الدولة تتخلى عن دفع المنح العائلية
13-03-2016, 07:18 PM



سميرة بلعمري

رئيسة تحرير جريدة الشروق اليومي
ADVERTISEMENT
قررت الحكومة الفصل نهائيا في ملف المنح العائلية، وجعل دفعها على عاتق المؤسسات المستخدمة، بعد أن ظلت لسنوات ترجئ التنازل عن دفعها لهؤلاء وتتكفل نيابة عنهم الخزينة العمومية بدفعها بصفة سنوية ضمن الميزانيات السنوية التي تحملها قوانين المالية، هذا الإجراء سيشمل الشركات الأجنبية بصفة مبدئية على أن يعمم على جميع المؤسسات المستخدمة، وبذلك ستمكن الحكومة هذه الأخيرة من مراجعة قيمة المنحة العائلية، التي يفترض أن تخضع لنسبة نمو المؤسسة وربحيتها.
وضمن هذا السياق، أكد وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي في تصريح للشروق، أن الحكومة شرعت في الترتيب للانسحاب من مجال دفع المنح العائلية نيابة عن المؤسسات المستخدمة،مشيرا إلى أن الملف جاهز للفصل فيه ولا تنقصه سوى بعض الروتوشات الأخيرة، وقال "من غير المعقول أن يستمر الوضع على ماهو الحال عليه، فدفع الدولة للمنح العائلية نيابة عن المؤسسات المستخدمة يكلفها الكثير، ومن غير المنطقي أن تستمر الخزينة العمومية في تغطية أعباء المؤسسات المستخدمة، بما فيها مئات الشركات الأجنبية المتواجدة في الجزائر.
وأضاف الوزير "قرار تحويل دفع المنح على عاتق المؤسسات سيشمل في مرحلة أولى الشركات الأجنبية وبصفة مستعجلة، على أن يتم تعميمه على المؤسسات الوطنية في مرحلة لاحقة، وبعد وضع النقاط على الحروف في بعض التفاصيل، وفي وقت أشار إلى أن جدول أعمال لقاء الثلاثية المقررة بداية جوان القادم، لم يضبط بعد، لم يستبعد محدثنا طرح ملف المنح العائلية للنقاش، من باب أن الحكومة تنزع إلى جعل القرار يحمل الصبغة التشاورية، وهي التي سبق أن أجلته في الكثير من المرات لتحقيق المرونة في التفاوض مع أرباب العمل حول الاتفاقيات الجماعية التي أفضت الى زيادات في أجور القطاع الاقتصادي مسايرة للزيادات التي سجلها قطاع الوظيف العمومي.
بهذا الإجراء تكون الحكومة أضحت مقتنعة بضرورة عقلنة مصاريفها، وتخفيف العبء الحاصل على الخزينة العمومية، بسبب عشرات الملايير من الدينارات التي تخرج من حساباتها كتحويلات لتغطي المنح العائلية نيابة عن شركات أجنبية تحصد هوامش ربح مهولة دون أن تتحمل أعباء مؤسساتها.
وأفادت مصادر حكومية "للشروق" أن الجهاز التنفيذي تناول ملف المنح العائلية خلال عدة مجالس وزارية مشتركة واجتماعات للحكومة، ويكاد الملف ليعود ويطرح بقوة خلال كل إعداد لمشروع قانون مالية جديد، وإن كان النقاش يذهب في كل مرة في اتجاه ضرورة تحويل الملف للنقاش ضمن لقاءات الثلاثية وعدم الفصل في القرار بصفة انفرادية من خلال إدراجه بصفة رسمية ضمن التدابير التشريعية التي تقرها الحكومة.
وأوضحت مصادرنا أن قرار طرح ملف تحويل المنح العائلية للتفاوض مع أصحاب المؤسسات وأرباب العمل على مختلف مستوياتهم، جاء بعد الوقوف على الجوانب السلبية التي قد يثيرها القرار في حال أدرج بصفة قانونية وإلزامية ضمن تدابير مشروع قانون المالية، ومن بين الآثار السلبية التي يخشاها الجهاز التنفيذي، ويفضل الحصول على ضمانات بخصوصها هو عدم لجوء أرباب العمل الى تشغيل العزاب والنفور من تشغيل أرباب العائلات، وتفضل الحكومة لعب ورقة الامتيازات الممنوحة لصالح المؤسسات الخاصة التي تساهم في تطبيق إستراتيجية التشغيل للتفاوض مع أرباب العمل بخصوص ملف المنح العائلية.
الحكومة وحسب مصادرنا مستعجلة لتحرير الخزينة العمومية، من الأغلفة المالية التي تتحملها جراء تكفل الدولة بدفع المنح العائلية، خاصة وأن الأمر يتعلق بغلاف مالي كبير تصرفه نيابة عن شركات أجنبية وليس جزائرية فقط، فمن غير المعقول أن تدفع الدولة نيابة عن مئات الشركات الأجنبية المتواجدة بالجزائر على اختلاف جنسياتها المنح العائلية، في وقت تعد هذه الشركات الأجنبية هوامش ربح مهولة استطاعت أن تشغل المراتب الأولى في ترتيب الشركات الناجحة التي تسجل ربحية عالية، كما أن سياسة التقشف التي تبنتها الحكومة تلزمها بإسقاط كل الأعباء القائمة في الوقت الراهن على عاتقها.