وبخت نفسي أيما توبيخ...
30-03-2016, 05:21 PM
وبخت نفسي أيما توبيخ...

خدمت نحلا وصنت خليته . خلية من أكبر الخلايا وقتها’ قضيت ما يربو عن الأربعين عاما بأيامها ولياليها ’ بقرها وحرها ’ زمن ينعها ويوم حصاها ’ ما تأوهت ولا كل أصابني إلى أن جاء يوم كنت أطهر ما علا العرش من غبار’ وما ترسب وسرى تحته من بقايا اليابس من شوك الورد وما تناثر من أزهار’ فجأة أحسست بوخز في جنبي تحت إبطي من ذراعي الأيسر قرب الخافق النابض الذي تألم فثار....
وخز من جناح الملكة . وما جناح الملكة إلا حرير ناعم يُظل ويستظل تحته كل تائه رمته البلاد وعافه الأهل وتنكرت له الأمصار....
فلما علمت من أنه جناحها رفعت رأسي ونظرت مليا في وجهها البهي المشرق بالأنوار ثم ابتسمت إبتسامة اليتيم الفار من لهب صقر وحرارة النار ثم واصلت عملي ’ أنظف النظيف الظريف ’ الطاهر الشريف ’ أوَ ليس من بطنها يخرج ما فيه شفاء للناس؟أكيد هذا والمؤكد ذاك الذي أصاب كبدي من داء وبين يدي الدواء ..
قلت : نظرت فيها مبتسما وقلبي يتلوى إلتواء الحيات ’ وكبدي يعصر أما بصري فقد غطاه الدمع الحار المسبوغ بدمي الأحمر.......
وذات مساء من يوم وقبل أن تغيب شمسه ’عدت إلى المكان الذي يأويني والذي أطحن فيه أحلامي بأحجار جمعتها خلال مرحلة مرور أعوامي’ثم بعد رفع أذان المغرب أتناول طعامي بعد طول ضياء فأتحلل من صومي وصيامي’ وأنا وهذا الحال في سجال حول بغيتي ومرامي’ أأرتاح لأنام أم أصارع طيف الأوهام ؟ أم أسترخي قليلا ثم استعد للقيام
حيث بعده يحرم الطعام فإمساك عن الخوض فيما لا يجدي من الكلام اتجاه نقسك وباقي خلق الله من الأنام ...
نسيت أن أذكر المسافة بين العرش والقبو الذي أخنس فيه ’ وهي مسافة لا يزيد ذرعها عن خمسين ذراعا ’ فهو أقرب مني له ’ ولكن أثناء عودتي من ساحة الخلية إلى كهفي تعد المسافة بألاف السنين لا بالأمتار ’ هنا يتوقف الزمن ’ فلا تدري في أيهما أنت أليل سرمدي أو نهار أبدي ؟
وبخت نفسي أيما توبيخ’ ونهرت قلبي عشرات المرات ’ كما كويت كبدي بقبس من نبت جاف سبق وأن ارتوى من ينابيع الجفاء والعناد والشحناء فما زاده ذلك إلا إنكماشا وذلا حتى نزل به ما نزل فهو في حقيقته ميت مات منذ أزل....
أخذت بناصيتي فعصرتها عصرا ’ وأغلقت الأبواب والنوافذ لكي لا يراني أحد وأنا باك وثوبي قد قُد من دُبر فلا يصدقني بأنني بشر’ وهل أنا من البشر؟ كلا أنا حجر في واد قد هُجر’ أنا سيف في غمده لم يسل’ أنا اليتيم ابن اليتيمة يتضور جوعا وعطشا بحكم أمواج البحر.. أنا من ركب ظهور الأفاعي ولم يخش منها الغدر ’ لأنها ما جُبلت إلا على لدغ من أذاها ’ وما كنت يومها مؤذ أحدا حتى أشرفت على حافة القبر ’ الذي ولا بد من دخوله... هل عُلم ويُعلم حالي وتُستوعب فقها حروف مقالي ’ أم أنني أحرث في سباخ لا يرجى منها نبت أخضر...؟أم أنني هكذا بين فجوتين أتنقل منتظرطلوع الفجر ..؟.بان مركبي وتعب قلبي’ فلا مفر منك إلا إليك يا رب’ أنر دربي فقد أخلصت لك دعائي وحبي’ اللهم أشفني من وخز الإبر التي بجنبي..؟.