مستشرقون وقفوا ضد الإسلام
09-12-2015, 03:01 PM
مستشرقون وقفوا ضد الإسلام





الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:



هذا مقال ماتع رائع للأستاذ الفاضل:" ياسر تاج الدين حامد": يكشف فيه
حقيقة بعض المستشرقين المعادين للإسلام، فإلى المقال:

هناك من اعتبروا: أن الإسلام ليس إلا تأليفًا لعناصر دينية سابقة: لعبت عبقرية منشئه - في ظل مجموعة من العوامل الروحية والمادية - دورًا كبيرًا في ظهوره على مسرح التاريخ، فراحوا يَكيلون التُّهم للإسلام ورسوله دون استناد لأي منهج علمي سليم!!؟.
فكان من هؤلاء الحاقدين:

كازانوفا[1]:
يعتبر المستشرق:(كازانوفا) من أكثر المستشرقين المعاصرين تحاملًا على العقيدة والنبوة الإسلامية، وقد بدت مرجعيته المسيحية القروسطية واضحة تمامًا في كتابه: (محمد ونهاية العالم).
لقد سعى كازانوفا في هذا الكتاب إلى: إثبات تأثر القرآن الكريم بالأناجيل بكل طريق!!؟.
ويثبُت ذلك في قوله:
{ ونحن نعتقد أن محمدًا كان ينتمي إلى فرقة مسيحية تؤمن أن الزمان قد انتهى، وكانت لا تنتظر إلا قدوم نبي أخبر عنه المسيح، وهو يحمل اسم:(باراكليت)، وهو الذي يقابل في العربية (أحمد)، وهي صيغة أخرى لاسم (محمد)}.[2].

كارل بروكلمان[3]:
وقد نهج (بروكلمان) منهج (كازانوفا)، فاتَّهم النبي محمد بتأليف دينه عن اليهود والنصارى: مركِّزًا على المصادر اليهودية التي أخذ عنها فكرة الخطيئة الأصلية، فقال:
{ وليس يجوز أن نطلق الحكم على دين محمد على أساس القرآن وحده طبعًا، وليست المسألة مسألة نظام مرتب، إذ لم تكن الدقة والتماسك الفكري أقوى جوانبه...، ولم يكن عالمه الفكري من إبداعه الخاص إلا إلى حد صغير، فقد انبثق في الدرجة الأولى عن اليهودية والنصرانية، فكيَّفه محمد تكييفًا بارعًا وفقًا لحاجات شعبه الدينية}.[4].

إينياس جولدزيهر[5]:
إنه كان يهوديًّا مؤمنًا أشد الإيمان بمرجعيته:(العهد القديم والفكر اليهودي)، وقد ظل كافرًا بنبوة عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقد قادت هذه المرجعية الدينية أعماله عن الإسلام بشكل كلي، وقد تجلَّى الالتقاء بين هذا العالم اليهودي المتأخر، وبين أسلافه في رده على كل المسيحيين الذين كانوا يتوجهون إليه: طالبين رأيه في اعتناق الإسلام، قائلًا:
{ ولماذا تتحولون إلى الإسلام؟، إن لديكم دينًا طيبًا}.[6].
وقد لعب المرجع الديني اليهودي دورًا بالغًا في كل دراسات (جولدزيهر) عن حقيقة الإسلام، ولذلك راح يحاول التشكيك في أصالة المصادر الإسلامية وقيمتها، كما راح يعمل على إبطال مرجعية الإسلام الدينية التي رفضها رفضًا مبدئيًّا، ولهذا أرجع كل العقائد والشرائع التي جاء بها الإسلام إلى اليهودية أو المسيحية، أو العقائد والسلوك الديني للجاهلين.
وهكذا أصبح:" الإيمان بالله الواحد والنبوة وبمرجعية التدين الإبراهيمي": يهوديَّ المصدر!!؟، كما أن الصوم مأخوذ عن اليهود!!؟، وشعائر الصلاة ذات أصل مسيحي!!؟، أما الحج، فقد استمده الإسلام من التقاليد الوثنية:" التي حافظ عليها محمد، ولكنه كيَّفها مع متطلبات التوحيد"، ولهذا فإن القيمة الوحيدة للرسالة الإسلامية عنده هي: إنجاز النبي صلى الله عليه وسلم حين نجح في التأليف والجمع بين عناصر متعددة محتواه في أديان موجودة، واستخدمها في:" تخليصه للدين والمجتمع وحياة القبيلة وصورة العالم من كل التصورات الرهيبة للوثنيين العرب}.[7].

غوستاف فون غرونباوم [8]:
يتضح كره غرنباوم للإسلام في كثير من كتاباته، فإنه لا يجد صعوبة في الافتراض بداهة: أن الإسلام ظاهرة أحادية وحدانية، بخلاف أي ديانة أو حضارة أخرى، ثم يمضي بعد ذلك؛ ليُظهر الإسلام ضدًّا إنسانيًّا، عاجزًا عن التطور ومعرفة الذات والموضوعية، إضافة إلى كونه غير خلاق، ولا علمي، وسلطوي!!؟}.[9].
وقد شك - على عكس عدد كبير من المستشرقين المعاصرين - في ثبات النص القرآني، وجاء وصفه له في غاية الغرابة، فقال:
{ والكتاب الذي بين أيدينا: ليس هو الكتاب الذي بلَّغه محمد، وفي الواقع، فإنه لم يبلغ أبدًا أي كتاب، واكتفى بأن: نقل أشياء متفرقة هي عبارة عن رؤى قصيرة وأوامر وحكم، وخرافات وخطب عن مذهبه!!؟}.[10]، ثم ذهب بعد ذلك ليدَّعي أنه:
{ من أجل حماية الإسلام: كان القتل، والإجبار، والخداع، والرشوة طرقًا مشروعة!!؟}.[11].

هنري لامانس[12]:
من اليسير جدًّا: أن نتلمس مبدأ الحقد لدى( لامانس )في كل ما جاء به الإسلام، فإن (لامانس) قد اعتبر أن الإسلام هو: الحاجز الذي حال دون انتشار عقيدته المسيحية في ربوع الأرض، وذلك في قوله:
{ ولولا الإسلام لاستطاع اليهود والنصارى: أن يقتسموا الجزيرة العربية}.[13].
وقد كان موقف (لامانس) من الروايات الإسلامية - سواء ضمتها كتب الحديث أو السير - موقفًا موحدًا، يتمثل في اتهام المسلمين باختراع كل المادة الموجودة فيهما من أجل تفسير القرآن، قال:
{ إن السيرة مثلها في ذلك مثل الحديث، ذات هدف تفسيري.
إنها مادة محولة مباشرة من النص القرآني؛ لتخدمه في التعليق عليه، ولهذا السبب، فقد كان عليها أن تضيء في حكايات دقيقة ومليئة بالألوان إشارات القرآن المظلمة، والتلميحات الأكثر غموضًا في الآيات.
إنها تصطاد المجهول وغير المتعين الذي كثيرًا ما سبب الحيرة في سور القرآن.
إنها نصب تذكاري يذكر الأسماء والتواريخ التي كان أبو القاسم محمد يبتعد عنها بحذر شديد}.[14].
وهذا القول يتعارض تمامًا مع ما أثبته:(موريس بوكاي) من مدى صحة الأحاديث النبوية -المشهود لها عند علماء المسلمين بالصحة -، وكيف تم جمعها وتوثيقها بشكل لم يرَ العالم له مثيل في أي من إخبارات الماضي، وكيف فهم بوكاي أنها: القسم الآخر التشريعي عند المسلمين، وذلك يتضح من قوله:
{ لا يشكل القرآن الكريم المصدر الوحيد للعقيدة والشريعة في الإسلام، وأثناء حياة محمد، وبعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى: كانت السنة النبوية المتمثلة في أفعاله وأقواله هي: المصدر الثاني الذي يجري البحث عنه، ليجد فيه العلماء والمفسرون: إكمالًا للمصدر الأول..، وقد ظهرت إلى الوجود مجموعات من أقوال النبي وأفعاله، وأصبحت تعرف الآن في العلوم الإسلامية باسم محدد هو: (علم الحديث) "Hadiths"...، ولقد كان همُّ علماء الحديث الذين عملوا في مجالات جمع الأحاديث النبوية وتمحيصها، ينصبُّ أولًا وقبل كل شيء على التدقيق في ضبط هذه المعلومات الكثيرة الخاصة بكل حديث، أو حادثة في حياة محمد، وقد حوت هذه المجموعات أوسع المعلومات وأوثقها، ويعتبر صحيح البخاري بصورة عامة هو: أكثر كتب الحديث صحة بعد القرآن}.[15].

خاتمة:
ولعل ما مضى، وما هو آت من ادعاءات واتهامات للإسلام ورسوله: يكمن سببه فيما قاله:( وات) حين قال:
{ لقد كان الإسلام خلال قرون عدة: العدو الأكبر للمسيحية، وأخذت الدعاية الكبرى في القرون الوسطى: تعمل على إقرار فكرة:(العدو الأكبر) في الأذهان، حتى ولو كانت تلك الدعاية خالية من كل موضوعية، حتى إذا ما حل القرن الحادي عشر: كان للأفكار الخرافية في أذهان الصليبيين: أثر يؤسف له، ولِما وجدوا بين هؤلاء الأعداء كثيرًا من المحاربين الفرسان شعروا بالرِّيبة من السلطات الدينية المسيحية، ولهذا حاول بطرس الراهب أن يعالج هذا الموضوع: بإذاعة معلومات أصدق عن محمد والديانة التي يدعو إليها، وقد حدث فيما بعد تطور كبير في هذا السبيل، وإن ظل كثير من الأوهام عالقًا في الأذهان}.[16].

هوامش:
[1] كازانوفا: فرنسي، أستاذ العربية في الجامعة المصرية.
[2] نبوة محمد، ص222 - نقلًا عن (Mohammed et la fin du mond - p. Casanva - p 23. )
[3] كارل بروكلمان: ألماني، أستاذ في عدة جامعات.
[4] نبوة محمد، ص264 - نقلًا عن (تاريخ الشعوب الإسلامية - ص69،68) كارل بروكلمان.
[5] إينياس جولدزيهر: يهودي مجري، أستاذ في كلية العلوم ببودابست.
[6] نبوة محمد. ص217 - نقلًا عن (l’Islam dans la memoire de l’Occident - Waardenburg - p 267. )
[7] نبوة محمد، ص219 - نقلًا عن (le dogme et la de l’Islam - Goldziher p 12. )
[8] نمساوي متأمرك، أستاذ الشرق الأدنى بجامعة كاليفورنيا.
[9] نبوة محمد، ص268-نقلًا عن (الاستشراق/ إدوارد سعيد. ص296).
[10] المرجع السابق - نقلًا عن l'Islam medieval - Von grunbaum - p92.
[11] المرجع السابق.
[12] بلجيكي الأصل فرنسي الجنسية، من الآباء اليسوعيين.
[13] نبوة محمد. ص260-نقلًا عن I'Arabie occidentl avant I'Hegire - Henri Lammens - p54
[14] نبوة محمد. ص351-نقلًا عن fatima et les de Mhomet - Intro.
[15] التوراة والإنجيل والقرآن والعلم، ص270،269
[16] نبوة محمد، هامش ص241 – نقلا عن (محمد في المدينة/وات. ص 493).