الهجرة إلى الداخل
11-03-2014, 10:17 AM
أترك كل شيء في مكانه:

الكتاب، والقنبلة الموقوتة

وقدح القهوة ساخنا،

وصيدلية المنزل،

والباب.. وعين القطة الياقوتة

أترك كل شيء في مكانه،

وأعبر الشوارع الضوضاء

مخلفا خلفي: زحام السوق..

والنافورة الحمراء

والهياكل الصخرية المنحوتة

أخرج للصحراء!

أصبح كلبا دامي المخالب

أنبش حتى أجد الجثة،

حتى أقضم الموت الذي يدنس الترائب!

أدس في الحفرة وجهي الشره المحموم

تصبح بوقا مصمتا حول فمي المنكفئ المزموم

وصارخا في رحم الأرض..

أصيح: يا بساط البلد المهزوم..

لا تنسحب من تحت أقدامي..

فتسقط الأشياء..

من رفها الساكن في خزانة التاريخ،

تسقط المسميات والأسماء!

أصرخ.. ليس يصل الصوت

أصرخ.. لا يجيب إلا عرق التربة والسكون والموت

ويستدير حول رأسي الطنين،

ويدوم الهواء

أسقط واقفا..

وخائفا.

أن يحمل الصدى ندائي للهوائيات..

فوق أسطح البيوت

أن تفشي الرمال صوتي المضيء،

صوتي المكبوت!

أبكي إلى أن يستدير الدمع في الحفرة

أبكي.. إلى أن تهدأ الثورة

أبكي إلى أن ترسخ الحروف في ذاكرة التراب

أعود ضالا..

أتبع الأسلاك، والدم الركام،

والدم المنساب

أبحث عن مدينتي التي هجرتُها..

فلا أراها!

أبحث عن مدينتي

يا إرم العماد

يا بلد الأوغاد والأمجاد

ردي إلي: صفحة الكتاب

وقدح القهوة.. واضطجاعتي الحميمة

فيرجع الصدى..

كأنه اسطوانة قديمة:

يا إرم العماد

يا إرم العماد

ردي إليه: صهوة الجواد

وكتب ..

وبعض الخبز في زوادة السفر

فقلبه الذي انشطر

يرقد فوق زهرة اللوتس في المنفي،

يطالع المكتوب

منتظرا حتى يفور الكوب

في يده،

يدير فوق جسمه رداءه المقلوب

لكي يعود في مواسم الحصاد

أغنية.. أو وردة

للباحثين عن طريق العودة!
بتصرف وحذف احمد21

أمل دنقل من مدونة اكتب كي لا تكون وحيدا