توبيخ البخلاء من أغنياء هاذا الوطن العزيز
13-01-2010, 02:26 PM
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة النساء: “الذين يبخلون ويأمرونالناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله وأعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً. والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ومن يكنالشيطان له قرينا فساء قرينا. وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا ممارزقهم الله وكان الله بهم عليما” (الآيات: 37 38 39).
بعد أن حذر الله عز وجل فيالآية السابقة على هذه الآيات من الكبرياء والغرور “إن الله لا يحب من كان مختالاًفخوراً”، حذر هنا من البخل بالمال وحض الآخرين على البخل بما أنعم الله به عليهم مننعم فقال سبحانه “الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل”.
وقوله تعالى: “وأعتدناللكافرين عذابا مهينا” بيان للمصير السيئ الذي يصيرون إليه بسبب أفعالهم القبيحة،أي وهيأنا لهؤلاء الجاحدين لنعم الله الكافرين بوحيه عذابا يهينهم ويذلهم وينسيهمما كانوا فيه من فخر وخيلاء وغرور.
والمعنى أن الله عز وجل لا يحب هؤلاءالمختالين والفخورين ولا يحب كذلك الذين لا يكتفون بالبخل بأموالهم عن إنفاق شيءمنها في وجوه الخير مع أن بخلهم هذا مفسدة عظيمة، بل يأمرون غيرهم بأن يكونوا بخلاءمثلهم وأن يسلكوا مسلكهم الذميم.

رذيلة أخرى

وفي قوله سبحانه: “ويكتمون ما آتاهم الله من فضله” بيان لرذيلة أخرى من رذائلهم الكثيرة وهي أنهميبخلون بما في أيديهم ويأمرون غيرهم بذلك ويكتمون ويخفون نعم الله التي أعطاها لهمفلا يظهرونها سواء أكانت هذه النعم نعما مالية أم علمية أم غير ذلك.

وفيقوله تعالى: “والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخرتحذير من الإنفاق رياء، وهؤلاء الذين ينفقون رياء يشاركون الذين يبخلون في الذموسوء العاقبة لأن البخل بإظهار نعم الله في مواضع الخير وكتمانها يستوي مع الإنفاقالذي لا يقصد به وجه الله في القبح واستجلاب العقاب، إذ إن الذي ينفق ماله على سبيلالرياء والسمعة لا يتوخى به مواقع الحاجة، فقد يعطي الغني ويمنع الفقير، وقد يبذلالكثير من المال ولكن في المفاسد والشرور والمظاهر الكاذبة.
والمعنى: والذينينفقون أموالهم رئاء الناس، أي قاصدين بإنفاقهم الرياء والسمعة لا وجه الله تعالىولا يؤمنون بالله الذي له الخلق والأمر ولا باليوم الآخر وما فيه من ثواب وعقابهؤلاء الذين يفعلون ذلك يبغضهم الله تعالى ويجازيهم بما يستحقون من عذابأليم.
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: أنا أغني الشركاء عن الشرك. من عمل عملا أشرك معي فيه غيريتركته وشركه.

أصحاب الشيطان

وقوله “ومن يكن الشيطان له قرينا فساءقرينا” بيان أن صحبتهم للشيطان ومطاوعتهم له هي التي دفعتهم إلى البخل وإلى الرياءوإلى عدم الإيمان بالحق الذي آمن به العقلاء من الناس.
والمراد بالشيطان هنا: كلما يغري الإنسان بالشر ويدفعه إليه من الإنس أو الجن، والقرين هو المصاحب الملازمللإنسان.
والمعنى: ومن يكن الشيطان مقارنا ومصاحبا له فبئس المصاحب وبئس المقارنلأنه يدعوه الى المعاصي التي تفضي به إلى النار.

وفي الآية الكريمة إشارةإلى أن قرناء السوء يفسدون الأخلاق.
ثم وبخ الحق سبحانه هؤلاء الذين يؤثرون رضاالناس على رضا الله، والذين كفروا بالحق بعد إذ جاءهم فقال: “وماذا عليهم لو آمنوابالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله”.
والمعنى: وأي ضرر على هؤلاءالكافرين البخلاء المرائين لو أنهم آمنوا بالله تعالى حق الإيمان، وآمنوا باليومالآخر وما فيه من ثواب وعقاب وأنفقوا مما رزقهم الله من فضله ابتغاء وجهه؟
إنهلا ضرر مطلقا من إيمانهم وإنفاقهم واستجابتهم للحق، بل إن الخير كل الخير في اتباعذلك.
وقوله سبحانه “وكان الله بهم عليما”أي وكان الله بهم عليما علما يشملبواطنهم وظواهرهم وسيجازيهم على ما أسروه وما أعلنوه بالعقاب الذي يستحقونه.