معركة المسجد الأقصى وبداية نهاية إسرائيل
31-07-2017, 01:40 PM

معركة المسجد الأقصى وبداية نهاية إسرائيل

محمد بوالروايح (الشروق اليومي)

الذي يطلع على تاريخ المسجد الأقصى يعرف أكثر من غيره أن لهذا المسجد تاريخا كبيرا، وسرا عظيما، وأن كل من يرد فيه بظلم سيذوق وبال أمره وستكون عاقبة أمره خسرا.
أما التاريخ الكبير للمسجد الأقصى فحقيقة مكررة ومعادة، وحسب من يريد معرفتها الرجوع إلى ما كُتب عن المسجد الأقصى وتُرجم إلى أكثر من لغة، وأما السر الكبير للأقصى فهو بيت القصيد، هذا السر الكبير ليس طلاسم وليس تنجيما على شاكلة ما يفعله الدجالون والمشعوذون، وإنما هو نسق من الحقائق التي لا يتسرب إليها الشك والمستمدة من النصوص القرآنية المعصومة، وحتى من بعض النصوص الكتابية، هذا السر الكبير يرتبط - حسب النصوص القرآنية- بمباركة إلهية للمسجد الأقصى لها معان بعيدة، ومن معانيها أن الأقصى يمثل جزءا من الحِمى الإلهي، وحِمى الله أولى بالرعاية والعناية الإلهية، يقول سبحانه وتعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير"، هذه الآية تحمل دلالات بعيدة لا يفقهها كثيرٌ من الناس، إنها تتحدث عن صلة إيمانية بين رمزين إسلاميين كبيرين: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، هذه الصلة الإيمانية تلخص مآلات الإسلام ومستقبل المسلمين، والنقلة الحتمية التي ستحدث في التاريخ الإسلامي، النقلة التي سينتقل بموجبها مركز الصراع من أرض المسجد الحرام إلى أرض المسجد الأقصى، فالصراع بين الحق والباطل بدأ في مكة بين جماعة مؤمنة مظلومة وبين جماعة كافرة ظالمة، وستكون النتيجة الحتمية بعد ذلك هي تحقق النصر في أرض الإسلام الثانية أرض الرباط، كما تحقق في أرض الإسلام الأولى.
ليس من زخرف القول أن يربط القرآن الكريم بين المسجد الحرام وبين المسجد الأقصى، إن غاية الربط هي إشعار المسلمين بأن بداية الصراع كانت مكية، وبأن نهايته ستكون مقدسية، ففي بيت المقدس سيتحقق الوعد الأكبر، والنصر المظفر، وستعقب ذلك النهاية الحتمية لإسرائيل.
" هذا الحديث -وأحاديث أخرى لا يتسع المقام لذكرها- تؤكد أن النصر على اليهود وعد رباني، ولكن هذا الوعد الرباني لا ينبغي أن يُقعد المسلمين عن اتخاذ الأسباب، والقيام بما يجب القيام به في معركتهم ضد شذاذ الآفاق، حتى يتحقق لهم ذلك سواء في زمانهم أو في زمان الذين يأتون من بعدهم."
إن هذه المبشرات الربانية هي بمنزلة البلسم الذي من شأنه أن يسري على أهل الرباط هناك في بيت المقدس ويربط على قلوبهم، ويُشعرهم بأن المعاناة التي يكابدونها إنما هي امتحانٌ إلهي، سينتهي بفتح رباني في الأجل المعلوم الذي لا يعلمه إلا الله، ولعل هذا يتوافق مع ما ورد في الحديث: "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون فيختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود"، هذا الحديث - وأحاديث أخرى لا يتسع المقام لذكرها- تؤكد أن النصر على اليهود وعد رباني، ولكن هذا الوعد الرباني لا ينبغي أن يُقعد المسلمين عن اتخاذ الأسباب، والقيام بما يجب القيام به في معركتهم ضد شذاذ الآفاق، حتى يتحقق لهم ذلك سواء في زمانهم أو في زمان الذين يأتون من بعدهم.
إن انتفاضة الأقصى في هذه الأيام إنما هي إرهاصاتٌ قوية على مواجهة وشيكة وحاسمة مع إسرائيل، سيكون المسجد الأقصى مسرحا لها، باحاتُه وأفنيته، وأقبيته والطرقُ المؤدية إليه، بماذا يفسر الجنون الإسرائيلي في حق المسجد الأقصى بإيعاز من المستوطنين وجماعة "أمناء جبل الهيكل".. إنه يفسر بشيء واحد هو اقتراب نهايتهم المحتومة، التي يفسرونها انطلاقا من كتبهم على أنها ستكون لهم بعد حدوث ما يسمونه "معركة هرمجدون"، والتي يستعدُّون لها ويستعجلونها وخاصة في الآونة الأخيرة، إن سهل "مجدو" الذي يدَّعي اليهود بأنه سيشهد انتصارهم على "قوى الشر"، سيكون على خلاف ذلك مقبرة لهم، وهو ما يعترف به بعض الكتَّاب اليهود، ولا يتسع المقام هنا لسوق شهاداتهم وتفسيراتهم لما يُسمَّى "معركة هرمجدون" التي سينتهي معها الحلم الإسرائيلي والوجود الإسرائيلي.
لقد نقلت في كتابي: "أضواء على الطوائف الدينية المعاصرة" بعض النبوءات التي تُنسب إلى الصهيونية المسيحية، والتي تتحدث عما تسميه "الإشارات الثلاث على عودة المسيح"، فالإشارة الأولى هي قيام ما يُسمى "إسرائيل"، وهو ما تحقق حسبها بإقامة كيان إسرائيلي في فلسطين في عام 1948م، والإشارة الثانية، هي احتلال مدينة القدس، وقد تحقق ذلك حسبها في 1967م، والإشارة الثالثة هي إعادة بناء الهيكل ولا يكون ذلك إلا على أنقاض المسجد الأقصى، وهي العملية التي تؤكدها الحفريات الكثيرة السرية والمعلنة التي تقوم بها إسرائيل في محيط المسجد الأقصى وفي عمقه وأساساته، بحثا عما تسميه جماعة "أمناء الهيكل" هيكل سليمان، وهذا رغم أن التحقيق التاريخي يذهب إلى أن المسجد الأقصى أقيم في زمن سابق لزمن سليمان عليه السلام، ورغم أن التحقيق التاريخي يؤكد أيضا أن سليمان عليه السلام قد قام بإتمام بناء المسجد وليس ببنائه. ورُبَّ قائلٍ يقول: إن هذا الكلام يتناقض مع حقيقة تاريخية يؤكدها علماء تاريخ الأديان، وهي أن الإسلام قد جاء بعد فترة طويلة من اليهودية، فكيف يتفق الكلام بأن تأسيس المسجد الأقصى سابقٌ لمرحلة سليمان عليه السلام، والمسجد الذي هو رمزٌ للإسلام لم يظهر إلا في القرن السابع الميلادي؟ والجواب على ذلك أن لفظ الإسلام له معنى عام ومعنى خاص، حيث يُطلق المعنى العام على كل الشرائع السماوية بدليل قوله تعالى في سورة الشورى: "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"، ويُطلق المعنى الخاص على النبوة والرسالة الخاتمة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن نقول بصفة مطلقة إن المسجد هو مكانٌ لعبادة الله الواحد بغض النظر عن العصر الذي ينتمي إليه، بدليل قوله تعالى في سورة الكهف: "قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذنَّ عليهم مسجدا".
بلادي و إن جارتْ علي عزيزة ٌ** و قومي و إن ضنوا علي كِرامُ