قانون دولي عام : اتفاق كيوتو
29-01-2009, 08:06 AM
اتفاق كيوتو


اتفاق كيوتو يمثل اتفاق كيوتو الذى تم التوقيع عليه من قبل 195 دولة في عام في هذا العام قام الاتفاق نقلة نوعية على طريق عولمة الشأن البيئى العالمى ، وخلق الآليات اللازمة لتنفيذه ، ويمثل هذا البروتوكول أيضا الخطوة التنفيذية الأولى لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ المبرمة في العام 1992.
ويتضمن اتفاق كيوتو مجموعتين من الالتزامات المحددة تحقيقاً للمبادىء العامة التى أقرتها اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ :: تتضمن المجموعة الأولى الالتزامات التى تتكفل بها جميع الأطراف المتعاقدة ، في حين تختص المجموعة الثانية بمجموعة الالتزامات التى تتحملها الدول المتقدمة حيال الدول النامية .

وفيما يختص بالالتزامات التى تتكون منها المجموعة الاولى فإنه يمكن القول أن البروتوكول يلزم الدول الموقعة عليه بقائمة محددة من الالتزامات لا يتم التفرقة فيها بين الدول المتقدمة والدول النامية ، فهى التزامات مشتركة تتكفل بتنفيذها كافة الأطراف المتعاقدة . هذه الالتزامات هي ::

قيام 38 دولة متقدمة بتخفيض انبعاثات الغازات المسببة لتأثير الدفيئة وذلك بنسب تختلف من دولة لاخرى ، على أن يجرى هذا التخفيض خلال فترة زمنيه محددة تبدأ في عام 2008 وتستمر حتى عام 2012 . وبلغت نسبة التخفيض المقررة في حالة الاتحاد الأوروبي 8% أقل من مستوى عام1990 ، وفى حين بلغت هذه النسبة في حالة الولايات المتحدة و اليابان 7% ، 6% على التوالى . وتشمل هذه الانخفاضات 6 غازات محدده هى : ثانى أكسيد الكربون ، الميثان, أكسيد النيتروجين ، بالاضافة إلى ثلاثة مركبات فلورية.
الحفاظ على بواليع ومستودعات الغازات الدفيئة sinks and reservoirs كالغابات ، والعمل على زيادتها من أجل امتصاص انبعاثات الغازات الدفيئة Green House Gases المسببة لظاهرة التغير المناخى.
إقامة نظم و مناهج بحث لتقدير انبعاثات الغازات الدفيئة ، وكذلك دراسه الآثار السلبية الناجمة عنها ، و التبعات الاقتصادية و الاجتماعية لمختلف سياسات مواجهة المشكلة.
التعاون الفعال في مجالات تطوير التعليم وبرامج التدريب و التوعية العامة في مجال التغير المناخى بما يهدف إلى تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
العمل على إنتاج وتطوير تقنيات صديقة للبيئة من خلال التركيز على الأنواع الأقل استهلاكا في الوقود ، وبالتالى أقل من حيث احتراق الوقود و انبعاثات الغازات الضارة .
آليات المرونة ، وهى تلك الآليات التى تعمل على تخفيض الانبعاثات و تقليل الآثار الضارة ، ولكنها في نفس الوقت تأخذ البعد الاقتصادى عند احتساب تكاليف إنتاجها . وتشير هذه الجزئية إلى إمكانية بلوغ الهدف بأقل الخسائر الممكنة ، وفى بعض الأحيان بدون خسائر على الإطلاق . بل ومن الممكن تحقيق مكاسب من وراء اتباع هذه الآليات . وتتيح هذه الآليات عمليات التجارة في وحدات خفض الانبعاثات . أما الالتزامات التى تحتويها المجموعة الثانية ، فهى الالتزامات التي تتعهد بها الدول المتقدمة وحدها ، وتلتزم بها في مواجهه الدول النامية لمساعدة هذه الاخيرة على الالتزام بالأحكام الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية من ناحية ، وتشجيع الدول النامية على التعاون الفعال في إطار المنظومة الدولية لحماية البيئة من ناحية أخرى . هذه الالتزامات يمكن تحديدها في النقاط التالية ::

تتعهد الدول المتقدمة بتمويل وتسهيل أنشطة نقل التكنولوجيا منها إلى الدول النامية و الأقل نموا ، خاصه تلك التقنيات صديقة البيئة في مجالات الطاقة و النقل و المواصلات وغيرها .
تتعهد الدول المتقدمة بدعم جهود الدول النامية و الأقل نموا في مجالات مواجهة الآثار السلبية للتغير المناخى والتأقلم معها .
التعاون المشترك مع الدول النامية و الأقل نموا في " آليه التنمية النظيفة " Clean Development Mechanism ، والتى تعد إحدى أهم الآليات التى حددها اتفاق كيوتو . وتنص هذه الآلية على التزام واضح من جانب الدول المتقدمة بالقيام بمشروعات في الدول النامية بغرض مساعدتها على الوفاء بمتطلبات التنمية المستدامة ، والمساهمة في نفس الوقت بتحقيق الهدف الرئيسى لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية الخاصة بتغير المناخ ومساعدة الدول المتقدمة في الالتزام بتخفيض الانبعاثات إلى الحد المقرر لها . فهذه الآلية تفيد كلاً من الدول المتقدمة و الدول النامية على حد سواء ، وتتمثل الفائدة التى تعود على اقتصاديات الدول النامية في وجود الاستثمارات القادمة من الدول المتقدمة على أراضيها ، في حين تتمكن الدول المتقدمة من استخدام الانبعاثات الناتجة من انشطة هذه المشروعات للإسهام في تحقيق جزء من التزاماتها الخاصة بتحديد و تخفيض كمى للانبعاثات . ومن خلال إجراء مقارنة سريعة بين المجموعتين من الالتزامات فإنه يمكن الاستنتاج بأن اتفاق كيوتو يضع مسئولية تنفيذ العبء الأكبر من الالتزامات الواردة فيه على عاتق الدول المتقدمة ، إذ يلزمها البروتوكول بتقديم كافة صور الدعم المالى و الفنى اللازم لإعانة الدول النامية و الأقل نموا على تنفيذ الالتزامات الناشئة عن السياسات الدولية المشتركة لحماية البيئة من مظاهر التلوث التى تداهمها . يضاف إلى ذلك أن هذا الاتفاق ألزم الدول المتقدمة _دون الدول النامية و الاقل نمواً_ بالعمل على انتهاج السياسات اللازمة لتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسب محددة وفقاً لجدول زمني معين .
ومن هنا فإن الدول النامية و الأقل نمواً تنظر بعين الرضى و الارتياح إلى اتفاق كيوتو نظرا لقلة الالتزامات التى ألقاها على عاتقها في مجال حماية البيئة ومكافحة التلوث المناخى وصيانة الغلاف الجوى للكرة الأرضية . فهذه الدول النامية و الأقل نمواً تخشى من أن أي التزامات تفرض عليها في مجال حماية البيئة سوف تحد من قدراتها وحرية حركتها على تنفيذ مشروعات التنمية ، خاصة في هذه المرحله المبكرة من مراحل النمو . يضاف إلى ذلك أن الدول النامية و الأقل نمواً لا شأن لها فيما يخص ظاهرة انبعاثات الغازات الدفيئة ، حيث أنها قد حدثت بفعل درجات التصنيع المتقدمة التى وصلت إليها الدول المتقدمة خاصة الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي . بل أكثر من ذلك فإن الدول النامية و الأقل نمواً ترى في نفسها ضحية سياسات التصنيع الخاطئة التى اتبعتها الدول المتقدمة ، وعرضتها لمصير مشئوم في حالة ارتفاع درجة حرارة الكرة الارضية ، إذ لا تملك الموارد المالية و التقنية التى تعينها على مواجهة سلبيات هذه الظاهرة .
وعلى العكس من ذلك ترى الولايات المتحدة الأمريكية أن اتفاق ظالم لها ، وغير محقق لمصالحها . وتستند الولايات المتحدة في ذلك إلى وجود دول وإن كانت نامية في الوقت الحالي ، إلا أنها ليست كذلك في المستقبل القريب ، خاصه الصين ، والهند ، حيث ستتحول هذه الدول الاخيرة لتصبح من بين الدول المسئولة عن ظاهرة انبعاثات الغازات الدفيئة . فهذه الدول تنفذ برامج ضخمة للتصنيع دون أن تقدم أي التزامات في مجال تخفيض الانبعاثات . وترى الادارة الأمريكية التى يتزعمها الرئيس جورج بوش الابن أن هذا الاتفاق لن يحقق الهدف منه طالما بقيت هذه القوى الاقتصادية الجديدة خارج نطاق الالتزامات . فما تفعله دول الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي من تخفيض لانبعاثات الغازات الدفيئة سوف تضيعه جهود الصين و الهند في مجالات التنمية الصناعية.
واستناداً إلى وجهة النظر الأمريكية لحالة عدم التوازن في الالتزامات التى يتضمنها اتفاق كيوتو ، دعا الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن إلى معارضة تصديق الولايات المتحدة على الاتفاق . فالادارة الأمريكية الحالية المحافظة _دفاعاً عن مصالح رجال الأعمال _ ترى أن التزام الولايات المتحدة بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبه 7% أقل من المستوى الذى كانت عليه 1990 خلال الفترة 2008-2012 لن يتم إلا بتكلفة عالية جدا. وتعيب هذه الإدارة على اتفاق كيوتو تركيزه الشديد على مصالح المدى القصير متجاهلاً الوضع الذى ستصبح عليه ظاهرة الانبعاثات في الأجل الطويل ، ومن ثم هناك حاجة _ طبعاً لتقدير الادارة الأمريكية _ إلى إعادة صياغة الاتفاق بطريقة تخلق التوازن المطلوب بين التزامات كافة القوى الاقتصادية القادمة ( الصين ، الهند،روسيا الاتحادية) دون تفرقة بين الدول المتقدمة و الدول النامية.