هل هناك منافاة بين التفسير العلمي والتفسير الغائي؟!؟
30-08-2015, 10:33 AM
كثيراً ما يقع الملاحدة بهذه المغالطة، ومفادها أن البشر قديماً كانوا يرجعون الظواهر الطبيعية لأسباب ميتافيزيقية لجهلهم بأسبابها العلمية، أما الآن فلا حاجة للتفسير الغائي بعد أن عرفنا التفسير العلمي السببي!! وبالتالي فلا حاجة إلى إله لأن العلم يفسر (أو سيفسر) لنا كل الظواهر الطبيعية.
لكن، هل حقاً التفسير العلمي السببي يلغي أو ينافي التفسير الغائي؟ في الحقيقة الجواب هو: لا! فالتفسيران العلمي والغائي يسيران جنباً إلى جنب ولا يلغي أحدهما الآخر.
ولنأخذ (الساعة) كمثال ... لو سأل أحدهم: "لماذا تدور عقارب الساعة؟" فالتفسير العلمي السببي هو أنها تدور بسبب وجود مسننات يدير أحدها المسنن الذي يليه وهناك مصدر للطاقة (كالبطارية مثلاً) يؤمن استمرارية العملية. أما التفسير الغائي فهو أنها تدور كي تخبرنا عن الوقت! فهل التفسير العلمي ينافي أو يناقض التفسير الغائي؟ طبعاً لا.
بل نزيد على ذلك فنقول: إن التفسير العلمي المجرد يبدو أحياناً سخيفاً إذا لم يلاحظ معه التفسير الغائي. فلو رأيت صديقك يركض في الشارع وسألته: "لماذا أنت مسرع؟" فلو أجابك بتفسير علمي وقال: "أنا مسرع لأن عضلات ساقي تتقلص وتتمدد بسرعة وضربات قلبي ازدادت ومعدل تنفسي ارتفع ... إلخ" سيبدو تفسيره سخيفاً وسطحياً. في حين أن التفسير الغائي أن يخبرك أن مسرع ليلحق الحافلة أو القطار مثلاً.
وفي أحيان كثيرة لا معنى للتفسير العلمي مجرداً من التفسير الغائي، فما معنى أن أصنع ساعة لتدور وتصرف طاقة دون أن يكون لها غاية في إخباري عن الوقت.