شبابنا والفرانكو معركة جديدة قديمة
19-04-2018, 10:22 AM
شبابنا والفرانكو معركة جديدة قديمة


الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:

يناقش البحث ظاهرة جديدة انتشرت كالنار في الهشيم بين شبابنا، ألا وهي ظاهرة: "كتابة الكلمات العامِّيةِ[1] عربيَّةِ الحروف[2] بالحروف اللاتينية والأرقام"، والتي اشتهرت بأسماءٍ كثيرة؛ منها: (الفرانكو - الفرانكو آراب - العربيزي - الأنجلو عربي - الأرابيش).
ويرى الباحث أن هذه الظاهرة ليست جديدة، فيثبت بالتتبع التاريخي أنها قديمة، أو بالأحرى هي صدًى لدعوة قديمة تتجاوز المائة سنة، وأنها إحدى صور الحرب على الهوية العربية الإسلامية، ألا وهي: الحرب على اللغة العربية، متمثلة في الدعوة إلى كتابة العربية بالحروف اللاتينية.
ينطلق الباحث في بحثه من مجموعة مسلَّمات بترتيب مقصود، وقد صدَّر بها فصلَه الأول، هي:

أولاً: أن معركة الحق والباطل أو الخير والشر، باقية مستمرة ما دامت السموات والأرض.
ثانيًا:أن الحرب على الإسلام لم ولن تتوقف، منذ بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم - وحتى قيام الساعة.
ثالثًا: أن أصل الإسلام ومادته هو: الوحي السماوي:(قرآنًا وسنةً).
رابعًا: أن الله اختار لسان العرب، ليكون لسان دينه الخاتم.
خامسًا: أن الآلة الأُولى لفهم القرآن والسنة هي: العربية، وبغيرها تَضِل الأفهام في أودية اللحن والهوى.
سادسًا: أن المسلمين على اختلاف ألوانهم وأوطانهم وألسنتهم، إنما يجمعهم ويوحدهم كتابهم وسنتهم (العَرَبِيَّان بامتياز)، ولما كان من العسير جدًّا على أعداء المسلمين سلخ شبابنا من الانتماء لهذين المصدرين بالتشكيك فيهما، كان لا بد من إيجاد بديل للإجهاز على هذا البنيان المرصوص تحت راية القرآن والسنة، فكان الحل هو: سلخهم عن آلة فهمهما، ألا وهي: العربية.
سابعًا: أن مصدر قوة أي أمة من الأمم هو: شبابها، فَهُم الحاضر والمستقبل، وهم سواعد بناء المجد، وحوائط الصد ضد أي عدوان على أمتهم، أيًّا كانت صورة هذا العدوان؛ ولذا كان العبث بثقافتهم وإفساد مرباهم هو: الهلاك الماحق، الذي يدمر الحاضر ويفسد المستقبل.

بعد ذلك عَمَد الباحث إلى المراجع التي تؤرخ لأصل لهذه الدعوة، وتوصَّل إلى أن البداية تأخذنا إلى القرن الثامن عشر؛ حيث كانت أولى محاولات الأجانب في دراسة اللهجات العربية العامية، والتي أطلقوا عليها اللغات الشرقية (الحية)، بعدها أُنْشِئَت المدارس التي تدرِّس اللهجات العامية في كل الدول التي لها جيوش تحتل بلاد العرب والمسلمين!، وتلك كانت الجولة الأولى في هذه المعركة، ثم كانت الثانية بإنشاء المدارس في الدول العربية والإسلامية التي احتلَّتها تحت أسماء مختلفة، يجمع بينها جميعا رابط بغض العرب والمسلمين، والعمل على ترغيب الأجيال الصاعدة عن لسان دينهم وأمتهم.
وأما ثالث الجولات في هذه المعركة، فكانت في نهاية القرن التاسع عشر الذي لم يكد ينصرم، حتى أطل علينا باحثو أوروبا - الذين دَرَسوا العامية بعناية في مدارس بلادهم - بأبحاث ورسائل ومقالات تتمحور كلها في الدعوة إلى إحلال العامية بديلاً عن العربية الفصحى، ليس تحدُّثًا فحسب، بل كتابة أيضًا، وباللاتينية، وهنا نصل إلى أصل هذه الدعوة التي أوصلتنا إلى ما ابتُلي به شبابنا اليوم من هجر العربية إلى (الفرانكو).
ولم يكن المقام ليستوعب ذكر كل هؤلاء (الباحثين) من أعداء العربية الأعاجم، فاكتفى الباحث بذكر أهمهم وأشدهم أثرًا، فذكر سبعة من قياداتهم، ستة منهم كانوا هم: مطلقي الشرارة وباعثي الوباء، وكان لهم الدور التنظيري للدعوة، بينما انفرد سابعهم بالتطبيق العملي، فكانت الحالة التركية بقيادة الهالك أتاتورك.
ثم انتقل الباحث لذكر طرفٍ من غارة أبناء العربية عليها، والذين كان أشهرهم: عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة:" عبد العزيز فهمي باشا"، والذي كال للعربية ولأنصارها هجومًا عنيفًا قاسيًا، وفي عقر دارها، الأمر الذي ترتب عليه تهييج مَن لا ذِكْرَ لهم مِمَّن يُضمِرون لهويتنا العربية العداوات؛ ليخرجوا علينا مرددين كالببغاوات كلمات الـ(باشا) عضو المجمع، وزيادات من عند أنفسهم المليئة بالحقد على اللغة وأهلها!!؟.
وكما كان للعربية أعداءٌ من العجم والعرب، فقد قيَّض الله لها مَن يدافع عنها من العجم والعرب أيضًا، وقد استعرض الباحث دفاع أهم المدافعين منهم، وعلى رأسهم من العجم المستشرق الإيطالي: نلينو، ومن العرب الأَخَوان (شاكر)، وقد أتت ردودهم على شبهات الأعداء جميعًا.

انتقل الباحث بعد ذلك لدراسة واقع المعركة المعيش حاليًّا، فقام بالتعريف بالشباب وأحوالهم، ثم التعريف بالظاهرة بصورتها الجديدة، التي لم تختلف كثيرًا جدًّا عن صورتها القديمة.
وقد قام الباحث بإجراء استطلاع رأي بين شرائح مختلفة من الشباب، تحمل كل التنوعات (العمرية والدراسية والاجتماعية)؛ ليقف على دوافع الشباب الحقيقية من اتخاذ (الفرانكو)، والتي هي:

1- صعوبة الكتابة بالعربية على لوحة المفاتيح الخاصة بالحاسوب أو الهاتف النقال، وسهولتها بالإنكليزية للاعتياد على ذلك.
2- التجديد الذي يلائم روح الشباب.
3- التجاوب مع الآخرين الذين يكتبون بنفس الطريقة، وعدم الرغبة في الظهور بمظهر المتخلف أو الجاهل بآليةٍ جديدةٍ مِن آليات التواصل.
4- الظهور بمظهر متميز جذاب (مودرن ستايل).
5- عدم وجود مُتَنَفَّس لمشاكل الشباب وهمومهم وأسرارهم، سوى مواقع التواصل المجتمعي، والتي يخشون أن يتعرف إليهم فيها أحد من أهلهم، فابتكروا (الفرانكو) كشفرةٍ لا يفهمها سواهم.
6- توفير النفقات: (فإن رسائل المحمول المكتوبة بالعربية تحمل عددًا أقل من الحروف، فيضطر المرسل لدفع نفقات أكثر في رسائل أكثر؛ ولهذا اعتادوا إرسال الرسائل بالحروف اللاتينية لغة الاختصارات؛ إذ يمكن بثلاث حروف فقط (isa) تلخيص جملة مثل: إن شاء الله).
7- حبهم للغة الإنكليزية.
8- فرصة للهروب من الظهور بمظهر الجاهل بقواعد النحو والإملاء، خاصة الهمزة ومواضعها المختلفة، والفرق بين السين والثاء، والزاي والذال.
9- كُره العربية، وعدم التشرف بالانتساب إليها.

ثم عرض الباحث الأسباب الواقعية التي يرى أنها هي التي أدَّتْ بشبابنا لما آل إليه حالهم، وهي:

1- وقوع أغلب الدول العربية - إن لم يكن كلها - تحت تأثير الغزو الثقافي والفكري للدول الغربية التي لا تتوانى في حرب الإسلام بكل الصور والوسائل، مِن دون أي مُدَافَعة داخلية حقيقية وقوية من أبناء هذه الدول.
2- تدريس العلوم المختلفة باللغات الأجنبية عبر مراحل التعليم.
3- انتشار المدارس الأجنبية في ديار المسلمين.
4- شعورٌ قاتل بالغُربة داخل الأوطان يجتاح قطاعات عريضة من الشباب، أَحْوَجَهم إلى خلق عالم خاصٍّ بهم، ولهذا العالم خصائصه ومفرداته، التي منها (الفرانكو).
5- ظهور هذه الدول الغربية بصورة جنة الله في أرضه، حتى صارت الهجرة إليها أو العمل فيها حُلمًا سعيدًا، يتوق إليه كثير من شبابنا.
6- تملُّك هذه الدول كافة وسائل التواصل وتقنياته الحديثة.
7- إسهام بعض الكُتَّاب والمؤلِّفين المعاصرين - ممَّن كان يُفْتَرَض بهم الإسهام في حل المشكلة - في إرساخ هذه الظاهرة بين الشباب؛ إما بالتعامل معها دونما إنكار، وإما بمجاراة الشباب فيها إضفاءً للشرعية عليها.

وفي الفصل الثالث من البحث يستعرض الباحث آثار انتشار هذه الظاهرة بين شبابنا، وقد قسَّمها إلى آثار خفيَّة وأخرى جليَّة، وثالثة متوقَّعة إذا ما استمر الحال على ما هو عليه دونما علاج، وهذه الآثار بإيجاز هي:

الآثار الخفية:
1- انقطاع الصلة بين الشباب والوحيَيْن:(القرآن والسنة).
2-سوء الفهم عن الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم.
3-انقطاع الصلة بين شبابنا وسلفهمالأماجد.
4- مسخ الهُوِيَّة الثقافية للشباب.
5- الاضطراب النفسي والتناقض الداخلي في نفوس الشباب.
6- ضَعف الرابطة بين الشباب وإخوانهم العرب المسلمين.

الآثار الجلية:
1- تدَنِّي مستوى إتقان القراءة والكتابة باللغة العربية الفصحى.
2- ضَعف مستوى إتقان القراءة في المصحف.
3- قلة عدد من لهم اطلاع على كتب الأدب خارج نطاق الدراسة النظامية.
4- قلة عدد من لهم شغف بالشعر العربي الفصيح.
5-صِفْرِيَّة نسبة استعمال اللغة العربية الفصحى في النشر والتعليق على صفحات الشابكة.
6- قلة نسبة استعمال العامية بالحروف العربية في النشر والتعليق على صفحات الشابكة[3].

الآثار المتوقّعة:
1- سوف تتعاظم أخطاء الكاتبِين مع همزتي الوصل والقطع، وكذلك تاء التأنيث المربوطة، وغيرها من قواعد الإملاء والنحو والصرف.
2- ومما يُنتظَر بعد شيوع الكتابة باللاتينية: أن تضمَحِل على ألسنة الناشئة الأصواتُ العربية المفخَّمة، الخاء والقاف والطاء والصاد، فتصير الطريق التريق، والصحوة السحوة، والقرآن الكرآن.
3- كما أنه من شبه المؤكَّد ألا يحدث اتفاقٌ على طريقة موحدة قياسيَّة للكتابة بالحروف اللاتينية، وإذا حلت الحروف اللاتينية محل العربية، فإننا سنحتاج إلى قواعدَ جديدةٍ للإملاء اللاتيني، لن تقلَّ في تفصيلاتها عن قواعد الإملاء العربية الحاضرة، ولن تزول الشكوى من صعوبة الإملاء العربي.
4- وإذا استجابت السلطات لرغبات المقترحِين بِسَنِّ القانون المُلزِم بجعل الحروف اللاتينية هي (الأبجدية القومية)، فإنَّ على المحاكم أن تستعد لعدة ملايين من القضايا التي تطعُن في صحة الوثائق، وبخاصة شهادات الميلاد وصكوك الملكية، وسيصبح من المطلوب مِن كل مَن اسمه (محمد) أن يقدِّم الدليل القانوني على أنه هوMuhammadوليس Mohammadوليس Mohammedوليس Mohamed ، هذا كله في الاسم الأول فقط!.
5- ولْيَكُن الله في عون القضاة والمحامين وموظفِي الشهر العقاري ومصلحة الجوازات والغرفة التجارية، أما في حالة البحث في الشابكة عن وثائقَ تحتوي على كلمة (محمد) كمثال، فإن على الباحث أن يكون عارفًا بكل احتمالات رسمها الإملائي الممكِنة؛ لأنه في كل مرة سيحصل على نتائج بحث مغايرة.
6- ومما يُتَوقَّع أيضًا: الفوضى في التطبيق، ونشوء الحاجة مجددًا إلى قواعد إملاء معقدة، بل سيصبح لكل قوم طريقتهم في التهجئة بالحرف اللاتيني.
7- وأيضًا: اضمحلال يعقبه زوالٌ لفنون الخط العربي وزخارفه، التي تمثل جانبًا هامًّا من الفن التجريدي للحضارةالإسلامية.
8-ولن تختفي الشكوى من مصاعب الإملاء، وستبقى الحاجة إلى النقط والشكل قائمة رغم الاقتراحات الكثيرة.
9- سيتم تكريس اللهجات العامية وتأكيدها بشكل دائم بسبب تدوينها.

أما فيما يتعلق بالعلاج الناجع لتلكم الظاهرة، فقد كان الباحث قد وضع تصورًا له، وكاد أن ينشره وحده، إلا أنه فوجئ بمجموعة من الشباب مَمَّن له معهم تواصل مباشر وغير مباشر، يقترحون طرقًا للعلاج تتسم بالعملية والواقعية والملاءمة، فرأى فصل رؤيته عن رؤيتهم وعدم ضمها أو مزجها، فكان أنْ عرض رؤيته للعلاج في مطلب مستقل، وكذا رؤية الشباب للعلاج في مطلب مستقل، كما يلي:

أولاً:مقترحات الباحث للعلاج:
ويرى أن علاج هذه الظاهرة الجديدة القديمة، لا بد أن يكون على ثلاثة محاور متوازية، لا غنى لأحدها عن الآخر، ولن يصلح أحدُها دون الآخر.

المحور الأول:خاص بالشباب (النشء والمراهقين في كافة مراحل التعليم)، وتتلخص عناصره فيما يلي:

1- توعية الشباب - خاصة بسبل التوعية غير النمطية وغير التقليدية - بخطورة استعمالهم لـ(الفرانكو)، وأثره على علاقتهم بالقرآن والسنة، ومَسْخِه لهويتهم الثقافية، وقطعه للصلة بينهم وبين تراث أمتهم وسلفهم الأماجد، وإخوانهم المعاصرين لهم في شتى بقاع الأرض، وكذلك ما له من أثر نفسي شديد السوء عليهم.
2- بيان ما يُحاك لهم من مؤامرات تستهدف دينهم وهويتهم، وأن ما هم فيه ما هو إلا جولة من جَوَلات معركة خبيثة قاسية بدأها الأعداء الحقيقيون - الأعاجم والعرب على حدٍّ سواء - الذين تَوَلَّوْا كِبْرَ هذه الفرية قديمًا.
3- ترغيب الشباب في استعمال اللغة العربية الفصحى (تحدثًا وكتابة)، باستخدام وسائل الترغيب المبتكرة، والتي تلائم روح الشباب.
4- بث روح الاعتزاز والفخار بالهوية الإسلامية العربية بين طوائف الشباب.
5- تقديم النموذج والقدوة الشبابية العربية والإسلامية؛ لتحِلَّ محل النماذج والقدوات الغربية والممسوخة التي أفسدت علينا أبناءنا، وأفقدتهم الثقة في أنفسهم وفي أمتهم.
6- إعادة النظر في آليات توصيل القرآن والسنة للشباب (والنشء خاصة)، فالاهتمام بتعليم القرآن والسنة - لا مجرد حفظهما كما هو الحال - من شأنه أن يغرس فيهم حبَّ اللغة العربية، والاعتزاز بها، والحرص عليها، والأنَفَة من استعمال غيرها في التحدث والكتابة على حد سواء.
7- تطبيق المبدأ القرآني الرائع: ﴿ ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ ﴾ [المائدة: 23] في التعامل مع المشكلة، فإن له من الآثار والنتائج الإيجابية ما لا يُحصى، وذلك عن طريق غزْو كل مكان يُظَنُّ تجمع شبابنا فيه؛ كالنوادي ومراكز الشباب، والمكتبات وغيرها.

المحور الثاني:خاص بالقائمين على العملية التربوية والتعليمية، وتتلخص عناصره فيما يلي:

1- توعية القائمين على العملية التربوية والتعليمية بخطورة المشكلة وأبعادها، وعظيم أثرها على الأجيال الصاعدة، وكذلك عظيم دورهم في تغيير دفة الصراع لصالح أُمتهم وقلب السحر على الساحر.
2- تطوير مناهج تعليم اللغة العربية، وخاصة في مراحل التعليم الأساسي؛ لتكون أكثر جذبًا، وأعظم أثرًا، فلا تعتمد على الحفظ المجرد، ولا تسلخ الشباب من هُويتهم، وهناك تجارب رائدة في هذا المجال يعرفها أهل التخصص.
3- الاهتمام بغرس قيم الانتماء للأمة العربية الإسلامية، عن طريق تطوير مادة التربية الوطنية، أو المواطنة التي تُدَرَّس في المرحلة الثانوية تقريبًا في مختلف البلدان العربية والإسلامية، واحتساب درجة الاختبار فيها ضمن مجموع درجات الطلاب في نهاية العام الدراسي.
4- سن قوانين تمنع منعًا يصل للتجريم تدريس أي لغة للنشء غير اللغة العربية في مراحل التعليم الأساسي؛ ترسيخًا للغة الطفل الأم في وِجدانه وعلى لسانه، وحرصًا على سلامته النفسية.
5- التعجيل بوضع آلية قويمة لتعريب العلوم.

المحور الثالث للعلاج: خاص بالمجتمع، وتتلخص عناصره في الآتي:

1- توعية الآباء والأمهات وجماهير الأمة العربية والإسلامية بأهمية دورهم في إخراج أبنائهم جيلاً يُتْقِن العربية - (تحدثًا، وقراءة، وكتابة) - مُعْتَزًّا بذلك، موقنًا أن لغته هي رُكن رَكين من صرح هُويته المميِّزة له عن سائر الناس، وأن هذا الدور المنوط بهم هو من الأهمية بالمكان السامق، وهو حق أبنائهم وحق أُمتهم عليهم، ويدخل - أولَ ما يدخل - في المسؤولية التي أولوها على هؤلاء الرعية.
2- منع استعمال أي لغة غير العربية في أي مجال عام - (الأعمال الفنية أو الأدبية المختلفة - الإعلام ببرامجه وكافة صوره - الصحافة بكافة صورها - حملات الدعاية والإعلان - واجهات المحال التجارية والمكاتب - بطاقات التعريف ...) - واعتبار مخالفة ذلك جريمة يعاقب عليها القانون.

3-فرض شرط جديد للقبول أو التعيين في الوظائف الحكومية المختلفة، وهو: شرط (إتقان الفصحى؛ قراءة، وتحدثًا، وكتابة).

ثانيًا:مقترحات الشباب للعلاج:
أولاً: تنمية مشاعر الانتماء للغة والوطن في المدارس والجامعات والإعلام والمساجد.
ثانيًا:نشر البرمجيات التي تعتمد اللغة العربية في الكتابة.
ثالثًا: توفير لوحة مفاتيح للغة العربية باستخدام الفأرة الإلكترونية فقط (الماوس)، وهذا متوفر على الشَّابكة.

ثالثًا:يمكن شراء الحروف العربية مطبوعة على بلاستيك شفاف، ولصقها فوق حروف لوحة المفاتيح الحالية.

رابعًا: تغيير أماكن الحروف العربية على لوحة المفاتيح؛ بحيث نضع الحروف العربية على نفس الأزرار اللاتينية الموجودة علي اللوحة، فمثلاً: نضع حرف (النون) علي زِرِّ حرف (N ) اللاتيني، ونضع حرف (التاء) على زِرِّ حرف ( T )، وهذا لن يحل كل مشاكل الحروف، ولكن على الأقل سيُسهِّل الكتابة بالعربية والإنكليزية في نفس الوقت؛ وذلك حتى لا تندثر الحروف واللغة العربية.

خامسًا: معرفة الأسباب العشرة المعينة على الإقلاع عن تلك العادة المرفوضة، وهي:

1- لا توجد أية لغة قادرة عن التعبير عما يجول بخاطرك سوى لغتك وحروفها.
2- اللغة العربية تسهل لك الكتابة و القراءة بجعلها أسرع وأيسر.
3- هذه الحروف العربية تعطيك قدرة أكبر على التعبير.
4- اللغة العربية تحمل قِيَمًا لا يمكن للحروف اللاتينية أن تُرَوِّجَها.
5- استعمال الحروف العربية يؤكد اعتزازك بنفسك وبهويتك.
6- اللغة العربية تعطي لما تكتبه على الشَّابكة ذلك الشكل الجميل الذي تفتقد له الصفحات المكتوبة بحروف لاتينية.
7-الحروف اللاتينية تقتل أفكارك، (وضربوا لذلك مثالاً جيدًا).
8- الكتابة بالعربية تزيد من حجم تفاعل الناس مع ما تكتب.
9- الكتابة باللغة العربية تجعلك تتوقف عن الاعتذار لمن يحادثك عن استعمالك الحروف اللاتينية؛ كما في هذه الجملة الشهيرة:
"samihni akhi li anaho laysa ladaya clavier arabe"

10- الكتابة بالحروف اللاتينية تجعل المشاهير لا يقرؤون ما تكتب، (وذكروا مثالاً من الواقع لذلك).

ثم اختتم الباحث بحثه بهذه التوصيات:

1- أن ظاهرة (الفرانكو) ليست وليدة اليوم، بل هي تجديدٌ أو بعثٌ لدعوة قديمة، يتجاوز عمرها المائة عام، فلا ينبغي أبدًا دراستها بدون إغفال ذلك البعد التاريخي الهام؛ إذ إنه يوقفنا على أهداف مَن أطلقوها، وغاياتهم الخبيثة.
2- رغم الدفاع المستميت لحُرَّاس العربية عنها، فإن الأجيال المعاصرة لم تَرِث تلك الحمية التي كانت، وذلك يتطلب من القائمين على العمليتَين التعليمية والتربوية وقفة جادة وطويلة.
3- رغم كل ما قام به أبناء العربية من دَفْعٍ للشبهات ورَدٍّ للغزوات، فإن أعداء ديننا ولغتنا لا يَكَلُّون ولا ينامون، يَصِلون الليل بالنهار؛ ليصلوا إلى مآربهم منا، بينما نحن غافلون أو متغافلون.
4- أن شبابنا في هذه المعركة ضحايا مرحلة اللاتعليم واللاتربية التي تمر بها أمة الإسلام إلا فيما ندُر.
5- أن شبابنا المظلومين في ظل غيبة دور مجامع اللغة العربية، قد أوجدوا لأنفسهم عالَمًا خاصًّا بهم، له أبجديته التي تناسبهم وتلائم روحهم الوثَّابة، فإن لم يدركهم شيوخ المجامع حماية للغة، واستنقاذًا لهم من براثن (الفرانكو)، فستتحول تلك المجامع - شاؤوا أم أبَوْا - إلى متاحف، أو تنقلب إلى مجامع لـ (الفرانكو) يومًا ما.
6-أن شبابنا المثقفين لهم دور لا يقل في أهميته عن دور القائمين على التعليم والتربية في بلاد العرب والمسلمين، وقد رأينا من تحليلهم لدوافع إخوانهم الذين يكتبون (الفرانكو)، ومن طرق العلاج التي اقترحوها، ما يفتح باب الأمل أمام كل مصلح مخلص.
7-أن دوافع شبابنا للجوء لـ(الفرانكو) يتحمل القائمون على العملية التعليمية والتربوية الكِفْلَ الأكبر منها.
8- أنه لا غنى عن تضافر العمل في المحاور الثلاثة - التربوية، والتعليمية، والمجتمعية - للخروج من الأزمة.

هوامش:
[1] إذ لا تكاد تجد مع طول البحث مَن يستعملها مِمَّن يتقن كتابة العربية الفصحى بالحروف العربية، فضلاً عن كتابتها باللاتينية.
[2] ليدخل في التعريف اللغاتُ غير العربية المكتوبة بحروف عربية، كالفارسية، فقد وقع ذلك من أبنائها أيضًا.
[3] هذه الآثار كانت نتيجة استطلاع رأي واختبارات مباشرة وغير مباشرة قام بها الباحث على عينة عشوائية من الشباب الذين يستعملون (الفرانكو)، والنسب المئوية لكل أثر منها مسجلة في موضعها من البحث.



منقول عن الألوكة.
جزى الله خيرا راقمه.