مشكلة المرأة...موضوع لم ينشر من قبل
29-03-2007, 09:59 PM
مشكلة المرأة


موضوع لم ينشر لمالك بن نبي رحمه الله
اعداد: عبدالله بوفولة
قبل الدخول في صلب الموضوع بقلة معرفتي، لأنني لست من حملة الأقلام، أو أصحاب العلم والمعرفة للخوض في هدا الموضوع الشائك المتشعب الجوانب، وانما أردت لفت نظر الاخوة المؤمنين الى خطورة ما يحاك ضد الاسلام حتى يكونوا على بينة من الامر، وخاصة في هده المدة الأخيرة حيث خرج هدا الموضوع من نطاق الحشمة والستر، الى شوارع الاباحية والأغلال والميوعة، ضاربا بالقيم الأخلاقية والآداب العامة والأعراف الانسانية عرض الحائط.
وبالتالي أصبحت القضية من الخطورة بمكان، وسكوت من يهمهم الأمر من الكتاب والمفكرين من دوي الاختصاص في هده القضية، جعلني أغامر بقلمي مقتحما مجال الكتابة في الموضوع، فادا أصبت، ودلك ما أرجوه فلي أجران، وادا أخطأت- ودلك ما أخشاه- فلي أجر واحد، وفي كل الحالات لا أريد الا وجه الله أولا، والحق ثانيا.
ان مشكلة المرأة أو قضية المرأة أو حريةالمرأة كما يحلو لبعض الناس تسميتها، وان كانت في الواقع شيء واحد، والتي أثيرت في الفكر الاسلامي المعاصر، لم تكن معروفة في مجتمعنا الاسلامي مند عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الى وقتنا الحاضر.
ولكي تكون الفكرة واضحة كما ينبغي، أرى لزاما علي أن أرجع الى أكبر عالم اجتماعي في الوطن العربي، وهو مؤسس علم الاجتماع، وأعني به ابن خلدون رحمه الله، ونحن نعرف دقته وحرصه في تصنيفه لنوع المشكلات الاجتماعية وطرحها بأسلوب علمي، فلم نر، ولم نجد أثرا في كتابه القيم” المقدمة” لم يعقد فيه فصلا عنوانه المرأة أو في شيء من هدا القبيل، وهدا دليل قاطع يبين لنا انه من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عصر ابن خلدون- خلال هده الفترة الزمنية ومدتها عشر قرون تقريبا- لم توجد ولم تعرف هده المشكلة اطلاقا في الفكر الاسلامي ولا في المجتمع الاسلامي، وهدا يغنينا عن كل دليل على أن الاسلام أتى وقدم الحلول لكل أنواع المشكلات المحتملة ان كانت هناك مشكلات لا قدر الله، وحياة سلفنا الصالح هي أكثر من حل وأكثر من نمودج وأكثر من برنامج وأكثر من منهاج اسلامي واضح المعالم والقيم لا يحتاج الى طعن أو شك أونظر…
ان المرأة على مدى التاريخ الاسلامي بداية من الولادة الى الوفاة: من زواج وطلاق وميراث وتعليم وكل ما يتعلق بحياتها الدنيوية والأخروية من حقوق وواجبات كبنت وكأخت وكزوجة وكأم وكجدة.. الخ، كل هذه الأمور الى عصر ابن خلدون لم تعرف مشكلا يذكر، والآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة واضحة في ذلك كل الوضوح لمن أراد البحث عن الحقيقة. ولكن حدث بعد ابن خلدون تطور غريب وذلك راجع الى اتصالنا بالحضارة الغربية واحتكاكنا بثقافتها وتقربنا منها وبالتدقيق منذ منتصف القرن الماضي - ليس شيئا واحدا- منها التطور الخطير في الفكر الغربي نفسه، وهو الشيء الدي يسمى بالفكرة الطبقية والتي يدين بها الغرب الى سيدهم ماركس في مؤتمر دولي سنة 1881م تحت الشعار الذي نقرأه بكل أسف مكتوبا فوق اللافتات التي ترفع بمناسبة عيد العمال بمناسبة فاتح يوليو، حتى في شوارع البلاد العربية والاسلامية” يا كادحي العالم اتحدوا” وكصدى لهذه الفكرة الانفصالية التخريبية، أتت فكرة أخرى:” يا نساء العالم اتحدن” اتحدن ضد من؟
الواقع أننا لا نملك الاجابة عن هذا السؤال؟…
وصلت هذه الفكرة الى المجتمع الاسلامي في أوائل هدا القرن وذلك مع صدور كتاب قاسم أمين في هذه الفترة بالذات معناه أن هناك تصورات اجتماعية وفكرية مهدت لهذا الكاتب الطريق ووضعت له أساسا اجتماعيا وفكريا صعد على منصته ليخاطب الضمير الاسلامي من خلال ذلك الكتاب المسهب. اذا كانت مشكلة المرأة وجدت صداها في أوروبا مع صدور ذلك الشعار المشار اليه أعلاه، وسط فئة النساء نظرا لما كانت تعانيه المرأة من المأساة والمعاناة التي يندى لها جبين الانسانية، فهذا يهمهم وحدهم ، فلنا ديننا ولهم دينهم. أما أن تصل الينا هذه الفكرة الخبيثة الهدامة للقيم والأخلاق، والممزقة لستر العفة والوقار، فلا علاقة لنا بها، ومن ثم فهي مرفوضة دينا واجتماعا وواقعا. فابالنسبة للاسلام، الأمر واضح لا يحتاج الى أكثر من دلك حيث بناء المجتمع المثالي، يبتدىء من الأسرة ، وكما ينطبق على الأسرة ينطبق على المجتمع عموما ، فادا كانت الأسرة تتكون من الجد والجدة والاب والأم والأخ والأخت والابن والبنت، وهي قابلة للتوسع بواسطة المصاهرة والزواج والنسل، لتشمل عدة أسر، كذلك المجتمع الانساني أو البشري هو بدوره يتكون من مجموعة هذه الاسر، وتدخل فيهما كل الشرائح والفئات الاجتماعية من القبيلة والعشيرة والقرية والمدينة، ويدخل ضمنها الغني والفقير والعالم والأمين والكبير والصغير والأمير والوزير.. الخ، ويلخص لنا ذلك الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم بقوله :{يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم} فاذا كان الاتحاد كما يقولون ضد الرأسمالية والاقطاع، واستغلال الانسان لأخيه الانسان، فنحن من جهتنا نؤيد هذا الى حد ما، لأن ديننا حرم استغلال الانسان لأخيه الانسان، وقال: “اعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه” وقال أيضا لينفي الطبقية والتمييز العنصري وازالتهما من المجتمع الاسلامي لكي يكون مجتمكعا تقيا نظيفا خاليا من كل الشوائب الجاهلية:” الناس سواسي كأسنان المشط لا فضل لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود الا بالتقوى كلكم من آدم وآدم من تراب” الأحاديث.
والطبقية صفة من صفات الجاهلية مارستها الشعوب قديما وهي معروفة عند الاغريق وعند العرب بما يسمى طبقة السادة وطبقة العبيد ولم يبق لها أثر يذكر وذلك عندما طلب سادة قريش وزعماؤهم من الرسول صلى الله عليه وسلم أن ينحي عن مجلسه الضعفاء والعبيد ويطردهم حتى يمكن أن يحضره الأشراف والعظماء لسماع القرآن عسى أن يهتدوا بهديه فيقول:” ما أنا بطارد المؤمنين” . فالإسلام لم يميز المرأة عن الرجل أو الرجل عن المرأة الا في بعض الوظائف، فكلاهما سواسية في منظورالاسلام، وقد ربطهما بقانون سماوي كي لا يكون الاجحاف من طرف أحدهما على الآخر، وقد أعطى للمرأة بعض الميزات المعنوية- وهي كثيرة التي لم يعطها للرجل، حيث قال صلى الله عليه وسلم” الجنة تحت اقدام الأمهات” وهذا التكريم العظيم هو عبارة عن وسام استحقاق من أرفع درجة التي تعطى أو تمنح لأحسن مخلوق قدم خدمة جليلة يستحق عليها المكانة والتقدير والتبجيل والاحترام والاعتراف، اذا فكل امرأة وصلت الى مرتبة الأم فهي معنية بهدا التكريم لا محالة، دون أن ننسى ما للأم من أهمية في تربية هذا الانسان بشطريه الرجل والمرأة ورعايتها لهما بالحب والحنان، ولذلك قيل:” كل عظيم وراءه امرأة”.
اذن فهجوم الغرب علينا واتهامنا بأننا نهضم حقوق المرأة، كلام يخرج عن المنطق السليم، ولكن المؤسف حقا، أن بعض هده الهجومات صدرت من ابناء جلدتنا، فذهب بهم التبجح الى القول بأننا نعامل المرأة بوحشية فتسربت هذه الأفكار في شكل مشكلة نظرية، أسموها مشكلة المرأة، تسربت من جهتين: من جهة كفكرة طبقية، ومن جهة كرد فعل اسلامي للدفاع عن الاسلام، فأردنا أن نبين الحقيقة بانحرافنا وخروجنا عن نطاق الأحكام الاسلامية، كأننا أردنا أن نبين للغرب أننا أمة متحضرة في مستوى الآخرين نلبس الماكسي واللميني كما يلبسون، لأننا أحرار فعلا. القضية في هده الصورة النظرية من ناحية كمشكلة فكرية، ومن ناحية أخرى كمشكلة اجتماعية، كتقليد وكمحاكاة لمجتمع متفوق علينا حضاريا نعترف له بهذا كما قال ابن خلدون: “من طبيعة المغلوب أنه مولوع باتلاع الغالب” وهدا التأثير له ايجابياته وسلبياته- ولكن هذا لا ينسينا كمؤمنين، يجب أن نراجع الفكرة لا في ضوء الحضارة الغربية، ولكن في ضوء القوانين والسنن الالهية التي تتصرف في مصير المجتمعات الانسانية حتى المجتمع الغربي نفسه لا المجتمع الاسلامي فقط. ادا قررنا وسلمنا بهده المقولة ان هناك مشكلة تسمى المرأة، يجب أيضا أن نقرر- من باب المنطق- ان هناك مشكلة أمامها تسمى مشكلة الرجل، وحينئد نقول أيها الرجال اتحدوا، كما قلنا أيها النساء اتحدن، ضد من؟ لسنا ندري؟…
القضية اذن من منطلقنا خطأ فظيع نظريا واجتماعيا (أعني فلسفيا واجتماعيا) في العالم بصفة عامة، وتقليدا في العالم الاسلامي بصفة خاصة، لا وجود لمشكلة اسمها مشكلة المرأة كما لا وجود لمشكلة اسمها مشكلة الرجل.
الواقع أن هناك مشكلة اسمها الانسان” بوجهيه الرجل والمرأة، ادا كان الرجل والمرأة يكونان فردين من الناحية العددية، فهما يكونان فردا واحدا من الناحية الاجتماعية لقوله تعالى:”ياأيها الناس اتقوا ربكم الدي خلقكم من نفس واحدة” أي رجل + امرأة= نفس واحدة (وهي الانسان).
يجب علينا كمؤمنين أن نعتمد على تراثنا لا نبرىء أنفسنا من هذا، حتى ولو انطلقنا من قيود ديننا وجربنا التحليل، وأردنا فقط أ ن نتكلم بموقف نظري بحت، نجد أنه ليست قضية المرأة تطرح من ناحية وقضية الرجل تطرح من ناحية أخرى، وانما هي الانسان من جميع الأوجه: وجه يسمى الرجل، ووجه يسمى المرأة، والآخر: الأم، والأب، والأخ، والأخت، والابن والبنت، والتي هي قضية واحدة، ولم تحل بشريطها اذا فصلناها، بل تعقد. فوحدة الانسانية التي يتكون منها المجتمع، لا يمكن أن تبنى من : رجل+ رجل +رجل الى ما لا نهاية، ولا من امرأة+ امرأة +امرأة الى ما لا نهاية انما الازدواجية لما تذوب وتنصهر في وحدة تسمى الانسان، أو الوحدة البشرية، والوحدة البشرية ليست واحدة كما هو في الأعداد الحسابية، الوحدة البشرية اثنان رجل + امرأة= انسان( وحدة بشرية) حتى من الناحية العلمية (الكيمياء والفيزياء) الوحدة أحيانا تعني شيئين، مثلا الماء الواحد ويعني شيئين، اذا حللناه أو مزقناه، وقلنا له: يا هيدروجين اخرج من ناحية، ويا أكسجين من ناحية، انتهى الماء وبالتالي نموت عطشا وتنعدم الحياة ؟ ؟ ؟
تم الاعتماد في كتابة هدا الموضوع على شريط مسجل ولم ينشر لأستادنا مالك بن نبي رحمه الله وأجزل له العطاء .
للامانة موضوع منقول من موقع *المفكر مالك بن نبي*
www.elkawader-dz.com