وقفة ٌعلى طلل للشاعر محمود غنيم(1902-1972)
23-06-2018, 08:14 PM
وقفة ٌعلى طلل

مَالي وللـــنّجم يــرْعاني وأرعــاهُ**أَمْسى كــلانا يعـــافُ الغَمضَ جَفناهُ

لي فيك يا ليــلُ آهـــــاتٍ أردِّدُها**أَوَّاهُ لو أجْـــــدَتِ المحــزونَ أوَّاهُ

لا تحسبـــنِّي محبـََّـا يشْتكي وَصَبًـا**أهْونْ بـــــما في سبيل الحبّ ألْـقاهُ

إِني تـذكَّرت والذكْـــــرى مـؤرِّقةٌ**مجْدًا تلـــيدًا بأيـْــدينا أضَـعْــناهُ

أَنَّى اتـَّـــجَهْتَ إِلى الإسـلام في بَـلَدٍ**تجـــــدْهُ كالطير مقـصوصا جناحاهً

ويْــح العـُــروبة كان الكوْن مسْرحَهَا**فأصْبَــحَتْ تــتـوارى في زوايَــاهُ

كمْ صَّرفــتـْـنا يـدٌ كنّا نـُصَرفـُها**وبَاتَ يَـــمْلِكُنا شــعْبٌ مَلَــــكْنَاهُ

كَـــمْ بالعـراقِ وَكم بالهندِ ذو شَـجَنٍ **شَــكا فــردَّدت الأهـْــرامُ شَكْواهُ

بَني العُمُومَة إنَّ القـــرْح مَسَّكـُــمُو**ومَـسـَّـنَا ،نَحْنُ في الآلام أشْــــبَاهُ

يَا أهْــل يَثرب أدْمـَــتْ مُقـلـَتَيَّ يَدٌ**بـــدْريَّة ٌتَسألُ المـــــصريَّ جَدوَاهُ (1)

الديـــنُ والضَّادُ من مغـــناكم انبعثا**فطــــبّقا الشْرق أقـــْـصاهُ وأدْنـاهُ

لسْنا نمدُّ لكُم أيْمــــانَنا صِـلـَـــةً**لكـنـَّـمَا هو ديْـنٌ ما قَضـَـــــينَاهُ

هلْ كانَ دينُ ابن عَدْنان سِوَى فـــــلق**شـقَّ الوجـــودَ وليل الجـَـهل يَغْشاهُ

سَل ِالحضـــارةَ ماضيهَا وحاضــرَها**هَلْ كان يــتــصل العهـــدان لوْلاهُ

هي الحنيفَة ُعَيْـــن الله تــكـْــلؤُها**فكلـَّــــما حَاوَلوا تـشْويهَها شاهـُوا

هَلْ تطـْـلـُبُون من المُخــتار معْجزَةً**يكـْـفيه شَعْـبٌ مــنَ الأجْداثِ أحْياهُ

مَنْ وحَّدَ العُرْبَ حتَّى كان واتـِــُرهم**إذَا رأى وَلَدَ المـــوْتـُور آخـــاهُ

وَكيْف كانــوا يـدًا في الحَربِ واحدةً**مَـنْ خاضـَـها باع دُنيَاهُ بأخـــراهُ

وَكيْـفَ ساسَ رُعــاة ُالإبْلِ مملـكةً**ما سَاسـَـها قيـْـصَرٌ مِنْ قَبْلُ أوْشـاهُ

وكـــيفَ كانَ لَهُمْ عِلْـــمٌ وَفلْسفَةٌ**وكيـــفَ كانت لهم سفـْنٌ وَأمْـوَاهُ

سَنُّوا المسَاواة لا عــربٌ ولا عَجَـمُ**ما لامِرئٍ شــرفٌ إلا بــتقــواهُ

وقرَّرَتْ مبدأ الشورى حكومــتـُـهُمْ**فَـلــيسَ للــفرْدِ فيــها ما تَمَنَّاهُ

ورحَّــبَ النـّاس بالإسْلام حِينَ رأوْا**أنَّ السَّلام وأنَّ الـــعَدْلَ مَغـْــزَاهُ

يا مَنْ رأى عُمرٌا تكــسوهُ بـُـْردَتهُ **والزيْتُ أُدْمٌ لـَــهُ والكـوخُ مـأوَاهُ

يَهْـتزُّ كــسْرى على كُرسِيهِ فَــرَقاً**منْ بأسِه ، ومُلُوك الرّوم تَخـْـــشاهُ

سَل ِالمعَالِيَ عـنَّـا إنَّـنا عـــَربٌ**شِعَارُنَا المجْدُ يَهْـوانا ونَهْــــواهُ

هِيَ العُرُوبَة ُلَفـْـظ ٌإنْ نـطقـْتَ به **فالشـرقُ والضــَّـادُ والإسلام مَعْنَاهُ

استرْشَــدَ الغـربُ بالمَاضي فأرشَدَهُ**ونـَـحنُ كانَ لنا ماضٍ نَســيــناهُ

بالله سَلْ خلْفَ بـحر الرّوم عن عربٍ**بالأمـس كانوا هـنا ما بالـهم تاهوا؟

فَإنْ تراءتْ لكَ الحَمْــراءُ عن كثَبٍ**فسائِلِ الصَّرْح: أيـْنَ المَجدُ والجـاهُ؟

وانْزِلْ دمشق وسائِلْ صَخْرَ مَسـجِدِهَا**عَمَّنْ بَناهُ، لعَلَّ الصَّخرَ يـَـــنعاهُ

وطُفْ ببغداد وابْحثْ في مقابـِـرهَا**علَّ امرءًا مِن بني العبَّاس تـــلقاهُ

هذي معــــالمُ خُرْسٌ كل واحدَةٍ**منهنَّ قامـَـت خطــيبًا فاغِرًا فاهُ

إنِّي َلأشْــعُر إذْ أغـشَى مَعالمَهُم**كأنَّني راهـِــبٌ يغْـشى مُصَلاَّهُ

الله يَعْلمُ ما قلـَّـبتُ سيـــرتَهمْ**يوْما، وأخْطأ َدَمْعُ العـَـيْن ِمَجْرَاهُ

مُلْكٌ كَمُلكِ بني التَّاميـِز ما غربتْ**شمــسٌ عـليه ولا برقٌ تخطَّاهُ

ماضٍ نعــيشُ على أنقاضِهِ أمَما**ونستـَـمدُّ القوى منْ وَحْي ِذِكْرَاهُ

لادَرَّ درُّ امْرئ يطـْـري أوَائلَهُ**فَـخْرًا ،ويطرقُ إنْ ساءَلْتَهُ ماهُو ؟

مَا بَالُ شمْلِ بَنِي قحطان ُمنْصَدِعًا؟**ربَّــاهُ أَدْرِك بني قـحطان ربَّاهُ

عَهْدُ الخلافة في البسْفور قَدْ دَرَسَتْ**آثارُهُ ،طـَّيبَ الرَّحـــمَنُ مَثواهُ

عرشٌ عَتيدٌ على الأترَاكِ نعْرِضُهُ**مَا بَالـُنَا نَجِـــد الأتراك تَأبَاهُ

ألـَمْ يَروا كيْف فــدَّاهُ مُعَاويَةٌ**وكَيْفَ راح عَلِيٌّ مِنْ ضَحَـايَـاهُ

غَالَ ابنَ بنْتِ رَسُولِ الله ثـمَّ عَدَا**عَلىَ ابن بنت أبي بَكـْـٍر فَأرْدَاهُ

لمَّا ابْتغى يَدَها السَّفاح أمْهَـرَها**نهرًا من الدّم فوق الأرْض أجْرَاهُ

مَا للخِلافــةِ ذنبٌ عـندَ شانِئِها**قدْ يـظِلمُ السَّيفَ مَنْ خَانتهُ كفـَّاهُ

الحُكمُ يَسهلُ باسْم الدين جامِحُـهُï**ومَنْ يَرُمْهُ بحَدِّ السيف أعـْـيَاهُ

يا رُبَّ مَولىً له الأعناقُ خَاضعةٌï**وَرَاهبُ الدِّير باسْم الدِّين مَـْولاَهُ

إني لأعْتبرُ الإســلام جَامِعـةً**لِلشَّرق لا مَحْضَ دينٍ سنَّـهُ اللهُ

أرْوَاحُــنا تـتَلاقى فيه خافقةً**كالنَّحْـل ِإذ ْيَـتلاقىَ في خَلايَاهُ

دُستورُهُ الوَحْيُ والمُختارُعَاهِـلهُ**والمُسلمون – وإنْ شَتُّوا- رَعاياهُ

اللَّهُمَّ قَد أصْبَحتْ أهْوَاؤُنا شِيَعًـا**فامْنُنْ علينا برَاع ٍأنْتَ ترضَـاهُ

راع ٍيُعيدُ إلى الإسلام سيرَتَهُ**يرْعَى بَنِيهِ وعيْنُ الله تَـرعَاهُ




( 1)من نصف قرن حلت بالمدينة المنورة مجاعة، فأسرعت السفن المصرية محملة بالقمح إلى نجدة البلد الطيب..والشاعر يرى ذلك بعض ما يجب!
التعديل الأخير تم بواسطة ahmeed69 ; 23-06-2018 الساعة 08:28 PM