تسجيل الدخول

من لا يتذكر من جيلنا جورج برنارد شو‏,‏ الذي كانت بعض رواياته مقررة علينا في المناهج الدراسية في مدارسنا وجامعاتنا‏,‏ وله رواية جميلة عن قيصر وكليوباترا‏,‏ وكانت مثالا لافتنان القيصر الشخصية العظيمة والقائد الكبير مع شابة جميلة حكمت مصر‏,‏ وحواراتهما في الرواية في غاية المتعة وتعد نصا أدبيا رفيعا‏,‏ حولت الرواية فيما بعد الي فيلم سينمائي‏(‏ بالابيض والأسود‏)‏
برنارد شو ايرلندي بريطاني تميز بالسخرية علي المجتمع الذي يعيش فيه وعلي نفسه‏,‏ من مؤلفاته الشهيرة السلاح والإنسان‏,‏ تهكم فيه علي العسكريين في بلاده‏,‏ ثم بعد ذلك رواية كانديد الشهيرة وعبرت شهرته من بريطانيا الي العالم أجمع‏,‏ وغزا الولايات المتحدة بمسرحيته الإنسان والسوبرمان‏,‏ وكذلك رواية بيجماليون المعروفة‏,‏ وميجور باربرا التي كانت مقررة علي طلبة كليات الآداب في جامعاتنا‏.‏

ولم يكن برنارد شو فيما كتبه من كتب أو روايات أو مئات المقالات‏,‏ يهمه معرفة رأي الجمهور فيها فقط وانما يكتب بما كان يعتقده‏,‏ وفي عادة كتاب ذلك الزمان في بداية القرن العشرين‏,‏ فإن رواياته كانت لها مقدمات طويلة تعكس آراءه الاجتماعية وانحيازه الي الفقراء‏,‏ وقد عاش نحو مائة سنة وبقي يكتب حتي أواخر حياته‏.‏

لماذا هذه المقدمة عن هذا الكاتب الشهير‏,‏ وما علاقته بأوضاعنا الحاضرة؟ تذكرته عندما أرسل لي صديق من كينيا حيث كنت سفيرا لبلادي هناك ما كتبه برنارد شو عن الإسلام بمناسبة الحملة التي تشن علي الإسلام والمسلمين في أوروبا‏,‏ ماذا قال برنارد شو عن الإسلام في عام‏1936‏ في مقال له تحت عنوان الإسلام الحقيقي‏:‏

اذا كان لديانة معينة أن تنتشر في انجلترا‏,‏ بل في أوروبا‏,‏ في خلال مئات السنوات المقبلة‏,‏ فهي الاسلام‏,‏ لقد نظرت دائما الي ديانة محمد‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بأعلي درجات السمو بسبب حيويتها الجميلة‏,‏ انها الديانة الوحيدة في نظري التي تملك قدرة الاندماج في هذه المرحلة من مراحل البشرية بما يجعلها جاذبة لكل عصر‏,‏ لقد درست تاريخ حياة محمد‏,‏ ذلك الرجل العظيم‏,‏ وفي رأيي يجب أن يطلق عليه لقب منقذ البشرية‏,‏ انني اعتقد أنه اذا قدر له أن يتولي مسئولية قيادة العالم‏,‏ فلاشك أنه سيستطيع حل مشكلاته واقرار السلام والسعادة‏,‏ لقد تنبأت بأن عقيدة محمد ستكون مقبولة لأوروبا غدا‏,‏ كما هي مقبولة لأوروبا اليوم‏.‏ انتهي النص
وشهد شاهد من أهلها من قبل هذا المفكر المنصف العظيم‏,‏ ولعل ساسة أوروبا اليوم يطلعون علي ما ذكره ذلك الفيلسوف منذ سبعين عاما بالضبط‏,‏ وفي وقت كانت فيه هناك الامبراطورية البريطانية المترامية الأطراف والتي لا تغرب عنها الشمس‏,‏ وفي وقت كانت أوروبا تشهد حكم هتلر في ألمانيا وموسوليني في ايطاليا وستالين في روسيا‏.‏