180 مليار لمشاهدة الجزائريين "كان 2017"
13-07-2016, 02:49 AM

علمت "الشروق" من مصادر مطلعة على خبايا ملف حقوق البث التلفزيوني لكأس أمم إفريقيا 2017، المنتظر تنظيمها بداية العام المقبل في الغابون، وبمشاركة المنتخب الجزائري، الذي يضعه المتابعون على رأس قائمة المرشحين للتتويج باللقب القاري للمرة الثانية في تاريخه، من أن الجزائريين لن يكون بمقدورهم متابعة زملاء محرز في هذه المنافسة القارية، إذا لم يقم التلفزيون الجزائري بالحصول على حقوق بث كأس إفريقيا 2017 أو على الأقل مباريات المنتخب الوطني، والتي حددتها الجهة المالكة للحقوق، قناة بيين سبورت، حسب مصادر "الشروق"، بـ10 ملايين يورو، أي حوالي 180 مليار سنتيم، وهو الأمر الذي يصفه متابعون بـ"المبالغ فيه"، والخارج عن إمكانات اليتيمة حتى بدعم الدولة، في ظل سياسة التقشف.

وقالت مصادر "الشروق" إن ملف حقوق بث "كان 2017" يعرف تحركات كبيرة في مختلف دول القارة السمراء في الفترة الأخيرة، خاصة في ظل المطالب المالية الكبيرة للجهات المالكة للحقوق في القارة السمراء، قناة بيين سبورت في شمال إفريقيا ومؤسسة سبورت فايف في دول القارة السمراء من غرب وشرق إفريقيا، وأكدت مصادر "الشروق" إن الجهة المالكة لحقوق بث "كان 2017" في شمال إفريقيا لن تتنازل عن سقف مطالبها المحدد في النسخة السابقة، التي جرت بغينيا الاستوائية سنة 2015، والذي بلغ حدود 10 ملايين يورو مقابل نقل كل مواجهات الدورة، ما يعني أن الجزائريين سيضيعون بنسبة كبيرة مشاهدة مباريات المنتخب الجزائري، خاصة في ظل استحالة "اليتيمة" الاستجابة ماليا لشروط قناة بيين سبورت مقابل نقل الدورة، في حين إذا أرادت نقل مباريات المنتخب الجزائري فقط، فإن سعر المباراة الواحدة لن يقل عن مليون يورو، وهو الرقم الذي لا يمكن للتلفزيون الجزائري تسديده في ظل سياسية التقشف الحكومية، والتي مست جميع القطاعات، الأمر الذي سيحرم ملايين الجزائريين من متابعة مواجهات المحاربين في الغابون، وهم المصنفون كأكبر مرشح للتتويج باللقب القاري بعد اللقب الأول والوحيد لحد الساعة المسجل سنة 1990 بالجزائر.



الفاف لم تتحرك.. وغموض حول "تسويق" مباريات المونديال

من جهة أخرى، أكدت مصادر "الشروق" أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم لم يفصل لحد الساعة في طريقة تسويق مباريات تصفيات كأي العالم 2018، على اعتبار أنه لم يوقع إلى جانب المغرب وجنوب إفريقيا على الاتفاقية الجماعية مع الكاف، والقاضية بمنح صلاحيات تسويق تلك المباريات لهيئة عيسى حياتو كما كان عليه الحال في تصفيات كأس العالم 2014، ويملك روراوة حرية بيع حقوق بيع مواجهات المنتخب الجزائري في التصفيات لأي جهة يريد، وليس لمؤسسة سبورت فايف شريك الكاف الرئيسي في "اقتسام" كعكة الإشهار والتسويق التلفزيوني بالقارة والسمراء، وثم لقناة بيين سبورت المالك الرسمي للحقوق في شمال إفريقيا، وبإمكان الاتحاد الجزائري لكرة القدم بيع الحقوق للتلفزيون الجزائري، الذي بإمكانه نقل كل مباريات "محاربي الصحراء" في تصفيات المونديال أرضيا وفضائيا وحتى بيعها لمن يريد بعد ذلك، الأمر الذي يعني أن الجزائريين داخل وخارج الوطن سيكونون أكبر مستفيد في هذه الحالة ومنذ سنوات، وهي الخطوة التي قامت بها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي أعلنت رسميا بيع حقوق بث مباريات المنتخب المغربي في تصفيات مونديال روسيا إلى التلفزيون المغربي العمومي، في حين لم تبرز لحد الساعة "النية الرسمية" للاتحاد الجزائري لكرة القدم حول الطريقة التي سيتعامل بها في هذه القضية.



المونديال ورقة ضغط لمتابعة "كان 2017"




ويقول متابعون إن بإمكان الفاف الحسم بشكل حازم في إمكانية متابعة الجزائريين لكأس أمم إفريقيا 2017 على الأقل "أرضيا"، إن قررت منح حقوق بث مباريات "الخضر" في تصفيات المونديال للتلفزيون الجزائري، على اعتبار أنها ستكون في موقف قوة وستدفع قناة بيين سبورت للتفاوض مع التلفزيوني الجزائري للحصول على حقوق بث مباريات زملاء فغولي المونديالية، والتي سيشترط مقابلها التلفزيون الجزائري الحصول على حقوق نقل "كان 2017"، تماما كما يفعل التلفزيون المغربي حاليا، والذي يسير بخطى ثابتة لنقل "كان 2017" ومباريات المنتخب المغربي في دورة الغابون "مجانا"، أي مقابل التنازل عن النقل الفضائي لمواجهات المنتخب المغربي في تصفيات كأس العالم 2018 لقناة بيين سبورت القطرية، ولو أن بعض الأطراف ترفض ذلك حتى لا تحرم الجالية المغربية من متابعة مواجهات أسود الأطلس.



المغرب سيكون أكبر مستفيد في شمال إفريقيا

وبالاحتكام إلى المعطيات المتوفرة حاليا لدى الشروق"، في حال عدم ورود أي جديد في الأشهر المقبلة، فإن المغرب سيكون المستفيد الوحيد في دول شمال إفريقيا، ووفق ما تناولته وسائل إعلام مغربية، التي أكدت أن تمسك الاتحاد المغربي لكرة القدم بحرية تسويق مباريات منتخب بلاده في تصفيات مونديال روسيا، والتنازل عنها للتلفزيون المغربي، وضعه في موقف قوة، وسيتيح للتلفزيون المغربي نقل مواجهات كأس أمم إفريقيا 2017 المقررة العام المقبل بالغابون دون دفع مقابل مالي، بل بالتفاوض فقط مع القناة البنفسجية بخصوص نقل مواجهات التصفيات المونديالية، ما يضع الطرفين أمام صفقة مقايضة أكثر منها تجارية، وهي الخطة التي يمكن أن تلجأ إليها الفاف إن لم تكن قد فصلت بعد في طريقة تسويق مواجهات المحاربين في التصفيات الإفريقية لكأس العالم 2018.



دول جنوب الصحراء تلجأ إلى السياسية بسبب 2 مليون يورو

من جهة أخرى، احتجت دول جنوب الصحراء من غرب وشرق القارة الإفريقية بقوة على المطالب المالية الكبيرة لمالك حقوق بث كأس أمم إفريقيا 2017 في تلك الجهة، والمتمثل في مؤسسة سبورت فايف، والتي طالبت بحوالي 900 مليون فرنك إفريقي مقابل بيع حقوق البث للتلفزيونات المحلية أرضيا فقط، أي ما يعادل 2 مليون يورو، وهو الأمر الذي رفضته بشدة دول كالسنغال وغينيا والكاميرون والبنين ودول أخرى، واتخذ هؤلاء موقفا موحدا ضد ما أسموه بـ"سطوة" الكاف ومؤسسة سبورت فايف على حقوق الأفارقة في متابعة التظاهرات الرياضية الكبيرة، خلال اجتماع اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإفريقية الذي جرى شهر ماي الفارط بالعاصمة السنغالية داكار، ورفضت الدول المعنية تسديد المبلغ المحدد على اعتبار أن تلك الدول تعاني من الفقر ولا يمكنها الاستجابة لتلك المطالب المالية، والتي وصفوها بـ"الخيالية"، وطالب أعضاء اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإفريقية بتحرك سياسي من خلال مطالبة هيئة الاتحاد الإفريقي بالتدخل لدى هيئة حياتو، وضرورة إيجاد حل سياسي لهذه المعضلة "التلفزيونية"، خاصة أن الأفارقة بحاجة إلى الاستفادة من "الحق العمومي" المكفول في قارة أوروبا الغنية و"المغيب" في قارة إفريقيا الفقيرة.



حياتو وسبورت فايف المستفيدان الوحيدان.. والمنتخبات تنال الفتات




وبالنظر إلى كل المعطيات السابقة، يتضح جليا أن رئيس الكاف عيسى حياتو ومؤسسة سبورت فايف هما أكبر مستفيد من الصفقات الإشهارية والتلفزيونية في إفريقيا، خاصة بعد تمديد شراكتهما إلى غاية 2028 مقابل مليار دولار، في حين أن المنتخبات الإفريقية وحتى لو تنازلت عن حقوق تسويق مواجهاتها للكاف، كما هول الحال في تصفيات مونديال روسيا 2018، لن تنال إلى الفتات والأرقام توضح ذلك، على اعتبار أن الكاف تمنح مثلا للفائز بلقب كأس إفريقيا للأمم مبلغ 1.5 مليون يورو، في حين أن البرتغال بطل أروبا مثلا تحصل على 25.5 مليون يورو بعد تتويجه بلقب دورة فرنسا، في حين أن الدول المشاركة في كأس أمم إفريقيا 2017 وخاصة من شمال إفريقيا، عليها دفع مليون يورو عن كل مباراة تلعبها لتمكين مواطنيها من متابعة منتخبها الوطني، كما أن الكاف لا تدفع لها أكثر من 50 ألف دولار مقابل كل مبارياتها في تصفيات مونديال روسيا بالإضافة إلى بعض العوائد الإشهارية الأخرى، قبل أن تعيد قنواتها التلفزيونية الوطني شراء المباراة الواحد بعشرة أضعاف المبلغ المدفوع عن كل المواجهات، ما يطرح أكثر من علامة استفهام حول الطريقة الغريبة و"المشكوك فيها" في تسويق المباريات الكروية في القارة السمراء.



أوروبا الغنية "ترافع" لمواطنيها بخصوص المنافسات الكبيرة



والغريب في ملف النقل التلفزيوني للأحداث الرياضية الكبيرة في القارة السمراء، وبتواطؤ من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، أن الشعوب الإفريقية ومن بينها الشعب الجزائري هو الضحية دائما، رغم أن القوانين المتعامل يها دوليا تكفل للمواطنين الحق العام خلال المواعيد الرياضية الكبرى، أي الاستفادة من النقل المجاني لهذه الأحداث، كما هو معمول به في أوروبا، حيث يتم نقل المواعيد الرياضية الكبيرة على القنوات العمومية والمفتوحة، كما هو الحال في ألمانيا مثلا، سواء تعلق الأمر بمواجهات دورة كأس العالم أو كأس أمم أوروبا، وهو المبدأ الذي يسانده الاتحاد الأوروبي الهيئة السياسية الأبرز في القارة العجوز، ما يتيح للأوروبيين بمختلف جنسياتهم بالحصول على هذه الخدمة العمومية رغم قدرتهم المادية للاستجابة لمعطيات التشفير التلفزيوني، على عكس دول القارة الإفريقية، التي تعاني من "سطوة" الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وشركائه الفرنسيين في مؤسسة سبورت فايف، وهو الأمر الذي طالب أعضاء اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإفريقية بتغييره، من خلال المطالبة بتدخل الاتحاد الإفريقي لوضع حد لسياسة التشفير التلفزيوني لأكبر الأحداث الكروية بالقارة السمراء، لا سيما في ظل الفقر المدقع التي تتخبط فيه أغلب دول القارة وعلى وجه التحديد في الأزمة المالية العالمية حاليا.