جمال* غول / ماذا نريد من معالي* وزير الشؤون الدينية والأوقاف؟
20-05-2015, 11:10 AM
بقدوم الدكتور محمد عيسى وزيرا للشؤون الدينية والأوقاف قبل سنة تقريبا استبشر جموع الأئمة الأفاضل بمختلف رتبهم* والموظفون بالقطاع،* استبشارا فيه بصيص أمل وشعاع نور انتشر وسط ضباب طال انتظار انقشاعه*.
هذا الاستبشار الذي* ارتكز على ثلاثة مرتكزات* نرى فيها دعائم قوية لنهوض حقيقي* بقطاع* ينبض بالحياة منذ عقود من الزمن،* وهي*:
المرتكز الأول*:* المعرفة العميقة لكواليس القطاع ودواليب تسييره من خلال معرفة كلمة السر للمرور إلى الأبواب الخاصة* المؤدية إلى الكهوف العجيبة في* القطاع*.
فهو الذي* عمر فيه لمدة زمنية تقارب العقدين من الزمن،* فمن مديرية التوجيه الديني* والتعليم القرآني،* مديرا فرعيا فيها ثم مديراعليها* -وهي* التي* تمثل إحدى أركان الوزارة*- ثم إلى المفتشية العامة* مفتشفا عاما،* وهذه المجالات تسمح بالتغلغل في* الوزارة تغلغل الماء في* الشقوق،* فضلا على أن معاليه كما* يظهر لكثير من المتتبعين للشأن الديني،* أنه كان صاحب الرأي* والمشورة في* القضايا الكبيرة والصغيرة للوزير السابق،* وكان المهندس القدير في* مشاريع أسالت الحبر الكثير وأوقعت أحيانا الحمل الثقيل على الأئمة ولا تزال*.
المرتكز الثاني*: وهو التخصص في* المجال الذي* هو لب القطاع،* فمعاليه متحصل على الدكتوراه في* العلوم الإسلامية تخصص الفقه وأصوله،* ما سمح له أن* يكون أستاذا بمعهد أصول الدين سابقا* كلية الشريعة حاليا في* جامعة الجزائر،* مدرسا لمادة القواعد الفقهية التي* تضبط أبواب الفقه في* قواعد تسهيلا للإلمام بالفقه،* وما أحوج وزارتنا إلى تأسيس قواعد تلم شتات الفتوى،* والمرجعية الدينية التي* نبحث عنها*.
* ليكون بعد ذلك مديرا للدراسات في* نفس الكلية لمدة عقد من الزمن،* فكان أيضا صاحب الرأي* والمشورة لعميد الكلية في* الإقدام الجريء والمغامر على مشاريع جديدة منها إنشاء تخصص الشريعة والقانون دون قانون*.
المرتكز الثالث*:* وهو السن،* فمعاليه هو الوزير الشاب الذي* لم* يتجاوز الأربعين إلا بقليل،* هذا السن الذي* يستلزم الشكر والعمل الصالح،* ويعطي* له القدرة على إدارة ومعالجة الملفات الثقيلة،* واكتساح الألغام المزروعة هنا وهناك وذلك بالقفز العالي* تارة،* وبالمراوغة الذكية تارة أخرى دون أن* يتملكه خوفٌ* أو تردد أو تعطل*.
إذن هي* مرتكزات ثلاثة* ينقصها مرتكز رابع لتكون أركانا لأرضية صلبة* يقوم عليها البناء الشامخ شموخ منارات المساجد الشمّاء،* ذاك المرتكز الناقص هو البطانة الصالحة التي* ترشده إلى ما فيه خير العباد والبلاد،* والتي* يختارها بنفسه أو تفرض عليه* ،* فإن وفّق في* الاختيار كان خيرا له ولنا،* وإلا تصدعت المرتكزات كل المرتكزات*.. فهل سيكتفي* بالبطانة المفروضة أم سينشئ فضاءات جديدة تمثل البطانة الصادقة؟*
ما نريده من وزير الشؤون الدينية هو*: أن* يكون وزيرا للشؤون الدينية والأوقاف في* هذا البلد الذي* فتحه الأخيار من الصحابة والتابعين الأبرار عليهم الرضوان،* ودافع عنه الرجال الأبطال الأطهار دفاعاً* لا* يقبل الذل والانكسار،* ليكون بلدا طيبا في* توجهاته العامة والخاصة،* في* تشريعاته وحراكه كله*.
ولا* يكون وزير الشؤون الدينية والأوقاف وزيرا للشؤون الدينية والأوقاف إلا*:
أولا*: إذا عمل على أن تكون وزارته هي* القلب النابض لهذا الوطن الذي* يضخ الدماء الطاهرة* غير الملوّثة في* شرايين الأمة لتنتعش الأعضاء والأركان والمفاصل،* وكيف لا تكون كذلك وهي* التي* قامت عليها الدولة الحديثة التي* أسسها الأمير عبد القادر رحمه الله وسار على دربه شهداؤنا عليهم رحمة الله عندما كتبوا بيان أول نوفمبر وعبّروا فيه بكل وضوح أن قيامها* يكون على المبادئ الإسلامية،* فمن لهذه المبادئ* يحرسها ويدافع عنها بعد الله عز وجل إلا وزارة الشؤون الدينية والأوقاف؟
من حق الوزير أن* يضرب* يده على طاولة الحكومة مبرزا السيادة التي* يجب أن تعطى لوزارته،* فهي* التي* استطاعت بمساجدها وأئمّتها ومديرياتها والمحسنين الدائرين في* فلكها أن توفر على الخزينة العمومية ملايير الدينارات التي* من المفروض أن تصرف في* بناء هياكل الوزارة في* الولايات كما هو الشأن بالنسبة للوزارات السيادية وحتى* غير السيادية منها،* وعلى سبيل المثال ما صرف في* سنوات سابقة على وزارة الشباب والرياضة* في* بناء هياكلها مثل دور الشباب بلغ* 34352001000*.00* دج في* حين صرف على وزارة الشؤون الدينية والأوقاف مبلغ* 23302271000*.00* دج*.
وما تقدمه وزارتنا كمساعدات للعائلات المعوزة من زكاة القوت وقفة رمضان وزكاة الفطر والذي* بلغ* إلى* غاية* 2014* ما قيمته* 9812533112*.08* دج فاق المساعدات التي* تقدمها وزارة متخصصة في* هذا المجال،* وما تؤطره مساجدنا ومدارسنا القرآنية من أقسام التحضيري* الذي* بلغ* 511256* تلميذ* يفوق ما تؤطره أيضا وزارة متخصصة في* المجال نفسه،* وما نؤطره في* أقسام محو الأمية أيضا* يفوق ما تؤطره مؤسساتٌ* متخصصة في* ذلك*.
كيف لا تكون وزارته سيادية وهي* القادرة دون* غيرها من الوزارات على تعبئة شعبية متميزة كل أسبوع* يحضر فيها ما* يقارب* 17* مليون مواطن من مختلف الشرائح والمشارب والمستويات،* كل ذلك في* التوقيت نفسه وعلى مدار الدهر،* بحيث لا* ينكر عاقلٌ* ما لها من فضل في* تقويم العقول وتهذيب النفوس بالموعظة الحسنة،* مما* يجنب الخزينة العمومية الأموال الطائلة التي* تصرفها وزارات متخصصة في* ردع المجرمين والمنحرفين*.
ألا* يشفع كل هذا لمعاليه ليعمل على ترقية وزارته إلى مصاف الوزارات السيادية التي* لا* يُشق لها* غبار في* إثبات ما تقدمه للمجتمع وفي* أن تكون صاحبة القرار فيما* يخص الشأن الديني* في* الجزائر،* وعندئذ* يقترب معاليه من أن* يكون وزيرا للشؤون الدينية والأوقاف*.
ثانيا*: ولا* يكون معاليه وزيرا للشؤون الدينية إلا إذا وضع بصمة المرتكزات المذكورة آنفا في* استرجاع الحق المهضوم،* والمكانة المسلوبة،* والهيبة المفقودة للأئمة بمختلف رتبهم والتي* كثيرا ما تسبّبت فيها وزارته عن قصد أو عن* غير قصد،* من خلال السكوت عن قانون تجريم الإمام،* ومن خلال القانون الأساسي* للموظفين الذي* عبث فيه العابثون،* فجاء مخيبا للآمال،* ومن خلال النظام التعويضي* السقيم الذي* لا عوض فيه إلا الفتات الذي* يلقى بعد الشبع ليلتقمه النمل،* ومن خلال تعيين مديرين ولائيين فاشلين،* وإطارات مركزية فارغة إلا من رحم الله،* كان المعيار في* تعيينهم كل شيء إلا الكفاءة والنزاهة*.
فهل* يقدر الوزير أن* يعيد للعلم الشرعي* مكانته ويعيد لحملته من الأئمة* عزهم ومكانتهم ويحطّم الحاجز المصطنع بين الإمام وإدارته،* ويخرج القطاع من عالم التنويم والدروشة إلى عالم العلم والعمل ويعطي* للأئمة الفرصة التي* إن أتيحت لهم صنعوا التغيير والتغيير الإيجابي* النافع؟ عندئذ* يكون الوزير وزيرا للشؤون الدينية والأوقاف*.
ولكل ما ذكرنا،* إذا كان ولابد من استحداث منصب جديد في* الحكومة* يكون له الكلمة الأولى والأخيرة ضمن صلاحيته،* يسمى نائب رئيس الجمهورية فليكن هو وزير الشؤون الدينية والأوقاف*.
* رئيس المجلس الوطني* المستقل للأئمة وموظفي* الشؤون الدينية والأوقاف