تسجيل الدخول تسجيل جديد

تسجيل الدخول

إدارة الموقع
منتديات الشروق أونلاين
إعلانات
منتديات الشروق أونلاين
تغريدات تويتر
  • ملف العضو
  • معلومات
الصورة الرمزية Salimekki
Salimekki
عضو فعال
  • تاريخ التسجيل : 19-10-2008
  • المشاركات : 211
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • Salimekki is on a distinguished road
الصورة الرمزية Salimekki
Salimekki
عضو فعال
دعني أنــام.... ج2
21-03-2009, 09:05 PM
نشر هنا
مقاطع من رواية لم تكتب للنشر
كان منها
دعني أنــام.... ج1

وههنا تتمة
.......
.........
..............

أقبل صباح هذا اليوم الجديـد بائسا بعض الشيء، كل شيء يبدو عاديا بين صيحـات النوارس ولسع النسيـم، لكن السحاب القلق بات لونه يختلف.. فتح محمد باب المتجـر على غير العادة بدلا عن أبيه، فوالده الحاج يشعـر ببعض التعـب، لذا تكفل بالبقـاء مكانـه إلى غايـة الظهـر, لكن الظهر هذا اليوم بات مديدا ما أبعده.. وعيون محمد لا تغادر ساعته وما إن لامست العقارب مضمار العاشرة حتى شعـر محمد بالكثير من الضجـر، يحس بأن هذا اليوم ثقيـل .. ثقيل جدّا .. فعلا ثقيل.. ثقيل عليه.. ها هي ذي سمية تقترب, إنها ابنة الحاج الصغرى, وقد بعث بها إلى محمد تخبره:
- أخي محمد, يطلب منك أبي أن تفتـح المتجر ثانية بعد الظهـر... وتقول أمي أن صحتـه ليست على ما يرام ...
وانصرفت سمية دون أن تنسى موعد الغذاء, لتردف مبتسمة من بعيد: محمد, هل ترغب بأن أبقى معك حتى يحين وقت الغذاء, سوف نتغذى معا, صحيح؟
محمد مبتسما ببرود: إن شاء الله.. اذهبي أنت, سألحق فيما بعد...
كاد الملل يقتله, فخشي على أخته منه, لذا صرفها عنه واكتفى برمي رأسه المكلل بالقيظ على سارية الباب, ظل طويلا على ذلك الحال, مخاطبا أعماقه الحبلى بالوهن: ما هذا اليـوم يا إلهي ... لن أستطيـع البقاء هنا أكثر... أحس وكأنني أختنق، أريد أن أتمشى قليـلا ... أريد الخروج من هذه الحـارة.
راح يحـوم داخل الدكان كمن ضاقت به الدنيا ولم تزل، يرمي بين الحين والحيـن بناظـر المحتار إلى الخارج علّه يرى أحدا يقتل فيه حـدّة ضجره: حمدي !!!
استبشرت أسارير محمد حينما رآه آفلا يلج ردهة الحارة، لوّح إليه باسما من بعيد، ليقترب حمـدي مثقلا بخطواته المرهقة, وكأن ظهره المسمرة إلى الخلف تحمل الجرح الوئيـد، حاول ببطئه كتم سرّ يبدو مفضوحا على وجهـه الحزين, مفضوحا من بعيد، لكنه حين وصل تبسّم مسرعا, تنهد وسلّم على محمد ثم ألقى بجسمـه على الكرسي:

ـ كم أنا متـعب.
ـ وكأن الله أرسلـك إليّ أخي حمدي... اسمع.. ستأخذ مكاني في المحل, بعد الظهيرة ستبقى هنا، من أجلي أرجوك, أرجوك اقبل.
ـ أولا تستشيرني أولا؟ ربّما كنـت مشغولا
ـ لست بحاجـة إلى استشارتك، إذا كنت مشغولا، تستطيع أن ترفض....
وحين لم يشأ حمدي خذلانه أجاب: لا بأس تستطيـع الذهاب، هل لي أن أعرف إلى أين؟
ـ لست أدري، فكرت في زيارة عمي الهادي في المدينـة...
ـ ما أجمل فكرتـك، تهرب من متجرك في الحارة لتزور متجـرا عمك في المدينـة... جميل
ـ اسمع، لست بحاجـة إلى مناوشاتك ، لقد وعدتـه بزيارة قريبة ولا أجـد يوما أنسب من هذا اليوم, أكاد أضيق درعا من هذه الحارة، ومن جوّ الحـارة.

كان حمدي يرمق صديقه بنظـرة حائرة، مساءلات غزيرة تتسلل إلى ذهنه: وكأنه لم يسمـع بما جرى، هل سأخبره... لا، لن أفعل... وكأن أمّ رشيد خرس صوتهـا هذا اليوم، حسبت أن الحارة كلها ستجتمـع أمام بابها بمجرد حلول الصباح.. "يا للصباح الأخرس, ما أغرب هذا اليوم".
هكذا قال محمود عندما التقيتـه في المسجـد عند صلاة الفجـر ... هل سأخبرك يا محمد... لا لن أفعل... ربّما سيخبرك عمي الهادي...
أمعن محمد النظر فيه, وكأن كلاهما يحاور الآخر بصمت, وأخيرا نطق:
ـ حمدي, مالك ترمقني بهذه النظرات، وكأنك تكلمني في نفسك ماذا بك...؟
ـ لا, لا شيء... إذا أردت الذهاب فانصرف، لست بحاجـة لأن تنتظـر وقت الظهـر ... اذهب.
ـ أحقا ؟؟...
ـ اذهب قبل أن أغيّر رأيي...

"شيء ما يبدو غريبا هذا اليـوم، إن أمرا غير عادي يحـوم من حولي، إمّا حدث البارحـة ولم أعلم به وإمّا سيحدث عمّـا قريب ولا أريد أن أفوتـه..." لم يشعـر محمد بغرابـة الأجواء إلا بعد ما غادر ساحـة الحارة، الحارة التي غشـاها الصمـت وركبهـا الهدوء... حتى الأطفال هذا اليوم لا يلعبـون... ثم ما سرّ تلك الكآبـة الخرسـاء التي لفّت ابتسامة حمدي ... حمدي الذي كان حتما يخفـي عنّي شيئا ما، والتردد في عينيـه صارخ مثير: هل سأصارحـه بما سيجري أم لا ؟ .
تغلغـل محمد رفقـة حيرتـه في أحشاء المدينـة، مدينـة ذابلة شاحبة بدت أطوارها في هذا اليوم أغرب بمرات ممّا طبع وجه الحارة ... الحركـة أقل كثافـة، لكنهـا أكثر سرعـة، ظهر الكثيـر من مقصِري القمصـان ومطلِقي اللِحي يهرولـون جماعات صغيـرة وأحيانا فرادى نحو قلب المدينـة... ما خطبهـم يا ترى؟...

دخـل محمد على عمّـي الهادي في متجـره حيث منكبّا على تصفـح الكثير من الجرائـد...

ـ السلام عليكـم عمّنا الهادي، كيف أنت؟
ـ محمد ؟! – باستغراب - ما الذي أتى بك يا ولدي؟
ـ ما الذي سمعته يا عمّي؟ وكأنك لم تفرح بزيارتـي لك، حسبت المفاجأة تسرك.
ـ عفوا يا ولدي... الوضع مقلق بعض الشيء، وددت لو أنك لم تغادر الحارة.
ـ لماذا؟ ما الذي يحدث في قلب هذا الصمت ؟؟
ـ لا أعلـم، الجوّ مكهرب من أقصاه إلى أقصاه، حشود ضخمـة تحضر لمسيـرة، تبدو مثيرة.
ـ لكننا تعوّدنا على مسيراتهم يا عمي كما تعوّدنا على حملات الاعتقال بعد كل المظاهـرات... روتـين مقرف تعودنا عليه بعدما ألغوا الانتخابات... لا أرى جديدا في هذا؟
ـ أي جديد في هذا؟ ... تقولها وبكل بساطـة... وكأنك لم تسمـع أخبار البارحـة ... قادة الجبهة يدعون الجميع إلى المشاركة في أكبر مسيرة للتمرد و العصيان ...أيـن تعيش؟
ـ متى أعلن هذا؟ لقد تابعت أخبار البارحة و لم اسمع بهذا القبيل.
ـ معذرة... نسيت أنكم لا تمتلـكون دشّا, فالحاج يرفض مشاهـدة القنوات الفضائية, حتى العربيـة منها... كيف حاله؟
ـ أحسن بكثير.. ماذا هناك عمي الهادي؟ تبدو خائفا أكثر من اللـزوم ... ما عساهم يفعلون, إنها مجرد حملات للإثارة و التـنديد.
ـ الله أعلم يا بني، كل ما أراه، أن لا مكانـة للعقل بعد اليوم، ولا للحكمـة ولا.. ولا للقانـون ... والله لا يرضى أبدا بما يفعلـه أولئـك ولا بما سيردّ به هؤلاء.

كان محمد يقلب صفحات جريدة بين يديه حينما انتصبت عيون كلاهما في نفس اللحظة يلفها وابل من الريبـة والاستغراب والجحوظ... أتى الصوت مرعـبا وهو يقـترب من بعيد، يتضاعف بعد كل خطوة مليون مرّة... هرع الاثنين إلى الباب خشـية و ذهولا:
ـ يا إلهي, من أين خرج كل هذا الجمع؟...حسبت أنه في وطني مات الرجال... علق محمد منفعلا
ـ فعلا, لقد ذكروني بمظاهرات ديسـمبر أيام الثورة لكـنها اليوم أعتى وأحر، علام ينقمون, إنهم الـيوم يفتقدون إلى طرف آخر يروعهم بتـلك الوحشية التي عهدناها في سجن فرنسا – همس عمي الهادي- سترك يا رب...

قـدوم المتظاهرين بصوت واحد وكاسر جعل المـوكب رهيبا جدا, أما ضرب الأقدام على الأرض بتلك القـوة يجعلك تتخيل نفسك كالمتفرج على استعراض عسكري مهيب... النار مشتعلـة في العيون واللهب يتصاعد في السماء متطايرا بين دبدبات الصوت الذي يدوي كالمدافـع قاصفا سراب الصمت ...لم يريا انتفاضا بمثل هذه القوة منذ انتفاضة أكتوبر، كان عمي الهادي يرقـب فتـى في الثامنة عشر من عمره, يضرب الأرض برجليه مثل الجنود, وينط محركا يديـه إلى الخـلف والى الأمـام في أنفة وفخر وثورة يغمرها الكثير من الغضب والأكثر من الاغترار , تقدم بمحاذاة المحل هاتفا وكأنه يريد تحدي لحية عمي الهادي البيضاء:
ـ "عليها نحيا وعليها نموت "... كان يقولها صائحا، لكـنّ صوته وصل أقل حدة وزئيرا من صوت ذويه...
تساءل محمد: أهو تدريب عسكري؟ ...
وخزه عمي الهادي : أصمت... سأصطاد أحدهم.
ثم اختطف الفتى من قميصـه القصير وسحبه إليه, هلـع الفتى وأطلق قميصه بعنف:
ـ دعني أيها الرجل ماذا بـك؟
ـ تعـال يا بني، أردت سؤالـك.
ـ خير يا عـم، دعني أرجوك، ألا ترانـي أسانـد الرفاق ؟
ـ فيـم يا ولدي، أتريدون الوصـول إلى مكـان... إلى شيء ما...
ـ لا – مستهزئا- إن الحديث معك يبدو طويلا، ربّما نلتقـي في يـوم آخر.
وراح يجـري ملتحقـا بالطليعـة، لكن صوتـه هذه المرة صار أعلى من ذي قبـل. كان عمّـي الهادي مصرا على الإمساك بأحدهـم، وأقترب من الرصيف في كل هـدوء، شاب آخر يبدو أكثـر رصانـة وأقل هيجانا ، آثر اللجوء إلى أطـراف المسيرة هربا من الدفـع والاكتظاظ, متحاشيا الغليـان الذي أحتل وسط الطريـق, فراسة عمي الهادي استقطبته:
ـ تفضـل بني، ارتح قليلا، ربما تعبـت من المسير.
ـ وكأنك أحسست بي يا عـم، قطعنـا مسافـة بين الشوارع تفوق عشرات الكلمترات، لم أتوقف منذ الصبـاح, لم يستوقفنا أحد ولم يسأل عنا أحد... شكرا لك.

جلس الفتى على كرسيه مستجمعـا أنفاسـه، أطلق ابتسامة مستحييا عندما سلّمـه العم الهادي ماءا للشـرب وهو يقول:
...
........


يتبع
سليم مكي سليم


الـمـبـحــر عـلـى عـتـبــات الـحــرف ... يـكـتـب لـكــم
سليم مكي سليم :: فهرس المواضيع

إذا أردت أن تبقى حيا بعد أن تموت .. فاكتب شيا يستحق أن يـُـقرأ .. أو افعل شيئا يستحق أن يـُـكتـَـب عليه.
My A r t Gallery on Deviantart
  • ملف العضو
  • معلومات
وجد48
عضو نشيط
  • تاريخ التسجيل : 02-01-2009
  • المشاركات : 52
  • معدل تقييم المستوى :

    16

  • وجد48 is on a distinguished road
وجد48
عضو نشيط
رد: دعني أنــام.... ج2
30-03-2009, 12:41 PM
صخب المظاهرة قد جعل طبلة أذني في أزمة ..........حمدا لله أنها تجاوزت منزلنا .........قد أحتاج أنا الى كوب للماء أيضا يا عمي الهادي .

وصف رائع بكل معنى الكلمة تستحق لقب القاص رقم واحد على المنتدى شكرا لك يا سليم و سلمت أناملك التي تبدعنا دوما.
مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 


المواضيع المتشابهه
الموضوع
أثر المصطلحات في العلم والفكر والثقافة
الساعة الآن 01:54 AM.
Powered by vBulletin
قوانين المنتدى