آية السيف قراءة تقليدية
الآية الخامسة من سورة التوبة هي الآية المؤسسة لمقولات العنف …. تبناها السلف قديما ،ويتبناها بقوة حاليا التيار المعروف [بالسلفية الجهادية ] وما انسلخ عنها من تيارات كالقاعدة ، وبوكو حرام ، وداعش ….
فهذا التيار الجهادي ينشط على صعيدين [حرب بغي] موجهة ضد الأنظمة الإسلامية نفسها وهو ما يعني ( إسلام ضد الإسلام ) وحرب أخرى ضد العالم الغربي كله .
فالآية موضع التشريح والبحث والتقصي هي الآية الخامسة من سورة التوبة التي نصها :
( فإذا انسلخ الشهر الحرم فأقتلوا المشركين حيث وجدتموهم، وخذوهم واحصروهم ، واقعدوا لهم كل مرصد، فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخّلوا سبيلهم أن الله غفور رحيم ).
هذه الآية قال عنها علماء السلف بأنها نسخت أكثر من 120 آية رحيمة ومتسامحة من الآيات المكية التي هي الأصل في القران وهي الآيات التي تدعو لحرية الاعتقاد، والمساواة، وعدم تخيير الناس بين الاسلام أو القتال , ومن أمثلة هذه الايات قوله تعالي [وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر] و [فذكر إنما انت مذكر لست عليهم بمسيطر] و [ليس عليك هُداهم ولكن الله يهدي من يشاء] فأمثال هذه الآيات قد سقط حكمها وبقي رسمها وهو ما يعني أن لا أثر لها في التشريع ، ورغم ذلك اللين فإن قريش ازدادت في غيها وجبروتها ، فاضطر رسولنا للهجرة نحو يثرب التي نزلت فيها آيات الفروع لتنسخ آيات الأصول .
فالتيار الجهادي يأخذ بهذه القراءة ، وهذا الفهم ، الذي يقول بأن عدم ايمان الآخر بالله والإسلام مبرر كاف لقتله حتى لو لم يكن عدوا محاربا، وتطور هذا الفكر فأنتج ما سمي بوثيقة [الفريضة الغائبة ] التي حررها ( المهندس محمد عبد السلام فرج) أمير جماعة الجهاد الإسلامي في مصر والتي نفذت حكمها في اغتيال الرئيس أنور السادات .
يقول الضحاك بن مزاحم:
أنها ( أي آية السيف) نسخت كل عهد بين النبي وبين المشركين، وكل عقد ،وكل مدة ، وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية لم يبق لأحد من المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت براءة.
ويقول الحافظ محمد بن أحمد بن جزي الكلبي صاحب تفسير التسهيل لعلوم التنزيل: ( ونجد هنا ما جاء من نسخ مسألة الكفار والعفو عنهم والإعراض والصبر على أذاهم بالأمر بقتالهم ليغني ذلك عن تكراره في مواضعه فإنه وقع منه في القرآن مائة وأربع عشرة آية من أربع وخمسين سورة نسخ ذلك
كله بقوله ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) و ( كتب عليكم القتال), وقال الحسين بن فضل فيها : اية السيف هذه نسخت كل آية في القران فيها ذكر للأعراض والصبر علي أذي الأعداء, ….فالعجب ممن يستدل بالآيات المنسوخة علي ترك القتال والجهاد.
وعلي الرغم من أتفاق العديد من الفقهاء علي قاعدة النسخ الا انّ هناك من خالفها مثل الفقيه ابن الجوزي الذي أنكر هذا النسخ في فهم اية السيف وقال- في كتابه نواسخ القران – عن الذين يقولون بالنسخ انهم " من لا فهم لهم من ناقلي التفسير" .
ونرى بأن هذا الفهم نابع من بيئة ذلك الزمان ، فهو يصدم حالاتنا الحاضرة بزخمها وتطورها وتعايش الملل والنحل فيما بينها في ظل الأخوة الإنسانية لا الإيمانية ، فترى أحيانا تقاربا و عطفا بين المسلم والذمي قد لا تجده بين أهل الإسلام فيما بينهم .