جزائريون يمتهنون التمريض والرياضة والحجامة في صفوف “داعش”!
18-11-2018, 04:09 AM



كشفت جلسات محاكمة جزائريين عائدين من معاقل النزاع المسلح ببعض الدول العربية، عن المهمات التي يكلفون بها من قبل الجماعات الإرهابية والتنظيمات المتطرفة، حين انخرطوا بها هروبا من واقعهم أو لتشبعهم بأفكار خاطئة في ممارسة الديانة بحرية يكون آخرها ندم وفرار من جحيم لا يطاق.
من هؤلاء ممرضة في العقد الرابع من العمر وأم لبنتين دفعتها ظروفها الصعبة وضغوطات في حياتها الزوجية للبحث عن متنفس أشبه بما تعرضه المسلسلات السورية، وانطلقت رحلتها من الجزائر نحو المجهول، لتجد نفسها داخل جبهات القتال في سوريا وبقيت فيها سنوات تحت الإقامة الجبرية وممارسة مهنة التمريض لمدة ما يقارب عامين ثم زج بها في معتقلات النظام قبل ان تفر نحو تركيا والعودة من جديد إلى الجزائر.
تفاصيل القضية انطلقت من سنة 2013 حين قررت المتهمة السفر نحو تركيا لغرض السياحة هروبا من ضغط الحياة، وعبرت الحدود حيث قضت داخل الأراضي السورية مدة خمس سنوات، عبر منطقة “علي عتاب” رفقة عائلات سورية وتحصلت على بطاقة من منظمة “اليونيسف” للعمل في مجال التمريض ومداواة الجرحى من المدنيين وحتى المقاتلين بمختلف الجبهات التي وضعتها رغما عنها في إقامة جبرية، وتنقلت المتهمة بين المعسكرات منها “جبهة النصرة” و”جبهة الأكراد” و”أحرار سوريا” إلى تنظيمات أخرى منشقة عن النظام، قضت معهم مدة 23 شهرا وخططت للهرب دون أن تنجح فيه، وخلال محاولتها الأولى حين اتصالها بصديقتها وقعت خطأ في رقم ضابط سوري – حسب ما زعمته المتهمة- وتحيّنت الفرصة لطلب نجدتها منه غير أن الأخير حاول استغلالها في تصوير مناطق إستراتيجية للتنظيمات الإرهابية دون منحها مساعدة، ولم تتوقف محاولاتها هنا إذ استعانت “الممرضة الهاربة” بسيدة سورية لفرارها من المكان باستعمال دفترها العائلي على أساس أنها ابنتها المتوفية، وبخروجها من المنطقة تم اعتقالها من طرف ضباط النظام بتهمة تقديم المساعدة للجماعات الإرهابية والمنشقين عنه، ووضعت بعدها في زنزانة خاصة بالنساء لمدة سنتين كما عرضت للمحاكمة والتحقيق ثماني مرات وعينت محاميا سوريا للدفاع عنها بمساعدة سجينة هناك دون أن تكشف أصولها الجزائرية، وتكون آخر رحلتها نحو تركيا ثم الجزائر سنة 2017 دون وثائق أو جواز سفر لإثبات هويتها.
“تراجيديا” أخرى عاشتها قاعة الجلسات بمحكمة الدار البيضاء نهاية الأسبوع، وتخص قضية المغتربين “ر، نسيم” و”ب، كامليا”، وهما زوجان متابعان من طرف القضاء بتهمة الانتماء لـ”داعش”، سردا بنفس العفوية والتلقائية “للممرضة الهاربة” رحلتهما للبحث عن متنفس لممارسة الإسلام بعيدا عن بلاد الكفر، وانضمامهم إلى معسكرات القتال في ليبيا لمدة سنة كاملة.
بداية اعترف المتهم أنهما قبل ذلك حاولا السفر نحو سوريا غير أن اكتشاف أمرهما جعل السلطات التركية توقفهما، وتقوم بإرجاعهما لفرنسا بعد بلاغ تقدمت به والدته حين اختفائهما فجأة، لعلمها المسبق أن ابنها قد تشبع بالفكر الجهادي والتطرّف الديني وغرر به من قبل تلك الأنظمة الإرهابية حتى يلتحق بها، وقامت والدته بإبلاغ السلطات الفرنسية لحمايته من التهوّر مجددا طالبة منهم سحب جواز سفره، غير أن رسالتها لم تلق صدى من الفرنسيين لتجد ابنها داخل مناطق النزاع في ليبيا.
وواصل المتهم أنه بعد عودته لفرنسا ومنعه من دخول سوريا قرّر في غضون ثلاثة أشهر تغيير وجهة أخرى، وقام ببيع سيارته وجمع مدخراته ليجبر زوجته الحامل وطفليه على السفر عبر مرسيليا نحو الجزائر العاصمة ثم “عين أميناس”، وبعدها عبر الحدود البرية نحو ليبيا بمساعدة مهربي البشر، وبوصوله قام بكراء منزل لزوجته بعمارة تضم عائلات مقاتلين في صفوف “داعش” واتجه هو نحو معسكراتها تاركا زوجته الحامل وطفليه لوحدهما، واستغل لتدريب المجندين على الرياضات القتالية وتفكيك الأسلحة إلى جانب ممارسته الرقية الشرعية والحجامة داخل المعسكر، غير أنه تراجع عن ذلك بعد مدة سنة كاملة قضاها في تقديم خدماته للجماعات الإرهابية بليبيا، وسلم نفسه بعد فراره من المعسكرات سنة 2017 للسلطات الجزائرية في تمنراست.