كمال لموي لـ"الشروق" دربت "الخضر" باطل.. لم أنهزم في أي مباراة لكن الصحافة "ذبحتني"
07-05-2016, 03:20 PM

حاوره: زهـير لشطب

يعتبر كمال لموي أحد أبرز اللاعبين والمدربين المميزين في الجزائر، فهو كلاعب شارك مع الخضر في باكورة مشاركاتهم في نهائيات كأس إفريقيا في دورة إثيوبيا 1968 وكمدرب مولودية الجزائر للتتويج بلقب البطولة 1978، وأشرف على الخضر من أكتوبر 1988 إلى أكتوبر 1989 ومعه لعب الخضر 17 مباراة حقق خلالها 7 انتصارات، 7 تعادلات و4 هزائم، علما وأنه لم يخسر في أي مواجهة رسمية، وعن هذه المسيرة الحافلة وأشياء أخرى كان لنا معه هذا الحوار:
البداية من الحدث الأخير وتتويج فريقك السابق مولودية الجزائر بالكأس أمام نصر حسين داي؟
سعدت كثيرا بتتويج فريقي السابق الذي لعبت له ودربته أيضا، وأعتبر الأمر منطقيا لأن المولودية فريق كبير ويستحق التتويج وإسعاد الأنصار، وهذا طبعا لا يقلل إطلاقا من ما قدمه فريق النصرية الذي هو الآخر مدرسة حقيقية ليست وليدة اليوم، وكابن للمولودية أهدي هذا التتويج لكل أبناء العميد الذين وافتهم المنية والذين سيظلون "أحياء" في قلوبنا.
في عام 1978 كنت مدربا للعميد ونلت لقب البطولة، ما الذي تتذكره من تلك الحقبة مع آيت موهوب وزنير وبن شيخ بوطروني وباشا وغيرهم...؟
أدينا وقتها موسما رائعا وصراحة مستوى البطولة وقتها كان راقيا، ورغم ذلك توجنا عن جدارة واستحقاق وكان ذلك بفضل التركيبة البشرية المميزة والانضباط الذي فرضته في قيادة المجموعة.
العميد نجح محليا مؤخرا، لكن مشاركاته القارية كانت مخيّبة، على غرار خسارته أمام ممثل النيجر نادي الساحل، ما تعليقك؟
المولودية فريق كبير وعلى مسؤوليها أن يضعوها في قالب الاحتراف الحقيقي من أجل استعادة هيبتها محليا وإقليميا وقارياّ، لكن للأسف فعندنا في كل الجزائر وليس في بيت العميد فقط الاحتراف مجرد كلام...
هل من توضيح...؟
لقد ولجنا عالم الاحتراف بالكلام فقط لأنه وبكل بساطة لا يوجد أي ناد في الرابطتين المحترفتين يملك مركز تكوين...ثم هل نملك ناديا واحدا يهتم بالتكوين ويضع الإمكانات الأساسية للأصناف الشابة...
وكيف تصف الدواء لهذا الداء ...؟
أطلب من رئيس الفاف بالعمل على رفع مستوى البطولة الذي هو في تدهور فظيع ودون روح، فصراحة أنا أتعجب بل وأتألم لأن منتخبنا سابقا كان مشكلا من 90 بالمئة من بطولتنا والبقية محترفين بالخارج، لكن اليوم انقلبت الأمور رأسا على عقب ونحو الأسوأ طبعا.
هل يمكنك عبر "الشروق" كتابة رسالة لروراوة...؟
السيد روراوة...أحترمك كشخص...لكنك كمسؤول يحق لي كلاعب ومدرب وطني سابق انتقادك، وأقول لك إنك أخطأت كثيرا من خلال إفراطك في الاعتماد على البضاعة المستوردة، وهذا رغم أن المادة الخام في الجزائر موجودة، لكن ينقصها الاهتمام فقط، وللأسف معك وصلنا لحالة اليأس، بالأمس بطولتنا كانت تنجب لاعبين وهي تفتقر للمال، واليوم تصرف ملايير يستفيد منها الانتهازيون أكثر من اللاعبين والمدربين مع مستوى تحت الصفر...أنت المسؤول الأول عن الكرة في الجزائر ومن واجبك إصلاح الوضع.
لكن الأندية لها مسؤوليها والفاف لا يد لها في برامجهم؟
مشكلة كرتنا أنها أصبحت في يد طفيليين لم يمارسوا الكرة، بل دخلوها لأجل تحقيق مصالحهم الخاصة، وأول ما يجب فعله للعودة لطريق الصواب هو إعادة الكرة لأهل الاختصاص.
لكن أهل الكرة هم من انسحبوا طوعا وتركوا المجال مفتوحا لهؤلاء...؟
انسحبوا لأنهم وجدوا أنفسهم غرباء في بيتهم...وهنا كل المسؤولية ألقيها على رئيس الفاف، روراوة الذي أطالبه بوضع حد لتجاهله للاعبين القدماء، خاصة وأنهم أفنوا شبابهم من أجل الألوان ودون تقاضي أي أموال، لكن وضعية الكثير منهم حاليا تدعو للحزن...
ماذا تقصد بالضبط...؟
روراوة كرس منطق تجاهل أهل الكرة، فهل يعقل أن أسطورة مثل حسن لالماس الذي صنع أفراح الكرة الجزائرية لا يجد اليوم حتى ثمن الدواء الذي يخفف عليه الآلام، والفاف التي تعيش بحبوحة مالية وتغدق على لاعبين لا يصلون لربع مستوى لالماس بالأموال، وهذا الأخير ولأنه يرفض الظهور الإعلامي أو مد يده يبقى يصارع ما ألم به في صمت...صراحة ما يحدث للاعب مثل لالماس وأمثاله كثيرون يعتبر وصمة عار في جبين الفاف.
هل يمكن القول إن انتقاداتك المتواصلة للفاف سببها ما حدث لك عندما كنت مدربا للخضر نهاية الثمانينات...؟
ما حدث لي أنا شخصيا أمر يدعو للدهشة، فخلال إشرافي على المنتخب الوطني من أكتوبر 1988 إلى أكتوبر 1989، لم أتعرض لأي هزيمة في مباراة رسمية، لكن لأجل تعادل أقاموا علي الدنيا ولم يقعدوها...
بالعودة لمباراتك الأخيرة ضد مصر في قسنطينة في الدور الأخير لتصفيات مونديال إيطاليا، ماذا حدث بالضبط ؟
كل ما حدث أننا لعبنا بطريقة هجومية محضة، وسطرنا على منافسنا من الدقيقة الأولى إلى صافرة النهاية، لكن الكرة رفضت ولوج مرمى الحارس شوبير وانتهت المباراة بالتعادل السلبي...
الكثير من المتتبعين آنذاك قالوا إنك تنازلت عن خط الوسط للمدرب المصري الراحل الجوهري ولعبت بـ6 مهاجمين، ما جعل المباراة تنتهي كما بدأت ؟
لا لا...في الواقع سبب عجزنا عن الوصول لهز شباك الفراعنة لم يكن لأسباب تكتيكية أو شيء من هذا القبيل، بل لأنه عند انطلاقة المباراة تهاطل مطر غزير على ملعب 17 جوان (حملاوي حاليا) ما أفقدنا الفاعلية رغم أننا سيطرنا على الخصم ولم نخرج من منطقته...
بعد المباراة هل كانت إقالة أم استقالة...؟
استقالة...والوزير الحالي حميد قرين شاهد على ذلك فقد كان معي بعد المباراة، ووقتها هرب كل المسؤولين وتركوني لوحدي مع اللاعبين لمجرد تعادل، وعندها طلبت من قرين الصحفي نشر خبر استقالتي وإحقاقا للحق فقد ترجاني للتراجع لكني تمسكت برأيي...
وما سبب إصرارك على الرحيل خاصة وأن إمكانية التدارك كانت واردة قياسا بالمشوار الرائع قبل ملاقاة الفراعنة في قسنطينة ؟
الضغوطات كانت رهيبة ووقتها الصحافة "ذبحتني"، ولأني كنت أعمل كمتطوع ولا أتقاضى أي شيء فقررت الانسحاب، وهذا حتى أريح نفسي وعائلتي من كل الضغوط، وما شجعني على ذلك هو هروب كل المسؤولين مباشرة بعد مباراة قسنطينة فهذا موقف لا أنساه ما حييت.
خلال تلك التصفيات لعبتم مواجهتي المجموعة في عنابة وفزتم على زمبابوي وكوت ديفوار، فمن المسؤول عن نقل مباراة مصر لقسنطينة ؟
أنا المسؤول عن هذا القرار الذي اتخذته لأني أؤمن بأن المنتخب ملك لكل الجزائريين ومعي لعب الخضر في بجاية وغليزان وتيارت، ولو كنا نملك ملعبا لائقا في أعماق صحرائنا لما ترددت في نقل المواجهات إلى هناك، لكن للأسف هبت الرياح عكس ما كنا نشتهي، فقد سطرت برنامجا أساسه تشبيب المنتخب لكن...
كمال لموي مدرب مشهور بالاعتماد على الشبان بدليل اكتشافك لموسى صايب، فما قصة ابن ثنية الحد معك؟
اعتمادي على الشبان اكتسبته من الذين سبقوني واكتشفوني في الشارع، وعندما كنت مدربا للنخبة الوطنية كان أحد أنصار الخضر لا يترك أي فرصة ليحدثني عن شاب صغير وموهوب من ثنية الحد، ومع كثرة إلحاحه طلبت منه أن يحضره لأحد التربصات لمعاينته دون أن يخبر أحدا، وعندما رأيته لأول مرة وجدته شابا خجولا فطلبت منه الاندماج مع المجموعة كأنه يتدرب من أجل التدرب فقط، خاصة وأنه لم يكن يعرفه أحد ومع مرور الوقت اقترب مني قائد الفريق آنذاك رابح ماجر، وأكد لي بأنه شاب موهوب ويحسن اللعب جيدا فقررت وضعه في التشكيل الأساسي عند استقبالنا لمنتخب زيمبابوي بعنابة ويومها أدى مباراة كبيرة وخرج للأضواء...
شريف الوزاني قال لنا في حوار سابق بأنك كنت تضغط عليه كثيرا، ما جعله يغادر تربص الخضر قبل مباراة مصر ؟
سي الطاهر لاعب ممتاز هذا أمر لا اختلاف عليه، لكن أنا أحب فرض الانضباط ولا أتساهل مع أي لاعب، وهو أخطأ وقتها وتحمل مسؤولية خطئه...
وفيما يتمثل هذا الخطأ...؟
لا داعي للعودة للماضي...فهو يدري ما فعله، وأنا أشهد بأنه لاعب "عاقل" وليس طائشا، وما قام به هو مجرد غلطة صغر ليس إلا، أي كان معرض لها...
لو نطلب منك أن ترسل له برقية عبر الشروق فماذا تقول له فيها...؟
يا شريف الوزاني...أنا أتابعك في مهنتك كمدرب وأسعد لانتصاراتك ولا أحقد عليك أو على أي لاعب آخر، ونجاحاتك تسعدني وأكثر من ذلك أعتبر نفسي مساهما فيها، لأني دربتك في فترة ما، وأتمنى أن نلتقي في ساعة سعيدة...تحياتي.
في نهاية الثمانينات كانت بطولتنا تزخر بغابة من أصحاب الرقم 10 كعجيسة، بوكار، مايدي.. بوكار التي تخفيها شجرة بلومي، وأنت متهم بأنك منحت الفرصة مرة واحدة فقط لقطاي ضد كوت ديفوار فقط لكسب الجمهور العنابي...ما ردك؟
أنا برئ من هذه التهمة لأني أتعامل مع اللاعبين جميعا بعقلية واحدة، وقطاي لاعب موهوب وقد منحته فرصة اللعب مرة واحدة فقط كأساسي في مباراة رسمية لأنه لاعب نادي ويختفي في المنتخب..
ما حكاية مصالحتك للثنائي الذهبي آنذاك بلومي وماجر...؟
أولا يجب التأكيد على أن بلومي وماجر...وبقية أفراد جيلهما قدموا الكثير للكرة الجزائرية ودون مقابل، وثانيا بينهما لم يكن أي خلاف، لكن بعض الأطراف حاولت زرع الفتنة بينهما، وأذكر أني طلبت من الفاف استدعاء بلومي بعد وصول وفد الخضر إلى السويد، وقد شددت على ضرورة التكتم على الأمر وعدم إعلام الصحافة ويوم وصول بلومي أصريت على التنقل لاستقباله في المطار رفقة ماجر الذي لم يرفض، وأكد لي أنه لا يوجد أي مشكل بينه وبين بلومي، وقد طلبت منهما أن يعانقا بعضهما وفي حال غضب أي منهما من الآخر فسيكون مصيرهما الطرد من المنتخب، والتقطت معهما صورة لا أزال أحتفظ بها إلى اليوم، والحق يقال كانا في قمة الأدب وبفضل خبرتهما فزنا في زيمبابوي برأسية من ماجر بعد فتحة متقنة من بلومي...
بعد مغادرتك للخضر انتقلت إلى ليبيا وتألقت مع اتحاد طرابلس...؟
الليبيون كانوا ينتظرون نهاية مشواري مع الخضر للاستفادة من خبرتي، وبعد استقالتي من الخضر اتصلوا بي عن طريق بعض الأصدقاء وعرضوا علي تدريب أقوى نادي ليبي في تلك الفترة فاشترطت منحي كل الصلاحيات، وقد اعتمدت على سياسة التشبيب وكان آنذاك أبوبكر باني أكبر وأقوى لاعب في التشكيلة، لكن هاجس الإصابات أبعده عن الملاعب وأنا من أدخلته لعالم التدريب، حيث عمل مساعدا لي وحققنا انجازات بالجملة...
ألم تتحدث مع باني عن تعمد كسره لبلومي...؟
باني إنسان رائع وكنت دوما أدعوه لزيارة الجزائر والالتقاء ببلومي...
كنت تظهر وقتها كثيرا في التلفزيون الليبي، وعند حديثك عن تأخر الكرة في ليبيا تم قطع الإرسال...هل تذكر هذه الحادثة؟
(يضحك مطولا)...وهل هذه الحادثة تنسى، فعلا وقد كان ذلك بإيعاز من أتباع القذافي الذين اعتبروا حديثي في كون الكرة الجزائرية أكثر تطورا من نظيرتها الليبية كلاما سياسيا خطيرا فقطعوا الإرسال...وقتها اقتنعت بضرورة العودة لبلدي لأني أصلا لا أتحدث في السياسة، لكن عندما "سيسوا" كلامي الرياضي تأكدت من أنه لم يبق لي أي مجال للبقاء...
هل من كلمة عن المنتخب الحالي...؟
لن أكذب عليكم أو على الناس...لم أعد أرغب في متابعة المنتخب الوطني، لكن هذا لا يمنعني من تقديم كل تشكراتي للاعبين الحاليين مع دعواتي لهم بالمزيد من النجاح والتألق...
بم توّد أن نختم هذا الحوار...؟
أتمنى إعادة لم شمل العائلة الكروية للاستفادة من أصحاب الخبرات، لأن هذا الأمر كفيل بدفع عجلة كرتنا للأمام، وليس لأني تحدثت معكم عن روراوة بصراحة سيتواصل إقصائي أو يزداد حدة...وشكرا للشروق على هذا الحوار.