تسجيل الدخول

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يحاول بعض المتظاهرين بـ "السلفية " أتباع الحركة الوهابية
جعل الشيخ الجليل عبد الحميد بن باديس ـــ رحمه الله ـــ وأصحابه في الإصلاح، على أنه " سلفيٌ " كما هي " سلفيتهم "، وذلك لأجل بعض الكلُيمات قالها هو بعض أصحابه ذكر فيها وهابيّتهم.
سبحان الله! فهل كل من " يُثني " يصبح تابعًا، ويلبس "خرقة " الوهابية على قول الصوفية؟
والفطين من يمحص الأمور يستقرئ ليستنبط أفكارًا فيصل بها ما يرجوه.
وحتى الأمور على بيّنة، على المرء يعود إلى دروس الشيخ ابن باديس ومن معينٍ كان ينهل.
وما هي الكتب التي كان يدّرسها لتلامذته؟ عندها تظهر الحقيقة عارية، ولا يماري فيه إلاّ مَن يتبع أسلوب المراء.
نقّبتُ وتحدثتُ مع من لهم دراية ومعرفة في هذا الشأن، وقرأتُ في مجلات وصحف ومقررات ذلك الشيخ الجليل فوجدته أن كل دروسه
كتاب " المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" المشهور بـ " متن ابن عاشر "
لعبد الواحد بن عاشر الأندلسي
وهو مالكي أشعري، بل وصوفي
حتى أنه يبدأ متنه بما يلي:
يقول عبد الواحد بن عاشر ** مبتدئا باسم الإله القــادر
الحمد لله الذى عــــلمنا ** من العــــــلوم ما به كلفنا
صلى وسلم على محمد ** و آله وصــــحبه و المقتدى
(وبعد) فالعون من الله المجيـد ** في نظم أبيات للأمي تفيـد
في عَقدِ الأشعري وفقه مالك ** وفي طَريقَةِ الجُنيْدِ السَّالِكِ
ويدرّس الشيخ ابن باديس كذلك "جوهرة التوحيد" لـ برهان الدين ابراهيم اللقاني
ومن يريد دليلا عن أشعريّته إلاّ كمن يريد دليلاً للشمس وهي بازغة في وضح النهار.
ويدرّس الشيخ عبد الحميد بن باديس كذلك "مختصر الخليل" لعلاّمة زمانه: خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب، ضياء الدين أبو المودّة المصري المعروف بالجندي
وكانت دروسه من " الرسالة " والسنوسية.
بل أن تفسيره اعتمد فيه على تفسير ابن جرير الطبري،وتفسير الكشاف لجار الله الزمخشري المعتزلي، وتفسير أبي حيان الأندلسي، وتفسير الرازي.
فأين هي " سلفية " أو وهابية ابن باديس ــ رحمه الله؟
وسأواصل ـــ بحول الله لحين ميسرة من الوقت بعلمية برهانية وأدلة من كتب ومقالات الشيخ عبد الحميد بن باديس*
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
*لدي أعمالي التي اتقوّتُ منها، فإن ابطأتُ بعض الشيء فمعذرة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أواصل بالكلام بالدلة والبرهان أن الشيخ بن باديس أنه بعيدٌ عن أفكار " سلفيّة " هؤلاء ووهابيّتهم، بل أنه لا يقول بما يقولون به.
وكلام الشيخ ابن باديس من يفند ما يزعمون
ولعل القارئ يعود
إلى مجلة "الشهاب" في عددها الصادر في شهر مايو من سنة 1935
حيث جاء في مقالٍ له، اقتطف منه ما يلي:
"إذا كان النجديون ينتسبون للشيخ ابن عبد الوهاب لأنه أول مصلح قام في بلادهم، فتتلمذوا له وأخذوا عنه واتبعوه، فإنا لا ننتسب له لأننا لم نأخذ عنه ولا تتلمذنا له، ولا تعلمنا في كتبه. إن احترامنا للحق ولأنفسنا، يأبى علينا أن ننتفي من نسبتنا إلى شيء أو نقر نسبتنا إلى شيء باطلا"
بل أنه يكاد يجهل تمامًا ما جاءت به الحركة الوهابية، ولم يطلع حتى على كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
لعمري لنعم الشيخ ابن باديس.
وإنه لا يقول إلاّ بما يعرف.
وكم أتمنى من مَن يدعى أنه يتسب إلى علم الشيخ ابن باديس أن يتعظ بابن باديس، وخصوصا الذين يزعمون أنهم " سلفية " الجزائر.
فهل يُعقل أن الوهابية ناصبت العداء لكل ما هو أشعري أو صوفي، تلتقي مع دعوة وأفكار الشيخ ابن باديس ذلك الذي كانت كل مناهج دروسه من الكتب السادة الاشاعرة؟!
ثم قد يجهل هؤلاء أو يتجاهلون أن الشيخ ابن باديس هو أول من طبع كتاب
العواصم من القواصم
للقاضي الحافظ ابي بكر ابن العربي المالكي
وإن لم يكن الحافظ ابو بكر ابن العربي أشعريّا تُرى مَن هم الأشاعرة؟
لعمري لهو الحصن الحصين للعقيدة الأشعرية.
ولي عودة إن كان في العمر بقاء
تحياتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ما زلت أظهر الفرق بين عقيدة الشيخ ابن باديس ـــ رحمه الله ـــ وبين عقيدة من يتظاهرون " السلفية " أو لأقول عقيدة الوهابية.
فبينما أن الوهابية تنظر إلى طوائف الشيعة على أنهم " كفّارًا " وذهب بعض " أعلام " الوهابية على إخراج الشيعة من الاسلام.
على المرء من يتّبع العلم بالبحث والتقصي، تُرى ماذا يرى الشيخ ابن باديس ويعتقد في ذلك الامر؟
بحثتُ فيما صدر عن الشيخ ابن باديس، هاؤمُ فاقرؤوهُ وتدبّروه:
لو يعود المرء إلى مجلة " الشهاب" في عددها لشهر فبراير من سنة 1930
يجد الشيخ ابن باديس يردّ على كاتبٍ مصريٍّ يدعى: "سلامة موسى".
" سلامة موسى" ذلك الذي ألّف كتابًا و وَسمهُ بـ " تأريخ الفنون وأشهر الصور" ومن ضمن ما جاء على لسان مؤلف ذلك الكتاب أن التشيع "نوع من الانشقاق عن الإسلام وخروج على جمهور المسلمين".
فبمادا ردّ عليه الشيخ ابن باديس؟
لنقرأ بتأنٍّ ورَويّة، حيث يقول الشيخ ابن باديس مفنّدًا زعم " سلامة موسى ":
"... ولكن قوله (والتشيع نوع من الانشقاق عن الإسلام) هو الجدير بكل إنكار، فقد حسب نفسه لمّا عرف شيئًا من تاريخ الفنون أنه عارفٌ بمذاهب الإسلام فحكم على الشيعة بالانشقاق عنه. وهذا الكاتب لم يكفه أن ينفي ـــ في أكثر ما يكتب ـــ عن الإسلام كل ما يحسبه فضيلة حتى جاء يحاول أن ينفي عنه أمة كاملة من أبنائه ونعوذ بالله من سوء القصد وقبح الغرور".
والكيّس بل الفطين ليعرف الفرق بين ما تقول به " سلفية " العصر ووهابيّته، وما تعتقده " الباديسية " وتقول به.
وبحول الله لي عودة في مقالي هذا.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
مرحبًا بالمشرف المبجل، والأخ الفاضل/ كريم.
إنه ليَشرفني أن يتابع مواضيعي من هم في علمك وثقافتك.
ومن باب وضع الصورة في إطارها، والفكرة في مسارها.
يا ابن الكرام إن مقالاتي لا تدخل في الانتصار لطرفٍ ما دون الطرف الآخر.
وإنما هو تدارس العلم بما يُعرف بطريقة استقراء الأمور، واستنباط الأحكام بالنقد والتمحيص، للوصول إلى استخراج النتائج.
وهذا الذي درجتُ عليه زمان كنت على مقاعد الدراسة.
ولستُ بوكيل عن أيّ أحدٍ
هكذا تعلمتُ منذ صغري ونعومة أظافري، حتى وأنني تعلمتُ في الغرب، وبلغة غير التي أكتب بها الآن.
أما قضية الانتصار لجهة ما، فمن يسلك هذه الأسلوب، فلا يُنتظر منه علمًا ولا معرفة.
بل يصبح النقدُ انتقادًا، والتعديل تجريحًا حسب الهوى والميول.
عندها يصبح " تدارس العلم " عبارة عن جدالٍ بيزنطي.
والحمد لله أن الله عصمني من تلك الامور.
سرتني مداخلتك يا أخي.
ولك من الشكر الكثير.
تحياتي