أهمية الاستقرار
16-10-2017, 04:14 PM
أهمية الاستقرار
محمد بن فنخور العبدلي


الحمد لله أمر بالسمع والطاعة، ونهى عن الفرقة والإضاعة، وأشهد أن لا إله إلا الله: شهادة من عرف ربه فأطاعه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب المقام المحمود والحوض والشفاعة، ومن تبعهم من أهل السنة والجماعة، أما بعد:

إن نعمةَ الأمن تعتبر جزءا عظيما لا يتجزّأ من الإسلام؛ فالأمنُ من تمام الدين، ولا يتحقَّق الإسلام إلاّ به، ولا يُعمل بشعائر الدين إلا في ظلِّ الأمن، قال تعالى:[ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ الله جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" يَدُ الله مع الْجَمَاعَةِ".
إن من تشريعات الإسلام لإدامة الأمن والاستقرار: مجانبة الفتن وأهلها، والحذر من مساربها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنَ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنِ، إِنَّ السَّعِيدَ لَمَنْ جُنِّبَ الْفِتَنُ"، وقد يظن الإنسان أن لديه إيماناً يعصمه من الفتنة، أو عقلاً يدله على الصواب فيها، فإذا قلبه يتشربها، وهو لا يشعر!!؟، فتصلاه نارها، وتحرقه أتونها، ويغرق في لجتها.
وإن من تشريعات الإسلام: الأمر بلزوم الجماعة، والنهي عن شق عصا الطاعة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبر عن زمن استحكام الفتن، وكثرة الدعاة إلى جهنم، سأله حذيفة رضي الله عنه عما يفعل إن أدركه ذلك؟، فقال صلى الله عليه وسلم:" تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ".
وأمر صلى الله عليه وسلم بالصبر على الظلم والأثرة، ومدافعة المنكرات بالنصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فقال صلى الله عليه وسلم: " إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ بَعْدِي أَثَرَةً وَأُمُورًا تُنْكِرُونَهَا"، قالوا : فما تَأْمُرُنَا يا رَسُولَ الله؟، قال:" أَدُّوا إِلَيْهِمْ حَقَّهُمْ، وَسَلُوا الله الذي لَكُمْ".
وقال صلى الله عليه وسلم:" من رَأَى من أَمِيرِهِ شيئا يَكْرَهُهُ، فَلْيَصْبِرْ عليه، فإنه من فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ، إلا مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً".

وكل ما يؤدي إلى:( تباعد القلوب وتباغضها، واختلاف الكلمة وافتراقها، وسفك الدماء المعصومة من مظاهرات واحتجاجات وخروج وغير ذلك)، فينهى عنه ويحذر منه؛ لأن:( ذلك يؤدي إلى الاضطراب، ويقضي على الاستقرار)، فالاستقرار: مطلب شرعي وضروري، ويتأكد ذلك في البلاد التي تشرئب أعناق أهل البدعة لافتراسها، والسيطرة على أجزاء منها، وتغري الدول الاستدمارية باقتحامها ونهب ثرواتها؛ فالخير لأهلها: حكاماً ومحكومين: أن تأتلف قلوبهم، وتجتمع كلمتهم، ويطفئوا مشاعل الفتنة فيهم، ويصلحوا ذات بينهم.

اللهُمَّ آمِنًّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أُمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك، برحمتك يا أرحم الرحمين، اللهم أدم علينا نعمة الأمن والإيمان والسلامة والإسلام في العقول والأبدان.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.