تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
 
أدوات الموضوع
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
محاربة الدين عن طريق السلفية
05-07-2013, 01:34 PM
محاربة الدين عن طريق السلفية



قد نالت أمتنا الإسلامية من المدخلية الجامية الكثير من الضرر ولا يزال !!
وبحمد الله كل حين يقوم أحد المصلحين لبيان بعضا من حقيقة هذه الفرقة الضارة التي لا زالت تخدع الكثير من المسلمين بشعار الانتساب للسلفية والسنة كانتساب الشيعة لآل البيت والصوفية لولاية الله واليهود لشعب الله المختار وإنهم ابناء الله وأحباؤه !!

وهذا مقطع للشيخ نبيل العوضي يسر أهل الهدى ويزعج أهل الهوى.







كتبٌ قيمة في التعريف بالجامية:

1- الجامع في الرد على المدخلي من خلال أشرطته للشيخ أبي عبد الله النجدي، وهو ضربة قاصمة للمدخلي تبين مدى ضحالة علمه وجهله، ومدى تناقضاته وأباطيله، وهو كتاب جامع شامل

رابط التحميل:

أو:

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

2- كشف الحقائق الخفية عند مدعي السلفية للشيخ عبدالعزيز بن سريان العصيمي، ويحتل المرتبة الأولى في مكتبة صيد الفوائد من حيث عدد القراء (389,805)، وهو كتاب فاضح للجامية ومحذر من منهجها الذي لا يمت إلى السلفية بصلة
رابط الكتاب:

http://saaid.net/book/open.php?cat=88&book=2083
رابط التحميل:
http://www.saaid.net/book/7/1183.rar

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

3- كتاب كتاب الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية للشيخ الدكتور عبدالعزيز الشايجي، وهو من أقدم الكتب التي فضحت الجامية، وهو يذكر أصولهم وتناقضاتهم وجمعهم بين بدع المبتدعة، وسمعت أن الشيخ الشايجي عازم على إصدار شرح لكتابه مع زيادات كبرى نظرا لتطور المذهب الجامي إلى الأسوء، مع كثرة الإنشقاقات بين صفوفهم، وظهور أصول جديدة لا تمت إلى السلفية بصلة
رابط التحميل:


----يتبع بإذن الله ---
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: محاربة الدين عن طريق السلفية
06-07-2013, 11:33 AM
3- كتاب كتاب الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية للشيخ الدكتور عبدالعزيز الشايجي، وهو من أقدم الكتب التي فضحت الجامية، وهو يذكر أصولهم وتناقضاتهم وجمعهم بين بدع المبتدعة، وسمعت أن الشيخ الشايجي عازم على إصدار شرح لكتابه مع زيادات كبرى نظرا لتطور المذهب الجامي إلى الأسوء، مع كثرة الإنشقاقات بين صفوفهم، وظهور أصول جديدة لا تمت إلى السلفية بصلة
رابط التحميل:


----يتبع بإذن الله ---
[/QUOTE]

أعتذر على الرابط لأنه لا يعمل .......................................
وهنا تفريغ الكتاب .............................وعذرا على الإطالة .....

الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية

--------------------------------------------------------------------------------

مقدمة الطبعة الثانية :

إن الحمد لله نحمده و نستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأِشهد أن محمد عبده ورسوله .
** يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }.
** يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا }.
** يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما }.

وبعد. . .

فهذه هي الطبعة الثانية من الخطوط العريضة لأصول أدعياء السلفية ، جمعنا فيها مجموعة أخرى من أصول هذه المجموعة التي ظهرت على المسلمين بالتبديع والتفسيق والتجريم ، والتكفير ، واستعملت كل ألفاظ التنفير والتحقير مع دعاة الإسلام خاصة ، كوصفهم بالزندقة ، والإلحاد ، والخروج ... الخ .
وقصرت عملها الدعوي على حرب الدعاة إلى الله وتصنيفهم .

ومن نظر في أصولهم التي ابتدعوها أدرك يقينا أن هؤلاء هم الشرع والحكم ، فكما وجد في الفرق الإسلامية معطلة الصفات وهم الجهمية ، ومن نحا نحوهم ممن اخترعوا أصولا باطلة أدت بهم إلى تعطيل صفات الرب عز وجل ، فقد جاءت هذه الطائفة الجديدة وباسم السلفية لتضع أصولا باطلة تفضي إلى تعطيل الحاكمية التي اختص الله بها ** ولا يشرك في حكمه أحدا } فزعموا أن توحيد الحاكمية ليس من التوحيد ، بل وليس هو من أصول الدين والإيمان ، بل هو من الفروع ، وتعطيل الشرع كله ما هو إلا كفر دون كفر ، وكل من اعتنى بهذا الأصل فهو عندهم مبتدع يحمل فكر الخوارج ، ولقبوه بكل وصف قبيح لمجرد مطالبته الأمة بالعودة إلى حكم الله ورسوله ، وقد تفرع عن هذا الأصل الباطل عندهم وجوب ترك الحكام وشأنهم ، وعدم التعرض لهم وإن صدر منهم ما صدر من الكفر البواح ، وتمكين أعداء الإسلام ووجوب ترك الاشتغال بفقه الواقع وترك ما لله لله وما لقيصر لقيصر - كما صرح به أحد كبارهم - و هذه هي العلمانية بعينها ، ومن ثم شنعوا على كل مجاهد في سبيل الله ، وقدموا حربه على حرب أعداء الله فكانوا بذلك من دعاة التعطيل ، وهم المعطلة للحاكمية والشرع كما كان الجهمية معطلة للصفات والأسماء ..

وقام مذهبهم على التعطيل : تعطيل الجهاد ، وتعطيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا بإذن الإمام - حسب زعمهم - وتعطيل الدعوة إلى الله ، وتعطيل النظر في حال الأمة ، وإشغالها بحرب الصالحين ، وتتبع عوراتهم وزلاتهم ، وتنفير الناس عنهم .
وقد نفدت الطبعة الأولى للكتاب في أسابيع قليلة ، وصورت بأعداد هائلة ..

وللإلحاح في طلب نسخ الكتاب فإننا نقدم الطبعة الثانية مزيدة بأصول جديدة .. و الله نسأل عملنا هذا لوجهه خالصا ، وأن يكون ردعا وقضاء على فتنة هذه الطائفة ، وإزاحة لها عن وجه السلفية الحقة المهتدية بهدي القرآن الكريم ، وسنة سيد المرسلين ، وسيرة سلفنا الصالح الطيبين الطاهرين ، والسائرة في ركب علماء الأمة العالمين المجاهدين ..


[د. عبدالرزاق بن خليفة الشايجي]



--------------------------------------------------------------------------------

مقدمة الطبعة الاولى :

الحمد لله وكفى ، وسلام على عباده الذين اصطفى ..

أما بعد :

فهذه الخطوط العريضة لفكر جديد منتسب إلى السنة متلفع بمرط السلفية ظلما ، ويتدثر برداء أهل السنة والجماعة زورا ، يترتب عليه هدم كل عمل دعوي قائم ، وإبطال فريضة الجهاد في سبيل الله ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وزيادة تمزيق وحدة الأمة الإسلامية .

وقد أردنا دراسة هذا الفكر وجمع أصوله ، وقواعده دون الاهتمام بقائليه ومروجيه ، فإن ما يهمنا هو التحذير من هذا الفكر القائم على السب والتشهير والتجريح بغير جرح حقيقي ، والتبديع بغير مبدع ، والتكفير دون ضوابط ، والانشغال بالدعاة إلى الله سباً وتجريحا ً ، وتكفيراً ، وتبديعاً دون غيرهم من سائر الخلق ، وتقديم حربهم على حرب الكفار والمنافقين والعلمانيين واليساريين .

ونستطيع أن نسمي أصحاب هذا الفكر بالجراحين .. فهذا شغلهم الشاغل ، وهذا عملهم الدعوي الأساس الذي اتخذوه دينا يدينون الله به ، ويفضلونه إلا بالرحمن .. فمتى كان السب والشتم دينا ؟!

إن الواجب العمل على كشف عوار هذا الفكر ولتجنيب شباب الأمة الإسلامية عامة وشباب السلفية خاصة من الانزلاق والانحدار إليه ، والله المستعان وعليه التكلان ، وعلى الله قصد السبيل .

[د. عبدالرزاق بن خليفة الشايجي]


--------------------------------------------------------------------------------

أولا : الأصل الأم الجامع لكل أصولهم :

الأصل الأول : خوارج مع الدعاة مرجئة مع الحكام ، رافضة مع الجماعات ، قدرية مع اليهود والنصارى والكفار ...

هذه المجموعة التي اتخذت التجريح دينا ، وجمع مثالب الصالحين منهجا ... جمعوا شر ما عند الفرق .

فهم مع الدعاة إلى الله خوارج يكفرونهم بالخطأ ويخرجونهم من الإسلام بالمعصية ، ويستحلون دمهم ويوجبون قتلهم وقتالهم .

وأما مع الحكام فهم مرجئة يكتفون منهم بإسلام اللسان ولا يلزمونهم بالعمل ، فالعمل عندهم بالنسبة للحاكم خارج عن مسمى الإيمان .

وأما مع الجماعات فقد انتهجوا معهم نهج الرافضة مع الصحابة وأهل السنة ، فإن الرافضة جمعوا ما ظنوه أخطاء وقع فيها الصحابة الكرام ورموهم جميعا بها ، وجمعوا زلات علماء أهل السنة وسقطاتهم واتهموا الجميع بها .

وهم مع الكفار من اليهود والنصارى قدرية جبرية يرون أنه لا مفر من تسلطهم ولا حيلة للمسلمين في دفعهم ، وأن كل حركة وجهاد لدفع الكفار عن صدر أمة الإسلام فمصيره الإخفاق ، ولذلك فلا جهاد حتى يخرج الإمام !!

فوا عجبا كيف جمع هؤلاء بدع هذه الفرق ؟!! كيف استطاعوا أن يكيلوا في كل قضية بكيلين ، فالكيل الذي يكيلون به للحكام غير الكيل الذي يكيلون به لعلماء الإسلام !! فلا حول ولا قوة إلا بالله !!!



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثاني : أصولهم في التكفير والتبديع :


الأصل الثاني : كل من وقع في الكفر فهو كافر ، وكل من وقع في البدع فهو مبتدع .

هذا أصلهم الثاني ، تكفير المسلم إذا وقع في قول المكفر أو ما يظنونه مكفر دون نظرا في أن يكون قد قال هذا الكفر أو وقع منه خطأ أو تأولا أو جهلا أو إكراها .

وكل مسلم وقع في بدعة أو ما يتوهمونه بدعة ، فهو مبتدع دون اعتبار أن يكون قائل البدعة أو فاعلها متأولا أو مجتهدا أو جاهلا .

وهم أحق الناس بوصف المبتدع باختراعهم هذا الأصل الذي هو من أصول أهل البدع وليس من اصول أهل السنة والجماعة .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثالث : من لم يبدع مبتدع فهو مبتدع :


هذا الأصل الثالث من أصولهم الفاسدة ، فإذا حكموا على رجل أنه مبتدع أو على جماعة دعوية أنها جماعة بدعة ، ولم تأخذ برأيهم وحكمهم الفاسد فأنت : مبتدع ، لأنك لم تبدع مبتدع .

فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وهو أصل وقائي فإما أن تكون معنا أو تكون منهم .

وهم على شاكلة من قبلهم في التكفير الذين قالوا " من لم يكفر الكافر - عندهم - فهو كافر " .

فإذا حكموا على رجل مسلم أنه كافر ولم توافقهم على ذلك فأنت كافر أيضا لأنك لم ترض باجتهادهم ، فما أشبه هذا القول بقول الخوارج .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الرابع :

استدلالهم بمنهجهم الفاسد في التبديع والتفسيق والهجر والتحذير من المبتدعة بقولهم أن الله سبحانه ذكر أخطاء الأنبياء .


وهذا من عظائمهم ومصائبهم الكبيرة إذ ظن هؤلاء أن الله عندما يرشد نبينا إلى شيء خالف فيه الأولى توجيها له إلى الأمثل والأفضل ، كقوله تعالى لنوح عليه السلامة : ** إنه ليس من اهلك } [هود46] ، وقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : ** عفا الله عنك لما أذنت لهم } [التوبة43] ، وقوله سبحانه وتعالى أيضا : ** ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا } [الإسراء48] ، ونحو هذا في القرآن .

ظن هؤلاء الجهال أن هذا جار على أصلهم الفاسد الذي اخترعوه وابتدعوه وهو ذكر مثالب من سقطات الدعاة إلى الله من أجل التنفير وتحذير الناس منهم .

فأين القياس في هذا يا أهل العقول ؟!! هل أصبح الأنبياء هم المبتدعة ؟!! الذين يجب التحذير منهم !!! مع العلم أن هذا الأصل لا يجوز تطبيقه عليهم من خلال إظهار مثالب دعاتهم وشيوخهم فيجوز لهم ما لا يجوز لغيرهم ومن انتقدهم فقد انتقد السلف بأكملهم .

فهل أصبحوا في مقام الرب الذي يرشد الأنبياء ؟!! وهل أراد الله سبحانه وتعالى بإرشاد أنبيائه- إلى بعض ما خالفوا فيه الأولى - تحذير الناس منهم كما يفعلون هم بالدعاة المهتدين ؟!!.

وهل أراد الله من ذكر أخطاء الأنبياء - حسب قولهم - تنقيصهم ، وتحقيرهم كما يفعلون هم بالدعاة إلى الله ؟!! تعالى الله ما يقولون علوا كبيرا .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم .

إن الله جلت حكمته ما ذكر الذي أرشد فيه أنبياءه إلا بيانا لعلو منزلتهم ، و أنهم بشر قد يجتهدون فيسدد الله اجتهادهم ، ويخاطبهم الله سبحانه وتعالى وهو الرب العظيم بلطفه واحسانه ورحمته وحكمته وعلمه ..

وانظروا إلى قول الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ** عفا الله عنك لم أذنت لهم } [التوبة43] ، فقبل أن يعاتب قدم العفو ... و كل مواطن العتاب للرسل كان فيها من بليغ الكلام ، و من الاحسان شيء يفوق الوصف ..

ليتكم تعلمتم شيئا من الخطاب الإلهي الكريم لرسله الكرام ... و عرفتم كيف يكون الأدب مع علماء الإسلام ، و أهل الاجتهاد الذين يجتهدون فيخطئون ويصيبون ، و قد كان الواجب عليكم لو كان عندكم علم أو أدب أن تنصحوا لهم وتقيلوا عثرتهم ، و تغفروا زلتهم وتسددوا مسيرتهم .. و لكن كيف وقد أصلتم أصولا تهدم الدين ، وتنسف الدعاة إلى الله رب العالمين فلا يكاد يقع أحدهم في أدنى خطأ حتى تجعلوا منه وسيلة إلى هدمه و إفنائه والطعن فيه وتجريحه !! فإلى الله المشتكى ممن يدعي نصرة الدين وعمله لهدم الإسلام والمسلمين !!



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الخامس :

لا يحمل مطلق على مقيد ، ولا مجمل على مفسر ، ولا مشتبه على حكم إلا في كلام الله ..


هذا أصلهم الخامس ، وقد اتخذوا هذا الأصل حتى يحكموا بالكفر والبدعة على من شاءوا من الدعاة فبمجرد أن يجدوا في كلامه كلمة موهمة ، أو عبارة غامضة ، أو قول مجمل يمكن أن يحمل على معنى فاسد فإنهم يسارعون بحمل هذا القول على المعنى الفاسد الذي يريدون ، ولا يشفع عندهم أن يكون قائل هذا القول المجمل قد فسره في مكان آخر تفسيرا صحيحا ، أو قال بخلاف المعنى الفاسد المتوهم في مواضيع أخرى .

وهذا تصيد وترقب للخطأ من المسلم ، وتحميل لكلام المسلم مالا يحتمله ، وتفسير له بما يخالف نيته وقصده ، مع استثنائهم لمشايخهم وأتباعهم .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السادس : خطأ الإنسان في أصول الدين غير مغتفر :

ومن فروع التكفير المشين لهؤلاء اعتبارهم أن الإنسان - أي إنسان عالما كان أم جاهلا بأمور الأحكام ومسائل الشريعة - لا يغتفر له جهله أو خطؤه في أصول الدين .

وقد جاء أصلهم هذا بناء على فهمهم السقيم لما ذكر العلماء من أن الاجتهاد لا يقبل في العقيدة .. ففهموا بفهمهم الباطل الخارجي أن من وقع في الخطأ في مسائل العقيدة فإنه غير مغفور له .. وبذلك أخرجوا علماء الأمة من الملة من حيث يشعرون أو لا يشعرون ..



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السابع : إطلاق لفظ الزنديق على المسلم بلا دليل سوى الهوى :

والزنديق لا يطلق في لغة أهل العلم- في الأغلب - إلا على الكافر المظهر للإسلام ، وبالخصوص على الثنوية والقائلين بإلهين ، ومدعي النبوة والرسالة ، والفرق الباطنية الذين يحملون معاني القرآن على عقائدهم الوثنية ..

وقد ذهب كثير من الفقهاء إلى أن الزنديق يقتل دون استتابة ، بمجرد إظهار كفره لأنه منافق كذاب .

وقد تساهل أصحاب هذا الكفر الجديد بإطلاق لفظ الزنديق على المسلم المتبع للقرآن والسنة بخطأ أخطأ فيه !! فلا حول ولا قوة إلا بالله . و إنا لله و إنا إليه راجعون !! ولعل العذر لهم في ذلك هو تزاحم هذه الألفاظ في قاموسهم الذي لا يوجد فيه إلا زنديق .. وخارجي .. وكافر .. ومبتدع ..



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثامن : إقامة الحجة لا تكون إلا في بلاد بعيدة عن الإسلام :

ومن دواهي القوم قول بعضهم أن إقامة الحجة من وقع في الكفر لا تكون إلا في البلاد النائية والبعيدة عن الإسلام أما بلاد المسلمين فلا حاجة لمن وجد فيها إلى أن تقام الحجة عليه ، وعلى هذا الأصل الخارجي يكون كل من وقع في الكفر أو الشرك وهو في بلاد التوحيد فهو مشرك كافر ، ولا حاجة عند ذلك إلى إقامة الحجة عليه ، وهذا الأصل من فروع الأصل المتقدم " ومن وقع في الكفر فقد كفر " .

باستثناء الحكام فهم عندهم بحاجة لإقامة الحجة لينطبق عليهم الكفر من عدمه ، أما العامة فلا حاجة عندهم لإقامة الحجة عليهم .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل التاسع : العمل الجماعي أم الفتن :

حطت هذه الطائفة رحالها على عروة وثقى من عرى هذا الدين ألا وهي العمل الجماعي بغية حلها فقالوا عنه أم الفتن .. وللتدليل على حرمة العمل الجماعي قالوا أن العمل الجماعي لم يرد في الشرع بدليل أنه لو كان أمرا واجبا لوجوب أن يبينه الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما قاطعا للعذر لا ان يجعله نهبة للآراء وعرضة للأهواء وموطنا للنزاع والخلاف و مستودعا للفرقة والخلاف .. وقالوا عن ادلة مشروعية العمل الجماعي أنها لا تهدي إلى الصواب الحق أو حق الصواب ، وفيها التكلف الوعر الذي لا يعرفونه إلا في منطق الفلاسفة ، وأما ما تفرضه الظروف في بعض البلدان على الدعاة إلى الله من الإسرار بدعوتهم فاعتبروه باب ضلالة والعياذ بالله تعالى حيث أن دينهم جلي ظاهر لا خفاء فيه ولا دس ولا كتمان ولا أسرار .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل العاشر : الحزبية المذمومة والعمل الجماعي المشروع وجهان لعملة واحدة :

اعتبر هؤلاء أن الحزبية لازمة للعمل الجماعي غير منفكة عنه وبالتالي اسقطوا سلبيات الحزبية على العمل الجماعي فقالوا : إن الحزبية تصبح دينا إذا سميناها عملا جماعيا أو قلنا جماعة !! أو جمعية !! أو لجنة !! أو حركة !! وعليه فقس !!!

وذلك أنهم يرون أن هذه الأسماء والمصطلحات العائمة البعيدة عن الوضوح قد جنت عن الإسلام والمسلمين ، وهكذا هذه الحزبيات المعاصرة والتجمعات الحاضرة كانت بداياتها نيات خير ... ثم أصبحت تكتلات تراد بذاتها .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الحادي عشر : تحريمهم العمل الجماعي والتنظيم الدعوي على الجماعات الإسلامية وإباحته لأنفسهم وأشياعهم :

مع أن هؤلاء قد افتوا بحرمة العمل الجماعي والتنظيم الدعوي بحجة أنه يدعو إلى الحزبية لكن أعمالهم جاءت مخالفة لفتواهم ، فلديهم عمل منظم كالأسابيع الثقافية والمخيمات الربيعية وطبع الكتب والتواصل الفكري والتنظيمي بينهم في بقاع مختلفة ، وبين قيادتهم "المدينة" المعروفة إلى غير ذلك مما لا سبيل إلى إنكاره .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثاني عشر : جمع مثالب الجماعات الدولية والتغاضي عن محاسنها من أجل هدمها :

اهتم هؤلاء الذين اتخذوا التجريح دينا بجمع الأخطاء والمثالب التي وقع فيها بعض أفراد الجماعات الدولية لا لغرض تنبيه أفرادها وتبصيرها للنصح لهم ، لكن من أجل هدمها والتنفير عنها وتبديعها بل تكفير المنتسبين إليها ، وقد عمدوا في سبيل ذلك إلى ضرب الجميع بأخطاء البعض ، فإذا كان في جماعة التبليغ أفراد من الصوفية أصبح كل تبليغي صوفي ، وإذا كان في أفراد الاخوان من يوالي الروافض فكل الأخوان المسلمين كذلك وهكذا ..

وهم يعلمون أنه ليس كل من ينتسب إلى جماعة التبليغ يدخل في الصوفية ضرورة ، وهل إذا أساء بعض أهل بلد كان كل أهل البلد جميعهم مسيئين بسببه .

أن الإنسان لا يتحمل وزر غيره إلا إذا رضي به وتابعه وقد دخل كثير من العلماء وطلبة العلم في الجماعات الدعوية من اجل تصحيح مسارها ، ونشر العقيدة الصحيحة بين أفرادها ، ووجد هؤلاء أن الجماعة الدعوية تجمع نافع للدعوة وتعاون مفيد على البر والتقوى .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثالث عشر : الجماعات الإسلامية فرق ضالة :


الأصل الثالث عشر لأصول أتباع السلفية الجديدة هو قولهم أن الجماعات الإسلامية ماهي إلا امتداد للفرق الضالة من معتزلة وأشاعرة وخوارج وقدرية وجهمية ، تنتهج منهج الخلف في العقيدة ، فأصبح بدل أن يقال هؤلاء أشاعرة وهؤلاء معتزلة صار يقال هؤلاء أخوان ، وهؤلاء تبليغ ..

لقد بين الشاطبي رحمه الله في الاعتصام ضابط الحكم على تجمع معين أنه من الفرق الضالة بقوله : ( وذلك أن هذه الفرق إنما تصير فرقا بخلافها للفرقة الناجية في معنى كلي في الدين ، وقاعدة من قواعد الشريعة لا في جزئي من الجزئيات ، إذ الجزئي والفرع الشاذ لا ينشئ عنه مخالفة يقع بسببها التفرق شيعا ، وإنما ينشأ التفرق عند وقوع المخالفة في الأمور الكلية ) ... إلى قوله : ( ويجري مجرى القاعدة الكلية كثرة الجزئيات فإن المبتدع إذا أكثر من إنشاء الفروع المخترعة عاد ذلك على كثير من الشريعة بالمعارضة ) [الاعتصام 2/200].



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الرابع عشر : الجماعات الدعوية جماعات ردة وتسعى إلى هدم التوحيد :

لما قرر هؤلاء أن الجماعات الدعوية أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى وانه يجب تقديم حربهم على حرب اليهود والنصارى وجمع مثالبها من أجل هدمها ، حتى زعم بعضهم أن هذه الجماعات هي جماعات ردة ، وزعموا أن جميعها انحرفت عن المنهج الحق وأخذت بمنهج الخلف وعقيدتهم ودخلت إلى الساحة باسم جماعات الدعوة وجماعات خير وهي تسعى في الحقيقة إلى الإطاحة بدعوة التوحيد ومحاربته ، فهي خارجة عن حظيرة الإسلام باسطة أذرعها هدما وفتكا بالإسلام وأهله وتخريبا وإفسادا لبنيانه وأرضه ، فشرها يسري سريان سم الأفعى في جسد الملدوغ من غير ضجيج ولا صخب ولا ظهور إلى أن تفاقم هذا الشر واتسع الخرق على الراقع كما هو الحال والواقع !!



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الخامس عشر : النظر في أحوال الأمة ومعرفة أعدائها وفكرهم محرما شرعا كالنظر في التوراة المحرفة :

جعل هؤلاء النظر في أحوال أمة الإسلام ومعرفة مخططات أعدائها وفضح أساليب مكرهم بها أمرا محرما في الدين إلا من خلال الإعلام المرضي عنه والخاضع للحكومات الغربية ، وقاسوا ذلك على النظر في التوراة المحرفة وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد غضب على عمر بن الخطاب لما رآه ينظر في ورقة من التوراة ، والحال ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد غضب على عمر وانه رآه قد استحسن ما في التوراة فقال له : (( لقد جأتكم بها بيضاء نقية والله لو كان موسى حيا لما وسعه إلا أن يتبعني )) [الدارمي 441].

وأما النظر في التوراة للرد على محرفيها والعلم بكيد الكفار وتدبيرهم فهذا فرض على المسلمين وهو من فروض الكفايات التي لا بد أن يقوم بعضهم به وإلا أثموا جميعا .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السادس عشر : فقه الواقع وخصوصيته لولاة الأمور :

لما قرر هؤلاء أن فقه الواقع يفرق شباب الأمة ويغرس الأحقاد والأخلاق الفاسدة في أنصاره من بهت الأبرياء والتكذيب بالصدق وخذلانه وخذلان أهله والتصديق بالكذب والترهات وإشاعة ذلك والإرجاف به في صورة موجات عاتية تتحول إلى طوفان من الفتن التي ما تركت بيت حجر أو مدر أو وبر إلا ودخلته .

قالوا أن فقه الواقع من واجبات ولاة المسلمين ولا يجوز أن يجند له أهل العلم وطلابه كي لا يزاحموا ولاة الأمور ويركضوا في ميادين لا يعرفون أبعادها وأغوارها لما يترتب على هذه المزاحمة و المنافسة من الأضرار بأنفسهم وأمتهم ما لا يعلم مداه إلا الله فإذا اشتغل طلبت العلم بفقه الواقع قالوا :( إن هذا من إسناد الأمر إلى غير أهله ).



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السابع عشر : فقه الواقع مضيعة للوقت مذهبة للجهد ، مأكلة للفائدة :

لما قرر أدعياء السلفية أن فقه الواقع من خصائص ولاة الأمور صاروا إلى تقليل شأنه وتسفيه المشتغلين به ، بل اعتبروه أقرب إلى أن يكون من الترف المعرفي الذي شغف به طوائف من مثقفي العصر وعدوه تحريضا خفيا ذكيا على الفكر الإسلامي يكسرون أبوابه كسرا مروعا حتى لكأنما يثأرون لأنفسهم من أصوله وقواعده ووسائله وفروعه ، وأن الدعوة إلى فقه الواقع مقولة جائرة زائفة ، وان السبيل الأحمد لفقه الواقع أن تدع فقه الواقع ليستحكم عندك فقه الواقع فتكون من أعلم الناس وأفقههم بفقه الواقع أو بعبارة أخرى " لنترك فقه الواقع لنفقه الواقع " وما هذا الستار إلا لإخفاء جهلهم في ما يدور من حولهم وتثبيطا لجهاد المسلمين .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثامن عشر : لا قتال إلا بوجود إمام عام :


أراد هؤلاء أن يبطلوا فريضة الجهاد الماضية إلى يوم القيامة فوضعوا شروطا لها لا تتوفر إلا في آخر الزمان ، منها :

أن الجهاد لا يفتح بابه ، ولا ترفع رايته ، ولا يدعو إليه إلا إمام واحد - الخليفة - ، وذلك كسائر الحدود والعقوبات .

ولما كان هذا في نظرهم غير موجود أصبح الجهاد اليوم عندهم باطلا وانتحارا ، والشهيد اليوم في أرض الإسلام منتحر ( ساع إلى سهم من غضب الله يجأ به في بطنه ) هكذا قالوا !!

وهذا القول كبيرة من الكبائر مخالف لإجماع أهل الإسلام والقرآن والسنة فالجهاد فريضة ماضية إلى يوم القيامة سواء وجد العام أم لم يوجد ... ولم يقل بهذا القول إلا الرافضة قديما والقاديانية حديثا ...



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل التاسع عشر : الجهاد تكليف ما لا يطاق في هذا الزمان ولا إثم في تركه :

وبناء على الأصل السابق في تحريم القتال إلا بوجود إمام عام اسقطوا فريضة الجهاد باعتباره من التكايف غير المقدور عليها ، ولا تؤثم الأمة بتركه ، وليس عليها إلا أن تجعل الجهاد حاظرا في نفوس أبنائها ترقب اليوم الذي يهيء الله لها فيه أسبابه فتستجيب لندائه ، فشابهوا بذلك من ينتظر صاحب السرداب ليخلص الأمة ويقيم الجمعة والجماعة والجهاد بزعمهم ..



--------------------------------------------------------------------------------
الأصل العشرون : أفضل الجهاد اليوم ترك الجهاد ، وأفضل الإعداد ترك الإعداد : انتقل أصحاب هذا الفكر من تأصيل أن الجهاد تكليف ما لا يطاق إلى القول باستحباب تركه وأفضلية تعطيله ، إذ أن سياق الآيات التي جاءت في الجهاد - حسب نظرهم - تفيد أن أفضل الجهاد اليوم هو الإمساك عن الجهاد ، وهذا عندهم من الإعداد الذي توفر فيه الجهود إلى ما هو ممكن ، ومقدور عليه يفتحونها متى يشاءون ويغلقونها متى يشاءون .
وليت الأمر وقف بهم عند هذا الحد ، بل تجاوزه إلى تعطيل الإعداد للجهاد ، فقالوا بوجوب الإمساك عن الجهاد حتى يكون الإعداد على تمامه ، وقد يكون من الأعداد ترك الإعداد ، وهذا متفرع من الأصل المتقدم أن الجهاد تكليف ما لا يطاق .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الحادي والعشرون : العمل السياسي تكليف ما لا يطاق :

والأصل الحادي والعشرون من أصول هذا الفكر اعتبارهم العمل السياسي أمرا لا يقدر عليه المسلم ولا يطيقه .. وبالتالي لا يشرع عليه العمل فيه ، لأن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يكلف العباد في دينهم الذي شرعه لهم ليؤثمهم بالعجز عما يطيقون من فعل المأمورات ، وترك المنهيات ، ولهذا كان من مفاخر السلفية عندهم عدم اشتغالهم بالعمل السياسي ...

وما ذلك إلا لجهلهم أن من سبل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوض العمل السياسي لئلا تبقى ساحته مسرحا لأفكار العلمانيين والإباحيين ، واللادينيين ..



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثاني والعشرون : وجوب مقاطعة واعتزال العمل السياسي :

لما أراد هؤلاء عزل الأمة عن واقعها أفتوا بحرمة دخول المسلم الملتزم العمل السياسي أو الاقتراب منه لأنه مصيدة نصبت ليسقط فيها كل من يدنو منها أو يمسها ولو بكلمة ، ولا يدخلها إلا من يضع رداء الغربة على منكبيه لا يلبث أن يخرج مسرعا وإلا ذاق مرارة الهوان .

فنادوا بوجوب اعتزال الدعاة إلى الله العمل السياسي بحجة أنه من العبث ، ولا يحسنه إلا من هيئ له وصنع خصيصا من أجله ، واعتبروا أن الاقتراب من السلوك السياسي أو الحوم حوله هو كعمل الفراشة يستهويها الدوران حول النار حتى إذا كلت مالت إلى النار فاحترقت ، وعدوا طريق السلامة اعتزاله ، من ذلك قول أحدهم " ليس من الكيس أن يدع الإنسان الحيس بليس ، بل الكيس أن يأخذ الحيس بالكيس وان يدع ليس ، ومن الكيس أن يعرف أين هو من الحيس ؟ أبعيد منه أم قريب " ... إلى آخر ذلك مما في " كيسهم " من الألغاز والطلاسم .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثالث والعشرون : العمل السياسي من المحظورات الشرعية وعلى العلماء والدعاة التحذير منه :

ومن أجل أصلهم السابق جعلوا مخالطة السلوك السياسي على ما هو عليه الآن محظورا ، ولا وجه فيه من الإباحة لزحزحته عن دائرة المحظورات الشرعية ، فمن خالطه فإنما يخالطه بوزر ، ومن تاب منه تاب الله عليه ، فيفرض على العلماء والدعاة والتحذير منه ، فإن تركه للقائمين عليه أولى من أن ينافسهم فيه غيرهم ، لأنه بمجموعه مصادم لأصول العقيدة وفروع الشريعة ، وإن كان لابد من العمل السياسي للمسلم فإنه ينبغي أن لا يجاوز التصور النظري المحض فإن تجاوزه فإنما يجاوزه إلى التعبير عنه بالكلمة الواعية ، وكل ذلك لأن الجماعات الإسلامية قد أعطت الجانب السياسي الأهمية البالغة فحولت اندفاع الناس من طلب العلم الشرعي إلى العمل السياسي والتهريج ...

والحقيقة أن ذلك دعوة خطيرة للعلمنة وفصل الدين عن الدولة فما لله لله وما لقيصر لقيصر بمعنى اتركوا البلاد للحكام ، ولعلماء الدين والمساجد .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الرابع والعشرون : أساليب الدعوة ووسائلها توقيفية :

لما أراد هؤلاء أن يبطلوا جماعات الدعوة إلى الله فإنهم وضعوا أصلا فاسدا يقول :" إن أساليب الدعوة ووسائلها توقيفية " وذلك لإبطال ما لا يرون من الأساليب والوسائل وتحليل ما يرون منها .. وما يملي عليهم أشياخهم .

والحال أن الوسائل والأساليب ليست توقيفية لأنها ليست من أمور الغيب وفرائض الدين ، فلم يتعبدنا الله بأسلوب معين للدعوة ، ولا بوسيلة خاصة ، وقد تعارف المسلمون في عصورهم المختلفة على أساليب ووسائل غير منحصرة كالدروس المنظمة ، والإجازات الشرعية ، والمدارس والجامعات ، وطبع الكتب والمجلات ، وكذلك استخدموا الإذاعة والشريط و التلفاز ، وكذلك الجماعة الدعوية ، وجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والحسبة ، وبعض ذلك لم تنص عليه نصوص خاصة في الكتاب والسنة .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الخامس والعشرون : لا عمل لنصر الإسلام :

الدعوة التي خصص هؤلاء أنفسهم لها وفرغوا أعمالهم من أجلها هي أن يهدموا الدعاة إلى الله ويشينوهم ويسبوهم ويجرحوهم ... هذا هو جهادهم وعملهم لنصر الدين وإعلاء كلمته في العالمين !!

ولا أخالي مخطأ إن قلت أن الحسد الدفين هو دافعهم لذلك كله ، إن لم يكن بريق الدينار والدرهم .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السادس والعشرون : النميمة للسلطان أصل من أصولهم :

فتراهم يستعينون بسوط السلطان لإسكات مخالفيهم بدلا من الحجة والبرهان ..

لا يتورع القوم عن تأليب السلطان على مخالفيهم في القضايا الاجتهادية ، وذلك من خلال تصوير هؤلاء المخالفين بأنهم خطر على الدولة وبالتالي يجب اقتلاعهم ، ومن هؤلاء من كتب مؤلبا في صفحات الجرائد العامة.

ومنهج السلف مع السلاطين معروف ، فهم يتجنبون أبواب السلطان ، وإن كان عادلا مقسطا إتباعا لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من أتى أبواب السلطان افتتن )) ، فكيف إذا كان يعمل بالنميمة ويرسل التقارير والأشرطة المسجلة ، ليصطاد عبارة موهمة ، أو يتجسس على شيخ ليتقرب بدمه عند السلطان ..

وقال الثوري : ( إذا رأيت العالم يكثر الدخول على الأمراء فاعلم أنه لص ! ) .

وهؤلاء لا سلف لهم في أسلوبهم التحريضي إلا المعتزلة أيام المأمون والمعتصم حين استعانوا بسوط السلطان على أهل السنة ، وحكايتهم مع الإمام أحمد مشهورة معلومة .


--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السابع والعشرون : تقديم هدم دعاة السنة على أهل الفرق :

الأصل السابع والعشرون للطائفة التي اتخذت سب الدعاة إلى الله دينا : أن أهل البدع الكبرى كالرفض والتجهم والإرجاء واللادينيين ... يقولون عنهم : هؤلاء معروف أمرهم ، ظاهر فعلهم ولذلك فلا يجوز أن ننشغل بهم بل يجب أن ننشغل بالدعاة إلى الله لنبين أخطاءهم لأنها تخفى على الناس ...

فنعوذ بالله من الخذلان ع طريق الحق ، نسأله جل وعلا ألا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا .

فانظر كيف عمى هؤلاء عن حرب المحاربين للإسلام وانشغلوا بحرب أولياء الرحمن والدعاة إلى الله !! ونهش لحومهم وتفضيل جهادهم بدلا من مؤازرتهم والنصح لهم ، وتسديد أخطائهم .. فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثامن والعشرون : إطلاق وصف الضال المضل على دعاة هدى :

استسهل هؤلاء إطلاق الألفاظ الكبيرة العظيمة ومن ألفاظهم التي تسهل على ألسنتهم إطلاق وصف " الضال المضل " و " الخبيث " على دعاة الهدى والخير من أهل السنة والجماعة .

وإطلاق هذا الوصف على من لا يستحقه كبيرة من الكبائر ، ولا شك أن مثله يعود على قائله نعوذ بالله من الخذلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل التاسع والعشرون : سب الدعاة قربة إلى الله وعمل صالح أفضل من الصلاة والصوم :

الأصل التاسع والعشرون من أصول هذا الفكر هو التعبد لله بسب الصالحين وشتمهم ولعنهم . فالمسلم الداعية الذي يمكن أن يكون قد أخطأ تأولا أو جهلا يصبح وقوعه في هذا الخطأ الاجتهادي سببا في استحلال عرضه بل دمه !

وقائمة السباب عند هؤلاء الجراحين طويلة فـ " الخبيث " ، و " الخنيث " ، و " الزنديق " ، و " المبتدع " وأوصاف سهلة على ألسن هؤلاء الجراحين يقولونها في كل مناسبة ، ويطلقونها على الصالحين من عباد الله دون أي تأثم أو مراجعة للنفس ، بل بصدر منشرح ، ويظنون أن هذا أرجى أعمالهم عند أعمالهم عند الله : ** إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم } [النور\15] .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثلاثون : إنزالهم الآيات النازلة في الكفار على المسلمين :


هذه الفئة التي اتخذت سب المسلمين دينا أرادت أن تستدل لمنهجها في تجريح أهل الإسلام وتبديعهم وتفسيقهم واستباحة أعراضهم ، ووجوب مفارقة الصالحين منهم وهجرهم ، وتعطيل دعوتهم ، أرادت أن تستدل لهذا المنهج الفاسد من القرآن ... فاستدلت بالآيات النازلة في الكفار ، وأن الرسل جاءوا للتفريق بين الأب وأبيه والزوج وزوجته ، والأخ وأخيه ، ويستدل بعضهم في دروسه بأن محمدا صلى الله عليه وسلم قد جاء فرقا بين الناس أو قد فرق بين الناس ، ويجعلون هذا الحديث دليلا على وجوب التفريق بين المسلمين ، فالسلفي غير الأحواني غير التبليغي ... ويعقدون الولاء والبراء بين السلفيين وهؤلاء ، كما هو الولاء والبراء مع الكفار ..!! فلا حول ولا قوة إلا بالله .

والحديث في التفريق بين المؤمن والكافر يحملونه على وجوب التفريق بين مسلم وآخر ، ويستدل بعضهم بقوله تعالى : ** ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقان يختصمون } [النمل \ 45] أن صالحا جاء ليفرق بين قومه .

ويرى هذا المستدل بهذه الآية أنه عندما يفرق بين مسلم و مسلم !! فهو تابع لصالح عليه السلام في تفريقه بين المؤمنين والكافرين . فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ...




--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الحادي والثلاثون : الهم الأول جمع مثالب الدعاة من أجل التنفير عندهم :

جعل هؤلاء الجراحون همهم الأول في الدعوة إلى الله هو الوقوف على أخطاء الدعاة ، وجمع مثالبهم ، وحفظ سقطاتهم برقم الصفحة ، ونص كلامهم ... والاهتمام بنشر هذه المثالب والسقطات بقصد تنفير الناس منهم لا بقصد تحذير الناس من الوقوع فيها ، أو النصح لمن وقعوا فيها ، وإنما بقصد أن ينفروا الناس عن الداعي إلى الله ويبطلوا جميع جهاده وكل حسناته ، ويهدموا كل ما بناه ، ويحرموا المسلمين من جميع مؤلفاته وعلمه ولو كان نافعا صالحا .

وهذا تخريب عظيم وسعي للإفساد في الأرض ، فلو أن ساعيا سعى في جميع مثالب الأئمة والفقهاء لوجد الكثير ، ولو أن جامعا جمع سقطات الفقهاء لجمع شيئا لا يحصى ، وقد قال سليمان التيمي :( لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله ) ، قال ابن عبدالبر معقبا : ( هذا إجماع لا أعلم فيه خلافا ) [جامع بيان العلم وفضله 2\91-92] .

ولا يوجد عالم لم يتكلم فيه ، ولو تذكر له جرحة أو سقطة إلا من رحم الله !!

وهؤلاء الجراحون أنفسهم لو جمع جامع بعض سقطاتهم وزلاتهم من شريط أو شريطين أو كتاب أو كتابين أو محاضرة أو محاضرتين لكفت في إسقاط عدالتهم ، وتبديعهم وتكفيرهم على حسب أصولهم الفاسدة في التبديع والتفسيق والتجهيل والتكفير .

وهم يدعون أن الخطر الذي يتهدد الوجود الإسلامي في الأرض اليوم على أيدي هذه الفرق والطوائف الضالة أشد بكثير جدا من الخطر الذي يتهدده على أيدي الأعداء الصرحاء من اهل الشرك والمذاهب المادية ، إذ أن هذه الفرق والطوائف تدعي الإسلام ، ويحسبها غير المسلمين على الإسلام وهي في حقيقتها سوس مكين يسري في جذوع الإسلام وفروعه ، في الوقت الذي يتغافلون فيه عن أهل الكفر والبدع الظاهرة لعجزهم عن مواجهتهم ..



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثاني والثلاثون : اعتبار الدعاة أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى واللادينيين :

هذا وهو الوصف الذي يطلقه أصحاب هذا الفكر على الدعاة إلى الله ، وجماعات الدعوة والقائمين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والذين يأمرون بالقسط من الناس ...

فهؤلاء المصلحون المجتهدون في إصلاح أحوال هذه الأمة يصفهم هؤلاء بأن دعوتهم وأمرهم بالمعروف وقيامهم بالحق أخطر على أمة الإسلام من اليهود والنصارى ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثالث والثلاثون : يجب تقديم حرب الدعاة إلى الله على حرب اليهود :

لما كان هؤلاء يرددون ويعتقدون أن الدعاة إلى الله هم أخطر على الإسلام من اليهود والنصارى فإنهم من أجل ذلك قدموا حربهم على حرب اليهود والنصارى وقالوا إن الواجب كشف عوار هذه الفرق - الجماعات - وبيان ضلالها والتحذير من آثامها وخطرها ، وتعرية دعاتها و رؤوسها ، وصرف قلوب الناس وعقولهم عنها ، بل رأوا أن التصدي لجماعات الدعوة مقدم على التصدي للكفار والمنافقين والعلمانيين واليساريين ، بجميع أشكالهم .

وهذه هي علة الخوارج قديما وحديثا كما وصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :(( يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان )) [البخاري 3344] .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الرابع والثلاثون : اتهام النيات بلا دليل : الأصل الرابع والثلاثون عند هؤلاء أنهم لا يكتفون بالحكم على الظاهر ، فلقد أحرجهم الذين ظاهرهم الصلاح والدعوة إلى السنة والخير ، ولما اجتهدوا فلم يجدوا جرحة كبيرة يهدمون بها من يريدون هدمه فإنهم اتهموا نياتهم وقالوا " ما دعوا إلى السنة إلا لهدمها " و " ما التزموا بالسلفية إلا لحربها " .

ومن أجل ذلك كان أخذ الناس بالظنة ، واتهامهم بلا بينة راجحة سمة من سمات منهجهم الكاسد .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الخامس والثلاثون : جعلهم الخطأ في المسائل العلمية التي يقع بها بعض الدعاة اعظم منه في المسائل العملية مطلقا :

لقد جعل هؤلاء الجراحون الخطأ في المسائل العلمية التي يقع بها بعض الدعاة أعظم من الخطأ في المسائل العلمية مطلقا .

ولهذا فإنهم لا يعدون جرائم الحكام الطغاة في الشعوب الإسلامية ، وما يقترفونه من فساد وإفساد وصد عن سبيل الله ... لا يعدون ذلك شيئا لظنهم أنه لا يعدو أن يكون فسقا عمليا ، بينما يعظمون الشنعة على داعية وقع في خطأ في مسألة علمية و يملئون الدنيا عويلا وتشهيرا .

وربما استدلوا بقول بعض أهل العلم ( البدعة شر من المعصية ) وهو ليس على إطلاقه ، فإن الخطأ قد يكون نسبيا بحسب اختلاف الاجتهاد ، وقد يكون فاعله مثابا وإن كان مجتهدا وإن ظنه غيره بدعة ، وقد يكون متأولا .

فلا يكون الداعي إلى إفساد المسلمين ونشر الربا والزنا وغيرها من كبائر الفواحش والعظائم بينهم بالدعوة إلى ذلك بالوسائل المرئية والمسموعة فضلا عن السماح بنشر بدع الإلحاد والضلال والمذاهب الهدامة عبر الصحافة وغيرها ، أهون ذنبا من داعية صالح وقع متأولا فيما يعد بدعة عند غيره .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السادس والثلاثون : إنزالهم أنفسهم منزلة أئمة أهل السنة الكبار في تبديع مخالفيهم :

ومن ذلك استدلالهم بكلام الثوري و الأوزاعي في تبديع أحد الأئمة المشهورين على جواز ما يفعلونه من تبديع وتضليل لمخالفيهم ، وهو بلا ريب قياس مع الفارق فإنما ساغ ذلك للثوري وغيره من أئمة السلف بسبب ما أوتوه من علم وعمل وقبول بين الناس ، وشتان ما بين أحوال أولئك الأئمة وأحوال هؤلاء الطائشين المتعجلين .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السابع والثلاثون : لا يذكر للدعاة والمفلحين إلا سيئاتهم :

الأصل السابع والثلاثون من أصول البدعة عند هؤلاء هو أنهم لا يذكرون للدعاة والمصلحين ومن يريدون هدمهم من أهل الخير إلا سيئاتهم فقط ، وذلك بهدف التنفير منهم وإبعاد الناس عنهم وتحذير طلبة العلم منهم والملتزمين والعوام من الاستماع إليهم ، ويسمون منهجهم هذا منهج أهل السنة في النقد .

وهذا على الحقيقة هو منهج المبتدعة والرافضة الذين لا يذكرون إلا ما يضنونه من أخطاء الصحابة أو مثالبهم ويتعامون عن حسناتهم وبلائهم وجهادهم ، ولا يذكرون لأهل السنة والجماعة إلا أخطائهم لقصد تنفير الناس عنهم ، وهؤلاء أخذوا منهج الروافض وشرعوا يحذرون الناس من الدعاة إلى الله والمصلحين وأهل الخير لتلمس أخطائهم والبحث عن هفواتهم وتصيد زلاتهم ، ومن ثم تحذير الناس منهم بدلا من النصح لهم والدعاء لهم بالخير وتنبيههم إلى ما أخطأوا فيه ليحذروه ويبتعدوا عنه و تأيدهم فيما قاموا به من نصرة الحق وعزة الدين ونشر الإسلام .

بل هؤلاء الجراحون يبطلون جميع حسنات الدعاة حتى وإن كانت جهادا في سبيل الله ويرون أن صلاتهم وصيامهم وحجهم وعبادتهم لا تنفعهم عند الله لوقوعهم في هذه الأخطاء القليلة التي لا تخرج من الإسلام ولا تدخل في بدعة فإنا لله وإنا إليه راجعون .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثامن والثلاثون : استعمالهم الألفاظ المجملة :

استعمالهم الألفاظ المجملة في الذم ليتوهم السامع الساذج معنى مذموما ويسلم لهم مرادهم مثل استعمالهم كلمات " التهييج " و " التلميع " و " التمييع " .. الخ .

وذلك كشأن أهل البدع في استعمال لفظ " الجهة " ، أو " الجسم " ، و " التركيب " ، وهم يريدون معاني خاصة بهم ، كذلك طائفة الجراحين يريدون :

بالتهييج : إنكار المنكر .
بالتلميع : الثناء على من وقع في بدعة فيما أحسن فيه ، كما كان يفعل علماء الإسلام من عصر الصحابة إلى أن خرجت هذه الطائفة العجيبة ..
بالتمييع : إحسان الظن فيمن أخطأ والتماس العذر العذر له .

وهذا كله حق كما ترى لكنهم يلبسونه ألفاظا مجملة مطلقة للإفساد و التخبيط .

وقد قال ابن القيم :

فعليك بالتفصيل والتمييز فالإ طلاق والإجمال دون بيان
قد أفسدا هذا الوجود وخبطا الأ ذهان والآراء كل زمان
ومن هذا أيضا استعمالهم كلمة " المنهج " بلا إضافة تعين المراد ، وذلك لأن كلمة المنهج هكذا بإطلاق تخوف السامع الساذج ، فيرتاع من مخالفة ما يقولون ، وهذه خدعة يحسنها أهل البدع والتلبيس ، فإن " المنهج " كلمة تعرف بالإضافة ..

فإن كان المقصود " منهج العقيدة " ، فهو الأصول التي أجمع عليها السلف والقواعد الكلية التي بها فهموا الكتاب والسنة ، وفارقوا الفرق الضالة ، وهي قضايا علمية وأصول كلية ثابتة معلومة ، ومخالفتها خطرا عظيم وبدعة شنيعة .

وإن كان المقصود " منهج الاستدلال " في أصول الفقه و فروعه ففي بعض ذلك خلاف معروف مثل الخلاف في الإجماع الذي يحتجوا فيه ، والقياس ، وشرع من قبلنا ، وغير ذلك من القضايا المذهبية التي اختلف فيها السلف ولا تخرج المخالف المخطأ من أهل السنة . وإذا كان هناك ثوابت في منهج الاستدلال مخالفتهما بدعة شنيعة .

مثل ذلك بعض الخلاف في الاستدلال بالحديث مثل اشتراط اللقيا و الاحتجاج بالمرسل و مجهول الحال وتسامح بعض السلف في رواية الضعيف في الترغيب والترهيب ، ونحو ذلك من الأمور المذهبية التي جرى فيها خلاف بين أهل السنة ولا يخرج المخطأ فيها من أهل السنة .

وإن كان المقصود " منهج الدعوة " ، فالأمر أكثر سهولة ويسرا لأن منهج الدعوة منه ما هو ثابت كالانطلاقة من الأصول التي أجمع عليها السلف وتقديم العقيدة والعناية بالسنة ونبذ البدعة ومنه ما هو يتغير بتغير الزمان والمكان والمدعوين كدخول المجالس النيابية والعمل الجماعي المنظم ونحو ذلك مما قد يصلح أن يكون منهجا للدعوة في بلد دون بلد وزمن دون زمن .

والمقصود أنه لابد من التفصيل والتبيين والحكم على المسائل بعلم .. أما إطلاق كلمة " هذا المنهج " ، " يخالفنا في المنهج " ، " منحرف عن المنهج " ، " ليس على المنهج السلفي " فهو سبيل أهل البدع .. والله المستعان .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل التاسع والثلاثون : اختراعهم قول " ليس على منهج السلف " أو " ليس على منهج أهل السنة والجماعة " وكأنهم ورثوا عرش السلفية دون غيرهم :

اخترع هؤلاء الجراحون هذه العبارة " ليس من منهج السلف " وهي عبارة مجملة ترقى عنهم إلى التكفير والإخراج من أهل السنة والجماعة ، والفرقة الناجية ...

ويطلقون هذه الكلمة على مجرد مخالفة يسيرة في أمر اجتهادي يسوغ فيه الخلاف ، كالمشاركة في المجالس النيابية ، بقصد الإصلاح ودفع الشر ، وكالقول بأن وسائل الدعوة ليست توقيفية .

وهذه الكلمة كلمة كبيرة ، واصطلاح خطير لأنه أدى بكثير من هؤلاء الجراحين إلى التكفير بغير مكفر ، والتبديع بغير مبدع للمسلمين الذين يؤمنون بالقرآن والسنة ولا يخرجون على إجماع الأمة ويعتقدون عقيدة السلف في الإيمان بالأسماء والصفات وسائر أمور الغيب ولا يقدمون قول أحد على قول الله ورسوله ، ولكنهم قد يخالفون هؤلاء في أمر فرعي اجتهادي يسوغ فيه الخلاف ..

فيطلق عليهم هؤلاء هذه الكلمة الكبيرة " ليس من منهج السلف " و " ليس من أهل السنة والجماعة " وهذه الكلمة لا تطلق إلا على من وضع أصولا تخالف أصول أهل السنة كإنكار السنة أصلا أو الدخول في بدعة عقائدية كالخروج والرفض والإرجاء والتجهم والقدر ، أو تقديم العقل والهوى على النصوص من القرآن والسنة ، أو الفصل بين الدين والسياسة ... ونحو ذلك من البدع العقائدية التي تهدم الدين أو جزءا منه .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الأربعون : استخدامهم سلاح هجر المبتدع ضد المسلمين المصلحين :

هجر المبتدع وسيلة شرعية للإصلاح تخضع للمصالح والمفاسد وهو من أصول أهل السنة والجماعة ، وقد استخدمه أهل السنة لمحاربة البدعة وتقليل ضررها وشرها والتحذير من أهلها ، وقد وضع أهل السنة والجماعة ضوابط لذلك ومنها :

أن الحكم على المبتدع متروك للأمة الأعلام الذين يميزون بين السنة والبدعة فقد كان الصحابة - رضي الله عنهم - أنفسهم يرجعون إلى العلماء منهم قبل الحكم على أمر جديد ، كما رجع أبو موسى الأشعري إلى ابن مسعود لما رأى في المسجد أناسا متحلقين وفي وسط كل حلقة كوم من الحصى ، وعلى رأس كل حلقة رجل يقول لهم سبحوا مائة فيسبحون كبروا مائة فيكبرون ، فلم يتعجل أبو موسى الحكم عليهم حتى سأل ابن مسعود في ذلك . [رواه الدارمي 208] .

وكذلك رجع الناس إلى ابن عمر لما نشأ القدر ، ورجعوا إلى علي بن أبي طالب لما ظهر الخوارج وهكذا ...

ومن أصول أهل السنة أن الهجر للتأدب وأنه يختلف بحسب قوة الهاجر وضعفه وأنه لتحقيق مصالح شرعية وان المصلحة الشرعية إن كانت في المخالطة وجب المصير إليها ...

وبالجملة فالهجر الشرعي لا يكون إلا لتحقيق مصالح شرعية عظيمة .

وهؤلاء الجراحون استخدموا الهجر سلاحا لقتل الإسلام ، وتفريق المسلمين فجعلوا كل صغير لم يصل الحلم جراحا وحاكما على الناس بالبدعة والسنة ، وأمروا بهجر كل الدعاة والجماعات ، وكل من أخطأ خطأ في نظرهم ... فلم يبق أحد من المسلمين من أهل السنة والجماعة - إلا من رحم الله - إلا استحق عندهم الهجر .

ثم كروا على أنفسهم فبدع بعضهم بعضا وهجر بعضهم بعضا وهكذا ارتد سلاحهم عليهم ... وبهذا حول هؤلاء الجراحون سلاح هجر المبتدع الذي استعمله أهل السنة في محاربة البدعة إلى سلاح يحاربون به الإسلام والسنة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الحادي والأربعون : حملهم أقوال السلف في التحذير من أهل البدع على الدعاة المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة :

من عظائم هؤلاء أنهم أخذوا نصوص السلف في التحذير من أهل البدع ووضعوها في غير مواضعها ، فقد أطلقوها على أناس صالحين من أهل السنة والجماعة .

وعلى أساس منهجهم الفاسد في أن ( كل من وقع في البدعة فهو مبتدع ) فإنهم أخرجوا أناسا كثيرين من أهل السنة والجماعة لم يكونوا دعاة لبدعة وإن كانوا قد تلبس ببعضهم بها خطأ ، وتأولا كالحافظ ابن حجر والإمام النووي من الأئمة الأعلام رحمهما الله ، وغيرهما ..

ولما رأى بعضهم خطورة ذلك وأنهم ربما يبدعون بذلك عددا كبيرا من علماء الأمة رجعوا عن تبديع هؤلاء الأقدمين ، واستمروا في تبديع الدعاة المعاصرين ، علما أن هؤلاء الدعاة وقعوا في بعض الأخطاء التي لا تخرجهم من عموم أهل السنة والجماعة ، وهي أهون مما وقع فيه الحافظ ابن حجر والإمام النووي رحمهما الله ...

ومنهم من اتخذ التقية ، دينا فكان يبدع هؤلاء الأقدمين سرا أو أمام خاصته ، وينفي عنهم البدعة علنا . فنعوذ بالله من الخذلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالرحمن .

فهلا اتبع هؤلاء قواعد أهل السنة والجماعة في التبديع بدل من اعتناقهم قواعد تصل بهم أن يبدعوا سلف الأمة جميعا ، بل لو طبقوا هم قواعد التبديع التي اخترعوها على أنفسهم حسب موازينهم لكانوا من شر أهل البدع !!!



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثاني والأربعون : امتحان الدعاة إلى الله بالموقف من بعض أهل العلم :

لما بدع هؤلاء جماعة من الدعاة وأهل العلم من غير مبدع حقيقي ، اضطروا بعد ذلك إلى امتحان الناس بتحديد الموقف ممن بدعوه ، فمن لم يقل بقولهم أخرجوه من السلفية ، ومن قال بقولهم فهو السلفي الحقيقي عند هؤلاء القوم .

وبذلك أصبح للسلفية مقاييس خاصة عند هذه الطائفة ، مع العلم أن شيخ الإسلام قد حذر في رسالته لأهل البحرين من اتخاذ بعض المسائل - عن رؤية الكفار لربهم يوم القيامة - محنة وشعارا حيث قال في رسالته : ( ومنها أنه لا ينبغي لأهل العلم أن يجعلوا هذه المسألة محنة وشعارا يفصلون بها بين إخوانهم و أضدادهم فإن مثل هذا مما يكره الله ورسوله ) .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثالث والأربعون : اتهامهم مخالفيهم من الدعاة بالتكفير :

هذا الأصل يستخدمه أتباع هذه الطائفة سلاحا في محاربة من يحالفهم من الدعاة والمصلحين .

فيتهمون الدعاة بالفئة الضحضاحة التي لا تجد راحة صدورها في إطلاق لقب الجاهلية أو كلمة الكفر على ألسنتها ، تحكم بهذه أو بتلك على مجتمع كل ملايينه مسلمون ...

ويتهمون أتباعهم بالتعطش للحكم على الناس بالتكفير والنفاق ، ووصف المجتمعات الإسلامية بالمجتمعات الجاهلية وبالانسلاخ الكامل من الدين .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الرابع والأربعون : تركهم الحق إذا جاء ممن خالفهم :

ومن أصولهم الفاسدة تركهم الحق ، لأن من يخالفهم يقول به أو يفعله ، ويجعلون ذلك دليلا على معرفة الحق ، ولهذا يحكمون على القول أو الفعل بأنه باطل لأن " الأخوان المسلمون " يفعلونه أو يقولونه أو " جماعة التبليغ " أو غيرهم .

ولهذا يقول قائلهم هذا " منهج الأخوان " أو هذا " منهج التبليغ " إذا أراد أن يستدل على الخطأ في مسألة ما ، وهذا نظير فعل الرافضة مع أهل السنة ، فإنهم يقولون ( إذا لم تعرف دليلا على مسألة ما فخالف أهل السنة تصب الحق فيها ) ، وفعلهم هذا يدل على أن غيرهم لا يكون فيه خير ، والحق لا يكون إلا معهم ، فكأنهم هم فقط الذين جمعت فيهم خصال الخير وعلم الحق كله .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الخامس والأربعون : موقفهم المتناقض من فتاوى أئمة أهل السنة والجماعة :

إذا وجد هؤلاء فتوى لأحد من علماء السنة - قديما وحديثا - يشتم منها رائحة الموافقة لبعض آرائهم طاروا بها فرحا ، وألزموا الناس بها من باب توقير أهل العلم والرجوع إلى أقوالهم ، وربما ظهرت فتوى لبعض العلماء تخيء اجتهاد بعض المشايخ في مسألة ما لا تتفق مع مذهبهم ، وفي هذه الحال يلزمون ذلك الشيخ بالنزول عن رأيه والرجوع إلى رأي العلماء دونما نظر لأدلة الطرفين وحججهم وما يجب صنعه في مثل هذه الاختلافات .

أما إذا جاءت الفتوى ناسفة لأصولهم الكاسدة كمشروعية العمل الجماعي ، أو المشاركة بالبرلمانات النيابية ، فإنهم يردونها ولو كانت من نفس العالم الذي طبلوا من قبل لفتاويه الأخرى .

ويظهرون في هذا الموقف بوجه سلفي أثري يدعو إلى نبذ التقليد ، وعدم الجمود على أقوال العلماء ويحدثونك عن منهج الاستدلال عند السلف .. الخ من كلامهم المعهود ، فنعوذ بالله من اتباع الهوى .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السادس والأربعون : تربية الصغار على الثلب والشتم والتجريح :

الأصل السادس والأربعون من أصول الابتداع عند هؤلاء هو تعليم صغار طلاب العلم والمبتدئين سب الناس وتجريحهم قبل أن يعرف الشاب المبتدئ أركان الأيمان ، وأصول الأخلاق ، وأحكام العبادات ... فهم يبدأون مع الشاب الذي بدأ في الالتزام والهداية فيعلمونه أن فلانا أخطأ في كذا ، وابتدع كذا ، وهذا العالم زنديق لأنه قال كذا ، وذاك ضال لأنه فعل كذا .

وهذه أمور تضره في دينه وتقسي قلبه ، وهم مع ذلك يوهمونه أنه بذلك يكون كإمام أهل السنة والجماعة أحمد بن حنبل ، والناقد الخبير يحيى بن معين ، وأئمة الجرح والتعديل الذين جلسوا لتمييز الرواة ، وجرح المجروحين ، والذب عن الدين ... فلا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين .

ما أفسد هذا القياس فعلماء الجرح والتعديل كان همهم تصنيف الرواة لمعرفة من يروي عنه ممن لا تجوز الرواية عنه ، أما هؤلاء فهمهم تجريح علماء الإسلام والدعاة لتنفير الناس عنهم .

وإمام أهل السنة أحمد بن حنبل وغيره من الأعلام لم يجلسوا لتصنيف الرواة إلا بعد أن أصبحوا في مرتبة الأئمة الأعلام الذين يستطيعون وزن الناس وتصنيفهم ، أما حدثاء الأسنان هؤلاء فأغرار صغار لا يعرف كثير منهم الفرق بين سنة وبدعة ، ولا يستطيع ترجيح قول على قول ، ولا يميز بين ركن وواجب ، ولا يدري مصلحة من مفسدة فضلا عن أن يميز بين مفسدتين ، أو يفاضل بين مصلحتين .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل السابع والأربعون : إلغاء توحيد الحكم من التوحيد :

لما كانت حركة الابتداع الجديدة هذه تقوم في بعض جوانبها على مناصرة الحكام أيّا كانوا ، وإبطال فريضة الجهاد وبعض صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وتشويه صورة كل داع إلى الحكم بشريعة الله .

فإنهم عادوا المطالبة بتحكيم شرع الله في الأرض واعتبروا ما اصطلح على تسميته " بتوحيد الحاكمية " ابتداعا في الدين ، وأنه لا يوجد نوع من التوحيد يسمى " توحيد الحاكمية " ، وأن الأولى أن يدرج في أبواب الفقه .

وجهل هؤلاء أن الصحابة أنفسهم لم يقسموا التوحيد اصطلاحا إلى ربوبية وألوهية والأسماء والصفات ، وإنما هذا اصطلاح حادث ، وهو حق لأن كفار قريش فرقوا في الإيمان بالله بين كونه سبحانه وتعالى ربا وخالقا ومدبرا للكون ، وبين كونه الإله الذي لا إله غيره سبحانه تعالى والذي لا يستحق سواه أن يعبد...

فاصطلح على تسمية ما أقروه من الإيمان بالله " بالربوبية " ، وما أنكروه من مسائل الإيمان بالله " بالألوهية " ...

ولما جاء من المسلمين من فرق بين صفة لله وصفة أخرى وآمن ببعض أسماء الله وصفاته وكفر ببعضها ، فإن علماء أهل السنة سموا الإيمان بكل أسماء الله وصفاته " توحيد الأسماء والصفات " وذلك ليبينوا أن هذا داخل في مسمى الإيمان بالله سبحانه وتعالى فأصبح الإيمان الحق بالله جل وعلى مشتمل على الإيمان بكل ما وصف به نفسه وكل ما وصفه به رسوله .

والآن لما نشأ في المسلمين من قال نؤمن بالله ربا وإله ، ولا نؤمن به حاكما في شؤوننا الدنيوية ، بل ننظم أمورنا الدنوية كما نشاء ، ونادوا بفصل الدين عن الدولة كما يقولون ، وبفصل الدين عن الشؤون السياسية والاقتصادية ، فإن علماء الإسلام ردوا هذه البدعة الجديدة و التي سميت باللادينية أو العلمانية ، وبينوا أنه لا إسلام إلا لمن آمن بأن الله سبحانه وتعالى حاكما وأن الحكم له سبحانه وتعالى ..

وليس هذا بدعا في الدين أو ابتداعا في الإيمان والتوحيد ، بل إن من أركان التوحيد إفراد الله عز وجل للحاكمية وتقديم حكم الله ورسوله وطاعة الله ورسوله على طاعة وحكم كل أحد ، والإيمان بأن الحكم لله وحده وأن من رضي مختارا بحكم غيره في أي شأن من الشؤون فهو كافر بالله كما قال تعالى : ** ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به } [النساء 60] .

وفي آخر هذه الآيات ** فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما } [النساء 65] .

ولقد جاء من هؤلاء المبطلين من يزعم أن توحيد الحكم ليس من التوحيد ، وأن الحكم بغير ما أنزل الله إنما هو " كفر دون كفر " هكذا على إطلاقه ! دون تفريق بين من جعل حكم البشر أفضل من حكم الله أو مساويا لحكم الله ، ومن أخطأ أو تأول أو حكم بقضية واحدة بغير ما أنزل الله .

وبإطلاقهم القول أن الحكم بغير ما أنزل الله كفر دون كفر ، هونوا على الناس التحاكم إلى غير شريعة الله والرضا بغير حكم الله ، وأعطوا المبدلين لشرع الله صك شرعي في أن ما يفعلونه من حرب شريعة الله إنما هو معصية لا تخرجهم من الإسلام .. فنعوذ بالله من الخذلان ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي المنان .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثامن والأربعون : لا كفر إلا بالتكذيب :

وهو قول بعضهم أن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب ، وهو بعينه قول جهم بن صفوان وبشر المريسي وابن الرواندي والصالحي ، وغيرهم من الجهمية ، ولهذا لما طبقوا هذا الأصل على الواقع صار حكم من نبذ الشرعية كلها وحكم بقوانين الكفار بحذافيرها وحارب من يدعو إلى تحكيم الشريعة وبالغ في أذاهم وتشويه دعوتهم أنه لا يكفر لأن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب .

وكذلك من فتح الباب للأحزاب العلمانية الكافرة وأنشئ لها هيئات ومؤسسات ومجالس ومؤتمرات وصحف تدعو بها إلى أفكارها وترغب الناس فيها وتسخر من الدين وتستهزأ بشعائره أنه لا يكفر .

واعلم أن هؤلاء المساكين لما أرادوا تهوين جرائم كفرة الحكام وطمعوا أن يرضوهم تعلقوا بمذهب المرجئة الباطل في الإيمان و طبقوه على هؤلاء الحكام .

ومذهب المرجئة هذا مبني على أن جنس الأعمال من كمال الإيمان ، وليس ركنا من أركانه كما تقول أهل السنة ، فأهل السنة جنس العمل عندهم يزول الإيمان بزواله ، ولا يزول بزوال بعض العمل كما تقول الخوارج والمعتزلة .

أما المرجئة فلا يزول الإيمان وإن زال جميع العمل ، لأن الكفر لا يكون إلا بالتكذيب ، لأن الإيمان هو التصديق فيكون ضده هو التكذيب لا غير .

وأهل السنة الإيمان عندهم هو التصديق والعمل والكفر يكون بالتكذيب وبغيره ، كالتولي عن الطاعة وترك العمل بالكلية ، وعند بعضهم ترك الصلاة بمنزلة ترك العمل بالكلية .

قال ابن تيمية : ( وقد تبين أن الدين لابد فيه من قول وعمل وأنه يمتنع أن يكون الرجل مؤمنا بالله ورسوله بقلبه ولسانه ولم يؤد واجبا ظاهرا ولا صلاة ولا زكاة و لا صياما وغير ذلك من الواجبات ) .
وقال : ( ومن قال بحصول الإيمان الواجب دون فعل شيء من الواجبات سواء جعل فعل تلك الواجبات لازما له أو جزء منه - فهذا نزاع لفظي - كان مخطأ خطأ بيناً ، وهذه بدعة الإرجاء التي أعظم السلف والأئمة الكلام في أهلها ، وقالوا فيه المقالات الغليظة ما هو معروف ) [مجموع الفتاوى 7\621] .

وقد قدمنا في أول الكتاب أن القوم مرجئة مع الحكام فإنا لله وإنا إليه راجعون ..



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل التاسع والأربعون : لا سبيل لإعادة الدين إلى الدولة :

لما ألغى هؤلاء اعتبار توحيد الحاكمية من أنواع التوحيد وعدوه بدعا في الدين صاروا إلى رفع شعار اللادينية " دع ما لقيصر لقيصر وما لله لله " ... واعتبروها كلمة حكيمة تصلح لزماننا ، وذلكم أنهم يعتقدون أن الإنفصام بين الدين والدولة صار أمرا مقضيا لا مرد له ولا طاعن عليه ولا محيد عنه ..

ولعمر الله لا أدري ما أبقوا للعلمانية إذن !!



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الخمسون : وجوب السكوت عن انحراف الحكام :

من الأصول الفاسدة التي يتبعها هؤلاء إبراز أصل أهل السنة والجماعة في وجوب السمع والطاعة للإمام المسلم ما لم يأمر بمعصية والصبر على ظلم الحاكم مادام أنه مجاهد في سبيل الله ، مدافع للأعداء الإسلام ووجوب الصلاة خلفه وعدم الخروج عليه إلا في كفر بواح ، وهذا كله حق .

ولكن الوجه الآخر كذلك هو وجوب النصح لهذا الإمام وقول كلمة الحق له ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه ، وجهاد الكفار ورعاية مصالح الأمة فرض عليه وقبل هذا وذاك ، فالحكم بما أنزل الله سبحانه وتعالى في الكبير والصغير فرض عليه .

إن الحاكم والمحكوم طرفا عقد هو عقد البيعة ، فكما يجب على المحكوم السمع والطاعة للإمام ، فإن العدل ورعاية مصالح المسلمين وجهاد الكفار وتأمين الناس على أموالهم وأنفسهم فرض على الإمام كذلك . فإذا قصر الإمام في واجبه فيجب النصح له وإذا قصرت الرعية في واجبها وجب النصح لها كذلك ..

والدعوة إلى وجوب السمع والطاعة فقط وأن هذا هو أصل أهل السنة والجماعة تزييف لمنهج أهل السنة والجماعة الذي يقوم على النصح للأئمة المسلمين وعامتهم وليس النصح للعامة وترك الأئمة .

والقوم لا يفرقون في ذلك بين من لم يحكم بالشرع في بعض فروعه وبين من نحى الشريعة كلها جانبا وأعلن العلمانية دينا ومنهجا وحارب الإسلام ودعاته وزج بهم في سجون التعذيب ونزع الحجاب عن المسلمات ... بل هذا في نظرهم ممن يجب له السمع والطاعة سواءا بسواء !



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الحادي والخمسون : إنكار منكر الإمام باللسان خروج :

من أصولهم الفاسدة إطلاق لفظ الخارجي على من أنكر منكر الإمام باللسان ، وهذه كبيرة من الكبائر وعظيمة من العظائم ، لأن كلمة الحق عند الإمام الجائر من الجهاد كما قال صلى الله عليه وسلم : (( أعظم الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر )) [رواه أحمد في المسند 4\315] .

ولا يسمى خارجيا إلا إذا اعتقد كفر المسلم بالمعصية ، ورأى الخروج على الحاكم المسلم بالسيف فإن لم يخرج فهو من القعدة ، وهذا لا يجوز قتاله كعمران بن حطان وغيره ، وإن خرج بالسيف عليهم فهو خارجي ، وهو الذي يجب قتاله .

وأما الإنكار باللسان فقط دون تكفير المسلمين أو اعتقاد تخليد صاحب الكبيرة في النار أو الخروج عليهم بالسيف ، فلا يسمى مثل هذا خارجيا ، ومن سمى الداعي إلى الله الذي يقوم بالدعوة ويأمر بالقسط بين الناس خارجيا فهو ضال مبتدع مخالف لكلام رب العالمين وسنة سيد المرسلين ، وإجماع أمة المسلمين .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثاني والخمسون : لا أمر بمعروف إلا بإذن الإمام :

ولما أبطل هؤلاء بعض صور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فزعموا أنه لا أمر بمعروف ولا نهي عن منكر إلا بإذن الإمام ، بل قالوا إنه لا إنكار حتى بالجنان إلا بإذن السلطان !!

وهذا قول مخالف للقرآن والسنة والإجماع فقد قال تعالى : {إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون } [البقرة \ 159] .
وقال سبحانه وتعالى : ** وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون } [آل عمران \ 187] .

وقال صلى الله عليه وسلم : " من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار " [رواه داوود \ 3658] .
وكان مما أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم العهد على أصحابه ( وأن نقول بالحق حيث كنا لا نخاف في الله لومة لائم ) [رواه البخاري \ 7200] .



--------------------------------------------------------------------------------

الأصل الثالث والخمسون : آخر الأصول وأعظمها إفسادا :

وأخيرا فإن أعظم أصولهم فسادا هو جعلهم تعلم هذه الأصول الفاسدة أهم وأولى وأعظم من تعلم أصول العلم في سائر الفنون بل أولى من الانشغال بحفظ القرآن ودراسة السنة ..



--------------------------------------------------------------------------------
  • ملف العضو
  • معلومات
1ابو اسلام
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 24-11-2008
  • الدولة : الاغواط /الجزائر.
  • العمر : 50
  • المشاركات : 49
  • معدل تقييم المستوى :

    0

  • 1ابو اسلام is on a distinguished road
1ابو اسلام
عضو نشيط
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: محاربة الدين عن طريق السلفية
09-08-2013, 06:00 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة 1ابو اسلام مشاهدة المشاركة
اللهم عليك بأعداء الدين الذين يفرقون بين المسلمين متلبسين بالدين
اللهم آمين ...
وعيدك مبارك . وتقبل الله منك الصيام والقيام
  • ملف العضو
  • معلومات
الأمازيغي52
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 16-08-2009
  • الدولة : الجزائر
  • المشاركات : 2,347

  • وسام اول نوفمبر وسام التحرير 

  • معدل تقييم المستوى :

    19

  • الأمازيغي52 will become famous soon enough
الأمازيغي52
شروقي
رد: محاربة الدين عن طريق السلفية
09-08-2013, 09:29 PM
أكبر مطبات الجامية هي غايتهم في إرضاء الحاكم بدلا من رضاية الله .
شكرا للمهلهل على التنبيه لمخاطر الجامية .
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: محاربة الدين عن طريق السلفية
11-08-2013, 07:39 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الأمازيغي52 مشاهدة المشاركة
أكبر مطبات الجامية هي غايتهم في إرضاء الحاكم بدلا من رضاية الله .
شكرا للمهلهل على التنبيه لمخاطر الجامية .
لا شكر على واجب أخي الكريم ...
عادة هؤلاء لي أعناق النصوص لجعلها تتوافق و مآربهم حتى يطوعوا رقاب الرعية ...للحاكم أيا كان ...فنسأل الله لنا ولهم الهداية
  • ملف العضو
  • معلومات
hichemt
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 06-07-2009
  • المشاركات : 101
  • معدل تقييم المستوى :

    17

  • hichemt is on a distinguished road
hichemt
عضو فعال
رد: محاربة الدين عن طريق السلفية
16-08-2013, 11:12 PM
و أزيد على ما جاء به أخونا المهلهل في فضح جماعة الجراحة هاته بما كتبه أحد ضحايا تجريحهم و تصنيفهم الأعمى للدعاة و لان كان به نوع من الطول ولكنه يستحق القراءة لأهميته::
أسباب انهيار السلفية التجريحية - مختار الأخضر طيـباوي

الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، وبعد.....
إذ أكتب هذا المقال التي انتقد فيه سلفية يحسبها كثير من الشباب أنها تمثل السلف الصالح، و تحرس الشريعة الإسلامية، فإني أقصد بالذات أولئك الشباب الجامعيين و طلبة العلم الشرعي، ممن ركب الله فيهم عقولا صحيحة، و لهم ذهن سيال، قد دجنت هذه السلفية عقولهم بخطاب مغلوط ، و شعارات دينية محتلة، لا تمت لها بصلة وثيقة، أو توضع في غير موضعها، من وصف أهل الحق بالضلال و الزيغ و الفتنة ، و تغليف تأصيلاتها بشعارات:" السنة، و الحق، و الطائفة المنصورة و الفرقة الناجية، و السلف، و أهل السنة"، فينغلق عقل هذا الشباب، أو يحجز عليه فلا يستطيع التمييز، أو لا يتلقى من العلم ما يستطيع التمييز به بين منهج السنة الحقيقي، و بين منهج هؤلاء المركب من قواعد سنية ممزوجة بقواعد خارجية و تصرفات شخصية، وسوء فهم وترتيب للأدلة الشرعية، و بعد عن الواقع، و عجز عن فصل علمي واضح بين اجتهادات أئمة السنة والأصول الشرعية .
هذا المنهج الذي أدخل هؤلاء الشباب فيما يشبه العلمانية الدينية، و فصلهم عن الحياة الإسلامية العاملة، و قتل فيهم روح العمل للإسلام، و الدعوة إليه لا إلى الأشخاص ، فصاروا عقولا ساكنة عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لا تتحرك إلا لإيذاء العلماء و الدعاة، و قطع طريق الدعوة إلى الله أمامهم .
لأنه إذا انفردت الحياة عن الدين فسدت أحوال الناس، وقد صار هؤلاء الشباب بمعزل عن حقيقة الإيمان و كمال الدين، و صار الدين عندهم في محل رحمة، لا في محل علو وعز ،فلما غلب عليهم العجز عن تكميل الدين، و الجزع لما قد يصيبهم في إقامته من البلاء ضعفت طريقتهم في الدعوة إلا الله، و اقتصرت على تتبع أخطاء العلماء، أو افتعالها إن لم توجد ،لأنه لا شيء لهم يعملونه غير ذلك.
و إن غلب على بعضهم الحماس للدين، لكنهم أعرضوا عما لا يتم الدين إلا به من الجماعة الواعية العاملة لبسط الدين على حياة المسلمين برمتها.
فإلى هؤلاء الشباب ممن يملكون عقولا صحيحة، و نفوسا آبية، و فطرة سليمة أقول: ألا ترون مآسي هذه الجماعة، و كيف أصبحت الأمة تئن من خذلانها و شقها لصفوف أهل السنة ؟!
يلاحظ المتتبعون لأحوال السلفية التجريحية المتقلبة أنها في المدة الأخيرة دخلت في طور الاحتضار و التلاشي، فأصبح الحوار العلمي الصادر عنها حوارا داخليا في الصميم، وعندما أقول الحوار العلمي فإني أقصد حملات السب و الشتم و التجريح المتبادلة، و إن شابها شيء من العلم.
وقد بدأ هذا الانهيار يوم جعلت هذه السلفية مهمتها في الدين التطبيق الحرفي لمسألة هجر المبتدع و التحذير منه،و لا أقصد هنا المبتدع حسب معايير هذه السلفية، فهذا شأن آخر ، ولكن المبتدع وفق المعايير الشرعية، فبدلا من التضييق عليه بشغل المساحات الفكرية و الاجتماعية، و ما يتفرع عنها، التي ينشط فيها وحجزها لنفسه نظرا لاهتمامه بحياة الناس الواقعية، و اقتراحه البدائل لهم انسحبت السلفية التجريحية إلى مجال مطاردته فيما أصاب فيه، و أجاد في استعماله، كخطابه للمعاندين للدين، و مزاحمته العلمانية في مراكز نفوذها و نشاطها .
فالأفكار المعادية للدين أصبحت اليوم تجتاح المجتمعات الإسلامية، و تكتسح المجالات الحيوية للأمة، كالجامعات، مستعملة خطابا ملغما بشبهات المعتزلة و العقلانيين من المتكلمين، تزعزع به مكانة القرآن و السنة في نفوس المسلمين و عقولهم.
و إذا كنا نتفهم سبب إغفال هذه السلفية لهذا الخطر، و أن تكوينها العلمي، و أفقها المعرفي، وربما أحيانا بيئتها الضيقة، المتكونة من العناصر المشابهة لها، و المنقطعة عن العالم الخارجي عنها، و العاجزة كلية عن توجيه أي خطاب إسلامي موضوعي وصحيح لأي طبقة من طبقات المجتمع الثقافية أو الاجتماعية خارج جماعتها.
فمن يخاطب هؤلاء الناس الذين ليسوا علمانيين، ولا شيوعيين، ولا رافضة، و لكن فيهم الاستعداد لأن يصيروا من عناصر هذه الدعوات الباطلة؟!
ولكننا لا نتفهم هجومها على العلماء و الدعاة و المفكرين المسلمين الذين تنبهوا باكرا لهذا الوباء ، وكيف جعلتهم إما يرضون بتهميش أنفسهم، أو تضييع وقتهم في الرد على تفاهاتها ، و استفراغ الجهد في كشف حقيقتها.
فلم تفهم هذه السلفية، ولم تدرك وجه الاختلاف بين المبتدع في زمن السلف، وفي تصورهم، أي: المبتدع الذي لا يملك أي مسوغ شرعي على بدعته، ففي أقل أحواله هو أكبر سنا من بدعته في الأصول، وبين مبتدع هو ضحية و نتاج سنين وقرون من التأصيل لهذه البدع ،و تزيينها بالأدلة البدعية ذات الاشتباه الشرعي، أو هي من البدع العملية التي أفرزتها الأحاديث الضعيفة و الموضوعة، و التي لم يكن أصحابها أبدا محل هجر عند السلف.
فبدلا من إظهار السنة بالدعوة الجميلة التي تبرز محاسنها، و تفوقها في التأصيل و الأسلوب المعتمد على الملاطفة و الإقناع، و الذي يظهر باللزوم مساوئ البدعة و ضعف تأصيلها.
فبدلا من إثبات محاسن الشريعة، وما فيها من الأمر بمصالح العباد، وما ينفعهم من النهي عن مفاسدهم وما يضرهم، وأن الرسول الذي بعث بها بعث رحمة كما قال الله تعالى : ** وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ }.
ووصف نبيه بالرحمة فقال :** وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ} ** الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ }،راحت هذه السلفية تحاول إظهار مساوئ البدعة، و هذا خلط كبير إذ مساوئ البدعة لا تكشف محاسن السنة و لكن العكس صحيح.
ولما نفذ مخزون المعرضين للتجريح و الذم، أو قل لم يتضرر من هذا المنهج التجريحي المبتدعون الحقيقيون، لأنهم ينشطون في مساحات لا تنشط فيها هذه السلفية، و لا جمهورهم هو جمهورها.
قامت السلفية التجريحية بتعويض النقص بالتسلط على أبناء دعوتهم، و لذلك لم يتأثر بهذا المنهج إلا أهل السنة الذين شوهت صورتهم عند الموافق و المخالف.
ومن أبرز العلامات التي تدلك على بدعية هذا المنهج التجريحي التخريبي و أنه صورة مشوهة، و اختزال فاحش مخل لمنهج السلف، ما تعانيه هذه الجماعة من تآكل داخلي، فلم تعد تستهوي إلا الأحداث، ممن لا يعرف رأسه من قدميه في الدين، أو أصحاب المصالح من الفاشلين في العلم ، الذين يغطون عجزهم و تقصيرهم في حمل رسالة الإسلام إلى كل الآفاق الثقافية و الفكرية بابتغاء العنت لدعاة و علماء السنة العاملين بصدق.
فمنهج هؤلاء هو إفرازات لصفات نفسية تعتري شعورهم فتؤثر على فكرهم و تجعلهم يميلون دائما لناحية التعنت و التصلب،و لذلك لا يستهويهم من صنوف العلم إلا مقالات الطعن في فلان و كشف ضلالات علان، و لعل عداد المواقع الالكترونية يكشف لك عدد القراء لمثل هذه المقالات، و عدد قراء المقالات العلمية.
وهذا الأمر عرف قديما في الخوارج، و حتى تتحقق منه في القوم فإليك بعض أوجه التشابه، تفهم من خلالها أن القواعد المعمول بها في منهج هؤلاء أقصد قواعد الجرح و التعديل، هي قواعد الخوارج، و ليست قواعد أهل الحديث و السنة.
ومعلوم أن للخوارج عقيدة معروفة كما لهم منهج معروف في التعامل مع الأخطاء التي هي في نظرهم أخطاء، و يتسم هذا المنهج بالتسرع في الحكم بموجب الخطأ، و عدم اعتباره للاجتهاد و التأويل وعدم العلم، وغيرها من أعذار شرعية صحيحة.
كما أن علاقتهم ببعضهم البعض ينظمها التوجس من الإخوان، و الحذر منهم، و الكمين لبعضهم البعض، كأنهم لا همّ لهم إلا تصيّد الأخطاء، فهم دائما في استعداد لتلقفها ، و يتوقعونها في كل حين، لذلك عرفوا في التاريخ بسرعة الانشقاق و الانشطار، فكلما حدث فيهم موضوع علمي انقسموا إلى فرقتين أو ثلاث.
و اليوم نجد بعض من ينتسب للسلف قد أخذ بمنهجهم في إهدار حسنات المؤمنين و التركيز على أخطاء أهل العلم، أو بالأحرى تخطئتهم ولو كانوا مصيبين حتى يذعنوا لهم، و يستسلموا لهم، و لا يصدرون إلا عن رأيهم و أمرهم.
ولبيان أن منهج هذه السلفية الشاذة و المنحرفة عن منهج السلف الصالح أذكرـ كتبته سنة 2003م ـ بعض أوجه التشابه و المقاربة بينهم و بين الخوارج، نلمس من خلالها منهج هؤلاء الحقيقي، ومن أين استمدوه،
ـ يتعامل هؤلاء في العلم ومع الناس بكثير من القواعد الضعيفة يخرجونها في قالب السنة، وذلك بالتعبير عنها بألفاظ أهل السنة و الجماعة ومصطلحاتهم، وحتى تعرف ضررهم على الدعوة الإسلامية ، وتعرف أن الألفاظ إذا خالفت مدلولاتها لا تكون عنوانا للحق، ولا للسنة مهما كان الحال،فهذه بعض قواعدهم:
1 ـ يخلو فكرهم من الشرط والاستثناء حتى يظهر عليهم ذلك عمليا، فلا يقيدون أحكام التفسيق و التبديع و التحريم بالشروط و الموانع، فمتى صدر من المسلم قولا أو فعلا يخالفهم فسقوه و بدعوه.
ولهذا تجدهم لا يثبتون مرتبة ثالثة، فالناس عندهم إما سنيون و إما مبتدعون، أما سنيون وقعوا في بدعة أو مخالفة فلا.
و عليه، لا يقولون بالموازنة حتى عند الترجمة المطلقة كما يقول بها أئمة السنة قديما و حديثا لأنها قول ثالث ، ولا يفاضلون بين المخالفين لهم لأنه قول ثالث ،و لا يقولون بالمصلحة و المفسدة لأنه قول ثالث ،و كذلك الغلاة من الأمة كالخوارج الناس عندهم إما مؤمن و إما كافر.
كذلك لا يفرقون بين مرحلة و مرحلة، بين فترة وفترة، بسبب سوء فهمهم لقاعدة التبديع و التفسيق و التحريم و التكفير، فعندهم طاعة الرسول واجبة في جميع الأحوال و بدون شروط أو انتفاء موانع، أما أهل السنة فيعبر ابن تيمية عن منهجهم المأخوذ من الكتاب و السنة و الإجماع فيقول في(المجموع){71/19}: (( طاعة الرسول إنما تمكن مع العلم بما جاء به و القدرة على العمل به، فإذا ضعف العلم و القدرة صار الوقت و قت فترة في ذلك الأمر فكان و قت دعوة و نبوة في غيره.))
و ينعكس هذا على هذه الفئة فلا يفرقون في مسألة هجر المبتدعة و مقاطعتهم بين الفترة التي يكون فيها العلم بالسنة منتشرا و أهل السنة أقوياء، بيدهم الحكم والولايات و القضاء، وبين الفترة التي تكون فيها السنة مندرسة و أهلها مستضعفين ليس بأيديهم شيء كما صح عن الإمام أحمد و ابن تيمية و كما صح عن ابن عباس و علي بن أبي طالب في قصة ابن الكواء.
2 ـ يعتقدون أن من يخالفهم من العلماء العدول منحرف عن السنة اجتهادا أو بغير اجتهاد، و أحسن حالهم تخطئته إن كان كبيرا أو صاحب نفوذ.
3ـ اعتقادهم أن من خالفهم ولم يرجح ما رجحوا فقد ابتدع، فإن كان صغيرا أو ضعيفا لا سلطة له حطوا عليه و تعصبوا عليه ورموه بكل مصيبة، و إن كان من الأكابر تجاهلوه أو حطوا عليه في خاصتهم، أو تأولوا له إذا خفوا سطوته ..
4ـ يرتبون على تبديع المخالف أحكام الهجر و المقاطعة و التحذير و غير ذلك وهي عند أهل السنة متوقفة على شروط أخرى، ولا يصار إليها في كل حال، فيجعلون ما ابتدعوه من الأقوال المجملة دينا يوالون عليه و يعادون من أجله.
5 ـ عندهم المخالف مبتدع يجب مقاطعته و هجره و ذمه وعدم ذكر محاسنه، ، أما أن يكون سنيا سلفيا مخالفا مجتهدا أو مخطئا يرد عليه و يناظر، ويبين خطأه بدون أن يقاطع و يذم بإطلاق لقيام مصلحة معارضة لذلك فلا.
أو يكون سنيا أخطا في مسألة أو مسألتين فيرد عليه خطاه بدون أن يبدع و يحذر منه فلا.
6 ـ لا يقبلون التنازل عن الخلاف الفرعي لأجل الألفة و الوحدة، ولا يقولون بالمصلحة والمفسدة، و يتمسكون بالعمل الشرعي الواحد مهما كان، ولو كان في التمسك به ضياع أعمال شرعية عظيمة، و مصالح أكبر منه بكثير، ثم ينسبون ذلك للسلف.
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم ترك قتل المنافقين لأجل أمر معنوي ليس هو الألفة، وتنازل عن اسم الرسالة في صلح الحديبية وغير ذلك من أمثلة.
7 ـ يمتحنون الناس باسم السلفية و يعلقون عليه النجاة و الهلاك، ولا يتنازلون عن هذا الاسم ـ في الخطاب ـ إذا فرق الأمة و شتتها،ولو من أجل قبول الناس الحق و غير ذلك،فلا تجدهم يتعاملون بالأسماء الشرعية كمسلم ومؤمن،فهذا نادر جدا فيهم بل جل تعاملهم هو سلفي، مبتدع.
فإذا قلت لهم مثلا:هل يمكن أن يوجد سلفي يرتكب ذنوبا، فيشرب الدخان؟
يقول لك: لا أبدا هذا لا يكون، فهو في الحقيقة جعل السلفية مرتبة من مراتب الإيمان، ربما أعلى من رتبة الإحسان، فإذا سألته: ألا يوجد من السلفيين من ينمم، و من يكذب، و من لا يصل رحمه، ومن يتخلف عن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر،وغير ذلك من الذنوب؟ فكيف علقت النجاة و الهلاك على اسم السلفية؟
وبناء على مفهومهم للسلفية يجعلونها مذهب بعض أهل العلم، مما يستلزم أن عوام الأمة ليسوا من الفرقة الناجية، بل الفرقة الناجية طائفة من الناس لها مذهب دقيق في الدين في العقيدة و المنهج، أما السواد الأعظم فلا يجدون له مكانة في الفرقة الناجية، وعندما يعلقون الوعد العام و الوعيد العام على المعين، فالخطر الدامس قادم.
8 ـ لهم ورع من جنس الورع الفاسد الناشئ عن قلة العلم وفساد القصد، فالخوارج قتلوا ابن خباب و دفعوا بعد أن تشاجروا ثمن تمرة أكلها أحدهم، وقد سقطت من نخلة نصراني، فالواحد منهم يتورع أن يمشي حاسر الرأس، أو أن يراه الناس في غير زيه الرسمي، ولا يتورع أن يضلل أهل السنة، و يطعن في أعراض المسلمين بالكذب و البهتان، و أن يضلل الأبرياء، ويسب حتى الموتى أو يلعنهم ؟
قال أحدهم لصديق لي : الآن عرفت السلفية الحقيقية ،فقال له صديقي: ولم؟! فقال له: كنت سابقا أترحم على سيد قطب!
9ـ يقرؤون السنة يحسبونها لهم وهي عليهم، فتجدهم يلهجون بالسنة وهم أبعد الناس عن معرفتها، و أنا أدعوك إلى أن تقرأ كل رسائلهم في المنهج فحاول أن تجد فيها حديثا واحدا من أحاديثه صلى الله عليه وسلم في الرفق و الحلم و اللين، لا يجدون لها مكانا في منهجهم.
فلا تجد في مراجعهم النصوص التي تخالف هواهم، وهذا دليل آخر على بدعتهم ومجانبتهم لهدي النبي صلى الله عليه و سلم، فمثلهم مثل سائر الفرق الزائغة تأخذ بعض السنة فتجعلها ديدنها وتهمل البقية فلا تلتفت إليها، وهذا وجه آخر تظهر به المفارقة بينهم وبين السنة.
10 ـ مهاجمة أهل السنة و الجماعة خصوصا و المسلمين عموما، و تتبع عوراتهم شغلهم الشاغل، و يذرون المنصرين و العلمانيين و الزنادقة وغيرهم، فلا تجد لواحد منهم ردا على هؤلاء، و تجد له عشرات الردود على أهل السنة و الجماعة بل لهم المئات منها.
فإن ذكروا بعض هؤلاء فهو مجرد كلام بدون أدلة و لا حجج ولا جهد مبين، وهم من الأسباب غير المباشرة أو ذات التأثير العكسي لانتشار الأفكار الغالية في بعض الجماعات ، فعندما نحيد عن الموضوع ولا نخوض فيه بمصداقية، ولا نعمل على إزالة أسبابه يعتقد المخالف ضعف حجتنا فلا يعيرها أدنى اهتمام، فهؤلاء يعيشون في عالم و الناس في عالم آخر، و يظنون أن الناس سيلتفتون لتصنيفاتهم بمجرد أن يحذروا من الناس، فمتى لم يثبتوا مصداقيتهم و جدارتهم العلمية كيف يريدون من الناس أن يسمعوا لهم و يتبعوهم، بل الناس في الحقيقة يرونهم جهالا، لا يعرفون من دينهم إلا تقسيم الناس إلى سلفي بسلفيتهم ومبتدع.
11 ـ يعتدي بعضهم على بعض لأدنى المخالفة، ويؤذون المسلمين ويقولون: هذا غيرة على الحق و دفاعا عن السنة، و إنما هو تعد لحدود الله و ظلم لعباده وصد عن سبيله، ولهذا فأكبر علاماتهم أن أهل السنة و الجماعة منهم في تعب، و المبتدعين الحقيقيين العلمانيين و المنافقين و الظلمة الحقيقيين منهم في راحة، وهذا ضد ما نعت الله به المؤمنين حيث قال:{أشداء على الكفار رحماء بينهم }(الفتح)، و قال:{أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} (المائدة).
12 ـ لا يقولون بتفاضل المبتدعة، بل هم عندهم كلهم مبتدعة، يجب هجرهم و مقاطعتهم وعدم ذكر محاسنهم بحال، فعندهم المبتدع في الأحكام كالمبتدع في أصول الدين يعامل نفس المعاملة، و لذلك ينزلون نصوص السلف التي قالوها في الجهمية و المعتزلة على أهل السنة و الجماعة الذين يخالفونهم ، ولا يفرقون بين رؤوس البدعة و بين عوام أتباعهم من المقلدة الصرفة، و يعاملون الجميع نفس المعاملة ،و لذلك لا تجد في كتبهم هذا التفصيل، ثم ينسبون هذا للسلف الصالح، وهذا باطل من وجوه كثيرة، لأنه عند السلف المعتزلة خير من الرافضة و من الخوارج، لأن المعتزلة تقر بخلافة الخلفاء الأربع، ويتولون أبا بكر و عمر و عثمان، و جمهورهم يتولون عليا، ومنهم من يفضله على الصحابة، و إن كان فيهم من يفسقه أو يفسق أحد المقتتلين في وقعة الجمل، وهم يعظمون الذنوب و يتحرون الصدق، ولا يختلقون الكذب كالرافضة، و لا يرون اتخاذ دار غير دار الإسلام كالخوارج، ولهم كتب في تفسير القرآن و نصر الرسول، و لهم محاسن كثيرة يترجحون بها على الخوارج و الروافض، وهم قصدهم إثبات توحيد الله و رحمته و حكمته و صدقه و طاعته و أصولهم الخمس على هذه الصفات الخمس، لكنهم غلطوا في بعض ما قالوه في كل واحد من أصولهم الخمس (دقائق التفسير){144/2}.
و أهل السنة يفضلون مرجئة الفقهاء على غيرهم، ويعدون بدعتهم من بدع الأقوال وليست من بدع العقائد، و يفضلون الأشاعرة على سائر المتكلمين، ويشهدون بسينيتهم في بعض البلاد التي لا يوجد فيها من هو أفضل منهم ،ويعرفون قدر كثير من العلماء المنتسبين لهم ، وقدر ردودوهم على الشيعة و المعتزلة و الفلاسفة وقدر ملوكهم الذين حموا بيضة الإسلام ، و يفضلون صوفية الأعمال على صوفية الأقوال الحلولية والاتحادية.
13ـ لا يفرقون بين البدعة الصادرة من مسلمين مؤمنين معظمين للرسول و الصحابة، معظمين لكتاب الله ابتدعوها لجهلهم أو لاجتهاد سائغ، قصدوا بها طاعة الله فوقعوا فيها ، و لم يقصدوا بها مخالفة الرسول ولا محاداته، و بين بدع كالرفض و التجهم و الحلول مما كان مبدؤها من قوم منافقين مكذبين لما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم مبغضين له.
14 ـ كذلك لا يفرقون بين هؤلاء المكذبين للرسول، المبغضين لما جاء به، و بين قوم من أهل الخير و الإيمان من الصادقين، دخلوا في شيء من بدع هؤلاء، لان الحق التبس عليهم كمن قال بقول جهم في القدر، أو في غير ذلك، فيجعلونهم في سلة واحدة.
فأصلهم كأصل الخوارج جعلوا المسلمين كالمجرمين، و المتقين كالفجار، و المحبين للنبي صلى الله عليه و سلم كالمبغضين له، و المحبين المتولين للأئمة أمثال أحمد و سفيان ومالك و الشافعي و ابن تيمية و الذهبي كالمبغضين لهم، المخالفين لهم، المحتقرين لهم بلسان الحال أو لسان المقال.
15 ـ هم مع أهل السنة و الجماعة في عدم تكفير المبتدع و الفاسق، ومع الخوارج في إهدار حسناته، ففي الأسماء مع أهل السنة، و في الموازنة والحكم مع الخوارج، و إذا قدر أن فرقوا بين أنواع الموازنة في الكتابة فإنهم عمليا يذمون الموازنة بإطلاق، فإن زعموا أنهم سلفية في الأسماء و الأحكام التي تقتضي عند أهل السنة التفاضل، فإنهم لا يطردون هذه العقيدة في الموازنة، و الولاء و البراء، و الشدة و اللين.
16 ـ يسمون أنفسهم:"السلفية" و "أهل السنة" دون بقية أهل القبلة، و دون بقية أهل السنة و الجماعة، فيسمون من يخالفهم من أهل السنة و الجماعة بأسماء يختلقونها، كمتحزب و مميع و تكفيري وقطبي و غير ذلك، والسلف الصالح لم يكونوا ينكرون على المسلمين انتحال السنة و الجماعة، و لكن ينكرون عليهم مخالفة السنة و الجماعة، فلا ينكر على أحد من المسلمين التسمية بالاسم الشرعي لأنه مطلوب شرعا.
17 ـ علامة الغلاة كالخوارج و المعتزلة الاختلاف الشديد بينهم، و التكفير لبعضهم بعضا، قال ابن تيمية في (المجموع){52/4}: (( ففي المعتزلة من الاختلافات و تكفير بعضهم بعضا حتى يكفر التلميذ أستاذه من جنس ما بين الخوارج)).
قلت: وهؤلاء علامتهم الاختلاف، ففي كل يوم يختلفون فيما بينهم، و يبدعون بعضهم البعض، و يضللون بعضهم البعض، و الناس تعرف ذلك جيدا، فإن كان الرجل سنيا قد عرف حالهم تركهم لحالهم وانصرف عنهم.
18 ـ التعمق و التنطع في دعوى السنة، حتى يخرجون أقواما منها بالخطأ اليسير، أو بالتأويل الفاسد، و يطعنون في الناس بسبب المخالفة، وعلامة التنطع و التعمق إعطاء الأشياء الصغيرة قيمة فوق أصول الدين و أركانه، فمن يجعل موضوع السترة أو اللباس أو اللحية أو النشيد أصلا يوالي و يعادي من أجله فهو متنطع متعمق بلا شك، و الأخبار في هذا كثيرة لا يحتملها هذا المقال، ولا أريد أن أشينه بها.
ومن بدعهم اعتبار الإسبال علامة فارقة في المنهج السلفي، و كذلك الأخذ من اللحية، و تغطية الرأس!
19 ـ يحرمون ما أحل لله من نكاح المسلمات، فينهون عن نكاح من لم تكن مثلهم ليس على سبيل المعاقبة و سد الذريعة بل يجعلون تحريم نكاحهم حكما مؤبدا،ولهم في ذلك كلام مشهور في الإخوانية و التبليغية .... وهذا تحريم لما أحل الله، وهو نوع من الشرك به سبحانه و تعالى، قال الخطابي: ((أجمع علماء المسلمين على أن الخوارج مع ضلالتهم فرقة من فرق المسلمين و أجازوا منا كحتهم و أكل ذبائحهم و أنهم لا يكفرون ماداموا متمسكين بأصل الإسلام.)) (الفتح){300/12}.
20 ـ يستحلون الأعراض المحرمة بحجة الجرح و التعديل، و التعريف بحقيقة الرجال،و ما يسمونه علم الجرح و التعديل هو علم صياغة الإشاعة وطرق ترويجها .
21 ـ كذلك يتخذون زيا واحدا من اللباس، لا يخرجون عنه تعبدا وقربة ليس من قبيل العادة، قال ابن تيمية في ( الاستقامة){260/1}: (( ولاريب أن كثيرا من النساك و العباد و الزهاد قد يكون فيه شعبة من الخوارج، و إن كان مخالفا لهم في شعب أخرى، فلزوم زي معين من اللباس سواء كان مباحا أو كان مما يقال إنه مكروه، بحيث يجعل ذلك دينا و مستحبا و شعارا لأهل الدين، هو من البدع أيضا فكما أنه لا حرام إلا ما حرمه الله، فلا دين إلا ما شرعه الله)).
ونحن نعلم أن الله تعالى لم يحرم نكاح الإخوانية و التبليغية و الصوفية و الأشعرية، ولم يحرم لباس إلا القميص وما يشبهه، ولم يحرم الصلاة على موتى المسلمين، و الصلاة خلف أئمتهم، و إنما فعله السلف لأجل المصلحة و بضوابط، فالسني يقول: لا يصلي على المبتدعة الدعاة أهل الفضل من الأئمة عقوبة لهم، لا لأنه لا تجوز الرحمة لهم.
و هؤلاء يقولون : لا يصلى أحد على كل مبتدع، فلا يفرقون بين من يجوز له الامتناع من الصلاة عليه ومن لا يجوز له، ولا يفرقون بين المبتدع الداعية و مقلدته، فجعلوا أنفسهم أئمة يقتدى بهم، وهم في الحقيقة إذا امتنعوا عن الصلاة على أحد المسلمين لم يلحظهم أحد، لان المصلى يبقى ممتلئا فهم قلة و أقل من القليل، وحتى عندما يموت الناس لا تظهر عليهم الرحمة وطلب العذر وسؤال المغفرة للميت.
22 ـ ينتحلون اتباع أئمة السنة و يخالفونهم في المنهج، في كيفية الدعوة،فأئمة السنة يقولون باللين و الشدة، و هؤلاء يقولون بالشدة فقط، وأئمة السنة يفرقون بين أنواع المبتدعة في أخذ العلم و النظر في كتبهم، وهؤلاء يرون الكل شيئا واحدا، بل لا يقولون مثل هؤلاء الأئمة بالمصلحة و المفسدة في معاملة المبتدع، فلزم أنهم مخالفون لهؤلاء الأئمة في المنهج، قد خالفوا من ينتحلون إتباعه، فخابوا و خسروا لأنهم يذمون و يخالفون ما في سلفهم.
23 ـ الخوارج يأمرون و ينهون و يقاتلون المسلمين لإزالة الفتنة زعموا، وفعلهم أعظم الفتنة، و المرجئة ينكلون عن الأمر و النهي و القتال في سبيل الله القتال المشروع، الذي يكون به الدين كله لله، و تكون به كلمة الله هي العليا خوفا من الفتنة، وهم قد سقطوا في الفتنة.
وهؤلاء لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر إلا فيما اعتقدوه مخالفا لهم، أما فسق الأعمال و الظلم و الطغيان فلا يأمرون فيه بالمعروف ولا ينهون عنه خوف الفتنة زعموا.
و يهجرون ويقاطعون ويذمون و يحذرون من المسلمين عموما، ومن أهل السنة خصوصا طلبا للإزالة الفتنة زعموا، وعملهم هذا أعظم الفتنة، إذ لا يفرقون بين السني و المبتدع، ولا يفرقون بين البدع الظاهرة الواضحة المخالفة لأهل السنة و الجماعة، و بين مسائل الاجتهاد و الخلاف السائغ، و لا بين المعذور و غير المعذور، كما لا يفرقون بين زمن الدعوة و التعليم، وزمن المعاقبة و التأديب.
فدعوتهم لا يكون بها الدين الجامع، ولا تكون بها كلمة الله هي العليا، إذ ينكلون عن أمر الأقوياء و الولاة و التجار و الأصحاب بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، فالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر اقتصر عندهم على معاملة المبتدع، أما العقيدة و الأعمال و السلوك و الأخلاق و السياسة و الدعوة إلى الله، فليس عندهم فيها أمر بالمعروف ولا نهي عن المنكر، ولذلك يعادون كل قاص واعظ، ولو لم يعتمد الحكايات المكذوبة، ولم يدع إلى العقائد الباطلة.
24 ـ حقيقة دعوتهم الأمر بإتباعهم و بالتوبة إليهم، لا اتباع الرسول و التوبة إلى الله، و ينهون عن مخالفتهم، لا مخالفة الكتاب و السنة ..
25 ـ يزعمون زورا أن المبتدعة يلبسون على الناس بانتحال اتباع ابن تيمية و أحمد حتى يغروا الناس بقولهم وتنطلي عليهم بدعهم، وهذا باطل عظيم إذ لم يكن في يوم ما انتحال اتباع أحمد و ابن تيمية شعار المبتدعة، بل شعار المبتدعة إظهار بدعهم في قوالب السنة وذم الإمام أحمد و ابن تيمية تصريحا أو تلميحا، فيسمون الأشياء بتسميتها الشرعية و يقصدون بدعهم و باطلهم، فمتى كان ديدن الرجل الاستشهاد بأئمة السنة فهو سني قد يخطئ، ولكن لا يكون المبتدع أبدا ممن يداوم على الاستشهاد بأئمة السنة.
وعليه، يظهرون باطلهم في القوالب الشرعية، كأن ينسبون بدعهم للسلفية، وهذه بعض اللامحات قس عليها أعمالهم ، قال ابن القيم في (إغاثة اللهفان){81/2}: (( أخرج الظلمة الفجرة الظلم و العدوان في قالب السياسة و عقوبة الجناة **...}و أخرج الروافض الإلحاد و الكفر و القدح في سادات الصحابة وحزب رسول الله و أوليائه و أنصاره في قالب محبة أهل البيت و التعصب لهم وموالاتهم، و أخرجت الإباحية و فسقة المنتسبين إلى الفقر و التصوف بدعهم و شطحهم في قالب الفقر و الزهد و الأحوال و المعارف و محبة الله ونحو ذلك، و أخرجت الاتحادية أعظم الكفر و الإلحاد في قالب التوحيد و أن الوجود واحد{...} و أخرجت القدرية إنكار عموم قدرة الله تعالى على جميع الموجودات أفعالها و أعيانها في قالب العدل، وقالوا:لو كان الرب قادرا على أفعال عباده لزم أن يكون ظالما لهم، فاخرجوا تكذيبهم بالقدر في قالب العدل، و أخرجت الخوارج قتال الأئمة و الخروج عليهم بالسيف في قالب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
و اخرج أرباب البدع جميعهم بدعهم في قوالب متنوعة بحسب تلك البدع، فكل صاحب باطل لا يتمكن من ترويج باطله إلا بإخراجه في قالب حق.))
و أخرجوا باطلهم في تفريق المسلمين و تشتيت وحدتهم في قالب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، وهذه بدعة الخوارج ينكرون المنكر بما هو أنكر منه.
كما أخرجوا ظلم المسلمين و البغي عليهم و العدوان عليهم بالزيادة على القدر المشروع في المبتدعين، و إلحاق السنيين بالمبتدعين، في قالب منهج السلف الصالح في هجر المبتدعة، و السلف إنما يقولون بالهجر في موضعه و التأليف في موضعه، و الصحابة عاملوا صبيغا ومن هو مثله ثلاث معاملات مختلفة، و هؤلاء يريدون معاملتهم معاملة واحدة، وهي التي تتفق من نفسيتهم الحرورية و شدتهم الموسوية.
فهؤلاء الذين ينسبون أنفسهم لأهل السنة كاهل الباطل يخرجون باطلهم في قوالب شرعية، و يأتون بالأسماء الشرعية بصورها دون حقائقها و مقاصدها.
و الحمد لله وحده، و الصلاة و السلام على من لا نبيّ بعده، و السلام عليكم.
مختار الأخضر طيـباوي
التعديل الأخير تم بواسطة hichemt ; 18-08-2013 الساعة 09:51 PM
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: محاربة الدين عن طريق السلفية
21-08-2013, 03:30 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جود الكلمات مشاهدة المشاركة
السَّلامُ علَــــيْكُمُ

حسْبُنَا الله ونِعَمَّ الْوَكِــيــلْ

أسْتَغْفِرُ الله وأتُوبُ اليْه

و عليكم السلام .............
وحسبنا الله ونعم الوكيل في مرجئة العصر عبدة الطواغيت ..........
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
  • تاريخ التسجيل : 06-08-2007
  • المشاركات : 4,127
  • معدل تقييم المستوى :

    24

  • almohalhil will become famous soon enoughalmohalhil will become famous soon enough
الصورة الرمزية almohalhil
almohalhil
شروقي
رد: محاربة الدين عن طريق السلفية
21-08-2013, 03:33 PM
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hichemt مشاهدة المشاركة
و أزيد على ما جاء به أخونا المهلهل في فضح جماعة الجراحة هاته بما كتبه أحد ضحايا تجريحهم و تصنيفهم الأعمى للدعاة و لان كان به نوع من الطول ولكنه يستحق القراءة لأهميته::
[center][color="red"][size="5"][font="arial black"]
بارك الله فيك .....................وزادك الله من فضله ...
وسيبقى هذا الموضوع مرفوعا بحول الله وعونه ...لفضع الجامية والمداخلة مرجئة العصر قاتلهم الله .
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


الساعة الآن 07:27 PM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى