أمر مجتمع عليه عند أهل العلم بالحديث " انتهى.
"التمهيد" (22/47)

ويقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" الصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله .
هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة .
وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم.
ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث. وهذا مردود " انتهى.
"الجامع لأحكام القرآن" (16/299)

- وقال الحافظ ابن الصلاح الشافعي :

(للصحابة بأسرهم خصيصة وهي أنه لا يُسأل عن عدالة أحد منهم، بل ذلك أمر مفروغ منه؛ لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة، وإجماع من يعتد به في الإجماع من الأمة ) !!

وقال :

( إن الأمة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومن لابس الفتن منهم فكذلك، بإجماع العلماء الذين يعتد بهم في الإجماع، إحساناً للظن بهم، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر، فكأن الله سبحانه وتعالى أتاح الإجماع على ذلك؛ لكونهم نقلة الشريعة، والله أعلم ) ، المصدر : مقدمة ابن الصلاح ص 146 ، 147 !!

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله :
" ( باب ما جاء في تعديل الله ورسوله للصحابة ، وأنه لا يحتاج إلى سؤال عنهم ، وإنما يجب فيمن دونهم )
كل حديث اتصل إسناده بين مَن رواه وبين النبي صلى الله عليه وسلم : لم يلزم العمل به إلا بعد ثبوت عدالة رجاله ، ويجب النظر في أحوالهم ، سوى الصحابي الذي رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأن عدالة الصحابة ثابتة معلومة بتعديل الله لهم وإخباره عن طهارتهم واختياره لهم في نص القرآن " انتهى.
"الكفاية" (ص/46)

- وقال الحافظ العراقي :

( إن جميع الأمة مجمعة على تعديل من لم يلابس الفتن منهم وأما من لابس الفتن منهم وذلك حين مقتل عثمان رضي الله عنه فأجمع من يعتد به أيضا فى الإجماع على تعديلهم إحساناً للظن بهم، وحملا لهم فى ذلك على الاجتهاد ) ، المصدر : شرح ألفية العراقى المسماة بـ ( التبصرة والتذكرة ) للعراقي ( 3 / 13 ، 14 ) !!

- وقال أبو حامد الغزالي :

( والذى عليه سلف الأمة ، وجماهير الخلق ، أن عدالتهم معلومة بتعديل الله عز وجل إياهم وثنائه عليهم فى كتابه، فهو معتقدنا فيهم ، إلا أن يثبت بطريق قاطع ارتكاب واحد لفسق مع علمه به، وذلك مما لا يثبت فلا حاجة لهم إلى التعديل - ثم ذكر بعض ما دل على عدالتهم من كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ) !!

ثم قال : ( فأي تعديل أصح من تعديل علام الغيوب - سبحانه - وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم كيف ولو لم يرد الثناء لكان فيما اشتهر وتواتر من حالهم فى الهجرة، والجهاد، وبذل المهج، والأموال، وقتل الآباء والأهل، فى موالاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونصرته، كفاية فى القطع بعدالتهم ) ، المصدر : المستصفى في أصول الفقه ( 1 / 164 ) !!

ويقول الإمام النووي رحمه الله :
" اتفق أهل الحق ومن يعتد به في الإجماع على قبول شهاداتهم ، ورواياتهم ، وكمال عدالتهم رضي الله عنهم أجمعين " انتهى.
"شرح مسلم" (15/149)

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر: [اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ عَلَى أنَّ الْجَمِيعَ عُدُولٌ، وَلَمْ يُخَالِف فِي ذَلِك إلا شُذُوذٌ مِنَ الْمُبْتَدِعَةِ](["الإصابة في تمييز الصحابة" (1/6).]).

وقال الحافظ ابن كثير: "والصحابة كلهم عدول عند أهل السنة والجماعة لما أثنى الله عليهم في كتابه العزيز، وبما نطقت به السنة النبوية في المدح لهم في جميع أخلاقهم وأفعالهم وما بذلوه من الأموال والأرواح بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبة فيما عند الله من الثواب الجزيل والجزاء الجميل"( الباعث الحثيث ص/181-182)

وقال السخاوي: "وهم رضي الله عنهم باتفاق أهل السنة عدول كلهم مطلقاً كبيرهم وصغيرهم لابس الفتنة أم لا وجوباً لحسن الظن، ونظراً إلى ما تمهد لهم من المآثر من امتثال أوامره بعده صلى الله عليه وسلم وفتحهم الأقاليم وتبليغهم عنه الكتاب والسنة وهدايتهم الناس ومواظبتهم على الصلاة والزكاة وأنواع القربات مع الشجاعة والبراعة والكرم والإيثار والأخلاق الحميدة التي لم تكن في أمة من الأمم المتقدمة(فتح المغيب شرح ألفية الحديث 3/108)

وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة في الرد على أهل البدع والزندقة : ( اعلم أن الذي أجمع عليه أهل السنة والجماعة أنه يجب على كل مسلم تزكية جميع الصحابة باثبات العدالة لهم والكف عن الطعن فيهم والثناء عليهم )

وقال الحافظ الشوكاني :

( وإذا تقرر لك عدالة جميع من ثبتت له الصحبة ، علمت أنه إذا قال الراوى عن رجل من الصحابة، ولم يسمه كان ذلك حجة، ولا يضر الجهالة، لثبوت عدالتهم على العموم ) ، المصدر : إرشاد الفحول للشوكانى ( 1 / 278 ) !!

هذه بعض النقولات للاجماع من كلام كبار اهل العلم.

فمن تدبر ما نقلناه من الايات والاحاديث واثار السلف وكلام اهل العلم والاجماع كان على يقين من عدالة الصحابة رضي الله عنهم وفضلهم وخطورة الطعن فيهم .

واما من استحوذ الشيطان على قلبه وأضله الله و طمس الله على بصره وقلبه فما لنا عليه سبيل .

قال تعالى:(رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ).

نسال الله عز وجل باسمائه الحسنى وصفاته العلى ان يغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان وان لايجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا انه رؤوف رحيم

وان يجمعنا مع صحابة رسوله صلى الله عليه وسلم في جنته ويرحمنا برحمته

اللهم انا نحبهم ونذب عنهم ونحب من يحبهم ونتقرب اليك بحبهم فاجمعنا بهم يا ارحم الراحمين

امين والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين
_____
محمد بن العربي التلمساني

التعديل الأخير تم بواسطة محمد تلمساني ; 05-01-2013 الساعة 07:41 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
محمد تلمساني
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-07-2009
  • المشاركات : 2,226
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد تلمساني will become famous soon enough
محمد تلمساني
شروقي
عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم
09-08-2012, 11:29 AM

من هم الصحابة ؟

قال الإمام عبد الرحمن بن أبِي حاتِم الرازي (ت 327 هـ) رحِمه الله تعالَى:

«فأما أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين شهدوا الوحي والتنْزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصُحبة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، ونُصرته وإقامة دينه وإظهار حقِّه، فرضيهم له صحابةً، وجعلهم لنا أعلامًا وقدوة، فحفِظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلَّغهم عن الله عز وجل، وما سنَّ وشرع، وحكم وقضى، وندب وأمر، ونَهى وحظر، وأدب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا فِي الدِّين، وعَلِموا أمرَ الله ونَهيه ومراده؛ بِمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدتِهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقفهم منه، واستنباطهم عنه، فشرَّفهم الله بِما مَنَّ عليهم وأكرمهم به، من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشكَّ والكذبَ، والغلط والريبة والغمز، وسمَّاهم عدولَ الأمَّة، فقال عز ذِكرُه في محكم كتابه : ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة:143]، ففسَّر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز ذكره قوله: ﴿وَسَطًا﴾ قال: «عدلاً»، فكانوا عدولَ الأمَّة، وأئمة الْهُدى، وحُججَ الدين، ونقلة الكتاب والسنة.

وندب الله تعالى إلَى التمسُّك بِهديهم، والْجَري على منهاجهم، والسلوك لسبيلهم، والاقتداء بِهم، فقال: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾ [النساء:115] الآية.

ووجدنا النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد حضَّ على التبليغ عنه فِي أخبار كثيرة، ووجدناه يُخاطب أصحابه فيها، منها أن دعا لَهم فقال: «نضَّر الله امرأً سَمع مقالتِي فحفظها، ووعاها حتَّى يبلِّغها غيره».

وقال صلى الله عليه وسلم فِي خطبته: «فليبلغ الشاهدُ منكم الغائب».

وقال: «بلغوا عنِّي ولو آية، وحدِّثوا عني ولا حرج».

ثُمَّ تفرَّقت الصحابةُ - رضي الله عنهم - فِي النَّواحي والأمصار والثغور، وفِي فتوح البلدان و المغازي، والإمارة والقضاء والأحكام، فبثَّ كلُّ واحد منهم فِي ناحيته، وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكموا بحُكم الله عز وجل، وأمضوا الأمور على ما سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأفتوا فيما سُئلوا عنه مِمَّا حضرهم من جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظائرها من الْمَسائل.

وجرَّدوا أنفسهم مع تقدمة حسن النية والقربة إلَى الله -تقدَّس اسْمُه- لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحَلال والحَرام، حتَّى قبضهم الله عز وجل، رضوان الله ومغفرته ورحْمَته عليهم أجْمَعين».

تقدمة الجرح والتعديل (1/7-8)
  • ملف العضو
  • معلومات
محمد تلمساني
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-07-2009
  • المشاركات : 2,226
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد تلمساني will become famous soon enough
محمد تلمساني
شروقي
  • ملف العضو
  • معلومات
الأمازيغي52
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-08-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,347

  • وسام اول نوفمبر وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • الأمازيغي52 will become famous soon enough
الأمازيغي52
شروقي
رد: _عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن
09-08-2012, 12:13 PM
عدالة لجميع الصحابة ؟ كلهم هكذا ؟
ومن اقترف منهم سرقة أو كذبا أو زنى أو قتل صحابيا آخر بوجه لا حق فيه هل يجوزوَ فيه القول بأنه عادل ؟

كيف لنا تصديق الشيوخ ؟؟؟ والله هو القائل عن صحابة رسول الله مخاطبا رسوله الكريم صلوات الله عليه بذات الشأن :

وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ [التوبة : 101]
  • ملف العضو
  • معلومات
محمد تلمساني
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-07-2009
  • المشاركات : 2,226
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد تلمساني will become famous soon enough
محمد تلمساني
شروقي
عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم
09-08-2012, 12:25 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 مشاهدة المشاركة
عدالة لجميع الصحابة ؟ كلهم هكذا ؟
ومن اقترف منهم سرقة أو كذبا أو زنى أو قتل صحابيا آخر بوجه لا حق فيه هل يجوزوَ فيه القول بأنه عادل ؟

كيف لنا تصديق الشيوخ ؟؟؟ والله هو القائل عن صحابة رسول الله مخاطبا رسوله الكريم صلوات الله عليه بذات الشأن :

وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ [التوبة : 101]

هذا الخلط عندك ناتج عن عدم فهمك لمعنى العدالة ومن هو الصحابي

فلو قرات لعرفت اننا اجبنا عن هذا في الموضوع

ولكن رددت بدون قراءة كحال من يرد ليرد ...

اولا العادلة لا تعني العصمة

فليس معنى العدل هو المعصوم الذي لايذنب والا لم يكن هناك عدل

فالعدل قد يذنب ولكنه يتوب ويستغفر ولا يصر وتكون له من

الحسنات والاعمال الصالحة ما يكفر عنه ذلك الذنب ..


وقد تحدثت عن هذا في الموضوع فارجع اليه

اما الاية التي استدللت بها فاستدلالك بها في غير محله

فنحن نتخدث عن الصحابة و الاية في المنافقين


وهذا الخلل نتج عندك لجهلك بتعريف الصحابي

وقد تكلمت على تعريفه في اول الموضوع وهو كما عرفه اهل العلم ومنهم الحافظ ابن حجر من لقي النبي صلى الله عليهم وسلم مؤمنا ومات على الايمان

فالمنافق ليس صحابيا اصلا ..



ثالثا واخيرا

اجمع اهل السنة من المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة وغيرهم

على عدالة الصحابة جميعا

وقد نقلنا اجاعهم في اخر الموضوع

فلا يصح ان ياتي بعدهم من ينقض اجماعهم ...
  • ملف العضو
  • معلومات
الأمازيغي52
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-08-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,347

  • وسام اول نوفمبر وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • الأمازيغي52 will become famous soon enough
الأمازيغي52
شروقي
رد: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم
09-08-2012, 01:15 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد تلمساني مشاهدة المشاركة
هذا الخلط عندك ناتج عن عدم فهمك لمعنى العدالة ومن هو الصحابي

فلو قرات لعرفت اننا اجبنا عن هذا في الموضوع

ولكن رددت بدون قراءة كحال من يرد ليرد ...

اولا العادلة لا تعني العصمة

فليس معنى العدل هو المعصوم الذي لايذنب والا لم يكن هناك عدل

فالعدل قد يذنب ولكنه يتوب ويستغفر ولا يصر وتكون له من

الحسنات والاعمال الصالحة ما يكفر عنه ذلك الذنب ..


وقد تحدثت عن هذا في الموضوع فارجع اليه

اما الاية التي استدللت بها فاستدلالك بها في غير محله

فنحن نتخدث عن الصحابة و الاية في المنافقين


وهذا الخلل نتج عندك لجهلك بتعريف الصحابي

وقد تكلمت على تعريفه في اول الموضوع وهو كما عرفه اهل العلم ومنهم الحافظ ابن حجر من لقي النبي صلى الله عليهم وسلم مؤمنا ومات على الايمان

فالمنافق ليس صحابيا اصلا ..



ثالثا واخيرا

اجمع اهل السنة من المالكية والحنفية والشافعية والحنابلة وغيرهم

على عدالة الصحابة جميعا

وقد نقلنا اجاعهم في اخر الموضوع

فلا يصح ان ياتي بعدهم من ينقض اجماعهم ...

قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر (ت:852هـ): [وَأَصَحّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِك أَنَّ الصَّحَابِيّ: مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنَاً بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ.
فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ أَوْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَرْو، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ أَوْ لَمْ يَغْز، ومَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ لَمْ يُجَالِسهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ كَالْعَمَى]([الإصابة في تمييز الصحابة (1/4-دار الكتب العلمية).]).
فالإيمان بالنبي شيء والنفاق شيء آخر .
المنافق هو عنصر داخل الإسلام وليس خارجه ، فالخارج عن مله الإسلام يسمى كافر وليس منافق ، فلا تتفيقه علينا يا مفتي الشروقية .

والمنافق تقديره عند الله وليس عند البشر امثاله ، فهو خفي لا يعلمه سوى رب العرش العظيم ، وإلا كيف يغفل عنهم الرسول الكريم ، والله هو الذي نبهه على وجودهم بينه .
الاية القرآنية صادعة بالحق ، فالصحابة فيهم من هو منافق ، والنفاق يعني عدم العدالة .
وطعن الرسول الأكرم في عدالة الصحابة جميعهم :
عن ابن عباس عن النبي (ص) قال : " إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا. ثم قرأ : كما بدنا أول الخلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين. وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم. وإن أناسا من أصحابي يُؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي، أصحابي. فيقال : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله الحكيم." ( رواه البخاري الحديث رقم 1375)
من الصحابة من هم منافقون لا نعلمهم ، الله يعلمهم ، والإستغفار عن الذنوب صدقها أو كذبها حكمه عند الله كذلك ، فالمسلم يحكم على الظاهر وليس على الباطن الخفي .

تحياتي
  • ملف العضو
  • معلومات
محمد تلمساني
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-07-2009
  • المشاركات : 2,226
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد تلمساني will become famous soon enough
محمد تلمساني
شروقي
رد: عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم
09-08-2012, 10:32 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 مشاهدة المشاركة
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَر (ت:852هـ): [وَأَصَحّ مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِك أَنَّ الصَّحَابِيّ: مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنَاً بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ.
فَيَدْخُل فِيمَنْ لَقِيَهُ: مَنْ طَالَتْ مُجَالَسَتُهُ لَهُ أَوْ قَصُرَتْ، وَمَنْ رَوَى عَنْهُ وَمَنْ لَمْ يَرْو، وَمَنْ غَزَا مَعَهُ أَوْ لَمْ يَغْز، ومَنْ رَآهُ رُؤْيَةً وَلَوْ لَمْ يُجَالِسهُ، وَمَنْ لَمْ يَرَهُ لِعَارِضٍ كَالْعَمَى]([الإصابة في تمييز الصحابة (1/4-دار الكتب العلمية).]).
فالإيمان بالنبي شيء والنفاق شيء آخر .
المنافق هو عنصر داخل الإسلام وليس خارجه ، فالخارج عن مله الإسلام يسمى كافر وليس منافق ، فلا تتفيقه علينا يا مفتي الشروقية .

والمنافق تقديره عند الله وليس عند البشر امثاله ، فهو خفي لا يعلمه سوى رب العرش العظيم ، وإلا كيف يغفل عنهم الرسول الكريم ، والله هو الذي نبهه على وجودهم بينه .
الاية القرآنية صادعة بالحق ، فالصحابة فيهم من هو منافق ، والنفاق يعني عدم العدالة .
وطعن الرسول الأكرم في عدالة الصحابة جميعهم :
عن ابن عباس عن النبي (ص) قال : " إنكم تحشرون حفاة عراة غرلا. ثم قرأ : كما بدنا أول الخلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين. وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم. وإن أناسا من أصحابي يُؤخذ بهم ذات الشمال فأقول : أصحابي، أصحابي. فيقال : إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم إلى قوله الحكيم." ( رواه البخاري الحديث رقم 1375)
من الصحابة من هم منافقون لا نعلمهم ، الله يعلمهم ، والإستغفار عن الذنوب صدقها أو كذبها حكمه عند الله كذلك ، فالمسلم يحكم على الظاهر وليس على الباطن الخفي .

تحياتي

لو انك قرات الموضوع لعرفت ان ما طرحته قد اجبنا عليه في صلب الموضوع


ولم يكن بك حاجة الى نقل شبهات الشيعة من مواقعهم

ولكن قرات العنوان فقط ورددت لترد فقط

وتعريف الصحابي الذي نقلته عن الحافظ يكفي في رد كلامك لو عقلت

فهو قال الصَّحَابِيّ: مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ - مُؤْمِنَاً بِهِ، وَمَاتَ عَلَى الإسْلامِ.

والمنافق ليس مؤمنا فكيف يكون صحابيا ؟؟

وقولك_
اقتباس:
المنافق هو عنصر داخل الإسلام وليس خارجه ، فالخارج عن مله الإسلام يسمى كافر وليس منافق _


ضرب من الخبال والخلط

كيف يكون المنافق من ملة الاسلام ؟؟؟

وقولك _
اقتباس:
طعن الرسول الأكرم في عدالة الصحابة جميعهم _


طعن في النبي صلى الله عليه وسلم وافتراء عليه

كيف وهو الذي زكاهم ومدحهم

فقال صلى اله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري

وقوله صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ) رواه البخاري

وغير ذلك من الاخبار التي نقلنا بعضها

ولكن ... انها لاتعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور


اما ما ذكرته من الحكم بالظاهر فاقول

اولا نعم الحكم بالظاهر وظاهر الصحابة هو الدين والعدالة والايمان

ثانيا ان الله تعالى المطلع على البواطن هو سبحانه من زكى الصحابة في القران ومدحهم واثنى عليهم وامرنا باتباعهم

يقول الله عز وجل: ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً)) [سورة الفتح: 18].

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كنا ألفا وأربعمائة صحيح البخاري: كتاب المغازي -باب عزوة الحديبية- حديث [4154] فتح الباري: 7/507. طبعة الريان.

فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله. وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم

( ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر ؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام . فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام ) . .الصواعق المحرقة: ص 316

ومما يؤكد هذا ما ثبت في صحيح مسلم من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد؛ الذين بايعوا تحتها) صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة. . حديث [2496]. صحيح مسلم 4/1943.

قال ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (4/243) :

" فعلم ما في قلوبهم : أي : من الصدق والوفاء والسمع والطاعة " انتهى .

وقال ابن حزم: (فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزلا السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة) الفصل في الملل والنحل: 4/148.


وقوله تعالى: ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً)) [سورة الفتح: 29].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري (3673) ومسلم (2540)

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ) رواه البخاري (2652) ومسلم (2533)

يقول الخطيب البغدادي رحمه الله في "الكفاية" (49) :

" على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطعَ على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى .

ولو ذهبنا نسرد مواقفهم التي نصروا فيها الدين ، وأعمالهم التي استحقوا بها الرفعة والمنزلة العالية ، لما كفتنا المجلدات الطوال ، فقد كانت حياتهم كلها في سبيل الله تعالى ، وأي قرطاس يسع حياة المئات من الصحابة الذين ملؤوا الدنيا بالخير والصلاح .

وراجع ما نقلته في الموضوع من الايات والاحاديث وما قال اهل العلم في تفسيرها لعلك تنتفع


ورحم الله الامام مالك الذي قال عن هؤلاء الذين يسبون الصحابة: { إنما هؤلاء اقوام أرادوا القدح في النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يمكنهم ذلك، فقدحوا في اصحابه، حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلا صالحا لكان أصحابه صالحون }. ( رسالة في سب الصحابة، عن الصارم المسلول ص580 ).

وسنرد فيما ياتي على ما طرحته من الشبهتين بشيئ من التفصيل ..
التعديل الأخير تم بواسطة محمد تلمساني ; 09-08-2012 الساعة 10:38 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية أم سمية
أم سمية
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 15-09-2009
  • الدولة : الجزائر المحروسة
  • المشاركات : 5,722
  • معدل تقييم المستوى :

    20

  • أم سمية is on a distinguished road
الصورة الرمزية أم سمية
أم سمية
شروقي
رد: _عقيدة أهل السنة والجماعة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن
09-08-2012, 10:40 PM
موضوع يلزمه المطالعة بتأني ...كما علينا ان نتحرى الصدق في الاقوال والاعمال..عسانا نحرر ونصفي قلوبنا من كل ما يشوبها ...
وفقنا الله واياك لما يحبه ويرضاه.....
[SIGPIC]
  • ملف العضو
  • معلومات
محمد تلمساني
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-07-2009
  • المشاركات : 2,226
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • محمد تلمساني will become famous soon enough
محمد تلمساني
شروقي
هل كان في الصحابة منافقون
09-08-2012, 10:58 PM
_هل كان في الصحابة منافقون ؟؟

يزعم الشيعة انه كان من الصحابة منافقون بل ويزعمون ان اغلب الصحابة كانو منافقين

ويستدلون بمثل قوله صلى اله عليه وسلم "في أصحابي اثنا عشرمنافقا . فيهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ) اخرجه مسلم

ونحن نبين باذن الله ما يبطل هذه الشبهة ويردها

اولا لا يصح ان يقال كان من الصحابة منافقون لان النفاق والصحبة لايجتمعان

اما تعريف الصحابي فقد ذكرناه من قبل وهو من لقي النبي مؤمنا به ومات على الايمان

فلا يدخل فيه المنافق لانه ليس بمؤمن

وقد ببن الله في القران صفات الصحابة ومدحهم وبين صفات المنافقين كما سياتي وحذر منهم كما سباتي بيانه


نحن لاننكر وجود المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وسللم فهذا امر ذكر في القران وفي السنة وهو متواتر

ولكن الذي ننكره هو ما يقوله الشيعة من انه كان من الصحابة منافقون

وهذا لم يقل به احد من اهل السنة وانما يقول به الشيعة فقط

واجمع العلماء على ان المنافقين ليسو من الصحابة

ونسال هنا هل يعد ابن سلول راس النفاق من الصحابة على مذهب الشيعة ؟؟


والله عز وجل امتدح الصحابة واثنى عليهم

ثانيا النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو الذي زكى اصحابه ومدحهم واثنى عليهم وامرنا باتباعهم

كما بيناه سابقا

فهل امرنا باتباع اناس فيهم المنافقون او اغلبهم المنافقون ؟؟

ثالثا الحديث لاحجة فيه على ما يدعيه الشيعة من ان اغلب الصحابة كانو منافقين بزعمهم

لان الصحبة بمعناها الاصطلاحي والنفاق لايجتمعان كما قدمنا

فالصحابي مؤمن والمنافق غير مؤمن ..


رابعا الحديث حجة لنا ورد على ما يدعيه الشيعة

فالنبي صلى الله عليه وسلم حصر هؤلاء المنافقين في اثني عشر

وهذا فيه رد على ما يدعيه الشيعة من ان اغلب الصحابة منافقون

ويبين ما قلناه سابقا من ان المنافقين لم يكونو مجهولين في مجتمع المدينة إنما كانوا فئة مفضوحة فقد عُلم بعضهم بعينه والبعض الآخر عرف بالأوصاف المذكورة في القرآن
بل قد جاء في صحيح البخاري عن زيد بن وهب قال: (كنَّا عند حذيفة فقال: ما بقي من أصحاب هذه الآية إلاَّ ثلاثة ولا من المنافقين إلاَّ أربعة ـ)


اما لفظة اصحابي في الحديث

فان لفظ الاصحاب : تحتمل معان عدة منها يراد بهم الاصحاب فى الرفقة ، وقد يراد بهم الاصحاب فى اتباع منهج واحد وغير ذلك

اما الاول فهو الاصل ، واما الثانى فالدليل قوله تعالى {فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِّثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلَا يَسْتَعْجِلُونِ }الذاريات59

قال فى (المعجم الوسيط/1/507) " ويطلق على من اعتنق مذهبا أو رأيا فيقال أصحاب أبي حنيفة وأصحاب الشافعي "

وقد يطلق لفظ الصحبة على الكفار والمنافقين لغة

لقوله تعالى {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الأعراف184

وقوله تعالى {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }التوبة70

فالصحبة في الحديث المذكور فلا يقصد بها الصحبة بالمعنى الاصطلاحي ، وإنما يراد بها الصحبة بمعناها اللغوي
أو مجرد الدعوى.


وجاء في رواية اخرى ( في أمتي ) ذكرها ايضا الامام مسلم في صحيحه

فالمعنى على رواية في اصحابي اي مندسون بين الصحابة كما قال تعالى ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِلا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ( (التوبة:101).

قال المناوي « في أصحابي الذين ينسبون إلى صحبتي»

قال النووي :" ‏أما قوله صلى الله عليه وسلم : ( في أصحابي ) فمعناه الذين ينسبون إلى صحبتي , كما قال في الرواية الثانية : ( في أمتي )" اهـ

وهو أوضح في المراد

والحديث قال (في أصحابي) ولم يقل (من أصحابي)، والحرف (في) من الحروف العوامل ومعناها الوعاء

واما من الحروف العوامل أيضاً ومن معانيها التبعيض

فقوله صلى الله عليه وسلم (في أصحابي) لا يعني أن المنافقين بعض أصحابه فهو قال في اصحابي ولم يقل من اصحابي

وهذا ظاهر بين

واما الااثنا عشر منافقا

فهم الذين جاؤوا متلثمين وقد قصدوا قتله ليلة العقبة مرجعه من تبوك حتى أخذ مع عمار وحذيفة طريق الثنية والقوم ببطن الوادي فحماه الله منهم وأعلمه بأسمائهم» » (فيض القدير4/454).
وقد أطلع الرسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة على أسمائهم.

وهؤلاء الاثنا عشر منافقون أرادوا وهموا أن يفتكوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في طريق عودته من إحدى الغزوات.

وقد ذكر قصتهم الحافظ ابن كثير عند تفسير قوله تعالى:يحلفون بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا(التوبة: من الآية74)، قال بعد أن أورد روايتين عند البيهقي وأحمد، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يمشي الناس في بطن الوادي، وصعد هو وحذيفة وعمار العقبة، فتبعهم هؤلاء النفر الأرذلون وهم متلثمون فأرادوا سلوك العقبة، فأطلع اللهُ على مرادهم رسولَ الله صلى الله عليه وسلم فأمر حذيفة فرجع إليهم فضرب وجوه رواحلهم ففزعوا ورجعوا مقبوحين وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم حذيفة وعماراً بأسمائهم، وما كانوا هموا به من الفتك به صلوات الله وسلامه عليه، وأمرهما أن يكتما عليهم. ثم قال ويشهد لهذه القصة بالصحة ما رواه مسلم، وأورد هذا الحديث. انتهى،

انظر تفسير الحافظ ابن كثيرعند تفسير قوله تعالى:يحلفون بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا(التوبة: من الآية74)، ابن كثير: 2/488-489. والبداية والنهاية 5/18)

وبعد الرد على الشبهة التي قد تفهم من ظاهر الحديث

نرد على من زعم ان من الصحابة منافقون

ان الله تعالى المطلع على البواطن هو سبحانه من زكى الصحابة في القران ومدحهم واثنى عليهم وامرنا باتباعهم

فكيف يمدح الله من يزعم الشيعة انهم منافقون او اكثرهم منافقون ..؟

يقول الله عز وجل: ((لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً)) [سورة الفتح: 18].

قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: كنا ألفا وأربعمائة صحيح البخاري: كتاب المغازي -باب عزوة الحديبية- حديث [4154] فتح الباري: 7/507. طبعة الريان.

فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تزكية الله لهم، تزكية لا يخبر بها، ولا يقدر عليها إلا الله. وهي تزكية بواطنهم وما في قلوبهم

( ومن رضي عنه تعالى لا يمكن موته على الكفر ؛ لأن العبرة بالوفاة على الإسلام . فلا يقع الرضا منه تعالى إلا على من علم موته على الإسلام ) . .الصواعق المحرقة: ص 316

ومما يؤكد هذا ما ثبت في صحيح مسلم من قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : (لا يدخل النار إن شاء الله من أصحاب الشجرة أحد؛ الذين بايعوا تحتها) صحيح مسلم: كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل أصحاب الشجرة. . حديث [2496]. صحيح مسلم 4/1943.

قال ابن كثير رحمه الله في "تفسير القرآن العظيم" (4/243) :

" فعلم ما في قلوبهم : أي : من الصدق والوفاء والسمع والطاعة " انتهى .

وقال ابن حزم: (فمن أخبرنا الله عز وجل أنه علم ما في قلوبهم، ورضي عنهم، وأنزلا السكينة عليهم، فلا يحل لأحد التوقف في أمرهم أو الشك فيهم البتة) الفصل في الملل والنحل: 4/148.


وقوله تعالى: ((محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم رُكعاً سُجدا يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مَثَلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سُوقه يُعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً)) [سورة الفتح: 29].


وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تَسُبُّوا أَصحَابِي ؛ فَوَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو أَنَّ أَحَدَكُم أَنفَقَ مِثلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم وَلا نَصِيفَهُ ) رواه البخاري (3673) ومسلم (2540)

وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خَيرُ النَّاسِ قَرنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ) رواه البخاري (2652) ومسلم (2533)

يقول الخطيب البغدادي رحمه الله في "الكفاية" (49) :

" على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء ، لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة ، والجهاد ، والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين ، القطعَ على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين الذين يجيؤون من بعدهم أبد الآبدين ، هذا مذهب كافة العلماء ، ومن يعتد بقوله من الفقهاء " انتهى .

ولو ذهبنا نسرد مواقفهم التي نصروا فيها الدين ، وأعمالهم التي استحقوا بها الرفعة والمنزلة العالية ، لما كفتنا المجلدات الطوال ، فقد كانت حياتهم كلها في سبيل الله تعالى ، وأي قرطاس يسع حياة المئات من الصحابة الذين ملؤوا الدنيا بالخير والصلاح .

وراجع ما نقلناه في بحصثنا عقيدة اهل السنة في الصحابة وبيان عدالتهم وخطر الطعن فيهم

من الايات والاحاديث وما قال اهل العلم في تفسيرها لعلك تنتفع

واما ادخال المنافقين في اسم الصحبة فلا يعرف هذا عن اهل السنة والجماعة وانما هو من كلام الشيعة

اما اهل السنة فيعتقدون عدالة الصحابة كلهم،وأما المنافقون فليسوا من الصحابة بحال، فالصحابي في الإصطلاح: هو من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً ومات على الايمان
فخرج الكفار والمنافقون من حد الصحبة، لأنهم لم يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإن كان المنافقون في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعاملون بما يظهرون من الإسلام.
واما النفاق فيقول ابن القيم (( المنافق الذي يظهر الإسلام ومتابعة الرسول ويبطن الكفر ومعاداة الله ورسوله )) طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن قيم الجوزية ص (662)

فلا يتوافق أن يكون الصحابي منافقاً ولا المنافق صحابياً.

ويلزم من ادخال المنافقين في الصحابة كما يزعم الشيعة لوازم باطلة

منها

إذا كان المنافقون جزءاً من الصحابة كما يزعم الشيعة فمعنى ذلك أن كل من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو صحابي لعدم اشتراط الإيمان به والموت على ذلك اليهود والنصارى والمشركين الذين رأوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم سيدخلون في مسمى الصحابة لأنه لا يشترط الإيمان في الصحبة وهذا الكلام لا يقوله إلا من تشبع بالغباء فضلاً عن العقلاء، فإذا اعترف الرافضة بأن الصحابي هو من رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً به ومات على ذلك فقد أبطلوا الادعاء بأن المنافق صحابي لأنه ليس من أهل الإيمان بالاتفاق.

ومن هذا الباب ايضا ياتي كل انسان فيطعن فيمن شاء من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنهم منافقون بحجة أن أهل النفاق في الصحابة (!) لأنكم فتحتم الباب على مصراعيه ولم تحددوا من هم الصحابة ومن هم المنافقون!!
ومن هذا الباب دخل الملاحدة والزنادقة والمستشرقون للطعن في الإسلام وأهله.

واذا كان الاكثرية من الصثحابة هم من المنافقون كما يقول الشيعة فلماذا لم يحيطوا بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته ليقضوا عليهم ويدمروا دولة الإسلام الفتية؟ ولكن الواقع يشهد انهم نصرو الاسلام بارواحهم واموالهم وكل ما يملكون .

ثم انه لم يكن المنافقون مجهولين في مجتمع المدينة إنما كانوا فئة مفضوحة فقد عُلم بعضهم بعينه والبعض الآخر عرف بالأوصاف المذكورة في القرآن ويبين هذه الحقيقة حديث كعب بن مالك وهوأحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وذلك حين قال (( فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه النفاق أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء.....الخ ))

ومن أوصافهم الظاهرة أيضاً (( وصفهم بالإفساد في الأرض والاستهزاء بدينه وبعباده وبالطغيان واشتراء الضلالة بالهدى، والصم والبكم والعمى والحيرة والكسل عند عبادته(*)، والتردد والتذبذب بين المؤمنين والكفار فلا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، والحلف باسمه تعالى كذباً وباطلاً وبعدم الفقه بالدين وبالجبن، وبعدم الإيمان بالله وباليوم الآخر والرب، وأنهم يحزنون بما يحصل للمؤمنين من الخير والنصر، ويفرحون بما يحصل لهم من المحنة والإبتلاء، وأنهم يتربصون الدوائر بالمسلمين وبكراهتهم الانفاق في مرضاة الله وسبيله وأنهم يفرحون إذا تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويكرهون الجهاد في سبيل الله وأنهم أحلف الناس بالله قد اتخذوا أيمانهم جنة تقيهم من إنكار المسلمين عليهم، وبأنهم مضرة على أهل الإيمان يقصدون التفريق بينهم والفجور عند الخصام ويؤخرون الصلاة إلى آخر وقتها ويتركون حضور الجماعة وأن أثقل الصلوات عليهم الصبح والعشاء )) فهذه بعض صفات المنافقين التي وصفهم الله سبحانه بها، فبالله هل هذه الأوصاف يوصف بها من صحب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟!..هل هذه الأوصاف يستحق من يوصف بها أن يكون قسماً من الصحابة؟!..لا شك أن صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هم أبعد الناس من أن يوصفوا بتلكم الأوصاف وقد استحقوا رضى الله سبحانه ومرضاته حتى قال فيهم { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله } ( آل عمران 110) وقال تعالى { ياأيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } ( الأنفال 64) وقال تعالى { محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً } ( الفتح 29 ) وقال سبحانه { والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم } ( الأنفال 74) فالذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا هم المهاجرون من الصحابة، والذين آووا ونصروا هم الأنصار من الصحابة وقد وصفهم الله بصيغة الجمع بأنهم هم المؤمنون حقا ثم يأتي بعد ذلك أولي النهى والخبول ليجعلوا الصحابة والمنافقين في خندق واحد!!؟

ومن المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد علّم بعض أصحابه أسماء المنافقين وقد أقر المؤلف بذلك وقد ثبت أيضاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ترضى عن صحابته وأوجب حبهم والثناء عليهم وحمى أقدارهم من التعرض لهم بسوء فقال (( لاتسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدُهم ولا نصيفه )) وقال (( من سب أصحابي، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) وقال أيضاً صلوات الله وسلامه عليه (( إحفظوني في أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم،....الخ )) وهذا يقتضي بالضرورة عدالة جميع الصحابة ولا يمكن بحال إدخال المنافقين في جملة هذه الأحاديث وقد أنزل الله فيهم قوله (( إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار )) و( ال ) للإستغراق اللهم إلا إذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتناقض في أقواله وحاشاه ذلك.
ومن المعلوم لدارس سيرة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم أن النفاق لم يكن له أثر في بداية الدعوة في مكة نظراً للإضطهاد الذى كان يلقاه المسلمون وقتئذ ولكنه ظهر بالمدينة بعدما مكن الله للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصبح الإسلام واقعاً معترفاً به ومن المتفق عليه أن أبابكر وعمر وعثمان وغيرهم قد أسلموا في بداية محنة الإسلام في مكة وهذا يبين أنهم من أبعد الناس عن النفاق.

لقد فضح الله المنافقين في سورتي ( المنافقين، والتوبة ) مبيناً حالهم ودسائسهم وما تكنه صدورهم تجاه المؤمنين لذلك سُمّيت سورة التوبة بالفاضحة والمدمدمة لما أظهرت من صفاتهم ونواياهم ثم أظهرت حال أهل الإيمان من الصحابة الميامين بشهادة رب العالمين، وبالنسبة لسورة المنافقين فقد نزلت في رأس النفاق عبد الله ابن أبي بن سلول وأصحابه فقد أخرج البخاري في صحيحه عند تفسير سورةالمنافقين عن زيد بن الأرقم أنه قال (( كنت في غزاة فسمعت عبد الله بن أبي يقول: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله، ولئن رجعنا من عنده ليخرجن الأعز منها الأذل. فذكرت ذلك لعمي أو لعمر فذكر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم فدعاني فحدثته، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عبد الله بن أبي وأصحابه فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثلُهُ قط، فجلست في البيت، فقال لي عمي: ما أردت إلا أن كذبك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومقتك، فأنزل الله تعالى ( إذا جاءك المنافقون ) فبعث إليّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقرأ فقال: إن الله قد صدقك يازيد))

ومعلوم أن أصحاب ابن أبي كانوا معروفين بأعيانهم عند الصحابة وهذا واضح جداً من سياق الحديث. وأما بالنسبة لسورة ( التوبة ) فقد دمدمت على أهل النفاق في مواضع عديدة وفضحت الكثير من صفاتهم ففي قوله تعالى { لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله واليوم الآخر أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم والله عليم بالمتقين } إلى قوله { وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } ( التوبة 44 49)،
ومعلوم أن الصحابة جميعاً قد خرجوا للقتال وقد تخلف في بادئ الأمر أبوذر وأبوخيثمة ثم لحقا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد تخلف أيضاً من الصحابة ثلاثة وهم ( كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع ) وهم من الأنصار وسيأتي أن الله سبحانه غفر لهم وتاب عليهم، وبقي في المدينة أهل النفاق والمعذورين من الجهاد وقد ذكرت سابقاً قول كعب بن مالك وهوأحد الثلاثة المتخلفين ذكر أنه لم يبق في المدينة إلا رجل ممن عذر الله أو رجلاً مغموصاً عليه بالنفاق وهذا يدل على أن أهل النفاق كانت لهم علامات يعرفهم بها الأصحاب ولا يجهلونها.
خلاصة الامر إن المنافقين كانوا معروفين للنبي صلى الله عليه وسلم كما كانوا معروفين لدى الصحابة بأعيانهم وأوصافهم، لأن آيات القرآن الكريم بينت كل حركاتهم وسكناتهم حتى خلجات قلوبهم وفي الواقع إذا كنا نحن لانسطيع الآن أن نعرف هؤلاء الأشخاص بأعيانهم، لأنهم ليسوا أمامنا بأعيانهم، فقد كان يراهم الصحابة بأعينهم ويعرفونهم بأعيانهم بنور من القرآن الكريم. ويوضح هذا المعنى حديث كعب بن مالك، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا، حيث قال: فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه النفاق أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء» إذن مما لاشك فيه أن المنافقين كانوا معروفين، وكانوا قلة ذليلة، تعيش في انعزال في جوها الخاص


وقوله تعالى { يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون } ( التوبة 64) يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية (( قال مجاهد: يقولون القول بينهم ثم يقولون عسى الله أن لايغشى علينا سرنا هذا، وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى { وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير } أي أن الله سينزل علي رسوله ما يفضحكم به ويبين لكم أمركم كقوله تعالى { أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم الى قوله ولتعرفنهم في لحن القول } الآية، ولهذا قال قتادة: كانت تسمى هذه السورة الفاضحة فاضحة المنافقين )) أي أن الله فضحهم أمام الخلائق وبين حقيقتهم للناس بعد ما كان مكرهم سراً وفي الخفاء وبعد هذا لايقول أنهم والصحابة الكرام قسم واحد إلا من تسربل بالغباء! .
وقوله تعالى { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم } إلى قوله تعالى { فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين } ( التوبة 95 96) هذه الآية نزلت في المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وجاؤوا يعتذرون للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وكانوا بضعة وثمانين رجلاً ليس فيهم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم راجع صحيح البخاري رواية عبد الله بن كعب في سبب نزول هذه الآية. وقوله تعالى { والذين اتخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين....} إلى قوله { والله يحب المطهرين } ( التوبة 107 108) وهذه الآية أيضاً فضحت المنافقين وذلك عندما بنوا مسجد ضرار لأبي عامر الراهب الفاسق لحرب المؤمنين وأرادوا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي فيه فأخبره جبريل بأمرهم فأمر بعض ( أصحابه ) بهدمه وأمره بالصلاة في المسجد الذي أسس على التقوى ... ولا شك أن الذين قاموا ببناء مسجد ضرار غير مجهولين عن الصحابة

وفي نفس السورة يخبر الله برضاه عن الصحابة من السابقين الأولين مهاجرين وانصاراً بقوله سبحانه { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جناتٍ تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم } ( التوبة 100 ) فانظر أيها القارئ كيف يخبر الله برضاه عن الصحابة من المهاجرين والأنصار (( فياويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم، ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم عياذاً بالله من ذلك. وهذا يدل على أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم؟! وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه ويسبون من سبه الله ورسوله ويوالون من يوالي الله ويعادون من يعادي الله وهم متبعون لا مبتدعون ويقتدون ولا يبتدون، ولهذا هم حزب الله المفلحون وعبادُه المؤمنون )) وقوله سبحانه { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رؤف رحيم } ( التوبة 117) وهذه الآية أيضاً صريحة في مدح الصحابة من المهاجرين والأنصار وصفاء ضمائرهم وسرائرهم، فهاتان الآيتان تصرحان بعدالة الصحابة الأخيار بشهادة الكبير المتعال، ثم رضي الله سبحانه على الثلاثة الذين تخلفوا وهم من جملة الصحابة خلاف بقية المتخلفين عن الغزوة من المنافقين الذين قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن ظاهرهم، وهذا أعظم دليل على الفارق الكبير بين الصحابة المعدلين من الله سبحانه رغم أخطائهم والمنافقين الذين فضحهم الله سبحانه في كتابه الكريم والحمد لله رب العالمين.

واختمك هذا البحث بثلاث كلمات لثلاثة من علماء الامة

يقول الإمام القرطبي رحمه الله :

" الصحابة كلهم عدول ، أولياء الله تعالى وأصفياؤه ، وخيرته من خلقه بعد أنبيائه ورسله .
هذا مذهب أهل السنة ، والذي عليه الجماعة من أئمة هذه الأمة .
وقد ذهبت شرذمة لا مبالاة بهم إلى أن حال الصحابة كحال غيرهم ، فيلزم البحث عن عدالتهم.
ومنهم من فرق بين حالهم في بداءة الأمر فقال: إنهم كانوا على العدالة إذ ذاك، ثم تغيرت بهم الأحوال فظهرت فيهم الحروب وسفك الدماء، فلا بد من البحث. وهذا مردود " انتهى.
"الجامع لأحكام القرآن" (16/299)

وقال الخطيب البغدادي رحمه الله بعدما ذكر جملة من فضائل الصحابة رضي الله عنهم - :" كلها مطابقة لما ورد في نص القرآن ، وجميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة ، والقطع على تعديلهم ونزاهتهم ، فلا يحتاج أحد منهم مع تعديل الله تعالى لهم المطلع على بواطنهم إلى تعديل أحد من الخلق له .... على أنه لو لم يرد من الله عز وجل ورسوله فيهم شيء مما ذكرناه لأوجبت الحال التي كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة ، وبذل المهج والأموال ، وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة في الدين ، وقوة الإيمان واليقين القطع على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين ، الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين وهو مذهب كافة العلماء " ( الكفاية في علم الرواية 48-49) .

وقال الإمام عبد الرحمن بن أبِي حاتِم الرازي (ت 327 هـ) رحِمه الله تعالَى:

«فأما أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين شهدوا الوحي والتنْزيل، وعرفوا التفسير والتأويل، وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصُحبة نبيِّه صلى الله عليه وسلم، ونُصرته وإقامة دينه وإظهار حقِّه، فرضيهم له صحابةً، وجعلهم لنا أعلامًا وقدوة، فحفِظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلَّغهم عن الله عز وجل، وما سنَّ وشرع، وحكم وقضى، وندب وأمر، ونَهى وحظر، وأدب، ووعوه وأتقنوه، ففقهوا فِي الدِّين، وعَلِموا أمرَ الله ونَهيه ومراده؛ بِمعاينة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدتِهم منه تفسير الكتاب وتأويله، وتلقفهم منه، واستنباطهم عنه، فشرَّفهم الله بِما مَنَّ عليهم وأكرمهم به، من وضعه إياهم موضع القدوة، فنفى عنهم الشكَّ والكذبَ، والغلط والريبة والغمز، وسمَّاهم عدولَ الأمَّة، فقال عز ذِكرُه في محكم كتابه : ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة:143]، ففسَّر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز ذكره قوله: ﴿وَسَطًا﴾ قال: «عدلاً»، فكانوا عدولَ الأمَّة، وأئمة الْهُدى، وحُججَ الدين، ونقلة الكتاب والسنة.

وندب الله تعالى إلَى التمسُّك بِهديهم، والْجَري على منهاجهم، والسلوك لسبيلهم، والاقتداء بِهم، فقال: ﴿وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا﴾ [النساء:115] الآية.

ووجدنا النَّبِي صلى الله عليه وسلم قد حضَّ على التبليغ عنه فِي أخبار كثيرة، ووجدناه يُخاطب أصحابه فيها، منها أن دعا لَهم فقال: «نضَّر الله امرأً سَمع مقالتِي فحفظها، ووعاها حتَّى يبلِّغها غيره».

وقال صلى الله عليه وسلم فِي خطبته: «فليبلغ الشاهدُ منكم الغائب».

وقال: «بلغوا عنِّي ولو آية، وحدِّثوا عني ولا حرج».

ثُمَّ تفرَّقت الصحابةُ - رضي الله عنهم - فِي النَّواحي والأمصار والثغور، وفِي فتوح البلدان و المغازي، والإمارة والقضاء والأحكام، فبثَّ كلُّ واحد منهم فِي ناحيته، وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكموا بحُكم الله عز وجل، وأمضوا الأمور على ما سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأفتوا فيما سُئلوا عنه مِمَّا حضرهم من جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظائرها من الْمَسائل.

وجرَّدوا أنفسهم مع تقدمة حسن النية والقربة إلَى الله -تقدَّس اسْمُه- لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحَلال والحَرام، حتَّى قبضهم الله عز وجل، رضوان الله ومغفرته ورحْمَته عليهم أجْمَعين».

تقدمة الجرح والتعديل (1/7-8)
.................................................. ..........



التعديل الأخير تم بواسطة محمد تلمساني ; 24-08-2012 الساعة 11:37 AM
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 10:22 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى