فلسطين بين سادية حكام بني صهيون ومازوشية حكام بني يعرب ... بقلم الأستاذ اليزيد عياش ... تربية بدنية
15-08-2020, 09:03 PM
فلسطين بين سادية حكام بني صهيون ومازوشية حكام بني يعرب ... بقلم الأستاذ اليزيد عياش ... تربية بدنية .
فلسطين أرض الله المباركة ومهد انبيائه ورسالاته ومبنى ثالث أقدس بيوته ، هذه الأرض التي شرفها الله بأن جعلها محطة أساسية من محطات بعث رسله وأنبيائه ورسالاتهم ومزارا لهم وقضية وتوكيله لهم جميعا برسالة تصب من معين واحد الا وهي رسالة الاسلام ، التي يسعى من خلالها هؤلاء الصفوة الكرام من خلق الله وعبيده الى دعوة الناس لتوحيد الله وافراد العبودية له وحده ، كما أن هذه الارض شرفها الله بأن جعل فيها بيتا من ثالث أقدس بيوته بعد البيت الحرام والمسجد النبوي الشريف الا وهو المسجد الأقصى المبارك ؛ هذا المسجد الذي شرف الله مقامه وأعلى من شأنه بأن جعله أولى القبلتين لسيد الخلق وخاتم الانبياء محمد بن عبد الله صلوات ربي وسلامه عليه ، وزاده تشريفا أكثر بأن ذكره في كتابه الكريم ، اذ يقول عز من قائل في محكم تنزيله : " سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " سورة الاسراء – 1- ، هذا المسجد الذي جعله الله مقياسا ومعيارا به نعرف مقدار ايمان المسلمين وشدة قربهم من ربهم أو العكس كما يقول أكثر أهل العلم عن ذلك ؛ ويعني ذلك أن المسلمين كلما كانوا أكثر ايمانا وصلة بربهم كان المسجد الاقصى في أيديهم ، أما ان كانوا أقل ايمانا وصلة تجد المسجد الأقصى بأيدي الغاصبين من أهل الشرك والضلال ، وهو ما نعيشه للأسف منذ زمن بعيد الى لحظة يومنا هذا ، من وجود المسجد الاقصى المبارك تحت رحمة وقبضة ونير الكيان الصهيوني الغاصب منذ 72 عاما من بعد نكبة 1948 م ؛ تاريخ احتلال فلسطين واعلان قيام الكيان الصهيوني بدعم انجلوساكسوني بزعامة بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية وحجتهم في ذلك أن من حق اليهود في وطن يأويهم ، وقد وقع الاختيار على أرض فلسطين لدواع دينية وعقائدية وسياسية وتاريخية وهمية ، ومنذ ذلك التاريخ شب بين المسلمين واليهود الغاصبين صراعات ونزاعات ترنحت بين حروب مسلحة ومفاوضات سلام ماراثونية تعارضت فيها المصلحة بين كلا الطرفين، فبين طرف محتل يريد فرض سياسة الأمر الواقع على جيرانه ومحيطه المتنوع ، وضرورة قبولهم به ككيان والاعتراف به كدولة رغم أنف الجميع ، مستخدما كافة الوسائل المتاحة للوصول الى غاياته ، وبين طرف آخر شعر بمقدار واجبه ومسؤولياته تجاه هذه الأرض ومقدساته مما جعله يهب هبة رجل واحد من أجل الدفاع عنها والذود عن مقدساته ، موظفا جميع ما يملك من وسائل عسكرية وسياسية واقتصادية وديبلوماسية لتحقيق ذلك ، لكن الملاحظ أن صراع مفاوضات السلام الماراثونية هي من أصبحت لغة سائدة بين طرفي الصراع بعد ان استسلم معظم من يمثل مكونات الطرف الثاني الضعيف لسياسة الأمر الواقع وقبوله بالحلول الوهمية التي بات يقدمها له الطرف الاول الاقوى ، هذا الاخير الذي استطاع دحر القوات العربية المسلحة الموحدة ضده في أكثر من موقعة وحرب وصلت الى حد هزمه له في خمسة حروب كبرى هي : حرب 1948م ، حرب 1956م ، حرب 1967 م ، حرب 1973م ، حرب 1982م ، بحيث خلفت هاته الحروب بين الطرفين أكثر من 200 الف قتيل ، وأودت الى احتلال اجزاء من مناطق عربية خارج ارض فلسطين ، كشبه جزيرة سيناء في مصر ، منطقة الجولان بسوريا ، مما أدى بالعرب والمسلمين تحت وقع الضربات المتتالية من طرف هذا الكيان الصهيوني الغاصب وبدعم من طرف القوى الامبريالية الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا خاصة الى القبول به كواقع حال ودخوله في مفاوضات سلام ماراثونية أقل ما يقال عنها أنها تخدم الطرف الاقوى في مقابل تنازلات كبيرة يقدمها الطرف الضعيف الواحدة تلو الاخرى دون أن يحصل على شيء يذكر ، خاصة فيما يتعلق بأرض فلسطين ومقدساته ضمن معادلة غير متوازنة طرفاها الطرفين المتنازعين ، طرفين كما قال عنهما الدكتور مصطفى محمود رحمه الله في كتابه " نهاية الحضارة " ، طرف ينادي بالسلام وهو يريد الحرب ، وطرف ينادي بالحرب وهو يريد السلام ، هذا ما يقودنا الى طرح هذا السؤال : ما الذي جناه العرب والمسلمون من خلال حكامهم المازوشيين من مفاوضات السلام الماراثونية مع الكيان الصهيوني الغاصب وحكامه الساديين ؟
ان المتأمل في كرونولوجيا مفاوضات السلام بين العرب والمسلمين والكيان الصهيوني الغاصب يجد أنها عبارة عن سلسلة طويلة من المعاهدات والاتفاقيات عربية – صهيونية أو فلسطينية – صهيونية ، من أبرزها اتفاقية كامب ديفيد في 17 سبتمير 1978 م ، وهي اتفاقية وقعت بين مصر والكيان الصهيوني الغاصب ، بموجبها ينسحب هذا الأخير من الاراضي العربية التي احتلها بعد حرب الستة أيام أو حرب جوان 1967م ، مقابل اعتراف مصر بدولة الكيان الصهيوني واقرارها السلام معها وتطوير علاقتها بها ، ثم تأتي بعدها اتفاقيات اوسلو 1 و 2 الموقعتين بين الكيان الغاصب ومنظمة التحرير الفلسطينية في كل من واشنطن وطابا سنتي 1993م و 1995 م ، والتي بموجبها اعترفا كلا الطرفين ببعضهما البعض ، مقابل تنازل الفلسطنيين عن حقهم في أرضهم كاملة وقبولهم بأحجية ما سمي آنذاك بحق الفلسطينين في تقرير مصيرهم والتمتع بالحكم الذاتي وبسط سيطرتهم على كل من الضفة الغربية وقطاع غزة ، الى جانب اتفاقيات أخرى مثل اتفاقية " واي ريفر " 1 و 2 سنتي 1998 م و1999م ، اتفاقية وادي عربة سنة 1996 م، ..... الخ ، هذه الاخيرة قدم فيها الجانب العربي الاسلامي كما هو ملاحظ تنازلات كبيرة لصالح الكيان الصهيوني مقابل حفنة من الانجازات لا تكاد ترى بالعين المجردة ، والتي بالرغم من قزامة حجمها مقارنة بحجم التنازلات المقدمة الا أن بعضا من بني قومنا يستخدمها كحصان طروادة لتبرير أفعال الخيانة وبيع القضية الجوهرية للأمة ، والملاحظ على الكيان الصهيوني أن حكامه ولدوا بشخصية سايكوباثية سادية بامتياز ، وهذا يظهر جليا من خلال تصرفاتهم وسلوكياتهم التي يتعاملون بها مع الفلسطنيين خاصة أو العرب والمسلمين عامة ، فتجدهم بالرغم من التنازلات الكبيرة التي حصلوا عليها سواء من الفلسطنيين أنفسهم أو العرب ودرجة الضرر الذي الحقوه بهم الا ان الملاحظ عليهم أنهم يسعون للمزيد من المتعة من خلال المزيد من الاضرار والاذلال بهؤلاء تحت مسمى السلام ، بالمقابل نجد شخصية حكام الفلسطنيين والعرب صارت مازوخية أو مازوشية بامتياز، من خلال تسابقهم على التفنن في الخيانة وخدمة حكام بني صهيون ودولتهم المزعومة على حساب القضايا الجوهرية للأمة ومصالح شعوبها، فتجدهم بالرغم من الصفعات الكثيرة التي وجهت لهم من طرف حكام بني صهيون وانقلابهم عليهم في أوقات كثيرة الا انهم لا حياة لمن تنادي ، تجدهم يتنافسون على تحصيل المزيد من اللذة والمتعة من خلال طلب المزيد من الاضرار والاذلال من حكام بني صهيون ، فحكام بني يعرب ما عادت الأعراف الدينية ولا القومية ولا السياسية تحكمهم كما كان حالهم في السابق ، بل صارت المازوشية ديدنهم بأن صاروا أدوات طيعة في خدمة حكام بني صهيون ، فما قدمته السلطة السياسية الفلسطينية الشرعية المزعومة ومعهم حكام بني يعرب من تنازلات لصالحهم بموجب ما اتفق عليه معهم فوق الطاولة وتحتها من اتفاقيات كثيرة ، يأتي على رأسها قرار مجلس الأمن 242 بعد حرب 1967 م ، والذي يتحدث عن خطة سلام ينهي هذا الصراع بين الطرفين ويؤدي الى حل بينهما ؛ هذا الحل يكمن في اقامة دولة للشعب الفلسطيني عند حدود 1967 م ، تعيش جنبا الى جنب بسلام مع دولة الكيان المزعومة ، لكن بالرغم من قبول حكام بني يعرب بهذا الحل ومسارعتهم للقيام بالكثير من الخطوات طمعا في كسب رضى حكام بني صهيون وحصولهم على الهدية الكبرى منهم الا وهي هدية السلام المزعوم التي يريحون بها أنفسهم من عار التاريخ الذي يلاحقهم ويقض مضاجعهم أمام أمتهم وشعوبهم ، ومن بين هاته الخطوات نجد تحوير موضوع القضية من قضية عربية اسلامية الى قضية فلسطينية ، ومن صراع عربي – صهيوني الى صراع فلسطيني – صهيوني ، الى جانب تمييع السلطة السياسية الفلسطينية الشرعية وجعلها تبدو خائنة تخدم حكام بني صهيون على حساب مصالح شعبها وفلسطين ككل ، وهذا كله من أجل قتل القضية في نفوس الجماهير العربية والاسلامية حتى لا تقض مضاجعهم بسببها ، وهو ما نجحوا فيه الى حد كبير مع جزء غفير من هاته الأمة ، اذ لم تعد القضية هي القضية الاولى التي تشغلها أو تقض مضاجعها بسبب انشغال الكثير منها بمشاكلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والرياضية ، كما قدموا ايضا خطوات أخرى أكثر جرأة من الخطوات السابقة ، منها على سبيل المثال لا الحصر محاولة وأد كل تيار مقاوم وممانع ضد سياساتهم التطبيعية مع هذا الكيان سواء كان هذا التيار داخل فلسطين أو في بلدانهم ، وخير دليل على ذلك ما تفعله الكثير من الدول العربية مع حركة حماس الفلسطينية وإخواننا المرابطين بغزة الصامدة ، فكلنا نتذكر ما فعله الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك مع المقاومة وسكان غزة ، اذ قام ببناء سدود فولاذية تحت الأرض لغلق الانفاق التي كانت تستخدمها المقاومة في تهريب السلاح أو المؤونة نحو غزة المحاصرة منذ سنوات من طرف حكام بني صهيون ، اضافة الى ذلك غلقه لمعبر رفح ورفضه لدخول أو خروج لأي حالات أو مساعدات انسانية ، لكن بالرغم من ذلك واصل حكام بني صهيون ساديتهم من خلال الاخلال بتعهداتهم لحكام بني يعرب والمجتمع الدولي ، وذلك باقترافهم لأبشع الجرائم الانسانية في حق الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية المميعة ومعها حكام بني يعرب اللاهثين وراء سلام لن يروه حتى في أحلامهم ، وما الجرائم الأخيرة التي ارتكبها حكام بني صهيون في حق أهلنا في غزة من خلال العدوان عليها سنوات 2008 م ،2012 م ، 2014 م ، الى جانب حصارها له الى غاية يومنا هذا ، وما خلفه هذا الحصار من أزمات انسانية واقتصادية واجتماعية كارثية في حق الانسان في غزة ، والتي لم يتحرك لها حكام بني يعرب ومعهم المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية والحقوقية ساكنا لاتخاذ أي موقف حيال ذلك ، بل بالعكس نجد مواقف مشرفة من دول لا يجمعنا بها سوى عقيدة الانسانية ، بالمقابل نجد مواقف مخزية لبعض حكام بني يعرب تلقي باللوم على اخواننا الصامدين في غزة وتعتبر ان ما يقوم به حكام بني صهيون هي حرب ضد الارهاب ودفاع عن أمنها ومصالحها ، الا ان استمرار لهث حكام بني يعرب وراء السلام المزعوم وعهر الخيانة طمعا منهم في الحصول على القليل من الشرف الغائب عنهم وتبييض صفحاتهم أمام الله والوطن والشعب والتاريخ في المكان الخاطئ في مشهد يرمز الى وضاعة ونذالة الكثير منهم ، جعل حكام بني صهيون يستمرون في تقديم المزيد من الصفعات لهم وممارسة ساديتهم معهم ، وآخر هذه الصفعات السادية اعلان حكام بني صهيون كل مدينة القدس عاصمة لهم بدعم أمريكي فاضح ، مع اعلان الامريكيين لخطة جديدة بمباركة عربية سميت بصفقة القرن سنة 2017 م ؛ هدفها هو تأسيس دولة فلسطينية على الحدود الجغرافية الغير متفق عليها من قبل ، وهو ما ظهر فعلا من خلال القرار الاخير لضم اجزاء من الضفة الغربية من طرف حكام بني صهيون ، لكن بالرغم من ذلك واصل حكام بني يعرب ممارسة مازوشيتهم دون اعتبار أو صحوة ضمير مما حدث لهم ، وهذه المرة كانت من نصيب حكام بني يعرب الإماراتيين من خلال اعلان الرئيس الامريكي دونالد ترامب يوم الخميس الماضي عن خطة لتطبيع العلاقات بين دولة الامارات وجكام بني صهيون وسط مباركة لأطراف عربية وصمت مطبق لأطراف عربية أخرى . وللأسف ضاعت فلسطين ومقدسات الأمة بين مازوشية حكام بني يعرب وغرامهم بسادية حكام بني صهيون ، بين حكام بني يعرب ينادون بالحرب ويريدون السلام وبين حكام بني صهيون ينادون بالسلام ويريدون الحرب ، بين حكام بني يعرب اقصى أمانيهم هي الحفاظ على عروشهم ومصالحهم بخيانة أمتهم وقضاياها وبين حكام بني صهيون اقصى أمانيهم بناء دولة اليهود الكبرى وسيادة العالم والسيطرة عليه ، ففريق جنى بالسلام المزعوم وساديته الكثير من المكاسب لنفسه ولأمته ، وفريق آخر جنى بالسلام ومازوشيته الكثير من الخسائر لنفسه ولأمته ، فشتان بين هذا وذاك في سلم تاريخ أمته والانسانية جمعاء ... تولانا الله برحمته