منتديات الشروق أونلاين - مذكرات ناجحة في البكالوريا

الجزء الرابع ...

° كل يوم كنت أخرج من الثَانوية حوالي السَاعة الرَابعة مساءا أستغرق في الطريق حوالي عشر دقائق وأصل إلى البيت بعد الصَلاة أبدءُ المراجعة مباشرة في غرفة وحيدة تتوسطها طاولة أٌباشر عملا مرهقا روتينيَا ..حل تمارين الرياضيات والفيزياء ومواضيع البكالوريا وحفظ دروس اليوم واستيعابها وتحضير دروس الغد يستمر عملي هذا إلى غاية السَاعة الحادية من صباح اليوم الموالي غير اني كنت غالبا ما ينهكني النوم والعياء الشديد حتى اصبح غير قادرة على فتح عيني فاضطر ألى النوم على طاولتي متوسدة يدي معولةً على والدي الذي يستيقظ ليلا فيأتي لأيقاظي حتى أكمل نومتي في سريري .
في بداية العام الدراسي كنت نشيــطة :لا أكل ُولا أملُ أُنْجزُحوالي خمسة وعشرينَ تمرينًا من كل مادة في اليوم الواحد غير أنني أصدُقكم القولَ في نهاية الموسم وابتداءا من شهر مارس أصابني الخمول وفقدتُ الحماسَ فصرتُ لا أقوى على حل أكثَر من خمس تمارينْ واستمر الحال كذلك الى غاية اجتيازي لامتحان البكالوريا .
لم يكن يسمح لنا بمشاهدة التلفاز لا صباحا ولا ليلا كنا نسمع الجميع يحكي عن نجوم برنامج "ستار اكاديمي "لذلك العام أما أنا فلم يكن لدي أية فكرة عما يتكلمون غير أني في الحقيقة لست من هواة متابعة التلفاز وأفضل جهاز الكمبيوتر الذي أقضي عليه معظم وقتي فكان حقيقة أَكثر ما افتقدته ...
والدتي... كانت تطَبق علينا أنا واختي" نظامًا عسكريًا "لا يسمحٌ فيه بالتهاون ولا بالخروج عن القاعدة العامة وهي الدراسَة أولا ثم الدراسـَـة ثانيا فالدراسَــــة ثالثًا حتى انها كانت تسهر معنا ألى ساعات متأخرة من الليل تراقبنا و توقظنا إذا ما نمنا أو غفينا حتى نصبح عاجزين تماما ،فنُضْطَرَ مرْغَمين على الاستسلام للنوم.

°كنت كأنني في سجنْ داخل غرفتي تلك التي كثيرا ما شهدت شكواي ،أنا التي كنت أكلمها و أناجيها و كنت كثيرَا ما انفجرت باكيةَ وحدي لأنني كنت حقا لا أحتمل الضغطَ الكبيَر الذي عشته ...الفروض والامتحانات والدُروس الخصوصية والاستدراكات والسَاعات الإضافية والمراجعة كانوا جميعهم في رأْسي عليَ دومًا أن أُحضر و أُركز وأن اكون دومًا في المستوَى ...
حتَى عطلةْ نهايَة الأسبوعْ شكَلتْ هاجسًا وكابوسًا بالنسْبة لي لأَن عليَ الاستيقاظ باكرًا للذَهَاب إلى الدُروس الخصُوصية التي كنْت أكرهُها فهي مضيعة للوقت والمال لا غير لكن والدي كانا يريان عكْس ذلك فأَجبرانا على مُزاولتها .
هكذا كانت تمضي الأيام بالنسبة لنا كل يوم أكثر صعوبة و أرهاقا من سابقه وكنت أتَمنى وأَحلم باليوم الذي ينتهي هذا الكابوس وأَسيقظ منه .
أتذكَر يومًا طَلَبَ منَا أستاذ العلوم الطبيعية صنع مُجَسَمْ للريبوزُومْ °درس في العلوم °
فنسينا أنا وأختي القيام به ،عند السَاعَة الوَاحدة صَبَاحًا تَذَكَرْتُ المُجَسَمْ فَهَبَبْتُ راكضة إلَى أسماء لأُذَكرَهَا بأنَ عَلَيْنَا القيام به الآن بغية تسليمه غدًا ألى الأستاذ.
فورا بدأنا بالرَكض في كل جهَة نبْحثُ عن الورقْ و الشَريط اللاصق والألوانْ و غيرها، صنعتُ مجسمًا و أختي صنعتْ مجسَمًا آخر ثم بدأْنا في الشجارْ كلٌ منا تدافع عن مجسَمها واستمرالوضْعُ كَذلك إلى السَاعة الخَامسة صَبَاحًا ليستيْقظَ كلُ من في البيت و لم َيفُضَ النزَاعُ إلا بعْدَ تَدَخُل الوَالد ...لم نَنَمْ بتاتا تلك الليلة وذهبنا ألى الدراسة ،غير أننا من شدة التعب: نسينا المُجَسَمَيْنْ ولم نأْخذهما ,هههه ومن حسن حَظنا أنَ أُستاذَ العُلوم أيضًا نَسيَ أمرَ الواجب... أتذكر أننا قضينا ذلك اليوم الدراسي بأكمله منخرطين في دوامة من الضحك وسط ذهول الأساتذة والزُملاء من التلاميذ .
يوم الجمعة كنا نذهب نزاول الدروس الخصوصية لدى ثلاثة اساتذة استاذ الرياضيات زواوي واستاذ العلوم لفقير واستاذ الفيزياء نسيت لقبه كنا نمكث في كل حصة ساعتين مرهقتين ثم نخرج من كل حصة لنبدأ حصة أُخْرى نعود بعدها ألى المنزل أَخيرا ثم لا نلبث وأن نبدأ في الدراسة مباشرة ...
كنت أتحين الفرص دائما للخروج من غرفتي والترويح عن نفسي بأي طريقة بعيدا عن أعين والدتي التي لا تنام بالخروج و التمشي في حديقة بيتنا أو تناول كأْس عصير أو الحديث مع غيري لأن غرفتي ملت الحديث معي وأصبحت لا تجيد الانصات لشكاويَ المتكررة
كنت أعلم أن والدتي تعرف بأمر رحلاتي الصغيرة هاته لكنها تغض الطرف أحيانا عنها إشفاقا ورحْمة بي أنا كنت أستغل طيبتها وأتمادى في غياباتي غير أنني ما ألبث أن أعود مجددا إلى غرفتي الصغيرة تلكْ.
كم كنت أهوى مشاهدة الناس وهم يوحون ويعودون وهم يتسامرون و الأطفال يلعبون ويقفزون ويطيرون من مكان الى مكان كالفراشات لا حمْلَ عليهم ولا شيئ يقض مضاجعهم كم كنت أحسُدهم وأتمنى أن يرجع بي الزمن حتى ألهو مثلهم وأستغل الوقت أكثر ممَا فعلت.. لكن هيهات هيهات للأَسفْ..
كان كل من يفتح باب غرفتي كان يراني دوما مدفونة تحت كومات الأوراق والكتب والدفاتر المتناثرة على الطاولة وفي الخزانة على الأرض فوق السرير، معلقة على الحائط، في كل مكان وأنا مشغولة دوما في الكتابة أو الحفظ أو القراءة ،لا أُبالي بحال غرفتي المسكينة فمهما رتبتها لا بد وأن تعود دوما كما كانت ....

في الحلقة القادمة سنتعرف معا
على زملائي في الثانوية
علاقتي بهم
وحكاية كل واحد فيهم
__________________