حديث يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ
21-07-2018, 10:36 PM
حديث *** يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ ***

مختصر من شرح صحيح البخاري




- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ، أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ قَالَ: " يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ: عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّي سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ " وَقَالَ آدَمُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
__________
النجوى هي المحادثة بين اثنين أو أكثر سراً، بحيث لا يسمع حديثهم من قرب منهم، والمقصود هنا: كلام الرب - تعالى - مع عبده سراً.
قال الحافظ: ((المراد من النجوى في الحديث: المناجاة التي تقع من الرب – سبحانه وتعالى – يوم القيامة مع المؤمنين)) (2) .
قوله:((يدنو أحدكم من ربه)) في الرواية الأخرى. ((يدنو المؤمن من ربه)) .
كقوله تعالى: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} (3) .
وقوله – تعالى -: {وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ} (4) .
وقوله: {ثُمَّ إِلَى رَبِّكُم مَّرْجِعُكُمْ} (5) ، وقوله – تعالى -: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ} (6) ، وقوله: {وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ (7) } والآيات في هذا كثيرة جداً.
فهـذا الحديث دل على ما دل عليه القرآن من وقوف العباد على الله، وخطابه لهم، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، أن هذا إنما هو يوم القيامة، وأن أحوال العباد مع الله يوم القيامة غير أحوالهم في الدنيا
قوله: ((حتى يضع كنفه عليه)) جاء الكنف مفسراً في الحديث بأنه ((الستر)) ، والمعنى: أنه – تعالى – يستر عبده عن رؤية الخلق له؛ لئلا يفتضح أمامهم، فيخزى، لأنه حين السؤال والتقرير بذنوبه تتغير حاله، ويظهر على وجهه الخوف الشديد، ويتبين فيه الكرب والشدة.
قال الأزهري: ((قال الليث: الكنفان: الجناحان، وأنشد:
سِقْطا من كنفي نعام جافل
وكنفا الإنسان: جانباه، وناحيتا كل شيء: كنفاه.
وقولهم:
في حفظ الله وكنفه، أي: في حرزه وظله، يكنفه بالكلاءة وحسن الولاية، وقال ابن المبارك: ((يضع عليه كنفه)) يعني: ستره)) (1) .
قال إبراهيم: أخبرني أبو نصر، عن الأصمعي، يقال:
نزل في كنف بني فلان، أي: في ناحيتهم)) (2) .
قوله:
((فيقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، ويقول: عملت كذا وكذا؟ فيقول: نعم، فيقرره)) هذا هو المقصود من إيراد الحديث هنا؛ لأن فيه مخاطبة الله لعبده وتقريره بذنوبه، ثم يقول له: ((أنا سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم)) وهو واضح جداً في أن الله يكلم عباده يوم القيامة، ويخاطبهم مخاطبة فيها محاسبتهم وتقريرهم بنعم الله عليهم، وبذنوبهم، ويخاطبهم في غير ذلك كما تقدم.

قوله: ((ثم يقول: إني سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم)) هذا أيضاً صريح في أنه تعالى يكلم عباده بذلك ممتناً عليهم بأنه قد ستر عليهم في الدنيا حيث كانوا يبارزون الله بالذنوب، فيستر عليهم مع عصيانهم له، ثم غفرها لهم في الآخرة.
فهذا الكرم العظيم، والحلم الواسع، والفضل الجزيل.
والمغفرة:
هي محو الذنب ووقاية تبعته.
وعلى كل فالدلالة من هذا الحديث ظاهرة جداً، وصريحة فيما ذكره من أجله، وهو كونه تعالى يتكلم إذا شاء بما شاء، ويكلم من يشاء من عباده، إما إكراماً له، أو امتناناً عليه، أو تهديداً له وتوبيخاً، أو غير ذلك..
التعديل الأخير تم بواسطة مسلمجزائري ; 21-07-2018 الساعة 10:45 PM سبب آخر: تكبير الحجم