الزميل جمال سالمي يناقش في جامعة عنابة أول رسالة دكتوراه حول المؤسـسات الشبـكية
30-07-2007, 02:02 PM
الزميل جمال سالمي يناقش في جامعة عنابة أول رسالة دكتوراه حول المؤسـسات الشبـكية واقتصاد المعرفـة

ناقـش مؤخـرا الزمـيل الصحافي جمال سالمي أستاذ إدارة الأعمال في جامعة عنابة، أول رسالة دكتوراه حول مستقبـل المؤسـسات الشبـكية بالجـزائر، في ظـل الانتـقال نحـو اقتصاد المعرفـة، أمام لجنة مناقشة مكونة من رئيس اللجنة الأستاذ الدكتور السعدي رجال من جامعة أم البواقي، والفاحصيْن: الأستاذ الدكتور خير الدين معطى الله من جامعة قالـمة، والدكتور أحمد بوراس من جامعة أم البواقي، إضافة إلى الدكتورة ناديـة شطـاب، من جامعة عـنابة المشرفة على المترشح.

وقد حـاولت هذه الدراسـة بلـورة رؤيـة مستقبـلية حـول المؤسـسات الشبـكية بالجـزائر، في ظـل الانتـقال المرتـقب نحـو اقتصاد المعرفـة Knowledge Economy القـائم أساسـا على الاستخـدام واسـع النطاق لتكنولوجـيات الإعـلام والاتصـال TIC خصوصـا الانترنـت، مع إعـطاء أهمـية أكـبر للمعرفـة كعامـل إنـتاج لامـادي جـديد.
قسـم المترشح هذه الدراسـة إلى أربعـة فصـول، تـناول أولها اقتصاد المعرفـة كقاطـرة عولمـية Mondialisante لمؤسسات الألفـية الثالـثة، منطلقا من فشل الشكل التقليدي للمؤسسات الاقتصادية في تجاوز أزمـة الاقتـصاد الصـناعـي، ثم قيام الثـورة الإلكترونـية والانتـقال إلى الاقتصاد ما بعد الصناعي، وصـولا في نهاية الفصل إلى تحديد سبل تكـّيف المؤسـسات الاقتصاديـة مع بـروز اقتصاد المعرفـة.
فيما تطرق الفصل الثانـي إلى بـروز المؤسسـة الشبـكية في ظل تنامي المؤسسات عابـرة القـارات، بحـثا عن ماهيـتها وأنواعـها، وأشـكال شبـكاتها، وهندسـة العلاقـات فيها، مع اعتـبارها شـكلا استثـنائيا خـاصا من التنظـيم، يقـوم إطـاره النظـري على سـبع فرضـيات أساسـية، مخالـفة لفرضيات المؤسسات الاقتصاديـة الكلاسيـكية، ليتناول في خاتمة الفصل إلى المسؤولـية الاجتماعـية داخـل هذا النـوع الجـديد من المؤسسات، وسـيرورات خـلق القيـمة فيها.
بينما تعمق الفصـل الثالـث بتناولـه رهـانات تسـيير المؤسسـة الشبـكية، مقتصـرا على إدارة المعرفـة كمفـتاح نجـاح التنظـيمات الشبـكية، واليقظـة الاستراتيجـية كرهـان رئيـسي للتحـكم في المعلومـات، إضافـة إلى الذكـاء الاقتصـادي كأداة لعقلـنة وترشـيد عملـيات اتخـاذ القـرارات.
أما القسم التطبيـقي، ممثلا في الفصل الرابـع والأخـير، فقد تناول رهانات اندمـاج الجزائـر في اقتـصاد المعرفـة، تمهيدا لعرض الدراسـة النقدية للتجربـة الجزائريـة ممثـلة في MITTAL STEEL عنابة للحـديد والصـلب، التي سمحـت ببلورة رؤية مستقبلية للمؤسسات الشبكية بالجزائر، تأرجحت بين تشاؤم مـبرر وتفاؤل حـذر، مع محاولة تقصي مدى قيامها بتغيير المحيط الاقتـصادي الجـهوي، بعد تتبـع تاريخـي موجز ومختـصر لتطـور المؤسسات الاقتصاديـة الجزائريـة، من التسـيير الذاتـي بعد الاستقلال إلى الخوصصة والشراكـة حاليا.
حصر الباحث مستقـبل المؤسـسات الشبـكية في الجزائر عبر مشهـدين متناقضـين: سيناريـو التـشاؤم الذي يتمحـور حـول فـشل هذه الشراكة في رفع المستوى التكنولوجي والمعرفي، وتأهيل المحيط الجهـوي وإحداث التنمية المحلـية، واقتصار جهودها على القـيام فقط بتعظـيم أرباحـها، واستنـزاف القـدرات الهائـلة في البـلاد بأرخـص الأثـمان، سـواء فيما يتعلق باليد العاملة المحلية أو المواد الأولية، والإعفاء من الالتزامات الجبائية والحقوق الجمركـية، التي منحتها الحكومة لمدة عشر سنوات كامـلة، دون السعي الجاد لنقل التكنولوجيات والمعارف المتطورة نحو البلد المضيف، أو تأهيل المحيط الاقتصادي الجهـوي على الأقل لتكييفه مع التطورات العالمية والمنافسة الدولية الشرسـة.
أما سيـناريو التـفاؤل فيكـتفي بما تحـقق من إيجابـيات، كمنع انهـيار العمـلاق الصـناعي الجزائـري المؤسسة المحلية سيدار سابـقا، بل إن المركـب قد عـرف بفـضل الشراكـة تحسـنا كبيرا تجـلى بصفة خاصة في ارتـفاع قدراته الإنتاجـية، وتدشـين العـديد من الوحـدات التي تنـتج أنـواعا جديـدة من المنتجـات، حسب آخـر ما توصلت إليه التكنولوجـيات العالمـية في مجـال الصناعة الثقـيلة، مما أدى إلى زيـادة معتبرة في أرباحـه وزيـادة قدراتـه التنافسـية وقدرتـه على الاستثـمار، إضافة إلى تحسن أجـور العـمال بشكل كبير مقارنة بالمراحل السابـقة، مع محافظـته على مكانـته واحتفاظـه بعـدد ضخـم من عمالـه 9000 منصب عمل، بعد أن نجاح الدولة في حمايـة الآلاف من مناصـب العـمل بموجـب عقد الشراكـة، إذ لم يتقـلص عدد العاملـين إلا بنسـبة ضئـيلة من 10400 إلى 9000 حالـيا، مع توظـيف 800 عامـل جـديد أغلبهم من ذوي الكـفاءات والشـهادات العلمـية الجامعـية والمهنـية.
وفي نهاية المطاف، توصل الباحث إلى أن مجـرد جـلب استثمارات المؤسسات الشبـكية، على غرار ميـتال ستـيل الهنديـة، لا يشـكل أولويـة لتحـويل اقتصاديات الدول خاصـة الصاعدة كالجزائر من نمطـها التقليدي الصناعـي إلى اقتصاد المعرفـة الجـديد، بل عكس ذلك تماما ينبـغي الانطـلاق بتغـيير الهياكل الاقتصاديـة والبنيات التحتـية، لتهيئة المناخ الاقتصادي الملائم القادر على جـلب استثـمارات المؤسسات الشبـكية.
وفيما يخـص حالة الجزائـر دائما، فقد تبين ميدانـيا وفي نفس السـياق وفـق تجربـة ميتال ستيل عنابة، مدى توقـف مستـقبل المؤسسات الشبـكية في الجـزائر على درجة وسرعـة الانتـقال الإيجابي التدريجي إلى اقتصاد المعرفـة، باعتبار تحـول هذا الاقتصاد الجديد إلى قاطـرة عولمـية لمؤسسة الألفية الثالـثة، وضرورة الانتـقال من الاقتـصاد المصـنع إلى اقتصاد المعرفـة، بعد فشل الشكل التقليدي للمؤسسات الاقتصادية في تجاوز أزمـات الاقتـصاد الصـناعـي.
كما ينبغي الاعتراف بأنه إذا كانت سـيدار قبل هذه الشراكـة عملاقـا بأرجـل طينـية، فقد صـيرها الشركـاء الهنـود عملاقـا بأرجـل حديديـة بل فولاذيـة، لتصبح المؤسـسة جديـرة بالمرتبة الأولى إفريقـيا وعربـيا.
واقترح الباحث ضرورة خلق مؤسسات ومخـابر بحث جزائرية عمومية أو خاصة، موجهة فقط نحو أنشطة علمية محضة، ومجالات تكنولوجـية محددة، لمساعدة المؤسسات على تطوير منتوجـات جـديدة، مع حض بقية الباحثين الاقتصاديين الجزائريين على إيـلاء مزيد العناية بالدراسات المستقبلية، وتكثيف القراءات النقدية البناءة والمقترحات العلمية العملية، لمساعدة أصحاب القرار الاقتصادي ومعظم المسيرين والإداريين ومختلف رجال الميدان، غير المزودين بالتكوين الأكاديمي الكافي، وغير المتفرغين مثل بعض الجامعيين للبحوث النظرية والأكاديمية، كما يجب الإكثار من الاستشراف لتجاوز مختلف أوجه التأزيم الحالـية، سواء تعلق الأمر بمشكلات الاقتصاد الكلي أو الجزئي.
وهنا، يجـدر بنا كجزائريـين خاصة النخب المتعلمة، ذات الخبرات والمعارف العالـية بـدءُ التفكير بجـدية في الاعتماد على الذات لتأهيل الاقتصاد الوطني، ومواكبة التطورات العلمية العالمية الهائلة في شتى الميادين، فالتقدم والازدهار والنمو والتنمية تؤخـذ غلابـا، لا تُعـطى جزافـا دون جـهد أو مقابـل.
وقبل النطق بدرجة مشرف جدا التي نالها الزميل الباحث، اقترح كذلك على عموم الجزائريـين عـمالا ومسـيرين تعظيم التتلمـذ الميدانـي بكل تواضع وموضوعـية، من خلال الاحتـكاك اليومـي المتواصـل مع المسـيرين الأجـانب، سواء كانوا هنودا أو صينيين أو غربيين، خاصة إذا كانوا على درجـة عالية معتـبرة من الخـبرة والصرامـة والجديـة، فضلا عن العلوم والمعارف والمهارات.

www.elkawader-dz.com