المجاهد عبد القادر جدّو ومعاناة الغربة لأكثر من أربعين سنة
08-04-2015, 09:42 PM
المجاهد عبد القادر جدّو ومعاناة

الغربة لأكثر من أربعين سنة

مجاهد من الرّعيل الأوّل كان مغتربا في فرنسا يعمل في مجال البناء وهو لا يزال شابا؛ عندما اندلعت الثورة التّحريريّة المباركة وككلّ جزائريّ غيور على وطنه محبّا لشعبه وجد نفسه تلقائيّا في خضمّ النّضال الوطني ومناصرة الثورة بكلّ ما أوتي من قوّة وعزيمة..
كان يجمع الاشتركات ويوصلها إلى قيادة جبهة التحرير الوطني، وفي يوم من أيّام عام 1960 م وبينما كان في اجتماع مع القيادة المحليّة لجبهة التحرير الوطني في إحدى ضواحي باريس، داهمت مكان الاجتماع قوّات من الشرطة الفرنسيّة، وألقت القبض على الثلاثي المجتمع بالمكان، وبعد التفتيش الدّقيق عثر على قوائم العمّال الذين يدفعون الاشتراكات داخل الموقد الّصغير ( ريشو )، ومن ثمّة نقل الثلاثة إلى مقرّ الشرطة ليسلّط عليهم شتى أنواع التعذيب..
واضطر مسؤول المجموعة إلى تحمّل المسؤوليّة كاملة وبمفرده، لكنّ سلطات القمع الفرنسيّة لم يرقها ذلك فقررت ترحيل المناضل ( عبد القادر جدّو ) إلى الجزائر، ليتعرّض إلى التعذيب الأشدّ والعقاب الأكبر، فحمل بالباخرة إلى نواحي مدينة تيزي وزّو، فأمضى بسجنها عدّة أشهر، تعرّض خلالها إلى عدّة أنواع من الإهانة والتعذيب، ولكنّه صمد وصبر..
ولحسن الحظ وحكمة الأقدار يدركه يوم النّصر وهو بسجن ( تيزي وزّو ) فيطلق سراحه وينقل إلى باتنة ومنها إلى بسكرة بعد أن قضى في السّجن أكثر من عشرين شهرا، فلقي أهله وأقاربه هناك، وقضى مدّة في عاصمة الولاية بسكرة، ثمّ انتقلت العائلة مرّة أخرى إلى موطنها الأصلي بلديّة شتمة (شط الماء )، وعند الاستقلال شغل منصب عضو اللجنة البلديّة لبجهة التحرير الوطني في شتمة.
ولكن بعد بضعة سنوات حدثت له بعض الخلافات مع أعضاء اللّجنة، ووجد أنّ بقاءه في مسقط رأسه صار غير مفيد له، فقرّر السّفر ثانية إلى فرنسا للعمل هناك في مجال البناء من جديد، ولكن كيف السَّبيل إلى ذلك وهو ممنوع من الدّخول إلى فرنسا بصفته مجهادا من جبهة التحرير الوطني، وخرج من فرنسا سجينا ولم يعد مسموحا له بدخولها مرّة ثانية. فاضطرّ إلى انتحال اسم مستعار، واستطاع بذلك الدّخول إلى فرنسا مجددا.
وبقي في فرنسا على تلك الحال أكثر من أربعين سنة، وعندما فكّر خلالها في العودة إلى الجزائر كان الاسم المستعار عقبة كبيرة في طريقه، وحرم من حقوقه كمجاهد شارك في ثورة التحرير الوطني، بسبب ذلك الاسم المشؤوم الذي جنى عليه الكثير، فلا هو يستطيع العودة، ولا هو يرضى بالبقاء هناك وحيدا وقد تجاوز الثمانين من عمره .. ووقف حائرًا على مشارف العمر الطويل.. أماني عراض تلوح في أرض الوطن وواقع مرّ يكبله إلى أرض المستعمر القديم ..
التعديل الأخير تم بواسطة عبد الله لالي ; 08-04-2015 الساعة 09:44 PM