كورونا تعيد تحديد القطاعات الاستراتيجية والمهن الشاقة
25-04-2020, 06:04 AM



يجمع خبراء الاقتصاد على أن التغييرات التي فرضها فيروس كورونا بعد شهرين من “التمدد” سواء على النمو الاقتصادي الذي شهد تراجعا يعادل الـ30 بالمائة عالميا، أو بفعل انهيار سعر برميل النفط وتداعيات هذا الانهيار على عائدات الخزينة وتوقف نشاط العديد من المؤسسات الاقتصادية، سيساهم من جهة أخرى بتحديد قائمة القطاعات الاستراتيجية والمستثمرين الجادين المعول عليهم لإحداث نقلة اقتصادية مستقبلا، وهم أولئك الذين واصلوا نشاطهم رغم الأزمة ووقف الاستيراد.
كما سيعيد ترتيب قائمة المهن الشاقة التي لم يتم الإفراج عنها لحد الساعة، وسمحت الأزمة الصحية المتمثلة في تفشي فيروس كوفيد 19 في الجزائر بتحديد قائمة القطاعات الاقتصادية الجادة والقطاعات الاستراتيجية بعد أن ثبت أن الصناعة الصيدلانية وشبه الصيدلانية تكتسي أهمية كبرى في الدفع بالاقتصاد الوطني، كما تبين من هم المستثمرون الجادون المعول عليهم خلال المرحلة المقبلة لإحداث نقلة اقتصادية، وهذا بعد اختفاء طبقة رجال الأعمال التي كانت تسيطر على الساحة في حقبة النظام السابق.
وبرز للسطح أسماء شابة من رجال الأعمال أثبت وقوفها إلى جانب الدولة لمواجهة الوباء عبر تسخير كافة الإمكانيات والوسائل لمجابهة تفشي الفيروس وكذا عبر مواصلة الإنتاج وتسديد أجور العمال رغم الأزمة ووقف الاستيراد.
وأكدت أزمة كورونا ضرورة إعطاء أهمية كبرى للاستثمار في عدد من القطاعات الاستراتيجية والهيكلية على غرار الصناعة الصيدلانية والطبية والأجهزة والهياكل الصحية التي تحتاج لاهتمام أوسع خلال المرحلة المقبلة، إضافة إلى تطوير المؤسسات التي تعتمد على تكنولوجيا الرقمنة، وهي نفس المعايير التي تم اللجوء إليها لتحديد القطاعات المعنية بتخفيف إجراءات تسديد القروض أو تلك المعنية بمواصلة تقديم القروض على مستوى البنوك خلال الأسابيع الماضية.
وتم إحالة دراسة هذه الملفات للجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية التي تجتمع في كل مرة للخروج بالقرارات الجديدة. كما سمحت كورونا بتحديد قائمة المهن الشاقة وإعادة ترتيبها من جديد يتقدمها الأسلاك الصحية كالأطباء والممرضين وسائقي سيارات الإسعاف الذين تصدروا قائمة الضحايا في وفيات فيروس كوفيد 19 ضمن شهداء المهنة، إضافة إلى المهن التي واصل أصحابها العمل ولم يتماطلوا في الالتحاق بالوظيفة لضمان الصالح العام، الأمر الذي يفرض بالضرورة إعادة ترتيب قوائم المهن الشاقة في الجزائر التي لا تزال تنتظر الإفراج عنها.
وبالنسبة لتأثير فيروس كورونا على الاقتصاد الجزائري، يؤكد البروفيسور في مجال الحوكمة الاقتصادية عبد القادر بريش أن طبيعة الأزمات التي تأتي دون أن تستأذن، عادة ما تكون تداعياتها وخيمة والحل يكمن في الخروج من الأزمة بأقل الخسائر بالنسبة للجزائر من خلال التكيف مع هذا الوضع الاقتصادي المتأزم بترشيد وعقلنة النفقات العامة وتثمين الموارد الاقتصادية الداخلية وخلق جو من الثقة في البيئة الاقتصادية الداخلية وتقليص فاتورة الاستيراد للحفاظ على مخزون احتياطي الصرف والتركيز على استيراد الضروريات فقط وإعطاء أهمية لعبقرية الرجال وعبقرية التسيير التي تظهر في الشدائد والأزمات.