هذا الكون المحيِّر: البداية و النهاية.
24-10-2017, 11:41 AM
إذا تأملنا السماء، في ليلة صافية غاب عنها القمر، نرى نحو ثلاثة آلاف نجم، تلمع كالمجوهرات النفيسة في السماء، مع ذلك فنحن لا نرى سوى النجوم الأشد لمعاناً بالعين المجرّدة.
النجوم أجرام ضخمة، والشمس ليست إلا نجماً متوسط الحجم، يزيد حجمها مليون و ثلاثمئة ألف ضعف تقريبا عن حجم الأرض، و في الكون نجوم عملاقة قطرها يزيد على ما يملأ الفراغ بين الأرض والشمس، فمن النجوم ما يفوق حجمه ملايين المرات حجم الشمس، بينما يقل حجم أصغر النجوم عن حجم الأرض.
تبعد الشمس حوالي 150 مليون كم من الأرض، أمَّا أقرب نجم للشمس، واسمه (قنطورس القريب- Proxima Centauri )، الذي يبدو للناظر بالعين المجردة بحجم رأس الدبوس؛ فهو يبعد حوالي 47 ألف مليار كم من الأرض وتحتاج أسرع مركبات الدفع النفاث إلى مليون سنة لتصل إليه لكن حتى هذه المسافة الكبيرة ما هي إلا واحد من مليار جزء من المسافة إلى أبعد نجم في الكون.
يقيس علماء الفلك المسافة بين النجوم بوحدة تسمى السنة الضوئية؛ و هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة و تبلغ 9500 مليار كيلومتر، فقنطورس القريب على سبيل المثال، يبعد 4.3 سنة ضوئية، وبعض النجوم في مجرة ـ درب التبانة تبعد 80.000 سنة ضوئية عن الأرض.
تتجمع مليارات النجوم عادة في ما يسمى بالمجرات أو الجزر الكونية. تقع الشمس و كواكبها في مجرتنا المسماة ب (درب التبانة- Milky Way) في حين أن أقرب جاراتها مجرة تبعد عنها عشرين ألف سنة ضوئية.
النجوم أجرام ضخمة، والشمس ليست إلا نجماً متوسط الحجم، يزيد حجمها مليون و ثلاثمئة ألف ضعف تقريبا عن حجم الأرض، و في الكون نجوم عملاقة قطرها يزيد على ما يملأ الفراغ بين الأرض والشمس، فمن النجوم ما يفوق حجمه ملايين المرات حجم الشمس، بينما يقل حجم أصغر النجوم عن حجم الأرض.
تبعد الشمس حوالي 150 مليون كم من الأرض، أمَّا أقرب نجم للشمس، واسمه (قنطورس القريب- Proxima Centauri )، الذي يبدو للناظر بالعين المجردة بحجم رأس الدبوس؛ فهو يبعد حوالي 47 ألف مليار كم من الأرض وتحتاج أسرع مركبات الدفع النفاث إلى مليون سنة لتصل إليه لكن حتى هذه المسافة الكبيرة ما هي إلا واحد من مليار جزء من المسافة إلى أبعد نجم في الكون.
يقيس علماء الفلك المسافة بين النجوم بوحدة تسمى السنة الضوئية؛ و هي المسافة التي يقطعها الضوء خلال سنة و تبلغ 9500 مليار كيلومتر، فقنطورس القريب على سبيل المثال، يبعد 4.3 سنة ضوئية، وبعض النجوم في مجرة ـ درب التبانة تبعد 80.000 سنة ضوئية عن الأرض.
تتجمع مليارات النجوم عادة في ما يسمى بالمجرات أو الجزر الكونية. تقع الشمس و كواكبها في مجرتنا المسماة ب (درب التبانة- Milky Way) في حين أن أقرب جاراتها مجرة تبعد عنها عشرين ألف سنة ضوئية.
مجرة درب التبانة و موقع النظام الشمسي و الأرض فيها
في السماء أيضا كواكب يزيد عددها كثيرا عن عدد النجوم. تختلف النجوم عن الكواكب في أن الأولى تبث الحرارة و الضوء بتأثير التفاعلات النووية التي تجري داخلها، بينما الكواكب كالأرض ما هي إلا كتل مادية باردة تستمد الحرارة و الضوء من النجوم التي تدور حولها. إذا أردنا أن نعرف عدد الكواكب في الكون كله يجب معرفة عدد النجوم أو الشموس مثل شمسنا التي يدور حولها كوكب الأرض و عدد المجرات مثل مجرة درب التبانة التي يوجد فيها كوكب الأرض و الشمس و ما يدور حولها من كواكب … و قد استطاع العلماء عن طريق التليسكوبات العملاقة المتطورة رصد آلاف الملايين من المجرات وصل عددها التقريبي إلى 100 مليار مجرة في الكون كله مع الأخذ بالاعتبار أن هذا الرقم قابل للتضاعف في حال تطورت التكنولوجيا الخاصة برصد الفضاء... يقدر العلماء عدد النجوم في مجرة درب التبانة وهي مجرة متوسطة الحجم بأكثر من 200 مليار نجم فإذا حسبنا متوسط 200 مليار نجم في عدد المجرات في الكون و هو حوالي 100 مليار مجرة و افترضنا أن لكل نجم عدد من توابعه التي سميناها الكواكب نجد أن الحاصل سيكون رقما هائلا يصعب تصوره … لكن ما يهمنا أكثر هو معرفة عدد الكواكب المشابهة لكوكب الأرض في الكون و التي تصلح للاستيطان من قبل البشر.
إن متوسط عدد الكواكب المشابهة لكوكب الأرض في مجرتنا وحدها حوالي 8 مليار كوكب تدور في مواقع حول نجوم مشابهه لشمسنا و تسمح بحياة مماثلة للحياة على الأرض، فليس من المستجيل أن نتوقع وجود مليارات من الكواكب الشبيهة بها.
كيف ولد و كيف تطور هذا الكون المحيّر، و إلى أين سينتهي و كيف؟ نعرف اليوم ثلاث نظريات تتصدى لهذه الأسئلة الكبرى بالبحث و التمحيص، إن الإجابة النهائية على هذه الأسئلة قد تكون غير ممكنة، على الأقل في عصرنا هذا، لكنها تفتح باب الإجابة على الكثير من المعضلات الفكرية و الفلسفية التي حيرت العقول.
1- النظرية الأولى: تسمى نظرية (الانفجار الأعظم – The Big Bang Theory) أو الفلق الأكبر؛ تفترض هذه النظرية أن الكون بكامله، كان، ولنقل منذ حوالي (13.7) مليار سنة أرضية مُرَكّزاً في نقطة مادية واحدة، يسميها البعض ذرة التكوين الأولى (Primeval Atom)، أو (الإيلم – YLEM)، اشتقاقاً من الكلمة اللاتينية التي تعني: عجينة التكوين أو المادة الأولى التي صنع منها الكون، وفجأة، ولأسباب لا نعرفها، انفلق (الإيلم) في أعظم (انفجار) يمكن تصوره، فاندفعت أشلاؤه في جميع الاتجاهات بسرعة هائلة تكاد تبلغ سرعة الضوء، هذه الأشلاء بردت بعد الانفجار لتشكل ما نعرفه اليوم من أجرام سماوية مازالت تندفع متباعدة عن بعضها ومسرعة في الفضاء؛ هذا التباعد هو الذي يدعى بتوسع الكون، ويستدل عليه من دراسة أطياف الضوء التي تبثها النجوم، وكلما استطعنا رصد مسافات كونية أبعد باستخدام أجهزة الرصد الحديثة وجدنا أن سرعة تباعد الأجرام السماوية أكبر، الأمر الذي يعطي دليلاً إضافياً على صحة هذه النظرية.
تمدد الكون وفق نظرية الانفجار الأعظم
لا يستطيع أصحاب النظرية تحليل ما حدث قبل لحظة الانفجار أو أثناءها، إنما و بعد أقل من جزء من مليون من الثانية، غلب على التشكيل الرئيسي لمادة الكون مزيج من البروتونات والإلكترونات والنيترونات مع أضدادها المادية، وأدى استمرار انخفاض درجة الحرارة إلى تفسخ الجسيمات المضادة، كضد الإلكترون وضد البروتون وضد النيوترون، وانتهى ذلك التفسخ في الثانية الأولى من عمر الكون.
بتواصل انخفاض درجة الحرارة وتبدد الطاقة الحرارية، لم تعد الحركة الحرة للبروتونات و النيترونات ممكنة، فانضمت لتشكل نوى الهليوم، بينما شكل الفائض من البروتونات نوى العنصر الأكثر انتشاراً في الكون: الهيدروجين. بعد دقائق معدودة توقف تشكل نوى العناصر الخفيفة كالهيدروجين والهليوم. اتسمت الفترة التالية من عمر الكون ببطء شديد في هبوط درجة الحرارة، واقتضى الأمر مرور مئة ألف سنة قبل أن تصل درجة حرارة الكون إلى عشرة آلاف درجة مئوية، وبعد ذلك فقط تحركت الالكترونات، ملتحقة بالنوى الهيدروجينية لتشكل ذرات الهيدروجين، لقد حدد تشكل تلك الذرات مَعْلماً هاماً في تاريخ الكون، فحين ذاك تميزت المادة وتجسدت وانفصلت بشكل واضح عن إشعاع الطاقة، وبظهور المادة أصبح الكون شفافاً للضوء، أي تمكن رؤيته.
2- النظرية الثانية تسمى نظرية الحالة المستقرة (Steady State Theory)، تعتبر أن الكون أبدي، لا بداية له ولانهاية، تفنى فيه بعض النجوم وحتى المجرات، فتولد غيرها من جديد في سلسلة دائمة لا تنقطع.
في الواقع تتوفر كمية كبيرة من الهيدروجين في الكون يعتبرها العلماء المادة الأولية اللازمة لصنع نجوم جديدة كل يوم، لكن الهيدروجين، المتوفر، بالرغم من ضخامة كميته لا يكفي لتعويض ما يفنى من نجوم وفق هذه النظرية، إنها تتطلب وجود كمية إضافية بسيطة فقط من الهيدروجين لتكتمل مقوماتها، لكن هذه الكمية الإضافية، مهما كانت ضئيلة، لابد أن تأتي من مكان ما، فإذا افترضنا أن النظرية صحيحة، فلابد من أن نجزم بوجود مكان أو كون آخر يأتي منه الهيدروجين الإضافي اللازم.
3. النظرية الثالثة: تقول بأن الكون كما بدأ سيعود فيتكوُّر على نفسه في نقطة (الإيلم-YLEM) من جديد مما سيؤدي إلى ارتفاع درجة حرارته إلى حدود خارقة ليدخل في حالة انفجار أعظم و لتتكرر عملية إعادة خلق الأكوان إلى ما لا نهاية، تسمى هذه النظرية بنظرية الكون النواس أو المتأرجح (Oscillating Universe Theory).
الكون المتأرجح بين الانفجار و التكوُّر إلى ما لا نهاية
هل هذا كل شيء؟ بالطبع لا، فكما عودنا العلم دائما على أن نُصبح على جديد كل يوم، فقد بينت المشاهدات و الأبحاث الكونية في العقدين الأخيرين أن جميع هذه النظريات التي تفسر نشأة الكون بحاجة إلى إعادة نظر، فلنتابع.
لقد كان الاعتقاد السائد أن حركة المجرات هي حركة عشوائية كما هو الحال في حركة جزيئات الغاز ولكن في عام 1929 اكتشف (إدوين هابل) أن المجرات تتباعد بشكل مستمر و بسرعة هائلة، و وجد أن سرعة التباعد هذه تتناسب طردا مع المسافة التي تفصل بينها، وهذا يعني أن الكون في توسع وتمدد مستمر، و في عام 1998 فوجئ العلماء بكشف غير متوقع غيَّر نظرتهم إلى الكون بالكامل، لقد وجدوا أن المجرات يزداد تسارعها كلما ابتعدت عن مركز الكون، فكيف ذلك؟ نضرب مثلا من تجاربنا اليومية للتوضيح: عندما نرمي كرة إلى الأعلى فإنها تنطلق مسرعة في البداية، ثم تتناقص سرعتها بالتدريج ثم تنعدم حركتها تماما فتعود لتهوي مسرعة إلى الأرض من جديد، لكن ما رآه العلماء الآن هو العكس تماما: إن الأجرام البعيدة يزداد تسارعها كلما كانت أكثر بعدا عن مركز الكون، و لو تابعنا رصدها إلى حافة الكون المرئي (أي إلى أكثر من 13 مليار سنة ضوئية) لوجدناها تحلق مبتعدة بسرعة خارقة تكاد تبلغ سرعة الضوء، فما الذي يجري؟؟ و ما الذي يدفع هذه النجوم و المجرات بعيدا بمثل هذه القوة الهائلة؟ لقد وجد علماء القرن الحادي و العشرين أنفسهم بعد كل هذا التطور الهائل في الإمكانيات العلمية والتكنولوجية في حيرة من هذا اللغز، فلا بد من وجود قوة كونية تتفوق على قوة الجاذبية بل و تدفع الأجرام السماوية للتباعد عن بعضها بقوة خارقة، يسمي العلماء هذه القوة اليوم بالطاقة المظلمة (Dark Energy)، لقد تبين أننا لم نكن نرى من الكون بمراصدنا و مناظيرنا الفلكية، التي تعتمد أعظم تكنولوجيا عرفها التاريخ تطورا، لم نكن نرى أكثر من 4% فقط، منها 4. % مادة نجومية و 3.6% غبار كوني يتوزع في السماء بين النجوم و المجرات، و يشكل مجموع هاتين النسبتين "المادة المرئية"، أما الطاقة المظلمة، فيعتقد أنها تشكل ما نسبته حوالي 74% من الكون المادي، و قد عُرفت المادة المظلمة قبلها ببضع سنوات و هي مادة لا تتفاعل مع الضوء لتصبح مرئية و تشكل حوالي 22% الباقية من الكون المادي[1]، كما يبين الشكل التالي:
النسب المئوية لكمية المادة في الكون
يعتبر العلماء الطاقة المظلمة إحدى الخصائص المميزة للفضاء الكوني، فلا يمكن أن تقل أو تتلاشى مع استمرار الكون في الاتساع، بل على العكس فكلما اتسع الكون كلما ازدادت طاقته المظلمة، قد يصعب فهم هذه النتيجة، لكن الواقع يثبت أن الأجرام السماوية يزداد تسارعها كلما ازداد تباعدها، كما رأينا، و النتيجة أن الطريقة التي سينتهي بها الكون ترتبط بطبيعة الطاقة المظلمة فيه، فلو أصبح مجموع قوة جذب المادة العادية والمظلمة فيه في مرحلة من المراحل أكبر من قوة الطاقة المظلمة لانكمش الكون على نفسه، و بدأ اتساع الكون بالتراجع، حتى يعود أخيرا إلى التكوُّر و الإنهيار متحطما على نفسه، أما إذا كان العكس صحيحا فسيستمر اتساع الكون، و ستتفكك المجرات و تتباعد عن بعضها أكثر فأكثر بحيث تفنى النجوم القديمة، وتصبح إمكانية نشوء نجوم جديدة مستحيلة، و ينتهي الأمر بتلاشي الكون الذي نعرفه، و بالتالي فإن الحديث عن مستقبل الكون يرتبط بفهمنا الدقيق للطاقة المظلمة و دورها في تمدد الكون أو تكوُّره على نفسه.
تقوم الآن أبحاث هامة كثيرة لمعرفة طبيعة الطاقة المظلمة و علاقتها باتساع الكون و شكله الهندسي منها المشروع المسمى (ESSENCE) في جامعة تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية[2]، إلا أن أهم النتائج التي تم تحصيلها في هذا المجال حتى اليوم هي نتائج بعثة الفضاء(WMAP) [3] التي قامت بقياس الخلفية الإشعاعية المتبقية مما يعتقد أنه الانفجار الأعظم الذي آذن ببداية الكون )تمكن مشاهدة أثر الإشعاع الكوني على شاشة التلفزيون عند انقطاع البث و صدور أصوات و تشويش على الشاشة(، و ذلك باستخدام الأمواج المايكروية لمسح السماء من خلال مركبة فضاء حلقت على ارتفاع مليون ميل من الأرض، لكن هذه التجارب لم تصل إلى نتائج قطعية يمكن اعتمادها بشكل نهائي.
و هكذا نجد أن كوننا المرئي لا يكاد يشكل أكثر من 4% من الكون كله، أما الباقي فما زالت طبيعته مجهولة إلى اليوم... و ما زالت معرفتنا بالعالم تحبو على حواف المجهول!
-------------------------------------------------------------
المراجع:
[1]. ( Texas A&M University. "Einstein's Biggest Blunder? Dark Energy May Be Consistent With Cosmological Constant." ScienceDaily. ScienceDaily, 28 November 2007).
[2]. (المرجع السابق).
[3].(Wilkinson Microwave Anisotropy Probe:WikipediA,The Free Encyclopedia)
من مواضيعي
0 الوعي و الوجود
0 هل تعقل القلوب؟
0 الكون المستتر في الظلام
0 تحسين العقل
0 هل تتمتع الجمادات بالوعي؟
0 قصة خلق العالم في ستة أيام
0 هل تعقل القلوب؟
0 الكون المستتر في الظلام
0 تحسين العقل
0 هل تتمتع الجمادات بالوعي؟
0 قصة خلق العالم في ستة أيام
التعديل الأخير تم بواسطة طارق زينة ; 24-10-2017 الساعة 08:06 PM