"تغريدة" فالس و"لوموند" مكرّر تهزّ العلاقات بين الجزائر وباريس!
16-04-2016, 05:49 AM

محمد مسلم

رئيس تحرير القسم السياسي بجريدة الشروق اليومي

لم تكد العلاقات الجزائرية الفرنسية، تتجاوز مشكلة إلا وسقطت في أخرى.. فالبلدان اليوم على مشارف أزمة جديدة، والسبب صورة الرئيس بوتفليقة التي نشرها الوزير الأول الفرنسي، مانويل فالس، عبر حسابه الخاص على "تويتر" غداة إنهائه الزيارة التي قادته إلى الجزائر.
وإلى حد الساعة، لا يزال المتابعون للعلاقات بين الجزائر وباريس، يقرؤون خلفيات ما قام به الرجل الثاني في هرم الجهاز التنفيذي في فرنسا، ويتساءلون إن كانت خطوة فالس مجرد فعل إعلامي لرجل سياسي رافق الثورة التكنولوجية في مجال الاتصال الإلكتروني، مجرد من أي توظيف أو حسابات سياسية فيها من الإساءة إلى رمز من رموز الدولة الجزائرية ومسؤول أبرز مؤسسة فيها؟ أم أن العملية مقصودة ولها خلفيات أخرى.

وعندما تخرج هيئة نقابية بحجم الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنتدى رؤساء المؤسسات، بموقف موحد يدين ما وصفاها "الحملة التي تتعرض لها بعض مؤسسات الجمهورية"، في إشارة إلى الرئيس بوتفليقة، وأكدا عدم السكوت على "الهجومات التي تتعرض لها السيادة الوطنية"، فإن ذلك يعني من بين ما يعنيه أن شيئا ما يحدث على مستوى العلاقات الجزائرية الفرنسية.

فالمركزية النقابية ومنتدى رؤساء المؤسسات لا يتحركان من فراغ، وخاصة في ظل الارتباطات الظاهرة والخفية التي تجمعهما بالسلطة وبرئاسة الجمهورية على وجه التحديد. وإن لم يتضح هدف سهام النقد التي تضمنها بيان الهيئتين، إلا أن القراءة المتأنية لا تسقط مانويل فالس من الحسابات.

وإن كان التحليل السطحي للبيان يظهر أن المستهدف هو الإعلام الفرنسي باعتباره هو من اشتغل بقوة على الصورة التي تضمنتها "تغريدة" فالس، وأعطى لها الكثير من الإيحاءات، إلا أن السلطات الفرنسية لا تبدو أنها في منآى عن الغضب الرسمي الجزائري، للعديد من الاعتبارات.

فإذا كانت حجج السلطات الفرنسية في تبرير ما قامت به "لوموند" بخصوص ورود اسم وزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب في تسريبات "بنما بايبرز" وكذا المنعطف الذي أخذته، ارتكزت على حرية الإعلام في فرنسا، وكذا عدم وجود أي سلطة للحكومة على الجريدة السالف ذكرها باعتبارها خاصة أو مستقلة، فإن ما نشره الموقع الرسمي للتلفزيون الفرنسي "فرانس تي في" أمس، بخصوص الوضع الصحي للرئيس، يدحض تملص الحكومة الفرنسية ويورطها في "التخلاط".

فـ"فرانس تي في" أورد جل المواضيع والمقالات الصحفية التي رسمت صورة سوداوية عن الوضع الصحي للرئيس ومن مصادر معروفة بمواقفها منه وإن كانت جزائرية، توجّهٌ يضع الحكومة الفرنسية في مأزق إزاء نظيرتها الجزائرية، لأن ما تحججت به في قضية "لوموند" لا ينسحب على ما نشرته "فرانس تي في" الممولة من قبل الحكومة الفرنسية، ومن ثم فإمكانية تدخل الحكومة لوقف ما نشر، كان ممكنا بحكم التبعية، ولو بدافع المصلحة العليا للدولة، كما تبرر عادة قرارات طغيان السياسة على الإعلام في الدول الغربية التي تدعي العراقة في الديمقراطية.

ومن سوء حظ العلاقات الجزائرية الفرنسية أن قضية أخرى عادت مجددا إلى الواجهة وبشكل مفاجئ، وهي قضية تيبحيرين، فقد يصل اليوم وفد يضم نحو 200 فرنسي إلى الجزائر، في مهمة لا تزال ألغازها غير مفككة، وما زاد هذه المهمة ريبة، هو دخول محامي عائلات الرهبان السبعة، باتريك بودوان، على الخط متهما السلطات الجزائرية، بـ"عدم التعاون بالصيغة المطلوبة مع المحققين الفرنسيين"، بحسب ما تضمنته يومية "لوباريزيان" أمس.