تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية كوادر صناع الجزائر
كوادر صناع الجزائر
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2006
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 3,648
  • معدل تقييم المستوى :

    21

  • كوادر صناع الجزائر is on a distinguished road
الصورة الرمزية كوادر صناع الجزائر
كوادر صناع الجزائر
شروقي
التفاؤل.. من أخلاق الكبار
08-04-2008, 04:23 PM
التفاؤل.. من أخلاق الكبار



بقلم: محمد عبده


بين يدي الموضوع..


القارئ للأحداث والمتابع لها يجد أن التضييق الواقع علىالحركة الإسلامية في مصر قد بلغ ذروته، واستفحل أمره: مجموعة من الشرفاء تُصادرأموالهم، وتُغلق مصادر أرزاقهم، ويُكبَّلون خلف الأسوار والمعتقلات بأغلال الظلموالقهر والاستبداد؛ يُحرَمون حتى من المحاكمة أمام قاضيهم الطبيعي ظلمًا وبغيًاوعدوانًا، وها نحن ننتظر النطق بالحكم قريبًا، ومجموعة قد طالتها يد الظلم والطغيانفي محاولة خسيسةٍ لمنع أي نجاح لهم في انتخابات المحليات المقبلة، والتي يسعىالطغاة، ومن خلال القهر الأمني، إلى أن يُعيقوا تقدُّم الحركة، ويُقلِّصوا نجاحهمالمتوقع، ويحاولون حسم المعركة مبكرًا لصالحهم من خلال استغلال سلطتهم التنفيذية فيتحدٍّ سافرٍ لكل القيم والمبادئ التي طالما تشدَّقوا بها وأعلنوا احترامهم لها،وتعدٍّ واضح على حقوق المواطنة، وتضييع كامل لكل القوانين، وإهدار بيِّن لحقوقالإنسان.

نقول ونحن نعيش هذه الظروف، ويعيشها معنا أبناء المعتقلينوأسرهم وإخوانهم في الطريق ومحبُّوهم ومناصروهم، نقول لهم: تفاءلوا بالله خيرًا،واستعينوا على من ظلمكم بالصبر والدعاء، واعلموا أن لكم دعوةً مُستجابةً لا تُردُّأبدًا؛ فنحن لا نشك لحظةً في قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ حينما بعثه لليمن: "اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَاوَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ" (البخاري: ح 2268)، وفي روايةٍ للطبراني: "اتَّقُوادَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛ فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ، يَقُولُ اللهُ جَلَّجَلالُهُ: وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَحِين".

سنردِّد ونحن في ثبات ويقين وبأعلى أصواتنا
﴿قُلْ هَلْ تَربَّصُونَ بِنَا إِلاَّ إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِوَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمْ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْبِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ﴾(التوبة: 52).

إننا رابحون على كل الأحوال بإذن الله، قَالَ رَسُولُ اللهِصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "عَجَبًا لأَمْرِالْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلالِلْمُؤْمِنِ؛ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْأَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ" (صحيح مسلم: ح 5318).. إننا الرابحون بإذن الله إن أقمتم العدل فينا أو ظلمتمونا، وموعدنا الآخرة﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾(الحاقة: 18).

وحتى لا يتسرَّب اليأس إلينا أو يضعف الأمل في قلوبنا أنالنصر قادم، كانت هذه الرسالة التي أخاطب بها إخواني المعتقلين وأسرهم، وإخوانهمعلى الطريق والذين لا يقلُّ ألمهم على مُصابهم في أقرب الناس رحِمًا لهم أو قرابةًمنهم.. إنهم كالجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهروالحمى.

كونوا كبارًاوتفاءلوا

فكثيرًا ما يمر بالإنسان لحظاتٌ حرجةٌ يكون فيها على مفترقالطرق؛ تتلاطمه فيها أمواج الحياة بمشكلاتها ومنغِّصاتها، فتقتل الابتسامة في وجهة،وتقضي على الفرحة في قلبه، تضيق عليه الدنيا بما رحُبت، تستحكم حلقات الضيق عليهحتى يظنَّ أنها لن تُفرج أبدًا، حتى يتسرَّب اليأس إلى نفسه، والخور وقلة الهمة إلىقلبه، فيقعد مستسلمًا واضعًا يده على خدِّه منتظرًا حتفه ونهايته على الوضع الذيتقتضيه الأحداث دون أن يُحاول أو يُقاوم.

ويأتي هذا الخُلُق العظيم من أخلاق الكبار الذي يُكسبه القوةوالشجاعة، ويلبسه حُلَّة الأمل والقدرة على التغيير للأفضل، والتحكم في مجرياتالأمور.. إنه خلُق التفاؤل الذي يبعث في النفس الحيوية، ويُجدد فيها النشاط،ويُكسبها القوة والقدرة على التصدر للأحداث مهما عَظُم خطرها، ومهما استفحل أمرها،فيبدِّدها وينتصر عليها.

تفاءلوا أيها الدعاة

الدعاة الذين تحمَّلوا عبء الدعوة إلى الله هم أكثر الناسحاجةً إلى هذا الخلق العظيم؛ ذلك أن طريقهم كله صعاب، وسيلاحقهم كل من خالفهم، وكلمَن تعارضت مصالحهم مع دعوتهم، من هنا نقول: إن الدعاة إذا أرادوا أن يستكملوامسيرهم ويؤدُّوا واجبهم الدعوي أن يتحلَّوا به وتُصبغ تصرفاتهم وأفعالهم بما يؤكدقناعاتهم به؛ فالدعاة في كل عصرٍ هم الذين يُضيَّق عليهم في وظائفهم، في أرزاقهم،في حركتهم، تكفل الطغاة بتكميم أفواههم إما بالتهديد، أو الحبس أو النفي، وأحياناًالقتل، أغلقوا في وجوههم كل منافذ الاتصال بالجماهير، وعمدوا إلى تشويه صورهموالتشكيك في كلامهم، استخدموا معهم كل الأساليب المسموح منهاوالمحظور.

تُرى لماذا يفعلونذلك؟!

إنه شيء واحد، هو تصدير اليأس إلى صفوفهم، وقتل الأمل فينفوسهم أن يحقِّقوا أي إصلاح؛ إنه التعتيم على كل عمل إيجابي يقومون به، وتضخيمالهنَّات من أخطائهم، مستغلِّين بذلك سلطانهم الأمني والإعلامي.. تُرى هل ستمكنهممن ذلك؟!

أخي الداعية..
كن كبيرًا متفائلاً، لا تجعل اليأس يقترب منك، لا تفقد الأملفي الإصلاح وتحقيق النصر؛ هم يعلمون أنهم حماة الباطل، أما أنت تدعو للحق وتدافع عنالحق.

أخي الداعية..
تذكَّر كيف بدأ رسولك دعوته وكيف حاربه طواغيت قومهوساداتهم؟ كيف حاصروه في شعب أبي طالب؟ كيف اعتقلوا أنصاره وعذبوهم؟ كيف حالوا بينهوبين الدعوة إلى الله حتى تركهم وهاجر إلى يثرب فارًّا بدينه؟.. تذكَّر كل هذاواسأل نفسك: أين هم الآن؟!

قُتل أبو جهل، ومات أبو لهب، وقُتل أُبيّ بن خلف، وقتل عتبةوشيبة ابنا ربيعة، وغيرهم وغيرهم من صناديد الكفر﴿هُوَ الَّذِيأَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِكُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ (التوبة: 33).

أخي الداعية.. رسالتك هي رسالة الحق للعالمين، وهي التيستعلو رايتها وينتصر جندها وإن طال ظلم الطغاة وبغيُهم، فدع عنك اليأس والإحباط؛فقد أُرسل نبيُّك بالبشارة﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّبَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (البقرة: من الآية 118).

أخي الداعية..
كن متفائلاً وأنت تسير في الطريق، ولا تستطِل المسافات، أوتستعظم ما تتعرَّض له، وتذكَّر هذا الحديث جيدًا وضعه نصب عينيك.. عَنْ خَبَّابِبْنِ الأَرَتِّ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَوَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّالْكَعْبَةِ، قُلْنَا لَهُ: أَلا تَسْتَنْصِرُ لَنَا؟ أَلا تَدْعُو اللهَلَنَا؟ قَالَ: "كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُلَهُ فِي الأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَىرَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَيُمْشَطُبِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَايَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ، وَاللهِ.. لَيُتِمَّنَّ هَذَا الأَمْرَ حَتَّىيَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لا يَخَافُ إِلا اللهَ أَوْالذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ، وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ" (1).

أخي الداعية..
كن متفائلاً وأنت تسير في الطريق، واذكر قدوتك وأسوتك محمدًاصلى الله عليه وسلم وهو خارج من مكة مطاردًا.. لا دولةَ له.. ولا جيشَ معه، وأنصارهمشرَّدون بين معتقلين في مكة ومهاجرين في الحبشة وآخرين في يثرب، وعندما أدركهسراقة بن مالك في الطريق وعده صلى الله عليه وسلم بسوارَي كسرى، وهو واثقٌ بنصرالله، متفائلاً في المستقبل؛ آملاً في الأحسن، متطلِّعًا للأفضل رغم قسوة الظروفووحشتها.

أخي الداعية..
كن متفائلاً وتذكَّره صلى الله عليه وسلم وهو مهاجر من مكةإلى المدينة، وقد اختبأ في غار ثور، ويجتمع الطغاة على باب الغار، فيشتد خوفالصدِّيق فيقول "لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا" فيقول له النبي- صلى الله عليهوسلم-: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟!".

الله أكبر.. الله أكبر، نعم.. هكذا تكون الثقة في نصر الله،وهكذا يكون التفاؤل بمعية الله﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْنَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَافِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنزَلَاللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَكَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُعَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾(التوبة: 40).

أخي الداعية..
تذكَّر وأنت تسير في الطريق قصةَ موسى عليه السلام وقد فرَّبقومه من بطش فرعون وظلمه، فلما أدركه قال أتباع موسى في يئسٍ وإحباطٍ﴿فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّالَمُدْرَكُونَ﴾ (الشعراء: 61) تخيَّل الصورة أمام عينيك؛ البحر أمامهموفرعون وجنوده من خلفهم!!.

نعم.. قد تكون الصورة قاتمةً مظلمةً، والنجاة تكاد تكونمعدومةً، ولكن كل هذا لا يفتُّ في عَضُد الكبار، ولا يوهن من عزم العظماء، فلم يفزعموسى ولم يتسلل اليأس إلى قلبه،﴿قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيرَبِّي سَيَهْدِينِ﴾ (الشعراء: 62)، فكان الله عند حسن ظن موسى به﴿وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّأَغْرَقْنَا الآخَرِينَ (66) (الشعراء).

أخي الداعية..
تذكَّر وأنت تسير في الطريق إذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت،وحِيل بينك وبين الدعوة إلى الله، بل إذا سُجِنْتَ واعتُقِلت، وإذا طالتك يدُالطغاة فكان الموت أقرب إليك من الحياة فلا تجعل اليأس يدخل قلبك، أو الشك يساوركولو للحظة أنك قد ضللت الطريق، أو فقدت الدليل، بل كن على يقين بالفرج وانتظرالنصر، واستمع إلى قول الله تعالى في وصف المسلمين في غزوة الأحزاب﴿إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْزَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِالظُّنُونَا (10) هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالاًشَدِيدًا (11) (الأحزاب).

تذكَّر إذا وضعت في هذه الظروف ألا تكون ممن قالوا﴿وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌمَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُورًا﴾ (الأحزاب: 12)، وكن منالمؤمنين الصادقين الواثقين في نصر الله﴿وَلَمَّا رَأَىالْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُوَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾(الأحزاب: 22).

أخي الداعية..
تذكَّر وأنت في الطريق أقوال حبيبك المصطفى صلى الله عليهوسلم التي تدعو إلى التفاؤل وطرد التشاؤم"لاَ عَدْوَى وَلاطِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ الصَّالِحُ الْكَلِمَةُ الْحَسَنَةُ" (2) كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ إِذَا بَعَثَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي بَعْضِ أَمْرِهِ قَالَ: "بَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا وَيَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا" (3).

لماذا التفاؤل من أخلاقالكبار؟

ولأن التفاؤل يعني اليقين التام بقدرة الله تعالى على كشفالغمة، وإزالة البلوى، وتحويل المحنة إلى منحة، يتفيَّؤ ظلالها، وينعم بها بعدلحظات الشدة والكرب.

ولأن التفاؤل يتطلَّب من صاحبه أن يكون صبورًا ذا قدرة كبيرةعلى تحمل المصاعب والمشاقّ.

ولأن التفاؤل يحتاج من صاحبة أن يكون صاحب همة عالية، وعزيمةقوية لا يتطرَّق إليها ضعف أو وهن، وهذا لا يكون إلا من الكبار.

ولأن التفاؤل يكون في وقت المحن والشدائد، وضعف الأمل فيتغيير الأحداث؛ مما يعني ضرورة قبوله والتعامل معه والتفكير في طريقة للتخلص منهوتغييره.

ولأن التفاؤل يُعتبر بحق قوةً نفسيةً إيجابيةً، تمنح الإنسانالقوة، وتجعله ينظر إلى الغد بابتسامة الأمل الكبير، وتمنحه قوة القائد الشجاعالقادر على مصارعة أشدِّ الوحوش قوةً وأكثرها شراسةً، دون أن يُصيبه يأس أو يستحوذعليه قنوط.

الكبار والتفاؤل

الكبار لهم مع التفاؤل مواقف لا تُنسى من ذاكرتهم، ومواقف لاتُمحى في تاريخهم، فمنه يستمدون الذكرى، ويُجدِّدون العهد، ويثبتون على الحق، لاتلين قنواتهم بسهولة، ولا يرفعون راية الإستسلام أبدًا، ولا تضعف عزائمهم ما دامفيهم عرق ينبض.

لقد استمدُّوا هذا التفاؤل، وتلك الثقة من يعقوب عليه السلامحينما وصَّى أبناءه حين ابتعثهم لطلب يوسف وأخيه فقال لهم﴿يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْرَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُالْكَافِرُونَ﴾(يوسف: 87).

واستمدوها من طالوت وأصحابه، حينما جاوز بهم النهر، فقالبعضهم في يأس وخور واستسلام﴿لا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَبِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ﴾، فأجاب أصحابه في ثبات المؤمنين، وقوة الواثقين،وعظمة المتفائلين: ﴿قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْمُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِاللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾(البقرة: 249).

واستمدوها من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابهحينما اجتمع الناس ليقاتلوهم، فكانوا ثابتين على الحق، متفائلين بالنصر، واثقين فيالله﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْجَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُوَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾ (آل عمران: 173).

واستمدوها من رسول الله وصحبه عندما لاقوا كفار قريش في بدر،ولم يكونوا مستعدين لقتال وإنما قصدوا العير، ولكن الله أراد القتال، ولم يكن هناكتكافؤ لا في العدد ولا في العدة، إنها معركةٌ بمعطيات العقل البشري محسومة لصالحالكفار من قريش، ورغم ذلك يقف النبي صلى الله عليه وسلم يرص الصفوف"اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن تهلك هذه العصابة لاتُعبَد"ثم التفت وكأن شقّ وجهه القمر وقال: "كأني أنظرإلى مصارع القوم عشيةً" (4).

تصوراتك تصنع حياتك

قناعات الإنسان وتصوراته، لها علاقة مباشرة بنظرة الإنسانإلى الأمور من حيث التشاؤم والتفاؤل؛ فالذي يسخط ويحزن وينظر إلى الحياة بمنظارأسود فسيراها كذلك، فتضيق عليه الأرض بما رحبت إن تعرَّض لأزمة وإن كانت بسيطة،وتبعد عليه المسافات وإن قربت، وتتعقَّد الأمور وإن سهلت، ولعلنا نلاحظ ذلك عندماتستحكم نظرة اليأس والتشاؤم من إنسان؛ فالإنسان الساخط غير الراضي بقسمة الله، تراهتسيطر عليه حالة من البؤس والشقاء، وتظلِّله غمامةٌ سوداء تحجب الرؤية عنه فلا يرىالسعادة وإن كانت منه قريبة، بل يمكننا القول بأن الإنسان كالإناء يتلوَّن بمايحتويه، فإذا كان التفاؤل يملؤه، والبشر يغمره، انعكس ذلك على تصرفاته وأفكاره،فتراه يُعطي الحياة لونها البهيج، وإذا سيطر عليه التشاؤم، وأحاطه اليأس وتمكن مننفسه وقلبه، انعكس ذلك على تصرفاته ومنطقه في التعامل مع الأحداث، وسيكسوها القلقوالاضطراب، ويُغطيها الخوف والانقباض من أقل الأحداث خطورةً.. يُروى أَنَّ رَسُولَاللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِيٍّ يَعُودُهُفَقَالَ: "لَا بَأْسَ عَلَيْكَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَاللَّهُ"قَالَ الْأَعْرَابِيُّ: طَهُورٌ بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ عَلَىشَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ: "فَنَعَمْ إِذًا" (5)

من هنا نقول إن التفاؤل متى اكتست به النفس صارت قويةً عتيةًواستعصت على كل الصعاب، فلا أحد يستطيع أن يُنكر ما للروح المعنوية من أثر باهر لدىالأفراد والجماعات.

الكبار واليأس

اليأس لا يعرف إلى الكبار طريقًا، فهم مُحصَّنون منه بكتابالله وكلمات الله.. إنها التربية العظيمة التي تمنحهم القوة على مجابهة الأمواجالعاتية والظروف الحالكة، وكيف ييأس الكبار وربهم يناديهم ويدعوهم إلى عدم اليأس أوالقنوط﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىأَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُالذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر: 53).

وكيف ييأس الكبار وقد أخبرهم ربهم أن اليأس صفة الذين ضلواالطريق وفقدوا الدليل﴿قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِرَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ﴾(الحجر: 56).

أهمية التفاؤل

التفاؤل لا غنى عنه لمن أراد أن يخطوَ للإمام ويصعد للقمم.. إنه السلاح الذي يقهر الخوف واليأس في نفس المؤمن.. إنه الصخرة التي يتحطَّم عليهاكل صعب متشدِّد.. إنه الدابة التي يمتطيها الطالب نحو تحقيق هدفه والنبوغ فيتخصصه.. إنه الوسيلة التي لا عوضَ عنها لمن أرد مصارعة المستحيل والتغلبعليه.

ومن فقد التفاؤل والأمل كان كمن دخل معركته بلا سلاحٍ يُقاتلبه عدوَّه، لا.. بل قل إن شئت إنه فقد القدرة على القتال والحافز على الاستبسال؛فقد دخل معركةً خاسرةً لا محالة.

حاجة الناس إلىالتفاؤل

الكبار يوقنون أن الحياة بدون تفاؤل حياة لا روح فيها؛فالتفاؤل يعني عندهم الأمل في مستقبل مشرق، واليأس في نظرهم سهمٌ مسمومٌ يصيبالإنسان في مقتل، فإذا به جثة هامدة لا حراك فيها، وإن نبضن عرقه وضخَّ القلب الدمفي جسمه.

الكبار يستعينون بالتفاؤل والأمل في تجاوز محنهم، والقيام منعثراتهم، فلا غنى لأحد عن التفاؤل؛ فالطالب في حاجةٍ له كي يستسهل الصعاب في طريقتفوُّقه، والزارع حين يجدُّ ويجتهدُ يدفعه التفاؤل والأمل في حصاد يجمع فيه ثمرةتعبه ونصبه، والتاجر يغدو ويروح، يسافر ويرحل؛ يحمل البضائع ويتحمَّل مشاقَّ بيعهاوتسويقها، يدفعه التفاؤل إلى الربح الحلال الوفير، والعالم يصبر ويُثابر في معمله،يُجري تجاربه فينجح مرةً ويخفق أخرى يدفعه التفاؤل إلى مواصلة العمل حتى يحققالنجاح ويصل إلى نتائجه.

والتفاؤل يحتاجه الجندي في ميادين المعارك؛ أملاً في تحقيقالنصر، ويحتاجه المريض الملازم للفراش فيتحمَّل مرارة الدواء أملاً قي تحقق الشفاءوعودة الصحة والعافية، والتفاؤل يحتاجه الشعب المقهور المُحتل، فتهون عليه تضحياتهوآلامه أملاً في الاستقلال والحصول على الحرية.

والتفاؤل يحتاجه المؤمن في سيره إلى الله؛ فهو يصبر علىلأواء الطريق فليزم طاعة ربه، ويبتعد عن معصيته، فيتبع نبيه في كل ما أمر حتى وإنخالف هواه؛ أملاً في نيل جنته والفوز برضوانه.

التفاؤل مصدر الاطمئنانوالسكينة

يقول العلامة الشيخ يوسف القرضاوي: "ومن مصادر السكينة لدىالمؤمن ما يغمر جوانحه من أمل، ذلك الشعاع الذي يلوح للإنسان في دياجير الحياة،فيُضيء له الظلمات، ويُنير له المعالم، ويهديه السبيل؛ ذلك هو الأمل الذي به تنموشجرة الحياة، ويرتفع صرح العمران، ويذوق المرء طعم السعادة، ويحس ببهجةالحياة.

الأمل قوة دافعة تشرح الصدر للعمل، وتخلق دواعي الكفاح منأجل الواجب، وتبعث النشاط في الروح والبدن، وتدفع الكسول إلى الجد، والمُجدّ إلىالمداومة على جدِّه" (6).

اليأس وأثره

كما أن التفاؤل له أثره العظيم في نفوس الكبار في دفعهمللأمام، وتحقيق أهدافهم وتحديهم للصعاب والتغلب عليها؛ فإن اليأس والقنوط لهماأثرهما أيضًا السلبي على أصحاب الهمم الواهية والعزائم الفاترة والإرادةالضعيفة.

فاليأس متى تطرَّق إلى نفس الجندي والمقاتل قبل أن يدخلمعركته، فإنه سيخسرها لا محالةَ وإن تزوَّد بأحدث الأسلحة وأشدّها فتكًا، واليأسإذا تمكَّن من نفس المريض فسيموت ويهلك وإن أخذ الدواء والتزم إرشادات الأطباءوتعليمات الحكماء.

واليأس سيقتل الطموح والرغبة في الارتقاء وإثبات الذات وإنسُخِّرت الإمكانات وزُلِّلت الصعاب ومُهِّدت الطرق، واليأس سيقطع الطريق على العبدمتى أخطأ في حق مولاه، وسيمنعه من العودة إلى حظيرة الإيمان، وسيُغلق في وجههالأبواب المفتَّحة له كي يعود.

واليأس سيجعل الطالب متى يئس من النجاح أن يستسلم للفشل،ويترك طريق الجِدِّ والاجتهاد، ويُرحِّب بالراحة والدعة، ولن يُجديَ معه نصحٌ ولنيشمَّ طريق التفوق وإن حصل على الدروس الخصوصية في جميع المواد.

مصدر التفاؤل

الإيمان هو المصدر الحقيقي الذي يستقي منه الكبار تفاؤلهم فيالحياة؛ فالإيمان هو المعين الصافي الذي يتزوَّدون منه، ويُثبِّتهم إذا ادلهمَّتالخطوب، ويمنحهم القوة إذا أصابهم الضعف، ويملأ قلوبهم باليقين إذا تسرَّب اليأسوالشك إلى قلوبهم، إنه الإيمان الذي متى رسخ في قلب العبد حطَّم الصعاب وتخطَّىالحواجز، واجتاز السدود وتغلَّب على كل العقبات.

الإيمان مصدر تفاؤل المؤمن؛ لأنه يمنحه القوة الحقيقية التيلا تُقهر ولا تُهزم؛ لأن المؤمن يعلم أن الله هو القادر الذي لا يعجزه شيء في الأرضولا في السماء.

الإيمان من أكبر المصادر الذي يمنح الإنسان التفاؤلوالإقبال؛ فالمؤمن يعتقد اعتقادًا جازمًا بهيمنة الله على الكون وسيطرته على مقاليدالأمور كلها، فكيف ييأس عبدٌ أصابه الفقر وربه الله الذي بيده خزائن السماواتوالأرض.. عطاياه بلا حدود، لا تنفد من كثر العطاء، ولا تقل من كثرة المنح والعطايا﴿وَللهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَكِنَّالْمُنَافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ﴾ (المنافقون: من الآية 7)؟! وكيف ييأس عبدٌمريضٌ وربه قادر أن يشفيه وإن عجز الأطباء عن علاجه، وقد شفى أيوب من قبل وقد عجزعن شفائه أطباء عصره﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّيمَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83) فَاسْتَجَبْنَا لَهُفَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْرَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ (84) (الأنبياء)؟! وكيفييأس عبدٌ وربه يناديه إن هو أدبر، ويفرح بتوبته إن هو أقبل.. إله يجازيه الحسنةبعشرِ أمثالها، والسيئة بمثلها، وإن تاب غفرها له.. إله يبسط يده بالليل ليتوب مسيءالنهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل؟!

إنه الإيمان الذي يدبُّ الحياة في النفس الميتة باليأسوالقنوط، فإذا هي شعلةٌ من النشاط والهمة العالية؛ فالله هو الذي يبني في تلك النفسالتفاؤل ويُحيي فيها الأمل، ويجدِّد فيها النشاط حينما يخاطب جانب الفطرة فيهاويجعلها دائمًا تظن الخير وتتوقَّع الخير، وترجو الخير وتسعى إليه.. عَنْ أَبِيهُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِوَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّعَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي؛ فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأ خَيْرٍمِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا،وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِييَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" (7).

وكأنه نداءٌ من العزيز الرحيم: قدِّم الظن الخير، وتفاءلبالخير تجده، وأقبِل فسوف تجد الله يقبل عليك.

الكبار وغيرهم

الكبار ينظرون إلى المستقبل نظرةَ استشراف وأمل وثقة؛ لأنالمستقبل بيد الله، والله غفور رحيم، لا يسوق إلا كلَّ خير، ولا يُكلِّف نفسًا إلاوسعها، وغيرهم ينظر إلى المستقبل نظرةَ تشاؤم وبؤس واستسلام وقلق وخوف، ويترقَّبالكوارث والمصائب.

الكبار إذا نزلت بهم نازلة أو أصابتهم مصيبة حمدوا اللهواسترجعوا، ولم يتسرَّب اليأس إلى نفوسهم، فلا يجلس مكسورَ النفس مهمومَ الفؤاد،وإنما يرقب الفرج من الله﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6) (الشرح)، بينما غيرهم من الناس يجزعون فيالمصاب، ويقهرهم الحدث، ويسيطر عليهم اليأس، ويمتلكهم الخوف، ويستسلمون لِمَا وقعبهم، ويعتبرون ما نزل بهم إنما هو بدايةٌ لسلسلة من المصائب.

ولذلك فإن الكبار بتفاؤلهم يستطيعون أن يتغلَّبوا علىالمصاعب ويقهروها؛ حتى يكون لهم شأن في الحياة، بينما غيرهم فالأحداث بتشاؤمهمتسحقهم، والمصائب تُضعفهم، ولا يستمتعون في حياتهم.

الكبار يوقنون بأن الله خلقهم في الدنيا ولم يقصد الشقاءلهم، أو يكتب التعاسة عليهم، بل خلقهم ليكونوا خليفته في الأرض﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ﴾(الأنعام: منالآية 156)، بينما غيرهم بتشاؤمهم يرون الدنيا سوداء مظلمة، سعادتهم فيها لحظية،يرضون بالدنيَّة في كل شيء، يخشون الواقع وتقلُّب الأيام، ليس لديهم طموح يسعونإليه، قُتلت في نفوسهم الرغبة في الارتقاء والتقدم.

التفاؤل سلوك الكبار

التفاؤل من السلوك التي تُميِّز الكبار عن غيرهم؛ فالكبارإذا كانوا في ميادين القتال كانوا على يقين بعدالة قضيتهم والتي يُقاتلون من أجلها؛لأنهم مع الله وفي سبيل الله، يردِّدون قوله ويستشعرون معيَّته﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمْ الْمَنصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُم الْغَالِبُونَ (173) (الصافات).

والكبار إذا كانوا على فراش المرض لم يتسلَّل اليأس إلىقلوبهم، ولم يفقدوا الأمل في الشفاء، ولم ينقطع رجاؤهم في العافية؛ صابرون على كلالأحوال، فهم ينظرون إليه (أي المرض) أنه مطهرة لذنوبهم، إنها نظرة الرضا والحب عنربهم، وبجانب ذلك فهم يدعون ربهم آملين في الشفاء، يحدوهم ابتهال إبراهيم عليهالسلام﴿وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ﴾(الشعراء: 80).

والكبار إذا كبرت سنُّهم واقترب عمرهم من الانتهاء وأصبحواعلى مشارف الموت وجاءهم النذير فاشتعل الشيب في رءوسهم، وضعف الجسد وأوهن، لميحزنوا على ما فاتهم، ولم يبكوا حالهم، بل استشرفوا القادم، واستبشروا خيرًا، فلازالوا على آمالهم واحتفظوا بحظهم المنتظر من ربهم؛ الرحمة والمغفرة، ثم الجنةوالنعيم المقيم﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًافَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (60) جَنَّاتِعَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُمَأْتِيًّا (61) لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْرِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62) تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُمِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا﴾ (مريم: 60: 63).

والكبار إذا أخطؤوا يومًا أو زلَّت نفوسهم لحظةً فارتكبواذنبًا، لم ييأسوا من رحمة الله، ولم يساورهم شكٌّ في مغفرته لهم، فمهما كانت ذنوبهمعظيمة فإن عفو الله أعظم﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَأَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَيَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ (الزمر: 53).

والكبار في أشدِّ اللحظات ألمًا، وأقواها مصابًا، تراهمصابرون محتسبون، لم يتطرَّق اليأس إلى أفئدتهم، بل تجد فيهم الرجاء الشديد ألايحرمهم الله الأجر في مصابهم، ويزيل ما نزل بهم من ألم، ويخفِّف ما وقع بهم من وجع﴿الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّالِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْرَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ﴾(البقرة: 156-157).

الكبار إذا ظلمهم غيرهم، ونالوا من حقوقهم، لم يفقدوا الأملفي تحصيل ما فقدوه، ولم ييأسوا في أن حقهم سيصل إليهم يومًا ما﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَعَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ﴾(الحج: 60).

نماذج من تفاؤلالكبار

صلاح الدين الأيوبي
ذلك المجاهد.. من الكبار الذين حملوا على عاتقهم همَّ الدفاععن المقدسات، وقرَّر قتل اليأس في نفوس المسلمين، وإحياء النخوة والقوة بداخلهم منجديد، فكان ظهوره بحق ميلادًا للأمل الذي طال انتظاره، ورجاءً شك الكثيرون فيتحقيقه.

ظهر هذا البطل المغوار في ظروف صعبة، وفي وقت حرج، فَقَدَفيه المسلمون هيبتهم في قلوب عدوِّهم، قبل أن يفقدوا كرامتهم وقوتهم في ميادينالقتال، وساحات الحروب.

ظهر صلاح الدين وقد استولى الصليبيون على كثير من المدنالإسلامية، وفي مقدمتها مدينة القدس، وعلى رأسها المسجد الأقصى، وظلت في حوزتهموتحت سيطرتهم قرابة قرن من الزمان، حتى يئس الجميع، ورُمي بالجنون والسفه من ظن أنتقوم للمسلمين قائمة، وظن المسلمون كما ظن غيرهم أن لا أمل في تحقيق النصر، والظفرعلى الأعداء، وتحرير المقدسات.

ولكن مع الإصرار والرغبة في التحرر، والأمل في حياة طيبةكريمة، والتفاؤل بمعية الله ونصره، والثقة في تأييد الله وتمكينه، استطاع هذا البطلالعظيم أن يُحرر المسجد الأقصى، ويقهر الصليبيِّين، ويذيقهم لباس الذل والمهانة فيمعركة حطين الحاسمة.

سيف الدين قطز
بطل من الأبطال، وعظيم من العظماء.. واجه الكثير منالتحديات، والعديد من الصعوبات، صارعته المحن في أشد صورها، الصورة كانت واضحةًأمام عينه، يأس متمكن من النفوس، واستسلام مُذلٌّ للعدو وهو في أعتى صور التجبُّروالقهر، إنهم المغول والتتار الذين أشعلوا الأرض حربًا، وسعوا في الأرض فسادًا، لمتكن لهم قيمٌ يحتكمون إليها، أو عهود يلتزمون بها، من حاربهم قاتلوه، ومن استسلملهم أيضًا قتلوه وذبحوه، استطاعوا تخريب العالم الإسلامي وتدميره إن شئت أن تقول،نهبوا الأموال المصانة، وداسوا القيم المقدسة، وفتكوا بالأنفس البريئة، وهتكواالأعراض المحرمة، حتى قيل إن هولاكو استطاع إقامة جبال شامخة وأهرامات عالية منجماجم المسلمين، وإن شئت أن تتضح الصورة أمام عينيك فاسمع إلى كلام المؤرخ "ابنالأثير الجزري" وهو يصف هول الأحداث: "لقد بقيت عدة سنين مُعرِضًا عن ذكر الحادثة؛استعظامًا لها، كارهًا لذكرها، فكنت أُقَدِّمُ رجلاً وأؤخِّرُ أخرى فمن الذي يسهلعليه أن يكتب بيديه نعيَ الإسلام والمسلمين؟ ومن الذي يهون عليه ذكر ذلك؟ فيا ليتأمي لم تلدني!! ويا ليتني كنت نسيًا منسيًّا!!".

من كان يظن أن يتخلَّص العالم الإسلامي من هذا الخطر الداهم،والجاثم على صدور المسلمين، لا أظن أن أحدًا كان يُفكر في التحرير، أو عنده الأملفي تحقيق ذلك، حتى جاء المجاهد الكبير، والفارس العظيم، الذي لا يعرف المستحيل،فخطَّط ودرس، وبثَّ الروح من جديد، وبنى اليقين في نفوس المسلمين، فاستطاع أن يقهرالتتار ويُلحق بهم هزيمةً ساحقةً في معركة "عين جالوت"، رُفعت بها رؤوس المسلمين،وعلت بها هاماتُ المؤمنين، وأصبح لهم المجد والعظمة والرفعة.

الرسول والذين آمنوا فيالأحزاب
هناك مواقف يُختبر فيها الرجال وتظهر حينها معادنهم، إنهمفريقان:
الأول: فريق واثق في النصر ثابت على الحق يبث الاطمئنان،وينشر الأمل في قلوب من حوله، وهؤلاء الذين قال الله فيهم﴿وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَاوَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْإِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا﴾(الأحزاب:22).

والثاني: فريق فاقد الثقة، غير قادر على مواجهة الآخر، يبثُّالخوف، وينشر الرعب، ويهزُّ الثقة في نفوس المحيطين به، فيُضعف الصفَّ، ويوهنتماسكه﴿قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْوَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَإِلَّا قَلِيلًا﴾ (الأحزاب: 18).

وهذا الصنف من الناس (الفريق الثاني) وإن كان نفاقهم معلمًارئيسيًّا من معالم شخصياتهم، وسمةً من سماتهم النفسية، إلا أن الخوف والخور واضح فيأسلوبهم، فهم يخشون أن تكون الدائرة على المسلمين، وهم لا يكتمون ذلك بل يدعونغيرهم للتخاذل ولذلك سُمُّوا بالمعوِّقين؛ لأنهم يعوِّقون حركة التقدم إلى الأمام،ويعطِّلون مسيرة الحق، ويقتلون الحماسة في نفوس المرابطين، وصدق فيهم قول الله عزوجل﴿فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَإِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ (الأحزاب: 19)؛ أي: من شدة خوفه وجزعه، وهكذا خوف هؤلاء الجبناء من القتال﴿فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ﴾أي: فإذا كان الأمن، تكلموا كلامًا بليغًا فصيحًا عاليًا، وادَّعَوا لأنفسهمالمقامات العالية في الشجاعة والنجدة، وهم يكذبون في ذلك (8).

القضاء والقدر

الكبار يؤمنون بقضاء الله وقدره، وهو في الحقيقة من أهمالدوافع للتفاؤل والإقدام دون خوف أو وجل؛ فكل شيء مقدور، وكل أمر مكتوب.. إنالإيمان بالقضاء والقدر ليشعل جذوة التفاؤل فيجعلها متَّقدةً لا ينطفئ لهيبها﴿قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَمَوْلانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: 51)،وهكذا تظل روح المغامرة حيَّةً في نفوس الكبار، ولسان حالهم يقول: "لِمَ الخوفإذن؟".

بيد أن المنافقين المتشائمين في غزوة الأحزاب والذين اتصفوابالمعوِّقين، والذين تخلخل الإيمان في قلوبهم فقدوا هذا الشعور؛ شعورَ الإيمانبالقدر، فكان دافعهم للخوف والخور والإعاقة؛ ولهذا جاء الرد القرآني تثبيتًاللمؤمنين ولإقرار الحقيقة في النفوس- كل النفوس- المؤمنة والنفوس غير المؤمنة، يقولتعالى: ﴿قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمْ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْمِنْ الْمَوْتِ أَوْ الْقَتْلِ وَإِذًا لا تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (16) قُلْمَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنْ اللهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءًا أَوْ أَرَادَبِكُمْ رَحْمَةً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا (17) (الأحزاب).

يقول الأستاذ سيد قطب في تفسير هذه الآية: "إن قدر الله هوالمسيطر على الأحداث والمصائر؛ يدفعها في الطريق المرسوم، وينتهي بها إلى النهايةالمحتومة، والموت أو القتل قدرٌ لا مفرَّ من لقائه، في موعده، لا يستقدم لحظة ولايستأخر.

لن ينفع الفرار في دفع القدر المحتوم عن فارٍّ، فإذا فرَّوافإنهم يلقون حتفهم المكتوب في موعده القريب، وكل موعد في الدنيا قريب، وكل متاعفيها قليل، ولا عاصمَ من الله ولا من يحول دون نفاذ مشيئته، سواءٌ أراد بهم سوءًاأو أراد بهم رحمةً، ولا مولى لهم ولا نصير من دون الله يحميهم ويمنعهم من قدرالله.

إن اليقين الراسخ في قلوب الكبار بقضاء الله وقدره لا يجعلهميهيمون على وجوههم أو تتوتَّر نفوسهم؛ فمهما اضطربت الأحداث وتقلَّبت الظروفوالأحوال فلن يصيبهم ما يُصيب ضعيفي الإيمان قليلي الصلة بالله؛ فالمشيئة الإلهيةوإرادة ربهم واقعة لا محالة﴿وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِوَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية 21).

فالكبار نفوسهم هادئة مطمئنة، وبالهم ساكن مرتاح؛ فلا معنىلتوتُّرٍ يُصيب أعصابهم أو قلقٍ يتسرَّب إلى أفئدتهم تجاه أمورٍ تخرج على حدودإرادتهم.

إن الكبار ليعجَبون من عامة الناس الذين لا يجزعون من نزولالمصائب أو وقوعها فحسب، بل يفزعون من أحزان يتوقَّعونها وكوارث ينتظرونها، وخيالهمالذي يُصوِّر لهم الحياة وكأنها غابة يأكل فيها الكبير الصغير، ينتظر الغدروالخيانة ممن حوله.. إنها نظرة الشؤم والطيرة.

الضعفاء هم الذين تفزعهم المصائب وتشتِّت أفكارهم وتمنعهم منالتفكير الجادِّ للخروج من الأزمة، أما الكبار فلا يسترسلون في الأحزان التي تضاعفكآبتهم، وتزيد من حزنهم ولا تغيِّر من الأمر شيئًا.

الكبار يختصرون متاعبهم بمجابهة الواقع ومصارعته حتى يكونلهم ما أرادوا؛ فالكبار يعتبرون الصبر على مكروه يمكن للإنسان تغييره بلاده، والرضابه حمق.

وأخيرًا

سنستعين بالله على مَن ظلمنا وحاوَل بثَّ اليأس في نفوسنا،ونجاهد من قتل الأمل في قلوبنا، وسنقاوم بكل حق مشروع، ولن نيأس أبدًا، بل سنصدِّراليأس لصدورهم من أن ينالوا من عزيمتنا أو إرادتنا، سنمضي قدمًا في طريقنا.. لنترهبنا معتقلاتهم، ولن تفتَّ في عضدنا محاكمهم، سنستعين بالله عليهم، والله أعزُّوأقوى﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍيَنقَلِبُونَ﴾(الشعراء: من الآية 227).

توصية

وفي الختام أدعو كل من ظُلِم، وأهالي من ظُلِموا، ومُحبيوأنصار من ظلموا، أن يصوموا الإثنين ونصلي جميعًا بالليل نجأر إلى الله وندعوه،ونُفضي إليه بحاجاتنا، ونشكو إليه من ظلمنا.. سيدعو أبناء المظلومين المقهورينوأسرُهم وسنؤمِّن على دعائهم، ومن كانت له قدرة أن يتصدَّى لدعوة المظلوم فليفعلولينتظر جزاءه ومصيره﴿إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَشَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ (يونس: 44).
-------------
المراجع:
1- صحيح البخاري: ح (3343).
2- صحيح البخاري: ح (5315).
3- صحيح مسلم: ح (3262).
4- السنن الكبرىللنسائي.
5- صحيح البخاري: ح (6916).
6- الإيمان والحياة: ص 156.
7- صحيح البخاري: (6858).
8- تفسير ابن كثير: ج6 ص 390.
------------

www.elkawader-dz.com

التعديل الأخير تم بواسطة كوادر صناع الجزائر ; 08-04-2008 الساعة 04:30 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
  • تاريخ التسجيل : 05-07-2007
  • الدولة : بلجيكا
  • المشاركات : 33,077
  • معدل تقييم المستوى :

    53

  • إخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the roughإخلاص is a jewel in the rough
الصورة الرمزية إخلاص
إخلاص
مشرفة سابقة
رد: التفاؤل.. من أخلاق الكبار
11-04-2008, 04:50 PM
طريق الدّاعية وعر و شائك

و لن يجتازه إلاّ إذا تجمّل بالصّبر و واصل مشواره بأمل

فلا يأس مع الأمل

فالأكثر إبتلاءا الأنبياء فالصّالحين فالأمثل

و ليحتسبوا أجرهم عند الله سبحانه

بارك الله فيك أخي على جميل طرحك

تحيّتي
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية سعاد.س
سعاد.س
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-01-2007
  • الدولة : فيينا/ النمسا
  • المشاركات : 6,483
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • سعاد.س is on a distinguished road
الصورة الرمزية سعاد.س
سعاد.س
شروقي
رد: التفاؤل.. من أخلاق الكبار
12-04-2008, 09:29 AM
و أول من يظلم..هو الإنسان يظلم نفسه..
و أول داعية
الداعية الذي ينهي نفسه
و أول تغيير يبدأ بالنفس

أي الكوادر

ألف مرة أشكرك

سعاد
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية كوادر صناع الجزائر
كوادر صناع الجزائر
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 26-12-2006
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 3,648
  • معدل تقييم المستوى :

    21

  • كوادر صناع الجزائر is on a distinguished road
الصورة الرمزية كوادر صناع الجزائر
كوادر صناع الجزائر
شروقي
رد: التفاؤل.. من أخلاق الكبار
15-04-2008, 08:42 AM
قيمة التفاؤل
سينا زارعي*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
مع حلقة جديدة من سلسلة (ولتكن لك بصمة) والتي نسعى من خلالها إلى كيفية ترك بصمة خير في هذه الدنيا، مع الحصول على الأجر من الله تبارك وتعالى.
إخواني الكرام...
الناظر إلى الأمة الإسلامية في هذه الأيام يجد أنها تمر بظروف صعبة، والمتأمل في المجتمعات يجد أنها تعاني الكثير من المشاكل، وبالتالي يتسرب إلى بعض الذين يحاولون نشر الخير في المجتمع شيء من اليأس، وقد يصيبهم التردد في أداء رسالتهم لكثرة ما يشاهدونه من عقبات أمام طريقهم.
نقول لهؤلاء ولكل من أراد أن تكون لك بصمة: إن هناك قيمة هامة ينبغي أن لا تغيب عنّا أبدا، وهي قيمة التفاؤل، هذه القيمة التي أصبحت غائبة عند كثير من الناس، وبالتالي استسلموا للأمر الواقع ورضوا بأن يعيشوا في معزل عن الناس، بحيث يؤدون عباداتهم ولا يعيرون أي اهتمام للفساد المنتشر، ولنصح الآخرين ولسان حالهم يقول: نفسي نفسي.
هل تأملنا في قصة الرسول- صلى الله عليه وسلم- في غزوة الأحزاب وهو يكسر الصخرة التي استعصت على المسلمين، وتنطلق من هذه الصخرة نورا يبشر بها النبي أصحابه بفتح فارس واليمن؟ ما هذا التفاؤل العجيب؟ وهو وأصحابه محاصرون من الأحزاب من عشرة آلاف مقاتل واليهود الخائنون من وراء ظهورهم، والمنافقون يحاولون تثبيطهم، ومع ذلك يغرس المربي الأول في أصحابه هذه القيمة العظيمة، قيمة التفاؤل.
وهل تأملنا قبل ذلك في كتاب الله تعالى في آيات كثيرة، تعطي المؤمن تفاؤلا كبيرا بأن النهاية ستكون حتما لأهل الحق ودعونا نتأمل بآية واحدة فقط، وهي قوله تعالى: " أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ".
من أراد أن يترك بصمة خير في هذه الدنيا، عليه أن يتحلى دائما بالتفاؤل بشرط أن يدفعه هذا التفاؤل إلى العمل والاجتهاد، وليس إلى الركون والكسل وانتظار الفرج بدون أي عمل وجهد.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا إلى مرضاته وأن نكون من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولو الألباب. والحمد لله رب العالمين.
ــــــــــــــــ
* كاتب إماراتي
www.elkawader-dz.com

موضوع مغلق
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 09:16 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى