منتديات الشروق أونلاين

منتديات الشروق أونلاين (http://montada.echoroukonline.com/index.php)
-   اللغة العربية (http://montada.echoroukonline.com/forumdisplay.php?f=174)
-   -   هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات (http://montada.echoroukonline.com/showthread.php?t=310496)

أمازيغي مسلم 12-08-2015 10:56 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
شدّد على التجنّد للدفاع عن الهوية عبد القادر فضيل لـ"الشروق":
الرئيس بوتفليقة لن يقبل بإدراج العامية في المدرسة


-ليس هناك أي أساس بيداغوجي أو علمي لتدريس العامّية.
-تدريس العامية سيخلق بيئاتٍ لغوية تمهد لتفكيك الوحدة الوطنية.
-تأثير الثقافة الفرنسية لا يزال يحرك المسؤولين عن التربية في بلادنا.
-تدريس التلميذ بالعامية في السنتين الأولى والثانية ابتدائي لا يهيئه لتعلم الفصحى لاحقاً.
-هناك علاقة مدروسة ومقصودة بين تدريس الدارجة في السنتين الأولى والثانية ابتدائي وبداية تعلّم الفرنسية في السنة الثالثة، أي أنهم يسعون إلى فصل التلميذ عن الارتباط بلغته، ليتهيأ للتعامل المُريح مع اللغة الفرنسية.


استبعد الدكتور عبد القادر فضيل أن يقبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة مناقشة مقترح إدراج العاميّة، لإدراكه أنّ هذه القضية فوق الجميع، لكنه دعا في المقابل، إلى تدخل الحكومة لحسم الجدل القائم في الساحة الوطنية، وأن يكون موقفها واضحا للعيان، وفي حوار مع "الشروق"، شدّد المفتش السابق للتربية على ضرورة تعبئة كافة الفعاليات الثقافية والمدنية للدفاع عن مكونات الهوية.

كيف استقبلتم توصية ندوة تقييم الإصلاحات التربوية والمتعلقة بإدراج العامية الدارجة في التعليم الابتدائي؟
لا أعتبر الاقتراح الوارد في آخر جلسات الندوة والخاص بتبني اللغة الدارجة في تعليم أطفال السنوات الأولى توصية، لأن التوصية تعبر عن اهتمامات المشاركين وآرائهم، وتلخص ما دار في النقاش، وهذا لم يتم، بشهادة كل من شاركوا في الورشات العشر أو في تتبع المحاضرات.
لهذا فقد استقبلت هذا الاقتراح الغريب، مثل غيري من المهتمين بالتعليم باندهاش كبير، وتساءلت في وقتها، هل المسؤولون الذين صرّحوا بهذه الفكرة واعون بما يقولون؟ وهل الوزيرة المسؤولة لها موقف واضح ومحدد من هذه الفكرة؟ وهل تدري أنها تجاوزت صلاحياتها؟ وسوف تتلقى تنبيها من السلطة العليا؟ وهل يجوز لأي مسؤول أن يقترح فكرة حول موضوع نوع اللغة التي تُعلّم للأطفال؟ وهل يجوز أن ينطلق المسؤول من قناعاته الشخصية؟ لأن الموضوع يتجاوز الوزيرة، ويتجاوز مجلس الحكومة ولا يرتبط برئاسة الجمهورية، لأن موضوع اللغة موضوع يتعلق بسيادة الأمة واهتمامات المجتمع، ولابد أن يُعالج من خلال المبادئ العامة التي تحدد وجهة المجتمع وأركان هويته.

هل ترون أن مثل هذه الأطروحات لها أساس علمي أو بيداغوجي؟
إن مثل هذه الأطروحات بعيدة عن الفكر العلمي، وغير منسجمة مع التوجّه البيداغوجي الصحيح، ومخالفة لقواعد التفكير التربوي التي هدفها الأساسي هو ترقية وعي المتعلم بقيمة اللغة، وبأهمية البناء اللغوي الصحيح.
وما يقوله بن رمضان وزميله باسم المفتشية العامة للوزارة، بأن هذا الاقتراح الذي عرضاه في الندوة الصحفية، قائمٌ على أساس القواعد البيداغوجية، هذا غير صحيح، لأن البيداغوجية لا تهتم بنوع اللغة، إنما تهتمّ بطريقة التعامل مع الأطفال، وتوجههم نحو ما يريده المجتمع، وتنتقي الأساليب التي تسهم في ترقية تفكيرهم، وهذا ليس له علاقة باللغة التي اختارها المجتمع لتكون رمز هويته وأداة تفكيره، فاللغة هي لسان المجتمع، ومهمة المدرسة أن تمكن المتعلم من معرفة هذه اللغة، وهنا تدخل الطرائق والأساليب.
وإبعاد اللغة العربية الفصحى التي هي لغة المدرسة ولغة التفكير الحضاري لا يعتبر شأنا بيداغوجيا.

هل توجد نظرياتٌ لسانية موثوق بها تؤيد هذه الفكرة؟
- النظريات اللسانية التي تُطرح في هذا الموضوع لا تتعلق بتحديد نوع اللغة التي نختارها لتعليم الأطفال والتعليم بها، ولا بتفضيل مستوى تعبيري على آخر، لأن اللغة لها وظائف يحددها المجتمع وحاجات الإنسان وصلته بالمجتمع، وقواعد هذا العلم شرحتها الدراسات التي بيّنت قيمة اللغة وأهمية البحث في مجال ترقية الاستعمال اللغوي، وهذه القواعد كشفت عنها الدراسات والأبحاث التي رافقت الحضارة العربية الإسلامية، والجانب الذي يطرحه علماء التربية في مجال تعليم اللغة هو مراعاة مكتسبات الطفل في بداية التعليم، لأن الانطلاقة من هذه المكتسبات لا يعني أننا نساير الرصيد الذي جاء به، أو الرصيد الذي يجري العمل به في الشارع أو في محيط البيت، إنما يعني أن نبقي منه ما هو صالح وسليم، ونوجه اهتمامنا لتصحيح ما يجب أن يصحح وينظم التعابير التي تحتاج إلى تنظيم ونثري أفكار الطفل ورصيده من العبارات ليتأهل للتعامل مع لغة المدرسة.
أما حينما نختار الدارجة ونجعلها هي اللغة التي يتعلمها ويتعلم بها في السنوات الأولى، فإن ذلك لا يهيّئه لتعلّم لغة المدرسة التي هي لغة المجتمع واللغة الجامعة.

ألا ترى أن هناك تلاعبا مقصودا بالألفاظ المستعمَلة، من خلال تصريحات الوزيرة وشرح المفتش العام، حين يذكران" لغة الأم" أحيانا و"اللغة المدرسية" أحيانا أخرى، والهدف هو تمرير فكرة الدارجة أو العامية، مع أن هناك فرقا بينهما؟
التلاعب واضحٌ ومقصود من خلال تحليل الاقتراح، فعندما نستمع إلى ما تقوله الوزيرة ويشرحه المفتشان العامان اللذان حاولا إقناع المستمعين بهذا الاقتراح، حينما نستمع إلى أقوالهم نلمس التلاعب المقصود بذكر بعض الألفاظ مثل لغة الأم التي يريدون الانطلاق منها وتكريسها في مجال التعلم اللغوي ،والمغالطة نفسها هي التي يعتمدونها في الحديث عن لغة المدرسة. ولغة المدرسة ليست هي لغة الأم، ولا تستطيع هذه اللغة أن توصل الطفل إلى هضم لغة المدرسة، إلا إذا تعلم قوالب لغوية تتجاوز لغة الأم في مفرداتها ومعانيها وتراكيبها، إن ما ذُكر في مجال ربط المدرسة بالبيت لم يحدد نوع العلاقة التي تجعل لغة البيت مهيأة للمدرسة، ثم إن هناك خلطا في الاستعمال بين المصطلحين (الدارجة والعامية)، فلم يفصح المتحدثون عن توضيح الفرق بين الكلمتين، فالدارجة هي لغة الشارع وما يتعامل به الناس في الأسواق وفي الحياة اليومية، وهي لغة خليط، بعض مفرداتها فرنسية وبعضها إسبانية وبعضها من لغات أخرى، والعامية مستوى آخر يفوق الدارجة، لأن العامية عربية في معظم مفرداتها وفي أهم تراكيبها، وبسيطة في مستوى تنظيمها، وليس فيها اهتمام بالقواعد الإعرابية، وهذه هي اللغة التي جرى الحديث عنها في بعض أقطار المشرق العربي، ودعا إليها بعض الأدباء واعتبروها تراثا يمكن الاهتمام به، وهي مستعملة في مستويات معينة وليست في مجال التعليم.
والحجة التي ذكروها سببا للاهتمام بالدارجة في بداية التعلم هي الصعوبة التي تواجه المتعلم المبتدئ، والتي تجعله يصطدم بوضع لغوي بعيد عما كان قد ألفه، واعتماد الدارجة هو السبيل لإزالة هذه الصعوبة وجعل الطفل يقبل على التعلم، ويتهيأ لمعرفة لغة المدرسة.
إن هذه الحجة واهية ولا أساسا له ، لأن اللغة العربية اليوم أصبح انتشارها واسعا والوضع الذي هي عليه لا يجعل المتعلم يحسّ بنوع من الغرابة، فالاستعمالات اللغوية القريبة من الفصحى منتشرة في محيطنا حتى ولو كانت محرّفة أو غير منظمة، إن وسائل الإعلام ساهمت في تطوير الرصيد اللغوي وفي تقريب اللغة من المواطنين الصغار، وعززت برامج في التلفزة المخصصة للأطفال واقع استعمال اللغة العربية، فالقصص التي تبث يوميا والخاصة بالأطفال، مكنت أبناءنا من معرفة جانب مهمّ من اللغة، وإذن لا يقال بأن الطفل يلاقي صعوبة في تعلمه العربية الفصيحة، وإذا قلنا هذا فكيف يتعلم أطفال المناطق التي تتحدث بالأمازيغية؟ هل نعتبر الدارجة التي يستعملونها في بيوتهم هي اللغة المعتمدة؟ وكيف يكون هذا ممهدا لتعلم لغة المدرسة؟ وفي هذه الحال لا نعلمهم العربية الدارجة وإنما نعلمهم الأمازيغية.

لماذا لا يطرح الإشكال الذي يواجه أطفالنا حين يشرعون في تعلم اللغة الفرنسية، إذ تم استثناء تدريس الفرنسية من استعمال العامية، إذا كانت الحجة هي صعوبة الرصيد اللغوي الذي يجده التلميذ في المدرسة؟
لم يطرحوا موضوع تعليم الفرنسية مع أنها هي المشكلة التي تواجه أطفالنا بعد دخولهم المدرسة، هذا يؤكد أن المسألة ليست بيداغوجية كما يقولون، إنما هو موقفٌ خاص تجاه اللغة العربية، أما اللغة الفرنسية فهي عندهم ليست غريبة عن المجتمع، بل هي"قريبة من الجزائريين"، كما عبّر عن ذلك بن زاغو منذ سنوات عديدة، مع أن المنطق يفرض أن لا تقدم اللغة الفرنسية إلا بعد أن يتعلم الطفل ثلاث سنوات، هكذا يرى المربون، أما أن نجعل الطفل يتعلم الفرنسية بعد سنتين من التعلم، فهذا يدفعه إلى تعلم لغة تختلف كل الاختلاف عن لغته، في أصواتها وفي طريقة كتابتها وفي قواعدها ونظام التعبير بها وفي مجالات استعمالها، إنها تختلف عن اللغة العربية وعن الدارجة، فهذا لا يتحدثون عنه ولا يطرحونه فهو بالنسبة إليهم أمر ليس غريبا.

هل ترون وجود علاقة بين الدعوة إلى تعليم الدارجة في السنتين الأولى والثانية وبداية تعلم الفرنسية في السنة الثالثة؟
هناك علاقة مدروسة ومقصودة بين تدريس الدارجة في السنتين الأولى والثانية ابتدائي وبداية تعلّم الفرنسية في السنة الثالثة، أي أنهم يسعون إلى فصل التلميذ عن الارتباط بلغته، ليتهيأ للتعامل المُريح مع اللغة الفرنسية؛ فالاكتفاء بالدارجة أسلوب يهيّئ الطفل للإقبال على تعلّم الفرنسية، لأن تعلمه العربية الفصيحة في السنوات الأولى، يعزز اهتمامه بهذه اللغة، ويكسبه رصيدا لغويا يجعله قادرا على التواصل بها، ولهذا يصطدم معلم الفرنسية بتذليل الصعوبات التي يجدها التلميذ في استخدام اللغة الفرنسية، وتركيزهم على الدارجة يترك المجال فسيحا لتعلم الفرنسية.

إذن هذه الخطوة الجيّدة تمثل استئنافا للعمل بمقترحات لجنة بن زاغو؟
إن الذي يتمعن في هذا الاقتراح وفي غيره من الاقتراحات الواردة في الندوة الوطنية، يجده سعيا مركزا لتعميق الأفكار التي جاء بها تقرير لجنة بن زاغو، ولكن ما تمخضت عنه الندوة لم يبرر الجوانب الإيجابية، ولم يجدد الجوانب السلبية التي تحدثنا عنها أكثر من مرة، وهي واضحة للعيان، وما يسمونه "إصلاحا" لا يمكن اعتباره كذلك، لأنه لم يصلح وضعا فاسدا، ولم يعالج أمرا سيئا، إنما هو مجموعة تغييرات هدّمت أكثر مما بنت، لأنها مست المبادئ والاتجاهات التي كانت أساس النظام التربوي في السابق، وقد مس التغيير أمورا كثيرة.

بماذا تفسر هذه الردة التي عاشها النظام التربوي بعد التخلي عن توجهات التعليم الأساسي وهل تقنعك فكرة الضغوط الخارجية؟
ما يلاحظ في واقعنا التعليمي أن هناك ردة لغوية وتربوية مست المدرسة والمواد التعليمية والمحيط الحضاري، وهذه الردّة مسّت كذلك الاتجاهات التربوية القائمة على أسس ميدانية صحيحة، وهذه الردة سبقتها ردة في مستوى الأفكار الموجهة لنظام التعليم، وقد برزت هذه الردة منذ التفكير في تغيير النظام القائم وإلغاء التعليم الأساسي والتوجهات التي جاء بها هذا التعليم، حيث حاول بعضهم جعلنا نقبل هذه الردة لنساير العالم، ونغير أوضاعنا التربوية لنتجنب الضغوط السياسية والاقتصادية التي تواجه بلادنا، ولكن الحقيقة التي تدفعهم إلى التغيير، والتي تجعلنا نتخلى عن بعض المبادئ التي تميز مجتمعنا، ليست هي الضغوط الخارجية، إنما هي موافقتنا المترددة التي جعلتنا نتأثر برياح العولمة، وبعبارة أخرى أن تأثير الثقافة الفرنسية وما تحمله هذه الثقافة ما يزال يؤثر في توجهات بعض المسؤولين الذين يحركون قطاع التربية، والدعوة إلى العامية جانبٌ من هذه التوجهات.

الأخطر من ذلك كيف ننظر إلى تخوفات الرافضين لهذا الاقتراح الذي يرون فيه مقدمة لكسر الوحدة الوطنية، ما رأيك؟
إن الذي يتتبع الحديث عن تبني الدارجة في التعليم، ويتأمل التحليلات التي تطرحها الوزيرة ومن معها، لا يملك إلا أن يستنتج أن البلاد مقبلة على تشتيت الوحدة الوطنية، وتقسيم الوطن إلى بيئات لغوية، مما ينتج عنه بيئات مجتمعية؛ فالذين يتحدثون عن هذا الاقتراح ويتحمسون له هم في الأساس مواطنون ويعيشون الحقائق التي تبنى عليها وحدة الوطن، فكيف يسمح لهم ضميرهم بأن يسعوا إلى تطبيق هذا الإجراء الذي من نتائجه كسر الوحدة الوطنية وقتل الإحساس بقيمة هذه الوحدة ؟ هذا ما حرصت عليه الإدارة الاستعمارية حين كانت تسيّر أمور البلاد، فقد ركزت في نظامها على رفض وجود لغة مزاحِمة للغتها، لذا منعت التلاميذ أن يتحدثوا بغير اللغة الفرنسية، وهذا هو السبب الذي جعل النظام الفرنسي في الجزائر يحقق النجاح في المجال اللغوي، وهو النجاح الذي جعل المسؤولين عندنا يرفضون تغيير هذه اللغة، أو إعطاءها مكانة غير المكانة التي وُضعت فيها.

ما هو العمل المطلوب الآن من أنصار المدرسة الأصيلة والمتفتحة؟ وما هي وسائل الدفاع عما تبقى من حصونها التي شيّدتها وفق مبادئ ثورتها وموروثها الحضاري؟
العمل المطلوب هو أن تتكاتف جهود الهيئات التي لها دور في بناء وحدة الوطن وترقية ثقافته والدفاع عن شخصيته، وهي الهيئات التي لها صلة بقضايا اللغة وبالثقافة الإسلامية وبالبحث العلمي، وكذا هيئات البرلمان وجمعيات أولياء التلاميذ، والأحزاب السياسية التي تتأهل من أجل ترقية المجتمع وبناء فكره السياسي، ولابد أن يسهم البرلمان ونقابات المعلمين، ويطلب من المفكرين والمسؤولين عموما أن يكون لهم دورٌ في الإسهام في الدفاع عن الوحدة الوطنية ومحاربة الأفكار التي تكسر هذه الوحدة، يطلب من هؤلاء جميعا أن يقفوا ضد هذه الفكرة التي لها تأثير مباشر على الوعي القومي وتربية الفكر الوطني.
وحتى الحكومة يجب أن يكون لها موقفٌ صريح، إذ لا يجوز لها أن تسكت عما يُراد بلغتنا، وعليها أن ترفض إدراج هذا الاقتراح في مشاريعها إن عُرض عليها، لأن الموضوع فوق الجميع لأنه أساس الهوية الوطنية والرمز المعبّر عن شخصية المجتمع، ولا يجوز أن نسمح بالتعدي عليه ولا يجوز لأي كان أن يكون له موقف مضاد، فاللغة هي الوعاء الذي يحمل القيم القرآنية وأسس العقيدة التي يؤكدها الدستور، ويعزز مكانتها في بناء الدولة، فهي التي تربط المجتمع بأصوله الحضارية، وموضوع مثل هذا لا يجوز أن تطرحه الوزيرة أو رئيس الحكومة، أو يُعرض على رئيس الجمهورية، فالرئيس نفسه له موقف واضح من اللغة الدارجة، لأنه يدرك أن الموضوع فوق الجميع، لذا نستبعد أن يقبل الرئيس المناقشة في هذا الملف.

أمازيغي مسلم 12-08-2015 10:59 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 


"مخلوقات الفرنسيين": ديماغوجيون، لا بيداغوجيون
محمد الهادي الحسني





من أبلغ التعابير التي قرأتها الدّالّة عن انسلاخ "أناس" عن قومهم، وانصهارهم في عدوهم - رغم احتقارهم لهم- ما وصف به الرحالة الألماني هاينريش فون مالتسن أولئك "الجزائريين" الذين "باتوا مع الجاج ليلة صبحو يقاقيو"؛ حيث وصفهم بـ "مخلوقات الفرنسيين"، وبما أنهم مخلوقات غير سوية فقد أضفت بأنهم "ديماغوجيون لا بيداغوجيون".
طبعا إن هذا الرحالة الألماني الذي زار الجزائر في بداية إصابتها بـ "السرطان الفرنسي (1831 - 1832) ومكث فيها بضعة أشهر سجل كثيرا مما رأى وسمع مما هو صحيح وصادق، ومما هو عكس ذلك؛ قلت إن هذا الرحالة لا يقصد بكلمة "مخلوقات" معنى "الإيجاد"، وحتى لو قصد ذلك فنحن لا نؤمن له، لأن ذلك مما اختص به الله - عز وجل - نفسه، حيث يقول - سبحانه- في كتابة الأصدق قيلا، الأهدى سبيلا: "ألا له الخلق والأمر"؛ ولكنه يقصد تلك "الكائنات" الشوهاء التي "مسّتها - كما قال - الثقافة الغربية"، أي الفرنسية (مالتسن: ثلاث سنوات في شمال غربي إفريقيا. تعريب: أبو العيد دودو. ج1. ص 208).
إن أول ملاحظة لفتت انتباهي هي استعمال الأستاذ دودو - رحمه الله - الجمع الدال على غير العاقل "مخلوقات"، ولا أدري إن كان الألمان يميزون بين الجمع الدال على العاقل والجمع الدال على غير العاقل، وما أظن أن مالتسن يعني "الجمع المؤنث"، لأنه ما كان الجزائري - ولو كان عديم الغيرة- أن يسمح له برؤية امرأة جزائرية، ولو كانت كـ "مطعمة الأيتام من كدّ..." فهذا الجمع "مخلوقات" يدل على أن تلك "الكائنات" لم تولد على "الفطرة" من همة ومروءة؛ وإنما وُلدت وفيها "القابلية للاستعمار".. لأن مالتسن غادر الجزائر بعد سنتين فقط من الغزو الفرنسي لها.
كنا - نحن الجزائريين غير الملوّثين بـ"الفساد الفرنسي" نظن أن الجزائر ستطّهّر من ذلك الفساد؛ إما بالتحاق تلك المخلوقات بـ "خالقها" - فرنسا-؛ وإما بقضاء الموت عليها، وقد شهدنا جزءا من ذلك، فكثير من تلك "المخلوقات" "ماتت" أو لحقت بفرنسا والفرنسيين. والحمد لله على ذلك..
وظننّا - نحن الجزائريين الوطنيين - أن (ما) بقي بيننا من مخلوقات الفرنسيين قد "يئست" من تحقيق ما أعدّت له من مكر بالجزائر، وأنها قد يئست" من نجاح المخطط الفرنسي كما يئس الكفار من أصحاب القبور؛ ولكننا تبيّنّا - بعد أمّة- أننا كنا خاطئين، فبقايا "مخلوقات الفرنسيين" ما تزال تلعب وترتع في الجزائر، وقد نسلت نسلا غير طيب ولا كريم، معوّق اللسان والفكر والسلوك وتسلّلت إلى مفاصل الدولة الجزائرية فعوّقتها سياسيا، وأكسدتها اقتصاديا، وديّثتها خُلقيّا، وشوّهتها خَلقيا..
إن الخطر قد حلّ، ولا أقول قد اقترب، في الجزائر، وقد صار أمرها من عقلها إلى بطنها بيد "مخلوقات الفرنسيين" فعلى من ما زالت فيهم بقية مما ترك الأمير عبد القادر، وفاطمة نسومر، وابن باديس أن يتداعوا مصبحين إلى التفكير في خطة ينقذون بها الجزائر.. وليكفوا عن سياسة "أوسعتهم سبّا وراحوا بالإبل".
أما هؤلاء المخلوقات فنقول لهم ما قاله الإمام ابن باديس أمام أسيادهم الفرنسيين من أعضاء لجنة البحث البرلمانية "إن كل محاولة لحمل الجزائريين على ترك جنسهم، أو لغتهم، أو دينهم، أو تاريخهم أو شيء من مقوماتهم، فهي محاولة فاشلة محكوم عليها بالخيبة". (جريدة البصائر. ع 66. في 27 ماي 1937. ص 1).

أمازيغي مسلم 12-08-2015 11:00 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
لماذا العربية؟.. لماذا نحن؟
عبد الجبار ربيعي



سأحاول في هذه السطور الموجزة الإجابة عن هذا السؤال الذي يحمل معنيين اثنين حتى لا يقال بلاغياً على الأقل إن العربية لغة تاريخية كأصحابها هذا السؤال مؤداه معنويا: لماذا تهاجَم العربية؟ ولماذا يجب أن ندافع عنها؟ في هذا الجزء سأجيب عن السؤال الأول وقبل أن أجيب أو أقدّم ما يشبه الإجابات سأدفع بهذه الحقيقة المحيرة عن العربية إلى ذهن القارئ حتى يكون مستعدا لما هو أغرب.
حاول معي صديقي القارئ أن تفهم من أي منطلق كان: ثقافي- نفسي - اجتماعي.. ظاهرة تحصل بيننا وعلى مرأى أعيننا دون أن ننتبه إليها نحن، طبعا نعرفها لكننا لا ننتبه إليها، يمكن للعين كتمثيل للعقل البشري أن تلتقط فقط الصور والتفاصيل المركزية من مجموعة هائلة من الصور والتفاصيل حتى إننا إذا قوّمنا قدرتها على الإحاطة بما أمامها برويّة سنجد أن هذه العين في غاية الغباء المعرفي.
أعود إلى الظاهرة التي تحدثت عنها سأصورها بالشكل التالي: افترض أنك طالب في شعبة علم الاجتماع وطلب منك الأستاذ أن تقدم استبانة أو ما يسمونه استبيانا عن عدد الطلبة الذين يريدون بإلحاح دراسة تخصص اللغة العربية وآدابها.. ترى ما سيكون موقفك هل ستقوم بهذه الاستبانة فعلا؟ ماذا لو قمت بهذه الاستبانة؟ ماذا تتوقع أن تكون نتائجها؟ من الممكن جدا أن تطلب من أستاذك تغيير موضوع الاستبانة أو العرض عموما.. يدفعك إلى ذلك رغبتان ممتزجتان هما الحياء والاستعلاء.. ونحن نعلم أن الحياء شعبة من شعب الإيمان، لكننا نعلم أيضا أن أول معصية في الأرض كان سببها الكِبر أو الاستعلاء فحاصل ضرب السالب في الموجب رياضيا هو السالب طبعا، أي أن المسالة سلبية.. هذا يعني أن هناك مشكلة ما؟ هذا مجرد استنتاج من مقدمات، لكن الحقيقة يعرفها الجميع وهي أن أكثر الناجحين في البكالوريا، وفئة منهم قد تكون كبيرة أو صغيرة، نجحوا آليا فقط عن طريق الوسائل المعهودة.. أقول إن أكثر الناجحين في البكالوريا يستحيون من العربية ويستعلون عليها وفي مرحلة متقدمة يحتقرونها.. هناك مفارقات كثيرة جدا في هذه الحقيقة مثلا الطالب الذي ينجح بالغش يحتقر العربية.. الطلبة الذين يتكلمون باللسان العربي يحتقرون لغتهم.. البلاد التي يعيش فيها الطالب بلاد عربية وبيئته بيئة عربية.. لقد رأيت بنفسي كيف لا يضع الطالب الناجح حديثا في البكالوريا في حسبانه شيئا يسمى اللغة العربية وآدابها.
في الحقيقة، فإن أكثر من تسعين في المائة من الذين يدرسون هذه الشعبة مجبرون على ذلك؛ لأن معدلاتهم لم تؤهّلهم لدراسة فروع أخرى.. طبعا أنظمة التعليم العالي في بلادنا ستمنحك فرصة مثالية للبقاء في مقابل إفناء العربية.. ماذا لو كنت نباتيا وأعطوك لحما مطبوخا لتأكله خمس سنوات كاملة، ماذا سيتبقى منك؟ أنت طبعا هو اللغة العربية وآدابها واللحم المطبوخ هو أنت أيضا أنت والعربية شيء واحد.. كثير جدا من المتخّرجين في هذه الشعبة وبعد قضاء ثلاث سنوات أو خمس سنوات في الدراسة لا يستطيع أن يتكلم جملة واحدة بالعربية.. لا يستطيع أن يكتب فقرة من إنشائه.. كل ما يستطيعه هو أن يكرر بعض ما حفظ وبطريقة عشوائية مثل الاحتمالات في الرياضيات تماما.. الاحتمالات طبعا هي نظرية رياضية - فيزيائية تسعى للبرهنة على الفلسفة المادية التي تنكر وجود الإله، كانت ردا على آينشتاين حينما حاول أن يوجد قوانين تحكم حركة أصغر الجزيئات في الضوء ليعممها على القوانين الكلية للكون ويثبت بذلك أن للكون خالقا يسيّر الكون بقوانين محددة.. لكن ميكانيكا الكم قالت غير ذلك: الاحتمالات العشوائية فقط هي التي تفسّر حركة الكون.. سنردّ نحن فلسفيا على نظرية الاحتمالات من خلال صديقنا طالب الأدب العربي الذي سيمنحنا فرصة ذهبية لدحض هذه النظرية.. إذا كان الطالب لا يستطيع أن يطبق قانونا موحدا لكتابة فقرة أو نص، فهذا يعني أنه لا يفكر بل يكتب بصورة عشوائية.. النص الذي يكتبه ليس نصا خاصا به إذن، بل هو ناتج الاحتمالية وصوابه وخطأه أو ضعفه وقوته ليس مرده إلى الطالب، ولكن إلى الشكل الذي أوجد فيه النص نفسه لحظة تشكله.. فهو ليس نصا إذن.. سؤال آخر: هل العربية سهلة إلى هذه الدرجة التي تجعل أدنى الطلبة علميا يوجهون إليها ويدرسونها.. وبعضهم يتفوق فيها، هذا مع تفوّقه في علامة امتحان البكالوريا في مادة الأدب العربي؟
لقد أوردت كل هذه الأسئلة والاستشكالات لأقول أمرا واحدا هو إن المشكلة لا تكمن في العربية؛ لأنها لم تختر لنفسها مثلا أضعف الطلبة علميا.. لم تقرر أن يكون معدل التوجيه إليها هو أدنى معدل بين جميع الفروع؛ نعم بين جميع الفروع، لاحظوا كلمة (جميع) جيدا.. لم تلزم العربية خريجيها بأن يحدثوا كوارث طبيعية في جملها ونصوصها وفي أثناء الكلام بها.. لم تمنح بنفسها العلامة المرتفعة في امتحانها للطلبة المهترئين.. بصراحة هل يفكر أكثر الأساتذة الجامعيين المختصين بالأدب العربي -وأنا واحدٌ منهم- في توجيه أبنائهم إلى هذه الشعبة المسكينة؟ أم يفكرون في فروع أخرى كالطب والصيدلة واللغات الأجنبية؟ مائة في المائة من الحالات التي كنت أسأل الطلبة الذين يوجهون لدراسة الأدب العربي كما يطلقون عليه، عن رغبتهم، كانت الإجابة بضرورة تغيير الشعبة وكانوا يسوقون أعذارا هامشية حياء منيّ..
أردت أن أقول إن مشكلة تدريس التلاميذ بالعامية في الابتدائي هي مسألة ثانوية نعم لأننا لا يمكن أن نهاجم العربية وأن ندافع عنها في الوقت نفسه.. علينا أن نختار أحد الأمرين.. إذا حدث واخترنا أحد الطريقين، فستكون العربية قد نجت حتى لو اخترنا أن نهاجمها.. لأن العربية عندئذ ستعرف عدوها من صديقها.. ليس بالضرورة أن نقول إن العربية سيئة.. حتى لو قلنا إن العربية عظيمة.. يكفي فقط أن نفعل بعض ما سلف ليكون هجومنا عليها أشد وأعنف وأخبث.. العربية تقول لنا:

فإما أن تكون أخي بصدق÷ فأعرف منك غثِّي من سميني
وإلا فاطّرحني واتّخذني ÷ عدوا أتّقيك وتتّقيني

هوامش:
* المشكلة لا تكمن في العربية؛ لأنها لم تختر لنفسها مثلا أضعف الطلبة علميا.. لم تقرر أن يكون معدل التوجيه إليها هو أدنى معدل بين جميع الفروع؛ نعم بين جميع الفروع، لاحظوا كلمة (جميع) جيدا.. لم تلزم العربية خريجيها بأن يحدثوا كوارث طبيعية في جملها ونصوصها وفي أثناء الكلام بها..

أمازيغي مسلم 12-08-2015 11:05 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
سياسيون وأكاديميون يستنجدون بالرئيس في ندوة الشروق:
أشعلت الفتنة يا بن غبريط.. وحججك باطلة


حذّر المشاركون في ندوة "الشروق" حول إدراج العامية في المدرسة، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من الوقوع ضحية مخططات "التيار الفرنكوفيلي" الذي يرفع شعار "الإصلاحات" للنيل من الهوية الوطنية، حيث دعا خبراء وأكاديميون وسياسيون حضروا النقاش، رئيس الجمهورية أن ينتفض ضد المسؤولين الذين يتحدثون باسمه في مستويات عديدة، ويسعون لتمرير قرارات خطيرة على تماسك المجتمع ووحدة البلاد، تحت قناع "تجسيد برنامج الرئيس"!.
وأضاف المتدخلون أنّ هذا التوجه يضرب مشروع المصالحة الوطنية في الصميم، إذ أنه يمثل تعدّيا على مكونات هوية الأمة، ويستفزّ مشاعرها العامة، ليقدم مبرّرات أخلاقية من شأنها تغذية الفكر المتطرف، والعودة بالجزائر إلى مربع الإرهاب.
ضيوف ندوة "الشروق" أجمعوا على أن مقترح العامية لا يستقيم مع المقاربات العلمية والمنهجية، مؤكدين أن حجج الوزارة التي يروّج لها إطاراتها حتى الآن، هشّة وضعيفة ولا تتأسس على أي منطق علمي أو اجتماعي، ولم يسبق لأي دولة في العالم أن أخذت بهذه الفكرة الملغمة، بل على العكس من ذلك، تسعى كل المنظومات التعليمية عبر القارات الخمس، إلى استعمال لغة أساسية لتوحيد السكان الذين قد تتعدد لهجاتهم الجهوية والعرقية، لكن يجمعهم لسان واحد هو المقرّر دستوريا وإداريا ومدرسيا، وهو الأمر الذي دفع بالمشاركين في النقاش، إلى اعتبار مثل هذه المقترحات تمهيدا لتقسيم الوطن إلى بيئات لغوية، ثم مناطق جغرافية تبحث عن الانفصال! .
وبخصوص، الخلفيات الحقيقية التي يهدف إليها إدراج العامية في التعليم، فقد توافقت آراء الضيوف حول خدمة الفرنسية على حساب اللغة العربية، استجابة لتوجهات القائمين على القطاع، أو تنفيذا لإملاءات خارجية مثلما ذكر بعضهم، مستغلين الظروف العامة التي تمرّ بها البلاد على الصعيد السياسي والاقتصادي.
لكن بعض الآراء، ذهبت إلى تفسير المقترح، بمحاولة تلهية النقابات بملفّ أيديولوجي، لصرف نظرها عن المطالب العمالية التي أضحت عبئًا على الحكومة.
ولم يفوّت الحضور الفرصة، دون دعوة كافة الفعاليات الاجتماعية، وعلى رأسها النقابات التربوية، والمجتمع المدني، والأحزاب السياسية، إلى تشكيل "جبهة موسّعة" للتصدّي لأي توصية من شأنها أن تهدد مستقبل المدرسة والمجتمع ككلّ، وترهن مصير الأجيال لخيارات أقليات نافذة، تريد فرض نموذج مجتمع على الأغلبية المتشبثة بانتمائها القومي والحضاري.

خبراء وأكاديميون وسياسيون في ندوة "الشروق" حول مقترح العاميّة:
حزب فرنسا يحارب العربية ويهدم المدرسة باسم الرئيس!!؟.

طلب ضيوف ندوة "الشروق" من رئيس الجمهورية التدخل لوقف مهزلة العامية في المدارس، لأن الأمر خطير، ومن شأنه أن يهدد استقرار الوطن، داعين النخبة المفرنسة في الجزائر إلى عدم السقوط في فخ اللغات، واستغلالهم بهدف تمرير مخططات ومشاريع لا تخدم العباد والبلاد، خاصة أن "إباحة" تدريس الدارجة ستزحف إلى قطاعات أخرى، فيصبح الإمام يخطب الجمعة بالعامية، وتجبر وسائل الإعلام على إفراد حيز لحصص عامية، كما اقترح الضيوف تشكيل جبهة وطنية لمواجهة الوزيرة نورية بن غبريط.

الإعلامي سليمان بخليلي:
نتخوف من التضامن الحكومي وامتداد العامية إلى التلفزيون والمساجد

عبر الإعلامي المعروف سليمان بخليلي عن تخوفه من تضامن حكومي مع الوزيرة نورية بن غبريط، في مشروعها بإدراج العامية في المدارس الابتدائية من أجل ترويج وتكريس القرار ليشمل قطاعات أخرى: "حيث سيجبر وزير الشؤون الدينية الأئمة على إلقاء خطبهم بالعامية، ووزير الاتصال الصحفيين على إدراج حصص بالدارجة في التلفزيون، تحت مبرر مواكبة الإصلاحات التي أعلنت عنها وزارة التربية، وهذا من بين الآثار الخطيرة والوخيمة التي سيخلفها القرار".

الأكاديمي الأستاذ الجامعي جمال لعبيدي:
يريدون إسقاطنا في فخ اللغات بدل اقتحام الميدان الاقتصادي

حذر الأكاديمي الأستاذ جمال لعبيدي، من السقوط في فخ اللغات وتحويل معركة النقاش، من التناقض الحاصل بين العربية والفرنسية، إلى العربية والدارجة. واعتبر ضيف "الشروق" أن القرار استفزاز ومشكل عميق، مؤكدا على "أننا في حاجة إلى أن نجند القوى لتوقيف تدهور اللغة العربية والعمل على إدراجها في ميدان الاقتصاد، بالأفعال وليس الأقوال، لأن التحديات القادمة اقتصادية بامتياز وعملية، وليست معارك شعر وغزل".

الناطق باسم حركة النهضة محمد حديبي:
لنتوحد في جبهة قبل نزول القرار إلى الشارع:

دعا القيادي في حركة النهضة، محمد حديبي، مختلف فعاليات المجتمع في الجزائر إلى تشكيل "جبهة وطنية" تضم حتى التيار الفرنكفوفوني، من الذين يتكلمون باللغة الفرنسية لكن لا يفكرون بها، واتهم حديبي جهات في السلطة بتحكمها في القرار، وفرض منطقها على أغلبية الشعب الجزائري، عن طريق التحضير لثقافة الأنديجان بصناعة جماعة تمثل "النخبة" وأخرى تعبّر عن "الأهالي".
كما دعا ضيف "الشروق"، إلى احتواء القرار قبل نزوله إلى الشارع، وتأزم الوضع، عن طريق فتح نقاش حر للفصل بين جماعة التخطيط والتنفيذ، خاصة أن هناك نخبة مفرنسة يتم توريطها في المخطط، وهم أناس بريئون من هذا العمل، بل يتم تخويفهم بـ"الخبزة"، على حد قوله.
ولفت حديبي إلى أن توقيف مهزلة العامية بات ضروريا ورسميا، لأنه سيحصل اضطراب: "نتخوف من انفصام بين السلطة والمواطن، يؤدي إلى تطرف جديد يكون شبيها بسيناريو التسعينات".

الوزير السابق أبو جرة سلطاني:
خيار بن غبريط يضرب المصالحة الوطنية التي حمل لواءها الرئيس.

قال الوزير السابق أبو جرة سلطاني إن قرار وزارة التربية حول العامية، يعد ضربا في العمق لمشروع المصالحة الوطنية، الذي استنزف طاقات الرئيس واستهلك أربع عهدات من حكمه. وخاطب سلطاني الرئيس بالقول: "عليك أن تنتفض، لأن بعض الأطراف تتحدث باسمك، ويريدون إخراجك من التاريخ، بلوثة معاداة الإسلام واللغة العربية"، قبل أن يشير إلى أن برنامج الرئيس ليس فوق الدستور، ولا قانون التوجيه المدرسي الذي صادق عليه البرلمان.
واعتبر رئيس حركة مجتمع السلم السابق، أن هذا القرار يغذي الفكر المتطرف، لأن المدرسة ترفع مستوى الناس، ولا تخفض مستوى التعليم ليكون دارجا، "غير أن بعض المسئولين عجز لسانهم أن يكون عربيا، فأرادوا تخفيض اللغة العربية لتطاوع لسانهم".
وطالب ضيفنا باعتماد الإنجليزية، لأن نصف قرن من الفرنسية لم يعد بالفائدة على الجزائريين، و"علينا الاقتداء بجنوب إفريقيا". ولفت سلطاني إلى أن بن غبريط تدعو إلى الفلكلور، وتريد إخراج الجزائريين من أمة إلى "غاشي"، قبل أن يتطرق إلى الرئيس السابق اليامين زروال الذي كان يمنع على الوزراء في الاجتماعات الحديث بالفرنسية، حتى إنه فرض تعليمة بعدم التراسل إلا بالعربية.
ووجه محدثنا نداء إلى نقابات التربية، وجمعيات أولياء التلاميذ، للوعي بخطورة ما ينتظر أبناءهم، لأنهم سيصبحون تلاميذ من دون لغة، وسيحتاجون إلى مترجم مستقبلا، فلا يتقنون أي لغة، لافتا إلى أن قطاع التربية استنزف أكبر الميزانيات من 1962، بعد مؤسسة الجيش، ذهبت كلها إلى الكتاب المدرسي، لكن من دون فائدة، محذّرا من أن طبع كتب جديدة بالعامية سيكلف ما يقارب ميزانية 20 ألف وحدة سكنية.

الأكاديمي الكاتب سليم قلالة:
الخلل في مؤسسات الدولة الغائبة والنائمة:

اعتبر الباحث السياسي سليم قلالة أن ما يحدث من قرارات عشوائية، عادة ما تصاحبها بلبلة في الساحة السياسية، مرده إلى غياب مؤسسات الدولة، "فلا البرلمان ولا المجالس المنتخبة تشتغل كما ينبغي".
ويرى قلالة أن الحل يكمن في إعادة تفعيل دور المؤسسات وإعادة الاعتبار لرئاسة الجمهورية، وعدم العمل بالعواطف، مع ضرورة التوجه إلى طرح استراتيجية بديلة على المدى البعيد، لأن المسألة لا تتعلق بالعودة إلى الوراء، بل في كيفية حل مشكل اللغات في الجامعات والإدارات الاقتصادية.

وزير التربية السابق بن عمار مصطفى:
على النقابات التربوية توقيف هذه القرارات العشوائية:

فسر وزير التربية السابق، بن عمار مصطفى، لجوء بن غبريط إلى إدراج العامية بالمدارس الابتدائية بإحساس التيار الفرنكفوني بالخطر، بعد تراجع المهتمين بهذه اللغة، فالجرائد والتلفزيونات معرّبة، حتى إن العائلات أضحت عبر المسلسلات تتقن العربية الفصحى، داعيا بهذا الخصوص النقابات إلى توقيف هذه القرارات العشوائية، حيث "تقع على عاتقها مسؤولية إيقاف مقترحات كهذه"، مثلما شدد على ضرورة اطلاع الرأي العام على 200 توصية التي خرجت بها ندوة إصلاح المدرسة الأخيرة.

هكذا فسّر سياسيون وأكاديميّون خلفيات موضوع "العامية":
انتقامٌ من العربية.. انتصار للفرنسية.. وإلهاء لنقابات التربية.

أجمع السياسيون والنواب المشاركون في الندوة التي نظمتها "الشروق"، حول مقترح التدريس بـ"الدارجة" في الأقسام الابتدائية، على أن الحجج والأسباب التي حاولت وزيرة التربية إقناع الرأي العام والنخبة بها وبضرورة التدريس بـ"العالمية" لا مبرّر لها غير الدوافع الذاتية لبعض الجهات التي تسعى لتفتيت اللغة العربية الفصحى.
ووزير الدولة الأسبق أبو جرة سلطاني، في رده على سؤال حول موقفه من مشروع إدراج "العامية" في المدرسة، وعن سرّ عدم التطرق إلى 199 وصية أخرى من التوصيات التي خرجت بها الندوة الوطنية لإصلاح المنظومة التربوية، والتركيز على قضية التعليم بـ"الدارجة"، قال: لا توجد "دارجة" في العالم بإمكانها استيعاب العلوم، الدراسات العلمية تتم باللغة المشتركة التي يفهمها الجميع ولهذا فلا يمكن أن نألف كتبا بـ"الدارجة"، واللغة "الدارجة" ليست غنية بالمفردات التي تمكننا من استيعاب العلوم، مشيرا إلى أن تدريس العلوم وإصلاح المدرسة لا يتم إلا بالتدريس بالفصحى، وأشار ابو جرة سلطاني إلى أن القضية أعمق بكثير، حيث قال: "مشروع القضاء على اللغة العربية ظهر في 1962 وتم الإبقاء عليه في الثلاجة طيلة السنوات الماضية بعد أن رُفض المشروع، ولكن فوجئنا به يعاد إلى الواجهة بعد كل هذه السنوات".
من جهتها، اعتبرت زينب الميلي أن حقد الفرنسيين على اللغة العربية أكبر من حقدهم على أهم معاقل الثورة التحريرية بالأوراس منطقة "النمامشة"، قائلة: "مشروع تطوير اللغة العربية اغتيل في اتفاقيات "ايفيان" وهذا سبب السقطات التي تعيشها اللغة العربية وقطاع التعليم منذ مطلع الاستقلال".
وفند الباحث والأكاديمي الدكتور لعبيدي جمال، الحجج التي ساقتها الوزيرة بن غبريط وطاقم "الخبراء" الذي تعتمد عليه قائلا: "ما تقوله بن غبريط لا أساس له فهو يفتقر إلى العقلانية والعلمية، المعروف في كل البلدان أن اللغة الأدبية هي لغة المدرسة، ولا حضارة بدون لغة أدبية"، مشيرا إلى أن تعميم اللغة الأدبية من خلال المدرسة ظاهرة جديدة ولغة شكسبير مثلا لم تكن اللغة الانجليزية ولكنها تعممت من خلال المدرسة حتى لا تبقى لغة نخبة وهذا يدخل في إطار "ديمقراطية" التعليم ونفس الشيء عندما نتحدث عن تعليم اللغة العربية التي هي لغة غالبية الجزائريين، والمعروف في العالم المعاصر حدوث ثورات مدرسية، اللغة الفرنسية مثلا أصبحت لغة أدبية في بداية القرن العشرين فقط عن طريق المدرسة، وأكد الدكتور بجامعة الجزائر جمال لعبيدي، أنه: "يستحيل أن نؤسس لسياسة تربوية اعتمادا على مبررات ذاتية وضعيفة، واللغة الأساسية الوحيدة هي اللغة العربية الفصحى ولا توجد لغاتٌ أساسية أخرى"، مذكرا أن مصلحة الشعب الجزائري تكمن في ترقية اللغة العربية لأنها لغة الأغلبية وليس في تفتيتها، مشيرا إلى أن المشروع ليس بالجديد، وأن الفكرة كانت مطروحة منذ عهد الاستعمار عند الاندماجيين وأنصار التيار الفرنكوفوني.
وفي سياق متصل، اعتبر القيادي في حركة "النهضة " محمد حديبي أن النظام القائم فصل في خيار المجتمع قائلا: "ميدانيا الجزائر لم تعد ذات بُعد عربي إفريقي إسلامي ولا أدل على ذلك من التذبذب والتراجع اللذين تشهدهما مختلف المجالات، موضوع المنظومة التربوية، تغيير العطلة الأسبوعية، عودة مشكل اللغة، موضوع قانون الأسرة، المرأة في المجتمع الجزائري، خلق نموذج فاسد من الشباب الجزائري ونشاط المثليين والجمعيات المشبوهة، و"الدارجة" هي التي أفاضت الكأس خاصة عندما يعتمد المسؤولون الجزائريون على اللغة الفرنسية في المحافل الوطنية والدولية"، وأضاف حديبي قائلا: "اللغة العربية هي أوسع لغة لاستيعاب مناهج التعليم، والدليل على ذلك حث وزيرة التربية الفرنسية على وضع مبادئ القرآن الكريم ضمن مناهج التعليم الفرنسية".
وفضل الدكتور سليم قلالة، الرد على دعاة قصور اللغة العربية ووجود مبررات علمية ومنهجية لإحلال الدارجة بدل الفصحى في المدرسة بقوله: "في فرنسا توجد أكثر من أربعين لغة ولهجة جهوية، واتفق الخبراء الفرنسيون على أن اللغة الفرنسية هي التي توحّد الأمة رغم المطالبة بترسيم هذه اللهجات"، واعتبر المتحدث أن قضية التعليم بالدارجة في المدرسة الجزائرية لا علاقة لها بالخيار العلمي، كما أن تعليمة التدريس باللغة الأم التي أصدرتها هيئة الأمم المتحدة مقتصرة على الشعوب الإفريقية المستعمَرة"، مؤكدا أن خلفية إدراج الدارجة في المدرسة الجزائرية هي خيارٌ سياسي يتعلق بتوجيه المجتمع نحو مسار معيّن، ولكن الكارثة أن تستمر الوزيرة في هذا الطرح حتى وإن كان هذا الخيار سيدفّعنا الثمن غاليا.
وقال رئيس حركة مجتمع السلم السابق أبو جرة سلطاني، أن محاولة ترسيخ "العامية" أو "الدارجة" في المنظومة التربوية ليست "إبداعا" من الوزارة الوصية، وإنما هي إحياء لمشروع استعماري قديم، هدفه فرض الفرنسية، بالقفز على الأمازيغية والعربية الفصحى والدارجة، وأكد ضيف ندوة "الشروق"، أن حركته كانت من بين المطالبين بإدراج الأمازيغية وكتابتها بأحرف عربية "فلمْ يوافقونا وقرّروا كتابتها بحروف فرنسية"، وفسّر وزير الدولة السابق، خلفيات طرح مقترح "العامية" في هذا التوقيت، بمحاولات طمس العربية الفصحى، بفعل ضمور اللسان الفرنسي بالجزائر في الفترة بين 1994 إلى 2014، وتناقص مقروئية الصحف الناطقة بالفرنسية، وأيضا انهزام الفرنكفونية في العالم لصالح الأنجلوفونية، ما دفع هؤلاء إلى المراهنة على مستعمرات فرنسا التاريخية لضمان تمديد عمر الفرنسية.

زينب الميلي: "نخبتنا الحاكمة لم تفهم شعبها حتى الآن":

هو طرح وافقته الكاتبة والإعلامية السابقة زينب الميلي، مُحملة المحتل الفرنسي و"عُصبته بعد الاستقلال، مسؤولية محاولة القضاء على العربية الفصحى"، حين كان يُشمّع المدارس المُعرّبة، ويحارب علماء الجزائر، مشددة على أنّ الشهداء ماتوا في سبيل إعلاء راية اللغة العربية، واعتبرت بنت العربي التبسي، أن فرنسا بقيت في الجزائر 132 سنة كاملة "لكنها لم تفهمنا"، وهو حال النخبة الحاكمة في الجزائر حسب تعبيرها، لتتساءل ضيفة "الشروق" عن معنى بعض التصريحات الغريبة للوزيرة بن غبريط، مثل القول إن أبناءنا لا يفهمون اللغة الفصحى؟.


"الفرنسية انحصرت في عُقر دارها فتوجهت إلى شمال إفريقيا":
نظرية المؤامرة الفرنسية، أيدها بدوره النائب السابق عن حركة النهضة محمد حديبي، معتبرا أن إشكاليّة "العامية" تتجاوز البُعد اللغوي، فهي ذات أبعاد سياسية وإستراتيجية وذات أهمية عبر العالم"، حيث أن اللغة الفرنسية - حسبه - انحصرت حتى في عقر دارها. ويعتبر حديبي أن خلفيات النقاش حول موضوع العامية تعود للصراع حول اللغة ككل في الجزائر، وهي "قضية لها علاقة بالسياسة الخارجية الفرنسية، وببعدها الثقافي داخل مستعمراتها السابقة"، ففرنسا - يضيف حديبي - شعرت بالخطر من تراجع نفوذها اللغوي والثقافي خاصة بشمال إفريقيا، والحل الوحيد لاسترجاع "هيبة لغتها المفقودة" هو في استغلال الوضع السياسي الراهن بالجزائر، والوضع الصحي للرئيس لطرح أجندتها.

"الهدف هو تلهية نقابات التربية بالعامية":
وجهة نظر الإعلامي والمنتج سليمان بخليلي جاءت مخالفة للآراء السابقة، فحسبه إدراج العامية في المدارس هو من طبخ "مخابر أصحاب القرار"، ويفسر بخليلي قوله، أن الوزيرة نورية بن غبريط، أرادت من طرح الموضوع في هذا التوقيت بالذات "كسْر" شوكة شركائها الاجتماعيين الذين حققوا مكاسب معتبرة خلال المواسم الدراسية المنصرمة، وكادوا يتسببون في سنة مدرسية بيضاء، ".. فخرجت عليهم بموضوع العامية لتمييع عملهم النقابي وإلهائهم بنقاشه"، أما المستفيد الثاني من الموضوع حسب بخليلي هم عصبة الفرانكفونيين المنتشين بالقرار، لكن سرعان ما انقلب "السحر على الساحر" ووجد هؤلاء أنفسهم أول ضحايا إدراج "العامية" بعدما وقف الشعب وقفة رجل واحد يطالبون بإحلال اللغة الإنجليزية مكان الفرنسية، ويفسر بخليلي خلفيات طرح الموضوع الآن، بالقول "مفتشو التربية المجتمعون مؤخرا في مداخلة عبر وسيلة إعلامية وبلغة فرنسية، أكدوا أن الموضوع متعلق ببرنامج رئيس الجمهورية"، وهذه الجملة تُفسّر لنا كل شيء حسب قوله.

"الخلل في تعيين وزيرة تريد فرض أيديولوجيتها":
استبعد الباحث الأكاديمي جمال لعبيدي نظرية المؤامرة، مُعطيا للموضوع تفسيرا آخر، فهو يرى أن المجتمع الجزائري منقسم منذ زمن لمعسكرين في جميع المجالات، ومنهم الفرنكفونيون والمعربون، والإشكال - حسبه - ليس في العامية التي تُعتبر هوية وطنية "ومع ذلك ليس بإمكانها منافسة الفرنسية" يقول، لأنّ الدولة لم تتمكن من فرضها كلغة اقتصادية، رغم تعريب مناهج المنظومة التربوية منذ الاستقلال، والخلل الثاني حسبه فهو في وضع وزيرة ذات مرجعية فرنكفونية على رأس قطاع التربية، والتي ستسعى حتما لفرض إيديولوجيتها حسب تعبيره.

"بن غبريط تُطبق توصيات أعلى هرم السلطة":
تمنى وزير التربية الأسبق مصطفى بن عمار لو قدمت وزارة التربية، توضيحا لقرارها، متسائلا: كيف لمفتش بالوزارة الحديث بهذه البساطة في موضوع مهم؟ مشدّدا بهذا الخصوص "لمّا كنت على رأس القطاع لم يتكلم أحدا باسمي"، وحسبه حتى الوزيرة بن غبريط ليس بإمكانها التصريح دون الرجوع لأعلى الهرم، وهو ما يطرح فرضية سعي صناع القرار لفرض واقع العامية حسب بن عمار، كما أيد ضيف "الشروق" طرح الإعلامي سليمان بخليلي أن الوزارة تريد "إلهاء" نقابات التربية لكسر حركاتها الاحتجاجية، وكان الأولى حسب رأي الوزير الذي شغل منصبه في الفترة بين 1987/ 1988 فتح نقاش حول مناهج التعليم وتطوير الكتاب المدرسي ووضعية التمدرس.

"العامية واحدة من السياسات الخاطئة في مجالات عديدة"
" ...هو استهتار بالقيم أو سياسة مسطرة من الدولة"، بهذه الكلمات لخّص الدكتور بجامعة الجزائر سليم قلالة، خلفيات طرح موضوع العامية، مضيفا "إذا كانت سياسة مسطّرة فأعتبرها سياسة خاطئة، على غرار الكثير من سياسات الجزائر في جميع المجالات".

أمازيغي مسلم 14-08-2015 04:10 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
الخبير الدستوري محمد فادن يرفع البطاقة الحمراء في وجه بن غبريط:
ما تقومين به انحراف عن الدستور ومساس خطير بالوحدة الوطنية

هاجم محمد فادن، العضو السابق بالمجلس الدستوري والمجلس الشعبي الوطني، وزيرة التربية، نورية بن غبريط، على خلفية تصريحاتها الأخيرة التي أعلنت من خلالها عزمها على التدريس بـ"الدارجة" في الأقسام الابتدائية.
وأكد محمد فادن، العضو السابق بالمجلس الدستوري، في بيان تلقت "الشروق" نسخة منه: "إن ما تخطط له وزيرة التربية الوطنية باستبدال تدريس اللغة العربية الفصحى بما هو متداول عند عامة الناس في كل بلدية أو ولاية يشكل انحرافا عن الدستور ومساسا خطيرا بالوحدة الوطنية طالما أن لسان عامة الناس يختلف من منطقة إلى أخرى".
وذكر المتحدث في سياق متصل: "إن المؤسس الدستوري حين خص اللغة العربية بمرتبة دستورية سامية بجعلها لغة وطنية ورسمية لا يمكن أن يمسها التعديل الدستوري باعتبارها أحد المكونات الأساسية للهوية والثقافة وقيم المجتمع الجزائري. ولهذا فقد كرس لها حصانة دستورية خاصة تحميها من أي مبادرة ترمي إلى إعادة النظر فيها مهما كانت الأسباب والمبررات"، مشيرا إلى أنه: "تطبيقا لهذه الأحكام التي تعد ما فوق الدستورية لا يجوز إعادة النظر في مكانة اللغة العربية باعتبارها لغة وطنية ورسمية بإضافة لغة ثانية بنفس القيمة الدستورية كما لا يمكن للمؤسسات التي وجدت من أجل المحافظة على الهوية والوحدة الوطنية ودعمها أن تقلل من شأنها وأن تجعلها مصدر تفرقة بين الجزائريين".
ودعا رئيس الجمهورية باعتباره حامي الدستور (المادة 70) وباعتباره المؤهل للفصل في الأمر، إلى إيقاف هذا الانحراف الخطير على الفور. وفي سياق متصل، دعا المحمد فادن المجتمع المدني والأحزاب السياسية والبرلمانيين إلى ممارسة ضغوطات سياسية وإعلامية على الوزيرة من أجل الحيلولة دون تطبيق هذا القرار.


أمازيغي مسلم 14-08-2015 04:12 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

نصيحة ثمينة إلى بن غبريط
أبو محمد عبد الرحمن



يُحكى أن الفيلسوف الحكيم الصيني كونفوشيوس، لاحظ ذات يوم أن الأخطاء بين النخب الحاكمة تزداد يوماً بعد يوم، وتتعاظم أكثر فأكثر، وبسببها كثر الفساد والانحراف في البلاد، وعند تحرّيه الأمر، وجد سرّ ذلك يكمن في عدم اعتراف هؤلاء الحكام بأخطائهم، فقال حكمته المشهورة: "عدم الاعتراف بالخطإ يعتبر خطأ أعظم". ولما سمعوا هذا الكلام أخذوا به، فتحسّنت أحوال البلاد، وتلاشى الفساد والانحراف.
نقول هذا الكلام، لوزيرة التربية والتعليم، نورية بن غبريط، إذ بتزايد أخطائها يوماً بعد يوم، وبمرور الأيام، فإنها تقترب أكثر فأكثر من نهايتها، وذلك بسبب تعنّتها وإصرارها على الأخطاء التي تقترفها بقراراتها المنافية لكل المناهج، المخالِفة لجميع الأساليب البيداغوجية وأعرافها. هذه الوزيرة التي لا تريد ـ عمداً ـ الاعتراف بأخطائها الكارثية، خاصة موضوع الساعة، الذي أسال الكثير من الحبر، القاضي بإدخال اللهجات العامية في الأطوار الأولى من التعليم الأساسي، بذريعة مساعدة التلاميذ على استيعاب المنهج الدراسي، وهذا ما جعل الخطأ يتعاظم شيئاً فشيئاً.
نعم، على وزيرة التربية، إعادة تصحيح بعض المفاهيم الخاصة برؤيتها التي من خلالها يجب أن تتصرّف وتعمل، حتى لا يكون مستقبل الوزارة أسوأ مما هو عليه الآن، فعندما تبدأ المسؤولة الأولى عن الوزارة الوصيّة في تحسين النظرة الصحيحة التي بموجبها يتمّ تصحيح المفهوم، سوف ترى مكاسب ذات مغزى من منطلق التصرف والفعل.
إن التأثير الوحيد الذي تملكه بن غبريط، هو التأثير في قراراتها فحسب، إنها لا تهدر جهداً في أشياء خارجها، فالاتجاه نحو الأحسن ليس اختياريا، ولا إجباريا، إنه بكل بساطة عملية تحسين للوضعية الحالية إلى ما تريد أن تكون عليه المنظومة التربوية.
إذن، الطريقة الصحيحة لتحسين هذه المنظومة، هي في اكتشاف عيوب وأخطاء أسلوب التعليم في بلادنا، وما هي نواحي النقص فيه؟ وعلى غراره نعترف بكل هذه العيوب، وبالتالي الاستفادة منها وتحسينها، لأنه من سمات نهوض الأمم وتقدمها؛ ففي الآونة الأخيرة كثرت الأصوات الشاكية من مناهج التعليم، ومن خلالها تعالت الانتقادات الموجّهة إلى هذه المناهج، متهمة إياها ليس فقط بالتقصير في وصولها إلى المستوى المطلوب، بل فوق ذلك بأنها تكاد أن تكون السبب في إخماد فتيل الرغبة في التعليم أصلاً.
لقد أصبح التعليم في الجزائر كالأعمى، مما جعله أشبه بالذي يمشي في الظلام من دون هدفٍ واضح وبلا بصيرة تنير له دربه أو حتى السعي وراء استكشاف الحقائق. وهذا الكلام هو ما يبرهن نتيجة وضعنا الحالي الذي أصبح مزرياً، الذي أضحى على حساب وعينا ومستوانا الاجتماعي، ما أدى إلى خمود قوى الإبداع والابتكار، وخمود هذه القوى المهمة أدى إلى محيط سلبي، مما ترك أثراً واضحاً في المجتمع يجره إلى الوراء، ويقيده بعجلة التخلف الجامدة عن الحركة.
هذا ما يدعونا إلى الاعتراف بأن هناك حاجة عظيمة إلى إعادة النظر في أنماطنا التعليمية، وأساليب التعديل، والتطوير فيه، ومن هنا فإن الحاجة إلى الاعتراف بالأخطاء تبدو أمراً ملحاً لكيلا تتعاظم الأخطاء. فهل ستستفيد بن غبريط من هذه النصيحة التي تنبع من حكيم بحجم كونفوشيوس؟ أم إنها ستستمر في الأخطاء التي ستؤدي إلى خراب المنظومة التربوية برمتها؟.

أمازيغي مسلم 14-08-2015 04:14 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
من هؤلاء "الخبراء" الذين اقترحوا اللهجة العامية في الابتدائي!!؟
س. أبو عائشة


عندما خرج علينا أحد إطارات وزارة التربية بتصريح غريب وشاذ حول التعليم بالدارجة في الابتدائي، انتفض الجميع ضد هذا الكلام الغريب. وتدخلت الوزيرة للرد على هذه الانتفاضة الشجاعة، وقالت لوسائل الإعلام إن هذا الكلام غير صحيح، وإنما هو مجرد اقتراح جاء به بعض الخبراء في الورشات الخاصة بتقييم تطبيق الإصلاحات في المدرسة، وإن التعليم بالدارجة سيكون في التحضيري فقط.
وبعد أيام: خرجت علينا مرة أخرى الوزيرة بتصريح مناقض للتصريح الأول!!؟، وأكدت أنه لابد من التعليم بالدارجة في التعليم التحضيري وفي السنة الأولى والثانية ابتدائي!!؟.
ومن هنا يأتي السؤال الجوهري: من هؤلاء الخبراء الذين نصحوا الوزيرة بتبني التعليم بالدارجة في الابتدائي!!؟.
وما هو البحث الذي قاموا به ليتوصلوا إلى هذا "الاكتشاف العظيم"!!؟.
لماذا لم ينصحوا الوزيرة عند تعلم اللغة الفرنسية بأن يبدأوا بالعامية الجزائرية، ثم يتعلموا اللغة الفرنسية بالتدريج بما أنها ليست لغة الأم!!؟.
أليس كذلك يا وزيرة التربية!!؟.
ثم: هل كان الفرنسيون يعتمدون على الدارجة في تعليم اللغة الفرنسية في بلادنا!!؟، أبدا والله، بل كانوا يتحدثون باللغة الفرنسية فقط، وعندما لا يفهمهم أحد التلاميذ يستعينون بالإشارات لا غير.
أما أن يتحدثوا بالدارجة لتعليم اللغة الفصحى، فهذه بدعة في الجزائر فقط. وأخيرا نقول لهذه الوزيرة، شهادة للتاريخ: إذا قررت فعلا التدريس بالعامية في الابتدائي، فسيسجل عليك التاريخ وصمة عار لن تمحى أبدا.. فهل وجدتم مسؤولا في أي بلد يقول عن لغة بلاده الرسمية إنها "تصدم" التلميذ وتمر عليه مرور الكرام!!؟، لا أظن ذلك، ولا يقبلها أي عاقل مهما كان منصبه..
أيعقل أن يتعلم أي تلميذ الفصحى عن طريق الدارجة!!؟، ما هذا الهذيان يا ناس!!؟.
أنا أستاذ لغة عربية تعلمت اللغة الفصحى عن طريق أستاذ فلسطيني لا يعرف الدارجة الجزائرية، وكان يتحدث باللغة العربية الفصحى فقط، وقد تعلمتها بكل سهولة ولم أصدم.
إذن المشكلة ليست في اللغة، وإنما المشكلة في المعلم الذي يعلم هذه اللغة للتلميذ والبرنامج الذي يدرسه، والمطلوب الآن هو:
كيف نكوّن المعلم في منهجية التدريس، وليس إقحام العامية في الابتدائي!!؟.
وأظن بأن هذا "الخبير" الذي نصح الوزيرة بإدراج العامية في التدريس في الابتدائي: إنما أراد بذلك تحطيم ما تبقى من اللغة العربية الفصحى، لنصبح بعد ذلك من دون هوية ولا لغة رسمية..
وعندها سنصبح كالشعب اللقيط، ليس له لا أصول ولا جذور ولا هوية واضحة، وتصبح الفرنسية هي اللغة الرسمية، وتُمحى بعد ذلك اللغة العربية، وهذا هو المقصود بالذات، والأمور واضحة وضوح الشمس.

بلحاج بن الشريف 17-08-2015 05:57 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
لا خوفَ على اللغة العربية مادام في الجزائر رجال مخلصون أمثالك يا أخي الكريم مسلم أمازيغي . إن هذه الهجمات على العربية ليست جديدة من هؤلاء الذين راحوا ضحية تنكرهم لهويتهم الجزائرية الممتدة جذورها في التاريخ ،و سيهزمون كما هُزِم سابقوهم ، و يخرجون من الأبواب الضيقة ، و لكن بعد أن وُصِموا بوصمة العار و الخيانة للأمة .
هذه الطغمة الضالة ، تحارب العربية منذ عهد الامام عبدالحميد بن باديس رحمه الله ، و اكانوا دائما منبوذين من الشعب ، ممقوتين في العالم الاسلامي . و تحرشهم ازداد بالعربية بعد انحسار الفرنسية أمام الانجليزية في العالم، إذ لا يتعدى المتكلمون بها 200 مليون في العالم ، بينما العربية يتكلمها أكثر من 480 مليون زيادة على المليار مسلم .

أمازيغي مسلم 18-08-2015 02:32 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
بارك الله فيك أخانا الفاضل:" بلحاج بن الشريف"، وجزاك الله خيرا على حسن ظنك بأخيك.
تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال.

أمازيغي مسلم 18-08-2015 02:34 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

ترفض جعلها مجرد ديكور لتزيين الدخول المدرسي
النقابات تهدّد بمقاطعة لقاءات بن غبريط نهاية أوت

يُرتقب أن تعقد تبعا للنقاش الذي أثارته تصريحات وزيرة التّربية الوطنية وبعض إطارات وزارة التربية بخصوص التّوجه نحو:" تدريس اللّهجات العامّية في السّنوات الأولى للمرحلة الابتدائية"، وتفتح "الشّروق" المجال أمام المختصّين من إطارات التّربية سواء العاملين في الميدان أو المتقاعدين: الذين أفنوا حياتهم في التّربية والتّعليم، لأنهم أدرى من غيرهم بطرائق التدريس وأساليب التربية، كما أن الأمر يعنيهم بالدرجة الأولى قبل غيرهم.
وتهدد بعض نقابات القطاع بمقاطعة اللقاءات في حال جرت في نفس ظروف اللقاءات السابقة، والتي اعتبروها مجرد "ديكور": لتزيين واجهة الدخول الاجتماعي.
في الموضوع: أكد الناطق باسم:( النقابة الوطنية لعمال التربية:الأسانتيو): " قويدر يحياوي":{ أنهم لم يتلقوا مراسلة من وزارة التربية بشأن اللقاءات، ولكن إذا استدعونا نتمنى أن لا تكون لقاءات شكلية وبروتوكولية مثل سابقتها}، ومما يؤخذ على اللقاءات السابقة -حسب محدثنا- أن إطارات الوزارة: كانوا يخصصون مدة ساعة واحدة يوميا، لسماع انشغالات ممثلي 10 نقابات، وهو ما اعتبره وقتا غير كاف لطرح جميع الانشغالات، ويؤثر على تركيز الإطارات، كما نطالب أن تنتهي اللقاءات بمحاضر اتفاق مكتوبة، وإلا سندرس إمكانية مقاطعتها".

وبدوره: أكد المتحدث باسم:( النقابة الوطنية لعمال التربية والتكوين: اينباف):" مسعود عمراوي": أنهم سيتطرقون خلال اللقاءات المرتقبة للملفات العالقة، ومنها:{ معالجة اختلالات القانون الأساسي بما يضمن إنصاف الأسلاك المتضررة، تسديد الأثر المالي الرجعي لعمليات الإدماج، تسوية وضعية المترقين بين إدماجي 2008 و2012، احتساب الخبرة المهنية للمعلمين المساعدين لاستفادتهم بالرتب المستحدثة، احتساب الخبرة المهنية للمهندسين في التعليم المتوسط، تسوية وضعية المهندسين وحملة شهادة ليسانس في التعليم الابتدائي في غير الاختصاص، واعتماد مبدأ الترقية الآلية 10 سنوات أستاذ رئيسي، و20 سنة أستاذ مكون، استفادة موظفي المصالح الاقتصادية من المنحة البديلة، فتح مجال الرخص الاستثنائية للجميع إلى غاية 2017 ، إدماج المشرفين التربويين حملة شهادة ليسانس في رتبة مشرف تربوي رئيسي، إدماج ملحقي المخابر حملة شهادة ليسانس في رتبة ملحق رئيسي، وتحسين الظروف الاجتماعية والمهنية لموظفي وعمال الأسلاك المشتركة والعمال المهنيين وأعوان الأمن والوقاية}.

أمازيغي مسلم 18-08-2015 02:35 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

الأساتذة والطلبة يحذرون من انعكاساتها على التعليم العالي في:" منتدى الشروق":
الدّارجة: مشروع سخيف سيفكك الجامعة يا بن غبريط



نخبة الجامعة بشأن قرار بن غبريط:
التدريس بالدارجة هو:" مشروع فاشل وسخيف".
كنا ننتظر من:" بن غبريط": تعميم الإنجليزية في التعليم!!؟.

قال الأستاذ بجامعة:( الجزائر 3):" لزهر ماروك" في رده على قرار وزيرة التربية:" نورية بن غبريط": لإدخال العامية في تدريس التحضيري والسنوات الأولى للابتدائي!!؟
" كنا ننتظر من بن غبريط: أن تروج وتعمّم الانجليزية، وهي لغة العصر والمعرفة والتكنولوجيا في الابتدائي"، واعتبر إقحام العامية في التدريس وتجاهل اللغة العربية: مرده لتشبث الوزيرة باللغة الفرنسية!!؟، رغم أن هذه الأخيرة: ليست لغة العولمة، وأشار إلى أن الجزائريين هم: أفقر شعب في التحكم بالانجليزية، ولا يتقنون لغة العولمة!!؟، ليصرح:
" الوزيرة تريدنا العودة إلى العصر الحجري".

كما أكد عضو النقابة الوطنية للأساتذة الجامعيين:" مرسلي لعرج": بأن إدخال "العامية" محل العربية في التدريس هو:" مشروع فاشل وسخيف"، وأكد أن: المشرق سبقونا بالتجربة، وفشلوا في ذلك!!؟، مضيفا:
" نحن من دعاة الالتزام بالعربية، والتي أقرها الدستور الجزائري": مشددا على أن اختيار لغة التعليم هو: قرار سياسي يخص امة، ليصرح:
" لن نقبل بغير العربية والأمازيغية لغة للتدريس".
وأشار إلى أن بن غبريط: بدل إدخال اللغات وتشجيعها: تدعو إلى دعوات سخيفة تكرس القومية!!؟، ليعتبر بان تذيل الجامعة الجزائرية ذيل الترتيب العلمي: مرده لعدم التحكم في الانجليزية.

وانتقد الأمين العام للاتحاد الطلابي الحر :"سمير عنصل": قرار وزيرة التربية بإدخال الدارجة في تدريس التحضيري، وبعض سنوات الابتدائي، وأكد أن مستوى الطلبة في الجامعات من دون ذلك متدن في اللغة العربية، فكيف بعد الابتعاد عن العربية وإدخال العامية ،والتي هي مجرد لهجات مختلفة ستزيد الأمر سوءا أكثر مما هو عليه، ووصف الأمر بـ:"الكارثة"، قائلا: "بدل إدخال اللغات الأجنبية، نحن الآن نرجع للوراء!!؟"، مؤكدا: أن الاتحاد الطلابي الحرّ كان وسيبقى إلى الأبد من دعاة التعريب.

أمازيغي مسلم 18-08-2015 02:36 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
الوزراء المعوّقون لغويا في الجزائر
عبد العالي رزاقي



ليس عيبا: أن تكون معوّقا لغويا، ولكن العيب: ألا تعرف لغتك الرسمية!!؟. وليس عيبا: أن تتقلد منصبا تنفيذيا، ولكن العيب: أن تروّج للإعاقة اللغوية، أو تقحمها في النظام التربوي!!؟.
وليس عيبا: أن تقلص من إعاقتك اللغوية، ولكن أن تفتخر بها، وتسخر من الأساتذة والمعلمين، وتدعي أنك تعرف لغة أمك من دون أن تدرك أن اللغة الأصلية للأم العربية: تختلف جذريا عن اللغة الأصلية للأم اليهودية أو الأروبية، فلغة أي أم يراد التعليم بها في الدخول المدرسي القادم!!؟.

هل تغزو ألفاظ الشارع بيوتنا!!؟.
حين يصير:" القلب:كلبا"، و:" الطحان والخياط والقواد: تجريحاً"، و:" الفرخ: ابناً غير شرعي"..
وحين تدخل تعابير مبتذلة مثل: " دين باباك، دين أمك" إلى المدرسة الجزائرية، فماذا سيبقي من أخلاق في مجتمعنا!!؟.

من يريدون التدريس باللهجات العامية: سرقوا الفكرة من الكاتب المغربي نور الدين عيوش (رئيس مؤسسة زاكور المغربية): الذي أخذها هو الآخر من توصيات:"ندوة دولية حول إصلاح التعليم":عقدت في المغرب عام 2011 ، وهي شبيهة بالندوة التي عقدت في الجزائر الشهر الماضي، وتبنت توصياتها وزيرة التربية.
رئيس حكومة المغرب تصدى للفكرة معتبرا إياها:" تهديدا لوحدة البلاد". أمّا في الجزائر، فقد تبنت وزيرة التربية هذه الفكرة مثلما تبنى جدُّها:" قدور بن غبريط": فكرة( الإسلام الفرنسي!!؟)، عندما كان على رأس مسجد باريس، وقد تصدى له آنذاك العلامة:" عبد الحميد بن باديس":( رئيس جمعية العلماء المسلمين): التي تتصدى اليوم لمن يريدون تشويه أحد عناصر الهوية الجزائرية المحددة في الدستور وهو:" اللغة العربية".

بعض الكتّاب الجزائريين باللغة الفرنسية: دعّموا الوزيرة، وتطاولوا على جمعية العلماء المسلمين، فما الهدف من الدعوة إلى تجريد التلاميذ من الإحساس بجمال اللغة العربية وإيقاعها الموسيقي، واللجوء إلى اللهجات لاعتمادها وسيلة للتعليم في المنظومة التربوية!!؟.

إن التركيز على:( إبعاد مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية والتاريخ) من برنامج التعليم هو:" مشروع فرنسي متجدد!!؟"، فالفرنسيون منذ احتلالهم الجزائر 1830م: شرعوا في تطبيق مشروع إنشاء:" لغة عامية"، وهي: عبارة عن خليط من الفصحى المدرجة والفرنسية المعربة، فقاموا بكتابتها بحروف عربية، وأخطاء إملائية، ومن يقرأ افتتاحية العدد الأول من جريدة "المبشر" الصادرة في:( 1847 ): يكتشف ذلك، ومن يقرأ الكتب التي كانت تصدرها الأبرشيات:(المؤسسات المسيحية في الجزائر) بالدارجة: يدرك الهدف المنشود من تحويل الدارجة إلى لغة للجزائريين في المؤسسات التعليمية والإدارية.

وبعد استرجاع السيادة الوطنية: قامت حكومة:" أحمد بن بلة" بحملة لمحو الأمية باللغة الفرنسية، وبقيت هذه اللغة مهيمنة حتى يومنا هذا، ومع ذلك بقي من أحبوها واستعملوها غير مرغوب فيهم لدى السلطات الفرنسية، والادعاء أن الجزائريين: أرغموا على تعلم اللغة العربية عوض اللهجات: يؤكد حقيقة واحدة هي: أن أغلب من حكموا الجزائر: كانوا معوقين باللغتين، فلا هم يحسنون كتابة الفرنسية التي هي لسانه،م ولا يحسنون الكلام بلغتهم الوطنية الرسمية، ومع ذلك يديرون البلاد، ويتحكمون في مصير العباد.

لغة الرّقمنة الهجينة!!؟.
ثلاث فصائل سياسية وضعت البلاد في أزمة منذ رحيل الرئيس:" هواري بومدين":
أولها: فصيل من التيار الوطني ممن شاركوا في الثورة أو دعّموها: تولوا تسيير البلاد، واستبدوا بالحكم من دون أن يسلموا المشعل إلى جيل الاستقلال بالرغم من أن أغلبيتهم: لا يملكون المؤهلات العلمية لمسايرة التطورات الراهنة لتسيير البلاد.
وفصيل ثان: من التيار اللائكي تمسك بالفرنسية على حساب لغته الوطنية (العربية والأمازيغية)، ودعم الرأي الواحد على حساب التعددية.
وفصيل ثالث: من التيار الإسلامي لجأ إلى العنف، فعشنا تجربة في مقاومة:( الإرهاب والاستبداد والتغريب)، وكان من نتائج ذلك: وصول وزراء معوّقين لغويا: يريدون اليوم: تفكيك تماسك المجتمع الجزائري بعد أن فشلوا في الإبقاء على الجزائر مستعمرة فرنسية.
إنه ليس من حق أحد: أن يعتدي على الدستور واللغة الرسمية للدولة الجزائرية، وليس من حق وزارة التربية، أو وزارات أخرى: أن ترهن مستقبل أبنائنا للمجهول، أو تسوّق أو تروّج للإعاقات اللغوية لوزرائها أو موظفيها، ومن يعتقدون: أن اللغة الفرنسية مكسبٌ وطني هم: أنفسهم الذين طالبوا بتدريس الأمازيغية في المنظومة التربوية حتى تبقى الفرنسية "ضرة" العربية!!؟، واليوم لجؤوا إلى اللهجات العامية بهدف: المساس باللغتين العربية والأمازيغية حتى تفقد الجزائر عناصر هويتها!!؟.
فلماذا تريد حكومة "بن غبريط": التعليم باللهجات، وهي تعلم أنه يوجد في كل قرية جزائرية لهجة "دارجة": تختلف عن القرى الأخرى!!؟.
لو فكرت في تدريس "الأدب الشعبي" في منظومتها وإدخاله في البكالوريا، لقلنا إنها تعمل لخدمة الثقافة الشعبي،ة وإحياء التراث، أم أنها لا تفرق بين "اللهجات"، والأدب الشعبي!!؟.
المؤكد أن المشكلة ليست في المنظومة التربوية، وإنما هي في من تولوا الإشراف عليها، فالكثير من الوزراء الذين سيّروا الوزارة: كانوا معوّقين لغويا ممّا يجعلنا نتساءل:
كيف يمكن لوزير:" يهجي الحروف، ولا ينطق جملة مفيدة!!؟": أن يطور هذه المنظومة، وهو عاجز عن تطوير نفسه!!؟.

معوّقون لغويا وثقافيا!!؟.
لا أعرف على أي أساس: يتم تعيين الوزراء في المناصب!!؟.
ولا أستطيع أن أستوعب: أن الجزائر التي تضم آلافا من خريجي الجامعات والإطارات: ما يكفي لتشكيل أهم حكومة من أحسن الرجال: تلجأ إلى تعيين معوقين لغويا على رأس وزارات ذات أهمية لمستقبل البلاد والعباد!!؟.
إن ردود أفعال بعض أحزاب الحكومة والمعارضة: كشفت أن الحكومة غير موجودة كمنظومة تنفيذية، وأن بعض وزرائها ليست لهم علاقة بالجزائر، ولا بالشعب الجزائري، وإنما ينفذون مشروعا استفزازيا: لإثارة الشعب ضد النظام القائم!!؟.

أمازيغي مسلم 18-08-2015 02:38 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

هام جدا: متى عجز الأمازيغ عن تعلّم اللغة العربية!!؟
سي الحاج محند م. طيب



الحمدُ لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبيَّ بعده؛ أما بعدُ:



مقدمة هامة:
هذه رسالة غاية في الأهمية موجهة لبن غبريط، وتكمن أهميتها في كون راقمها:" شخصية اعتبارية عظيمة، وقامة علمية سامقة"، إنه الأستاذ الشيخ:( سي الحاج محند م. طيب): صاحب الترجمة الجزائرية القيمة لمعاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية، أضف إلى ذلك، فهو: صاحب التجربة والخبرة الطويلتين في ميدان التربية والتعليم.
وتكمن أهمية رسالته في كونه:" أمازيغيا " يدافع عن اللغة العربية، وفي ذلك: إسكات لبعض:( الأصوات الناعقة): التي قالت بأن:" المدافعين عن اللغة العربية الفصحى أمام مشروع استبدالها بالعامية": هم:( بنو هلال: الذين يريدون إرجاعنا إلى زمن قريش!!!؟؟؟).
[كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا].
إن دفاع الأستاذ الشيخ:( سي الحاج محند م. طيب) عن:" اللغة العربية الفصحى" – وهو الأمازيغي-: دليل على أن:" حقيقة الصراع": دائرة بين أنصار مشروعين هما:( المشروع الإسلامي الوطني الجزائري)، و:(المشروع التغريبي الاستدماري الفرنسي)، وهناك: إثباتات تاريخية موثقة مؤكدة تدل على أن:" خلفية الصراع" قديمة ترجع إلى:" مشروع الإدارة الاستدمارية الفرنسية": الذي واجهه:" مسلموا الجزائر"، وعلى رأسهم:" جمعية العلماء المسلمين الجزائريين"، وقد تقرر عند العقلاء أن:
( لكل قوم وارثا).
وإلى الرسالة القيمة.

معالي الوزيرة:
نحترمك ونقدرك كإطار في الدولة الجزائرية، ولكن: احترامنا وتقديرنا لمستقبل الوطن وأبنائه: أكبر، واحترامنا وتقديرنا للوحدة الوطنية: أعظم، واحترامنا وتقديرنا للغة العربية العزيزة علينا التي اختارها المولى جل وعلا على سائر اللغات: أوسع.
لقد اجتهدتِ، أو حاولتِ الاجتهاد، وهذا من حقك، ولكن يبدو أنه قر في ذهنك: أن كل اجتهاد مصيب، وهذه هي آفة بعض المثقفين!!؟.

سيدتي:
قذفتِ الرأي العام برأيك الذي يوصف بـ"الجريء"، ولكن حسبما يبدو لنا، فهو جديرٌ: أن يوصف بالمتهور؛ لأنه: لم يُبنَ على دراسة متأنية معمقة، خاصة في مثل هذه الأمور التي تقرّر مستقبل الأجيال، ومصير الوطن!!؟.

أنت ترين:" ضرورة إدراج العامية في المرحلة الأولى من الدراسة"، من أجل تيسير اندماج الطفل في اللغة الجديدة (العربية)!!!؟؟؟.
اسمحي لي سيدتي، أن أقول لك:
العكس هو: الصحيح تماما؛ وذلك اعتمادا على تجربتنا الطويلة في ميدان التربية والتعليم، وبناء على الحقيقة الذهبية القائلة بأن:( تعلّم اللغة لا يتم إلا بالانغماس فيها)، ولا أظن أنك تجهلين سيدتي: أن الطلبة الأجانب ببريطانيا يُوَجَّهون في عطلهم إلى الريف الإنجليزي، حيث لا يسمعون إلا الإنجليزية، وبذلك يتعلّمونها بسرعة فائقة، أم: أن هؤلاء قد ضلوا السبيل، ويجب علينا أن نتفضل عليهم، ونرشدهم ونزوّدهم بما اكتشفناه نحن من نظريات أخيرا!!؟.
لله ما أتعسنا إذا كنا نعتقد ذلك حقا!!؟.

لنعد إلى واقعنا..
قولي لي بالله عليك: متى عجز الأمازيغ عن تعلم اللغة العربية بسبب جهلهم للعامية!!؟.
ألا تذكرين من القدماء:( ابن معطي وألفيته): التي اتخذها العرب وسيلة لتعلم لغتهم!!؟.
ألا تذكرين من المحدّثين المرحوم:( مولود قاسم): الذي يجيد عدة لغات وغيره كثير!!؟.
ألا تذكرين:( عباقرة اللغة الآخرين)، وهم لم يعرفوا العامية لا في أسرهم ولا في مدارسهم!!؟.
اسمحي لي أن أهمس في أذنك أنني:( أنا الأمازيغي القح): كانت مواضيعي في الإنشاء: تُعرض على زملائي في:( معهد ابن باديس)، ليتخذوها مثالا يقتدى به، وأنا كنت في القرية: ختمت القرآن وأعدت 18 حزبا، ولا أعرف ولو كلمة واحدة بالدارجة..
بل إن الشيخ:" النعيمي" ـ رحمه الله ـ الذي قال فيه الشهيد:" أحمد رضا حوحو" في جريدة:"البصائر" في سلسلة:"شيوخ المعهد في الميزان":
{ أما الشيخ النعيمي، فلا ندري هل هو عالمٌ تغلب عليه الأدب، أم هو أديب تغلب عليه العلم!!؟ كان رحمه الله يبث روح التنافس بيننا بتوجيه كلامه إلى إخواننا المتحدثين بالدارجة في عائلاتهم قائلا:" لِمَ زملاؤُكم القبائل يتفوّقون عليكم في اللغة مع أنكم تملكون العامية وهم لا يملكونها!!؟}.
كما أن الشيخ:" محمد الميلي" ـ شافاه الله ـ كان يوزع مواضيع الإنشاء على أصحابها بعد التصحيح، ويحتفظ بموضوعي، ليحلله ويقرأه على زملائي: لافتا انتباههم إلى كيفية النسج على منواله..
وعندما جاء:( وفدُ جامع الزيتونة): لامتحان تلاميذ المعهد في شهادة الأهلية، قدّم له الشيخ:" السعيد الزموشي"، والشيخ:" مصطفى بوغابة": موضوعي نموذجا لمستوى تلاميذ السنة الثانية ب:(معهد ابن باديس).
ولست وحيدا في هدا المضمار..
سَمّ هذا ما شئت: افتخارا أو غرورا أو تبجحا: لا يهم، ولكن الذي يهمّ: أنه الواقع الملموس، وأن جهلنا للعامية: لم يكن أبدا عائقا بيننا، وبين التفوّق في اللغة العربية العزيزة المظلومة من بعض أبنائها..
بل جهلنا للعامية: ساعدنا كثيرا على الانطلاق مباشرة بالفصحى، وهذا بشهادة أساتذتنا.
ونتيجة لذلك: تشجّعت على خوض غمار ترجمة معاني القرآن إلى الأمازيغية - وأنا الأمازيغي القح!!؟-.
أين المشكل سيدتي بالله عليك!!؟.
إنكم تبحثون عن حل لمشكل: لا وجود له سوى في أذهان أناس: ليسوا فوق مستوى الشبهات!!؟.
ثم إذا وجدتم حلا لبعض مشكل مزعوم!!؟، فكيف تفعلون بالأطفال الذين لا تستعمل أسرهم العامية في المنزل!!؟، أم إن هؤلاء خارج دائرة اهتمامكم، أم هم مواطنون من الدرجة الثانية!!؟.
ثم أي عامية تفرضونها على الطفل، - والعاميات عندنا متنوعة!!؟-.
وحين يتعلم الطفل اللغات الأجنبية، فهل تأتون له بعامية تلك اللغات!!؟.

أخبرينا سيدتي الفاضلة:
أي عامية: كان يستعملها الفرنسيون الذين كانوا يجرّعوننا لغتهم تجريعاً!!؟، حتى إن كثيرا منا يقدّسها اليوم تقديسا: أعظم من تقديس لغة وطنه ودينه، وأنتم تعرفونهم حق المعرفة!!؟.
ولا ندري هل جهلتم كل هذه الحقائق الساطعة أو نسيتموها!!؟.
لا أعتقد ذلك , بل تجاهلتموها أو تناسيتموها.. وهكذا تُفتعل المشاكل، وهكذا تُعرض بصورة مقلوبة..
أليست هذه نظرة من بصرٍ أعشى، وفكرة من منطق معكوس!!؟.
اتقوا الله أيها الناس، أوّلا: في أنفسكم؛ فإن هذا لا يشرفكم.
واتقوا الله ثانيا: في الوطن؛ فإن تطبيق نظرتكم هذه ـ لا قدر الله ـ: يشتّت الأمة تشتيتا، ويدمرها تدميرا.
واعلموا أنه ليس من أجل هذا: ترك الشهداءُ الأمانة بين أيديكم.


أمازيغي مسلم 18-08-2015 02:39 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

كفى عبثا بالمدرسة
رشيد ولد بوسيافة

المواقف الرافضة لإدراج العامّية في السّنوات الأولى من المرحلة الابتدائية الصّادرة عن فئات عريضة من المجتمع الجزائري: يجب أن تترجم إلى قرار رسمي يمنع المساس باللغة العربية باعتبارها من الثوابت الوطنية التي نص عليها الدستور، وأول خطوة هي: إلزام وزارة التربية الوطنية بتطوير تدريس هذه المادة وترسيخها منذ السنوات الأولى، وليس هدمها وتلويثها بالكلمات الدارجة والهجينة، والتي غالبا ما تكون تحريفا للأصل في اللّغة العربية أو اللّغات الأخرى.
من حقّ الجزائريين: الدّفاع عن لغتهم، ومن حقهم: الاطمئنان على مستقبل أبنائهم، لأنهم يريدون لأبنائهم تعلّم اللغة العربية على أصولها: لا اجترار ما تعلّموه في البيت وفي الشارع، وما تقلوه من الفضائيات.
وعلى بن غبريط وحاشيتها: الرّضوخ لضغوط المجتمع، والكفّ عن العبث بالمدرسة التي تحمّلت الكثير من القرارات الارتجالية والإصلاحات الاعتباطية التي انتهت إلى إنتاج جيل هجين: لا يمكن مقارنته بما كانت تنتجه المدرسة قبل إصلاحات بن زاغو.
كل الأمم في العالم تقدر لغاتها، وتهتم بها، وتسن القوانين لتطويرها والحفاظ عليها، وهناك من أعاد بعث لغات ميتة، وبث فيها الحياة كما هو الحال مع اللغة العبرية التي أحياها اليهود، وأعادوا مجدها، ليس لأنها لغة متطورة وصالحة للعلم والتواصل، ولكن لأنها جزء من هويتهم.
فمتى يدرك "البنغبريطيون": أن مناورتهم التي ينوون تجسيدها مع الدخول المدرسي المقبل هي: حلقة مهمة ضمن مخطط استعماري قديم يستهدف الهوية الوطنية!!؟، ومتى يتوقف هؤلاء على استفزاز الشعب الجزائري الذي نجح في إفشال تلك المخطّطات- وهو تحت نير الاستعمار-، فما بالك الآن، وهو ينعم ببعض السيادة!!؟، لأن البعض الآخر لا زال بيد المستلبين لغويا وفكريا!!؟.
ثم ما هذا الإصرار على تعليم اللّغة الفرنسية كلغة أجنبية أولى رغم المطالبات بتعويضها باللّغة الإنجليزية لغة العلم والتواصل عبر العالم؟. وماذا جنينا من النموذج الفرنسي غير التخلف والتبعية في كافة المجالات؟. ومتى يتحرر القرار الوطني من هيمنة الفرنسيين؟.
ولماذا يغضب بعض الجزائريين، وتثور ثائرتهم عندما يتم الحديث عن اعتماد الانجليزية كلغة أجنبية أولى مع أن ذلك في يضمن انفتاحا أكثر على العالم أجمع!!؟، فلا أحد يستخدم الفرنسية خارج فرنسا إلا في إقليم كيبك بكندا، وفي بعض الدول الإفريقية المتخلّفة وبينها الجزائر!!؟، بل إن النسبة الأكبر من الدّراسات العلمية في فرنسا نفسها تصدر بالانجليزية!!؟.


أمازيغي مسلم 18-08-2015 02:41 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

خرافة اللغة الجزائرية!!؟
حميد روابة

ليست هناك لغة جزائرية، مثلما أنه ليس هناك لغة أمريكية، وليس هناك لغة استرالية، وليس هناك لغة نيوزيلاندية، ولا كندية.
لغة جميع هذه الدول هي الانجليزية، واللغة الفرنسية: رسمية في بلجيكا وسويسرا وكندا، ولوكسمبورغ، وموناكو.
العربية: لغة الجزائريين، ولم أقل:"الجزائريون لغتهم العربية" حتى لا يتحذلق علي المتحذلقون!!؟.
اللغة العربية لغة واحدة، وهي: تلك التي يفهمها جميع العرب وجميع الناطقين بالعربية في كل قارات العالم، وهي: اللغة التي يقرأ بها القرآن منذ قرون، هذا رغم تذمر المتحذلقين من:"لغة القرآن!!؟"، ولكن تذمرهم: لا يمنع أن العربية تبقى لغة القرآن، والقرآن مقدس عند المسلمين، والعربية ليست مقدسة، ومع ذلك، فإن العربية صامدة منذ قرون، مشكلتها ربما: أنها لم تندثر مثلما حدث مع اللاتينية التي كانت لغة الإنجيل قرونا من الزمن.
وربما: ذلك ما يريده لها المتذمرون من:"القداسة": التي تحاط بها عند المسلمين والعرب، بمن فيهم غير المسلمين!!؟، وليس هناك لغة فصحى علميا، فكلمة فصحى غير موجودة في لسان العرب، إذ لا نجدها إلا في القواميس الحديثة، و:" لسان العرب" يعرف الفصيح بأنه:" المتكلم الذي لسانه طلق"، فهي صفة للمتكلم، وليست للغة، لذلك ليس هناك لغة فصحى، وأخرى غير فصحى.
الاختلاف الموجود في اللغة الواحدة، ليس لغات متعددة، وإنما هو طبقات من لغة واحدة.
وهذا الاختلاف ليس ظاهرة خاصة باللغة العربية، بل ينسحب على جميع لغات العالم.
فاللغة الانجليزية فيها:( 180 لهجة أو طبقات لغوية) عبر العالم، والفرنسية فيها:( 28 لهجة أو طبقة)، والمتكلمون بهذه اللهجات أو الطبقات: لا يحصل التفاهم بينهم بسهولة، بل ينعدم تماما في بعض الحالات، ونذكر هنا أن العاصمة البريطانية:" لندن" مثلا: لها لهجتها الخاصة، وهي: الكوكني": لا يفهمها الانجليز والبريطانيون خارج لندن إلا قليلا.
وكذلك شأن الفرنسية في مختلف المناطق والجهات، والبلدان الناطقة بالفرنسية في العالم: لهجاتها مختلفة يصعب التواصل بينها.
ولكن الانجليزية واحدة، والفرنسية واحدة، لم نسمع بالإنجليزية الفصحى، ولا بالفرنسية الفصحى!!؟.
والطبقة العليا في جميع اللغات هي:" لغة التعليم والأدب والبحث العلمي والإعلام".
وتأتي تحتها طبقات أخرى لغير المتعلمين، ولفئات تجمع بينها الحرف أو البيئة أو المعتقدات والأنساب وغيرها، والفارق بين طبقات اللغة الواحدة: يختلف حسب الخلفيات التاريخية والاجتماعية والسياسية لكل لغة ولكل مجتمع، وليس هناك: من يتحدث مثلما يكتب في أي لغة في العالم، مثلما يتوّهم المتوهمون، ويكذب الكذابون!!؟.
فاللغة المكتوبة: تختلف دائما عن لغة الكلام، والأستاذ في الجامعة: لا يتحدث مثل الإسكافي، أو راعي الغنم في أي لغة كانت، وهذا ليس انتقاصا من قدر ومكانة المهن، بل إن المحامي: لا يتحدث مثل الصحفي، والمهندس: لا يتكلم مثل الشاعر.
والطبقة العليا من اللغة، والتي نسميها:" الفصحى": تلتزم الضوابط النحوية والتركيبية المشتركة لدى جميع المتكلمين فيها.
" اللغة" كما هو معلوم ليست جملة من المفردات، فالقواميس تتغير وتكبر وتتوسع كل يوم، وعدد كبير من المفردات في جميع اللغات هي: مقترضة وغير أصيلة.
فحتى عندما يتحدث الجزائري باستعمال مفردات غير عربية، فهو يتحدث العربية، لأنه يطوع المفردات الفرنسية للتركيب اللغوي والنحوي والصرفي العربي.
و:" الاقتراض": موجود في لغة القرآن التي تخيف المتحذلقين أيضا، ولكنه موجود أكثر في لغات العالم الأكثر انتشارا، وهي:" الانجليزية"، و:" الإسبانية" مثلا أكثر من 60 في المئة من مفرداتها عربية وغير لاتينية، أما يطلق عليه جهلا أو اعتباطا اللغة الجزائرية الدارجة، فهي:" خرافة وتخلف"، لأنها تجافي العلم والدراسات اللغوية.
وما يتكلم به الجزائريون في الشارع، فهو طبقة بسيطة (غير ناضجة) من طبقات اللغة العربية، تعرضت للحشو بالاقتراض المفروض من اللغة الفرنسية، وتخلت عن الكثير من الضوابط النحوية والصرفية بسبب الجهل والأمية التي عاش فيها الجزائريون قرونا من الزمن، وتعرضت اللغة العربية في الجزائر إلى حرب نفسية، وقمع وتدمير بعد خروج الاستعمار من قبل النظام السياسي والإدارة التي تحكم في دواليبها:" مفرنسون فكرا ولغة وثقافة"، و:" معادون للعربية وللإسلام!!؟".
فالنظام السياسي والإرهاب الإداري الموروث عن فرنسا بعد الاستقلال: حطم معنويات الجزائري اللغوية، وجعله يستعر باللغة العربية، ويتحاشى استعمالها حتى لا يوصف بالجهل والتخلف، وكرس فكرة:" علو الفرنسية، وجعلها عنوانا للعلم والذكاء!!؟".
فكانت الإدارة تعين في المناصب القيادية من يجيد الحديث بالفرنسية، ولو كان مستواه العلمي ضحلا، أو كان أميا حتى، وتؤخر من يتحدث العربية، ولو كان عالما عبقريا!!؟.
فقد عرفت شخصيا:" تورنورا": يشغل منصب رئيس مهندسين في شركة عمومية: لمجرد أنه يجيد الفرنسية!!؟، والتقيت في إطار مهنتي:"حرفيا في النجارة": يشغل منصب نائب مدير الشؤون القانونية في وزارة منذ 1963، ولا يزال في منصبه!!؟، لأن موهبته الوحيدة هي:" الكلام باللغة الفرنسية".
ويدافع دعاة:"اللغة الجزائرية، أو العامية العربية" عن منطقهم بضرورة تبني"اللغة" التي يتكلمها الطفل في البيت والشارع، وفي الحياة اليومية، ولكنهم لا يتحدثون مع أبنائهم وفي بيوتهم إلا الفرنسية، فهم في الواقع اختاروا:( لغتهم ولغة أولادهم)، وهي:" الفرنسية الفصيحة!!؟"، ويريدون أن يختاروا لنا ولأولادنا:" العربية العامية!!؟"، وهو في الواقع:"الاختيار" الذي قرره الاستعمار الفرنسي في الجزائر بتعليم الأوروبيين اللغة الفرنسية، والعامية العربية للأنديجان من أجل:" تأهيلهم لخدمة المعمرين!!؟".
إن:" بقايا المعمرين" – اليوم-: لا يريدون في الواقع العامية، لأنها كما يدّعون لغة الجزائريين اليومية ولغة التخاطب، وإنما هدفهم هو:" تفتيت اللغة العربية، ونسفها تماما من واقع الجزائريين".

أمازيغي مسلم 20-08-2015 02:59 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

الخبيرة البيداغوجية التونسية:" سلوى العباسي بن علي":

التعليم بالعامية يؤدي إلى تأخر الوعي عند الطفل


تعتبر:" سلوى بن علي العباسي"، وهي: واحدة من أبرز خبراء التربية والبيداغوجيا التعليمية في تونس، أنََّ طرح:" فكرة التعليم باللغة الأم، أو العامية": مشروع مردود ومرفوض علميا، وتؤكد في مقابلة مع “الخبر” أن الأبحاث البيداغوجية: أثبتت أن التعليم بالعاميّة لا يؤدي ضرورة إلى تعلم قواعد اللغة الفصيحة ونظامها السليم، بل بالعكس: سيؤدي إلى نتائج عكسية تؤخّر حصول الوعي لدى الطفل.



هل سبق أن طُرح مقترح التدريس باللغة الأم والعاميّة في تونس؟.
لم تطرح المدرسة التونسية على مدى الأنظمة السياسية المتعاقبة، منذ الاستقلال وخلال كلّ المشاريع الإصلاحيّة المقترحة لسنة 1958 وسنة 1991 وسنة 2002 وحتّى بعد ثورة جانفي 2011 وإلى سنة 2015، قضيّة التدريس باللهجة العاميّة. المسألة أثيرت ثقافيا وإبداعيّا في إطار مباحث لسانيّة معجميّة في بداية السبعينيات ضمن ما عُرف وقتها بمعركة “الدّارجة والفصحى”، وفي إطار النقاشات الفكريّة التي فجّرها مثّقفو “حركة الطّليعة” وأغلبهم من الجامعيين والباحثين اللسانيين، حتّى حسم الوزير الأديب ذو التوّجه الصفويّ محمود المسعدي الأمر، وكان الانتصار بيّنا للفصحى الذي انعكس مباشرة على الخيارات التربويّة الكبرى.



يحتدم في الجزائر جدل حول التدريس باللغة الأم أو العامية في السنوات الأولى؛ كخبيرة بيداغوجية هل يستند هذا إلى أساس بيداغوجي وعلمي؟
لكي نحسم الأمر تعليميا وبيداغوجيا علينا أن نميّز في البدء بين ثالوث من المفاهيم: “الاكتساب” و«التعلّم” و«التملّك”، أمّا الاكتساب فمجاله التعلّم الطبيعيّ للسان من الألسنة، وينشأ دون حاجة مباشرة إلى الوعي الصناعي أو العلميّ بمكوّنات ذلك اللسان ونظامه النحويّ لأنّه مخزون الذّاكرة التواصليّة من الأصوات ومعانيها بعد إنجاز كمّ هائل من التبادلات الخطابية بين الأفراد في محيطهم اللغويّ الأصليّ أو “الأصيل”، فهو تعلّم فطريّ حدسيّ تنتجه الملكة وجوهره “تحصيل المعاني”، وهو الذي أجاز اعتبار العاميّة أسبق من الفصحى ومعاملتها معاملة اللغة الأمّ.
أمّا “التعلّم” فهو فعل واع يحدث استجابة لفعل يسبقه هو “التّعليم” فمجاله مؤسسّي مبرمج ومدروس، تنشئه المدرسة على نحو ما، وتسعى قدر الإمكان إلى أن تكسب متعلميها جرّاءه قواعد لسان مقروء مكتوب، ومنها التركيز على الأشكال والقوالب وعلى قواعد ذلك النّظام.



بيداغوجيا هل يمكن الاعتماد على اللغة العامية لتعليم اللغة الفصحى؟
علينا أن نعترف- تعليميّا وعلميّا- أنّ تعليم الفصحى بالعاميّة لا يؤدّي ضرورة إلى تعلّم قواعدها الفصيحة ونظامها السليم،بل بالعكس سيؤدي إلى نتائج عكسية تؤخّر حصول الوعي النظاميّ أو الصناعيّ بقواعدها، مثلما أنّ تعليم القواعد النحويّة للفصحى بصفتها أشكالا وقوالب مجرّدة من المعاني مفصولة عن سياقاتها التداوليّة الحيّة وعن ذاكرتها الخطابيّة لا ينجم عنه تعلّم يضاهي اكتساب ما هو فطريّ أو طبيعيّ أو عاميّ، فهو لا يعني حصول الدرجة المطلوبة من “التملّك” التي نلاحظ فيها تقلّص الأخطاء وتحسّن المستوى، فالأمر منحصر بين استعمال القاعدة وقاعدة الاستعمال.

كيف يمكن تجاوز المشكلات اللغوية في التعليم في السنوات الأولى، وما هي الحلول التي يجدر اتّباعها؟
أن تستثمر الفصحى المؤسسيّة صلاتها القريبة والبعيدة بالعاميّة، باستدعاء الرّصيد اللسانيّ المودوع في الذّاكرة الخطابيّة للمتعلّم عبر توظيف التواصل وتنويع أوضاع الخطاب. فالاستثمار يكون استثمارا دلاليا بالأساس يستعير الأنساق والعمليات التبادليّة التي تقع في محيط الاكتساب، ويوظّف مفهوم “النّشاط اللغويّ” ليشغّل المهارات التواصلية ويلبّي أغراض الكلام، لكن مع العمل على تخليص الألسنة من آثار ذلك التلهيج وتقليص عدد الأخطاء ومجابهة ضعف المستويات اللغوية وضمور سجلاتها، إضافة إلى شحذ السماع والتلقيّ باللغة الفصحى وتكثيف تمارين القراءة والكتابة وتنويع المقروء والمكتوب باستخدام الوسائط والبرمجيات الرقمية والألعاب والخارطة الذّهنية والمسرحة والفنون واتباع مناويل استكشافية وتفاعلية تبني المشاريع وتستعين بالبرمجيات الرقمية الحديثة، وتنفتح على المحيط الثقافي الاجتماعي للمتعلّم الجزائريّ لتصبح اللغة العربية أداة تواصل مع ذلك المحيط وأفق تفاعل مع العالم.



إلى أي حد يمكن أن يشكل التدريس بالعامية الهويّة التعليميّة للمجتمعات المغاربية؟
الخطر محدق بالمدرسة وبقيمة المعرفة وبالذاكرة الثقافية للمجتمعات المغاربية،وهذا يتطلب أولا تحديد مكانة تلك اللغة العربية وحماية تشريعيّة ثانيا، كما هو الحال في تونس، فالتشريع اللسانيّ يعطي مشروعية لحسم المسألة شرط أنتقع الاستفادة من محصلات علوم النفس و«اللسانيات العرفانيّة” والأبحاث التعليمية من أجل بلوغ نتائج بيداغوجيّة مقنعة سهلة التجريب والتطبيق والتطوير.

هل يثار في تونس جدل حول أولوية تدريس اللغة الإنجليزية كلغة ثانية بدلا من اللغة الفرنسية؟
اللغة العربية في تونس محميّة قانونا، وإن كانت تزاحمها اللغة الفرنسيّة بدرجة أولى وبقيّة اللغات الأجنبيّة بدرجة ثانية في علاقتها بالموادّ العلمية المدرسة. لكن الإشكال قائم حول مدى وجاهة تقديم تدريس الفرنسية والإنجليزية في الأقسام الأولى من المرحلة الابتدائيّة ومدى خطر ذلك التقديم أو أثره في تلك اللغة الوطنيّة الأمّ، مما لا يجعل العربية في منأى عن قضايا التداخل اللسانيّ.


منقول بواسطة الأخ الفاضل:" بلحاج بن الشريف".


ابن باديس.. عذرا
وليد بوعديلة:( أستاذ بجامعة سكيكدة)

لم نصح بعد من الانهيار اللغوي في الإعلام الجزائري بكل أنواعه حتى خرجت هذه التوصية، وإني أسأل:
لماذا لم يتدخل خبراء وزارة التربية لإقناع منتجي المسلسلات الجزائرية بتوظيف المفردات الجزائرية القريبة من الفصحى؟.
أين هم من نقل المسلسلات التركية بلهجة جزائرية كما فعل السوريون و المغاربة؟.
ثم أين إسهامات وأفكار هؤلاء الخبراء في تعريب المحيط والقوانين والمؤسسات: لتجاوز التلوث اللغوي البصري الذي نعانيه، ويقدم صورة مشوهة عن وطن الشهداء لكل زائر!!؟.
وفي ظل كل هذا النقاش:
أين هو المجلس الأعلى للغة العربية؟.
وأين هو البرلمان ورئيسه:" محمد العربي ولد خليفة": المفكر والعالم الاجتماعي الذي كتب كثيرا عن اللغة والهوية، وكتابه:(المسألة الثقافية وقضايا اللسان والهوية): معروف ومشهور في هذا المجال؟.
إنها:" ردة، ولا ابن باديس لها"، فعذرا شيخا ألف عذر، إننا في زمن الخيانة والنكر للرجال.
وعلى ذكر:" ابن باديس"، فلماذا لم يعد خبراء بن غبريط إلى النماذج التربوية الباديسية!!؟، يقول الدكتور عمار طالبي: { اتخذ ابن باديس وجماعته أسلوبا واضحا سهلا، لا يخاطبون التلميذ من أول يوم إلا بالعربية، وكان ابن باديس: لا يخلط لغته في الدرس بأية لغة دارجة أو هجينة أبدا، ويمنع استعمالها مادام التلميذ في المدرسة ويعتني باختيار أروع النثر وأجمل القطع الشعرية}.( جريدة البصائر عدد 768 ).
قد لا يلجأ معلم المدرسة الجزائرية -إن تجسدت توصيات الندوة- إلى شعر :" مفدي زكريا"، أو:" محمد العيد آل خليفة"، أو نثر:" الإبراهيمي والعربي التبسي" في دروس العربية، وسيستعين بكلمات راقية من أغاني الشاب:" خالد، الزهوانية، الشاب مامي.!!؟".. ولن يقرأ غزليات:" عنترة"، أو:" نزار قباني"، بل سيمتع المعلم تلميذه بشعر مثل:" نديك ونروح، ولا أطيح روح!!؟".
أعجبني قول العالم اللساني الدكتور:" عبد الجليل مرتاض":
{إن لغة القرآن في جميع مراحل تعليمنا تمثل خطا أحمر للشرف الجزائري غير قابل لأية توصية أو ميثاق أو دستور}. (الخبر عدد7879).
وأقنعني قول:" محمد المامون مصطفى القاسمي الحسني":
{ العربية لا تصدم إلا الأطفال الذين رضعوا الفرنسية مع حليب أمهاتهم}. (الشروق اليومي: عدد4817).

ولقد صدمني ما ذهبت إليه البروفيسور:( نصيرة زلال: أستاذة علم النفس التربوي بجامعة الجزائر) من:{ أن نصوص الكتاب المدرسي الجزائري في المرحلة الابتدائية تستعمل في الدول الغربية كتمارين للنطق بالنسبة للأطفال الذين بلغوا 18 شهرا، وكذلك للتأهيل الذهني للمصابين بالإعاقة الذهنية!!؟ ، و تذكرت ما يخبرني به الطلبة الذين درسوا عندنا في الجامعة -وأصبحوا أساتذة في مستوى الابتدائي- بأنهم يجدون في أقسام بعض المدارس تلاميذ متأخرين ذهنيا، وبدل توجيههم لمدارس متخصصة أو تخصيص أقسام خاصة بهم يتم دمجهم مع العاديين؟ فهل تعلم السيدة الوزيرة بهذا الأمر!!؟}.

إن بعض توصيات الندوة الوطنية التي نظمتها وزارة التربية:هامة جدا (للعلم هي أكثر من 200 توصية)، لأن المدرسة الجزائرية تشهد الكثير من السلبيات والممارسات الخطيرة في التسيير وطرق التعليم ووضعية المتعلمين والمدارس...، ولا داعي لإنكار الصورة السيئة لمديريات التربية عبر الوطن من أهل التربية قبل المواطن البعيد عن القطاع، ويجب تأمل تلك التوصيات، وإيجاد حلول وأدوات للإصلاح، لكن توصية تعليم الدارجة في التحضيري والابتدائي: خطيرة، وتمس بالهوية مباشرة، وقد تسهم في تشكل تلميذ معوق لغويا، ومشوه فكريا و...
أخيرا:
لقد عدت -في خضم النقاش الكبير حول المسألة- إلى البرنامج الانتخابي للرئيس بوتفليقة (2014-2019)، فوجدت أن مواقف بن غبريط تنسف أهم محور في برنامج الرئيس، وهو: محور ترسيخ ديمقراطية مطمئنة عبر ترقية الديمقراطية التشاركية، وتعزيز الحكم الراشد، وقد غيب خبراء بن غبريط الطمأنينة علينا في ظل انهيارات اقتصادية، وتهديدات داعشية وتراجعات دينارية(...)، وكأن الوزيرة ضد برنامج الرئيس!!؟.
هل فهمت المعادلة يا رئيس الوزراء!!؟.
وهل عرفت الحل لإعادة الطمأنينة الديمقراطية حتى لا يتأخر غياب الحكامة وتعود المواطنة!!؟.
نسأل الله: أن يحفظ الجزائر، ويبقيها وفية لعهود الشهداء.


أين يتعلم أحفادنا الفصحى في 2060!!؟
أبو عمران– الجزائر


أستاذ بوعقبة: سلام اللّه عليكم.
من خلال ما تناولته الصحافة حول مقترح:( استعمال العامية): أردت أن أقاسمك المعلومات التالية:
- مستقبل اللغات:
يحضرني هنا مناقشة كانت بيني وبين أحد أساتذتي في إحدى جامعات نيويورك، في اللغة الإنجليزية وهو مختص في اللسانيات، في السبعينيات وأنا طالب آنذاك عندما سألني عن اللغة الأم في الجزائر فأجبته إنها العربية، فقال لي: “أنتم من المحظوظين”، وأخبرني أن سبب غيابه عنا لفترة كان بسبب مشاركته في مؤتمر حول اللغات وأثرها على مستقبل تخزين المعلومات وادخارها، أما ما انتهت إليه تلك الأيام الدراسية فأخبرني أنه التالي: “سيشهد العالم مستقبلا مشكل تخزين المعلومات وكيفية إيصالها للأجيال الآتية، وستندثر معظم اللهجات واللغات ذات الانتشار المحدود حيث لا تستجيب لمتطلبات العصر، وسنشهد مع منتصف القرن 21 المنعطف الحاسم ونقطة التحول الكبرى فحوالي سنة 2060 لن تبقى من اللغات الحية المتداولة سوى أربع: الإسبانية والإنجليزية والعربية والصينية. وسينتهي القرن 21 واللغة العربية هي اللغة الأولى بما تتمتع به من خصائص وقابلية للاستيعاب المفاهيم الجديدة، أما فيما يخص الأمازيغية فهو يرى أنها تفتقد لخصائص اللغة وهي مرشحة للزوال، وأما الفرنسية إن بقيت فلن تكون لغة حية. فهلا تكلم أصحاب الاختصاص ويشهدوا بالحق؟
- اللغة كعامل جيواستراتيجي في المخططات الدولية: دائما وأنا طالب في الفترة المذكورة أعلاه، ولكن سنتين من بعد، تعرفت على جزائري يدرس في واشنطن ودعاني لزيارته حيث تعرفت على بعض أساتذته وزملائه.
من بين الزملاء كان هناك تونسي ومغربي يحضران للدراسات العليا بمنحة من الجامعة نفسها، فالمغربي كان يبحث في طرق استعمال وتطوير الأمازيغية في المغربي العربي، أما التونسي فكان يعكف على سبل استعمال العامية، وكان مؤطرهما، وهو أحد الأساتذة بتلك الجامعة، قد أخبرني أنه أنهى حديثا دكتوراه في دراسة شمال إفريقيا وأثرها على مستقبل الولايات المتحدة في دراسة لحساب وزارة الخارجية الأمريكية. وعلمت فيما بعد أن ذلك الأستاذ أصبح دبلوماسيا وتقلد مناصب عليا، وكان يشرف على مشروع الشرق الأوسط الجديد، فالمستعمِر يوظف كل شيء من:( لغة ولهجة وبترول..)، والساكت عن الحق: يلجم يوم القيامة بلجام من نار.

- استعمال العامية في التدريس وجدلها: إلى أي دراسة أو مرجعية يستند الاقتراح!!؟.
ربما إلى ما ذُكر أعلاه من حيث لا ندري!!؟.
- سؤال: إلى متى نبقى منطقة نفوذ وتمدد للقوى الخارجية؟.
وأين يذهب أحفادنا لتعلم الفصحى في 2060؟.
ربما في جامعة اكسفورد أو كولومبيا؟ والسلام عليكم.
أبو عمران– الجزائر.
في:( 1982 ): قابلت عالما هنديا مسلما في مسجد نيودلهي الكبير، فقال لي:{ أتعجب منكم، كيف لم تتطوروا!!؟.
لديكم لغة واحدة متطابقة مع لغة الدين، ولكم دين واحد، وأنتم جغرافيا أقرب مناطق العالم إلى الحضارة الغربية، ومع ذلك لم تتطوروا!!؟.
هذا غريب!!؟}.
سعد بوعقبة 13 أغسطس 2015 / الخبر الجزائرية

و لا أجد أحسن ما أعلق به على هذا الكلام القيم، الذي ينطق بالحكمة العلمية و الدليل الواقعي، متنزها عن كل هوى إلا ما يلي :

-يذكر أن كاتبا غير عربي يدعى " جون فارن" كتب قصة خيالية بناها على سياح يخترقون طبقات الكرة الأرضية، ليغوصوا في عمقها ، حتى إذا اقتربوا من وسطها ، توقفوا ، ثم قرروا العودة إلى سطح الأرض، و لكن قبل الشروع في رحلة العودة ، بدا لهم أن يتركوا وراءهم أثراً يخلدون به رحلتهم ، فنقشوا على الصخر كتابة باللغة العربية ، ولما سئل:" جون فارن" عن اختياره للغة العربية , قال:{ إنها لغة المستقبل , ولاشك أنه يموت غيرها , وتبقى حية حتى يرفع القرآن نفسه } .

منقول بواسطة الأخ الفاضل:" بلحاج بن الشريف".

يا دعاة العامّية هكذا كونوا أو لا تكونوا!!؟
هشام سعد الدين:( أستاذ بجامعة الجلفة)


قرأنا في الصّغر:( وصايا فذّة) لإمام العربية:" البشير الإبراهيمي" يقول فيها:
" يا شباب الجزائر هكذا كونوا أو لا تكونوا... أتمثّله برًّا بالبداوة التي أخرجت من أجداده أبطالا، مزْوَرًّا عن الحضارة التي (رمتْه بقشورها)، فأرْخَت أعصابه، وأنَّثت شمائله، وخنَّثت طباعه، وقيَّدته بخيوط الوهم، ومجَّت في نبعه الطاهرِ السموم، وأذهبت منه ما يُذهِب القفص من الأسد من بأسٍ وصَولة... أتمثَّلُه كالغصن المروح، مطلولا بأنداء العُروبة،... حتّى إذا امتدّت الأيدي إلى وطنه بالتخوّن،واستطالت الألسنة على دينه بالزِّراية والتنقُّص، وتهافتت الأفهام على تاريخه بالقلب والتَّزوير، وتسابق الغرباء إلى كرائمه باللص والتدمير، ثار وفار، وجاء بالبرق والرَّعد، والعاصفة والصاعقة، وملأ الدنيا فِعَالا، وكان منه ما يكون من اللَّيث إذا ديس عرينُه، أو وسم بالهون عِرْنينُه".

هكذا تعلّمنا من:" الإبراهيمي" وغيره من علماء الجزائر وأبنائها الذين ضحّوا بالغالي والنَّفيس، ليعيش هذا الوطن المُفدَّى آمنا مطمئنا يأتيه رزقه رغدا من كل مكان,هكذا كانوا يتمثَّلُون الشاب الجزائريَّ ويرونه بعيون بصائرهم ويستشرفون مستقبله وإن لم يُخلق بعدُ:(عربيَّ الفكر واللسان، قويَّ العزيمة في بناء صرح أمته، غيورًا على ثوابتها، يرون أن لغته هي فكره هي دينه هي حياته... ).
ولكنْ جاءنا اليوم مـِمَّنْ هم من بني جِلدتنا -فيما أظنّ- ويتكلمون بفرنسيّتهم وعاميَّتنا: يريدون هدم هذا الصرح، أعني:" صرح اللّغة العربية": خدمةً لأسيادهم الذين يُمْلون عليهم قراراتهم بكرةً وأصيلا، ولأنهم عجزوا عن مواكبة هذا اللسان؛ فالواحد منهم لا يكاد يُبِين!!؟.
ويحكم يا:" دعاة العامية": ما لكم كيف تحكمون!!؟.
لمَّا قرأت بالأمس القريب مقالا في جريدة (الشروق) جاء فيه:
" إنَّ الوزيرة تريد إدخال العامية في تدريس السنة الأولى والثانية ابتدائي!!"، تعجبت وقلت:
" يا معالي الوزيرة: لِـمَ تريدين إدخال العاميّة في مدارسنا!؟، وهل خرجت منها!؟، ألم نجد في كتاب اللغة العربية في الابتدائي كلمات عامية ككلمة: (ياوورت) في السنة الأولى ابتدائي، و:(بورتريه) في السنة الثانية ابتدائي، ووجدنا أنّ جملة:(لا تجتازوا السكة): تحولت إلى:(لا تقطعوا السكّة)، وجملة:(قم بجولة): تحولت إلى(قم بدورة)، وهكذا يبدأ بإقحام العامية بالتدريج إلى أن يتم ترسيمها كلغة وطنية...
واليوم جاء التصريح بعد التعريض، والجهر بعد الإسرار...
وظاهِرُ التدريس بالعامية الرحمة بالثقافة العربية وبالمتعلّم، وباطنه من قبله العذاب، وهو:" تغريب المجتمع بدءا بأصغر أفراده!!؟".
وليس الذنب ذنب الوزيرة، بل هو: ذنب الأمة ومن يتبع سياسات الغرب الممنهجة لتحطيم اللغة العربية، وبالتالي الهوية الوطنية، ومما أذكى ذلك: أن صار:" دعاة العامية والنافخون في قِرَبهم من الإعلاميين": يروِّجون أنَّ اللغة العربية: لغة الإسلاميين!!؟، ولذلك يخشون عليها منها: أن تصل إلى مضامين إرهابية!!؟، فالشائع اليوم كما تعلمون: أنه إذا أردت التخلص من شيء قل: (هو إرهابي)، فهذه الكلمة الطيّعة هي:( عصا موسى): التي تفعل بها ما تريد... فاللغة لا تمتُّ للإرهاب بصلة، وكذا الدين، بل ما غُزيت الدول اليوم إلا بحجة الإرهاب، وهكذا يحاولون القضاء على لساننا العربي وهويتنا الجزائرية بشتى الوسائل والطرق، وصدق:" ابن نباتة السعدي" حين قال:

ومن لم يمت بالسيفِ ماتَ بغيرهِ ÷ تعددت الأسبابُ والموت واحِدُ

إنّ:" ترقية تدريس اللغة العربية": يتطلب ترقية طرائق تدريسها ومناهجها، وتكاتف كل أبناء هذه الأمة:( أساتذة ومدرسين آباء ومربين، قضاة ومحامين، أطباء ومهندسين، مثقفين وبطالين...): الكل يسعى لترقية لغة العلم على حسب طاقته، ولكن بدل الاهتمام بذلك، يقولون: إنّ الطفل يصطدم باللغة العربية عند الدخول إلى المدرسة!!؟، وعليه: اقترحوا التدريس بالعامية، ولا علاقة لصعوبة العربية على الأمازيغ، ولا على أبناء العرب كون لغتهم الأم العامية، بل فنَّد الأستاذ الباحث:" محمد الهادي الحسني" ذلك ضاربا بنفسه مثالا حيا بقوله:"أمّي أمازيغية، وأنا أتكلم العربية أحسن من اليمنيين".
لقد بدأ طمس هويتنا ولساننا العربي مبكرا، وترجع بداياته إلى ما قبل:( سنة 1830م) من طرف فرنسا حين بدأت التخطيط وقتها للاستيلاء على الجزائر، وكرست وجودها لمحو كل مقومات الهوية الإسلامية والوطنية من:" قانون التجنيس" إلى:" قانون الإدماج"، فأصدرت العديد من الكتب لتعليم اللغة العامية الجزائرية، ومن ذلك كتاب:( تعليم اللهجة الجزائرية في الجزائر): الطبعة الثانية الصادر سنة 1923 تحت عنوان:
(Cours moyen d'arabe parlé):للمؤلف:" محمد صوالح"، وقد كرست فيه إضافة للعامية:" سياسة التفرقة بين الجزائريين!!؟".
ولطالما كانت:" جمعية العلماء" ومن وقف معها: سدا منيعا، وحصنا حصينا يأوي إليه كل جزائري يفتخر بدينه ووطنه وعروبته...
وبعد الاستقلال حرص الرئيس:" بومدين" على أن تكون اللغة العربية هي: لغة العلم، حيث قال في خطابه الشهير:
{ نحن لنا طموح ليس في أن نعرّب فقط، بل أن نطوّر هذه اللغة حتى لا تبقى لغة الشعر والغراميات حتى تصبح لغتنا لغة قوية، تصبح لغة التعامل في سكيكدة مصانع الغاز والبيتروكيماويات، حتى تصبح لغة التعامل في الأوساط العمّالية والفنيّين والمهندسين في الحجار...}.
وخطب رحمه الله باللغة العربية:( سنة 1973م) في هيئة الأمم المتحدة... وبعد وفاته بأشهر: ظهرت على السطح:" الدعوة إلى استعمال الدارجة في التدريس"؛ فقد جاء بها لأول مرة:" بن زاغو": كاقتراح تقدم به عندما كان عضوا في لجنة التربية خلال المؤتمر الرابع لجبهة التحرير الوطني سنة 1979م، أين لم يجد ولا مساند له في أفكاره: مما دفعه للانسحاب، وعدم إكمال حضور فعاليات المؤتمر.
وبعد ذلك: توالت الصيحات المنادية إلى إدراج العامية كلغة وطنية... ولما تسلّم الرئيس:" بوتفليقة" زمام الأمر قال:
{ إنّ الإصلاحات التربويّة تقوم على أساس اللّغة العربيّة، وليس من دونها، ولا إصلاح بتهميش اللّغة العربيّة، مَن نحن حتّى لا نطبّق، ونتقيّد باللّغة العربيّة!!؟}.
فاستبشرنا خيرا؛ ولكن أيادٍ من تحته اغتالت:" مشروع التعريب"، وتدّرج الأمر شيئا فشيئا حتى استبدلت تلك الأيادي:( تراث المتنبي وبن هدوڤة ومولود معمري) بوجوه أخرى، وبقصص مأخوذة من الشبكة العالمية -الانترنت كما يسمونها- سمجة لقيطة: لا مؤلف لها، ولا تمت لوطننا بأي صلة!!؟، ولازالوا يعملون على الترويج لها...
لقد استبدلوا:( يانغ وماساكا وبوطنجا) بنصوص:( الشعب الجزائري ومن شهداء مارس وشجاعة أدبية).
إنّ المشكل ليس تربويا فحسب، وإنما مشكل حضاري، فاللغة العربية هي: اللغة العلمية التي ينبغي أن يسمعها الطفل الجزائري من أول يوم له في المدرسة، واللغة المكتسبة لا ينبغي تعليمها للطفل، فهو يعرفها أصلا، وهذا مضيعة للوقت، بالإضافة إلى أن اللغة الدارجة ليس لها قواعد نحوية ولا صرفية، وهي خليط من عدة لغات على غرار الإسبانية والإيطالية والتركية والفارسية وغيرها، وعلى الرغم من أن أمم الأرض جميعا لديها لغة عامية، إلا أننا لا نجد أي أمة تعلم أبناءها العامية، ولو فرض تعليمها - ولن يكون ذلك- لهجةُ من تُعلّم!!؟، فلكل ولاية لهجتها، إن لم نقل لكل بلدية...
يا:" دعاة العامية": إنكم إن فعلتم ذلك: تمزق وطننا شذر مذر، وأحييتم العصبية المقيتة التي قال فيها نبينا صلى الله عليه وسلم:(مَا بَال ُدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ ... دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ).
يا:" دعاة العامية": لِمَ لم تنقلوا التطور ممن تتبعونهم وما ينفع وطننا..
ألم تجدوا غير ما انتهت صلاحيته عندهم، لتعطوه لأبناء أمتنا المجيدة!!؟.

يا:" دعاة العامية": أما كان خيرا لكم: أن تتعلموا لغتكم بدل محاولة القضاء عليها!!؟، فلا عيب في التعلم بعد الكبر، فذلكم خير من الإجرام في حق لغة سيد البشر!!؟.

وأخيرا أقول:
يا:" دعاة العامية": إن كنتم صادقين في انتمائكم إلى دينكم ووطنكم، وتحبون الخير لأبنائه، فلتحاولوا: إيجاد حلول لمناهج التعليم، وتطوير اللغة العربية، وإشاعة استخدامها في شتى القطاعات، وتعريب التعليم في الجامعات، وتنقية الإعلام من لوثة الزلات والجرائم المرتكبة من قبله في أشرف اللغات...
إنكم إن فعلتم ذلك: كانت لأمتكم السيادة والريادة، ودانت لكم العرب والعجم...

يا:" دعاة العامية": هكذا كونوا، أو لا تكونوا.



أمازيغي مسلم 22-08-2015 01:23 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
اللّغة لا علاقة لها بالإلزام وحكمك غير مؤسّس يا دكتور سعدي


فريد حاجي* أستاذ بجامعة أبو القاسم سعد الله
(الجزء الأول)




لقد نشّط الدكتور:" سعيد سعدي" يوم:( الخميس 06 جوان 2015) بدائرة سيدي راشد أمسيّة تحت عنوان:"العيمش علي: نجمة في فجر الجزائر". وخلال هذه الأمسية: ذكّر بالنضال من أجل الأمازيغية: مشيرا بطريقة غير مباشرة للنقاش الدّائر حاليا حول المدرسة.
وفي هذا السياق: أشاد بما حقّقته القضية من اعتراف مختلف الفاعلين السياسيين في الجزائر ـوحتى المغرب ـ بها، بما فيهم الإسلاميون: إن عن قناعة أو تكتيكا على حدّ تعبيره!!؟.
وفي رأيه: يبقى ذلك منقوصا، ما لم تتحوّل إلى لغة إجبارية في التعليم شأنها شأن اللغة العربية، وقد عبّر عن ذلك بقوله: " لو لم تكن اللّغة العربيّة اتّخذت الطابع الإلزامي: ما كان لكثير من الجزائريين ليتعلّموها، خاصّة في منطقة القبائل".

بداية: أردّ عليك أخي سعدي كمؤرخ، وبعيدا عن الأدلجة، وسلاحي في ذلك المادّة التوثيقية، ففيها فصل الخطاب، وما يعنيني فيما أثرته هو:( عبارة "إجبار و/أو إلزام" الجزائريّين كي يتعلّموا العربية!!؟).

1- يجمع الدّارسون على أنّ تطوير نفوذ لغة ما وزيادة أهمّيتها: يقتضي تكامل عوامل جغرافية واقتصادية وتجارية ودينية واجتماعية، بحيث يتخطّى استخدامها حدود مجتمعها الأصلي، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يرى "أوستلر": أنّ الفينيقيّة انتشرت في مرحلة معيّنة في حوض البحر المتوسط: نتيجة النّشاط التجاري الكثيف والبارع للفينيقيين: الذين جعلوا من ذلك البحر بحيرة تربط الشّعوب القاطنة شواطئه، وتسّهل تواصلها، أمّا اللّغة اللاتينية، فانتشرت عبر الغزوات والحروب التي شنّها الرّومان.
واللّغة العربية: لم تشذ عن هذه السيرورة، فحسب الدّارسين، فإنّ ذلك يعود للحمولة الدينية القويّة لها؛ فقد نزل القرآن الكريم على الرسول صلى الله عليه وسلم، ليكون:" نصّاً لغويّاً مركزيّاً": التفّت حوله قبائل العرب.
وقد جاء هذا النصّ الربّاني بتشريع دينيّ ومدنيّ كامل: ساهم في لمّ شمل وزيادة تلاحم القبائل العربية المتناحرة سابقاً، وأحدث نقلة ثقافيّة في مفاهيم العرب وقيمهم: التي أصبحت تتكلّم عن المساواة والعدل: بدلاً من الشّجاعة والقتال والحرب.
من ناحية أخرى: أسهم ظهور الإسلام أيضاً في إيجاد لهجة عربيّة مركزيّة التفّ حولها العرب وغيرهم، وهي:( لهجة قريش ولغة القرآن الكريم)، وهي لهجة تتوفّر فيها، إلى جانب الأهمّية الدينية: عوامل أخرى تؤهلها للعب مثل هذا الدور، إذ تحتلّ مكانا جغرافيا وسطا نسبيا على طريق تجاري هام، وتتكلّمها قبيلة ذات غنى واسع يشتغل أهلها معظمهم بالتجارة، وبها تعقد أسواق تجارية وثقافية بصفة منتظمة: أشبه ما تكون بالمؤتمرات الدورية.
ومن ثمّ: أصبحت لهجة قريش:" اللّهجة المعيارية": التي أُطلق عليها العربية الفصحى التي أخذت بالتّمركز، وتعاظمت قوى الجذب المركزي فيها، وانتقلت من طور التأثّر إلى طور التأثير.
يأتي هذا التّأثير بعد أن اعتنقت بعض الشعوب في آسيا وإفريقيا الإسلام، وما تطلّبه من الإقبال على تعلّم العربية: إيماناً من هذه الشعوب بأنّ ذلك من الدّيانة أوّلاً، ولتعلّم مبادئ الدّين وأحكامه ثانياًّ.
ولعلّ إقبال هؤلاء على اللغة العربية - باعتبارها لغة الوحي – هو: الذي جعل أجيالا من هذه الشعوب تتخلّى عن لغاتها الأم لفترة من الزّمان، إذ أخذت عنها المفردات والمصطلحات التي تعبّر عن المفاهيم الدينية والأدبية والعلمية والأسس الحضارية المشتركة، كما تأثّرت العربية هي الأخرى من كلّ ذلك، وهو ما يسمّى ب:" التلاقح الثقافي بين اللّغة العربية واللّغات الإسلامية الأخرى"، حتى أصبح من الصّعب: تحديد الأصول العرقية للعديد من المفكّرين والأدباء المسلمين في القرون الأولى للإسلام.
وعلى مرّ العصور ونتيجة للتلاقح النّشط بين مختلف الشعوب: أصبح كثير من الكلمات والمصطلحات يُشكّل بناء مشتركاً للمفاهيم والقيم الثقافية المشتركة لهذه الشعوب.

2-إنّ الفرد يتأثّر باللغة التي يتحدّث ويتواصل بها أبلغ تأثير، ويمتدّ هذا التّأثير ليشمل تفكيره وتصوّراته، وعقائده، ومشاعره، وعواطفه، وسلوكه، وإرادته، وجميع تصرّفاته.

3-إنّ الفرد حين يفضّل لغة على لغة، فإنّه فضّل فكرا على فكر، وثقافة على ثقافة، ثمّ أن يتحدّث الفرد بلغة، ويفضّل استخدام هذا الشّكل دون الآخر، فهو شيء يتجاوز مجرّد الاستخدام لأداة من أدوات التّواصل، بمعنى: أنّ لاختياره دلالة، كما أنّ لمحتوى الرّسالة دلالة في الوقت نفسه.
وهذا ما ينطبق على المجتمع الجزائري في إقباله على تعلّم اللغة العربية شأنه في ذلك شأن بقية الأمم من منطلق أنّ:" اللغة لا تصلح للتّواصل، بل تصلح للوجود" على حدّ تعبير "جاك بيرك"...

(الجزء الثاني)
... بعد هذه المقدّمة: أودّ أن أذكّرك أخي سعدي بالآتي:
أوّلا: إنّ التّعليم في الجزائر قبل الغزو الفرنسي: لم يتكفل به العثمانيون كسلطة، إذ لم تكن لهم وزارة للتعليم، ولا أيّة مؤسسة مكلّفة بهذا القطاع، بل تُرك الميدان مفتوحا للأفراد والجماعات يقيمون ما يشاءون من مؤسسات دينية أو تعليمية.
وقد قامت بهذا الدّور:" الزّوايا والمساجد": التي كان يتعلّم فيها أبناء الجزائريين اللّغة العربية وحفظ القرآن الكريم، إلى جانب علوم أخرى كالعلوم الشّرعية وقواعد اللغة والنّحو والسّيَر والأخبار وغير ذلك.

ثانيا: أَلَم تكن العائلات هي التي تقيم المدارس لأبنائها في القرى والدّواوير، وتُكلف معلمين بتعليمهم، وتوفّر لهم كلّ وسائل عيشهم، ثمّ: أَلَم يُغطّي انتشار التعليم خلال العهد العثماني المدينة والقرية والجبل والصحراء؟.
أَلَم يشهد بذلك أساطين الاستعمار أنفسهم ومنظّريهم؟.
وسرعان ما تراجع:"خبراء المحتلّ" عن هذا الإقرار بعد أن أنشؤوا ما سميّ بـ:( لجنة الاستكشاف العلمي للجزائر في عام 1837م)، وراحوا يتحاملون على كلّ ما له صلة بثقافة المجتمع بكلّ تمظهراتها: تمهيدا للتمكين للمشروع الذي جاءوا من أجله.
وسؤالي إليك يا دكتور هو:
هل كان الأولياء خلال العهد العثماني مرغمين على إرسال أبنائهم -وفي شتّى مناطق الوطن- إلى مختلف المؤسّسات التعليمية لتعلّم الإسلام والعربيّة!!؟.

ثالثا: لقد نظرت كل الأنظمة السياسية المتعاقبة على حكم فرنسا إلى مشروع التعليم على أنّه وسيلة سياسية، وفضاء للمثاقفة، ممّا قد يُمهّد ذلك مع الزّمن لإعادة بناء النّظام المعرفي للمجتمع، وخاصّة ناشئته.
وهنا، أطرح سؤالا:
هل كانت العربية إلزاميّة على الجزائريّين في ظلّ الاحتلال الفرنسي؟.
وهل تخلّى عنها الجزائريّون حين اعتبرها المحتلّ لغة أجنبية في الجزائر عام 1938م؟.
ورغم محاولات المحتلّ الفرنسي في استدراج أبناء الجزائر إلى مدرسته الوليدة، إلاّ أنّه فشل في ذلك، وهنا: أحيلك أخي سعدي على المرارة التي كان يتجرّعها القيّمون على التعليم آنذاك: جرّاء عزوف الجزائريّين الالتحاق بالمدرسة الفرنسية، بل، حتى ما يسمى:( العربية/الفرنسية).
هذه المرارة نستشفّها ممّا يقوله:"دو بوسي":
{ إنّه رغم محاولات الإغراء والصّلوات التي صلّيتها جميعا، وملاحظاتي التي أبديتها، وما قلته لهم عن النيّة الحسنة للحكومة تجاه أُمّتهم: ذهبت أدراج الرياح}.
ثمّ يفسّر سبب هذا العزوف، فيقول:{ إنّه يعود إلى الاحتياطات التي تُنشئها الأحكام الدّينية المُسبَقة}.

عند قيام الإمبراطوريّة الثّانية: طالب وزير الحرب بإجراء تحقيق حول النتائج الأوليّة لتطبيق المراسيم المتعلّقة بتنظيم تعليم المسلمين، وجاءت التقارير التي تنمّ عن نوع من اليأس، ومنها تقرير جاء فيه:
{هناك تحفّظ لدى الطبقات الميسورة في إرسال أبنائها إلى المؤسسات الجديدة، وهو ينحو نحو التقلّص}.
ويقول الجنرال "دوسال": { إنّ الشّعب العربي الجزائري: لا يقبل أيّ تعليم آخر غير التّعليم التقليدي، وفي هذه الظّروف، فإنّ ترك هذا الأخير يسوء، يعني، ترك مجموع الشّعب في الجهل، معناه تركه إلى الأبد فريسة للتعصّب والخرافات}.
إنّ لجوء:"الأهالي" إلى مقاطعة مدرسة المحتلّ: كان الأسلوب الأوحد - في نظرهم - لمواجهته، وبعبارة أخرى، فهم بين خيارين: إمّا تقبّل المدرسة الوافدة بما تحمله من قيم أراد التّمكين لها في المجتمع، أو التمنّع، وما ينجرّ عنه من ملاحقة وتضييق على مدارسهم.
وإذا كان القيّمون على التعليم من "الأهالي": قد اختاروا الطريق الثاني، فإنّ المحتلّ: ظلّ يسعى إلى نشر منظومته التعليمية: إيمانا منه أنّ تحقيق مشروعه الثقافي المأمول: لن يكون إلاّ من خلال فضاء المدرسة، ولو أنّ الثّمار ستُجنى على المدى الطويل.
وقد وصف "م.إيمريت" مآل التعليم في الجزائر قائلا:
{ كان العربي في 1830م: يعرف القراءة والكتابة، ولكنّه أصبح يتخبّط في ظلمات الجهل عندما مضى نصف قرن على الاحتلال}.

ملاحظة هامة جدا: " وشهد شاهد من أهلها!!؟": أيها العالمانيون التغريبيون الذين تكذبون وتدعون بأن سبب تخلفنا الحضاري هو:" تمسكنا بإسلامنا ولغتنا"، فهاهو:" "م.إيمريت": يفضح كذبكم.
[كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا].
وسيأتي بيان:( مقصد الاستدماريين الفرنسيين من مشروع إزاحة اللغة العربية): بإبعادها عن المدرسة الجزائرية، واستبدالها بالفرنسية ذلك الوقت، واستبدالها بالعامية اليوم من قبل:( العالمانيين التغريبيين: ورثة المشروع الفرنسي).

رابعا: إنّ هذا التوصيف: كان نتاج موقف "الأهالي"" الرّافض للتّعليم تحت سلطة الاحتلال أو رقابته، وكان القيّمون على التعليم من الأهالي: يدركون غاية المحتلّ عبر فضاء المدرسة، وهي: التي نستشفّها من فحوى الرسالة التي وجّهتها:( اللّجنة المكلّفة بمشروع التعليم في الجزائر) إلى وزير الحرب "دوتبول" بتاريخ:( 23/02/1850م)، وقد ورد فيها:
{ إنّ إعادة التّرميم والإدارة الحسنة للدّراسات الإسلامية المُزدَهرة قبل غزونا، والتي تلاشت بعد مجيئنا نتيجة حرب طويلة: لم يكن بالإمكان تجنّبها، يشكّل واجبا، وفي نفس الوقت وسيلة للسيطرة بالنسبة لنا ، وإلى جانب هذه المسألة الخطيرة والحسّاسة، هناك مسألة هامّة أخرى، وهي نشر اللّغة الفرنسية في الجزائر.
إنّ الجيل الذي وجدناه على هذه الأرض الإفريقية منذ 20 سنة: منفصل عنّا بحاجز لا يمكن اجتيازه تقريبا.
يجب أن نتوجّه إلى أبنائهم: جيل لا يعرف علما آخر قطّ: ماعدا علمنا.
إنّ فرنسا عليها مهمّة وإمكانية تلقين هذا الجيل الأفكار الأوروبيّة عبر تعليم سلميّ، ومنذ 1830 وتبعا لظروف معروفة تبرّر سلوكنا، هناك جيل بأكمله كبُر خارج تأثيرنا، ولا يزال يفلت من ذلك}. (1).
ملاحظة هامة أخرى:
ألا يذكركم قول تلك اللجنة الآتي:{ إنّ الجيل الذي وجدناه على هذه الأرض الإفريقية منذ 20 سنة: منفصل عنّا بحاجز لا يمكن اجتيازه تقريبا.
يجب أن نتوجّه إلى أبنائهم: جيل لا يعرف علما آخر قطّ: ماعدا علمنا}.
ألا يذكركم ذلك بقول:" وزير خارجية فرنسا" السابق:(كوشنير) بأن:" علاقة فرنسا بالجزائر لن تتحسن إلا برحيل جيل الثورة!!؟".

خامسا: هناك رسالة أخرى للحاكم العام:"دو غيدون" يقول فيها:
{ لا تزال المدارس الإسلامية يتردّد عليها التلاميذ: خلافا للمدارس العربية الفرنسية، إنّي أتأسّف على هذا الوضع، كما أنّي مرغم على ربط هذه النتيجة المُغضبة لقلّة الحماس لدى مدير مدرسة مستغانم السيد "ل.ماشويل" في جلب التلاميذ المسلمين}.(2).
وهذا ما دعا "دو غيدون" إلى: إلغاء المدارس العربية/الفرنسية بتاريخ:( 03 / 02 / 1872)، وطالب بتحويل تجهيزاتها إلى المدارس المُزمَع إقامتها في بلاد القبائل!!؟.(3).

سادسا: كلّف وزير الحرب "كورتو":(1871-1873):" أكاديمية الجزائر": بإعادة تنظيم التعليم بشقّيه، أي المدارس العربية/الفرنسية والمدارس العليا الإسلامية وذلك بتاريخ 18 / 02 / 1873م.
وبعد أن قامت الأكاديمية بتشخيص الوضع التعليمي في الجزائر: طالبت في تقريرها بضرورة (إعادة النّظر في الحجم الساعي، المواد المُدرّسة... الخ). ومن بين التّعديلات المقترحة على سبيل المثال: تخصيص ساعتين لدراسة القرآن بدلا من ثلاث، وساعة واحدة لدراسة العربية، وخمس ساعات ونصف لمواد أخرى، مثل تعليم الفرنسية، القراءة، الكتابة، الحساب، التاريخ والجغرافيا.
ومن جهة أخرى: اقترح التقرير: استبدال كلمة المدارس العربية/الفرنسية، باسم المدارس المختلطة، وذلك نزولا عند رغبة المعمّرين الذين رفضوا التسمية السابقة.
يتبع ...

هوامش:
1-CAOM,22.S/3. Comité consultatif de l_Algérie, rapport adressé au ministre de la guerre, 23/02/1850.

2-CAOM, 22.s/1.Ministère de l_Algérie et des Colonies. Extrait du rapport du préfet d_Oran. Le 30/09/1858.

3- CAOM, 22.s/3. Rapport de l_académie d_Alger au gouverneur civil de l_Algérie, le 05/04/1873


أمازيغي مسلم 22-08-2015 01:26 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
معركة العربيّة
الشيخ: عبد الحليم توميات


الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:

فـ:{ ما ذلَّت لغةُ شعبٍ إلاّ ذَلَّ، ولا انحطّت إلاّ كان أمرُه في ذَهابٍ وإدبار"، ومن هذا يفرض الأجنبي المستعمِر لغته فرضًا على الأمة المستعمَرة ... فيحكم عليهم أحكامًا ثلاثةً في عملٍ واحد:

أمّا الأوّل: فحبسُ لغتِهم في لغته سجنًا مؤبّدًا.
وأمّا الثّاني: فالحكم على ماضيهم بالقتل محوًا ونسيانًا.
وأمّا الثّالث: فتقييدُ مستقبلِهم في الأغلال الّتي يصنعها، فأمرهم من بعدها لأمره تَبَع }.
انظر:( وحي القلم:2/23): للرّافعي رحمه الله.

ومن مظاهر إذلال اللّغة العربيّة:( هجرُها، واتّخاذ العامّية خدناً بدلها).
- وكان أوّل من دعا إلى إحلال العامّية محلّ الفصحى اللّبنانيّ:" أمين شميل": (1828 - 1897 ).
- ثمّ جاءت مجلّة "المقتطف":(1876-1952م)، فدعَت إلى كتابة العربيّة بالحروف اللاّتينيّة!!؟.
وبارك هذا النّداءَ الخبيث، وسعى إلى تشجيعه السّعيَ الحثيث أعداء الأمّة، ومن لا يرقب فيها إلاًّ ولا ذمّة:
- فألَّف:" كارل فولرس" الألمانيّ خادم الإنجليزيّين كتابًا في:" اللّهجة العامّية الحديثة في مصر ":(سنة 1890)، ليصِل من وراء ذلك إلى إظهار العربيّة الفصحى في ثوب الجمود والصّعوبة.
- ثمّ جاء " ويليام ويلككس " المنصّر الإنجليزي، فألقى محاضرة سنة 1893ونشرها في مجلّة الأزهر التي سيطر عليها بعد - وهي غير مجلّة "الأزهر" الّتي صدرت عن مشايخ الأزهر فيما بعد ولا تزال تصدر إلى الآن -، وزعم في خطبته:{ أنّ الّذي عاق المصريّين عن الاختراع هو: كتابتُهم بالفصحى!!؟}.
ودعا إلى التّأليف بالعامّية، وقال:{ ما أوقفني هذا الموقف إلاّ حبِّي لخدمة الإنسانيّة، ورغبتي في انتشار المعارف، وما أجده في نفسي من الميل إليكم، الدالّ على ميلكم إليَّ!!؟ }.
- ثمّ حمل لواء هذه الدّعوة:" أحمد لطفي السيد" (تـ: 1963 م): الّذي خُطِّطَ له حتّى أصبح وزيراً للمعارف، ثمّ وزيراً للخارجيّة، بل دعاه الضبّاط الأحرار إلى أن يصبح رئيسا لدولة مصر !!؟.
ولمَ لا، وهو الملقّب ب:( أبي اللّيبراليّة، وأفلاطون العرب!!؟).
نادى هذا الرّجل بأعلى صوته باستعمال اللّغة العامّيةالمصرية بدلاً من العربيّة الفصحى!!؟.
وردّ عليه الرّافعي رحمه الله سنة 1912 م بأنّ:{ طريق الإصلاح إنّما يكون بإيجاد مجمع يحوط اللّغة العربيّة بعنايته واهتمامه}. [انظر:" تحت راية القرآن ":(54-60)].
وكما في أمثال العامّة عندنا: ( إذا لم تركب، فتعلّق )، فإنّه لمّا خسر معركته، أصبح رئيساً لـ" مجمع اللّغة العربيّة!!؟" حتّى يُحطّم اللّغة الفُصحى من الدّاخل.
وتوالت الضّربات، وتتابعت المخطّطات والمؤامرات، لوَأْدِ العربيّة بين قومها، وتغريبها في أرضها.
وما أكبرَ عقلَ الإمام:" ابن باديس" رحمه الله: الّذي كان أيّام الاحتلال الفرنسيّ - مع شيوع الأمّية يومئذ - يدرّس شرح المعلّقات!!؟، وذلك ليزيل الغربة عن لغة القرآن، ف:" ما غاب عن لفظك: غاب عن قلبك، وما ينكره اللّسان: ينكره الجَنان".
وأدعو بهذه المناسبة - كما يقال - جميع أئمّة المساجد: أن يدرّسوا هذه الأيّام شرح قصائد العرب الخالدة، أو شرح منظومات في علم النّحو أو الصّرف أو البلاغة، ولك أن تخيّل خمسة عشر ألف مسجد تقام فيها دروس في علوم العربيّة.
وتذكّروا أنّ شأن المنافقين في كلّ زمان ومكان قول الحقّ سبحانه:
[وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ].
فهم يزعمون: أنّهم لا يريدون من وراء استبدال العامّية باللّغة الفصحى إلاّ التّيسير، وإبعاد الصّعب والعسير.
والواقع يكذّب ذلك كلَّه:
فالمسنّون يفقهون اللّسان الفصيح، وخير دليل على ذلك عكوفهم أمام القنوات الإخباريّة.
والنّساء يفهمن اللّسان الفصيح، وأصدق دليل عشقُهنّ للأفلام المدبلجة ( المكسكسيّة والبرازيليّة ... الخ ).
والأطفال يفقهون جيّدا اللّسان الفصيح، وإن كنت في ريب من ذلك، فاسألهم عن أفلام الكرتون.
وأظنّ أنّهم ما يُريدون من وراء مثل هذه التوصيات والقرارات، إلاّ أحدَ الشرّين:
تطبيقها فعليّا، فيتمّ لهم ما يريدون.
إلجام أصوات الحكماء الّذين عزموا منذ سنوات على إعادة بعث اللّغة العربيّة الفصيحة في حياة النّاس.
فلسان حالهم:" خير وسيلة للدّفاع هي الهجوم".

فالله تعالى وحده نسأل: أن يهدي ولاة أمورنا إلى ما فيه خير البلاد والعباد، وأن يُلهمهم سُبلَ الهدى والرّشاد،
وأن يجنّبهم مضلاّت الهوى والغيّ والفساد، إنّه سميع قريب مجيب.

أمازيغي مسلم 23-08-2015 03:13 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 


تدريس العامية في الابتدائي

بوخاتم إيمان



أكد الوزير الأول:" عبد المالك سلال": الخميس بقسنطينة:{ أن اللغة العربية: مرجعية دستورية، ومبدأ تم الفصل فيه نهائيا : داعيا إلى عدم الخلط بين اقتراحات واجتهادات بيداغوجيين وأساتذة، و قرارات الدولة}.

وقال:" سلال":الذي قام بزيارة عمل إلى قسنطينة:{ إن اللغة العربية هي مرجعية دستورية وحضارية وثقافية، ومبدأ تم الفصل فيه نهائيا، إلى جانب اللغة الأمازيغية: التي تعتبر لغة ينبغي تطويرها وتعميمها في إطار تحصين الوحدة الوطنية}.

وتابع موضحا:{ هذا خيار ليس سياديا فحسب، بل يندرج في إطار مبادئ دستورية تم الفصل بموجبها فصلا نهائيا في الهوية والشخصية الوطنية}.

و ذكر الوزير الأول:{ أن برنامج رئيس الجمهورية:واضح بالنسبة لهذا المبدأ، وأن مهمة الحكومة تتمثل طبقا لمخطط عملها، في السهر على تجسيده بما يضمن للمدرسة الجزائرية الحفاظ على كل مقوماتها}.

وبيّن المتحدث أنه تابع بـ"اهتمام" النقاش الذي رافق الندوة الوطنية لتقييم المنظومة التربوية، مثمنا هذا النقاش: الذي يعتبر إثراء ومساهمة في النهوض بالمدرسة، وتطوير النظام التربوي، مذكرا أنه:{ ليس من مصلحة أي كان تسييس النقاشات وإخراجها عن سياقها التربوي والثقافي}.

وفي هذا الإطار: دعا الوزير الأول الجميع إلى عدم الخلط بين "اقتراحات" و"اجتهادات"، قامت بها لجنة متكونة من بيداغوجيين وأساتذة وقرارات الدولة الجزائرية "وذلك في إطار مواصلة إصلاح النظام التربوي الذي أقره رئيس الجمهورية منذ سنة 2000، عندما بادر إلى تنصيب لجنة وطنية لإصلاح المنظومة التربوية".

وأكد:" سلال": أن الاقتراحات المتمخضة عن الندوة:{ ستدرس بعمق وسيتم التدقيق فيها من أجل استخلاص ما هو إيجابي وإضافي لتطوير النظام التربوي}.

وخلص رئيس الحكومة إلى القول إنه:{ إذا كانت المدرسة الجزائرية ترتكز على اللغة العربية كلغة أساسية للتدريس، فإن تطبيق هذا المنهج لا يمنع المدرسة الجزائرية من أن تتفتح وتدرس كل اللغات الحية من أجل إكتساب العلوم والتكنولوجيا}.

وكان موضوع التدريس بالعربية الدارجة في أقسام الابتدائي أسال الكثير من الحبر، وأثار جدلا كبيرا في الأسابيع الأخيرة، بعد التوصيات التي خلص إليها النقاش الذي رافق الندوة الوطنية لتقييم المنظومة التربوية، ما دفع العديد من الهيئات والشخصيات المدنية والسياسية والثقافية والدينية إلى الانتفاض على بن غبيرط، معتبرين الموضوع مساسا صريحا بمقومات وثوابت المجتمع الجزائري.



منقول بواسطة الأخ الفاضل:" بلحاج بن الشريف".



أمازيغي مسلم 23-08-2015 03:14 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

أما آن للعربية أن تسلم من التهميش والتهجين!!؟
محمد سريج:( أستاذ بجامعة الشلف)



"تدريس العامية في الابتدائي" ـ السنتين الأولى والثانية ـ هذا المشروع أسال الكثير من الحبر، ولا أرى سكوتا إلا إذا ألغي، لأنه ـ حسب ما يبدو لي ـ ما هو إلا بداية تدريجية لإبعاد الطفل عن لغته السليمة البعيدة عن اللحن والخطأ، وربما إذا قدر لهذه المشروع أن يمرر سنتوقع في السنوات القادمة ما هو أسوأ، فالواقع الذي نعيشه اليوم لا يختلف فيه عاقلان من أن التلميذ وحتى أغلب الطلبة في الجامعة: لا يتقنون حتى تكوين جملة بسيطة مفيدة، ولنا الكثير من الأمثلة، خاصة أثناء تقديم البحوث، تخال نفسك أمام أمي لا علاقة له باللغة الفصحى إطلاقا، والأمثلة كثيرة ومتعددة لا يتسع المقام هنا لذكر كل الأمثلة.

وإذا كان الحال كذلك، فما الذي سيكون إذا شرع في تدريس العامية!!؟.

ليس لي تفسير من وراء كل هذا سوى: أن أنصار المدرسة التغريبية: يريدون دائما إظهار العربية على أنها:" عائق ولغة تخلف" وغيرها مما يعتقدونه، وما هو إلا امتداد لما عانته اللغة العربية أيام الاستعمار الفرنسي منذ دخوله الجزائر 1830، لذا أحاول أن أستعرض بعض القوانين الاستعمارية: التي سنتها للوقوف في وجه هذه اللغة التي اعتبرت غريبة في دارها.

قامت فرنسا بسياسة منظمة للقضاء على قوميتنا، بمحاربتها اللغة العربية، لغة ثقافتنا، وعوائدنا، وتاريخنا، وديننا؛ فالمدارس التي كانت تعلّم هذه اللغة: وضعت تحت إجراءات شديدة، وحتى الكتاتيب التي يُحَفَّظُ فيها القرآن للناشئة: لم تنج من تلك الإجراءات.

فعلى سبيل المثال لا الحصر في:( 24 ديسمبر 1904): أصدر الحاكم العام:" قرارا":{ ينص على عدم السماح لأي معلم جزائري أن يفتح مدرسة لتعليم العربية دون الحصول على رخصة من عامل العمالة أو الضباط العسكريين في المناطق العسكرية بشروط أهمها:

ألا يدرس تاريخ الجزائر وجغرافيتها والعالم العربي الإسلامي، وألا يشرح آيات القرآن التي تتحدث عن الجهاد، وأن يخضع ويخلص للإدارة الفرنسية، ولكم أن تتصوروا مدى قساوة هذه الشروط على واقع التعليم آنذاك...}.

يضاف إلى هذا الهجمة الشرسة من لدن المزارعين الفرنسيين بتاريخ:( 21 مارس 1908م): يطالبون بإلغاء التعليم الابتدائي بالنسبة للجزائريين: لجلب اليد العاملة الرخيصة، وفرصة توطين المهجرين الأوروبيين}.

وعندما تبين لفرنسا عجزها التام عن قتل اللغة العربية بإصدار القوانين الاستثنائية الجائرة، وبمطاردة معلميها، وغلق مدارسها، ومصادرة صحافتها.. أصدر وزير المعارف الفرنسي:"شوتان" قرارا يوم:( 8 مارس 1938): الذي اعتبر اللغة العربية في الجزائر لغة أجنبية، ويمنع تعليمها في المدارس، غير مبالي بشيء، ولا حتى بالمواثيق الدولية التي توجب المحافظة على لغة البلاد، وعلى عوائدها، وأخلاقها ومقوماتها..

وفي يوم:( 22 جويلية 1945): صدر قرار يفرض على كل معلم بالعربية: أن يكون متقنا للغة الفرنسية: إذا أراد أن يوظف، واعتبر ذلك عائقا في وجه المعلمين الذين لا يتقنون الفرنسية إطلاقا في أغلبهم.

حتى:( دستور 20 سبتمبر 1947م): الذي نص على ترسيم اللغة العربية لم يطبق إطلاقا، وبقي حبرا على ورق، وما نداء مفتشي التعليم الابتدائي الفرنسي الصادر بتاريخ:( 05 مارس 1954م): الذي طالبوا من خلاله بإلغاء إجبارية تعليم العربية في المرحلة الابتدائية حتى لا تعرب الجزائر، وكأن الجزائر أصبحت فرنسية مسيحية لاتينية أوروبية...!!؟.

يكفي ـ اللغة العربية ـ ما عانته أيام الاستعمار: لتتحمل اليوم تبعات من يريدون:( تهجين أبنائنا وإبعادهم عن لغتهم!!؟).

كان الجزائريون في عمومهم يعرفون:( القراءة والكتابة): أيام السنوات الأولى للاحتلال من خلال المقارنة بين واقع التعليم في بلادنا وبلادهم، يقول أحدهم:

{ إن التعليم كان منتشرا في الجزائر أكثر من بعض المقاطعات في فرنسا}، لذلك لا عجب: إذا وجدنا أن كل المسؤولين الفرنسيين، ومنذ أن وطئت أقدامهم أرض الجزائر الطاهرة: عملوا على تقويض مقومات الأمة، ويتجلى ذلك بوضوح في سلسلة من المراسيم والمناشير ـ السابقة الذكر ـ التي تهدف إلى التضييق على التعليم بصفة عامة: مستهدفة اللغة العربية باعتبارها الوعاء الروحي، وأداة اتصال لأفراد المجتمع، وعلى سبيل المثال لا الحصر:( تم هدم معظم المؤسسات التعليمية، ومتابعة المعلمين والمربين الجزائريين، ومحاربة حركة التعليم العربي الإسلامي، والتضييق عليها، واعتبارها لغة أجنبية في بلادها وبين أهلها وذويها).

بعد كل هذا: مازلنا بعد أكثر من نصف قرن: نعود للحديث عن تشويه اللغة والتراجع بها خطوات للوراء!!؟.

نقول لبن غبريط:{ إن الأطفال بإمكانهم الحديث باللغة العربية الفصحى حتى قبل السنة الأولى ابتدائي من خلال مشاهدتهم لأشرطة الرسوم المتحركة، إذن فالأمر لا يتعلق بالنضج العقلي والمعرفي للطفل بقدر ما يتعلق بأن العربية ما تزال يتربص بها إلى يومنا هذا!!؟}.



أمازيغي مسلم 23-08-2015 03:15 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

مختصون وأئمة وأساتذة لـ "الشروق" بعد تصريحات سلال:
مليكة ڤريفو: مشكلة المدرسة حضارية وليست لغوية
رغم أن الحكومة على لسان الوزير الأول:" عبد المالك سلال": خرجت عن صمتها أول أمس، وفصلت بأن التدريس بالعامية: مجرد مقترح وليس قرار، إلا أن المدافعين عن اللغة العربية: لم يقتنعوا بتصريحات الوزير، ويصرون على أن الفصل النهائي للقضية التي أثارت جدلا واسعا: يجب أن يكون في مجلس الوزراء الذي يترأسه الرئيس:" بوتفليقة": للخروج بقرارات تفيد: أنه لا تلاعب بمقومات الأمة على رأسها اللغة العربية، وتجنب التصريحات المغرضة التي من شأنها أن تفتح أبواب أخرى!!؟.

مليكة قريفو: لماذا تسكتون عن قانون 2008 وتريدون إدخال السفاهة للمدرسة!!؟.

ترى الأخصائية في علم النفس المدرسي واللغوي الدكتورة:" مليكة قريفو"، والتي تعد أول من طرحت:( فكرة استعمال الدارجة في المدرسة الجزائرية)، لكنها انتفضت ضدها مؤخرا: أن تصريحات:" سلال": تبقى منقوصة وغامضة: كونها لم تتطرق إلى قانون 2008 الذي يراد إخفاؤه، وإثارة نقاشات جانبية: بدل تطبيقه رغم أنه سيساهم كثيرا في الارتقاء بالمدرسة الجزائرية، لأنه:" مشروع حضاري": معتبرة أن مشكلة المدرسة ليست لغوية، بل حضارية، والتي هي مبنية في جانبها على الشعر والأدب، فلماذا نتجاهلهما رغم أن الدول الغربية تعتمد على الأدب في حضارتها!!؟.
واعتبرت:" قريفو" لـ"الشروق":{ أن الجزائر بحاجة إلى تلاميذ يحملون المتنبي في ذاكرتهم، وليس إلى بضاعة المفتشين الذي أدخلوا الجزائر في فتنة لغوية بسب:"دارجتهم"، واعتبرت أنه من حق الوزيرة والخبراء: تقديم مقترحات شريطة أن لا تكون مخالفة لقرارات الدولة.
وتساءلت الأخصائية:" قريفو":{ إذا كنا نريد إدخال السفاهة إلى عقول تلاميذنا، فأين هي أهداف المدرسة - خاصة -، وأن بلادنا اليوم محتاجة إلى المثقفين والنخبة}، قبل أن تنتقد سكوت مفتشي التربية على هذه المقترحات!!؟ .


بن عمر: لن نتخلى عن لغة بـ6 ملايين مفردة مقابل دارجة "ياخو"

عبر الوزير السابق للتربية:" مصطفى بن عمر" عن رضاه لاستجابة الحكومة للمطلب الشعبي بالعدول عن مقترح التدريس بالعامية في الطور الابتدائي، واعتبر في حديثه مع "الشروق": أن الحكومة اتخذت قرارا صائبا بتوضيحها للأمور، ووضع النقاط على الحروف:( أن قضية ثوابت الأمور يجب أن لا تكون مطروحة للنقاش!!؟)، لأنها من القضايا المفصول فيها، ولفت الوزير السابق الذي كان من الغاضبين على مقترح:" نورية بن غبريط": أن الجزائريين ليسوا:"معقدين" من اللغات - خاصة الأجنبية منها-، بل بالعكس: منفتحين حتى أن الكثير منهم يتكلم أكثر من لغة، ليتابع:{ الجدل الذي أثير ليس بهدف التشويش، بل إنه من غير المنطقى: أن نترك:( لغتنا الغنية بالمفردات التي تصل إلى 6 ملايين كلمة): مقابل العامية التي لا يتجاوز عدد كلماتها 30 ألف تقريبا، وبمفردات دخيلة على المجتمع كـ: "شريكي"، و"ياخو": التي نرفض أن تقتحم مدارسنا.


عثمان سعدي: الدارجة بارون اختبار أنهته السلطة:
اعتبر الدكتور:" عثمان سعدي":( رئيس جمعية الدفاع عن اللغة العربية): أن قرار التدريس بالعامية: كان مجرد بالون اختبار من طرف بعض البيداغوجيين في وزارة التربية، قد قررت الحكومة الفصل فيه مؤخرا،لأنه أثار الكثير من اللغط، وقال الدكتور :" عثمان سعدي" لـ"الشروق":{ إن التعبئة الشعبية حول الدفاع عن اللغة العربية: يجب أن لا تتوقف، بل تتواصل، لأنها من مقومات الهوية الوطنية: لافتا إلى ضرورة الفضل في القضية نهائيا في مجلس الوزراء الذي سيترأسه الرئيس:" بوتفليقة": لإخمادها قبل الدخول الاجتماعي المقبل}.

حجيمي: الأئمة يباركون تصريحات سلال:
بارك:( رئيس نقابة الأئمة: جلول حجيمي): تصريحات:" سلال"، وقال:{ إنه ينبغي الحفاظ على خصوصيات المجتمع الجزائري: داعيا إلى كل المبادرات الخيرة الهادفة إلى:( وقف مشروع مهزلة استعمال العامية في الطور الابتدائي)، وقال:" حجيمي":{ إن القرار صائب، لأنه لا توجد مبررات للأخذ بهذا المقترح، بل على العكس: يعد ضربا لمقومات الأمة والهوية الوطنية: التي يجب الإتحاد للحفاظ عليها: بدل فتح نقاشات عقيمة حولها}.



أمازيغي مسلم 23-08-2015 03:16 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 


تساؤلات وثوابت
بين العلم والثقافة في إدراج العامية في التعليم الابتدائي
أ.د شعيب شنوف.

بعد ما اشتد النقاش السلبي بين الموالين وخصوم استعمال اللهجة العامية في التعليم الابتدائي....تشتت أفكاري وعجز اللسان...وتبعثرت مواقفي حول مع من أقف؟، هل نقف موقف اختيار وتفضيل بين هذا وذاك؟، أم ماذا؟.
فقد بد لي مستوى النقاش والأمر كله أشد شذوذا واستهجانا، لأنه قال لي صديق:" إن هذا النقاش يجسد نوعا من التنافر والتفرقة في المجتمع الجزائري"، وقرأت لمالك بن نبي- من أجل التغيير: ص 50 وما بعدها- يقول:" بأن خصومالتعريب والعربية: ليسوا حديثي العهد، ولأن سيرورة الصراع من أجل الهوية الوطنية على قِدم المساواة مع عداء مجنون للعربية، ولهم رغبة ملحة لمحوها، ولكن ليست لهم الجرأة والشجاعة لقولها....أليس شيء محيرا أن تكون اللغات الأوربية وعلى وجه الخصوص الفرنسية أخذت من العربية التقنية التي كانت الأساس اللساني لانطلاق العلوم الحديثة؟.
أليس شيئا محيرا: أن تكون مثلا كلمة - Chiffres- الأصل صفر، ومعناه العدد، ذاتها من أصل عربي في كل اللغات الأوربية.
لذلك نحاول: أن نتناول المشكلة بطريقة منهجية،وذلك من خلال طرح الأسئلة الآتية:
ماذا تريد وزارة التربية من خلال إدراج اللهجة العامية في التعليم؟.
هل نريد إنتاج عالما؟، لأن العلم بلا ضمير مفسدة للروح...
إن العلم يعطي المعرفة، إنه يعطي اللباقة والمهارة: وفقا للمستوى الاجتماعي الذي يتم عليه البحث العلمي، وهو يعطي امتلاك القيم التقنية التي تولد عالم الأشياء. فرجل العلم يكون دائما إنسانا يراقب عالم الأشياء ليسيطر عليها وليحسنها تلك هي النظرة المنهجية لعالم الظواهر حسب ديكارت.
أم نريد إنتاج مثقفا؟ الثقافة تولد العلم دائما والعلم لا يولد الثقافة دوما ولا يمكن استبدال هذين المفهومين بالأخر، فالثقافة هي التي تكون طوق النجاة للمجتمع حين يتعرض لخطر التفرقة والأزمات، لأنها تعطي امتلاك القيم الانسانية التي تخلق الحضارة، ولكن الثقافة أكثر من العلم فهي تنتج إنسان التنمية الذي يراقب، ويراقب ذاته في بادئ الأمر.
أم نريد إنتاج إنسان التنمية؟ أما نريد منظومة تربوية عبارة عن مجرد ألة لنسخ الشهادات دون تحصيل علمي؟
أم هل نطرح المشكلة من زاوية عالم الأشخاص... بمعنى نناقش عالم الأشخاص الموالين لإدراج العامية في التعليم الابتدائي مثل بن غبريت وإطارات وزارة التربية وغيرهم؟
أم هل نطرح المشكلة من زاوية عالم الأفكار دون النظر من هو صاحبها... ونناقش فكرة إدراج اللهجة العامية في الطور الأول من التعليم؟ ثم أي لهجة...هل كل بلدية أو قرية بها مدرسة تتدرج لهجتها في التعليم الابتدائي... أم هناك لهجة أفضل من غيرها...أم ماذا؟ هل تدرج العامية في المناهج والمقررات الدراسية؟ أم تستخدم فقط في الشرح لإيصال الفكرة وتقريب المفهوم للتلميذ؟ وهل تغيير لغة التعليم والتعلم تؤدي بالضرورة إلى زيادة في القيمة العلمية المضافة؟
أم هل نطرح المشكلة من زاوية عالم الأشياء؟
من الثابت اليوم دون جدال أن كل تفكير في مخرجات التعليم هو في الأساس تفكير في مشكلة الانسان- التلميذ والطالب-، وأي تفكير في مشكلة الانسان هو بالأساس تفكير في مشكلة الحضارة، وأي تفكير في مشكلة الحضارة هو في الأساس تفكير في مشكل الثقافة، وأي تفكير في مشكلة الثقافة هو في الأساس تفكير في مشكلة التربية، وأي تفكير في مشكلة التربية هو في الأساس تفكير في مشكلة المنهج، وأي فراغ لا تملأه أفكارنا ينتظر أفكارا معادية لنا....قضية للنقاش.


رسالة إلى أصحاب الأقلام الشاذة
كيف لكم الدفاع عن خرجة بن غبريط الغريبة؟
عبد الحميد سرحان:(مفتش متقاعد)
راحت بعض الأقلام الشاذة، وهي لحسن الحظ قليلة جدا لا تعكر البحر، التي يعرف أصحابها "بخالف تعرف" في ردة فعل مغرضة تقف مدافعة عن رأي بن غبريط في إدخال الدارجة في التعليم من غير إعارة أدنى اهتمام لهذا الانحراف بالتربية والانحدار بها إلى الحضيض وإلى الأسوأ مما هي عليه ومن دون تحكيم للعقل وللنظر في العواقب السيئة التي تترتب عن هذا الإجراء، قلت راحت ترد على من استنكر خرجة بن غبريط رعمون ودعوتها المفضوحة إلى التعليم بالعامية، بأسلوب مغلف بالانتهازية والنفاق وتقذفهم من غير حياء ومن غير احترام للآخر، بالجهل وقلة المعرفة وتصفهم بشتى التهم (البعثية، الإيديولوجية، الإسلاموية... الخ)، وتعطيهم دروسا في مفهوم العامية، تحلل وتعلل محاولة حشر مجموعة من أقوال لفطاحل اللغة العربية أمثال الإبراهيمي وغيره من أجل إقناع الرأي العام بأن للدارجة مزايا وإيجابيات لا ينبغي التغاضي عنها، مشيدين بخبراء ندوة 25 و26 المزعومين.
وفهم أصحاب هذه الكتابات وحاولوا أن يفهموا مخاطبيهم على أن الذين نددوا بتحركات بن غبريط في هذا السياق هم ضد العامية أو لا يعرفونها. وهم بذلك يراوغون في إبداء الرأي ويظهرون أنفسهم على أنهم من يملك الحقيقة العلمية عن الموضوع (موضوع الدارجة) وأنهم يتحلون بالموضوعية وعدم الانحياز، غير أن تعابيرهم المشبعة بالأيديولوجية فضحت مشاعرهم ومواقفهم التي راحت تبرر الباطل وتدافع عنه.
ليس الأمر كما ترون أيها المدافعون عن العامية، فالعامية نعرفها، ونستعملها في مجالاتها التي تليق بها، ولا نحمل لها أية عداوة كما تتوهمون، فهي رافد من روافد العربية، ومن غير تغليط للرأي العام، ومن غير تفلسف وبعيدا عن التنظيرات الأكاديمية، فهي مستوى من مستويات العربية، ولكنه مستوى لا يرقى إلى مستوى الكلام الفصيح الجميل المحافظ على سنن العربية من نحو وصرف وتراكيب ونماذج للعربية الراقية التي تعمل المدرسة على نقلها وترسيخها لدى الطفل لكي تتكون لديه الملكة كما يقول ابن خلدون، وتصبح العربية أداة طيعة له يشق بها طريقه في ميدان تحصيل العلم والمعرفة، وبقدر ما يتحكم الطفل في هذه الأداة بقدر ما يكون مستواه الثقافي راقيا ومستواه العلمي رفيعا. وهذا لا يحتاج إلى دليل فخبراء اللغة يعرفون ذلك ولا أدري إن كان خبراء ندوة 25 و26 يجهلونها.
أما أن نقحم اللهجة العامية على لغة التعليم الرسمية التي هي العربية بحجة تدعيمها فهذا ما لا يستقيم مع أي منطق بيداغوجي أو تعليمي، بل على العكس من ذلك فهو يشوش على ذهن التلميذ ويعرقله في التعلم وفي اكتساب اللغة التي تعد هدفا من أهداف البرنامج، وأغلب الآراء تجمع على أن أية لغة مهما كانت، فرنسية أو انجليزية أو اسبانية أو غيرها لا تعلم بواسطة لهجاتها وإنما تعلم اللغة باللغة نفسها، ويراعى في ذلك التدرج، من المعلوم إلى المجهول، ومن السهل إلى الصعب، ومن البسيط إلى المركب... الخ.
إنه إذا كانت الدارجة موجودة في كل اللغات بشهادة علماء اللغة ومؤرخيها، وإذا كانت كل المجتمعات لها لهجاتها الدارجة، ولم نجد أية أمة تدرس لغاتها الرسمية بلهجاتها، فهل نحن أكثر منهم تطورا بيداغوجيا وعلميا وتربربويا؟
صراحة، لم نستوعب الهدف من اقتراح استعمال الدارجة في تعليمنا، ولم نقتنع بما قدم من حجج، غير أن هذه الحجج لا تذكرنا إلا بأطروحات الاستعمار الذي استعمل كل الوسائل للتضييق على العربية في الجزائر.
لقد سبق أن أشرنا إلى أن الدارجة هي رافد من روافد العربية ومستوى من مستوياتها، ولكن هذا المستوى لا يرقى إلى مستوى الفصيح الذي تعمل المدرسة على تلقينه للتلاميذ للارتقاء بمستواهم اللغوي والفكري والاجتماعي.
وحتى يتضح الحال مما نقول، نضرب مثالا، فنقول: إن الجملة العربية الفصيحة التالية: (جاءت فرنسا فلطخت أرضنا ولوثت فكرنا) تصبح هذه الجملة من الدارجة إذا شكلناها شكلا تاما بالحركات والسكنات غير المناسبة وحذفنا بعض الحروف واستبدال مخارج بمخارج أخرى إلى غير ذلك فتصبح الجملة دارجة كقولنا (جات فرنسا ولطخت أرضنا أوسخت أفكارنا).
إن الفرق واضح بين الجملتين من حيث جمال الشكل وقوة المضمون وطاقة التعبير التي تتميز بها الجملة الفصيحة عن الجملة الدارجة، ولا يحتاج إلى شرح كبير، لكن هذه الدارجة التي كانت صافية في وقت ما، وقت الأمير عبد القادر وبوعمامة وصالح باي لم تبق على ما كانت عليه من النقاوة والصفاء، وإنما أثقلتها المرحلة الاستعمارية برطانتها ولوثتها وأصبحت خليطا لا هي عربية ولا هي فرنسية ولا أمازيغية، فهي عبارة عن كريول (خليط).
هذا الكريول (لغة المستعمرات الخليطة) مثل ما نسمعه الآن في بعض القنوات السمعية البصرية، ومثل ما تريد بعض الجهات لهذا الخليط أن ينتشر والذي خطط له الاستعمار وثبته في بعض الدول والبلدان التي كانت خاضعة له.
لم يكن بلدنا العزيز في منآى وفي مأمن من هذا الوباء الخطير الذي يسمى الكريول، فقد عمل الاستعمار على التمكين له، محاولا إحلاله محل الدارجة النقية التي لا تعارض العربية ولا تجافيها وإنما تؤازرها وتسندها.
مما لاشك فيه أن إخواننا الفرنكفونيين، سامحهم الله، قد تأثروا أيما تأثر بالكتاب الكولونياليين، وكما يقول المثل "كل إناء بما فيه ينضح"، فلا غرابة في أن يتبنوا أطروحات منظري الاستعمار أمثال لويس بيرتراند، ولويس لكوك وروبيرت راندو وغيرهم الذين بشروا باللغة الجزائرية الجديدة على لسان أبطال رواياتهم، جاجايو، وبيبيت، وبروميتش، هؤلاء الأبطال الذين يمثلون الرجل الجزائري الجديد الذي يتكلم بمزيج وخليط من العربية والاسبانية والفرنسية والمالطية والبربرية.
هذا النموذج قد تبنته السياسة الفرنسية في عهد ديغول المشؤوم الذي حضرت في خطابه "نظرية المجتمع الفسيفساء في تكوين الجزائر الجزائرية" بعد الانتخابات التي كان يعتزم القيام بها ليتفاوض مع القوة الفائزة فيها، والمتكونة طبعا من عناصر عربية وفرنسية وأوروبية ويهودية وليسلم لها الحكم كما يريد هو، ويبعد جبهة التحرير عن ذلك، ولكن جرت الرياح بما لا تشتهي سفن ديغول.
إن هذا الاستنكار القوي من المواطنين الأحرار لدعوة بن غبريط المفضوحة في استعمال العامية، ينبغي ألا يفهم على أنه ضد العامية من قبل الذين يبررون أخطاء وزيرة، أقل ما يقال عنها إنها فاشلة وغير أهل لتسيير المؤسسة التي تشرف على تنشئة الأجيال وفقا لأهداف الأمة.
كيف يستقيم الظل والعود أعوج؟ كيف يخدم العربية من يجهلها ولا يحسن حتى التحدث بها؟ بل كيف لشخص أن يقوم بشيء وهو يجهله؟ هل يحق لمن يجهل الألمانية مثلا أن يصدر حكما على أن التعليم بالألمانية ضعيفا؟
لقد كانت الوزيرة متناقضة مع نفسها في التصريحات التي أدلت بها في وسائل الإعلام، فهي من جهة تنفي نفيا قاطعا أنها تدعو إلى العامية، ومن جهة أخرى فهي تبرر وتدافع عن المفتشين الذين صرحوا بهذا الإجراء الذي تعتزم القيام به والذي لم تستطع أن توضحه أو تشرحه جيدا حتى يفهم الناس.
الواقع أن الذين استنكروا الإجراء، ليسوا ضد العامية، وليس لهم عداوة معها، فواقع الحال يقول إن هذا الاستعمال موجود في الممارسة في التعليم عرضا وللضرورة، ولكن الذي لا يقبل البتة ما هو مخبأ وراء هذا الإجراء الذي اتفق عليه وتم في نوع من السرية وفي غفلة من المجتمع ومن مؤسساته التي كان من الواجب، هي التي تقرر مستقبل التربية لأبنائه.
لماذا اللجوء إلى هذا الإجراء في هذا الوقت بالذات؟ وما هي العلاقة بين ضعف التلاميذ وهذا الإجراء؟ وأين يكون موقعه من البرنامج؟وإذا اعتبرناه نشاطا فهل يقوم؟ وما هي المعايير التي يقوم على أساسها؟ هل نصنع معايير للدارجة من جديد؟ ولماذا يعنى به فقط من بين المقترحات المائتين؟ ثم ألا يعد هذا نوعا من جس للنبض نسكت عنه، ثم ننام ثم نستيقظ فنجد أنفسنا أمام الأمر الواقع، ونجد أنفسنا أمام لغة جديدة للتعليم والتربية هي اللغة الدارجة خلافا للعربية الراقية التي حاربها الاستعمار، وجند لها مفكريه من قبل، والآن تتعرض لمحاولة التضييق عليها بكل الوسائل من قبل أذنابه بعد الاستقلال، عوضا عن أن ينهضوا بها إلى مستواها الذي يليق بها.
يجب أن نأخذ العبرة من فرنسا الاستعمارية، يجب أن نعامل لغتنا التي هي عنوان شخصيتنا الوطنية مثلما تعامل فرنسا لغتها الوطنية. فلنستحضر قول أحد المسؤولين الفرنسيين الذي طلب منه تعليم اللهجات الدارجة في فرنسا فقال أتريدون بلقنة فرنسا؟
يحزننا كثيرا أن نرى الفرنكفونيين في الجزائر يتبنون مقولات وأطروحات الاستعمار الفرنسي، بعدما يزيد عن خمسين سنة من الاستقلال ويريدون تطبيقها على أبنائنا الأبرياء ويتعصبون للغة المستعمر.
لقد ألحق هؤلاء الضرر باللغتين فلا هم حافظوا على مستوى الفرنسية وعلى استعمالها الراقي كلغة أجنبية في الجزائر، ولا هم سمحوا للعربية أن تسترجع مكانها الطبيعي في بلدها، ولكن أعمى بصيرتهم التعصب والمزايا فراحوا يتوّهمون أن العربية تقضي على مزاياهم، ومن ثم فلابد من الكد والعمل والدفع نحو الكريول الذي هو هدف في أجندة غيرنا لنصبح مثل المستعمرات الأخرى التي تتخذ الفرنسية لغة رسمية إلى جانب الكريول الذي هو خليط ويعني شيئا.
ونحن أمام هذا الوضع المفتعل لا نملك إلا أن نتوجه للمسؤولين في البلد فنقول لهم عليكم أن تعملوا على تدارك هذا الأمر الخطير الذي يعني مستقبل الأجيال القادمة، وأن تسارعوا إلى تفعيل المؤسسات المخولة شرعا لتناول موضوع التربية بالنقاش الجاد الذي يراعي خصوصية المجتمع الجزائري وشخصيته العربية الإسلامية التي وردت في جميع مواثيق الحركة الوطنية على جميع أطيافها بعيدا عن كل إيديولوجية دخيلة وبعيدا عن الصراعات والحسابات الضيقة، وأن لا يترك أمر التربية الوطنية في يد جماعة لا ندري ماذا تريد أن تصنع بمستقبل الجيل المقبل.


أمازيغي مسلم 24-08-2015 10:21 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
لماذا انحدر مستوى التعليم في الجزائر!!؟
أزراج عمر

لايمكن أن يختلف أحد ما مع أي كان على مركزية دور المنظومة التربوية بكل مستوياتها وأنماطها في التنمية الوطنية سلبا وإيجابا وذلك لأن التعليم بكل مراحله وتخصصاته هو عصب أي بناء اجتماعي وثقافي واقتصادي وسياسي وحضاري.
ولاشكَ أيضا أن تأسيس هذه المنظومة على أسس صحيحة هو أمر مشروط بتوفر عوامل كثيرة مترابطة ومؤثرة في بعضها البعض بدء من الإطارات المكوَنة إلى الإطارات التي تشرف على سير التعليم إداريا وتربويا / بيداغوجيا ومرورا بالمحيط الاجتماعي، والاستقرار السياسي. فالتعليم كما يرى المفكر والمربي الأمريكي الشهير جون ديوي هو ضرورة حياة وتجديد لها، كما أن المحيط العام، والبيئة الاجتماعية الذين تتحرك وتنجز فيهما العملية التربوية، وتمارس فيهما اللغة باعتبارها مكوَنا للعقل وملكاته أيضا، ليس مجرد ديكور خارجي محايد، بل هو شرط النمو والتنمية وشرط لرقي اللغة أو انحطاطها. وهكذا، فإن تحقيق المستوى المتطور في هذا الحقل الأساسي في حاضر ومستقبل شعبنا مرهون أولا وقبل كل شئ بالمستوى الثقافي والبيداغوجي للمعلمين الذين يفترض أن يكونوا من خيرة المثقفين المزودين بالمعرفة الواسعة والدقيقة، كل حسب تخصصه.
ولكن هل يمكن تصور مثل هذا في الوقت الذي نجد فيه المعلم الجزائري مهمَشا ماديا بالدرجة الأولى، ومشتتا نفسيا، ومحشورا في زاوية مظلمة تبعده عن المعارف الحديثة الأكثر تطورا في شتى الميادين. إن مطالبة المعلمين بالتطوير المتواصل لثقافتهم المتخصصة، وبترقية معارفهم اللغوية والفكرية، ومعلوماتهم العامة ذات الصلة العضوية بالمواد الدراسية التي يعلَمونها للطلاب والطالبات، وكذا تحسين كفاءتهم فيما يتصل بتقنيات التدريس الحديثة والفاعلة، أي ما يسمى بطرق وفنيات التدريس، حسب ميادين مختلف التخصصات.
إن تحقيق كل هذه الأمور في الميدان وبنجاح لا يمكن أن يتجسد فعليا بالنوايا الساذجة، بل إن إنجاز مشروع بهذا الحجم يتطلب أولا فلسفة جديدة لمنظومتنا التعليمية تتنفس تقدم عصرنا مع ربطها ربطا محكما بتحديث العقل، والوعي بالواقع الاجتماعي، والمحيط العام أولا، ويجب إحداث تغيير جذري وحقيقي في موقف الدولة من إطارات التعليم والشروع في جعل الوضع الاقتصادي لهؤلاء المعلمين محترما وموفرا للانسجام النفسي الضروري لأي عملية تربوية وتعليمية ناجحة ومنتجة، وفي خلق المكانة الاجتماعية لهم في أعلى هرم السلم الاجتماعي.
وفي الحقيقة، فإن واقع المعلمين الجزائريين المادي، سواء على مستوى التعليم الابتدائي أو التكميلي أو الثانوي أو على مستوى التعليم العالي، هو واقع مزري حقَا وهذا عامل سلبي وخطير جدا أدى ولا يزال يؤدي إلى نتائج وخيمة وفي صدارتها اليأس والإحباط، والبحث عن وظائف أخرى بديلة، فضلا عن فقدان الثقة في مهنة التعليم ذاتها. وبهذا الصدد فإنه لا يمكن "أخلاقيا" وموضوعيا أن نطالب مُدرسا من المدرسين بتحقيق التحول التربوي والتعليمي الراقي والنوعي في اللحظة التي نجد فيها وضعه المادي المؤثر بقوة ومباشرة في معنوياته، في أسفل السافلين وهو الأمر الذي ينغص حياته اليومية، ويشل طاقته، ويحطم طموحه.
إن المدرس الجزائري الذي يتقاضى مرتبا شهريا، وهو على عتبة التقاعد، لا يتجاوز خمسين أو ستين ألف دينار جزائري، أي ما يعادل 300 أورو أو 350 أورو، لا ينتظر منه أن يقدم لنا حصادا تعليميا وتربويا يضاهي مستوى ما يقدمه مدرس في الدول الراقية التي تضع المدرسين في قمة الهرم الاقتصادي والاجتماعي. ينبغي علينا أن نقول الحقيقة وهي أن المعاش الشهري الهزيل للمعلم أو للأستاذ الجامعي الجزائري لا يمكن أن يقارن أبدا بما يتقاضاه معلم أو أستاذ جامعي حتى في الدول الفقيرة المجاورة للجزائر، أو مقارنته بما يتقاضاه المعلم أو الأستاذ الجامعي في فرنسا أو في السويد أو في الدانمرك فأمر خارج التفكير نهائيا ويعتبر ضربا من الخرافة.
ومن هنا، فإن النقاش الدائر حاليا حول تعليم العربية الدارجة بدلا من الفصحى هو مجرد بذخ سياسي أو مجرد استعراض عضلات الوطنية، وهو في تقديري أيضا انحراف عن المطلب والطموح الشعبيين المتمثلين في جعل مدارسنا، وثانوياتنا، وجامعاتنا ذلك المسرح المعرفي الذي تمارس فيه اللغة الراقية وتنتج فيه الثقافة العليا العالمة، و"فضاء" لتوليد الفكر والفن المتقدمين والعلم الأكثر حداثة من جهة، ومن جهة أخرى فهو أيضا هروب من مواجهة الحقائق التي تتلخص في عدم التعامل الجدي والمسؤول مع الأسباب التي تقف وراء استشراء وباء ضعف وانحدار مستوى كافة مراحل وأطوار المنظومة التعليمية لغويا، وتحصيلا فكريا، وثقافيا، وعلميا، ومهنيا، وطرائق ومناهج بحث علمي.
من العجيب والغريب أن نجد وطننا تشن فيه المعارك الوهمية حول العربية الدارجة في الوقت الذي تؤسس فيه بريطانيا وفرنسا وغيرهما من البلدان التي تحترم التعليم والمعرفة مدارس ابتدائية للتلاميذ الصغار لتدريسهم الفلسفة، وتقنيات التفلسف، وأساليب حل المعضلات الفكرية والعلمية.
إنه لابد من مصارحة أنفسنا بالحقيقة وهي أن التعليم المهني الذي يدرس في بلادنا، سواء باللغة العربية الفصحى نادرا، والمدرَجة غالبا أو بالفرنسية المتحذلقة، هو تعليم فاشل وغير مؤسس على القواعد العلمية والحضارية والدليل هو ما يتجلى في فلاحتنا المتخلفة، ومعمارنا المتوحش والرديء جدا والذي لا تتوفر فيه أية جمالية أو ذوق سليم، وما نراه يوميا، وعلى نحو نمطي مزعج ومولَد للعنف، في طرقاتنا المتشققة، والمنحرفة، والمنتجة للغبار، وفي أبوابنا ونوافذنا وشرفات محلاتنا وعماراتنا، ومنازلنا التي لا ينطبق عليها معيار الفن والعلم ماعدا الفوضى والقبح. إن هذه النماذج المذكورة لا علاقة لها بما أدعوه بمشروع بناء الفضاء المعماري الذي يؤسس ويشكل الشخصية النفسية السوية لمواطنينا ومواطناتنا.
وفي الواقع، فإنه حتى اللغة الفرنسية التي تدرس في مؤسساتنا التعليمية على أيدي ما يسمى بالفرانكوفونيين الجزائريين فإنها قد "شمَعت" بأختام التخلف، ولم تعد تترجم حكمة روسو، أو جماليات حداثة بودلير، أو فكرة الحرية عند مونتيسكيو، مشروع بناء الذاتية الجديدة خارج خطابات الزجر والتهميش والإقصاء عند ميشال فوكو بل فإنها قد حولت أيضا إلى رطانة دارجة ممعنة في إفراز التخلف الإداري، والتقني والمعماري وهلم جرا. والحال فإن تلقيح الفرنسية التي حوَلت إلى "لغوة" بمضمون ثقافة "الڤـُربي" "والدوَار" هو الذي جعل الفرانكوفونية في الجزائر مجرد تعبير عن ذهنية عشيرة، أو شلة، أو نزعة جهوية، وليس عن عقلانية التمدن والحضارة.


أمازيغي مسلم 24-08-2015 10:23 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 


الباحث في مناهج اللغة العربية البروفيسور المغربي محمد الحناش لـ"الشروق":
الدعوة إلى العامية باطلة علميا وبيداغوجيا



÷ حجّة "الصدمة النفسية" تفتقر إلى البرهان العلمي والتربوي.
÷ ضعف مستوى التلاميذ في اللغة العربية لا علاقة له بالفصحى.
÷ مناهج تعليم اللغة العربية انتهت صلاحيتها..!
÷ نحن قوم تبّع في البيداغوجية لا نبدع مناهج ولا نظريات.

نسف أستاذ اللسانيات الحاسوبية في جامعة "فاس" المغربية، البروفيسور محمد الحناش، مبرّرات الدعوة إلى اعتماد العامية في التعليم، مؤكّدا أنها حجة باطلة علميا وبيداغوجيا، وأوضح الخبير الدولي في مهارات الاتصال في اللغة العربية، أنّ ضعف مستوى التلاميذ لا علاقة له بالفصحى، بل هو مشكل ناجم عن مناهج التدريس في البلاد العربية، والتي انتهت صلاحيتها منذ زمن طويل!
وفي حوار مع جريدة "الشروق"، يعتقد مدير المجلة الدولية "التواصل اللساني"، أنّ العرب لم يستقرّوا على تصور منهجي واضح المعالم بخصوص التعليم، بل "هم قوم تبّع في البيداغوجية لا يبدعون مناهج ولا نظريات".

تعرف الجزائر في الآونة الأخيرة جدلا واسعا حول إدراج "العامية" في بداية التعليم الابتدائي، هل ترون هذه الفكرة مؤسّسة علميّا وبيداغوجيا!!؟.

أعتقد أن انتشار مثل هذه الدعاوى في هذا الظرف بالذات، أصبح موضة العصر في دنيا الدول التي عانت من ويلات الفرنكفونية، التي ترى أداتها اللغوية تندحر يوما بعد يوم، مثل هذه الدعوة أيضا كانت قد ظهرت في لبنان، وظهر لها خبراء أرادوا تعميم التعليم بالعامية في جميع المراحل، بل إنهم طالبوا بإلغاء العربية الفصحى بوصفها وسيلة لنقل المعارف وحاملة الهوية، ولكن محاولاتهم باءت بالفشل.
وبالنظر إلى السؤال، أرى أن الدعوة إلى العامية بوصفها محركا للعملية التعليمية في دول المغرب العربي، بدل اعتماد اللغة العربية الفصحى، ينبئ عن أن هناك فشلا ذريعا في فهم العملية التعليمية برمتها، إذ كيف يعقل أن يتم التخلي عن لغة مقننة يستطيع التلميذ استيعاب قواعدها التي انضبطت مع الزمن، وأصبحت تفوق الكثير من لغات العالم، انضباطا في القواعد توليدا وتحليلا، ويلجأ إلى استخدام لغة لا تملك من التقنين الصوري أي نصيب لحد الآن، لتتخذ لغة تنقل بها المعارف التي أصبحت تتعقد يوما بعد يوم.
تطمح جميع الدول إلى تكوين أبنائها ليصبح متعلمها منتجا عالميا ذا تكوين معرفي ومهاري عال، وهذا لا يكون إلا بلغة تختصر المسافات الزمنية في برمجة العقول، وهذه اللغة يجب أن تكون نفسها مبرمجة أو قابلة للبرمجة البيداغوجية، بينما تذهب بعض الدول، مثل بلداننا نحن في شمال إفريقيا إلى الدعوة إلى اعتماد لغة لا نصيب لها في التقنين، سيكون الأمر مقبولا لو كانت لدينا لهجة مقننة، يمكن نقل المعارف عبرها بين دول المعمورة، كما هو شأن أي لغة عالمية، لكن وضع العاميات في وطننا العربي يدعو إلى التشرذم أكثر من الدعوة إلى التوحيد، ما يجعل الدعوى باطلة من الأساس، لا علميا ولا بيداغوجيا.
أتصور أن هذه الانهزامية التي نعيشها في وضع أسس متينة لتعليم لغة الضاد بمعزل عن اللغات الأوروبية، هو الذي يفتح الباب أمام كل مدّع أن يتجاوز هذه اللغة العالمية بكل المقاييس، إنها لغة رياضية بامتياز، ووضعها الدولي يجعل منها لغة قادرة على احتلال الصدارة في لغات التدريس، لا أن تكون في وضع المدافع عن نفسها، لا أمام العامية ولا أمام اللغات الأجنبية التي هاجمتنا في عقر دارنا بأدوات تدعي الحداثة والحضارة.
هل يعلم دعاة العامية أن اعتمادها كوسيلة تعليم سيؤدي إلى ضياع الوقت، كونها لغة غير مقننة نحويا، ما سيجعل التلميذ يقضي وقتا أطول في تعلم العامية التي ما تزال في مستوى الشفوي، ولم تنتقل إلى مستوى الكتابي، علما أن الأمم تتطور معرفيا اعتمادا على ما تكتبه، لا على ما تتفوه به، لأن هذا الأخير معرض للنسيان، مما لا يؤهله لضمان استمرارية نقل المعارف.

لكن وزارة التربية في الجزائر تزعم أن التلاميذ يتعرضون لـ"صدمة نفسية" عند التحاقهم بالمدرسة، نتيجة استعمال اللغة الفصحى، هل ترى هذا الطرح مبرّرا منهجيا!!؟.

الصدمة النفسية الحقيقية هي: التي سيعاني منها الطفل، عندما يريد تدوين معلوماته ليرجع إليها لاحقا، فيعوزه الحرف والمفردة والجملة، لأن هذه الوسيلة التي ستعتمد في نقل المعارف غير منمطة، وتفتقر إلى أبسط الطرق في الضبط الكتابي والقرائي وهلم جرا، اللهم إذا كان الهدف من هذه الدعوى العودة إلى الثقافة الشفوية والتخلي نهائيا عن الثقافة المكتوبة التي طورتها البشرية إلى أن أصبحت رقمية بامتياز.
مما يضعف هذه الحجة كونها تفتقر إلى البرهان العلمي التربوي الصحيح، خلافا لاعتماد العربية الفصحى التي تقوم على قواعد مضبوطة ومنسجمة تماما مع النظام اللساني الكلي، الذي تقوم عليه كفاية الطفل أينما وجد في هذا العالم الواسع.
ولنتأمل الزمن الذي قضاه أسلافنا في بناء صرح العربية إلى أن أصبحت منمطة، بل مبرمجة وذات نظام رياضي، لو تأملناه جيدا سنجده يواكب التطور المعرفي الذي يتحصل عليه التلميذ في دروس الرياضيات والعلوم على اختلاف أصنافها، فهل نحن مستعدون لضياع الوقت نفسه الذي قضاه السلف في صياغة قواعد لغة الضاد حتى تتأهل للتعليم؟ الجواب واضح.

هم يطالبون بالحفاظ على "الرصيد الاجتماعي للغة الطفل" حتى يتدرّج في تعلّم العربية، هل هي فعلا مرحلة ضرورية لاكتساب اللغة الجديدة!!؟

الرصيد الاجتماعي لا علاقة له علميا وتربويا بلغة الطفل، هذا الأخير يراكم الخبرة الاجتماعية بعيدا عن اللغة، وعلى كل حال ليست العامية هي التي سيخزن بها تجاربه الاجتماعية، لأنها ليست قادرة على الاسترجاع المعرفي بطريقة مقننة، إذ ليس الهدف من التراكم المجتمعي هو تخزين البيانات عن المجتمع، بل الأهم من ذلك هو استرجاعها من أجل توظيفها في التطور المجتمعي الذي يقبل عليه الطفل في مراحل نموه وتطوره المعرفي.
علميا، تخزن اللغة في كفاية الطفل ابتداء من مرحلة متقدمة من العمر، وبعضهم يقول إن ذلك يبدأ قبل أن يخرج من رحم أمه، لكن الطفل لا يخزن أي لغة محددة في كفايته، إنه يخزن القواعد الكلية التي تشترك فيها جميع لغات العالم، وهي القواعد التي تترجم إلى أنحاء عملية يتعلم بها الناس المعارف المتعلقة بجميع المجالات، العلمي منها والإنساني وغيره، إذن لا علاقة للعامية بشكل خاص بتراكم التجارب الاجتماعية، لسبب بسيط، هو أنها ليست لها أنحاء عملية قابلة للضبط توليدا وتحليلا، ما يجعلها وسيلة غير مقننة، وبالتالي ستعرقل العملية التعليمية بدل أن تطورها.
أكثر من ذلك، يدّعي القائمون على قطاع التعليم أن اعتماد العامية سوف يسهّل على التلاميذ اكتساب مهارات اللغة العربية، هل هذا صحيح؟
كيف سيمكن لوسيلة تعليمية غير مقننة أن تيسر اكتساب مهارات لغة مقننة؟ العكس، ربما سيكون صحيحا في بعض الحالات النادرة، لكن غير العربية، أما أن تتولى العامية تيسير مهارات لغة قائمة ولها من القوة أن أصبحت من أكثر لغات العالم استجابة للرقمنة، فهذا أمر في غاية الغرابة.

المدافعون عن خيار "العامية" في المدرسة، يتحجّجون أيضا بضعف مستوى التلاميذ في اللغة العربية، هل هذا يعود إلى نوع اللغة أم إلى مناهج تعليمها!!؟.

هذه مصادرة مغلوطة، لا علاقة لضعف مستوى التلاميذ في اللغة العربية الفصحى باللغة نفسها، فالفصحى لا تتحمل أي مسؤولية في هذا الأمر، بل إن التخلف الذي يعرفه إتقان العربية يعود بالأساس إلى طريقة تعليمنا لها، وإلا لكان تعلم اللغات الأجنبية أولى بهذه الصعوبات، لأنها لغات مختلفة نظاما على جميع الصعد عن اللغة العربية الفصحى، ومع ذلك يتعلمها التلاميذ بكل يسر، ويتقنونها في زمن قياسي، وذلك راجع إلى الديداكتيك التعليمي (فنّ التدريس) المطبق في تعليمها، بل إن التلاميذ يمكنهم أن يتلقوا بها معارف معقدة في مرحلة مبكرة من التعليم، والسبب يعود أساسا إلى طريقة تلقينها، خلافا للغة العربية التي ما زالت تدرس بطرق كربونية، أي بطرق مستنسخة حرفيا من تراث تعليمي انتهى زمنه الافتراضي، وأصبح لزاما على معلميها أن يبدعوا طرقا جديدة في تعليمها، وإلا سيأتي زمن سنضطر فيه، أمام التطورات المنهجية لتعليم اللغات العالمية، إلى المطالبة بإحياء اللغة الفصحى، وليس فقط استبدال العامية بها في التدريس، ويبدو أننا في حاجة إلى وقفة تأمل بيداغوجي أمام هذا الاندحار الذي أصبحت تعرفه مناهج تعليم اللغة العربية، ما شجع جهات كثيرة على التجرؤ للمطالبة باعتماد العاميات في التدريس.

ما هي البدائل المنهجية لتحسين مستوى اللغة العربية لدى الناشئة وتجاوز دعاوى العامية في المدرسة!!؟.

لا توجد وصفة جاهزة نجيب بها عن هذا السؤال، فالمناهج التعليمية كثيرة، تتأقلم مع كل لغة على حدة، وعلينا نحن العرب أن نختار الإطار النظري الذي سنعلم به لغتنا، فقد نجحت دول أوروبا في وضع الإطار الأوروبي المشترك لتعليم اللغات وتقييمها، ونجحت في ذلك، ونحن منذ أن بدأنا نتحدث عن تعليم العربية ونحن نتحدث عن ديداكتيك تعليم العربية، ولم نصل لحد الساعة إلى الاستقرار على تصور منهجي واضح المعالم، فقد جربنا جميع المناهج ولم نوطن عندنا المنهج الذي سنتبناه، انتقلنا من الإطار التقليدي، وعانقنا بيداغوجيا الأهداف، ولما تبين أنها لا تربط التعليم بسوق الشغل انتقلنا إلى بيداغوجيا الكفايات، وأضفنا إليها بيداغوجيا الإدماج لتقوية عضدها في التعليم، وها نحن أولاء نستعد للنزول من مركب هذه البيداغوجيات كلها لنعانق المجهول. نحن لسنا مبدعي مناهج ونظريات، بقدر ما نحن قوم تبع من الناحية البيداغوجية، كلما ظهرت موجة جديدة في الغرب، نصفق لها ونستوردها كما نستورد البضائع، دون التساؤل عن ملاءمتها للغتنا التي لها ماض عريق استقرت فيه على نمط رياضي ـ حاسوبي مختلف عن بقية لغات العالم. وأتعجب أن تغيب عن باحثينا هذه الخصوصية اللسانية للغة الضاد التي أصبحت مصدرا لبناء أنحاء اللغات الأخرى بدل أن نكون مجرد مقلدين لغيرنا.
أتصور أنه في مقدورنا أن نضع إطارا منهجيا ملائما للغة الضاد، يمنع عنها هذا الهجوم المباغت الذي نسمع عنه بين الفينة والأخرى، والذي يدل في عمقه على حقد دفين تكنه بعض الطبقات السياسية للّغة ومنه إلى متكلميها. وأعتقد أنّ الحل ممكن في إطار هندسة اللغات الطبيعية التي أثبتت نجاعتها في بناء أنحاء صورية قادرة على دخول معترك التعليم في كافة مستوياته، وهوما تفتقر إليه العاميات العربية غير الموحدة تركيبيا وصواتيا وصرفيا، إلخ.

ما هي مخاطر التخلّي عن "العربية الفصحى" في التعليم الابتدائي لصالح "العامية"، على مستوى البيداغوجيا والهوية بشكل عام!!؟.

ليست مجرد مخاطر، بل هو تدمير شامل للهوية العربية الإسلامية التي ترتكز عليها شعوب المنطقة، ما معنى أن تتخلى عن لغتك التي تجمعك بشعوب العالم العربي الممتد من المحيط إلى الخليج، والانزواء وراء لهجة محلية غير قادرة على مساعدتك على اجتياز حدود بلدك، كيف سيتعامل التلميذ مع نظرائه في المنطقة، قبل أن يتعامل مع زملائه في وطننا العربي الكبير، ما الوسيلة اللغوية التي سيمتلك بها المعارف العلمية الجديدة التي تتطور بدون توقف، والتي لا يوجد أي مرجع علمي محرر بها في بلده قبل العالم؟ بل كيف سيفهم دروس الفيزياء والحاسوب والرياضيات في المراحل التعليمية اللاحقة، إن هو تعلم كل شيء في صغره بعاميته المقزمة جغرافيا؟ اللغة عملة الوطن وهي رمز سيادته، إن فرط فيها الوطن سيكون كمن فرط في كيانه حاضرا ومستقبلا. اللغة تبني الشعوب عن طريق نقل المعرفة، فإن هي خربت فاقرأ على الشعوب السلام، وأمامنا مثال إسرائيل التي أحيت لغتها من رماد، وها هي اليوم تحتل الصدارة المعرفية بين الأمم، بينما نحن نحاول قتل لغتنا رديف هويتنا لفائدة جهات تحاول ضربنا في الصميم بخلق هذه المشاكل المصطنعة.
لذا لا أعتقد أن مسعى التعليم بالعامية سيكون له مصير إيجابي في الجزائر أو في غيرها من البلدان العربية التي ظهرت فيها مثل هذه البدع التربوية لفائدة الأسياد.

أظنّ أنّ هذا النقاش مطروح في المغرب الشقيق أيضا، ما هي برأيكم خلفياته السياسية والسوسيولوجية في المنطقة المغاربية عموما!!؟.

نعم، لقد طرح بعض دعاة الفرنكفونية الموضوع نفسه في المغرب، لكن دعواهم باءت بالفشل، فتم تجاهلها كليا في التقرير الاستراتيجي: 2015 ـ 2030الذي أصدره المجلس الأعلى للتعليم، الذي صدر رسميا قبل شهر ونيف من اليوم، ويمكن الاطلاع عليه في موقع هذا المجلس، فتم تكريس اللغة العربية الفصحى، إلى جانب أكثر من لغة عالمية، طبعا في مقدمتها الفرنسية لأنها اللغة التي يملك المغرب أطرها إلى حد اليوم، على أمل أن يتم تكوين أطر باللغة الإنجليزية في المستقبل القريب. الشعب المغربي يعارض تماما اعتماد الدارجة المغربية في التدريس لأسباب بيداغوجية وعلمية أيضا، لأن العربية الفصحى هي اللغة التي تملك مرجعيات قواعدية يمكن اعتمادها في تدريس المواد العلمية والأدبية في مرحلة التعليم الابتدائي، أما عندما يصل التلميذ إلى مرحلة التعليم المتوسط أو الثانوي فسيكون قد أصبح متمكنا من العربية ويمكنه حينئذ أن يتلقى المعارف بلغات أخرى، على أن تستمر العربية الفصحى في أداء دورها الوظيفي إلى نهاية التعليم الثانوي.
تجب الإشارة إلى أن الدعوة إلى العامية في المغرب لم تكن فقط تقتصر على تدريس العامية، بل كانت تهدف، وهذا هو الأخطر، إلى تلقين المعارف العلمية بها، وبذلك يتم تناسي العربية الفصحى نهائيا.


أمازيغي مسلم 24-08-2015 10:24 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
ما هكذا يتم إصلاح المنظومة التربوية!!؟
اسماعيل بوزيدة



في الوقت الذي كنا ننتظر أن تتحرك وزراة التربية من أجل إحداث إصلاحات جوهرية وتغييرات إيجابية في المنظومة التربوية من أجل رفع وتحسين المستوى التعليمي للتلاميذ، لمواكبة مختلف المنظومات التربوية العالمية المتطورة، وتأهيلهم للدخول إلى آفاق تعليمية ذات مستوى عالي، وفي الوقت الذي كنا ننتظر أن تبادر وزيرة التربية بعدما حدث في امتحان البكالوريا من غش واستعمال لتكنولوجيات الجيل الثالث باتخاذ إجراءات استباقية واحتياطية حتى لا تتكرر مثل هذه المهازل ومن أجل حماية الامتحانات المصيرية وضمان إجرائها في شفافية ومصداقية، وفي ظروف طبيعية وجيدة، للأسف كانت خرجة وزيرة التربية بعيدة كل البعد عما كنا نصبو إليه جميعا، حيث تم الإعلان عن بعض الإجراءات التي سيتم إحداثها والتي كانت مؤسفة ومنفرة، وأثارت الرأي العام وكل الفعاليات وظهر الامتعاض والاستهجان سريعا وبشدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي لم يستسغ روادها من مختلف الفئات ما تحدثت عنه الوزيرة.
وزيرة التربية تحدثت عن عزمها إدخال اللغة العامية إلى الطور الابتدائي بصفة رسمية وإدخال تعديلات على امتحان البكالوريا تتمثل في تقليص المواد الممتحن فيها، الإجراء الأول المتعلق بالعامية في الطور الابتدائي ليس له أي معنى وأي فائدة مرجوة لصالح المنظومة التربوية، ولا يمكننا التحجج بمبررات واهية لاستحداث هذا الإجراء الذي يمس بإحدى مكونات الهوية الوطنية، الوزيرة تحدثت عن ندوة تم عقدها وخرج من خلالها الخبراء المشاركون فيها بهذا الاقتراح الهادف إلى إدخال العامية للطور الابتدائي، اقتراح كان مفاجئا وغريبا ولم نسمع منذ سنوات قبل هذه الندوة العجيبة بأي صوت نادى أو طالب بإدخال اللغة العامية إلى التدريس الابتدائي، فكيف استطاع هؤلاء الخبراء العباقرة أن يتفطنوا إلى هذا المقترح، وكيف عرفوا بأن التلاميذ لديهم صعوبات لغوية في التعلم بالعربية، رغم أن الدراسات تقول إن الطفل الناشئ في أولى سنواته يستطيع تعلم وإتقان العديد من اللغات دون أدنى إشكال، خاصة إذا تلقى تكوينا جيدا، ثم كيف لمجموعة من الخبراء مع كل احترامنا لهم أن يتطرقوا إلى إدخال تعديلات خاصة برمز من رموز الهوية الوطنية وباللغة الرسمية الأولى التي يكرسها الدستور، فالأمر هنا يصبح أكبر بكثير من ندوة وطنية أو مجموعة من الخبراء، بل هذا الأمر وهذه الخطوة المتعلقة بإدخال لغة جديدة إلى التعليم الرسمي تتطلب دراسة ومناقشة من طرف البرلمان وموافقة، بل ويمكن أن يصل الأمر إلى الإستفتاء الشعبي، ثم دعونا نكون صرحاء فلغتنا العامية مع كل احترامنا لها ليس لها أي قواعد نحوية وليست لغة علم ولا تواكب أي مستوى علمي أو ثقافي، خاصة وأنها ملوثة بالمصطلحات المفرنسة التي تغلب عليها.
ومن هنا فإننا كأفراد في هذا المجتمع درسنا منذ سنوات طويلة في المدرسة الجزائرية وتعلمنا في جميع الأطوار الابتدائية والمتوسطة والثانوية فلا أذكر أبدا أننا وجدنا أي إشكال في التعليم باللغة العربية، بل بالعكس من ذلك فقد كانت اللغة العربية لغة ثقافة وعلم ولغة حية، كما أنها لغة القرآن الكريم ولغة ديننا الإسلام ونعتز بذلك، وقد فتحت أذهاننا إلى عوالم أخرى ووسعت مداركنا وخيالاتنا، فليس هناك أي مبرر واقعي لإحداث تغيير في لغة التعليم في الطور الابتدائي، بل كان الأجدر بوزارة التربية إذا أرادت أن تحقق إصلاحا جوهريا يمكنه أن يكون انجازا أن تجعل اللغة الانجليزية هي اللغة الثانية في التعليم، ويتم الاهتمام بها أكثر وتعليمها للتلاميذ والطلبة لأنها اللغة العالمية الأولى ولغة التعامل والعلم والمعرفة في كافة المعمورة، واسألوا هنا أهل الاختصاص والباحثين فالجميع يعلم أن جميع المراجع والبحوث والكتب باللغة الانجليزية واللغة الفرنسية ضعيفة جدا وليس لها أي انتشار مقارنة بقوة وزخم اللغة الإنجليزية في المجال العلمي والمعرفي.
بالمختصر المفيد فإن إصلاح المنظومة التربوية أمر مهم ومطلب منشود وضرورة ملحة، ولكن لابد أن يكون ذلك في إطار الإجماع والتشاور وبإشراك جميع الفعاليات ابتداء بالأساتذة والباحثين والمفتشين والخبراء وجمعيات أولياء التلاميذ ونقابات التربية وجميع الفعاليات الحزبية والجمعيات المختصة، لأن إصلاحا جوهريا في مجال مهم من مجالات المجتمع لن ينجح أبدا إذا كان انفراديا ومتسرعا ودون دراسة معمقة ودون إشراك للأطراف الأخرى، ونتمنى أن نخرج سريعا من هذه الزوبعة في فنجان المتعلقة بالعامية، وأن لا نضيّع الوقت كثيرا، بل الأجدر أن نتكاتف جميعا ونجمع الجهود من أجل تقديم اقتراحات وتعديلات وإصلاحات حقيقية وجوهرية يمكنها أن تقدم لنا نتائج إيجابية وجيدة على الأقل على المديين المتوسط والبعيد، وهنا لابد أن نؤكد على أن أملنا قائم في السيد رئيس الجمهورية من أجل التدخل لحماية اللغة العربية التي هي رمز من رموز الهوية الوطنية على غرار اللغة الأمازيغية، هاتان اللغتان الرسميتان اللتان نعتز بهما ونفتخر بهما ولن نفرط أبدا فيهما، وسنظل ندافع عنهما كما دافع شهداؤنا عن الجزائر وترابها واستقلالها وهويتها ودينها.

أمازيغي مسلم 29-08-2015 03:16 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
موتوا بغيظكم!!؟
رشيد ولد بوسيافة



ما حدث للعالم الفيزيائي الجزائري جمال ضو بمطار هواري بومدين يؤكد مرة أخرى أنّ فرنسا لم تخرج من الجزائر، وأنّ استقلالنا كان مجرد مزحة لا أكثر.. كيف لا وقد قام قائد طائرة الخطوط الجوّية الجزائرية بطرد عالم الفيزياء، لأنّه طالب بمخاطبته باللغة الرسمية المنصوص عليها في الدستور.
كان يمكن تجاوز الإهانة التي تعرض لها الدكتور ضو لو بدر منه سلوك خاطئ، أما وأنه طالب بتطبيق قوانين الجمهورية، وفعل ذلك بكل أدب واحترام لدرجة أنه كتب مطلبه في ورقة وسلمها للمضيفة حتى لا يحرجها أمام باقي المسافرين، لكن هذا السلوك الحضاري من طرف الدّكتور ضو قوبل بتصرف مافياوي من قبل قائد الطائرة الذي استخدم مركزه وصلاحيته لإهانة عالم بمكانة البروفيسور جمال ضو.
الرّجل خيّر المضيفة بين أن تكلمه باللغة العربية أو الدارجة، وإلا فيمكنها الحديث معه باللغة الانجليزية باعتبارها لغة التواصل العالمي بين كل الشعوب، رافضا أن تحدثه بالفرنسية، لأنه لا يستخدمها، فهل هذا المطلب العادي يستدعي طرده من الطائرة باستخدام القوة؟ وما هذه العقدة من اللغة الانجليزية عند أمثال هذا الطيار من المستلبين لغويا وثقافيا؟
لا بد من فتح تحقيق عاجل في هذه الحادثة الغريبة التي تسيء للخطوط الجوية الجزائرية وهي ملك للشعب الجزائري وليس ملكا لهذا الطيار حتى يطرد منها من طالبه بالتحدث بالعربية، ولا بد من وضع حد لمثل هذه السلوكات الشّاذة في الإدارة الجزائرية، لأنها لا تشرف أحدا.
وليعلم هؤلاء أن مكانة اللّغة العربية التي يخجلون من التّكلم بها أصبحت لا تقارن بالفرنسية التي تتراجع حتى في عقر دارها، ولا تستخدم خارج فرنسا إلا في بعض الدول الإفريقية المتخلفة إذا استثنينا إقليم كيبيك بكندا، بل إن الدول المتطورة مثل كوريا الجنوبية أصبحت تهتم باللّغة العربية التي فرضت نفسها خلال السنوات الأخيرة كلغة عالمية.
لن نذكّر هؤلاء بأنّ العربية لغة القرآن، وهي اللّغة التي تكلم بها خير البشر، ولا فائدة من ذكر محاسن هذه اللغة، وكيف أنها أغنى لغة في العالم، وأسهلها وأكثرها ضبطا، لأن هؤلاء مصرّون على التّخلف الذي زرعته فرنسا في الجزائر، وحولتهم إلى أدوات لرعايته واستمراره، لكن عزاؤنا في الجيل الجديد، الذي يجيد العربية رغم أنوفهم، ويستخدمها حتى في اللّعب، ومن أراد أن يتأكّد فليزر أقرب مدرسة... موتوا بغيظكم.


التدريس بالعامية مسخ لفكر الجيل الناشئ وتسميم لوجدانه!!؟.
حمزة يدوغي



بعد ثلثي قرن من الاستقلال تستفز مشاعر الجزائريين ويعتدى على ثوابتهم، ليس من طرف خصم لهم أو عدو وإنما من طرف جزائريين آخرين!.. وأي صنف من الجزائريين؟! إنهم ممن استؤمنوا على إعداد الجيل الناشئ وتهيئته ليعيش بمنطق الألفية الثالثة التي تهدد فيها العولمة بتذويب جميع الخصوصيات الدينية والثقافية والحضارية!
فلم يجدوا ما يحصنونه به من هذه الضغوط والتحديات إلا مسخ فكره وتسميم وجدانه وذلك "باقتراح" تدريسه بالعامية!
والمحزن المبكي أننا اليوم أصبحنا نألف مثل هذه "الخرجات" بسبب تواليها وتكرارها، ومن الألفية ما قيل! لأنها تهون من الخطر ومن ضرورة مواجته بجد وحزم!
فعلا، إن مثل هذه "المبادرات" الشاذة الغريبة لم تخل منها فترة من فترات حياتنا ولم يسلم منها مجال حساس له علاقة وثيقة بعناصر هويتنا الوطنية ومقومات شخصيتنا الحضارية، فما الذي يفسر هذا الفكر الشاذ والجرأة في عرضه والدفاع عنه؟! هل يكفي أن نهب في كل مرة للرد على أصحابه وتفنيد حججهم وفضح نواياهم والتبصير بمخاطرها؟! وهل يكفي لتفسير هذه "الخرجات" أن نقول إن أصحابها ممن يحملون هذا الفكر الشاذ "تغريبيون فرانكوفيليون مستلبون"؟!
لكن السؤال يظل مع ذلك كله قائما، لأن هؤلاء جميعا جزائريون تخرجوا من معاهد وجامعات جزائرية بشهادات عالية في شتى العلوم والمعارف!
فما الذي يفسر إذن "شذوذهم" وخروجهم عن الإجماع بتنكرهم لثوابت أمتهم وجراءتهم عليها واستهانتهم بها؟!
السبب الجوهري لذلك كله أن ما يعرف "بمصدر التلقي" في مجال القيم لم يعد واحدا مواحدا بالنسبة لجميع الجزائريين بل أصبح "متعددا" بسبب اهتزاز مرجعيتنا العقيدية والثقافية والحضارية! وبتعبير عصري آخر نقول: لأننا لم نحقق ما يسمى "الأمن الفكري" الذي يدونه يعيش المجتمع اضطرابا وتناقضا بين ما يؤمن به من مبادئ وقيم من جهة، وبين ما يعيشه في واقع حياته وما يطمح إلى تحقيقه في مستقبل أيامه من جهة أخرى!
معلوم أن الأمن الفكري يستند إلى مرجعية واحدة يؤمن بها جميع أفراد المجتمع على تعدد نسيجه الاجتماعي واللغوي والثقافي، وتتفرع عن هذه المرجعية منظومة قيم يقدسها الجميع، ما يحقق التماسك والوحدة لهذا المجتمع الذي يعيش عندئذ بشكل صحي التعدد والتنوع والتميز في إطار هذه الوحدة الجامعة!
وهذا ما يجعل تحقيق هذا الأمن الفكري مسؤولية كل مؤسسات المجتمع التي لها علاقة بتشكيل ذهنية أفراده، فتجعل كل واحد منهم يحس بأن منظومته القانونية والأخلاقية والفكرية التي تنظم علاقاته بمجتمعه وبدولته هي منظومة متماسكة متناسقة غير مهزوزة ولا مضطربة! ومعنى هذا كله أن صيانة مختلف مؤسسات المجتمع من الانحراف بسبب "تعدد مصادر التلقي" تعدد المرجعيات هو أمر أساسي لضمان تحقيق هذا الأمن الفكري!
إن مثل هذه القضايا التي نواجهها اليوم مما له علاقة بعناصر هويتنا، والتي تبدو منفصلة بعضها عن بعض، ومن إفرازات ظروف خاصة محددة تعود كلها إلى سبب واحد تمتد جذوره إلى السنوات الأولى من الاستقلال التي أفرزت تناقضات حادة سببها تمييع المبادئ التي صاغ منها نوفمبر المشروع الحضاري للمجتمع الجزائري وتفريغها من محتواها!
إن الهزة العنيفة التي عرفتها منظومة قيمنا الدينية والوطنية بسبب اهتزاز مرجعيتنا ستمتد شقوقها وتصدعاتها عبر السنين وتكون لها "هزات ارتدادية" تعكس آثارها مجالات كثيرة مختلفة كالمجال التربوي الذي يشهد هذه الفتنة التي أشعلها دعاة التدريس بالعامية! والخلاصة التي أريد أن أنتهي إليها هي أنه إذا كان قدرنا نحن اليوم أن نخوض مثل هذه المعارك الوهمية كلما اضطررنا إلى ذلك، دفاعا عن ثوابتنا، فإن من حق الجيل الناشئ علينا أن نصونه من مثل هذه المعارك وذلك بالقضاء على بواعثها أصلا فلا يضطر جزائريون في المستقبل إلى تبديد طاقتهم ووقتهم في "مجادلة" جزائريين آخرين حول مسلمات وبديهيات. مثلما نفعل نحن اليوم!
ولا يكون ذلك إلا بتحقيق الأمن الفكري وإحكام صلة هذا الجيل بمرجعيته الدينية والثقافية والحضارية وتوحيد "مصدر التلقي" في مجال المبادئ والقيم!



هل مشكلة التعليم في اللغة!!؟
الدكتور:( جمال ضو: أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة الوادي).

لم تشهد الجزائر حراكا افتراضيا وإعلاميا منذ سنوات عديدة، مثلما تشهده اليوم حول موضوع تدريس العامية، والذي أعاد الصراع القديم الجديد أو "الكلاسيكو" بين العربية والفرنسية، ولكن هذه المرة دخل لاعب ثالث هو الانجليزية، وربما لاعب إضافي وإن كان على استحياء هو الأمازيغية.
طبعا هذه الأحداث تجعل الذاكرة تعود بسرعة، وتستحضر تلك الصائفة التي تم فيها تسريب أسئلة البكالوريا، وأقيل أو استقال على إثرها الوزير السابق علي بن محمد الذي تجرأ واقترب من المنطقة المحظورة واللغة المحظوظة في الجزائر وحاول أن يجعل لها ضرة.
لست هنا لأدافع عن اللغة العربية، فلقد تصدى آخرون لهذا الموضوع ممن هم أجدر بذلك وأقدر، حتى وإن كنت أرى أن السِّمة الغالبة في وسائل الدفاع هو منطلق الهوية، كما أن عبثية الطرح وضعف حجة أنصار العامية جعل عملية الرد عليهم سهلة وحوّلتهم إلى محل سخرية، وهذا لا ينفي أن أصحاب قرار تدريس العامية لا يدركون هذه الحجج أو غائبة عن أذهانهم، بل المتأمل لحالة الاستقطاب التي شاهدتها الساحة الإعلامية في الجزائر وحالة التخندق لا يصعب عليه معرفة الدوافع المختلفة لتأييد قرار تدريس العامية أو لغة الشارع.
إنما دفعني للكتابة في موضوع بن غبريط وقراراتها "الجريئة" الخطأ الجسيم الذي يرتكبه أغلب من ناصبوا قرارات بن غبريط العداء، حيث اختصروا أزمة التعليم وسبب انتفاضتهم في مسألة اللغة، وهذا لعمري سطحية ما بعدها سطحية وتضييع للجهود ولفرصة طرح أزمة التعليم بعمق أمام الشعب وبشكل علمي بعيد عن الشعباوية والشيفونية والحسابات الإيديولوجية الضيقة التي يريدنا البعض أن نغرق فيها، فبدل الولوج في أزمة التعليم بكل مستوياته من الابتدائي إلى الجامعي انقسم معارضو بن غبريط إلى فئتين تقريبا: ففئة تحركها الخوف على الهوية والعربية والإسلام، وهم لا شك محقّون في ذلك لأن ما يُدبَّر في السر والعلن لم تعد تخطيء الأعين في دوافعه وأهدافه، أما الفئة الثانية فذهبت تحاول تقديم الانجليزية كبديل للفرنسية، وإن كان الأغلب مزج بين الدفاع عن الهوية والانجليزية كلغة ثانية.
لن أتعرض لصراع الهوية الذي أعتقد أنه مليء بالأشواك ومفخخ، ولكن ما يعنيني هنا هو هذا المطلب الذي أصبح يلقى رواجا كبيرا، ويحظى بتأييد كاسح حسب جميع استطلاعات الرأي الإلكترونية، وهو استبدال الفرنسية بالانجليزية كلغة ثانية.
المنطلق الرئيس الذي أسس عليه من يطالبون أن تكون الانجليزية لغة ثانية بدل الفرنسية هو أن الانجليزية هي لغة التواصل العلمي والتكنولوجي، بينما تكاد تنحصر الفرنسية في فرنسا وبعض مستعمراتها الإفريقية السابقة التي ترزح تحت وطأة تخلف لا يختلف عن تخلفنا أو يزيد، وهذه الحجة لا يستطيع أنصار الفرنسية في الجزائر (مناصرو بن غبريط) أن يردوها حتى يلج الجمل من سم الخياط، ولكن هذا الطرح اللغوي البديل يخفي وراءه كثيرا من السطحية وعدم الإدراك لخطورة الوضع في التعليم وعمق الأزمة وتجذرها وتشابكها، فعندما نسمع شخصية إعلامية مرموقة تقول لا بأس أن نرمي العربية والفرنسية في البحر، المهم أن يتعلم أبناؤنا الانجليزية، يخيَل للمتلقي والشباب اليوم أن الانجليزية هي خاتم سليمان والمفتاح السحري للنهضة وإخراج منظومتنا التربوية والتعليمة والبحثية من براثن الرداءة والانهيار، في حين لو فكر هؤلاء قليلا لأدركوا بُعدهم التام عن الصواب والواقع والطرح العلمي، فلو كان الحل يكمن في استبدال لغة بلغة لكانت شعوب ودول أخرى في مصاف الدول المتقدمة، فتلاميذ تلك الدول يتعلمون الانجليزية من أول يوم دراسة، بل هناك دول يكاد شعبها كله يتكلم الانجليزية بينما هي من أشد الدول تخلفا علميا واقتصاديا، على سبيل المثال، هل نيجيريا والكامرون وكل الدول الإفريقية الأنجلوفونية والسعودية والكويت ومصر... دول متطورة تربويا وعلميا؟ وهل ترينداد-طوباقو دولة مزدهرة؟...
إن اللغات الأجنبية هي وسائل اتصال والانجليزية اليوم هي لغة التواصلوالنشر العلميين، لهذا فتعلمها فرض عين وشرط ضروري للالتحاق بركب العلم والحضارة والنهل من مصادر العلوم المباشرة، وليس عبر فرنسا، ولكنه يبقى غير كاف، فأزمة التعليم والبحث العلمي والتربية أعمق من مجرد استبدال لغة بلغة، كما أننا لا نكاد نجد أمة أو دولة نهضت ورأت النور إلا باستعمال لغتها، وهذا ما أيدته دراسات اجتماعية واقتصادية عن العلاقة بين لغة التعليم ولغة الاقتصاد والإدارة وسوق العمل.
إن أزمة التعليم في الجزائر اليوم تجاوزت كثيرا مرحلة الإصلاح عبر تغير وزير أو وزيرة، لأن حالة التعفن والرداءة التي وصل إليها التعليم في الجزائر تجعل من عملية إصلاح التعليم مسألة بالغة التعقيد والتحدي، وتحتاج لمشروع مجتمعي تتبناه الدولة والنخب وفتح حوار معمق يستدعى له خيرة من أنجبت الجزائر من علماء ومفكرين مخلصين مرتبطين روحيا بهذا الوطن برابط وثيق، سيان في ذلك بين من هو داخل الجزائر أو خارجها. هذا المشروع لا يناقش مسألة المنظومة التربوية فحسب بل التعليم العالي والبحث العلمي أيضا، فالأزمة مترابطة ولا يمكن معالجة إحداها بمعزل عن الأخرى.
أخيرا أقول إنه من المؤسف أنه لا بن غبريط ولا لجنتها الفرانكو-جزائرية رأت من سوءات التعليم شيئا، ولم تقع أعينهم إلا على إشكالية العامية والفصحى في سابقة لا مثيل لها في دولة من الدول التي تحترم نفسها وشعبها (بل حتى تلك التي لا تحترم شعبها)؛ وهو ما يطرح تساؤلا كبيرا عن الدوافع الحقيقية وراء هذه التوصيات التي تركت الجوهر وذهبت لتفتح جبهة صراع هُوِيات خطير يهدد التماسك الاجتماعي ويتجاوز صلاحياتهم بل وصلاحيات رئيس الجمهورية ذاته.
إنه لمن دواعي الحيرة أن لا نرى من السيدة الوزيرة ولجانها مناقشة جدية لمشاكل التربية، فلماذا لا تحدثنا الوزيرة عن الضرورة العاجلة لبناء مدارس وأقسام جديدة لا يتعدى عدد التلاميذ فيها 25 تلميذا، يسهّل على المعلم أداء مهامه والتعامل معهم، مثل كل دول العالم التي رأت نور النهضة والتقدم؟
لماذا لم نسمع نقاشا صريحا حول المحتوى الركيك للمقررات وكثرة الكتب وانخفاض مستوى المعلمين والأساتذة ودروس الدعم وعدم واقعية نسب النجاح وتضخيمها من أجل إسكات وإرضاء النقابات والأولياء من دون أن ينال أبناؤهم كمًا من المعارف يجعلهم أهلا لذاك النجاح؟
لماذا لم نسمع حديثا جادا عن الانفلات الأمني والأخلاقي الذي تشهده مؤسساتنا التعليمية، حتى غدت أشبه بل أسوأ من المقاهي والملاهي؟ بل كانت التوصيات هي إدخال لغة الشارع والمقاهي إلى المدارس!
لو كانت توصيات الوزيرة ولجانها تقدم علاجا لمشكلة من المشاكل التي أشرنا إليها لقلنا إن الوزيرة تسعى بجدية لإصلاح ما أفسده بن بوزيد بغض النظر عن قناعاتها الإيديولوجية ونظرتها لهذا الشعب، ولكن عندما تكون التوصيات واللجان بهذا الشكل فإنه من الصعب أن نصدق أنه يراد خير بمدرستنا وأبنائنا.

لماذا الأنجليزية أو الفرنسية!!؟
التهامي مجوري

لقد بلغ التوقيع على لائحة المطالبة، باعتماد اللغة الأنجليزية بدل اللغة الفرنسية الآلاف من الموقعين، التي قيل إنها ستعرض على الوزير الأول عبد المالك سلال، وهؤلاء الآلاف من الموقعين يمثلون جميع فئات المجتمع الجزائري، سياسيين وأكاديميين ورجال إعلام ورجال تربية وتعليم ومستثمرين.. إلخ.
وهذه التوقيعات فيما يبدو تحمل وجهين من الغايات المترتبة عنها. وجه يمثل موقفا سياسيا، وهو موقف يريد الانعتاق من الهيمنة الفرنسية على واقعنا السياسي والثقافي والإقتصادي بواسطة اللغة، حيث ان فرنسا في سياستها وعلاقاتها مع العالم ومنها مستعمراتها القديمة، تعتبر اللغة من المكاسب التي تحقق لها البقاء، وأنشأت لذلك "وزارة الفرانكوفونية" التي تعد من أهم الوزارات، بحيث تضاهي مكانتها في العرف الفرنسي مكانة وزارة الدفاع. والوجه الثاني وجه براغماتي يربط الاهتمام باللغة بقدر الاهتمام بالعلاقات مع العالم، علما واقتصادا واتصالا، ومن هذه الجهة يرى المطالبون بالتخلي عن الفرنسية؛ ان تخليهم عنها تخلي عن لغة ضعيفة في العالم، ومساحات التعامل بها ضيقة جدا، حتى أن أحدهم قال إن الفرنسية يودعها المسافر الجزائري من مطار هواري بومدين، ولا يصحبها معه إلا من توجه إلى فرنسا.
وهذان الوجهان من حيث المبدأ مشروعان، سواء من الناحية السياسية، وقد تأخرت الجزائر كثيرا، حيث لا نزال بعد أكثر من نصف قرن من الاستقلال، نعتقد أن بقاء الفرنسية ضروري في إداراتنا وتعليمنا، وكذلك من الناحية الاقتصادية والعلمية، التي أضحت فيها اللغة الفرنسية لغة متخلفة بالنسبة للأنجليزية، ولكن الظرف الذي تناقش فيه مثل هذه المسألة، لا يتجاوز فعلنا رد الفعل كما في كل مرة تثار فيها موضوعات المنظومة التربوية، التي تنحصر فيها النقاشات في "الصراع اللغوي"، الذي كان بين العربية والفرنسية، وبين العربية والأمازيغية، ثم بين العربية الفصحى والعامية، وأخيرا بين الفرنسية والأنجليزية، كأننا لا نريد أن نعرف أن المنظومة التربوية تمثل جوهر بناء المجتمع بجميع أبعاده الوطنية، وعصبه اللغة الوطنية.
لقد أثير موضوع تعليم الأنجليزية في عهد سي علي بن محمد، وتقرر رسميا أن يترك اختيار اللغة الثانية في الابتدائي لأولياء التلاميذ، ولكن بحكم أن القرار لم يتجاوز الانفعال الآني المبني في الظاهر على التوجهين المذكورين، أقبر المشروع في أول تجربة له، ولم يخضع للمتابعة اللازمة ولا للتقييم. وأذكر أنا شخصيا أنني اخترت لابنتي "أسماء" اللغة الانجليزية في الابتدائي، ولكن بكل أسف لم تلب المدرسة رغبة الأولياء؛ لأن الذين اختاروا الأنجليزية كانوا قليلين، بحيث لم تتمكن إدارة المدرسة من جمع قسم واحد لتخصص لهم معلما.. فدخل المخيرون الصف وتعلموا الفرنسية رغما عنهم، ولكن العالم النفسي لأسماء ابنتي، وربما لكثير من امثتالها، قد أهَّلها إلى قبول التحدي، لتتحصل على نقطة 16/20 في الباكالوريا، وتدرس اللغة أنجليزية في الجامعة وتتخرج وتصبح استاذة للغة الأنجليزية.
إن تحقيق اعتماد اللغة الأنجليزية بدل الفرنسية، سيحقق مكسبا سياسيا، ويجعلنا ننفتح على العالم أكثر، ولكن من الناحية التربوية والتعليمية، لم نحقق شيئا يرتفع بالمنظومة التربوية إلى مصاف المجتمعات المتقدمة، وإنما نكون قد استبدلنا استعمارا باستعمار؛ لأن ذلك كان على حساب الإجتهاد في الارتقاء باللغة الوطنية التي هي لغة التعليم إلى موقعها اللائق بها في المؤسسات الوطنية ومنها التعليم..، اما فيما يتعلق بتعليم اللغات الأجنبية، ما الفرق تربويا بين ان أعلم الفرنسية أو الأنجليزية، على حساب العربية؛ لأن النقاش الأصل هو في مدى صلاحية تعليم اللغات الأجنبية في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي، وقد اتخذت اجراءات في إطار مدرسة التعليم الأساسي، بغرض إلغاء تعليم اللغات الأجنبية خلال مرحلة التعليم الابتدائي، واستمرت العملية سنوات، ولكنها في النهاية عطلت والآن يمكن ان تعاد اللغة الأجنبية إلى السنة الثانية.
فالنقاش في جوهره إذا، ليس في الموازنة بين لغتين أجنبيتين وإنما بين لغة وطنية ولغة أجنبية، واللغة الأجنبية مهما كانت صلاحيتها، لا تحل محل اللغة الوطنية.
إن منطق السيادة والهوية هو الحسم في لغة التعليم أولا، لا سيما في سنواته الأولى من التعليم الابتدائي، ثم ننتقل إلى الموازنة بين اللغات.
اما الخيارات العاجلة، فقد حسم فيها أهلها والمحتاجين إليها، فالشباب الذين فرضت عليه الفرنسية في الجزائر بسياسة الأمر الواقع، قد تحرروا منها عندما انتقلوا إلى الدول الأنجلوساكسونية، بل تفوقوا في الأنجليزية نفسها، وأضحوا في العالم ينافسون عباقرة العالم، وكذلك رجال الأعمال الذين اكتشفوا السوق العالمية، فقد تعلموا بجهودهم الخاصة اللغة الأنجليزية والصينية والفارسية، وتحرروا تماما من عقدة الفرنسية، عندما فرضت عليهم الحاجة تعلم اللغات التي لها علاقة بنشاطهم الاقتصادي.
إن تعلم اللغة الأنجليزية ليس هو الذي يصنع لنا عباقرة ويحررنا من الفرنسية وغيرها، وإنما صناعة المنظومة التربوية القوية، والإطارات الواعية في قطاع التعليم، هما اللذان يصنعان العجب في نهضة المجتمعات، أما تبني اللغة الأنجليزية مع هذا الواقع المهزوز الذي نعيش، فلا يغير من الأمر شيئا؛ لأننا بكل أسف غير واعين حتى بما بين أيدينا من قوانين قابلة للإستثمار في مجال تطويل التعليم، فالتعليم العالي باللغة العربية لا يوجد قانون يمنع الأستاذ من التعليم باللغة العربية، وكذلك الطالب لا يوجد ما يمنعه من تحضير رسالته بالعربية، ولكننا نفسيا لا أحد يشعر بذلك أو بأهمية استغلاله.. لأن الفرنسية تستعمرنا من الداخل وليس من خارجنا.
أما الأنجليزية من حيث الهمينة، فهي كالفرنسية في مستعمراتها السابقة، فواقعها في شبه القارة الهندية والخليج والشرق الأوسط عموما، كالفرنسية عندنا تماما،
ومن الأمثلة التي صدمتني وانا في طريقي إلى الحج سنة 2012، انني مررت بمطار الدوحة، وبت به ليلة، وفي تلك الليلة أردت أن أتواصل مع الموظفين في المطار، ولكني بكل أسف لم أجد من أتكلم معه بالعربية في هذه البقعة، لا في شركة الطيران القطرية ولا في موظفي المطار القطري، وبصعوبة كبيرة "عثرت" على لبناني استعنت به على حاجتي في التواصل مع من أردت التواصل معه.
وإذا كنا نعتقد ان مجرد تغليب كفة الأنجليزية سيحل مشاكلنا فنحن مخطئون؛ لأننا في الحقيقة تحررنا من فرنسا لتحتلنا بريطانيا، كما هو واقع الخليج العربي، السعودية وقطر والإمارات، وكما قال رئيس شرطة دبي ذات يوم "نخاف أننا نبني العمارات ولكننا سنخسر الإمارات".
إننا في الجزائر مثل سائر شعوب العالم، نملك من القدرة على التحرر من كل ما فرض علينا، ولكن ذلك مشروط بمدى قدرات منظومتنا التربوية، التي ينبغي أن تحمل في روحها الاستقلالية المطلوبة، لتكون أكثر حرية والتزاما وخدمة لنا وللإنسانية، اما وقد بقي واقعنا يراوح مكانه، بدلا من مناقشة دستورية لغة التعليم.. !! ولماذا لم تنتقل اللغة الرسمية إلى التعليم العالي..؟ وما علاقة اللغة الرسمية بالمنظومة التربوية؟ رحنا نشغل أنفسنا بأهمية الأنجليزية، وبضرورة تعليم الأمازيغية، وأولوية هذه عن تلك، فإن الأمور ستبقى كما هي، ولا يتغير شيء مما نريد تغييره.
اللهم إلا إذا كنا لا نريد إلا هزيمة فرنسا بتبني الأنجليزية، فذلك أمر آخر ولكنه لا يحل المشكلة، أما الحاجة إلى الأنجليزية فقد اختار المجتمع طريقه في ذلك، ولم ينتظر القوانين التي تيسر له ذلك، وإنما شق طريقه إليها بمجرد شعوره بالحاجة.


المشكلات التي تسببها العامية حاليا في الأدب و الكون
د. إسلام المازني

(
وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام)



المشكلات التي تسببها العامية حاليا في الأدب و الكون :

أفسدتم المنقول والمعقول وال** مسموع من لغة بكل لسان !

( وصيتي ألا يتحدث الأحباب سوى بالفصحى ما استطاعوا )

كنت طرفا في حوار حولالأدب الشعبي بالعامية ، وسطرت موقفا أراه صوابا حولالفصحى وموقف الأديب منها ، وأنقله للفائدة ( مزيدا ) على شكل نقاط :

حجم الخسارة :
خسارتنا شاملة مع العامية ( دينية * دنيوية * مادية* معنوية )تأثر المشاعر بالتعبيرات العامية :

الشعور يأتي بالتعود فمن عود نفسه الفصحى سيشعر بها إن شاء الله وسيفكربها بعد ذلك، وبذلك نتخلص من العامية التي يحبها المستعمر المخرب لأنهاتبعدنا عن لغة القرآن التي فيها الهداية والثواب، وبها نفهم السنة ودررالسلف ، ونواكب العلوم جميعا ، ومعها ترتقي الأنفس وتستعيد شيم الأباة منتراثهم الفصيح
فهلا وعينا الدرس ؟
إنها لغة الكرامةومقدمة العزة

أم نكون كما قال حيدر

لا يفهمون المكرمات كأنها*** عربية وكأنهم أتراك !

فلتكن ساعة وساعة :

*
كلما تحدثنا بالعامية فرح المستعمر المستعبد المستخرب ، لأن معناه أن ملكةالفصحى تقل (ولو بالإزاحة المكانية والزمانية ) فيصير القرآن غريباجزئياعلى العقول ، ولا يجتهد الناس لتعلم الفصحى كثيرا ساعتها للأسف ،أماالرقي كل الرقي فهو أن نحاول فهي مفتاح من مفاتيح النهضة

الأدب يعين على تذوق القرآن البليغ مبناه ويرقى بالحس وينشر الفكر في أحلي صورة تطهر العقول من أدران الإعلام

والله المستعان ...

الأمر يحتاج مجاهدة للنفس

لكنني سأرد النفس كرهة ***على الذي تتقي والله معوان

وإني لست من ليعت جوانحه ***وبات فيها من الأشجان جذلان

إلى هذه الدرجة ؟ ..... :

*
اللغة هي وعاء الحضارة ، وممارساتنا اللغوية هي اللغة ، وأي خروج فيها يستهلك جزءا من المخ والقلب والمشاعر ويبعد عن الأصل

*
لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم،وتحدث بها الرسول الكريم عليهأفضل الصلوات والتسليم ، فهي حصن ووعاء للدين وأي مسلم غير عربي يسعىلتعلمها سعيا واجبا ومن ضيعها وهو عربي فقد ساهم في تضييع الدين

والتضييع دركات فكل تأثير سلبي يعد تقصيرا وربما عد حربا على الله تعالى

كما قال أبو الفضل الوليد
فما لغة العرب مسموعة ***من القوم والأكثرون نيام
وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام
تحمس جيشا وتنشد شعرا وتعلو الجواد وتجلو الحسام
فأين الإباء وأين السخاء ***وأين الوفاءوأين الذمام



*
رأيت مسلمين في بلاد شرق آسيا يسافرون لدبي خصيصا لشراء محمول عربي للجميعتسع ساعات سفر - ، ويحبون أن أتكلم معهم بالعربية - رغم ضعفهم فيها- وأن أرسل لهم رسائلي بالعربية وكلما نسيت وجرى لساني بغيرها قالوا لا ...لغة القرآن وكان الأمر يصيبني بالحياء والسعادة معا

*
اللغة الفصحىأوسع لغات الأرض ولا توجد لغة بنفس السعة ولا بنفس الجمال

هل الفصحى صعبة عسيرة معقدة :

*
أي لحن أو أوركاكة ( أو غموض أو حذلقة ) في الفصحى فهو خطأ من صاحبه وليس عيبا أو قصورا فيها
فهو العابث باللغة جهلا والمنتقي عن عمى !

فهو واللغة كما قال قيس :

أيا عمرو كم مهرة عربية ***من الناس بليت بوغد يقودها

يسوس وما يدري لها من سياسة ***يريد بها أشياء ليست تريدها

(
النص يتسع لمن لا يتقن اللغة العربية أو الجامعة العربية )

يقولون لغتنا قريبة من الفصحي :

*
العامية تحطم الفصحى لأنها لا تلتزم بالإعراب وتسكن أواخر الكلمات ، وتغيرالحركات في أول الكلمات ، وتبدل بعض الحروف (كإبدال القاف جيما أو همزة )

*
التحول من الفصحي إلى العامية مصيبة حدثت وداء حل لابد من التداوي منه لأنه يصيب الدين والنفس معا

يهيم بالغرب لم يقرأ له أدباً ** ويجحد العرب لا يدرى الذى جحدا

وكل ما عنده كتب يعددها ** لم يدر مما حَوت غياً ولا رشدا

ومن حما لغة الأسلاف من عبث ** وزاد عنها حما دينا ومعتقدا

*
قال أحد الأدباء عن اللغة العربية: "لقد تعرضت وحدها من بين لغات العالملكل ما ينصب عليها من معاول الهدم ويحيط بها من دسائس الراصدين لها؛ لأنهاقوام فكرة وثقافة وعلاقة تاريخية".

*
العامية شتت العرب ومزقتهم إلى دول ، والفصحى توحدهم ، وإلا لصارت الصلة بين المصري والمغربي كالصلة بين المصرى والفلبيني المسلم

وبالفعل حين يتكلم العربي بلهجته المحلية يعجز غيره عن متابعته !

كما قال الشاعر :
***
عربية عجماء تلهي العارفا !!

وحين يتكلم الفصحى نفهم ونتواصل

وهي أمور بدهية وتنميتها واجب لنصير أمة متوحدة في وجه التحديات الهائلة

أفق ... العالم كله ينافح لأجل لغته ....:

*
قامت إسرائيل بإحياء اللغة العبرية الميتة
وترفض فرنسا تلويث الأذن الفرنسية بالإنجليزية حتى سن معينة فلا تعلمهاللأطفال وتسن قوانين لتكون نسبة الأفلام المترجمة صوتيا كبيرة كي لا يعتادالناس سماع غير لغتهم ( في عصر العولمة ) واليابان لها باع في حفظ لغتهابالمثل ومنع الأجنبية عن الأطفال

وتحافظ ألمانيا على لغتها بقواميس وكتب ومعاجم لغوية متطورة كل عام - خاصةبعد التوحيد - لرأب الصدع اللغوي ، رغم أن لغتهم صعبة وفقيرة
فلماذا ؟
لأن اللغة هي جزء من الذات ...
الذات
فحين يأتي الأجنبي طوعا للعربية حبا في القرءان فهو هنا يغير دينه راضيامقتنعا موقنا بتغيير حاضره ومستقبله ومصيره وكل صلاته ومنطلقاته وغاياته ،أما نحن فعلام ...!

*
الأدب هو المعبر الذي تصل به الدعوة للقلوب ، وتصل به كل رسائل الإصلاح (أو الإفساد )، وترسخ به المعاني وتحب به اللغة التي صيغ بها !!

فلو صيغ الأدب بطريقة تحبب الناس في العامية فهو أدب محارب لديننا وهويتنا ، ويقلص من مساحة الحق داخلنا ... مهما حسنت نية قائله

ولو تعود الناس على روائع الفصحى أحبوها وانتصر الدين في تلك الخطوة

والله تعالى أعلم

طغى العقوق وعذر الأقربين على ** هذا التراث فأضحى وهو ينتهبُ

باعوا اللآلئ والأصداف من سفه ** وعذرهم أنهم فى الغوص ما تعبُ

لا يخجلون حياء إن هم لحنوا ** فيها وفيما سواها اللحن يجتنبُ

ما قصرت لغة الفرقان عن غرض ** ولم يؤد سواها كل ما يجبُ

كم فى معاجمها من طرفةعجزت **عنها لغات الورى لوتكشف الحجبُ

وكم ترى فى تراب الأرض تحقره ** وفى ثناياه لو فتشته الذهبُ


وقد تحدث أهل العلم عن أن تعلم العربية الفصحى واجب على المسلم ، لأن ما لايتم الواجب إلا به فهو واجب ، على الأقل يوما بيوم من الفاتحة فصاعدا
ووحدة الأمة تقوم على الشرع بلا شك ، وجزء منه لغة التشريع التي تفهم بهاالأوامر والمواعظ ، وقد تحدث أهل العلم عن الخطبة بالأعجمية وهل تجوز ! بمعني أنهم يعلمون أنها مشيئة الله تعالى أن تنتشر تلك اللغة وتصير جزءا منالدين

وهو ما لا ينفي الخصوصية ، فرغم الفصحي يبقى لكل شعب بعض ممارساته التيتميزه ، وقد كان وسيكون إلى ما شاء الله تعالى ، ولكن سعادتهم بأن يكونالجميع قلبا وقالبا موصولين بحبل تلك الكريمة ،وهو ما نراه في شرق العالموغربه من الصادقين قديما وحديثا

هل يصح أن نقول : عامية أو فصحى ! المهم المضمون ؟...:


أعتقد أن الأمر لا خلاف عليه - على الأقل بيننا - في تلك النقطة ، فأراكموالجميع أهل حرص أحسبكم كذلك والله حسيبكم ونسأل الله لنا ولكم مزيدا منالعلم والإخلاص

أعني أننا نتكلم عن الفصحي أو العامية كأدب إسلامي وهو موضع الحوار ، أما المضمون فمتفق عليه ( فمن رغب
عن سنتي رغب عني )

الأمر ليس صراعا بين وسيلة وغاية ...
فالفصحي جزء من الغاية وركن من الهدف، والمعادون للأمة يدعمون تلكالمحاولات ( التي لا شك في حسن نية الكثيرين من أصحابها ) في هجوم خبيثعريض لتفتيت اللغة العربية وعلومها وآدابها ، مما ينعكس على فهم الإسلاموالقرب من القرآن كما أسلفنا


والجواب يكون بالبناء .... قال شوقي :

وتقلدي لغة الكتاب فإنها *** حجر البناء وعدة الإنشاء

وهناك الكثير من التعبيرات الفصيحة في القرآن يعدل عنها القوم للعامية ! وكما قلنا الأمر في أوله صعب ولكنه يهون لاحقا إن شاء الله
فكما نجح اليهود وصارت العبرية التي لا حروف لها معروفة ، ولا تشابه حروفالإنجليزية ولا العربية وكانت ميتة حبيسة كتب وعقول قلة ( يعني صلتهم بهاأبعد من صلتنا بالفصحى ) سائدة أدبا وطبا ، فمن ثم قويت الصلة بالتوراةالمحرفة
*
يجب أن ننجح ونتعود ونعود غيرنا ثم نتذوق ويحدث ما حدث سابقا ، وتعودالفصحى لمجدها ويشعر الناس بها ، حين نرتقي نحن بهم ونحاول ونبذل الجهدالذي لدينا في الفصحي بدلا من العامية ستحدث الاستجابة إن شاء الله
ويجب أن تكون الفصحي السهلة الجميلة الواضحة القريبة هي العمدة

فمثلا يقول الله تعالى
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا) ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم :

(
فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله) صلى الله عليه وسلم

ويقول الشاعر

أخي جاوز الظالمون المدى *** فحق الجهاد وحق الفدى

تلك كلها أمثلة واضحة يفهمها الجميع فلم لا توظف وأمثالها ويقاس عليها

فيعود للأدب الحي بهاؤه ....

كما قام البارودي ثم من بعده شوقي ( على خلافنا لبعض المضامين) فقدما أدبا أنعش العالم وجعله يعود ليشعر بجمال اللغة وسلطانها

فلو قمنا بدعوة ثم عمل كما عمل هؤلاء لأدينا بعض ما علينا والله المستعان على من يعاديها

لهفي على الفصحى رماها معشر***من أهلها ! شلت يمين الرامي


لا أعرف العربي يلوي فكه ***إن هم يوما فكه بكلام


إن فاه تسمع لكنة ممقوتة ***من فيه سكسونية الأنغام

هل الأمر نخوة وعاطفة ؟ وهل يحرم الكلام بالعامية ؟



ليس الأمر عاطفيا حسب فهمي ،وبالفعل أدع الفرصة لغيري ليجتهد ويبلغ الرسالةأحيانا وفي مقامات معينة مع أناس معينين بالعامية ، وربما يكون أفضل معالمسنينالبعيدين تماما - في حدود معينة طبعا - لأنهم لا زالوا يعون بعضالفصيح البسيط القرءاني الجميل،
لكن هنا ... حين نريد أن نحيي الأدب العربي ! فلنصوبه لفظا ومعني ونحوا وصرفا ، ليكون أفضل لوجه الله تعالى ونبتعد عما حرف

لأني أرى بعقلي وعيني أن العداة يدعمون تلك المسألة كما لا يخفى على فطن مثلك

أراها معركة دين وحضارة وثقافة تشكل اللغة وعاءها

هذا ولا أقول أن الأديب العاميمجرم أو آثم حاشاك أخي الحبيب ، بل هيرؤيتي أنا الفقير المسكين الذليل المقصر وأعتقدها صوابا يحتمل التعديل
أقول أن من لديه القدرة على الإحياء ثم تخلى عنها لينعش شيئا عاميا فهويقلص من قربنا من الحق ومساحته داخلنا نحن العرب خاصة ، وهو أمر مشاهد فيالجيل ...
قال سبحانه

{
وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌمُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَىلِلْمُحْسِنِينَ}الأحقاف

ما عنيتها ليست لغة أجنبية ضد لغة محليةفليست عنصرية،
بل رد القوم للغتهم الأم التي انحرفوا عنها فليس وأدا للسانهم بل تقويما
ما عنيته لغة عامية تحدرت من لغة فصيحة ,وأي تقليص للفصيحة خسارة للدين لأنالعرب – خاصة- هم حملة الرسالة ( قبل غيرهم ) وصلتهم بها تحتاج للغة أنتحيا


{
وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَأَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِنوَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } سورة الرعد ... ومن أصدق من الله قيلا.
ملاحظة: منقول بواسطة الأخ الفاضل:" مصطفى".


"الدارجة" واللغة الرسمية: الأدهى والأمر!!؟
أبو بكر خالد سعد الله


لقد اتخذ موضوع التدريس بالدارجة أبعادا لم تكن منتظرة من هذا الطرف أو ذاك، وجاءت تصريحات الوزير الأول الأخيرة لتمسك العصا من الوسط في انتظار تهدئة الأوضاع وميول الكفة في هذا الجدل الذي تمنّينا ألا يطول لينشغل القوم بما يحتاج فعلا إلى نقاش.
من تلك المواضيع التي كان من المفروض أن تطرح بقوة، موضوع يشدّ الانتباه في الداخل والخارج: لماذا يلجأ الرسميون خلال أدائهم لمهامهم الرسمية في داخل البلاد وخارجها إلى الحديث بلغة أخرى غير اللغة الرسمية؟ هل المواطن الجزائري محكوم عليه أن يتقن لغة أجنبية ليفهم الخطاب الذي يوجهه إليه المسؤول الكبير والصغير في البلاد ويتواصل معه؟
ألا يشعر المسؤول عندنا بالإحراج حينما يكشف عن جهله باللغة الرسمية أمام الملأ في الداخل والخارج؟ كيف يقبل تحمل مسؤولية وهو عاجز عن توضيح أمرها وسيرورتها لمخاطبيه الجزائريين على الأقل؟ كيف يعيّنه من يعيّنه في ذلك المنصب وهو يدرك عجزه وعدم مقدرته على التواصل مع المواطنين؟ هل نتصور مسؤولا ألمانيا لا يستطيع مخاطبة الألمان بالألمانية؟ بل هل نتصور إسرائيليا أو إيرانيا أو تركيا أو رومانيا أو فرنسيا أو صينيا... يخاطب جمهور بلده بلغة أخرى غير لغة البلد؟ أبدا!
لا يحدث هذا إلا عندنا لأن إتقان اللغة التي يلم بها معظم أفراد الشعب (وهي اللغة العربية لكونها لغة التدريس منذ نصف قرن، ولكون الشعب الجزائري مكون من الشباب) ليس من شروط تولّي المسؤوليات عند أصحاب الحل والربط، ولو كان هذا الإتقان شرطا أساسيا في تولّي المناصب ما وجدنا من ينادي بتدريس الدارجة في المدارس... وما تولّى مثلا مهام وزارة التربية شخص لا يتقن لغة التدريس مهما كانت وطنيته ونزاهته وإخلاصه وولاؤه والتزامه، ونظرا لهذا التسيّب فنحن نجد هذه الأيام الإعلام المعرب يندّد عموما بفكرة التدريس بالدارجة متخذا أشكالا مختلفة، وبالموازاة مع ذلك نجد الإعلام المفرنس برمته يصب في اتجاه تدعيم الفكرة والتنديد بـ"المحافظين-البعثيين-الإسلامويين"... هكذا كتلة واحدة دون تمييز... وأحيانا يضيفون إليها "الأصوليين-الإرهابيين"!
ولعل الأديب والأستاذ أمين الزاوي -رغم عمق ثقافته وتمكنه الكبير من اللغتين- كان أوضح هؤلاء عندما كتب في صحيفة ليبرتي (الناطقة بالفرنسية) يوم 6 أوت مقالا بعنوان "لغة حية أو لغة الحياة؟"، تناول الكاتب في هذا المقال دور الدارجة في تعميق الثقافة وإثراء اللغة الرسمية، وجاء على لسانه على الخصوص: "على الرغم من أن العربية لغة جاءت قبل الإسلام فإن هذا الدين استولى عليها، لقد صادر الدين الإسلامي اللغة العربية"!
ونقرأ في مكان آخر من نفس المقال: "اللغة العربية الفصحى كانت منذ الاستقلال لغة مقدسة في المساجد والمدارس، بين "الديني" و"الوطني" أما اللغة الفرنسية فكانت دائما لغة الانفتاح ولغة القرار."
ثم يقترح في نفس النص:"لكي تتحرر اللغة العربية من الذاكرة الدينية فلا بد لها من أن ترتمي في أحضان الدارجة" (كذا)، ثم يضيف: "لقد صارت اللغة العربية الفصحى مُتْعَبَة بشكل متزايد من جراء المد الديني السياسي والتقليد (المحافظة)."
نجد في هذا المقال التحليلي القصير لوضع الدارج والفصيح الإشارة إلى الدين والإسلام عديد المرات، رغم أن عدد كلماته تناهز 600كلمة، وهكذا يرى الأستاذ الزاوي ومن حذا حذوه أن"الدين الإسلامي" هو المشكلة في القضية اللغوية المطروحة وأن"الدارجة" هي التي ستحلها أو ستؤدي دورا أساسيا في حلها!
وبالموازاة مع ذلك هناك من لا يربط هذا الربط الغريب بين المعتقد (الدين أو غيره) واللغة، نشير على سبيل المثال إلى مقال طويل بعنوان"العلوم العصبية في الاكتساب والتعلم المدرسي للغة: قضية نفسية معرفية وليست قضية اجتماعية" طالعتنا به يوم 22 أوت الخبيرة في اللسانيات وعلم النفس، الأستاذة نصيرة زلال في صحيفة "يومية وهران" (الناطقة بالفرنسية)، وذلك في سياق الجدل القائم حول الدارج والفصيح.
تساءلت الأستاذة زلال: "لماذا أطفال الألمان... الذين يتكلمون لغات جهوية شديدة الاختلاف -10 لغات على الأقل-... لا يشعرون بأي نوع من الصدمات العصبية عندما يتعلمون في المدرسة اللغة الألمانية المعيارية التي يوحّدها ويثريها السويسريون والألمان والنمساويون بصفة منتظمة؟"، وتضيف الأستاذة قائلة: "إن التحجج بإحداث صدمة عصبية لدى الطفل إثر الاحتكاك البسيط بالجديد في المدرسة، (أو تذكيرنا -وهذا أدهى-بأنه علينا الاعتزاز بـ "قيم أسلافنا التي تحملها لهجاتنا" والدفاع عنها بقوة) ليست حجة علمية، ذلك أن هذا الخطاب المزدوج يفتقد إلى إثبات تدعمه دراسة مقارنة... ما دام الأمر يتعلق "بالبيداغوجيا المدرسية" فحتى نكون علميين يجب الاعتماد على مفهوم المشاهدة والملاحظة كيلا نقع في خطاب بعيد عن الموضوعية."
نلاحظ أن مقال الأستاذة زلال يقع في أزيد من 6000 كلمة (أي ما يعادل 10 مرات طول مقال الأستاذ الزاوي) ورغم ذلك لم ترد فيه أبدا كلمة "الدين" أو"الإسلام"! والغريب أن يلاحظ الأستاذ الزاوي أيضا:"في الوقت الذي تموقعت فيه الدارجة في الفن والإبداع... تموقعت اللغة العربية الفصحى في المساجد وخطب الجمعة والصلاة على الأموات وفي الخطب الرسمية الكاذبة".
وجه الغرابة الذي نريد هنا الإشارة إليه -إضافة إلى ما يحمّله الكاتب للدين بخصوص استحواذه على اللغة العربية- أن نسمع بأن اللغة العربية الفصحى تموقعت في الخطاب الرسمي! نحن نفهم من "الخطاب الرسمي" أنه الخطاب الذي يدلي به المسؤولون الرسميون (سيما كبارهم)، فمن الذي يتكلم اللغة الرسمية في البلاد من الرسميين، يا ترى؟ لعلهم يتكلمونها خفية في بيوتهم؟ فإذا استثنينا النزر القليل من هؤلاء وجدناهم لا يحسنون اللغة الرسمية، ولا حتى الدارجة أحيانا، وتلك هي الكارثة الكبرى المسكوت عنها من كل الأطراف.

أمازيغي مسلم 01-09-2015 01:19 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

عاهات الحبسة اللغوية والحبسة المعرفية
عمر أزراج



لاشكَ أن تميَز فرادة وطريقة تفكير أي شعب مرتبط بالكيفية التي يستعمل بها اللغة، كما أن الإعاقة اللغوية تفرض حتما الإعاقة الفكرية، وهذا ما تبيَن جليا لعالم اللسانيات الروسي الأصل والأمريكي الجنسية رومان جاكبسن، وخاصة في دراسته البارزة لاضطرابات الحبسة التي يعتبرها مشكلة لغوية وليس فقط مجرد مشكلة فيزيولوجية كما يعتقد كثير من الناس.
وبهذا الشأن نجد هذا العالم يقول بكل وضوح:"إذا كانت الحبسة اضطرابا لغويا، كما يوحي المصطلح نفسه، إذا فلابد أن يبدأ أي وصف أو تصنيف لأعراض الحبسة بالسؤال عن أي مظاهر اللغة تتعرض للإتلاف في مختلف أنواع هذا المرض"، أما اللغة التي يقصدها هذا العالم الروسي فهي"اللغة في أثناء العمل، واللغة في طور الانتقال، واللغة في طور الولادة واللغة في أثناء ذوبانها"، وفي تقديري الخاص فإن اللهجات العامية، التي لا ترقى إلا"اللغة الواصفة " المزودة بالمصطلحات والمفاهيم المفتاحية التي يفكر بها الإنسان تفكيرا علميا ومنطقيا في مسائل العلوم، والفلسفة، والفنون الراقية، تلعب دورا أساسيا في نشر وترسيخ الإعاقة المعرفية، سواء داخل ما يسمى بالمجتمع العام أو بالمجتمع الخاص الذي تنهض على أيدي أفراده مهمة إنجاز التحولات الثقافية والفكرية والعلمية العميقة والمتطورة، ومن هنا نستطيع القول إن الفيلسوف الإسلامي العبقري ابن رشد قد أصاب عندما دعا إلى تأويل الباطن ضمن القرآن الكريم من طرف خاصة الخاصة، وليس من طرف العامة لأن مشكل التأويل نفسه يرتكز أصلا على فهم أسرار اللغة وعبقريتها والتفريق بين ما هو مجاز معقد يصعب فكَ شفراته وما هو أسطوري له دلالات تعني ما لايعنيه الواقع الحرفي الذي تنقله اللغة العادية، وبين ما هو ظاهر يفهم من طرف العامة لأنه لا يحتاج إلى فنَ الـتأويل وعلومه، لست أدري لماذا يدعو هذا أو ذاك إلى تعليم العامية واعتبارها جسرا بين الحضانة الأولى، والمرحلة التحضيرية، وبين مرحلة التعليم ما بعد التحضيري علما أن هؤلاء الدعاة يعرفون جيدا أن هذا النمط من الجسر يمكن أن يهوي بمن يمر عليه إلى هوَة العماء اللغوي والتشويش على الأجهزة التي تلعب دورا مفصليا في بناء وتحصيل المعرفة، وهذه الأجهزة وهي ملكات الحساسية، والفهم والمخيَلة التي تعدَ الواسطة بينهما التي توجد لدى الإنسان فطريا.
في هذا السياق ينبغي أن نتساءل: هل يمكن لقاموس اللهجات العامية أن ينطبق على مقولات وأحكام ملكة الفهم وعمل المخيلة التي بدونها لا يمكن أبدا أن يكون هناك فكر أو معرفة؟ ثم هل لدى العاميات مصطلحات ومفاهيم تقدر أن تشتغل في ميادين علوم الفيزياء، والكيمياء، والطبَ العام، والعقلي، والاقتصاد، وعلم النفس، وفي ميادين التكنولوجيا، والتقنية، والنقد الفكري والأدبي، والفنون الراقية مثل الموسيقى، والنحت، والمعمار وهلم جرا؟ربما يقول أحد ما بأن الطفل في المرحلة التحضيرية لا ينتظر منه أن يدخل في متاهات تعلم مثل هذه العلوم والفنون بعد، ولكن التقدم العلمي والتكنولوجي - الذي نعيش في ظل ثمراه ويشاركنا فيها الأطفال الصغار منذ ولادتهم حتى دخولهم إلى المدارس التحضيرية والابتدائية في منازلنا يوميا بدءا من التلفزيون ومجموع القطع الالكترونية الملحقة به، والتي يعمل بمقتضاها، والهاتف، والمبرد والحاسوب، إلى أدوات الطبخ ذات التقنية العالية - تفرض لغته العلمية والتقنية نفسها عليهم وعلينا نحن الكبار في آن معا.
على ضوء ما تقدم ندرك مع المفكر المصري الراحل الدكتور زكي نجيب محمود أن"تكوين الأفكار وثيق الصلة بتكوين الكلمات، فكل علم يمكن ردَه إلى لغة أجيدت صياغتها، ومعنى قولنا عن علم معيَن إنه تطور وتقدم، هو أن ذلك العلم قد ضبط لغته، لا أكثر ولا أقل، ضبطا يتم إما بتغيير ألفاظه، وإما بأن يجعل الألفاظ القائمة أدق في معانيها".
على هذا الأساس نجد زكي محمود يدعو إلى الشروع في تفجير ثورة في اللغة لأن ثورة التجديد في كل المجالات في تقديره، وهذا صحيح، تبدأ من اللغة، وهنا نجد مفكرنا زكي نجيب محمود يؤكد أن ثمة علاقة عضوية بين الإحساسات والأفكار واللغة ومن ثم يقدم نموذجا رائعا من النقاش الذي دار في تاريخ فرنسا، بعد أن قامت ثورتها في عام 1789م بأربعة أعوام فقط، ثم أنشأت لجانا وطنية أساسية وفرعية للبحث في السبل الكفيلة بتحقيق نقلة نوعية في تطوير بناء اللغة الفرنسية وكل ذلك من التمهَيد للخروج من تخلفها، ومن التأسيس لحداثة مجتمعها، وبهذا الخصوص كتب مبرزا : "كانت الفكرة الأساسية التي أراد "دي تراسي (وهو مفكر وعالم لغوي فرنسي) عرضها على أعضاء اللجنة الفرعية، مستمدة من الإضافة التي أضافها كوندياك إلى جون لوك، وهي أن اللغة ليست مجرد التعبير عن أفكار تكوَنت، بل هي جزء من عملية التفكير نفسها، فاستنتج دي تراسي من ذلك أن تطوير العلوم مرهون بتطوير اللغة، وهي نتيجة لها من الأهميَة والخطورة ما لا يحتاج منَا إلى بيان، لأنه في هذه الحالة يصبح محالا أن يتغير للناس فكر دون أن تتغير اللغة في طريقة استخدامها".
إذا كانت النتيجة التي توصل إليها مفكر مهم من عيار زكي نجيب محمود هكذا، فهذا يفضي بنا إلى القول بأن للفكر الجدير بهذا الاسم له بنية أيضا وهي بنية اللغة نفسها التي تنطق به لأنه لا يمكن أن يكون هناك فكر إذا كان متشظيا، أو أبكما، أو بدون علاقات داخلية تحدد هويته ومنطقه ومعقوليته، وهي علاقات البنيات اللغوية ذاتها التي تربط أجزائه ومفاصله لتجعل منها كتلة حيَة ذات معنى أو معاني دالة، إن هذا النوع من الارتباط البنيوي بين الفكر، وحتى الفكر في حالة الكمون أيضا وبين اللغة هو ما دفع مفكرا فرنسيا بارزا وهو"جاك لا كان" إلى القول بأن اللاوعي الإنساني مبني مثل اللغة.

أمازيغي مسلم 01-09-2015 01:20 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
إحلال العامية محل الفصحى مخاطر وآثار

سالم بن عميران:( باحث لغوي)

تعد اللغة العامية من أبرز التحديات التي تواجه لغة الضاد في العصر الحديث، وتعرّف العامية بأنها: اللغة التي يتخاطب بها الناس في كل ما يعرض لهم من شؤون حياتهم(1)، واللغة العامية خليط من الألفاظ، بعضها فصيح الأصل عربي النسب ولكن تغيرت مخارج حروفه أو لعبت به ألسن العوام فحرفته، وبعضها غريب دخيل، ولج إلى العربية من رواسب لغات امتزج أهلها بالعرب فترة من فترات التاريخ، وهي لغة فوضوية لأنها لا قاعدة لها وليس من منطقها ولا طبيعتها أن تكون لها قاعدة..فهي تشوه ولا تخلق ونشأت من خلال فساد طرأ على الفصحى، وهي ليست صفة من صفات العربية كاللهجة؛ ولكنها لغة ثانية تعيش على حساب الفصحى وتزاحمها، واحتلت مكانها على ألسن الكثيرين ويراد لها أن تحتل مكانها على الأقلام. (2).
الدعوة إلى العامية ومحاولة إحلالها محل الفصحى هي أكبر محنة تعرضت لها اللغة الفصحى في تاريخها، فقد تبناها بعض المستشرقين ومن تأثر بهم من العرب بحجة أنها لغة الشعب كله وتعبر عن مشاعرهم وأفكارهم، وهو شعار مدرسة ضالة في أميركا: «إن اللغة الحقيقية هي اللغة التي يستخدمها الناس فعلا، لا التي يعتقد بعضهم أن على الناس أن يستخدموها...»(3)

مظاهر تبني الدعوة إلى العامية في هذا العصر:
- الاهتمام بالشعر العامي، وانتشار ما يسمى بالفكر الفلكلوري (التراثي) من خلال نشر الكتابات العامية في وسائل الإعلام.
- التساهل في استعمال العامية في وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء مثل البرامج الحوارية، والإعلانات، وبرامج الأطفال.
- استعمال العامية في مجال التعليم، وأخطر من ذلك التحدث بالعامية في تعليم النحو وسائر علوم العربية. وقد وجد أحد الباحثين أن من أسباب ضعف الطلاب في اللغة العربية؛ استخدام العامية في التدريس(4). ومازالت هذه المشكلة موجودة في مختلف أنحاء العالم العربي يفضحها التحصيل اللغوي المتدني للطالب في مراحل التعليم المتوالية.

آثار إحلال العامية محل الفصحى:
- قطع أوجه الاتصال بين المسلمين، والسعي إلى عزل الدول العربية، وتدمير أهم مقومات وحدتها، فقد كاد الغرب للمسلمين فطُبق التقسيم السياسي، وحاولوا الآن تطبيق التقسيم اللغوي والتاريخي، فروَّجوا لهذه الدعوة لينعزل كل جزءٍ في محيطهم بلغتهم العامية(5).
- صعوبة فهم التراث العربي والإسلامي؛ فاللغة العربية الفصحى تجعلنا نفهم القرآن والسنة وكتب التراث العربي من شعر ونثر، أما العامية فلا تستطيع أن تحل مكان الفصحى بحال، فحركة المجتمع العربي هي في غير صالح العامية، ولا حيلة لنا في ذلك على الرغم من أن العامية هي اليوم أقرب إلى حياة الناس العاملين وألصق بوجودهم الاجتماعي من الفصحى(6).
- في الازدواجية بين الفصحى والعامية عبء مادي وزمني ونفسي؛ ذلك أننا ننفق في تعلم الفصحى وتعليمها مادة ووقتًا أكثر من المطلوب، وتسبب أيضًا في ازدراء الطالب للفصحى فما يبنيه مدرس اللغة العربية معرض للهدم بسبب استشراء العامية في مرافق الحياة العامة وتجعل بعض المتعلمين يتلمس الفصحى بصعوبة بالغة(7).

كيف نواجه خطر العامية!!؟:
نواجه هذا الخطر من خلال عدة أمور أهمها
- الاعتزاز بالفصحى والاعتصام بها في التدوين والإذاعة والنشر، واتخاذها أداة للتفاهم؛ لأنها اللغة الجامعة بين جميع العرب والمسلمين.
- التوعية الإعلامية حول مخاطر العامية على وحدة العالم العربي، وعقد الندوات والمؤتمرات حولها، وإشاعة اللغة الفصحى في الفنون المسرحية والتمثيلية في الإذاعة والتلفاز والخطابة المدرسية وتوجيه الأغاني توجيهًا أدبيا رفيعًا وإخضاعها لخدمة قومية مثمرة تجعلها تعتمد على المختار من فصيح الكلام الذي تتذوقه النفوس ويسمو بالأخلاق.
- أن تكون اللغة العربية الفصحى الميسرة لغة التعليم النظامي من مرحلة الحضانة، وإلزام المعلمين بها في كل ممارساتهم التربوية والتعليمية المتعلقة بالطالب في المدرسة، فلا نجد عذرا لمن يستخدم العامية من المدرسين في لغة تدريسهم وإذا كان السبب عجزهم عن الفصحى فهناك أكثر من طريقة للعلاج(8).
- التسامح في التخفف من الحركات الإعرابية بالتسكين على أواخر الكلمات في لغة الحديث اليومي ما لم يتسبب ذلك في تغيير دلالي أو تشويه صوتي وهو ما يلقى قبولا وتأييدا من المثقفين كافة. وكذلك عدم التحرج من استعمال الألفاظ الفصيحة التي تجري على ألسنة العوام. ولا يعني ذلك الدعوة إلى الفصعمية التي نادى بها بعض المفكرين في هذا العصر.أي:خليط من الفصحى والعامية وهي دعوة منبوذة لم تلق قبولًا.

-الاهتمام بالشعر العامي وتجاوزات لغة الإعلام واستعمال العامية في التعليم.. أبرز التحديات.

الهوامش:
1 - انظر: د.حسين نصار، معجم تيمور الكبير في الألفاظ العامية، القاهرة، دار الكتب والوثائق القومية 2002، ج1ص5.
2 - انظر: د.مازن المبارك، نحو وعي لغوي، بيروت، مؤسسة الرسالة،1979، ص 40-41.
3 -د.رمضان عبدالتواب، بحوث ومقالات في اللغة،القاهرة، مكتبة الخانجي ط1،1982،ص174.
4- ينظر: بحوث ندوة ظاهرة الضعف اللغوي في المرحلة الجامعية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، الرياض، 1418 هـ.ج1، ص84.
5- د. عبدالصبور شاهين، «التحديات التي تواجه اللغة العربية»، منشورات منظمة الإيسيسكو.
6- محمد مبارك، مواقف في اللغة والأدب والفكر، بغداد، مكتبة النهضة، بيروت، دار الفارابي، 1974، ص 174 – 176.
7 - ينظر: سميح أبومغلي، التدريس باللغة العربية الفصيحة لجميع المواد في المدارس، عمان، دار الفكر، ط1،1997، ص44.
8- ينظر: تجربة د.عبدالله الدنان في تعليم الفصحى في عدد من المواقع على شبكة الانترنت.

العامية كمدخل للفصحى

يستخدم الناس اللهجات العامية في أحاديثهم اليومية أكثر من استخدامهم للفصحى، وهم يتحـدثـون في الـمـجتـمع الواحد لهجات شتى...
وجاءت اللهجات كما قيدتها كتب التراث اللغوي في تسميات مـثل الكشلـشة، العنـعـنة، والفحفحـة، والثـلـثلة، والتضـجع، والعجعجة...
ولقد استعمل العرب العامية للدلالة على مستوى اللغة العربية الـذي يـستعمله سـواد الـناس وعـامتهم فـي التـعبير عن أغراضهم، وما العامية في رأيهم إلا الوجه الآخر للفصحى محرفًا قليلاً أو كثيرًا على ألسن الناس ونطقهم.
ففي القديم كانت الفروق بين اللهجات تكاد تقتصر على الخصائص النطقية والعادات الصوتية، وما عرض له اللغويون القدامى من أمثلة تخالف اللغة الموحدة المطردة في الفصاحة كان قليلاً (1).

علاقة العامية بالفصحى:
لم تكن نظرة علمائنا إلى اللهجات مقرونة بالريبة والتخوف بقدر ما كانت مشوبة بالاستنكار وعدم الرضا، ولهذا صنفوا اللهجات في أدنى مراتب الفصاحة، لا خارجها، ووصفوها بالمذمومة والقبيحة والرديئة والمرغوب عنها (1).
وعلى الرغم من أن العامية لا تعتمد على قواعد ثابتة، ومنها كثير مشتق من لغات الأعاجم، فإن المشتغلين بالدراسات اللغوية يؤكدون أن اللهجات العامية حافظت على ثروة هائلة من الألفاظ الفصيحة المهملة عند الكتاب والأدباء والمصطلحات العربية الصحيحة التي استنبـطت أيام ازدهـار الـمدنية ولم يضمها معجم ولا سجلها أحد من علماء اللغة إلا في القليل النادر(2).
وعلى سبيل المثال، تحتوي العامية الجزائرية على عدد هام من ألفاظ القرآن الكريم، ويتم توظيفها وفق السياقات التي وردت في كتاب الله عز وجل.. وفي ذلك نذكر ما يأتي(3):
\
نقول: غاظه الشيء، ويستعمل هذا اللفظ عندما يفقد المرء شيئًا عزيزًا عليه، أو يمنى بخسارة لم يكن يريدها، أو يخونه شخص ما كان يثق فيه.. قال الله تعالى: {وإذا خلو عضوا عليكم الأنامل من الغيظ } (آل عمران:119) .
ونقول: فرّط (بتشديد الراء ) في الشيء، بمعنى قصر فيه وضيعه وبدده، وتستخدم خاصة عندما يهاجر الشخص ولا يسأل عن والديه أو أهله.. قال الله تعالى: {ما فرطنا في الكتاب من شيء } (الأنعام: 38) .
ونـقول: تـاه فــلان، بـمعنى ضـل الطريق وسـار متـحـيـرًا.. قال تعالى:{ قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض } (المائدة:26).
ونقول: هذا الطفل اليوم ما به خانس؟؟ عندما يكون منزو وعليه علامات الخوف والترقب، ويكون ذلك عادة عندما يقوم بعمل يعـلـم أنـه ســوف يغـضب والديه إذا علموه، كتكسير أثاث البـيـت، أو عراك، قال تعالى: { قل أعوذ برب الناس، ملك الناس، إله الناس، من شر الوسواس الخناس } (الناس:1-4).
ونقول أيضًا: "أرض سائبة، وصوف منفوشة، ويحنث، وبرئ المريض، وغشي، والملة، والبنان، أي أصبع الرجل "، وغيرها كثير.

مخاطر الدعوة إلى العامية:
إن اللغة العربية في الوقت الراهن قد انتشرت انتشارًا واسعًا مس جميع الميادين والحقول، لكن هذا الاتساع جرى في كثير من الأحيان على حساب مقومات شخصيتها، فبدت للملاحظ أنها لغة عربية في حروفها، وفي بعض ألفاظها، بينما في معظم استعمالاتها وتركيبها اتسمت بالاعوجاج والانحراف عن طبيعتها اللفظية ودلالاتها المعنوية، الأمر الذي أخرجها من اللغة الواحدة إلى اللهجات المتعددة التي تشتمل على خليط من الكلمات الأجنبية (الدخيلة ) ومن الألفاظ العربية المنحرفة عن الصيغ الأصيلة(1).
إن الدعوة إلى العامية تمتد بجذورها في التاريخ، وقد لعب المستشرقون دورًا بالغ الخطورة والأثر، وكان أول من دعا إلى التحول من الفصحى إلى العامية الـمستشرق الألماني ولهام سميث، الذي كان مديرًا لدار الكتب المصرية خلال الثلث الأخير من القرن التاسع عشر الميلادي.
لقد أدرك علماء الغرب الترابط الوثيق بين اللغة العربية والدين الإسلامي وعرفوا أن الإسلام لا يفهم إلا بها، وأنها ركن جوهري من القرآن الكريم ،فأخذوا يوجهون السهام إليها، وبذلوا الجهود الكبيرة لإضعافها وتدميرها وإبعاد المسلمين عنها، وصرفهم عن الفصحى التي تؤدى بها.
لقد أخذوا يروجون للغة العامية واللهجات الإقليمية المحلية لتكون لغة التخاطب والكتابة والآداب والفنون والمعاملات، وكان ذلك أسلوبًا من أساليب إضعاف اللغة العربية وإهمالها، وكان أيضًا جزءًا من المؤامرة عليها(2).
يتحدث الشيخ محمد الغزالي بمرارة جلية عن المـحاولات الرامية لضرب اللغـة الـعـربية وإضـعافـها والتمكين للهجات، حيث يقول: "لا أزال أذكر أيامًا كان يتكلم الأزهريون فيها باللغة الفصحى ".
فوضع الاستعمار خطته كي يجعل من كلامهم "بالنحو " مثار السخرية ومبعث الهزء في كل مجلس.
ونجح الاستعمار في إبعاد الفصحى عن لغة التخاطب ليستأنف إبعادها عن لغة التأليف والإذاعة.
ثم يروي حادثة وقعت له نفسه قائلاً: "أطلعني أحد الأصدقاء على مجلة أسبوعية أخرجت لسانها لي لأني أنطق الجيم جيمًا والقاف بلغة العرب؟؟
للقاف والجيم رنين يرتطم بقفاه كأنه صفعة مزعجة؟؟
إن الغريب ليس إفلاح الاستعمار في خلق هذا المخنث المسخ، ولكن الغريب أن يتسلل هذا المسخ إلى وسائل الإعلام ليكون له حق توجيه الجماهير.. توجيهها إلى أين؟
إلى مواطن الخزي والندامة، مواطن الارتداد والنكوص... "

استعمال العامية في وسائل الإعلام أضر بلغة القرآن:
إن من أكبر العوامل الضارة باللغة العربية وبمستقبلها وحتى بمستقبل الوحدة العربية استعمال اللهجات المحلية في السينما والمسرح وفي الإذاعة والتلفزة، إذ يجمع بين البلاد العربية لغة القرآن، والعدول عنها إلى اللهجات المحلية هو خصم لهذه الوحدة، وقد قال أحد الأدباء: "الذين ينادون بإحلال العامية لسهولتها محل الفصحى لصعوبتها هم أشبه بمن ينادون بتعميم الجهل لأنه سهل وإلغاء العلم لأنه صعب المنال ".
يقول الدكتور مسعود بوبو: "ينبغي لنا ألا يغيب عن بالنا أن الظاهرة اللهجية لا تقف عند النطق كما كان الحال قديمًا، بل تتعداه إلى الكتابة المرئية واضحة على "شاشات التلفزيون".. والكتابة اللهجية تنطوي على الخطأ الإملائي والخطأ النحوي، ورؤيتها على هذه الصورة المتكررة يرسخها في أذهان أجيالنا قبل معرفتهم السلامة اللغوية، وهذا يجعل من العسير محوها من أذهانهم ".
ثم يقارن بين عوائق فهم اللغة الفصحى واللهجات العامية حيث يخلص إلى القول: "وليس صحيحًا ما يقال عن وجود عوائق تحول دون فهم ما يؤدى باللغة الفصحى، بل العوائق دون فهم اللهجات أكثر وأشـد ضـررًا، فالفـصحـى موحـدة يفهمها الـجميع، أو السواد الأعظم من العرب المتعلمين، في حين يصعب على الجميع - متعلمين وغير متعلمين- الإحاطة باللهجات العربية على اختلاف مواصفاتها ومناطقها ".
وفي السياق نفسه يقول الأستاذ محي الدين عبد الحليم: فإذا استعرضنا برامج التلفزيون أو الإذاعة في معظم البلاد العربية لوجدنا أن نسبة ما تبثه بالعامية تزيد عما تبثه بالفصحى، ولا سيما في الأعمال الدرامية والمنوعات التي يندر فيها استعمال الفصيح من اللغة بحجة أن وسائل الإعلام تخاطب الجمهور ككل.. وكون هذا الجمهور ذو ثقافات متباينة، ونتيجة للابتذال واستخدام الألفاظ والكلمات الهابطة من طرف الإعلاميين، وعدم الحفاظ على الحد الأدنى من الأصول والقواعد اللغوية، أدى إلى الاستخفاف بقواعد اللغة العربية، كما أدى ذلك إلى الترويج إلى السوقية وشيوع الكلمات والمصطلحات غير اللائقة.
إن بعض خصوم العربية يختفون وراء الدعوة إلى تيسير التعبير بها وتسهيله، والتيسير عندهم يعني التخلي عن قواعدها وعن الأساليب الصحيحة في التعبير عنها، وعن أساليبها الصحيحة في التعبير بها، ويمكن أن نلمس هذا في وسائل الإعلام وأساليب الإشهار، إذ نادرًا ما نقرأ كلامًا عربيًا صحيحًا فيما تكتبه الصحف والمجلات أو فيما تذيعه مختلف وسائل الإعلام وهؤلاء الذين يفضلون استعمال التعابير البسيطة غير الصحيحة يغيب عنهم أن المعاني مرتبطة بقوالب صيغها وحالات إعرابها، لأنها في الحقيقة لغة اشتقاقية معربة.. ومعنى أنها اشتقاقيه: أن معاني ألفاظها تتغير كلما تغيرت قوالب صيغها، ومعنى أنها معربة: أن معظم معانيها الإعرابية تتغير كلما تغيرت وظائفها في التركيب.
أما اليوم، فأمر اللهجات يثير المخاوف، ويؤرق الغيارى على العربيـة العريقـة، ويقـلق كل مـن يستـشرف بـتـدبر وأناة آثارها المفزعة في المستقبل، ذلك أن اللهجات العربية بتنوعها تبدو بحق كأنها حرب معلنة على العربية الفصحى من محطات التلفزة.. وخطر هذه اللهجات يجيئ من كونها تتعدى المظاهر الصوتية، إذ تتضمن كلمات أجنبية دخيلة ومصطلحات ومسميات مرتجلة بغير خبرة بخصائص اللغة العربية، يسوقها معدون أو مذيعون على نحو مغرق في التسرع ومراعاة الشائع محليًا، أو في مرعاة أذواق الناطقين بها وحدهم، وأحيانًا يمعنون في المحلية فيتحدثون بلهجة منطقة بعينها من هذا القطر أو ذاك، وأحيانًا تبدو اللهجة متأثرة ببقايا اللغة التي كانت رائجة على ألسنة المستعمرين ، ممن كان لهم وجود في كثير من مناطق الوطن العربي قديمًا وحديثًا، أو تبدو متأثرة بألفاظ سقيمة لا مكان لها في مستويات الفصاحة المرتضاة.
ويرى بعض الباحثين أن تغليب العامية في بعض وسائل الإعلام كان سببًا من أسباب أزمة اللغة العربية المعاصرة، وذلك لأن وسائل الإعلام تخاطب الجماهير العريضة والمستويات الثقافية المتباينة وتؤثر فيها تأثيرًا نافذًا.. وحجة بعض وسائل الإعلام في استخدام العامية أنها تـحاول إرضـاء كل الأذواق، وأنها تتوجه إلى فئات غفيرة من غير المتعلمين.
إن من ينتصرون للعامية بلهجاتها،أو يتحمسون لها بحجة مراعاة الأميين، أو محدودي المعرفة، إنما يفعلون ذلك وكأنهم ينتصرون للمزيد من التخلف والجهل، أو كأنهم يستمرئون الانحطاط.

ضبط التعامل مع العامية:
ننهي هذا الفصل بتقديم مقترحات قد تضبط عملية التعامل مع العامية في وسائل الإعلام المحلية، حيث نرى:

-
إن العامية في حياة الأمم واقع لا يمكن نكرانه، أو القفز عليه، فهي في جميع الحالات تمثل جزءًا من شخصيتنا، بسلبياتها وإيجابياتها، ومع ذلك ينبغي لنا أن نؤكد حقيقة هامة، وهي أن العامية لا يمكن اعتبارها رافدًا يغني العربية، بل قد تشوه حقيقتها، وتقوّض أعمدتها وأصولها.

-
والعامية من الناحية الاتصالية قد تؤدي دورًا محدودًا جدًا، فقد تؤدي وظيفتها الخاصة بالفهم في حدود المنطقة التي تلهج بها، بيد أنه يتقلص دورها كلما ابتعدنا عن موطن اللهجة، وحتى محاولات فهمها يظل صعب المنال، في حين إذا تعلق الأمر بالعربية الفصحى، فالقواميس التي وجدت لهذا الغرض، يمكن أن تقدم خدمات جليلة لمن يريد فهمها أو التعمق فيها. ويجب التنبيه أيضًا إلى أن تهذيب وصقل العامية أو ترقيتها لا ينبغي أن يتم إلا من لدن خبير بأسرار اللهجة واللغة الفصحى، كما يجب أن يوضع في البال ضرورة التوحيد اللغوي للأمة في كل مسعى.

-
وإذا كانت العامية تستمد ألفاظها من ينابيع لا حصر لها، وإذا كانت وسائل الإعلام السمعية البصرية تشكل المصدر الأساس لتداول الألفاظ والمفردات، فمن الأنفع استغلال هذه الوسائل - كل واحدة حسب طبيعتها- من أجل تزويد الناس برصيد لغوي جديد يساهم في ترقية لهجاتهم، أو يصحح نطقهم للألفاظ العامية ذات الأصول العربية.



امر طبيعي 01-09-2015 01:22 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
السلام عليكم

تابعت مقتطفات من هذا الموضوع و إنّي أنصح كذلك بكتاب جميل و مفيد للدكتور محمد سعيد رسلان بعنوان : اللغة العربية و وجوب تعلمها على المسلمين ... و هذا الكتاب يحكي قصة مؤامرة الإنجليز على اللغة العربية في مصر وغيرها...

جزاك الله خيرا أخي...

لي عودة إن شاء الله

أمازيغي مسلم 01-09-2015 01:46 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخانا الفاضل:" أمر طبيعي".
جزاك الله خيرا على كريم التصفح، وجميل الدعاء.

أمازيغي مسلم 06-09-2015 01:10 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 

عار يا أمة الضاد
إسماعيل بوجعدار:( دكتور بكلية العلوم ـ قسم الفيزياء ـ جامعة الإخوة منتوري ـ قسنطينة)

اللغة أعظم مقومات الوجود وهي مجد الأمم وهويتها، لذلك تجد الأمم الحية تتناغم مع التشريعات الحافظة للغتها وهويتها، إلا العربية لغة حباها الله، وأهانها العرب، يقول أحد المستشرقين:"ليس على وجه الأرض لغةٌ لها من الروعة والعظمة ما للّغة العربية، ولكن ليس على وجه الأرض أُمة تسعى بوعي أو بلا وعي، لتدمير لغتها كالأمة العربية!" المفارقة أن بعض الدول المسلمة الأعجمية (إيران، باكستان، أفغانستان)، لا تزال متمسكة بالحرف العربي في لغتها ويسمونه "الحرف الشريف" لأن لغة القرآن كُتبت به، بينما يتعرض الحرف العربي للإهانة والازدراء في أغلب أقطار العالم العربي، كنا نتمنى أن تكتب اللغة الأمازيغية بالحرف الشريف لا بالرسم القبيح.!
إن الأمة التي لا تحترم مقدساتها، يُنتهك شرفها وتفقد إحترام غيرها وتخسر مكانتها بين الأمم، قال الرئيس الفرنسي السابق فرونسوا ميتران في مواجهة زحف اللغة الإنجليزية على بلاده: إن العالم لن يسمع لأمة تتحدث بلسان غيرها !. وقبله جاء في بيان الثورة الفرنسية: "أيها المواطنون: ليدفع كلاً منكم تسابق مقدس للقضاء على اللهجات في جميع أقطار فرنسا لأن تلك اللهجات رواسب من بقايا عهود الإقطاع والاستعباد .... يجب أن تعالج هذه المشكلة معالجة جدية؛ وذلك بمحاربة اللهجات المحلية، ونشر اللغة الفرنسية الفصيحة بين جميع المواطنين"، بل حتى إن النظام الفرنسي يمنع الكتابة على لوحات الشوارع والمحلات التجارية بأي لغة أخرى غير الفرنسية حفاظا على لغتهم.
إن الغارة على اللغة العربية هي إمتداد جلي للغارة الصليبية على العالم العربي والإسلامي، الهادفة لمحو القرآن والقضاء على الإسلام، والدعوة إلى العامية هي أحد هذه المعاول الهدامة، إن تعلم العربية فريضة على الأمة، تقتضيها عالمية الرسالة الخالدة والوحي المنزل، وأي تفريط يعتبر خيانة فاضحة وردة مهلكة.
التعليم في كل بلدان العالم، عدا العالم العربي، يتم بلغتهم الرسمية الصين بالصينية، روسيا بالروسية، اليابان باليابانية، إيران بالفارسية، تركيا بالتركية، المحتل الإسرائيلي بالعبرية ودول أوروبا الشرقية بلغاتهم القومية....، ففي الكيان الصهيوني مثال صارخ، على الرغم من أن بعث اللغة العبرية فكرته الأساسية هي المساعدة على قيام دولة إسرائيل، إلا أنها أصبحت بعدما كانت لغة دينية ميتة، لغة العلم من الروضة إلى الدكتوراه بالجامعة، تدرس بها كل أنواع العلوم والتكنولوجية والطب في مجتمع لا يتعدى تعداد سكانه سبعة ملايين!، فقد قال المفكر اليهودي إليعازر بن يهودا في نهاية القرن الـ19 على مشارف إعلان الدولة اليهودية: "لا حياة لأمة دون لغة"، وفي المجر التي لايتعدى تعداد سكانها 15 مليون نسمة، فالتدريس باللغة المجرية من التحضيري إلى الدراسات العليا بالجامعة، إذ تحرر الرسائل الجامعية باللغة الوطنية، وإتقان اللغة المجرية شرط ضروري على الأجانب لدخول كلية الطب لأن العلوم الطبية تدرس باللغة المجرية، وهاهي كل من تركيا وإيران حجزتا مكانتهما بين الكبار اعتمادا على لغاتهما القومية.
في غمرة السجال الدائر الآن حول إقتراح استعمال العامية في التدريس والذي هو في ظاهره اقتراح بيداغوجي، لكنه في باطنه وبعده إقتراح إيديولوجي، واصطفاف الفرونكوفونيين والتروتسكيين وراء الوزيرة حفيدة قدور بن غبريط، نسي هؤلاء أن للعربية قداسة مستمدة من قداسة القرآن، فهي لغة تعبد عامة الشعب، فراحوا في شوفينية ضيقة وتطرف مقيت واستفزاز واضح، يصفون المدافعين عن لغتهم بالأصولية تارة وبالوهابية تارة أخرى، أنسي هؤلاء أن إهانة المقدسات شأن لا يغتفر وليس أمر فيه نظر، إن ردة فعلهم هذه تؤكد مقولة دوغول"غبي من يعتقد أن فرنسا خرجت من الجزائر، فهذا كان جزء من استراتيجية متكاملة، فخروج فرنسا من الجزائر لم يعني أبدا رحيلها" وقوله كذلك: "إني تركت في الجزائر جزائريين أكثر فرنسية من الفرنسيين" واستجابة لوصية ميتران الذي قال سنة 1984: يجب أن تبقى الفرنسية في الجزائر لغة الإدارة ولغة الدراسات العليا! ، إن وكلاء باريس في الجزائر جعلوا إتقان الفرنسية شرط أساسي لتولي المسؤوليات والمناصب، فترى الرئيس والوزير يخاطب شعبه بلغة المستعمر في تعد صارخ على الدستور وخيانة لأمانة الشهداء وخذلانا فاضحا للغة الدستورية في معركة التمكين وفي سابقة فريدة في الكون!. كنا نظن أن وطأة الفرنسية ستخبو مع مرور الزمن، رغم الآثار الثقافية واللغوية الغائرة التي تركتها فترة الإحتلال الطويل والبغيض، لكن الظاهر أن في هذا السياق ينطبق قول الشاعر:

مات كلب في البرية÷ فاسترحنا من عواه
ترك اللعين جروا÷ فاق في النبح أباه

إن المتأتئين باللغة العربية كالأطفال في مواقع المسؤولية العليا، أًثْروا شبكات التواصل الاجتماعي بموجات من التعليقات الساخرة على مصطلحاتهم الغريبة (كالفقاقير وأنفجأت....) !. يقول عميد الأدب العربي طه حسين:"إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا معرفة لغتهم، ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومُهين أيضاً."
بل الأخطر من هذا، وحنينا لعهد الاستدمار وفي ردة مهينة وخيانة كاملة الأركان، هو تأسف وزير الخارجية السابق مراد مدلسي أمام البرلمان الأوروبي على كون الجزائر لم تبق أوروبية، حين قال:"أقول لإخواننا في بروكسل ليس هناك أوروبيين أكثر من الجزائر.. ولو كان للتاريخ منحى مختلف، لكنا اليوم بلدا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي، ذلك لأننا في اللحظة التي وقعت فيها المعاهدة كنا ما نزال فرنسيين".
نسي هذا المخلوق ما قاله العلامة ابن باديس: "إن هذه الأمة الجزائرية الإسلامية ليست هي فرنسا، ولا يمكن أن تكون فرنسا، ولا تريد أن تصير فرنسا، ولا تستطيع أن تصير فرنسا ولو أرادت... بل هي أمة بعيدة عن فرنسا كل البعد.. في لغتها، وفي أخلاقها، وفي دينها..." أو ما قاله رفيق دربه الشيخ البشير الإبراهيمي في أول جمعة بمسجد كيتشاوة بعيد الاستقلال: "يا معشر الجزائريين إن الاستعمار كالشيطان الذي قال فيه نبينا صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان قد يئس أن يعبد في أرضكم هذه، ولكنه رضي أن يطاع فيما دون ذلك"، فهو قد خرج من أرضكم، ولكنه لم يخرج من مصالح أرضكم، ولم يخرج من ألسنتكم، ولم يخرج من قلوب بعضكم، فلا تعاملوه إلا فيما اضطررتم إليه، وما أبيح للضرورة يقدر بقدرها.
إنه من وحي التجربة التعليمية بالجامعة "26 سنة"، يكون الطلبة أكثر استيعابا وأكبر فهما للمقاييس المدرسة باللغة العربية من المقاييس المدرسة باللغة الفرنسية، فلا غرابة في هذا فاللغة لا تنفصل عن التفكير، ومن فكر بلغته الأم كان أقدر من غيره على الخلق والإبداع، إحدى الدراسات العلمية أكدت أن الدول التي سُجّل فيها أكبر عدد براءات الإختراع هي الدول التي تدرس العلوم بلغتها، عشرات السنين والعلوم الطبية عندنا تستقطب نجباء البكالوريا، لكن القطاع بقي منكوبا في مفارقة عجيبة، الأكيد أن من بين الأسباب هي لغة التدريس، لذلك ندعو الوزير إلى استحداث قسم للعلوم الطبية باللغة العربية في كليات الطب والاستعانة بأطباء الدول العربية الرائدة في مجال الخدمات الطبية والصحية كالأردن والسودان وسوريا.
إن مسلسل التطاول على المقدسات لن يتوقف، لكن عزاءنا في المرابطين على الثغور والمدافعين عن الوجود، يقول الشيخ الغزالي رحمة الله عليه: إشعار الجماهير أن ترك العربية الفصحى في مهب الريح كبيرة من الكبائر، وأن الأمة التي تفقد لغتها كالفتاة التي تفقد عرضها، وأن المسلمين من بين أمم الأرض خاصة، مكلفون بالدفاع عن العربية ضد كل هجوم، لأن الهجوم في مراحله الأخيرة يتجه إلى وحي الله". أما المتطاولون، فنقول لهم كما قال الشاعر:

كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها÷ فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

ونذكرهم بقول آخر:

لغة إذا وقعت على أسماعنا÷ كانت لنا برد على الأكباد
ستظل رابطة تؤلف بيننا÷ فهي الرجاء للناطق بالضاد

إن المسلم الأعجمي يغبط المسلم العربي على لغته العربية، بل إن العالم الفارسي الشهير البيروني، يقول:"والله لأن أُهجَى بالعربية أحب إلي من أن أُمدَح بالفارسية".
أنهي نحيب الروح هذا، على أملٍ قادم مشرق وزاهر، كما كان ماضي العربية التليد يوم كنا العالم الأول، بأشجان:" شاعر النيل: حافظ إبراهيم" في قصيدته:

"اللغة العربية تنعي حظها بين أهلها":

وسعتُ كتاب الله لفظا وغايـــة÷ وما ضقت عن آي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة÷ وتنسيق أسماء لمخترعات
أنا البحر في أحشائه الدر كامن÷ فهل سألوا الغواص عن صدفاتي

وفي الأخير: لابد من جبهة وطنية لحماية البعد العربي والأمازيغي لأمتنا من غلاة الفرونكوفونية
هذا، وإن عدتم عدنا.




أمازيغي مسلم 08-09-2015 02:06 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
النائب البرلماني بحزب العدالة والتنمية:" حسن عريبي":
على سلال أن يلزم جميع الوزراء بالحديث باللّغة العربية

دعا، أمس، النائب البرلماني بحزب العدالة والتنمية، حسن عريبي الوزير الأول عبد المالك سلال، إلى إجبار جميع الوزراء على الحديث باللغة العربية في مخاطبتهم للشعب وتصريحاتهم لوسائل الإعلام وردّهم على أسئلة نواب البرلمان، واتخاذ إجراءات تأديبية في حقّ المخالفين وفق لما ينص عليه الدستور.
وتساءل عريبي في سؤال شفوي عن عدم التزام وزراء حكومته بالمادّة الدستورية التي تشير إلى أنّ اللغة العربية والأمازيغية، هما لغتان وطنيتان رسميتان، فيما يلاحظ حسب المصدر، أنّ أغلب الوزراء يفضّلون الحديث إلى الشعب باللغة الفرنسية وأيضا في تصريحاتهم لوسائل الإعلام أو ردّهم على أسئلة البرلمانيين، من بينهم وزيرة التربية ووزير الصناعة والمناجم ووزير الداخلية والجماعات المحلية ووزير الشؤون المغاربية والاتحاد الإفريقي، وحسب عريبي فإنّ "وزارة الشؤون الدينية هي الأخرى ترسل رسائل نصيّة قصيرة للحجاج باللغة الفرنسية!"، معتبرا ذلك إغفالا للغة العربية والأمازيغية كلغتين وطنيتين رسميتين، ومساسا بالدستور الذي ينّص على ذلك، فيما يلاحظ اجتهاد وزراء آخرين مثل وزير العدل ووزير المالية ووزير الثقافة ووزير التعليم العالي في استعمال اللغة العربية، وفي هذا الصدد، طلب نائب المجلس الشعبي الوطني، من الوزير الأوّل عبد المالك سلال، إجبار جميع الطاقم الحكومي على الحديث باللغة العربية حين إدلائهم بتصريحات للشعب عبر وسائل الإعلام أو في ردّهم على البرلمانيين، مع اتخاذ إجراءات تأديبية ضدّ كلّ من يرفض الالتزام بهذه التعليمات، وذلك من أجل إرجاع مكانة اللغة الوطنية التي يفهمها جميع الجزائريين واحتراما للدستور وعدم الدوس عليه بتمجيد اللغة الفرنسية والترويج لها وكأنّها لغة وطنية رسمية.
كما يلاحظ في هذا الشأن أنّ أغلب المواقع الإلكترونية الرسمية للوزارات تستعمل اللغة الفرنسية على خلاف اللغة الأكثر تداولا ما بين الجزائريين وهي العربية.


لا لكارثة لاهثة ما بعدها كارثة
"عبد الرحمن عزوق":( مفتش التربية الوطنية -سابقا- / رئيس فرع اتحاد الكتاب لولاية تيبازة -حاليا-).

يظل الحديث عن قطاع التربية والتعليم يثير في النفوس آلاما حقيقية، فهذا القطاع الهام جدا، يعاني منذ الاستقلال من وطأة ما يشبه العذاب ويحيا في ظروف أقل ما يقال عنها إنها بائسة وغير تربوية، لقد شهد هذا القطاع موجات من التجارب واستمر ذلك إلى أيامنا هذه عندما جاءت طائفة من الناس لتتولى الدور المكروه ومازال دورها مستمرا إلى غاية كتابة هذه السطور، لذلك أقول:
نتيجة لسياسات التربوية الانفعالية والنيات السيئة والممارسات التي وصلت إلى درجة الاستفزاز التي اتبعتها وزارة التربية في المدة الأخيرة أخطرها استعمال العاميات في التدريس في المراحل الأولى من التعليم، خصوصا بعد إعلان هذه الوزارة المنكوبة الحرب الضارية على الفصحى العمود الفقري للسيادة الوطنية ووحدتها، بإيعاز من أعداء الجزائر القدامى والجدد وحلفائهم داخل الوطن.
انتاب أحرار الجزائر وكل المواطنين المخلصين حالة من التوتر والقلق وعدم استقرار نظامنا التربوي، خاصة في المدة الأخيرة، بشكل لم يشهده في تاريخه من قبل.
وقد تجسدت هذه السياسات التربوية والممارسات الخاطئة، بل والمنحرفة واللاوطنية في الصيغ العبثية والمتخلفة التي تتناقض مع روح العصر والمفاهيم الجديدة وطموحات الشعب التواق إلى التحرير اللغوي والاستقلال الكامل والتنمية والتقدم المرجو.
ومنذ مجيء أركان وزارة التربية اليوم، اتخذوا جملة قرارات وإجراءات استفزازية للشعب ورجال التربية خصوصا، كما حاربت الفصحى والقيم الدينية والوطنية، بل والعلمية الحديثة، والتصدي بقوة لتيار أنصار الفصحى، والاستخفاف بها، ومنعها من احتلال مكانتها اللائقة بها، وإرجاع المجتمع مئات السنين إلى الوراء، ومنع أبناء المجتمع من التعرف على لغتهم ولغة أجدادهم ولغة ثقافتهم وحضارتهم العريقة التي تعرفها المجتمعات المتطورة، زيادة على إثارة النعرات الجهوية والطائفية والإقليمية، بل والطبقية بين أفراد الشعب الواحد، وفتح باب للتدخل السافر في الشؤون الداخلية للبلاد، وشن الحملات الإعلامية الملأى بالكذب والتزوير.
إن مثل هذه الأفكار الضالة والسياسات التربوية الخاطئة والملتوية التي ارتكبها أركان وزارة التربية في المدة الأخيرة، قد خلقت ظروفا سياسية سلبية عند الأغلبية الساحقة في صفوف الشعب. وأحدثت حالة من القلق النفسي والاجتماعي أربكت المواطن وقتلت آماله وطموحاته المشروعة.
ومثل هذه السياسات التربوية الشاذة قد تؤثر بصورة فعالة وخطيرة في الظواهر الاجتماعية والحضارية والسلوكية للمجتمع، ولا سيما ما يتعلق منها بقوانين التربية والتعليم، وهي من صميم قوانين السكون الديناميكية الاجتماعية والفعل ورد الفعل بين الظواهر الاجتماعية المستقلة والظواهر الاجتماعية المعتمدة، ثم التفاعل الجدلي، فيما بعد، بين الجزء والكل، أي بين الفرد والمجتمع.
والأوضاع المتردية التي ستسود، إذا سادت العامية في التدريس، الذي يهدف إليه هؤلاء والذين يتسترون وراء تطوير المناهج التعليمية كل يوم، وتطوير المناهج منهم براء، سيؤثر في علاقات الأفراد والجماعات تأثيرا سلبيا، وسيحطم ما تبقّى من الأنماط السوية والمثالية للسلوك الاجتماعي وسيعرقل نشاطات وفعاليات المؤسسات البنيوية الفوقية والتحتية، وستصدع الوحدة الوطنية، وستعرض البلاد برمتها إلى جملة مشكلات اجتماعية معقدة نحن في غنى عنها.
أما إذا طبقت هذه السياسات التربوية -أملي كبير في فشلها- فالأضرار التي ستلحق بالأفراد والمجتمع فكثيرة ومعقدة، منها تصدع وحدتنا الاجتماعية والنفسية وفقدان أهدافنا وطموحاتنا وسوء إدارتنا وقيادتنا وضعف علاقاتنا بالمجتمعات العربية والإسلامية، وتفكك تركيبنا الهيكلي، وعجزنا عن أداء وظائفنا أفرادا ومجتمعا.
إن حالة متفسخة كهذه لابد أن تقود إلى سقوط النظام الاجتماعي برمته بعد انهيار النظام التربوي التعليمي، وظهور سياسات تربوية متعددة هزيلة، واحتدام الصراعات الجهوية والاجتماعية والطبقية والانقسامات الفكرية والإيديولوجية، وظهور تناقضات فردية ومصلحية، وتلك هي الكارثة ما بعدها كارثة.
لعل أبرز أسباب الظروف البائسة التي يعيشها رجال التربية عندنا، فقدان الثقة المتبادلة بين الأساتذة والمعلمين وأركان وزارة التربية في المرادية، فهؤلاء لا يحترمون قرار الأساتذة والمعلمين، الذين هم جزء من الشعب، ولا يريدون لقطاع التربية والتعليم الطمأنينة والتقدم، ولم يقدموا للقطاع أي مكاسب تذكر، بل على العكس يردونهم حتى عن لغتهم وثقافتهم التي كانوا يتمتعون بها حتى في وقت الاستعمار، إذ كل الزوايا والمدارس الحرة كانت تعلم باللغة العربية الفصحى في جميع أنحاء الجزائر بما في ذلك المناطق التي لا يعرفون حتى العامية العربية.
واليوم يريد أركان وزارة التربية في المرادية فرض الذل والهوان ويعطلون اللغة العربية الفصحى وطاقاتها الخلاقة، ويقتلون آمال أبناء الشعب وطموحاته، لهذا لا نثق بهذه الأركان ويظهر ذلك جليا فيما نقرأه من المقالات التي تنشرها الجرائد، ولا يريد أصحابها التعاون والتضامن مع وزارة التربية وأركانها، بل سيعمل هؤلاء الكتاب التخلص منهم كلما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
وما هذه المقالات الاحتجاجية والاستنكارية إلا مؤشرات مادية توضح طبيعة التناقض بين الشعب وأركان وزارة التربية الوطنية، وتشير إلى طبيعة الرفض القاطع لهذه السياسات التربوية الضالة المضللة التي تجتاح الجزائر في الوقت الحاضر، بيد أن هذا الرفض بين قوى الجماهير وأركان وزارة التربية، وفقدان الثقة بينهم وبين إطارات قطاع التربية نتيجة هذه السياسات المتخلفة والخطط الخاطئة والأساليب اللا وطنية التي يعتمدها مسؤولوا وزارة التربية مع أبناء الشعب، تشغل بال كل مواطن وفكره، وتجلب له الحيرة والقلق وتلزمه على التنصل من هؤلاء الجهلة والوقوف ضدهم وضد برنامجهم المتخلف الذي يقتل عند رجال التربية روح المثابرة والعمل الخلاق وتدفعهم على التذمر وعدم الرضى والعصيان كما رأينا في السنة الماضية.
ومما يزيد قلق المواطن وارتباكه علمه بالتناقضات والصراعات والانقسامات بين أركان وزارة التربية ورجال التربية وتنافسهم على فرض رأيهم.
ومثل هذه الانقسامات بين الطرفين تجعل أركان هذه الوزارة في حالة فوضى وعدم استقرار، ومن ثم غير قادرين للتفرغ لشؤون القطاع ومشكلاته الحقيقية.
صحيح أن الصراعات الأيديولوجية كانت موجودة في هذا القطاع الحساس قبل مجيء دعاة العاميات للتدريس بها، إلا أن هذا الصراع الجديد أخذ قالبا خطيرا وبات يهدد سلامة البلاد واستقرارها.
فدعاة العاميات يعتقدون بأنهم أعلى منزلة من غيرهم من رجال التربية وأفضل طرحا وأكثر أنصارا من غيرهم، ومستعدون لينكلوا بهم ويغمطوا مطلبهم المشروع والمتمثل في الإبقاء على التدريس بالفصحى ويبقوا ضد طموحاتهم وأهدافهم المتمثلة في تعميم التعريب في جميع مراحل التعليم من الروضة إلى الجامعة.
وإجراءات جائرة كهذه تؤجج روح الحماس الوطني ويدفع أنصار الفصحى إلى الدفاع عن مطلبهم والتصادم المتوقع مع دعاة العاميات في التدريس.
وهذا الصراع الأيديولوجي المتوقع لا يختلف عن الصراع الجهوي والمذهبي فتصبح بلادنا مقسمة إلى طبقات اجتماعية متناقضة كطبقة المثقفين والطبقة البورجوازية المسيطرة على المصالح والأعمال الاقتصادية والطبقة العمالية الكادحة التي لا تمتلك أي شيء سوى الجهود والطاقات البشرية لقاء أجور زهيدة.
ومثل هذا الصراع اللغوي والتناقض الثقافي سيتسبب في تصدع الوحدة الاجتماعية والنفسية والفكرية للمجتمع الجزائري الذي نريده أن يكون واحدا موحدا، الأمر الذي يثير شعور الحيرة والقلق مهما تكنْ انحداراتهم وخلفياتهم الاجتماعية.
ومما يزيد من تفاقم الأوضاع التعليمية في بلادنا تدهور المستوى التحصيلي العلمي والأدبي نتيجة سوء الإدارة البيداغوجية والإدارية واضطرابات عناصر القيادة والتوجيه البيداغوجي وتناقض أفكار سياسات المسؤولين عن القطاع مع حاجات وطموحات المعلمين والأساتذة.
إنّ ما ينبغي على أركان وزارة التربية أن تعرف بأن التكوين المستمر للمناهج، وبلغة رسمية واحدة، أصبح ضرورية وحتمية للعديد من المتغيرات التي تلاحق المجتمع مثل التطورات في الفكر التربوي والتجارب الحديثة جدا في عملية التدريس وغيرهما من جوانب التعلم، وبناء على هذا فالمعلم يجب أن يراجع كفاءته واكتساب الجديد بحيث يصبح قادرا على الدوام على تنفيذ المناهج الجديدة، مما تنعكس نتائجه في نهاية المطاف على مدى كفاءة العملية التعليمية التعلمية ونتائجها بالنسبة للفرد والمجتمع، إلى غير ذلك من المهام، وليس الرجوع إلى الوراء بمئات السنين، بفرض العاميات في التدريس.
من كل هذا نستنتج بأن وزارة التربية سائرة في طريق التخلف والانحطاط والدمار.


المدرسة الجزائرية ليست ملكية خاصة
" بشير شعلال":( مفتش سابق للتربية والتكوين)

اللغة العربية من ثوابت الشعب الجزائري ومقدساته ورُمُوزِهِ كالعَلَم الوطني والْوَحْدَة الوطنية بِنَصِّ الدستور. لا يمكنُ أيَّ واحدٍ مهما كان مركزُهُ أن يعبثَ بها. إنَّ دعوة وزيرة التربية إلى استعمال العامية في السنوات الأولى من التعليم الابتدائي قفزةٌ نحو المجهول، لا يقول بهذا عاقل، تريد بها القضاء على ما بقي في المنظومة التربوية من عناصر الحياة، ألاَ تعلمُ الوزيرة تلك القاعدة الذهبية التي تقول: (العلمُ في الصغر كالنقش في الحجر)، ذلك أن ما ينطبع في ذهن التلميذ في سنواته الأولى من الصعب أنْ يفارقَهُ طول حياته:
وينشأُ ناشئُ الفتيان فينـا ÷ على ما كانَ عَوَّدَهُ أبُوهُ

ونَعْنِي بالأب هنا المعلمَ الذي يُعَدُّ المثل الأعلى للتلميذ.
وليكنْ في علم السيدة الوزيرة بن غبريط أن المدرسة الجزائرية والتربية الوطنية ليست ملكية خاصة بالوزيرة، تتصرف فيها كما تشاء، وتقرر ما تشاء، وتنزع منها ما تشاء، إنها ملك كل الجزائريين والجزائريات، أسندت إليها هذه الأمانة والمسؤولية لتحقق فيها إرادة الشعب من خلال مؤسساته، تكونُ الكلمة الفصل لمؤسسات الدولة، والخبراء والمختصين. ولا يكون الأمر نتيجةَ هَوًى أوْ مِزَاجٍ شخصي. ما كان لابن غبريط أن تُحييَ فكرة التدريس بالعامية، إنها وُلِدَتْ ميتةً لدى أصحابها من غُلاةُ الاستعمار والمستشرقين الحاقدين الْمَوْتُورِينَ وأتباعهم من دعاة التغريب والتخريب. إنها مؤامرة حِيكَتْ خيوطها من وراء البحر، أهدافُها قَطْعُ الطريق في وجه هذه الأمة وقطعها عن جذورها وطُمُوحِها إلى مستقبل أفضل، فشلت قوى الاستدمار رغم كل الوسائل والدسائس، كما أن منطلق هذه الدعوة الْهدَّامَة إيديولوجي سياسي، لا علاقة لها بالتربية والتعليم والتبسيط والتيسير، ولُغَةِ الأمِّ كما يزعمون، لأن أطفالَنَا يتابعون ما يقدمه التلفاز من برامج ورسوم متحركة باللغة الفصيحة، ويستوعبونها ويتجاوبون معها. وها نحن نسمع في جزائر الشهداء وزيرة التربية تفكر في إدخال العامية إلى المنظومة التربوية لِتضيفَ محنةً أخرى إلى هذه المنظومة المظلومة التي تنتظر مَنْ يخرجها من هذا المأزق أو على الأقل يوقف انهيارها وضعفها، لكن ابن غبريط (خطبتْ فكانتْ خَطْبًا لا خطيبًا أُضيفَ إلى مصائبِنا الْعِظام)
لها عقدة مع اللغة العربية، ومَنْ جَهِلَ شيئا عادَاهُ. ولا شك في أنها بعدَ أشهر أو سنة... تغادر الوزارة وتذهبُ لتستريح، وتتركَ لنا كارثةً عواقبُها وخيمة، يكون حصادها مُرًّا على الأمة كلها، لأنَّ مَنْ زرع الشوك يجني الجراح.
العامية التي تريدها بن غبريط أختُ الْعَمَى (أقصد عَمَى الْبَصيرة) وستنتجُ لنا أعْمَى يقودُهُ الضرير.
لقد كشفت هذه الوزيرة أوراقها، تريدها مدرسة عامية في مستوى العامة، في أقصى دركات الرداءة، تتأخر ولا تتقدم، تنتج لنا أجيالا ممسوخة بلا مرجعية، لا هم جزائريون ولا هم جنس آخر، أجيالا متخلفة، بعيدة عن أصولها تتلاعب بها رياح الجهل والتغريب، لو كانت هذه الوزيرة في بلد آخر لقدمت للمحاكمة.
كانت سياسة التعليم في عهد الاستدمار - كما وصفها الأديب الشهيد أحمد رضا حوحو- (قائمة على فلسفة عميقة جِدًّا وهيَ تَعلَّمْ لِتَجْهَلَ). وها هي ابن غبريط تريدُ أن تعيد التعليم إلى عهد الاستعمار أوْ أشد، أليست فكرتُه التي تبناها فيما سماه المدرسة الفرنكو إسلامي. (انظر تصريح المجاهد عمار بن عودة عضو لجنة 22 التي فجرت الثورة، الشروق اليومي بتاريخ (10/8/2015).
طردنا الاستعمار من الباب وبن غبريط وأمثالها يريدون إعادته من النافذة، بعد أن فشل عن طريق إثارة الفتن والقلاقل. والهدف واضح هو تفكيك الوحدة الوطنية وفق سياسة (فرق تسد).
مؤامرة بن غبريط خيانة لمبادئ أول نوفمبر الذي أسس لدولة جزائرية موحدة (تصريح المجاهد عمار بن عودة).
وهذهِ الْهَرْطَقَة (الْبِدْعَة) تُعَدُّ نوعًا من العنف اللفظي الخطير في رأي علم النفس، لأنها تَسْتَفِزُّ مشاعر ملايين الجزائريين والجزائريات.
أما الفئة القليلة التي تتظاهر بتأييدها، فَهُمْ إمَّا من أصحاب المصالح الشخصية الضيقة باعوا ضمائرهم، وإمَّا مُغَفَّلون أو مُعَقَّدون مثلها ضد اللغة العربية (فَمَنْ جهلَ شيئًا عادَاهُ).
خُذُوا العبرة من فرنسا التي تَتَمَلَّقُونَ لها وتعتبرونها المثل الأعلى لكم. فكم فيها من أصول وأجناس ولهجات، هل تجدون فيها من يدعو إلى استعمال لغة الأم؟ هذه المغالطة الكبرى التي تنسبونها إلى الأمم المتحدة؟ متى كانت الأمم المتحدة مرجعيةً لنا في التربية؟ هل عدتُمْ إلى العالم تسشومكي الأمريكي من أكبر خبراء علم اللسانيات ورأيِهِ في موضوع تدريس اللغات؟ وهل سمعتم بالأستاذ الجزائري الدكتور عبد الرحمن الحاج صالح التلمساني عالم اللسانيات الكبير؟ وما هو عَنَّا ببعيد، والذي يعد مرجعًا في الموضوع، يتقن عدة لغات، ويعرف لهجات بعض الشعوب حتى الشعوب الإفريقية.
ويبدو أن الوزيرة لا تميزُ الْجُرأَة من الْوَقَاحَة التي تميزُها عَمَّنْ سبقها من الوزراء الذين تنتقدهم، فالاعتداء على اللغة العربية، والعمل على إبعادها من مختلف المؤسسات التربوية حتى من خارج قطاع التربية ليسا جرأةً، بل هو مخطط لضرب الشعب الجزائري في أهَمِّ مُكَونَاتِهِ. فالعامية هي لغةُ مَنْ لُغَةَ لَهُ، ونحن لدينا لغة القرآن والعلم، فَمَنْ خانَ لغة القرآن فقد خانَ أمانة الشهداء وخان الله ورسوله، وخان الشعب الجزائري، وضربَ الوحدة الوطنية في عُمْقِها؛ ذلك أن اللغة العربية عنوان الوَحدة الوطنية وصمامُ أمانٍ لهذه الوحدة من التَّاءِ إلى التَّاءِ: من تبسة إلى تلمسان، ومن تيزي وزو إلى تمنراست، وبغير اللغة العربية تصبح الوحدة وَخْذَة.
ولْيَعْلَمْ دعاة التغريب والتخريب أن اللغة العربية ليست ملكَ الإسلاميين كما يزعمُ الْفَرَنْكُوفِيلِيُّون، هي ملك الشعب الجزائري كله. وأنا لا أناقش القضية من منطلق حزبي لأني لستُ متحزبا،بل هي لغة العقل والمنطق ومصلحة البلاد.
ثُمَّ بأيِّ عاميةٍ يكون التدريس؟ مع وجود لهجة عامية خاصة بكل منطقة، إن هذه المؤامرة تهدف إلى تحويل التربية عندنا إلى تَغْبِيَة.
وفي لَهجاتِ بعض مناطق الجزائر، كلماتٌ تعتبر قبيحةً تخدش الحياء في منطقة أخرى.
ولْتَحْذَرِ الوزيرة من اللعب بالنار، وفتحِ المجال لمعركة وهمية تستنفدُ مِنَّا الطاقات والإمكانات في أمور تافهة ثَبَتَ فشلُها في الأساس: ما بُنِيَ على باطل فهو باطل. بلادنا أمام تحديات كبرى. والتربية والتعليم عندنا بحاجة إلى البحث عن أساليب وطرائق ناجعة نافعة لتحسين العملية التّعلِيمية التَّعَلُّمِية، بحاجة إلى إصلاحات جادة يصنعها الخبراء والمختصون، واضعين نصب أعيننا المصالح العليا للوطن، بعيدا عن الإيديولوجيا الْمَقيتَة والمصالح الضيقة والأمزجة الشخصية.
فالمناهج التربوية عندنا بحاجة إلى خطة إصلاح وتحسين وفق مرجعية وطنية تستجيب لِتَحَدِّيَاتِ العصر ومتطلبات الواقع الجزائري، تنتج لنا متعلمًا يكون فاعلا متفاعلا مع الواقع والعصر والعالم، وليس مفعولا به، تكون الكلمة في ذلك لأهل العلم والاختصاص والخبرة، بعيدا عن الجدال العقيم والكلام الإنشائي.
حفظَ الله جزائرَنا من شَرِّ الْفِتَن ما ظهرَ منها وما بَطَن.


المنظومة التّربوية والمكر المتدرّج!!؟
سلطان بركاني



لا حديث هذه الأيام في وسائل الإعلام وفي الأوساط العامّة والخاصّة، إلا عن الدّخول المدرسيّ، وعن واقع المنظومة التربوية التي أريد لها -عن سبق إصرار وترصّد- أن تصبح حقلا لتجارب أصحاب الولاءات والمشاريع المشبوهة، الذين استغلّوا انشغال الأساتذة والمعلّمين بحظوظهم المادية، وانشغال الأولياء والتلاميذ والطّلبة بمشاكل التعليم العَرضيّة، ليُجلبوا بخيلهم ورجلهم على عناصر الهوية في المنظومة التربوية.
لقد استطاعت الجهات العلمانية المتنفذة وعلى مدار عقود متوالية من المكر المتدرّج، فرض توجهاتها، وأمكنها تحقيقُ مآربها في علمنة التّعليم وفصله عن الدّين، ولم يعد للدّين من حظ في التعليم سوى مادة مهمّشة لا تؤصّل عقيدة ولا تعلّم شريعة، ولا تصنع ولاءً ولا انتماءً، ومع ذلك فالعمل جارٍ لإلغائها، أو استبدالها بموادّ تؤصّل لهويات جديدة لا مكان بينها للدّين الإسلامي واللغة العربية، ولعلّنا لا نكون مبالغين إن قلنا إنّ الجهات المشبوهة استطاعت إلهاء المنافحين عن الثّوابت، بالدفاع عن اللغة العربية، بينما هي ترّكز مكرها على التربية الإسلامية، وعلى قطع ما بقي من خيوط رفيعة تربط التّعليم بالدّين.
لقد أصبح لزاما علينا أن نعترف بأنّ الأقلية المستغربة في هذا البلد، نجحت في الوصول إلى كثير من مآربها، وتمكّنت من إخراج جيل لا مكان للدّين ولا للّغة في حياته ولا في مساحة اهتماماته؛ ولا حظّ لواقع الأمة ومستقبلها من همومه وآماله؛ جيل أصبح الحديث عن الدّين والقيم والمبادئ حديثا لا يعنيه ولا يسترعي انتباهه، والكلام عن مآسي الأمّة ونكباتها لا يحرّك شيئا من مشاعره، لا يحبّ سماع كلمة "حرام" أو "عيب"، وينفر من كلّ حديث عن "الفرض" و"الواجب".
ألقي الحبل على الغارب في المدارس والمؤسّسات التعليمية، وغُضّ الطّرفُ عن الانحدار الأخلاقيّ الحاصل بين أسوارها، حتى أصبحت المخدرات تروّج بين بعض المتمدرسين والمتمدرسات في الإكماليات والثانويات، وتحوّلت الساحات الخلفية لبعض الثانويات، ناهيك عن الجامعات إلى نوادٍ للقاءات والخلوات، وغدت الطرق والشّوارع المؤدية إلى الإكماليات والثانويات والجامعات ملاذا للطائشين المتشبّبين بأعراض الغاديات والرائحات اللاتي لا يهمّ كثيرا منهنّ ما يحملنه في محافظهنّ، بقدر ما يهمهنّ ما يناسب القدّ من ألوان الملابس وأشكالها.
إنّ هذه الظّواهر والمظاهر، وهذا الحال الذي آلت إليه المؤسّسات التعليميّة، تتحمّل مسؤوليته الجهات الوصية، ويتحمّل مسؤوليته أيضا الآباء والمعلمون والأساتذة؛ الآباء والأمهات مسؤولون بين يدي الله عن هذه المظاهر، مسؤولون عن أبنائهم وبناتهم، فليس اقتناء المآزر والأدوات المدرسية هو نهاية المطاف، وإنّما لا بدّ من متابعة ومراقبة ونصح متواصل، وزجر وتأنيب كلّما بدر خطأ مهما كان بسيطا.. كثير من الآباء -هدانا الله وإياهم- لا يعلم الواحد منهم عن حال بناته وأبنائه المتمدرسين شيئا، لا يعلم إن كان أبناؤه يقضون ساعات اليوم في المدارس أم في الخلوات، لا يهمّه ولا يضرّه أن تتعرّض بناته في طريق المدرسة للمضايقات والتحرّشات، لا يسأل أبناءَه عن دراستهم، ولا يسأل بناته عن مشاكلهنّ في المدرسة وفي طريقها، المهمّ عنده أن يشتري الكرّاس والقلم، وألا يثقل أبناؤه كاهلَه بكثرة الطلبات.
المعلمون والأساتذة أيضا مسؤولون بين يدي الله عن هذه المظاهر والظّواهر التي شوّهت صورة التّعليم، فهم أصحاب رسالة ومربّون قبل أن يكونوا أستاذة ومعلّمين، بل إنّ رسالتهم أهمّ وأخطر من رسالة الأئمّة والدّعاة؛ لأنهم القدوة الأولى لأجيال المستقبل، فإذا كان المعلّم يدخن فإنّ تلاميذه سيتعاطون المخدرات، وإذا كان لا يحترم الوقت ولا يتقي الله فيما يتقاضاه من راتب، فلا ينبغي أن ينتظر من تلاميذه إلا العقوق والكلام الفاحش والبذيء، وإذا كان لا يكلف نفسه عناء البحث والاجتهاد لتطوير قدراته في الإلقاء وإدارة الدروس ليحبب الحصص إلى تلاميذه ويجعلها متعة بدل أن تكون سجنا موحشا، ولا يهمه أن يثمّن معلوماته ويبحث عن الجديد كلّ عام، فإنّه سيكون حملا ثقيلا على طلبته وتلاميذه.
إنّ من واجب الأولياء والمعلّمين والأساتذة الفضلاء أن يربّوا التّلاميذ والطّلبة على أنّ الشهادة ليست هي الهدف عند من يحمل عقيدة بين جنبيه، الهدف ليس أن نُخرّج أطباء ومهندسين بغضّ النظر عن الهمّ الذي يحملونه، الهدف من التعليم هو أن نربي جيلاً يفخر بدينه، وينافح ويدافع عنه، وينشره في العالمين، إن كان طبيباً في عيادته، أو مهندساً في مصنعه، أو معلما في مدرسته، لا أن نربي جيلاً مهزوز العقيدة، لا يحمل قيَما ولا هدفا، المال دينه والدنيا غاية همّه.
إنّ الإسلام في أمسّ الحاجة إلى الطبيب المسلم العفيف الذي يكون أميناً على أرواح الناس وأعراضهم، وإلى الأستاذ الذي يحمل رسالة وهدفا بين جنبيه، وإلى الموظّف الأمين الذي يجتهد ويفرح بقضاء حوائج إخوانه المسلمين، وإلى التاجر الأمين الذي يثق الناس به وببضاعته، تماما كما هو في حاجة إلى العالم بالشرع البصير بدين الناس ودنياهم.. وهؤلاء جميعا يتمّ إعدادهم في المدرسة.

فتنة العامية وشعلة الغضب النبيل
حمزة يدوغي



لاشك أن كل جزائري أصيل قد ابتهج وهو يتابع بكل اعتزاز تأجج تلك الشعلة من الغضب النبيل، التي نفخ فيها كل أولئك الذين هبوا للدفاع عن ثوابتنا والرد علىدعاة اعتماد العامية في التدريس، وتفنيد حججهم وفضح فكرهم الشاذ والتبصير بمخاطره..
المضحك المبكي، أوقل الأدهى والأمر أن يكون هؤلاء ممن استؤمنوا علىتكوين الجيل الناشئ، وإعداده ليعيش بمنطق الألفية الثالثة التي تهدد فيها العولمة بتذويب الخصوصيات الدينية والثقافية والحضارية، فلم تتفتق عبقرية هؤلاء علىوسيلة يحصنون بها هذا الجيل من هذه التحديات سوى مسخ فكره وتسميم وجدانه باقتراح تدريسه بالعامية.
إنني لا أكتب هذه الأسطر لآتي في الرد علىهؤلاء بما لم يأت به من "خاضوا" هذه المعركة علىاختلاف تخصصاتهم العلمية، فقد كتبت في هذا الركن أقول إن اقتراح هؤلاء هو رغبة في تعميم المسخ الذاتي الذي يمارسونه علىأنفسهم، وإنما أردت من خلالها أن أعرض بعض الملاحظات التي أرى أنها جديرة بالتأمل، منها أننا أصبحنا اليوم نألف مثل هذه"الخرجات" بفعل تواليها وتكرارها، ومن الألفة ما قتل .. لأن الألفة تهوّن من الخطر ومن ضرورة مواجهته بما يستوجبه من جد وحزم.
فعلا! إن مثل هذه"المبادرات" الشاذة الغريبة لم تخل منها فترة من فترات حياتنا ولم يسلم منها مجال له علاقة وثيقة بعناصر هويتنا الوطنية ومقومات شخصيتنا الحضارية.
يحدث هذا بعد ثلثي قرن من الزمن يفترض أن تكون مرجعيتنا - بعد هذه العقود- قد ازدادت رسوخا وتجذرا يؤمن بها كل جزائري، يلهج بها لسانه وينبض بها وجدانه.
إن هؤلاء"الشواذ" وأمثالهم ممن يقفون إلى جانبهم أو من ورائهم لن يفلحوا أبدا في محاولاتهم للنيل من ثوابتنا مهما تتعدد أساليبهم وتتنوع حيلهم وحججهم، لكن السؤال الذي يظل قائما وملحا، بعد انهزامهم في كل "معركة" وانسحابهم وخفوت صوتهم إلىحين هو: إن هؤلاء جزائريون تخرجوا من جامعات ومعاهد جزائرية بشهادات عالية في شتى العلوم والمعارف، فما الذي يفسر فكرهم الشاذ المنحرف وجراءتهم مع ذلك على عرضه والدفاع عنه بثقة عجيبة، وخروجهم علىإجماع أمتهم واستهانتهم بثوابتها؟!
ما الذي نستخلصه من مثل هذه"الظواهر"؟! وماذا ينبغي فعله لعلاجها، لا بمجرد"مواجهتها" وإنما بالقضاء على أسبابها أصلا واجتثاث بواعثها من الأساس حتىلا تتكرر؟!
إن الدفاع عن ثوابتنا حق وواجب، ولكن ما الذي ينبغي فعله - بموازاة ذلك - لتحصين جيلنا الناشئ من مثل هذا "التفكير الشاذ المنحرف" فلا يضطر جزائريون في المستقبل إلىتبديد طاقتهم في"مجادلة" جزائريين آخرين حول مسلمات وبديهيات، لأنه لن يكون هناك جزائريون "تغريبيون علمانيون فرانكوفيليون مستلبون" وإنما جزائريون وكفى.. جزائريون قوّتهم في تماسكهم وتشبثهم بثوابتهم"الإسلام والعربية والأمازيغية" وتفتحهم بعد ذلك من دون عقدة علىلغات العالم وعلومه.
إن معظم هذه الظواهر الشاذة التي يفرزها التفكير المنحرف لبعض الجزائريين، التي نواجهها اليوم، مما له علاقة بعناصر هويتنا يعود إلى سبب واحد تمتد جذوره إلى السنوات الأولى للاستقلال التي شهدت "تمييع" المبادئ التي صاغ منها نوفمبر مشروع المجتمع الجزائري و "تفريغها" من محتواها، وقد تجلى ذلك كله في التناقض القائم بين ما نسطره في دساتيرنا وما نرفعه من شعارات وبين ما نعيشه ونطبقه في الواقع.
إن الهزة العنيفة التي عرفتها منظومة قيمنا الدينية والوطنية بسبب هذا التناقض امتدت شقوقها وتصدعاتها عبر السنين، وكانت لها "هزات ارتدادية" هي التي نشهد بعض انعكاساتها اليوم. والنتيجة الحتمية لذلك كله هو انفتاح المجال أمام ما يسمى"تعدد مصادر التلقي" في مجال المبادئ والقيم، أي تعدد المرجعيات، وهذا أخطر ما يمكن أن يصيب مجتمع هو في أمس الحاجة إلىطاقات جميع أبنائه من أجل النهوض وتحقيق الذات.
فإذا كان قدرنا نحن اليوم أن نواجه هذا الإرث المضطرب وهذا الوضع المهزوز فإن من حق الجيل الناشئ علينا ومن واجبنا نحوه أن نحصنه من ذلك كله ولا يكون ذلك إلا بإحكام صلته بمرجعيته الدينية والثقافية والحضارية، أي بتوحيد "مصدر التلقي" في مجال المبادئ والقيم الخالدة خلود العقيدة التي أثمرتها، وبتعبير آخر نقول إن ذلك يكون بتحقيق ما يعرف اليوم "بالأمن الفكري" الذي يستند إلىهذه المرجعية الواحدة الموحدة التي تتفرع عنها "منظومة قيم" يؤمن بها جميع الجزائريين ويقدسونها، فيعيشون حينئذ ـ بشكل صحي ـ بتعدد النسيج الثقافي والاجتماعي واللغوي كعنصر ثراء وغنى لا كعامل تشتت وفرقة لأنه يكون في إطار هذه الوحدة المقدسة الجامعة. وهذا ما يجعل تحقيق هذا الأمن الفكري مسؤولية جميع مؤسسات المجتمع التي ينبغي أن تجسد هذه المرجعية لكي يحس كل جزائري بأن منظومة قيمه الفكرية والقانونية والأخلاقية التي تنظم علاقاته بمجتمعه ودولته منظومة متماسكة غير مهزوزة ومضطربة كما يشهده واقعنا البائس اليوم.


أمازيغي مسلم 10-09-2015 11:44 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
اللغة العربية في المغرب الكبير
الدكتور:" مصطفى شميعة":( رئيس جمعية لسان العرب:المغرب)
حاورته:"عائشة قحام":( جريدة الأحرار الجزائرية/ أوت 2015)

يرى الدكتور:" مصطفى شميعة":( رئيس جمعية لسان العرب وعضو المكتب الوطني للجمعية المغربية لحماية اللغة العربية بفاس): أن اللغة العربية لم تسلم أبدا من هجوم العديد من الخصوم الظاهرين والمتوارين عن الأنظار من أجل أن تنمحي من الوجود ومن اجل أن تُعوّض باللغة العامية أو اللغة الفرنسية الأجنبية، وصرح الأكاديمي شميعة في حوار جمعه بـ » صوت الأحرار:" أن الذات العربية تعاني العديد من الإيديولوجيات على غرار الحروب الحضارية والثقافية"، وقال:" إن مختلف اللهجات تُشَتِّت بين أبناء الوطن الواحد بدلا من أن توحد بينهم".

عرف وضع اللغة العربية بالمغرب تلملما ملحوظا في الآونة الأخيرة، لماذا؟ من وراء ذلك؟.
أعتقد أن الوضع اللغوي بالمغرب عرف تطورا ملحوظا على مستوى الإقرار الدستوري والقانوني لوضع اللغتين العربية والأمازيغية ، وهذا طبعا يأتي في سياق الاستجابة لمطالب التغيير بكل تلويناتها السياسية والاجتماعية والثقافية وحتى الاستجابة أيضا لمنطق حركية التاريخ وتطوره، فقد كان لزاما أن يستجيب المغرب لمتغيّرات اللحظة وأن يكون في مستوى الأحداث التي عرفها الوطن العربي تحت يافطة ما سمي حينها بالربيع العربي الذي كما ترين أصبح صيفا ساخنا تلاه خريف اصفر اللون. لقد أدرك المغرب أن مطالب الشعوب يجب أن تتحقق لهذا بادر إلى إحداث تغيرات وعلى رأسها حماية الوضع اللغوي بالبلاد اللغتان العربية والأمازيغية، بدسترتهما دسترة فعلية، لكن الملاحظ أن اللغة العربية لم تسلم أبدا من هجوم العديد من الخصوم الظاهرين والمتوارين عن الأنظار يكيدون لها كيدا من أجل أن تنمحي من الوجود ومن اجل أن تُعوّض باللغة العامية أو اللغة الفرنسية الأجنبية وهي في الحقيقة مجرد أحلام يقظة تعشعش قي متخيل بعض المتنكرين للغة الأم التي علّمتهم أبجديات الحياة وأمدّتهم بالتصورات والأفكار التي بها فهموا الحضارات الإنسانية لكنهم للأسف لم يستوعبوا أسرارها بنيتها وتراكيبها وأسرار صمودها مع التاريخ وراحوا يكنون لها العداء بالمطالبة بتنحيتها من الوجود التداولي للمجتمع المغربي، لكني أقول لك صراحة أن هذه الدعاوى وبقدر ما تثير الضحك لدى الغيورين بقدر ما تثير أيضا اشمئزازهم بحكم أن محاولة محو اللغة العربية هو وبكل بساطة محاولة لمحو وجودنا من العالم وهذا مستحيل.

هناك من يشكك في وجود اللغة العربية كمقوم من مقومات الهوية المغربية العريقة، لماذا؟:
نعم هناك من أصبح يشك في أن تكون اللغة العربية هي مكون من مكونات الهوية المغربية وهذا كما قلت لك يثير فينا مشاعر السخرية لان هذا الكلام سمج وسخيف لأنه ضد المنطق والتاريخ والجغرافيا وكل العلوم الاستدلالية والتاريخية التي تدل على أن اللغة العربية هي جزء لا يتجزأ من البلاد المغربية سواء تعلق الأمر بسؤال التاريخ أو بسؤال الأنتربولوجيا أو حتى الأركيولوجيا . فكل الدلائل العلمية تدل على ما نقوله ولسنا في حاجة إلى أن نثبت هذا لهذه الشرذمة القليلة التي تنعق هنا وهناك والتي تريد أن تقسّم المغرب أعراق وأجناس وإلى عربي وأمازيغي فالتقسيم كما تعلمين هو بوابة ضعف مناعة البلدان. وهو مصدر فتنته واقتتال أبنائه وضياع هويته بين هذه الفوضى التي يمكن أن تترتب عنها إقصاء الهويات وجهود بناء الذات، وكافة مكونات ومسببات التقدّم والتحضر، ولنا خير دليل على ذلك فيما يسمى بالربيع العربي حيث الاقتتال اليومي بين المكونات الهوياتية والطائفية كل هذا والقوى الاستعمارية تتفرج وترى حصول الدمار على أيدي أبناء البلد.

كيف ترون اللغة العربية وسؤال الهوية بالمغرب؟.
اللغة العربية جزء من هوية المغرب المتسمة بالتعدد والاختلاف العرقي والألسني والمغرب يرى أن مصدر قوته كامن في تعدده اللسني لهذا جنحت الدولة المغربية إلى الاعتراف بالكل بعيد عن لغة الإقصاء الذي تنهجه الأنظمة الشمولية التي تريد أن تفرض الرأي الواحد بقوة الحديد والنار وهذا استيعاب جدير بالتنويه مادام يؤشر على بداية الاحتواء العقلاني لكل النزعات الإقصائية، لكن للأسف أنت تلاحظين أن هذه النزعات تريد أن تسود وحيدة وبدون حضور المكونات الأخرى وهذا في اعتقادي لب المشكل فالمشكلة ليست في اللغة العربية أبدا لأن اللغة العربية موجودة من قرون عديدة خلت بل إن العربية ساعدت في البناء الحضاري ليس بالمغرب فقط بل ببلدان المغرب العربي، والآن كما ترون تحضر اللغة العربية في معظم التداوليات الاجتماعية ولا داعي للتنكر لهذه الحقيقة المطلقة. أو ركوب موضة الطعن في الهوية لأن الموضة كما تعلمين هي حالة عابرة في الزمان والمكان بينما اللغة العربية والأمازيغية باقية غي جلودنا تشهدا على لوننا الحضاري المتسم بالتعدد والتنوع وهذا شيء ينبغي لدعاة التقسيم والمحو أن يستوعبوه بلغة الجوار العلمي لا بلغة الإقصاء الممنهج.

في كتابكم:" الإدارة التربوية المغربية وحكامة التدبير": قدمتم اقتراحات عملية لتثبيت حكامة جيدة بالمدرسة المغربية، كيف ذلك ؟.
الكل يعلم أن السر وراء أزمتنا الاجتماعية والاقتصادية والثقافية كامن في المشكل التعليمي التربوي ولعل التعليم هو البوابة الأولى التي نلج منها لمحو الأمية والعار اللذين تلاحقنا نحن بعالمنا العربي وبات من الضروري التفكير في تطوير منظومتنا التعليمية حتى ندشن لوجود متقدم
من هذه الرؤية وجدت أن الحديث عن أي إصلاح بالمغرب ينبغي ان يستحضر الهاجس التربوي التعليمي وفي هذا السياق يأتي هذا الكتاب وهو كتاب كما يبين عنوانه في الإدارة التربوية و حكامة التدبير فقد لاحظت كمهتم بالجانب التربوي ببلادنا أن الإصلاح التربوي غالبا ما يتجه اتجاها أحاديا ينصب صوب الأستاذ أو صوب المناهج والمقررات وكان الأمر يتمحور فقط في العلاقة الثنائية أستاذ طالب ويتناسى أصحاب القرار وواضعو السياسات التربوية أن الإصلاح ينبغي أن يلج أيضا من بوابة الإدارة التربوية لأنها البوابة الكبيرة التي ينبغي أن يلج منها كل مشتغل على الهم الإصلاحي التربوي إن الإدارة التربوية هي ركيزة الإصلاح كذلك فلا ينبغي أن يهملها المتتبعون والمهتمون.

حدثنا عن إصداراتك التي تثري الساحة الأدبية ؟.
عندي مجموعة من الكتب والمباحث منها كتاب:" القراءة التأويلية للنص الشعري القديم بين أفق التعارض وأفق الاندماج": صادر عن دار عالم الكتب الحديث بالأردن، وكتاب:" خطاب التواصل عند الجاحظ"، وكتاب :" اللغة العربية وسؤال الهوية"، وأشرفت على كتاب:" دروب التأويل/ بحث في مسالك التأويل في الثقافة العربية الإسلامية"، وكتاب:" دراسات في فلسفة اللغة والأدب/ الوحدة وسياقات التعدد" ، عن دار نيبور بالعراق، أما في المجال التربوي فقد كتبت كتابا حول:" الإدارة التربوية و حكامة التدبير"، وكتاب تحت الطبع تحت عنوان:" تدبير وضعيات العنف المدرسي"، بالإضافة إلى مجموعة من المقالات والأعمال التي شاركت بها هنا وهناك.

سبق وقلتم أن التربية والسياسة التعليمية المتبعة في أي بلد كان هما الركيزتان التي تنهض عليهما أي فلسفة تقوم بناء وتعزيز الحضور الهوياتي عند الأفراد، كيف ذلك؟.
بالنظر إلى تجارب الأمم التي عرفت بدورها استفحال أزمتها التعليمية الخانقة وبالنظر إلى ميكانزمات الإصلاح التي وظفتها في سبيل انقاد وضعها المأزوم، فإننا نجد أن لا دولة من الدول التي شمرت على سواعدها لتدشين عملية الإصلاح الشامل والجذري لوضعها التعليمي والتربوي لم تستغن في يوم من الأيام أو لحظة من اللحظات عن لغتها الوطنية عربون وجودها الذاتي والمعنوي، ولم تضمّن إطلاقا في أي بند من بنود إصلاحها ما يشير إلى الاستغناء عن لغتها أو إضعافها بالدعوة إلى إحلال لغة أخرى مكانتها أو نزع قداستها و إلباسها قيمة غير قيمتها التاريخية والحضارية. هذا شيء مؤكد وهو بالضبط ما تحتاجه المنظومة التربوية في العالم العربي نحن نحتاج إلى البناء العلمي لهوياتنا بعيدا عن مظاهر التشنج والانجراف نحو الإقصاء المتعمّد لذواتنا لهذا كانت السياسة التعليمية المرسومة وما تزال هي اللبنة الأولى للبناء الهوياتي لكل البلدان.

هناك من يرى أن اللغة العربية أصبحت تعيش بؤسها الذاتي وأن الدارجة هي البديل الحتمي عن حضورها التواصلي، ما رأيكم؟.
نعم هناك من يرى ذلك وهؤلاء أشباه مثقفين لا يعوّل عليهم لأنهم لا يدركون كما قلت الأسرار العلمية التي تحملها اللغة العربية في تراكيبها. توظيف الدارجة في التداول التربوي هذا كلام ساذج لا يمكن أن يرتقي إلى مستوى العلمية وبالتالي وجب النظر في هذه المسألة في عمقها وأبعادها . ليسمح لي القارئ الكريم لأنطلق من السياق الإيديولوجي الذي يحكم هذه الآراء التي باتت اليوم تنخر الذات العربية في بعدها الحضاري والثقافي، وتهدد وجودها الكينوني ذاته، نقول هذا ونحن ندرك بعمق خطورة الدعوة على تدريج الحياة اللغوية وظيفيا، أي على المستوى التخاطب الاجتماعي و الثقافي والسياسي والديني، وكذلك الإعلام بكل أنواعه، وأشكاله التواصلية. فترسيم الدارجة من خلال التوجه في الإعلام إلى عموم المتلقين بالعامية في نشرات الأخبار وفي كتابة المقالات على الصحف، وفي التواصل الإشهاري والبرامج الاجتماعية، أصبح الآن أمرا ملحوظا، كما أن تقديم البلاغات والخطب والمداولات السياسية بما فيها خطب الأحزاب والبرلمان بالغة الدارجة، أضحى من الأمور الشبه معتادة، حتى إن اللغة العربية باتت اليوم يتيمة بين أهلها.
وإن هذا لعمري لقمة الهجوم الشنيع على اللغة العربية. نقول هذا الاستنتاج عن وعي بخطورة التدريج في الحقل التداولي التربوي العربي، وهذه الخطورة ندركها في خلفية وأبعاد هذه الدعاوى القائمة على إستراتيجية بعيدة و شمولية، قوامُها محو اللغة العربية من الحضور اليومي في حياة الإنسان العربي، في أفق محوها من وجوده الإنساني، وذلك انسجاما مع مخططات ونيات استعمارية، قديمة وجديدة. لكن هل تستطيع هذه الإستراتيجية بلوغ غايتها؟ هل يستطيع التدريج الحلول محل اللغة العربية؟ وهل هذه الدعاوى قائمة على مشروعية علمية رصينة؟

هناك مشكل التواصل في الكثير من الهيئات على غرار الإعلام بالعامية في نشرات الأخبار وفي كتابة المقالات على الصحف، وفي التواصل الإشهاري والبرامج الاجتماعية، ما مستقبل ذلك ؟.
إن هذا السؤال مهم لأنه يجد ما يبرره في مختلف التمظهرات الاجتماعية، فالدارجة أصبحت اليوم تحتل جميع قنوات الاتصال والإعلام، وأصبحت أيضا تحاط بهالة من التبجيل من لدن مروجيها تسويغاً لوجودها الخطير بيننا. نحن ندرك جيداً خطورة هذا التسويغ ليس على مستوى أبعاده الإجرائية، بل أيضا على مستوى الترويج له من قبل زمرة من المستلبين ثقافياُ وهي الفئة المنتسبة جوراً إلى المشترك الثقافي والتاريخي ، أي إلى الإطار الواحد. إن هذه الفئة المغرضة تعيش وهماً إيديولوجياً استعمارياً، ظاهره تبسيط التواصل وتسهيل أداته الأولى »اللغة«، وهذا ما قد يفهمه المواطن العادي الذي لا يتعدى بإدراكه حدود الظاهر من الأشياء، وباطنه إضعاف اللغة الفصحى وتحييدها عن الوجدان الجماعي العربي، ففي نظرهم فإن تجريد الإنسان العربي من لغته، هو هدف يمكن من تجريده من حسه الديني باعتبار اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وهي أيضا اللغة التي بنى بها العربي حضارة ظلت سامقة عبر العصور، بل ومنها اغترف الإنسان الأوروبي نفسه، وشيد الكثير من أطارحه العلمية والفلسفية. إن الخطورة تكمن هنا في الأبعاد الإيديولوجية وفي الحروب الحضارية والثقافية التي تتعرض لها الذات العربية، منذ مشاريع الإصلاح الأولى التي دعت إلى التشبث بالمقوم اللغوي، وأشعلت بذلك الرغبة في النهوض العربي.

هل بالفعل اللغة العربية باتت اليوم يتيمة بين أهلها؟.
نقول بدءً إن الإنسان العربي هو كذلك عربي بلغته. هو كذلك عربي
بفصاحته وبيانه وسحر تعابيره، إن هذه الخصائص الذاتية الموروثة في اللغة العربية، والمتأصلة في معناها ومبناها، هي سر فاعليتها التعبيرية، وضامنة استمراريتها في التاريخ، إنها عنوان على وجود حضاري مشرف. لكن من أين للغة الدارجة شرف هذا الحضور النوعي المتميز؟ إذن فاللغة العربية لم تكن في يوم من الأيام يتيمة بين أهلها ولن تكون كذلك مادام يوجد حماة لها في كل البقاع العربية.

منقول بواسطة الأخ الفاضل:" بلحاج بن الشريف".



أمازيغي مسلم 10-09-2015 11:47 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
بين الهوّة والهوية وبين اللغو واللغة
البروفيسور:" ضو جمال":( أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة الوادي)

في ندوة "الشروق" التي عُقدت مؤخرا حول:" واقع اللغة العربية في المنظومة التربوية": تدخل أحد الحضور، وهو رئيس أحد فروع جمعيات أولياء التلاميذ من مدينة خنشلة، مبديا رأيه في أزمة اللغات والتعليم في الجزائر. في الحقيقة لم أفهم كثيرا مما قال، ولكن خاتمة كلامه كانت جملة واضحة، حيث قال "إن أزمتنا وأزمة التعليم والجزائر أزمة هوية". مقولة "أزمة الهوية" ليست وليدة اليوم ولكنها أصبحت تطرح بحدة في خضم ما تشهده الساحة من تناكف حول قضايا اللغة والبُعد الحضاري للجزائر.
لست هنا للتأصيل لمسألة الهوية، ولا أزعم أنني أستطيع ذلك، ولكن السؤال الذي أود طرحه: ما الذي يقصده هذا الطرف أو ذاك عندما يلخّص أزمة الجزائر في الهوية؟ فإذا كان معنى الهوية للفرد واضحا وسهل التعريف، فإنني أجد صعوبة بالغة في تعريف واضح لمفهوم الهوية لبلدٍ ما في عصرنا الحالي. فلو أخذنا كلام أخينا من خنشلة على ظاهره فإن مشكلتنا أننا لم نقل إن الجزائر أمازيغية، ومن وجهة نظر جزائريين آخرين أننا لم نقل الجزائر عربية وهكذا. من الصعب فهم هذا المنطق وكيف أن البلاد ستتحول إلى جنة بمجرد أن نقول أنها أمازيغية أو عربية؟! وشخصيا ليس لديّ مانع إذا كان هذا يريح قطاعا عريضا من الجزائريين أن ينص الدستور على أن الجزائر أمازيغية، ولكن ماذا بعد؟ هل هذا سيحل مشاكلنا ويتصالح المجتمع مع ذاته؟ أم سيدخلنا في هوة سحيقة أخرى من الصراع؟ أعرف أمما ودولا أخرى لا هوية واضحة لها ولم تصبغ مجتمعها بأي هوية، بل هي وعاء لكل المِلل والنحل ولكنها تتزعم العالم وتتحكم في مصائر أمم تدعي أن لها هوية وحضارة ضاربة الجذور في التاريخ.
الآن، ربما يقصد أخونا بالهوية هو أن تأخذ اللغة الأمازيغية - التي لا أعرف لها بالمناسبة تعريفا واضحا إلى غاية اليوم وسأعود إلى هذا الموضوع لاحقا- مكانتها كلغة رسمية للبلاد، وهنا أجد نفسي متفهما لموقفه لأنه ينقلنا من التنظير إلى مطلب عملي وواضح إلى حد ما.
إن من أشدّ أزمات النخب الجزائرية هي الاكتفاء بالتنظير من دون طرح عملي يفضّ هذا الاشتباك اللغوي الحاصل في الجزائر، والذي أرى أنه وهمي وفيه كثير من اللغو الذي أرهق البلاد والعباد بقصد وعن غير قصد.
المطلب الذي ظل يرفعه كثيرٌ من الجزائريين منذ عقود عديدة، وبشكل خاص بعد الاستقلال وبشكل أخص بعد إنشاء الأكاديمية البربرية في فرنسا سنة 66 بُعيْد قانون إدخال التعريب في الجزائر، هو أن تصبح الأمازيغية لغة رسمية مثل العربية. طبعا أسال هذا الموضوع كثيرا من الحبر ومازال يسيل، وكُتبت كتب ومقالات، ولكن الشاهد أن الصراع ما زال يراوح مكانه، بل وزادت حدته وأصبح مقترنا بالتطرف وبشيء من العنصرية مُؤذِنة بفتن عظيمة داخل المجتمع. ما يعتقده الكاتب هو أن هذا الصراع لا يمكن حسمه بالقلم والنقاش الفكري مثله مثل باقي الصراعات الإيديولوجية والفكرية، بل يحسم بمنطق حرية الاختيار، فنحن أمام مطلب ترسيم الأمازيغية كلغة رسمية، ولكن السؤال الذي يجب طرحه هو: ماذا يعني ذلك؟.
لست هنا لأناقش تاريخ اللغات الأمازيغية، ولا تعدد اللهجات الأمازيغية واختلافها، ولا لإهمال المدافعين عنها لها، فهم لا يستعملون إلا الفرنسية للدفاع عنها تقريبا، ولا ماهية اللغة التي يقصدها البعض، فهل هي تلك التي تم إعدادها في مخبر الأكاديمية البربرية بباريس؟ أم شيء آخر؟ وكيف سنقنع الشلوحة والتوارق وبني مزاب والشاوية والقبائل وغيرهم بلغة واحدة تختلف في حالات اختلافا جذريا عما يتكلمونه؟، ولكن سأحاول طرح الحقيقة مجرّدة من دون وضع أي مساحيق للتجميل أو التشويه.
الخطوة التي يجب أن تتخذ هي أن تصبح اللغة الأمازيغية لغة رسمية مثلها مثل العربية، على أن تدرّس كلغة أولى لمن أراد أن يختار بينها وبين العربية، لأنه لا يمكن أن نفرض على أي جزائري أن يتعلم لغة لا يرغب فيها، فمن لم يرد تعلم العربية فله كامل الحرية ونفس الشيء بالنسبة للجزائري الذي لا يرغب في تعلم اللغة الأمازيغية، وخاصة وهو يعلم أنها لغة لا يوجد بها مؤلف واحد تقريبا، على أن يتم استفتاء الشعب في اللغة الثانية، والتي تكون لغة التواصل بين من لا يتقنون كلا اللغتين معاً، فإذا أختار الشعب الفرنسية فله ذلك، أما إذا اختار الانجليزية كلغة ثانية وطنية فمن حقه ذلك. في الحقيقة هذا الطرح ليس بدعة ولا شيئا جديدا، فهناك دول مثل سويسرا وكندا تتعايش فيها اللغات بهذا الشكل تقريبا.
طبعا هذا الاقتراح وعلى الرغم من أنه يعطي كل ذي حق حقه ويسحب البساط من تحت أقدام ممن اتخذوا بعض القضايا اللغوية والهوياتية مطية لبث كل أنواع الفرقة والكراهية داخل المجتمع الجزائري وإرهاقه، إلا أنني على يقين أنه سيكشف عن مفارقات صادمة وحقائق مفزعة، وسيلقى أشكالا من المعارضة المصطنعة، لأن الراسخين في أبعاد هذه الأطروحات يعرفون جذورها وأهدافها؛ فالصراع لم يكن يوما بين العربية والأمازيغية، فالعربية ليست لغة من ينسبون أنفسهم إلى العرب في الجزائر، بل هي لسان الأمازيغ أيضا كتبوا وأبدعوا بها لقرون، وهذا إذا كان لهذا النوع من التصنيف العرقي معنى في الجزائر بعد 14 قرنا من الانصهار. إن معضلة الجزائر ليست في الصراع بين الأمازيغية والعربية، بل في دخيلٍ على هذا المجتمع اسمه الفرنسية تحول إلى عقيدة وإيديولوجية وهوية رسمية للبلاد، وإذا خرجت هذه اللغة من الباب فإن الصراع الهوياتي الجزائري سيتبعها من النافذة كما دخل.

أمازيغي مسلم 10-09-2015 11:49 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
الثورة الجزائرية واستعمال اللغة العربية
عيسى بن سديرة

إن خبرتي في مجال اللغة العربية: التي أفنيت سواد شعري وبياض شيبتي في خدمتها علما وبحثا وتعليما: تجعلني في موقع المؤهل للتعبير عن بعض قضايا العربية ومشكلاتها، علما وتعليما واستعمالا..
ذلك أنني أقدمت في غضون ثمانينيات القرن الماضي على خوض غمار البحث لنيل شهادة الماجستير في موضوع:"استعمال اللغة العربية إبان حرب التحرير الجزائرية.. دراسة نماذج من وثائق الثورة"، بحيث أتاحت لي تلك التجربة العلمية الهامة، أن أكتشف أن انتصار الثورة الجزائرية لم يكن بفعل الوقائع والأحداث الحربية فحسب، بل إن أهم أسباب انتصار تلك الثورة المجيدة هي استنادها وتوظيفها لأبرز المقومات الذاتية للأمة، ومنها العربية، ولإثبات صحة ما أدعيه، فإنه لا مناص من اقتطاف الجزء الأخير من خاتمة بحث "استعمال اللغة العربية إبان حرب التحرير الجزائرية"، دون التطرق إلى الجوانب العلمية والنظرية التي اشتملت عليها خاتمة البحث المنجز منذ ما يقرب من ثلاثين سنة، مكتفيا بالتطرق إلى ختام الخاتمة، فيما يلي ذكره حرفيا دون أي تصرف:
إن النتائج العملية التي تمخض عنها البحث، تجسّد البرهان العملي المدعم بحجة الوثائق والأرقام العينية الملموسة، التي تقطع حبل المترددين والمتشككين في سلامة المبدأ الذي تبناه الشعب الجزائري عن طواعية واختيار، عندما أراد أن تكون العربية هي اللسان المعبّر عن الشخصية الوطنية الموحدة.
وتثبت التجربة التاريخية القريبة للشعب الجزائري إبان حرب التحرير الجزائرية، أن هذا الاختيار نابع من الإرادة الطوعية لهذا الشعب، الذي يستهين بحياته في سبيل التمسك بمقومات شخصيته الوطنية.. ولا أدل على ذلك من أن القيادة السياسية نفسها لم تلتزم في الماضي، باستعمال اللغة الوطنية في مقرراتها قدر التزام الشعب باستعمال اللغة الوطنية العربية، حتى ولو كان ذلك بإمكانيات بسيطة ووسائل يسيرة جدا، وخير دليل على ذلك، أن مقررات جبهة التحرير كانت في السابق تحرر باللغة الفرنسية أصلا، ثم تنقل في مرحلة تالية إلى العربية، وقد تم ذلك على التوالي خلال المؤتمر الأول في الصومام سنة (1956)، ومؤتمر طرابلس سنة (1962)، ثم ميثاق الجزائر سنة (1964)، وكذلك الشأن بالنسبة للميثاق الوطني في (1976)، حتى كان المؤتمر الخامس لجبهة التحرير الوطني أواخر سنة (1985)، الذي تمت خلاله عملية إثراء الميثاق الوطني بناء على النسخة الأصلية المحررة بالعربية لأول مرة في تاريخ الجزائر الحديث.. وإن هذا الأمر ليؤكد بما لا يدع مجالا للريب، أن القيادة السياسية في الجزائر، لم تفرض قرار تعميم استعمال اللغة الوطنية العربية فرضا قسريا على الشعب الجزائري، كما يدّعي بعض المشككين، وإنما هي قد استجابت بذلك لأحد الخيارات الأساسية التي برهن هذا الشعب على الالتزام بها في كل الأحوال والظروف.
"حقيقة إن استعمال الشعب الجزائري للغته الوطنية العربية، إبان حربه التحريرية المجيدة، لم يسلم من بعض الأخطاء النحوية والصرفية واللغوية والإملائية، ولكنّه إذا كان قد ارتكب أخطاء في استعمال لغته الوطنية، فإنه على أية حال لم يرتكب خطيئة عدم استعمالها.. وإن ذلك ليهوّن تماما من أمر الأخطاء المرتكبة في استعمال اللغة الوطنية مهما قلّت أو كثُرت.
"وإنني، على شدّة يقيني في القيمة الوثائقية المعتبرة لسلامة التعبير اللغوي لوثائق الحرب التحرير الجزائرية، المحرّر أغلبها أصلا باللغة الوطنية العربية، فإنني أخشى أن يفهم كلامي بأنه عقد النية على تسليم شهادة النجاح لوثائق الثورة التحريرية في امتحان اللغة الوطنية..
كيف يكون ذلك وأنا مدينٌ لهذا الشعب الأبيّ ولأرواح الشهداء الأبرار، بالشهادة الثمينة التي استلمها منهم عربنا للمصالحة مع الذات والوفاء للضمير.
"وإن ثمة أمرا لم أتمكن في السابق من إدراك مدى خطورته، حتى قطعت أشواطا مهمة في إنجاز هذا البحث، وهو أنه إذا كان من حق الشعب الجزائري أن يفخر بتاريخ ثورته المجيدة، فإنه يحق له أكثر من ذلك أن يعتز بالتاريخ الذي حرّره بلغته الوطنية العربية.. وإن ههنا مكمن أحد أسرار عظمة الثورة الجزائرية الأصيلة.. وآمل من صميم الفؤاد، أن نلج أبواب القرن الواحد والعشرين إن شاء الله، وقد صفينا حسابنا تماما مع تركة الفترة الاستعمارية في مجال اللغة والثقافة.
"وختاما، كي لا يقطع جسر التواصل بين الفترة التاريخية النيّرة المجيدة لثورتنا المباركة وبين الأجيال اللاحقة في المجتمع الجزائري، أسأل الله العلي القدير لكل من يعترض سبيل تعميم استعمال اللغة الوطنية العربية في الجزائر أن يهديه سواء السبيل".
وإنني أؤكد من منطلق الدارس المتمرّس المطلع، أن العربية قد عانت من ويلات الاستعمار، بمقدار ماكان يعانيه الشعب الجزائري إبان عهد الاحتلال أو أكثر، لأنها كانت المستهدف الأكبر في عملية المسخ الحضاري.. ولسوف يفرغ الاستقلال السياسي حتما من محتواه، إذا لم يتعزز فعلا وواقعا باستقلال لغوي وثقافي يجسد شخصية الأمة الجزائرية، ويعبّر عن هويتها الحضارية الأصيلة.
خلاصة القول في كل هذا، أن الدولة صاحبة السلطة القانونية مطالبة بالتدخل لفرض استعمال اللغة الوطنية، أو العامية على الأقل في كلام المشافهة، بعيدا عن كل كلام أجنبي في وسائل النقل البرية والجوية في الخطوط الداخلية على الأخص، فذلك هو محل استعمالها الأنسب.. وأما تلك المقترحات المتعلقة باستعمال العامية الدارجة في أي من مستويات التعليم، فتلك قضية لا محل لها من الإعراب أبدا مادام الشعب الجزائري سيدا في وطنه.
وليحذر الذين يخالفون عن أمر الشعب الجزائري، أن تصدر منه غضبة شديدة، إذا ما شعر أن العربية لا تزال"محڤورة" في وطنها، فإنه معروف عنه أنه أشد ما يكون مقتا لكل أصناف "الحڤرة"، فما بالك إذا كانت متعلقة بأعزّ وأغلى ما ضحى لأجله بالملايين من مقدّساته ومقوماته الوطنية الراسخة رسوخ الجبال الشّامخات الشاهقات.

أمازيغي مسلم 14-09-2015 10:06 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
إصلاح المدرسة يبدأ من هنا (الجزء الأول
عبد الحق زواوي


قطاع التربية في الجزائر وربما كغيره من القطاعات يواجه الكثير من التحديات، تحديات يشكل انجازها ضرورة بغيرها لا مكانة مستقبلا لمدرستنا، طبيعة هاته التحديات مرتبطة بآليات التسيير الإداري والبيداغوجي، بعض تصريحات الوزيرة تشير وتؤكّد عليها على الأقل على مستوى الخطاب الشفوي، وهذا في حد ذاته قد يبعث على الإطمئنان، نسمع كثيرا حديث وزيرة التربية عن السيرورة التي يجب أن يخضع لها أي اصلاح، لأن المعالجة بالتجزئة ترتب في الكثير من الحالات إخلالات قد تكون أخطر من النقائص المشخّصة.
وأحسن مثال على ذلك مباشرة إصلاح تربوي دون تأسيس "مبدأ الشرعية"، حيث وضعنا حيّز التنفيذ منذ 2002مناهج جديدة، بمقاربة جديدة من حيث الغايات والأهداف، دون تغيير القانون الذي يحكم قطاع التربية أو بالأحرى القانون الذي يحدّد هوية قطاع التربية، وقد استمر هذا الوضع المتضاد قرابة 06 سنوات، ونحن اليوم نحاول قراءة المناهج قراءة نقدية لجعلها تنسجم من حيث مضامينها مع القانون التوجيهي للتربية الوطنية، وبتأخر يقدر بـ07 سنوات، وهي وضعية عاشها القطاع قبل ذلك، لعل أهمّ مؤشراتها تأخر إصدار النصوص المنظّمة للحياة المدرسية، بعد الأمر 35 المؤرخ في 16 أفريل 76بحوالي 14 سنة، حيث أصدرت وزارة التربية الوطنية مجموعة من القرارات الوزارية المنظمة لمختلف جوانب التسيير كمهام الموظفين ومسك الملفات وغير ذلك ابتداء من 1990، واليوم مازلنا ننتظر وبعد صدور القانون التوجيهي للتربية الوطنية والقانون الأساسي، ننتظر القرارات المنظمة لمختلف جوانب التسيير الإداري والبيداغوجي.
ومن الإخلالات أيضا التي رتبتها طريقة المعالجة بالتجزئة لقضايا الإدارة والبيداغوجيا، وضع مناهج جديدة حيّز التنفيذ دون تكوين لهيئة التنفيذ من مفتشين ومديرين وخاصة الأساتذة، وما ترتب عن ذلك من اضطراب التطبيق، وفي كثير من الحالات عدم تطبيق مضامين وتوجيهات هذه المناهج، وهو الوضع الذي تعمل الوزارة على تداركه من خلال إعادة كتابة مناهج التعليم بقصد وضعها حيز التنفيذ بعد الانتهاء من مختلف الإجراءات المرتبطة بذلك من قراءة نقدية وتكوين لهيئة التنفيذ من مشرفين وأساتذة.
تحدّيات القطاع إذن هي تحديات مؤسساتية، من جهة ضرورة العمل على تقنين الممارسات وتحقيق الانسجام والمواءمة بين النصوص المنظمة للحياة المدرسية دون تسرع قد يفقد القاعدة القانونية أهم خصائصها وهي أنها قاعدة عامّة ومجرّدة. ومن جهة ثانية وفي تقديري هذا هو الأهم احترام هذه النصوص تطبيقا، والسهر على متابعة ذلك ميدانيا وبالصرامة المطلوبة ولن يتأتى ذلك الاّ بمصداقية للأسف مازلنا نجري وراء تحقيقها والمعيقات كثيرة منها ما هو مرتبط بالمسؤولين على القطاع ومنها ما هو مرتبط بالشركاء من سلطة مركزية ومحلية وأولياء...
كما أنها أيضا تحديات تربوية، تحتاج منا إلى الكثير من الجهد لإبراز الدّور التربوي للمدرسة بكل مراحلها، وهو دور يشهد حاليا فجوات كثيرة منها ما يخص تطبيق النصوص المتعلقة بهذا الجانب كالمجالس، خاصة مجلس المدرسة الابتدائية بالنسبة للتعليم الابتدائي، ومجالس التربية والتسيير، ومجلس التّأديب... اننا يجب أن نتساءل عن حال النشاطات الثقافية والرياضية والترفيهية بمؤسساتنا بمختلف مراحلها، كيف هي متابعتها، ما هي مضامينها إن وجدت، انه من واجبنا تقييم مدى تفتح المدرسة على المحيط الطبيعي والاجتماعي، دون مبالغة، علينا أن نتساءل عن الحيز الذي تشغله المدرسة ومدى انسجام ذلك مع تاريخها الذي يحق لكل جزائري أن يفتخر به، تاريخ مدرستنا مشرّف، وعلاقتنا كشعب بالمدرسة علاقة كنا نحسد عليها، تساؤلات تتبعها تساؤلات وتستوقفها تساؤلات فهل من مجيب...

أمازيغي مسلم 16-09-2015 11:48 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
الإصلاح التربوي وضرورة ردم الهوة بين المدرسة والجامعة (الجزء الثاني)
نور الدين زمام* بروفيسور بجامعة بسكرة


يُفضل ترك الجدل العقيم الرائج عندنا، ووضع خطة مستقبلية لفض هذا الاشتباك الفكري الجاف الذي نشأ بسبب الاختلاف اللغوي، فلا بد أن يُحضّر كل جامعيٍ ليصبح قادرا على التدريس باللغة العربية؛ وليصبح أيضا يملك القدرة على المطالعة، ومزاولة البحث باللغة العلمية التي صدر بها المقال أو نُشر الكتاب.
ويجدر التسجيل أن من نتائج الفقر اللغوي وعدم القدرة على الفهم أو الغوص الجيد لإصابة المعنى المقصود عندنا في الجامعة، اضطرار الكثير من الأساتذة النجباء إلى التضحية بالمحتويات التي تتطلب قدراتٍ لغوية وذهنية وفكرية عالية، فتحوّل بعضهم إلى "معلمي صبيان".
فيتعين رفع المهارات اللغوية وليس خفضها، فقد شدد بعض الخبراء على ضرورة تطوير المحادثة حتى في البيت كما أوضح أحد العلماء الألمان (Basil Bernstein ; 1971 ) فما بالك بالمدرسة، لأن ذلك يُسهم في تبلور الرموز لدى الطفل، ويعمل على نضج وتطور إدراكاته للعالم، وأساليب تعبيره عن الأشياء، ويؤثر إيجابا في اتجاهات تفكيره مستقبلا.
ولذلك لا يُعقل أن يفكر بعضُنا في خفض مستوى اللغة في المدرسة والنزول بها إلى أدنى مستويات التعبير بدعوى تجنّب العجز في أساليب توصيل المضامين المعرفية، في الوقت الذي يؤكد فيه العلماء على أهمية اللغة "المتطورة" في البيوت للسماح للأبناء بالمضيّ بعيدا في مسارهم المدرسي.
وللعلم، ذهبت عديد النظريات بعد التقرير الأمريكي الشهير، المعروف بتقرير كلمان Coleman (1966) إلى أن أهم أسباب اللاّمساواة بين أفراد المجتمع في عمليات التمدرس (النجاح، مواصلة المسار الدراسي... إلخ) ترجع أساسا إلى الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية داخل الأسرة.
وركزت على أثر الخصائص الثقافية للأسرة على الأداء التعليمي والتربوي لديهم، فالأولياء حسب بورديو ينقلون إلى أبنائهم نسقا قيميا يحدّد اتجاههم نحو الرأسمال الثقافي، وبعضهم يورث أبناءه رأس مال ثقافي (لغة، وممارسات ثقافية، وطموحات، وأنساق قيمية) يجعلها تمتلك حظوظا أوفر للوصول إلى أعلى المراتب العلمية والاجتماعية.
وأكد عالمان آخران (Baudelot et Establet) أنّ التحضير للبكالوريا يبدأ من سن الرابعة بالنسبة للأبناء، وبيّن هؤلاء أن ضمن العناصر الثقافية التي تؤثر في المستقبل الدراسية للأبناء بعض "الممارسات الثقافية" داخل الأسرة مثل وجود مكتبة بالبيت، وارتياد أفراد الأسرة المتاحف والمسارح، وتوفر الأنترنيت بالبيت.
ويمكن في هذا الصدد التأكيد على اللغة المبسّطة لتجاوز الجدل المطروح، مثل تلك اللغة التي أصبحت سائدة في الصحف، والتي تستطيع أن تتقمص المصطلحات العلمية دون عناء.
وفضلا عن ذلك يتعيّن على الدولة أن تنظر إلى الأسرة على أنها المشتلة الأولى التي يجب الانطلاق منها، ولذلك تضع مخططات خاصة بالنسبة للأسر، خاصة الهشة منها، فتهيئ لها الشروط المادية والأجواء المعرفية والثقافية لرقيّ ونماء النشء، لا أن تهبط بالمدرسة إلى ما تحت الصفر.
أما ما يتعلق بمَلكات البرهان، ومهارات التفكير والاستدلال، أي "آلة تحصيل العلم" (عابد الجابري، بنية العقل العربي، ص385) فهي تحتاج إلى جهد كبير جدا، لتطويرها بالقدر الكافي، ليصبح طالب العلم قادرا على التحليل والتركيب، والبرهنة والابتكار، وإيجاد الروابط بين الظواهر والأحداث والعناصر والمتغيرات.
حتى لا تتكرر بعض الظواهر المعهودة، حيث ينتكس بعض الطلبة في السنوات الأولى الجامعية، خاصة في العلوم الصلبة فيزهدون فيها، ويعجزون عن مجاراتها، فيفرون منها زرافات ووحدانا نحو العلوم اللينة أو الرخوة الأخرى والتي ما فقدت منذ أمدٍ صرامتها وكنوزها المعرفية.
ولهذا يتطلب الأمر الاستفادة من جهود الباحثين الجامعيين في مجال "تعليمية" كل علم من هذه العلوم لتقديم النصح اللازم للتقليل من الخسائر التي تكبّدها المجتمع العلمي إلى حد الآن جراء التحويلات السلبية بين الفروع الجامعية.
وأظن بأن تنصيب لجان مشتركة دائمة بين الجامعة ووزارة التربية والتعليم من شأنه أن يقدّمَ العوْن المرغوب لإيجاد حلول ناجعة، وتحسين المسارات الدراسية لأبنائنا، وفتح الآفاق أمامهم للذهاب أبعد مما تتيح رغباتهم وطموحاتهم.
أما فيما يخص المقترحات المتعلقة بمسألة التوجيه نحو التمهين، فيتطلب الأمر إشراك كافة الوزارات حتى لا يحصل كما حصل للجامعة، حيث تحدّث الكل عندنا عن نظام التعليم الجامعي الجديد المهني، ولكن ولادته لا زالت عسيرة وغامضة، فكان من المفترض بداية مطالبة الوزارات الأخرى ببناء جسور مع الجامعات في القطاعات التابعة لها، بدل تشبّثها بمعاهدها ومدارسها.
وللأسف، بدل التفكير في الآليات الصحيحة لتطوير هذا المنحى المهني في جامعاتنا راح البعض، وبتأثير من فكرة التميهن، يحجّم مسار التكوين الأكاديمي ليُخرّج للحياة العملية طلبةً بدون تخصص فعلي.
وفي الختام، يجب أن لا تنصرف العملية الإصلاحية للمناهج فحسب، بل لا بدّ أن تأخذ بعين الاعتبار كافة المقوّمات والعناصر الأخرى مثل التشريعات، وأوضاع المعلمين والأساتذة وظروف عملهم حتى يتفرغوا لمهنتهم وتحسين أدائهم؛ فضلا عن الاهتمام بأوضاع المتعلم داخل الأسر، وتوفير العيش الكريم لوالديه ليُحسنا تأديبه وتعلميه، وتهيئته للمستقبل.

أمازيغي مسلم 16-09-2015 11:51 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
اللغة العربية وتآمُرُ الأعداءِ عليها
للشيخ الدكتور : محمد على فركوس -حفظه الله-


الحمد لله خالِقِ الأَلْسُنِ واللغات، وواضعِ الألفاظ للمَعاني بحَسَبِ ما اقتضَتْهُ حِكَمُه البالغات، الذي علَّم آدَمَ الأسماءَ كُلَّها، وأَظْهَرَ بذلك شَرَفَ اللغةِ وفَضْلَها، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدنا محمَّدٍ أَفْصَحِ الخَلْقِ لسانًا وأَعْرَبِهِم(١) بيانًا، وعلى آله وصَحْبِه، أَكْرِمْ بهم أنصارًا وأعوانًا!»(٢)، أمَّا بعد:

فإنَّ اللغة العربية لغةٌ حيَّةٌ مِن أغنَى لُغاتِ البشرِ ثروةً لفظيةً، تَوارَثَها جيلٌ بعد جيلٍ، وأدَّتْ رسالتَها في الحياةِ وعبر العصور على أَكْمَلِ وجهٍ وأَحْسَنِ أداءٍ، وأَلْبَسَها القرآنُ الكريمُ حُلَّةً مِن القداسة غَمَرَتْ كُلَّ مسلمٍ مهما كان جِنْسُه ولُغَتُه، واستوعبَتْ حاجاتِ الأمَّةِ الحسِّيَّةَ والمعنويةَ في التعبير عن علومها وآدابها ومَطالِبِها وآمالِها وآلامِها، وهي على أَتَمِّ استعدادٍ لأَنْ تَتَّسِعَ أَكْثَرَ مِن ذي قَبْلُ لتَشْمَلَ ـ في تعبيرها ـ جميعَ جزئياتِ مجالاتِ الحياة وما جدَّ فيها مِنِ ابتكارٍ واختراعٍ.
وقد اختارَ اللهُ تعالى لغةَ العربِ لسانًا لدينه: قرآنًا وسنَّةً وتشريعًا وعبادةً، وامتنَّ بذلك على المسلمين عامَّةً والعربِ خاصَّةً، وما اختيارُها إلَّا لأنها أغنَى اللغاتِ اتِّساعًا، وأَحْكَمُها بيانًا، وأقواها دليلًا وبرهانًا.
قال الشافعيُّ ـ رحمه الله ـ: «ولسانُ العربِ أَوْسَعُ الألسنةِ مَذْهَبًا، وأَكْثَرُها ألفاظًا، ولا نعلمه يُحيطُ بجميعِ عِلْمِه إنسانٌ غير نبيٍّ، ولكنَّه لا يذهب منه شيءٌ على عامَّتِها حتَّى لا يكونَ موجودًا فيها مَن يعرفه، والعلمُ به عند العربِ كالعلمِ بالسنَّةِ عند أهل الفقه»(٣).
وقال رحمه الله ـ أيضًا ـ: «وأَوْلى الناسِ بالفضل في اللسانِ مَن لسانُه لسانُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، ولا يجوز ـ واللهُ أَعْلَمُ ـ أَنْ يكون أهلُ لسانِه أتباعًا لأهلِ لسانٍ غيرِ لسانِه في حرفٍ واحدٍ، بل كُلُّ لسانٍ تَبَعٌ لِلِسانه، وكُلُّ أهلِ دينٍ قَبْلَه فعليهم اتِّباعُ دينِه.
وقد بيَّن اللهُ ذلك في غيرِ آيةٍ مِن كتابه: قال الله: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ﴾ [الشعراء: ١٩٢ ـ ١٩٥]، وقال: ﴿وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا﴾ [الرعد: ٣٧]، وقال: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ [الشورى: ٧]، وقال: ﴿حم. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ. إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: ١ ـ ٣]، وقال: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ﴾ [الزُّمَر: ٢٨].
قال الشافعيُّ: فأقامَ حُجَّتَه بأَنَّ كتابه عربيٌّ في كُلِّ آيةٍ ذكَرْناها، ثمَّ أَكَّدَ ذلك بأَنْ نَفَى عنه ـ جلَّ ثناؤُه ـ كُلَّ لسانٍ غيرِ لسان العرب في آيتين مِن كتابه فقال ـ تَبارَك وتعالى ـ: ﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ﴾ [النحل: ١٠٣]، وقال: ﴿وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ﴾ [فُصِّلَتْ: ٤٤]»(٤).
وهذه اللغةُ لا تَزال عنصرًا قويًّا وعاملًا مُساعِدًا لنشرِ الإسلام والإقبالِ عليه؛ لذلك كان الباعثُ الأساسيُّ للاهتمام باللغة العربية وتدوينِها وتصحيحِها ونشرِها وحفظِ التراث اللغويِّ وتنقيته مِن الدخيل الأعجميِّ أثناءَ الفتوحاتِ وما بَعْدَها إنما هو الإسلامُ بجميعِ دعائمه ومقوِّماته، وما انتهض أُناسٌ مِن الأعاجم لخدمةِ لغةِ العرب غيرةً مِن جَوْرِ الأعجمية التي هي لغةُ آبائهم وأجدادهم، لا لشيءٍ إلَّا لأنها لغةُ الفضيلةِ الإنسانيةِ التي لا تُفَرِّقُ بين العربيِّ والأعجميِّ، والقرشيِّ والحبشيِّ؛ فهي لغةُ مساواةٍ بين جميعِ المؤمنين التي أكَّدَها القرآنُ الكريم ورَعَاها الإسلامُ في مَضامِينِه وخصائصه.
والواقعُ التاريخيُّ يُثْبِتُ هذه الحقيقةَ التلازمية بين اللغة العربية والدينِ الإسلاميِّ مع ما يتمتَّع به كُلٌّ منهما مِن خصيصةِ القوَّةِ الذاتية والاستعدادِ المتميِّز الأصيل وما يَكْفُلُ له الهيمنةَ والغلبةَ ويُحقِّقُ له المطلوبَ؛ فبارتباطِ هذه الخصائصِ بينهما انتشر كُلٌّ منهما وازدهر بمساعَدةِ الآخَر.
وقد أَفْصَحَ ابنُ تيمية ـ رحمه الله ـ عن هذه العلاقةِ التلازمية بين اللغة والإسلام وبين حُكْمِها في قوله: «.. فإنَّ نَفْسَ اللغةِ العربيةِ مِن الدين، ومعرفتها فرضٌ واجبٌ؛ فإنَّ فَهْمَ الكتابِ والسنَّةِ فرضٌ، ولا يُفْهَمُ إلَّا بفهمِ اللغة العربية، و«مَا لَا يَتِمُّ الوَاجِبُ إِلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ»، ثمَّ منها ما هو واجبٌ على الأعيان، ومنها ما هو واجبٌ على الكفاية، وهذا معنَى ما رواه أبو بكرِ بنُ أبي شيبة: حدَّثنا عيسى بنُ يونس عن ثورٍ عن عُمَرَ بنِ زيدٍ قال: كَتَبَ عُمَرُ إلى أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنهما: «أمَّا بعد: فتَفَقَّهُوا في السنَّةِ وتَفَقَّهوا في العربية، وأَعْرِبُوا(٥) القرآنَ فإنه عربيٌّ»(٦)، وفي حديثٍ آخَرَ عن عُمَرَ رضي الله عنه أنه قال: «تَعَلَّموا العربيةَ فإنها مِن دينكم، وتَعَلَّموا الفرائضَ فإنها مِن دينكم»(٧)، وهذا الذي أَمَرَ به عُمَرُ رضي الله عنه مِن فقهِ العربية وفقهِ الشريعة يجمع ما يُحتاج إليه؛ لأنَّ الدين فيه أقوالٌ وأعمالٌ؛ ففِقْهُ العربيةِ هو الطريقُ إلى فِقْهِ أقواله، وفِقْهُ السنَّةِ هو فِقْهُ أعماله»(٨).
وفي هذا السياقِ ـ أيضًا ـ يقول أبو منصورٍ الأزهريُّ(٩) ـ رحمه الله ـ: «.. أَنَّ تَعَلُّمَ العربيةِ التي بها يُتوصَّلُ إلى تَعَلُّمِ ما به تجري الصلاةُ مِن تنزيلٍ وذِكْرٍ فرضٌ على عامَّةِ المسلمين، وأنَّ على الخاصَّةِ التي تقوم بكفايةِ العامَّةِ فيما يحتاجون إليه لدِينِهم الاجتهادَ في تَعَلُّمِ لسان العرب ولُغاتها، التي بها تمامُ التوصُّل إلى معرفةِ ما في الكتاب والسنن والآثار، وأقاويلِ المفسِّرين مِن الصحابة والتابعين، مِن الألفاظ الغريبةِ والمُخاطَبات العربية؛ فإنَّ مَنْ جَهِلَ سَعَةَ لسانِ العرب وكثرةَ ألفاظها، وافتنانَها في مَذاهِبِها؛ جَهِلَ جُمَلَ عِلْمِ الكتاب، ومَن عَلِمَها ووَقَفَ على مَذاهِبِها، وفَهِمَ ما تَأوَّلَه أهلُ التفسير فيها؛ زالَتْ عنه الشُّبَهُ الداخلةُ على مَن جَهِلَ لسانَها مِن ذوي الأهواء والبِدَع»(١٠).
هذا، وعلى الرغم مِن أنَّ هذه البلادَ أَنْقَذَها اللهُ تعالى مِن استيطانِ المُسْتَعْمِرِ الفرنسيِّ الغاشم، وكَتَبَ اللهُ عليهم الجلاءَ ـ والحمدُ لله أوَّلًا وآخِرًا ـ إلَّا أنه ما بَرِحَتْ أقدامُه عن هذه الديار حتَّى ورَّثَ استعمارًا آخَرَ مِن طرازٍ آخَرَ أشَدَّ وأنكى مِن الاستعمار المسلَّح، ألَا وهو «الاستعمارُ الفكريُّ الغربيُّ»، والذي واجِهَتُه الظاهرةُ فرنسا الماكرةُ؛ فأَشْعَلَ نيرانَ معركةٍ فكريةٍ خبيثةٍ في الخفاء لِينالَ حظَّه في تطويعِ أبناءِ جِلْدَتِنا والمساسِ بدينهم وأخلاقهم وأفكارهم ولُغَتِهم؛ وذلك بالعملِ على تكريسِ نظامِ التعليم الغربيِّ وفَتْحِ المدارس ذاتِ المناهجِ التربويةِ والتعليميةِ الخَدُومةِ للتنصير والتغريب لهذا الغرضِ تحت ظِلِّ مُثلَّثِ التنصير: («المدرسة»، «المستشفى»، «دار الأيتام»)، تلك المدارسُ بهياكلها ومَناهِجِها وأساليبِ التغريب تَغَلْغَلَتْ في أوساط المجتمعاتِ الطُلَّابيةِ والثقافيةِ تحت شعاراتٍ مُخْتَلِفةٍ مثل شعارِ: «المدارس المُنْتَسِبة»، وتارةً بشعارِ: «توأمة المدارس»، وتارةً أخرى تحت شعارِ: «التربية الدولية»، وكُلُّها تَرْتَكِزُ ـ أساسًا ـ على مُجاوَزةِ حدود الدين والتعدِّي على اللغة العربية إهمالًا وتهوينًا؛ بُغْيَةَ تذويب الشخصيةِ الإسلامية ومَسْخِ أبناء الإسلام مَسْخًا يصعب معه تربيتُهم على الهُدى والخُلُق الكريم، كما أنَّ الآفاق المُسْتَقْبَليةَ التي يريد المُسْتَعْمِرُ الوصولَ إليها هي تشكيلُ هذه الأمَّةِ في قالبٍ غربيٍّ تابعٍ للمُسْتَعْمِر، يَسْتمِدُّ مُقوِّماتِه وتشريعَه وثقافتَه ولغتَه مِن مَحاضِنِ الغربِ العلمانيِّ المتربِّصِ بها، تلك المَحاضنُ التي تَخرَّجَ منها متغرِّبون مِن أبناء جِلْدَتِنا، ممَّن حَطَبُوا بحبلِ أعداءِ الإسلام وكَالُوا بصاعِه؛ فرجعوا حربًا على أُمَّتِهم بأَنْكى وسائلِ الهدم والتذويب، سواءٌ للجانب الدينيِّ أو الخُلُقيِّ أو اللغويِّ؛ فاتَّحَدَ التابعُ بالمتبوع في تبعيةٍ فكريةٍ مخطِّطةٍ للتآمر على اللغة العربية، وغايتُها هَدْمُ الدينِ بهَدْمِ لسانه الذي يتعبَّدون به، وقَدْ تَقَدَّمَ التلازمُ بين اللغة والدين.
هذا، ولا يَزال الاستعمارُ الفكريُّ ـ وعلى رَأْسِه فرنسا ـ يُحاوِلُ ـ جاهدًا ـ بيدِ أبناءِ الوطنِ هَدْمَ اللغةِ العربيةِ وإضعافَها في نفوسهم، وهو ما يُلاحَظُ ـ عيانًا ـ مجسَّدًا في تَراجُعِ اللغةِ العربيةِ في ميادينَ شتَّى، وذلك إمَّا بإحلالِ الفرنسيةِ أو اللغاتِ الأجنبيةِ مَحَلَّها، سواءٌ في خطاباتِ الناسِ والمسؤولين خاصَّةً، أو في واجهات المَحَلَّات، وإمَّا بالدعوة إلى استخدام اللهجات العامِّية الدارجةِ لغةً للتخاطب على القنوات الإذاعية العربية الرسميةِ وغيرِها مِن المجالات، بل أَصْبَحَتِ اللغةُ العامِّيةُ الدارجةُ لغةً للتأليف والكتابة، وإمَّا بالدعوة إلى كتابتها بالحروف اللاتينية.
وقد واجهَتِ اللغةُ العربية طعونًا كثيرةً مِن أعدائها، أَهَمُّها: أنها لغةٌ رجعيةٌ مُتَخلِّفةٌ لا تتماشى مع العلم الحديث، وأنها عاجزةٌ عن أداءِ مَهَمَّتِها البيانيةِ بالنظر إلى صعوبةِ ألفاظها خاصَّةً عند الأطفال ونحو ذلك.
ولا يخفى على مُنْصِفٍ أنَّ اللغة التي حَفِظَتِ التُّراثَ العِلْميَّ والعالَميَّ واستوعبَتْهما أعوامًا مديدةً وعصورًا عديدةً يَسْتَحِيل أَنْ تعجز عن أداءِ نَفْسِ الرسالة في الوقت الراهنِ مع اعترافِ المُخالِفين بقابليَّتِها للتطوُّر والتجديد، ودعوى الصعوباتِ في تَعَلُّمِ اللغةِ العربية وخاصَّةً مِن التلاميذ الصِّغارِ فذلك شأنُ كُلِّ لغةٍ أجنبيةٍ؛ فإنه يجد صعوباتٍ مَن يَتعلَّمُها مِن غيرِ أهلها مِن جهةٍ، ومِن جهةٍ أخرى ففَرْضُ لغاتٍ أجنبيةٍ على التلميذ في سنٍّ مُبكِّرةٍ يُشوِّشُ عليه ويَعوقُه ـ بالتأكيد ـ عن تحصيلِ لُغةِ قومه بصورةٍ حسنةٍ؛ والمعلومُ أنه لا مُبرِّرَ ولا حاجةَ إلى تَعَلُّمِها في تلك السنِّ المُبكِّرةِ؛ إِذْ بالإمكان لمن يُجيدُ لُغتَه الأصليةَ أَنْ يتَعَلَّمَ اللغاتِ الأجنبيةَ ـ عند الحاجة ـ في وقتٍ لا يزيد عن ثلاثةِ أشهرٍ ـ كما يُقرِّرُه رجالُ التربية والتعليم ـ علمًا بأنَّ أيَّ صعوبةٍ تعتري تَعَلُّمَ اللغةِ العربية فإنَّ ثَمَّةَ وسائلَ وأساليبَ للتغلُّب عليها، مِن أهمِّها: تطويرُ طُرُقِ تدريسِ اللغة، واستعمالُ الوسائلِ الحديثةِ في تَعَلُّمِها.
هذا، وما يَدَّعِيهِ أهلُ التغريبِ مِن أنَّ اللغةَ العربيةَ عاجزةٌ عن مُسايَرةِ رَكْبِ العلم الحديثِ، فهذا جَوْرٌ في حقِّ اللغةِ الوَلودِ الوَدودِ العَؤودِ التي حَمَلَتْ ـ منذ خمسةَ عَشَرَ قرنًا ـ الميراثَ الضخمَ مِن حضارةِ الإسلام الدينيةِ والعلمية، واستولدَتْ ـ بيَدِ علماءِ العربيةِ قديمًا ـ كلماتٍ ومعانيَ جديدةً مِن لُغاتٍ أخرى عن طريقِ التعريب والاشتقاق؛ فكيف تَعْجَزُ ـ اليومَ ـ عن أداءِ رسالتِها البيانيةِ والتاريخيةِ بكُلِّ اعتزازٍ وفخرٍ إلى أقصى غاياتها!!؟
إنَّ التقصير الحقيقيَّ ليس في ذات اللغةِ العربية الغنيَّةِ السخيَّة، وإنما التقصيرُ والإهمالُ والعجزُ منسوبٌ إلى نَفَرٍ مِن أبنائها العاقِّين الذين يُجَسِّدون الدعواتِ المُغْرِضةَ الساعيةَ للقضاء على الدين الإسلاميِّ ووَحْدتِه وتَماسُكِه بالقضاء على لُغَتِه التي هي مَنْبَعُ الْتقائهم وثمرةُ اتِّحادِهم، المتمثِّلةُ في «لغةِ القرآن» و«لغةِ السنَّة» و«لغةِ التراث والحضارةِ الإسلامية».
إنَّ قِوامَ الوحدةِ المنشودةِ ترتبط ـ أساسًا ـ بالدين الإسلاميِّ الذي لا يَنْفَصِل عن اللغةِ العربية التي أعزَّ اللهُ بها هذه الأمَّةَ؛ فالدفاعُ عن اللغةِ العربية الفُصْحى التي وَسِعَتْ كتابَ اللهِ لفظًا ومعنًى وغايةً وحجَّةً وتشريعًا إنما هو الدفاعُ عن الدين الإسلاميِّ بجميعِ مقوِّماته وميراثه وسائِرِ مجالاته.
وهكذا ابْتُلِيَتِ الأمَّةُ بسرطانِ الغربِ الحاقدِ وفي طليعته فرنسا الماكرةُ باستعمالِ أبناءِ هذه الأمَّةِ الذين يعملون على تفعيلِ مخطَّطاته لفصلِ وتمزيقِ الوحدة الشعبيةِ والعربيةِ والإسلاميةِ التي وسيلتُها اللسانُ العربيُّ وقِوامُها الدينُ الإسلاميُّ، وإطفاءِ نورِ حضارتهم الإسلاميةِ المَجيدةِ بأفواههم، ووَأْدِ تُراثهم الفقهيِّ وذخائرِ علومهم الفكريةِ والأدبية تحت ترابِ الضياع واللامبالاة، وطَمْسِ مَعالِمِ شخصيتهم العربيةِ الإسلامية العريقة بإملاءاتٍ غربيةٍ حاقدةٍ؛ فقَلَبُوا بذلك الموازينَ والقِيَمَ حتَّى صارَ الحقُّ باطلًا والباطلُ حقًّا، واللهُ المستعان.
إنَّ المتآمِرين على الإسلام ولُغتِه وتُراثِه الحضاريِّ ﴿يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ﴾ [النساء: ١٤٢]، وستبقى اللغةُ العربيةُ صامدةً رَغْمَ أنوفهم؛ فقَدْ صَمَدَتْ أمامَ الغاراتِ المُدمِّرةِ وخلالَ الاحتلالِ الفرنسيِّ الطويلِ للجزائر ما دامَ لها أنصارٌ يدافعون عنها ويريدون لها البقاءَ.
وأَحْسَنُ ما أختم به ـ في هذا الصددِ ـ كلمتي هذه: قصيدةُ الشاعرِ حافظ إبراهيم(١١) المشهورةُ، والتي يتحدَّث فيها على لسان اللغة العربية، إِذْ يقول ـ رحمه الله ـ:

«رَجَعْتُ لِنَفْسِي فَاتَّهَمْتُ حَصَاتِي(١٢)
وَنَادَيْتُ قَوْمِي فَاحْتَسَبْتُ حَيَاتِي
رَمَوْنِي بِعُقْمٍ فِي الشَّبَابِ وَلَيْتَنِي
عَقُمْتُ فَلَمْ أَجْزَعْ لِقَوْلِ عُدَاتِي
وَلَدْتُ وَلَمَّا لَمْ أَجِدْ لِعَرَائِسِي
رِجَالًا وَأَكْفَاءً وَأَدْتُ بَنَاتِي
وَسِعْتُ كِتَابَ اللهِ لَفْظًا وَغَايَةً
وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ
فَكَيْفَ أَضِيقُ اليَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ
وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ؟
أَنَا البَحْرُ فِي أَحْشَائِهِ الدُّرُّ كَامِنٌ
فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي
فَيَا وَيْحَكُمْ أَبْلَى وَتَبْلَى مَحَاسِنِي
وَمِنْكُمْ ـ وَإِنْ عَزَّ الدَّوَاءُ ـ أُسَاتِي(١٣)
فَلَا تَكِلُونِي لِلزَّمَانِ فَإِنَّنِي
أَخَافُ عَلَيْكُمْ أَنْ تَحِينَ وَفَاتِي
أَرَى لِرِجَالِ الغَرْبِ عِزًّا وَمَنْعَةً
وَكَمْ عَزَّ أَقْوَامٌ بِعِزِّ لُغَاتِ
أَتَوْا أَهْلَهُمْ بِالمُعْجِزَاتِ تَفَنُّنًا
فَيَا لَيْتَكُمْ تَأْتُونَ بِالكَلِمَاتِ
أَيُطْرِبُكُمْ مِنْ جَانِبِ الغَرْبِ نَاعِبٌ(١٤)
يُنَادِي بِوَأْدِي فِي رَبِيعِ حَيَاتِي
سَقَى اللهُ فِي بَطْنِ الجَزِيرَةِ أَعْظُمًا
يَعِزُّ عَلَيْهَا أَنْ تَلِينَ قَنَاتِي
حَفِظْنَ وِدَادِي فِي البِلَى وَحَفِظْتُهُ
لَهُنَّ بِقَلْبٍ دَائِمِ الحَسَرَاتِ
وَفَاخَرْتُ أَهْلَ الغَرْبِ ـ وَالشَّرْقُ مُطْرِقٌ
حَيَاءً ـ بِتِلْكَ الأَعْظُمِ النَّخِرَاتِ
أَرَى كُلَّ يَوْمٍ بِالجَرَائِدِ مَزْلَقًا
مِنَ القَبْرِ يُدْنِينِي بِغَيْرِ أَنَاةِ
وَأَسْمَعُ لِلْكُتَّابِ فِي مِصْرَ ضَجَّةً
فَأَعْلَمُ أَنَّ الصَّائِحِينَ نُعَاتِي
أَيَهْجُرُنِي قَوْمِي ـ عَفَا اللهُ عَنْهُمُ ـ
إِلَى لُغَةٍ لَمْ تَتَّصِلْ بِرُوَاتِي
سَرَتْ لَوْثَةُ الأَعْجَامِ فِيهَا كَمَا سَرَى
لُعَابُ الأَفَاعِي فِي مَسِيلِ فُرَاتِ
فَجَاءَتْ كَثَوْبٍ ضَمَّ سَبْعِينَ رُقْعَةً
مُشَكَّلَةَ الأَلْوَانِ مُخْتَلِفَاتِ
إِلَى مَعْشَرِ الكُتَّابِ وَالجَمْعُ حَافِلٌ
بَسَطْتُ رَجَائِي بَعْدَ بَسْطِ شَكَاتِي
فَإِمَّا حَيَاةٌ تَبْعَثُ المَيْتَ فِي البِلَى
وَتُنْبِتُ فِي تِلْكَ الرُّمُوسِ(١٥) رُفَاتِي
وَإِمَّا مَمَاتٌ لَا قِيَامَةَ بَعْدَهُ
مَمَاتٌ لَعَمْرِي لَمْ يُقَسْ بِمَمَاتِ»(١٦)

وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصَلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدِّين، وسلَّم تسليمًا.

هوامش:
(١) يقال: «أَعْرَبَ الرجلُ كلامَه» إذا لم يَلْحَنْ في الإعراب، و«أَعْرَبَ الرجلُ» إذا أَفْصَحَ في الكلام، و«أَعْرَبَ عن الرجل»: بيَّن عنه. و«أَعْرَبَ عنه» أي: تكلَّمَ بحجَّته. [انظر: «غريب الحديث» لابن سلَّام (١/ ١٦٣)، «النهاية» لابن الأثير (٣/ ٢٠٠)، «تاج العروس» للزبيدي (٣/ ٣٣٦)]، فالمعنى أنه أَفْصَحُهم وأَوْضَحُهم بيانًا وأَبْعَدُهم عن اللحن والقصورِ في البيان.
(٢) مقدِّمة «المُزْهِر» للسيوطي (١/ ١).
(٣) «الرسالة» للشافعي (٤٢)، «تفسير الشافعي» (٢/ ١٠١٦).
(٤) «الرسالة» للشافعي (٤٦).
(٥) معنَى إعرابِ القرآن ـ في كلام العلماء ـ يدور على قراءته كما تقرؤه العربُ الفُصَحاءُ بدون لحنٍ، وعلى فهمِ معناه ومعرفةِ تفسيره على مقتضى اللسان العربيِّ، ولا مانِعَ مِن إرادة المعنيين معًا إلَّا أنَّ المعنى الثانيَ أَوْلى لقلَّةِ وقوعِ اللحن زمنَ الصحابة، ولأنَّ الفِقْهَ في القرآنِ هو المطلوبُ للعمل به الذي هو الغايةُ الأسمى مِن تلاوته، وانظر: الهامش (١).
(٦) أخرجه ابنُ أبي شيبة في «المصنَّف» (٢٩٩١٤).
(٧) أخرج شَطْرَه الثاني الدارميُّ في «سننه» (٢٨٩٣)، والبيهقيُّ في «السنن الكبرى» (١٢١٧٧)، وجاء في «شُعَب الإيمان» للبيهقي (١٥٥٦) عنه رضي الله عنه: «تَعَلَّمُوا الْعَرَبِيَّةَ؛ فَإِنَّهَا تُثَبِّتُ الْعَقْلَ وَتَزِيدُ فِي الْمُرُوءَةِ».
(٨) «اقتضاء الصراط المستقيم» لابن تيمية (١/ ٥٢٧).
(٩) هو أبو منصورٍ محمَّدُ بنُ أحمد الأزهريُّ الهرويُّ الشافعيُّ، الأديب اللغويُّ، وُلِد في هَراةَ بخراسان، وعُنِيَ ـ ابتداءً ـ بالفقه، ثمَّ غَلَبَ عليه عِلْمُ العربية، مِن تصانيفه: «تهذيب اللغة»، و«التقريب» في التفسير، «الزاهر في غرائب الألفاظ»، و«عِلَل القراءات» وغيرُها. تُوُفِّيَ سنة: (٣٧٠ﻫ).
انظر ترجمته في: «معجم الأدباء» لياقوت (١٧/ ١٦٤)، «وفيات الأعيان» لابن خِلِّكان (٤/ ٣٣٤)، «اللُّباب» لابن الأثير (١/ ٤٨)، «سِيَر أعلام النبلاء» للذهبي (٦/ ٣١٥)، «طبقات الشافعية» للإسنوي (١/ ٣٥)، «البُلْغة» للفيروزآبادي (٢٠٥)، «بُغْية الوُعَاة» للسيوطي (٨)، «شذرات الذهب» لابن العماد (٣/ ٧٢)، «معجم المؤلِّفين» لكحالة (٣/ ٤٧).
(١٠) «تهذيب اللغة» للأزهري (١/ ٦).
(١١) هو محمَّد حافظ بنُ إبراهيم فهمي المهندس، الشهير ﺑ: «حافظ إبراهيم»، ويُلَقَّبُ ﺑ: «شاعر النيل»، وُلِد في ذهبية بالنيل سنة: (١٢٨٧ﻫ)، فنَشَأَ يتيمًا، ثمَّ الْتحق بالمدرسة الحربية، واشتغل ـ بعد المَعاش ـ مُحرِّرًا في جريدة «الأهرام»، ثمَّ عُيِّنَ رئيسًا للقسم الأدبيِّ بدار الكُتُب المصرية، مِن آثاره: ديوانُ شعرٍ في مجلَّدين. تُوُفِّيَ ـ رحمه الله ـ بالقاهرة سنة: (١٣٥١ﻫ).
انظر ترجمته في: «الأعلام» للزركلي (٦/ ٧٦)، «معجم المؤلِّفين» لكحالة (٣/ ٢٠٤)، «مشاهير شعراء العصر» لأحمد عبيد ـ القسم الأوَّل: شعراء مصر (١٨١)، «صفوة العصر» لزكي فهمي (١/ ٦٤٠).
(١٢) الحَصَاةِ: العقلُ، تقول: فلانٌ ذو حَصَاةٍ أي: ذو عقلٍ ورأيٍ [انظر: «النهاية» لابن الأثير (١/ ٣٩٨)، «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (١٢٧٤)، «تاج العروس» للزبيدي (٣٧/ ٤٤٢)].
(١٣) «أُسَاةٌ»: جمعُ «آسٍ» مِن «أَسَا الجرحَ، يَأْسُوهُ» أي: داواه، [انظر: «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (١٢٥٩)].
(١٤) يقال: «نَعَبَ الغرابُ» مِن بابِ «مَنَعَ يَمْنَعُ» و«ضَرَبَ يَضْرِبُ» نَعْبًا ونعيبًا ونُعابًا وتَنْعابًا ونَعَبانًا: صوَّت، [انظر: «القاموس المحيط» للفيروزآبادي (١٣٩)].
(١٥) «الرموس»: جمعُ «رَمْسٍ» وهو القبرُ أو الترابُ الذي يُحْثَى عليه، [انظر: «لسان العرب» لابن منظور (٦/ ١٠١)، «تاج العروس» للزبيدي (١٦/ ١٣٣)].
(١٦) «ديوان حافظ إبراهيم» (١/ ٢٥٣)

أمازيغي مسلم 16-09-2015 11:54 AM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
الإصلاح التربوي وضرورة ردم الهوة بين المدرسة والجامعة:(الجزء الأول)
نور الدين زمام:(مدير مخبر:" المسألة التربوية في الجزائر في ظل التحديات الراهنة"جامعة بسكرة)

للتربية دور لا يستهان به في تشكيل مادة الأمة وصلبها، وصياغة العقول والمشاعر؛ وهي تسمح للمجتمعات بكسب الرهانات المعقودة، وتشييد الصروح والجسور نحو الآفاق المرسومة، ولذلك تطلق بلدان العالم حملات للإصلاح التربوي من وقت لآخر حتى تحدّد كيفيات الاستفادة من التراكم المعرفي المتجدّد، وتساير التطورات العلمية والتقنية المتسارعة.
وعليه، فلا بد من تقويم الحصاد بأسلوب تحليلي معمق، ورؤية نقدية واعية قبل الشروع في عمليات الإصلاح، بعيدا عن التجاذبات الإيديولوجية والانقسامات اللغوية والثقافية، التي أفرزت في بلادنا "قبيلة" فرنكوفونية شديدة التعصب لمكتسباتها الأجنبية، تتفاخر علنا بازدرائها لكل ما يمتّ بصلة لإرث مجتمعها، وتخوض دون حياء في الكثير من المسائل دون تمحيص أو تحقيق، في مقابل "قبيلة" أخرى، قابلة للتعلم والتواصل، ولكنها كثيرا ما تتحول إلى ذوات منفعلة.
ولابد أيضا من الكشف عن مواطن القوة ومواضع الخلل والضعف، وتقديم الاقتراحات العملية والتوصيات البنّاءة، وتوفير مستلزمات تعزيز مكانة بلدنا ضمن الأمم المتقدّمة، فكلما علت الهمة ازدادت المروءة، وازداد الصعود في مدارج المعرفة والعلم والتقنية.
ولا أظن أنّ من الحكمة بمكان أن يصبح الدافع الأساس للإصلاح هو التذمر المبالغ فيه، لما يُسجّل من إخفاق وعثرات، فقد يفضي ذلك إلى اليأس والنكوص، فإذا كان منطق الفشل قائدا للإصلاح، اختار دوما النزول إلى المنحدر فهو يميل إلى الحل السهل لإزاحة الصعوبات والتعقيدات.
ويجب ألا تتحمّل جهة واحدة أسباب الفشل أو تنسب إليها عوامل النجاح، فمهمة تقليص مجال الفشل وزيادة نطاق النجاح مهمة جميع الشركاء، فيجب استنفار كافة قواعد ومؤسسات المجتمع لإنجاح مسار التقدّم التربوي، وتحقيق النهضة العلمية المأمولة والمستوى الثقافي المبتغى؛ فمنذ قرون قليلة كانت تُستدعى في الحواضر المغاربية والإسلامية فيها كافة العناصر والمرافق والفعاليات لمرافقة أهل التعليم والتعلّم، وتهيئة الأجواء الموائمة للتربية والتثقيف.
لا بدّ من إسهامٍ جماعيٍ ومرافقة مجتمعية ومؤسسية وثقافية إيجابية للمتمدرس، ولأسرة المتمدرس، ومواجهة العبثية والتقاعس والخمول، وقيم احتقار أهل التعليم، ولجم الأبواق التي تحطّ من فضيلة طلب المعرفة، فكما يقول إدغار موران (Edgar Morin): "لا يمكن إصلاح المؤسسة من دون إصلاح للذهنيات أساسا، كما لا يمكن إصلاح الذهنيات من دون إصلاح أوليٍ للمؤسسة" (La Voie ; p251).

من أين نبدأ!!؟:
تتمثل نقطة البدء لإحداث التغيير المنشود في عمليات التقويم الشاملة للحصاد التعليمي، ولكن، وهذا بالنسبة لواقعنا، لا بد من الأخذ بعين الاعتبار ظروف عمليات الزرع، والوقت المستغرَق في الإنبات. ويتعين علينا من جهة أخرى اجتناب "الخرجات" غير الموزونة التي تجعل القضايا المصيرية الكبرى محل تجاذبات إيديولوجية، وسببا لزيادة الإحباط وزرع بذور الفرقة.
ويجب أيضا مقارنة مشاكل التعلّم مع بقية البلدان، والنظر في الاقتراحات والحلول التي تم التوصل إليها على نطاق عالمي رحب، وفي هذا الصدد نشر المختصون في فرنسا خريطة جغرافية عامة لأخطار التعرّض للرسوب، وأخرى لأسبابه، وكشف مؤشر قياس المتسربين من الدراسة سنة 2006 مثلا، أن هناك نسبة 35 ٪ من الذين تتراوح أعمارُهم بين 15 و24 سنة تركت مقاعد الدراسة ولم تتحصل على شهادة، هو عددٌ معتبر في دولة متقدمة ترحل إليها القلوب والعقول أكثر من غيرها من البلدان.
ولكن بيّن باحثون آخرون رغم ذلك، أنه مع ذلك فإن "المستوى في ارتفاع" وذلك في مجالات لا نلقي لها بالا؛ مما يستدعي التفكير في تحسين الأداء البيداغوجي، وسبل المعاملة، فبعض التلاميذ الذين لم تحتفظ بهم منظومتنا التربوية نجحوا في حياتهم العملية، بل تفوّقوا أحيانا على معلميهم وأساتذتهم في مجالات تقنية "ذكية".

من هنا يمكن أن نبدأ:
أعتقد أن نقطة الانطلاق التي يجب أن نبدأ منها هي ردم الهوة وتقليص الفجوة بين الجامعة والثانوية في كل المواد العلمية والأدبية، فضلا عن تقليص الفجوة بين كافة أطوار التعليم في المدرسة الجزائرية.
من السهل التأكد من اتساع هذه الهوة إذا وقفنا على حجم الرسوب في الجامعة، مما يبرر اضطلاع الجامعة أيضا بتقديم تقويم "تشخيصي" للوافدين إليها في كافة التخصصات حتى نتمكن من الكشف عن الخلل، ومعرفة المكتسبات لدى الوافدين، فنرسم بالتالي ملامح الوافد التي نريدها، وحتى يتسنى للطالب رفع درجات الاستيعاب لديه.
من أهم الجوانب التي من المفترض التركيز عليها بالنسبة للوافدين إلى الجامعة، إلى جانب الاهتمام بالتخصص الذي وجّهته إليه تجربته المدرسية، تطوير ملكتين أساسيتين لدى التلميذ.
وتتلخص الملكة الأولى في ملكة التعبير والإفصاح أو الإبانة أو التبيين، وتتعلق الملكة الثانية بالاستدلال والتفكير والبرهنة، مع مراعاة تكاملها عند التكوين والصقل والتثقيف، حتى يكون الوافد إلى الجامعة على بيّنة من أمره فيما يتعلق بالمقدرة على الفهم والاستيعاب وممارسة التفكير وإعمال العقل، فيسهل عليه الانتقال إلى مستوى جديد تنضج فيه عمليات التعلم لديه.
إن شحذ وتطوير هاتين الملكيتين يستدعي استكمال التكوين في علوم الآلات، أي يتعلق باللغة، والحساب والإحصاء والرياضيات.... وعلاوة على إتقان اللغة العربية يتحتم أيضا إتقان اللغات المطلوبة للبحث والمطالعة.

أمازيغي مسلم 20-09-2015 02:01 PM

رد: هام جدا: جامع المقالات الكاشف لمغزى استبدال الفصحى باللهجات
 
أي فكر تنتجه العامّية الشوارعية!!؟
لامية حسين


إدراج اللهجات العامية في التدريس بالأطوار التعليمية الأولى، سواء كان مقترحا أو توصية أو تعليمة فهذا لا يهم، وسواء طُبّق أو ألغي أيضا لا يهم، إنما المهم، أن هناك نية في فعل ذلك، وحتى وإن ألغى الوزير الأول هذا المقترح، فإنه سيبقى وصمة عار في جبين وزارة التربية، الوصية الأولى على التربية والتعليم والوطنية.
لقد اتخذ هذا المقترح سجالا واسعا بين مختلف الفاعلين من سياسيين ولغويين وجامعيين، بين رافض ومؤيد، ولهم في ذلك حجج ومواقف متعددة، أما وجهة نظرنا فستتمحور حول علاقة الفكر باللغة. والفكر الذي تعبّر عنه كل من العربية الفصحى والعامية لبيان بطلان هذه الادعاءات وبُعدها الكلي عن منطق الأمور الصحية والصحيحة.
إذا بحثنا في قواميس اللغة العربية أو أي لغة في العالم عن مفهوم اللغة نجدها تعبر عن وظائف ودلالات مختلفة، فبالإضافة لكونها ''أصوات يعبّر بها القوم عن أغراضهم"، وبذلك تكون أداة للتواصل بين أفراد المجتمع، فهي أيضا تعبّر عن فكر معين؛ فاللغة الفرنسية تعبر عن الفكر الفرنسي والانجليزية تعبر عن الفكر الانجليزي، أما اللغة العربية فهي تعبر عن الفكر العربي الإسلامي. وهذا ما ذهب إليه جل العلماء والباحثين في اللسانيات ومن بينهم الفرنسي الشهير دوسوسير حين قال: "... ويمكن أن نشبّه اللسان بوجهيْ ورقة نقود: فالوجه هو الفكر والظهر هو اللسان، ولا يمكن أن نحدث قطعا في وجه الورقة دون أن نقطع في نفس الوقت ظهرها، وهكذا الحال مع اللسان، لا يجوز أن نعزل الصوت فيه عن الفكر ولا الفكر عن الصوت".
اللغة العربية الفصحى هي آية من آيات الله، حيث اصطفاها المولى عز وجل من بين كل اللغات، ولنا أن نفتخر بكونها لغة كلام الله، القرآن الكريم الذي أُنزل بالحرف العربي المبين مصداقا لقوله: "إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون" سورة يوسف، الآية 02. وقوله: كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعقلون" فصلت 03، وقوله تعالى: "بلسان عربي مبين" الشعراء 195. هذا البيان الذي جاء هدى ورحمة للعالمين، جعله الله دستور الحياة بلسان عربي مبين مما يجعل منها لغة عالمية حية لا تموت ما دام حكم الله قائماً في كتابه، لغة يُجبر كل مسلم مهما كانت قوميته أو هويته على تعلّمها لفهم كتاب الله ومراده.
لا تعبّر اللغة العربية عن المضمون الديني فقط، إنما هي أيضا لغة علم وحضارة، فبالإضافة إلى ما تمتاز به من فصاحة وبلاغة وصور بيانية، وغزارة ألفاظها ومفرداتها من قبيل أشعار الجاهلية، جاء الإسلام في القرون الوسطى ليضفي عليها طابعا علميا وحضاريا من خلال جعلها الوسيلة التي صاغت ذلك الزخم الثقافي والعلمي الهائل منذ عصر التدوين؛ إذ أنتجت هذه اللغة الآلاف من الكتب والترجمات العلمية والثقافية والأدبية والتاريخية لتكون ثورة فكرية أقيمت على أساسها الحضارة العربية الإسلامية.
إذا كانت اللغة العربية الفصحى تعبر عن فكر ومحتوى ديني وثقافي وعلمي راق ومتميز، فعن أي فكر تعبر العامية سوى كونها لهجة هجينة غير صافية تجمع من شتات لغات متنوعة أكثر كلماتها بالتركية والفرنسية- بحكم التاريخ المشترك- وحتى الإنجليزية؟ فكر لا يرقى لأن يكون في قاعات الدراسة، فكر شوارعي، سطحي، مادي لا يلبي سوى حاجيات الإنسان اليومية، فلا يرقى بذلك لأن يؤدي رسالة حضارية علمية ولا يستطيع أن يكون منهاجا علميا تُحصَّل بها المعرفة والعلومُ المختلفة.
المشكلة إذا ليست في اللغة التي هي أكبر بكثير من أن تعوض بالعامية، والمشكلة أيضا ليست في الطفل الجزائري -كما يدّعون- الذي لا يختلف عن أطفال العالم أجمع في إمكانية استيعابه لأي لغة كانت. وإنما المشكلة أو بالأحرى المصيبة في السياسة العامة التي تسيّر هذا القطاع الحيوي والحساس والتي تريد الرمي بهذا الجيل بعيدا عن تاريخه ومرجعيته وسلخه عن ماضيه والزج به إلى مستقبل مجهول مبتور من جميع مقوّمات هويته الوطنية.
لندع اللغة تترعرع في إطارها الطبيعي الذي خُلقت لأجله، لكي تعبر عن الفكر وعن الثقافة بعيدا عن كل تسييس، وإذا كانت الجزائر تعتبر الدين الإسلامي واللغة العربية -مع عدم إغفال التراث الأمازيغي كتاريخ وأصالة- مرجعيتها التاريخية على جميع الأصعدة، فإن العربية هي المعبّر الوحيد عن هذه المرجعية، أما إذا كنتم ترون للجزائر مرجعية أخرى فلكم في ذلك حكمٌ آخر والسلام.


الساعة الآن 05:26 PM.

Powered by vBulletin
قوانين المنتدى